الذنوب الكبيرة - 2 323


وقد تكون الغبطة حراما مثل ان يغبط الغير على منصب حرام، او مال حرام بيده. وقد تكون الغبطة مكروهة مثل ان يغبط الغير صدور مكروه منه. كما ان الغبطة في المباحات مباحة.
ويجب ان يعلم ان الغبطة على الحرام وان كانت محرمة إلا اذا لم تؤد الى عمل فانها معفو عنها كما في ذلك عدة روايات.

الذنوب الكبيرة - 2 324




الذنوب الكبيرة - 2 325


7
معاداة المؤمن

وقال صاحب الجواهر في شرح قول المحقق الحلي في الشرائع (الحسد معصية وكذا بغضه للمؤمن) قال: للنهي عن التعادي والتهاجر والأمر بالتحاب والتعاطف في النصوص التي لا تحصى ، ولكن الظاهر ان ما يجده الانسان من الثقل من بعض اخوانه لبعض احوال وافعال او لغير ذلك ليس من البغض «ان شاء الله» فانه لا ينفك عنه احد من الناس.
وفي هذا المقام ننقل عدة روايات بنحو مختصر:
عن الامام موسى بن جعفر «عليه السلام» انه قال:
(من عادى شيعتنا فقد عادانا ومن والاهم فقد والانا لأنهم منا ، خلقوا من طينتنا، من احبهم فهو منا، ومن ابغضهم فليس منا) (1).
وقد نقل في الوسائل ثماني عشرة رواية في هذا المورد.

(1) وسائل الشيعة / كتاب الأمر بالمعروف /باب 17.
الذنوب الكبيرة - 2 326


وعن رسول الله «صلى الله عليه واله» انه قال:
(إيما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان إلا كانا خارجين من الاسلام ولم يكن بينهما ولاية فأيهما سبق الى كلام اخيه كان السابق الى الجنة يوم الحساب) (1).
وفي هذا المورد نقل في الوسائل أيضا احد عشر حديثا.
وعن الامام الصادق «عليه السلام» انه قال:
(كونوا أخوة بررة متحابين في الله متواصلين متراحمين) (2).
وفي هذا الباب، وفي باب حق المؤمن ، وباب الحب والبغض في الله توجد روايات عديدة نكتفي بما نقلناه نموذجا على ذلك

(1) الوسائل /كتاب الحج / باب 144.
(2) الوسائل /كتاب الحج /باب 124.
الذنوب الكبيرة - 2 327


8
المساحقة

الثامن من الذنوب التي ورد الوعيد عليها بالعذاب في النصوص المعتبرة ، مضافا الى ثبوت الحد فيها هو (المساحقة).
جاء في وراية ان إمرأة قالت للامام الصادق«عليه السلام»:
اخبرني عن اللواتي باللواتي ما حدهن فيه؟
قال «عليه السلام»: حد الزنا، إذا كان يوم القيامة يؤتى بهن قد ألبسن مقطعات من نار وقنعن بمقانع من نار وسرولنَّ بسراويل من نار ، وأدخل في اجوافهن الى رؤوسهن أعمدة من نار ، وقذف بهن في النار.
أيتها المرأة: ان اول من عمل هذا العمل قوم لوط ، فإستغنى الرجال بالرجال فبقي النساء بغير رجال ففعلن كما فعل رجالهن «الوسائل ـ النكاح ـ 24».
وورد عن الإمام الصادق«عليه السلام» في جواب إمرأة سألته فقالت : ما تقول في اللواتي مع اللواتي؟
فقال «عليه السلام» هي من النار ، فاذا كان يوم القيامة أتي بهن فألبسن جلبابا من نار

الذنوب الكبيرة - 2 328


وخفين من نار، وقناعين من نار، وأدخل في أجوافهن وفروجهن اعمدة من نار وقذف بهن في النار.
قالت : فليس هذا في كتاب الله!
قال: بلى قوله وعاداً وثَمُودَ وأصحابُ الرسِ» «الوسائل ـ النكاح ـ 24».
وقد نقل في تفسير الصافي رواية مفصلة عن امير المؤمنين «عليه السلام» حول اصحاب الرس كما رواها العلامة المجلسي في حياة القلوب في الجزء الثالث منه، ولأجل الإطلاع على احوالهم والذنوب التي ارتكبوها والتي كان منها المساحقة ارجع الى الكتب المتقدمة كما بين «عليه السلام» في كيفية هلاكهم ان ألله تعالى ارسل عليهم ريحا حمراء شديدة ، وتفجرت الإرض براكين، وظهرت من فوق رؤوسهم سحابة مظلمة صبت عليهم الصواعق فاهلكتهم جميعا.

حد السحق:

اذا أقرت المرأة على نفسها أربع مرات بانها قد ساحقت او شهد عليها بذلك أربعة شهود عدول ثبت على كلا المرأتين كل واحدة مائة جلدة ، واما اذا تابت قبل الإقرار او الشهاد سقط عنها الحد.
كما اشير سابقا الى ان نوم رجلين عريانين، او إمرأتين عريانتين في فراش واحد وتحت لحاف واحد بحيث لا يوجد حائل بينهما حرام شرعا، واذا اثبت ذلك لدى الحاكم لزم تعزيرهما باقل من مائة سوط وبما يراه الحاكم مناسبا، وان ذكر في بعض الروايات ان حدهما مائة جلدة.

الذنوب الكبيرة - 2 329


9
القيادة والدياثة

القيادة:

القيادة هي الجميع بين رجل وإمرأة لغرض الزنا، او الجمع بين رجلين لغرض اللواط ، ولا شبهة في حرمتها بل في انها من الكبائر ، فانها من الذنوب التي ورد الوعيد عليها في النصوص المعتبرة بالعذاب ، وقد عين لها في الشرع المقدس حد خاص .
قال الرسول الاكرم « صلى الله عليه واله».
(ومن قاد بين إمراة ورجل حراما حرم الله عليه الجنة ومأواه جهنم وساءت مصيرا ولم يزل في سخط الله حتى يموت) «الوسائل ـ النكاح ـ 27».
وعن الامام الصادق عليه السلام»:
(لعن رسول الله «صلى الله عليه واله» الواصلة والمستوصلة يعني الزانية والقوادة) «الوسائل ـ النكاح ـ 27».
هذا مضافا الى ان القواد ليس فقط لم ينه عن المنكر انما سعى في وقوع المنكر وقد اثبتنا في آخر الباب الاول ان ترك النهي عن المنكر من الكبائر ، كيف بمن يأمر

الذنوب الكبيرة - 2 230


بالمنكر ويسعى في وقوعه!؟
هذا بالإضافة الى ان القيادة كبيرة عند اهل الدين، وسوف نذكر ان شاء الله... في الفصل الثالث إن كون الذنب كبيرا عند أهل الشرع هو بنفسه دليل على انه من الكبائر .
قال الشيخ الأنصاري في المكاسب:
(القيادة حرام ، وهي السعي بين الشخصين لجمعهما على الوطيء المحرم وهي من الكبائر ، وقد تقدم تفسير الواصلة والمستوصلة بذلك).
عن الامام الصادق «عليه السلام»قال :
)لعن رسول الله «صلى الله عليه واله» النامصة والمنتمصة والواشرة والموتشرة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة) «معاني الأخبار».

وعن ألإمام الرضا «عليه السلام»أنه قال :
( الواصلة التي تزني في شبابها فلما كبرت قادت النساء إلى الرجال) «معاني ألأخبار».

حد القيادة:
تثبت القيادة باقرار الشخص على نفسه مرتين ، وهكذا تثبت بشهادة عادلين، وبعد ثبوتها يجلد خمساً وسبعين جلده رجلا كان او إمرة، وذكر بعض الفقهاء انه كان رجلا يحلق رأسه ويشهر به امام الناس ، ويطرد من بلدته اضافة الى الجلد المذكور، وذكر بعضهم انه ينفى من بلده في المرة الثانية وتفصيل ذلك مذكور كتاب الحدود.

الدياثة:

عن الامام الصادق«عليه السلام» انه قال:
(ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم الشيخ الزاني،

الذنوب الكبيرة - 2 331


والديوث ، والمرأة توطيء فراش زوجها) (1).
وقال الرسول الاكرم «صلى الله عليه واله»:
(ان الجنة لتوجد ريحها من مسيرة خمسائة عام ولا يجدها عائق ولا ديوث)
قيل يا رسول الله وما الديوث؟
قال «صلى الله عليه واله»: الذي تزني إمرأته وهو يعلم «وسائل الشيعة».
وقال «صلى الله عليه واله» ايضا : i
(قال الله تعالى وعزتي وجلالي لا يدخل الجنة مدمن خمر ولا نمام ولا ديوث) «وسائل الشيعة».
وقال الامام الصادق«عليه السلام»:
(حرمت الجنة على الديوث)«الوسائل».

(1) الوسائل /كتاب النكاح/ باب 16.
الذنوب الكبيرة - 2 332




الذنوب الكبيرة - 2 333


10
الإستمناء

العاشر من الذنوب الكبيرة التي ورد الوعيد عليها بالعذاب (الإستمناء) وهو اخراج المني بالطريق غير الطبيعي ، مثل الدلك باليد او بسائر الأعضاء منه او من غيره عدا الزوجة.
كتب في الجواهر في آخر كتاب الحدود:
(المسألة الثانية :من إستمنى بيده او بغيرها من أعضائه عزر لأنه فعل محرما بل كبيرة ففي خبر احمد بن عيسى سئل الصادق «عليه السلام» عن الخضخضة فقال إثم عظيم قد نهى الله عنه في كتابه وفاعله كناكح نفسه ولوعملت بمن يفعله ما أكلت معه فقال السائل بين الي يا ابن رسول الله «صلى الله عليه واله» من كتاب الله فيه فقال قوله الله تعالى ومَن إبتَغى وَراءَ ذلِكَ فأولِئكَ هُمُ العادَونَ» وهو مما وراء ذلك فقال الرجل : أي أكبر الزنا أو هي؟
فقال «عليه السلام»: هو ذنب عظيم)
وسئل «عليه السلام» عن الخضخضة فقال : من الفواحش.

الذنوب الكبيرة - 2 334


وروي في الرجل ينكح بهيمة او يدلك فقال«عليه السلام»: كل ما انزل به الرجل ماءه من هذا وشبهه فهو زنا «الوسائل ـ النكاح ـ82».
وروى عن الامام الصادق«عليه السلام»:
(ثلاثة لا يكلمهم الله تعالى ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم، الناتف شيبه ، والناكح نفسه، والمنكوح في دبره).
وروي عن رسول الله «صلى الله عليه واله» قوله (ناكح الكف ملعون) «المستدرك».
وقد ذكر صاحب الجواهر ان المستفاد من الأدلة جواز الإستمناء مع الزوجة والأمة لكن الأولى ترك ذلك.
وذكر في المسالك قريبا من ذلك ، إلا ان الإحتياط في تركه.

شيوع الإستمناء:

مما يؤسف له ان هذا الوباء المهلك بدأ يشيع بنحو غير طبيعي في أوساط الشباب وذلك نتيحية المشكلات اللامتناهية، ومصارف الزواج، وكون الشباب عزابا، وبدا الشباب العزيز من حيث يشعرون ولا يشعرون يصابون بانواع واقسام الامراض الناجمة عن ذلك بقطع النظر عن العقاب الأخروي.
ان مسؤولية الاباء والامهات توعية ابنائهم، ومراقبتهم وهكذا يأتي في الدرجة الثانية من حيث المسؤلية المعلمون والاساتذة والاطباء، فان عليهم توعية الشباب بالعواقب الوخيمة الروحية والجسمية التي تنجم من هذا البلاء.
وهنا ننقل مقاطع من كتاب (العجز الجنسي) الذى ألفه مجموعة من الكتاب المتخصصين حول مضرات الإستمناء (1).

(1) نقل المصنف نصا مطولا حول الأضرار الروحية والجسمية للاستمناء ندعو القارىء لمراجعة المصادر العربية التي تتناول هذا الموضوع ـ المترجم.
الذنوب الكبيرة - 2 335


11
البـدعة

(الحادي عشر) البدعة، وحرمتها من ضروريات المذهب، واما اعتبارها من الذنوب الكبيرة فلورود الوعيد بالعذاب عليها في روايات متواترة، وحيث اصل المطلب مسلم وظاهر، نكتفي بذكر عدة روايات:
قال رسول الله «صلى الله عليه واله»:
)كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) «وسائل الشيعة».
وقال امير المؤمنين «عليه السلام: (من مشى الى صاحب بدعة فوقره فقد سعى في هدم الإسلام ) وورد عن الإمام الصادق: (انه عَدَّ البدعة من الكبائر لقول رسول الله «صلى الله عليه واله» من تبسم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم دينه) (1)«سفينة البحار/63».

(1) نقل في (بحار الأنوار) في باب البدعة ما يقارب ثلاثين رواية، وفي الوسائل في نفس هذا الباب نقل احد عشر حديثا، وفي باب تحريم المجاملة لأهل المعاصي والبدع نقل احدى وعشرين رواية وفي الباب التاسع والثلاثين نقل ثمانية احاديث.
الذنوب الكبيرة - 2 336



وقال رسول الله «صلى الله عليه واله»:
(اذا رأيتم اهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم كي لا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة) «وسائل الشيعة«.
قال العلامة المجلسي في شرح هذا الحديث:
(كأن المراد بأهل الريب الذين يشكون في الدين ويشككون الناس فيه بإلقاء الشبهات ، وقيل : المراد بهم الذين بناء دينهم على الظنون والأوهام الفاسدة كعلماء اهل الخلاف، ويحتمل ان يراد بهم الفساد والمتظاهرون بالفسوق، فان ذلك مما يريب الناس في دينهم، وهو علامة ضعف يقينهم) «مرآة العقول ـ باب مجالسة اهل المعاصي«.

ماهي البدعة؟

قال العلامة المجلسي:
(البدعة في عرف الشرع ما حدث بعد الرسول «صلى الله عليه واله» ولم يرد فيه نص على الخصوص ، ولا يكون داخلا في بعض العمومات ، او ورد نهي عنه خصوصا او عموما، فلا تشمل البدعة ما دخل في العمومات مثل بناء المدارس وامثالها الداخلة في عمومات خدمة المؤمنين واسكانهم وإعانتهم وكانشاء بعض الكتب العلمية والتصانيف التي لها دخل في المعلومات الشرعية ، وكالالبسة التي لم تكن في عهد الرسول «صلى الله عليه واله» والاطعمة المحدثة فانها داخلة في عمومات الحلية ولم يرد فيها نهي، وما يفعل منها على وجه العموم اذا قصد كونها مطلوبة على الخصوص كان بدعة، كما ان الصلاة خير موضوع ويستحب فعلها في كل وقت.. كما اذا عين احد سبعين تهليلة في وقت مخصوص على انها مطلوبة للشارع في خصوص هذا الوقت بلا نص ورد فيها كانت بدعة.

الذنوب الكبيرة - 2 337


(وبالجملة إحداث أمر في الشريعة لم يرد فيه نص بدعة..) «مرآة العقول».

أقسام البدعة في نظر الشهيد الاول:

يقول الشهيد الاول:
(محدثات الامور بعد عهد النبي «صلى الله عليه واله» تنقسم اقسام لا يطلق اسم البدعة عندنا إلاعلى ماهو محرم منها:
اولها: الواجب، كتدوين القرآن والسنة اذا خيف عليهما من التلف من الصدور، فان التبليغ للقرون الآتية واجب اجماعا، وللآية ، ولا يتم إلا بالحفظ وهذا في زمان الغيبة واجب، اما في زمان ظهور الامام فلا لأنه الحافظ لهما حفظا لا يتطرق اليه خلل.
وثانيها: المحرم، وهو كل بدعة تناولها قواعد التحريم وأدلته من الشريعة كتقديم غير الأئمة المعصومين «عليهم السلام» وأخذهم مناصبهم واستئثارهم ولاة الجور عليهم بالأموال ومنعها مستحقها ، وقتال اهل الحق وتشريدهم وابعادهم ، والقتل على الظنة الالزام ببيعة الفساق والمقام عليها، وتحريم مخالفتها والغسل في المسح والمسح على غير القدم، وشرب كثير من الاشربة، والجماعة في النوافل، والاذان الثاني يوم الجمعة ، وتحريم المتعتين ، والبغي على الامام ، وتوريث الاباعد ومنع الاقارب ، ومنع الخمس اهله ، والافطار في غير وقته الى غير ذلك من المحدثاث المشهورات ، ومنها بالاجماع من الفريقين المكس وتولية المناصب غير الصالحة لها ببذل او ارث وغير ذلك.
وثالثها: المستحب. وهو ما تناولته ادلة الندب كبناء المدارس والربط، وليس منه اتخاذ الملوك الاهبة ليعظموا في النفوس، اللهم الا ما يكون مرهبا للعدو.
ورابعها: المكروه وهو ما أشتملته أدلة الكراهية كالزيادة في تسبيح الزهراء «عليها السلام»وسائر الموظفات او النقيصة منها والتنعم في الملابس والمأكل بحيث يبلغ الإسراف بالنسبة الى الفاعل وربما ادى الى التحريم اذا استضر به وعياله.
وخامسها: المباح، وهو الداخل تحت ادلة الإباحة كنخل الدقيق، فقد ورد اول

الذنوب الكبيرة - 2 338


شىء اتخذته الناس بعد رسول الله » صلى الله عليه واله» اتخاذ المناخل لان لين العيش والرفاهية من المباحات فوسيلته مباحة» انتهى.

كلام المجلسي:

قال العلامة المجلسي بعد مقدمة ذكرها: البدعة هي ان يحلل ما حرمه الله، او يعتبر مكروها مالم يحكم الله بكراهته ، او يوجب ما لم يوجبه الله، او يجعل مستحبا ما لم يحكم الله باستحبابه، ولو كان بلحاظ الخصوصية ، مثال ذلك: ان الصلاة في كل وقت مستحبة فلو صلى الانسان في وقت ما بعنوان انه وقت من الأوقات فانه يثاب على عمله ، اما لو صلى ركعتين قبل الغروب بعنوان ان الصلاة في خصوص هذا الوقت مطلوبة بدعة حرام...
وكذلك من صلى صلاة النافلة ثلاث ركعات بتسليم واحد، حيث ان هذه الكيفية في الصلاة لم ترد في سنة رسول الله «صلى الله عليه واله» ، وكذلك من ركوعين في الركعة الواحدة فكل ذلك بدعة وحرام.
ومثل ذلك كلمة (لا اله الاالله)فانها افضل الذكر في كل وقت، ولكن لو ان شخصا قرر ان يقولها الف وخمسمائة مرة بعد صلاة الصبح بعنوان ان هذا العدد وبخصوص هذا الوقت مقرر من الشارع، او يقرره هو شخصا ويعتبره عبادة من العبادات فجميع ذلك بدعة في الدين، واشد المعاصي... (1) انتهى.

البدعة تعني تغيير الحكم الإلهي :

بناءا على ذلك فان البدعة معناها تغيير شريعة الله، باضافة شئ او تقليل شئ منها حسب رأيه وعقله الناقص، سواءا كان ذلك في الأصول او الفروع (2).
قال الامام الصادق«عيله السلام»:

(1) عين الحياة ـ للعلامة المجلسي.
(2) نقل في كتاب اصول الكافي باب البدع والرأي والمقائيس إثنين وعشرين حديثا.
الذنوب الكبيرة - 2 339


(حلال محمد «صلى الله عليه واله» حلال أبدا الى يوم القيامة وحرامه حرام أبدا الى يوم القيامة لا يكون غيره ولا يجيء غيره) «اصول الكافي».
وقال «عليه السلام»:
(من دعا الناس الى نفسه وفيهم من هو أعلم منه فهو مبتدع ضال)«سفينة البحار/حـ 2/220».

الذنوب الكبيرة - 2 340




الذنوب الكبيرة - 2 341


12
الحكم بغير حق

الثاني عشر الحكم على خلاف ما انزل الله، ويكفي لإثبات ان هذا من الذنوب الكبيرة ان الله تعالى اعتبر من يحكم بغير ما أنزل الله كافرا وظالما وفاسقا حيث قال:
« ومَن لَم يَحكُم بما أنزَل اللهُ فأولئِكَ هُم الكافِرون »«5/43»
« ومَن لَم يَحكُم بما أنْزَلَ اللهُ فأولئِكَ هُم الظالِمُون »«5/44».
« ومَن لَم يَحكُم بِما أنزَلَ اللهُ فأولئِكَ هُم الفاسِقُون »«5/46».
فقد اثبت بذلك الكفر و الفسق والظلم لفاعل هذا الفعل.
قال في تفسير الميزان:
(والآيات الثلاث آيات مطلقة لا تختص بقوم دون قوم، وان انطبقت على أهل الكتاب في هذا المقام).
(وقد اختلف المفسرون في معنى كفر من لم يحكم بما أنزل الله كالقاضي يقضي بغير ما انزل الله، والحاكم على خلاف ما أنزل الله، والمتبدع يستن بغير السنة، وهى مسألة فقهية ، الحق فيها ان المخالفة لحكم شرعي او لأي أمر ثابت في الدين في

الذنوب الكبيرة - 2 342


صورة العلم بثبوته والرد له توجب الكفر ، وفي صورة العلم بثبوته مع عدم الرد توجب الفسق، وفي صورة عدم العلم بثبوته مع الرد له لا توجب كفرا و لافسقا لكونه قصورا يعذر فيه إلا ان يكون قصر في شئ من مقدماته وليراجع في ذلك الكتب الفقهية) «الميزان».
والروايات الواردة المقام كثيرة منها:
عن الامام الصادق «عليه السلام» انه قال:
(من حكم في درهمين بغير ما انزل الله فهو كافر بالله العظيم) «وسائل الشيعة ـ القضاء ـ 5».
وقال رسول الله «صلى الله عليه واله» :
( ومن حكم بما لم يحكم به الله كان كمن شهد بشهادة زور ، يقذف به في النار).«الوسائل ـ القضاء 5».
وعن ألإمام الباقر «عليه السلام»:
(من افتى الناس بغير علم ولا هدى من الله تعالى لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب وله وزر من عمل بفُتياه) «وسائل الشيعة».
وقد وردت روايات عديدة في ان الترافع الى من لا يصلح للحكم هو كالترافع الى الطاغوت ، والمال الذي يأخذه منه سحت حتى وان كان الحق معه.

الذنوب الكبيرة - 2 343


13 ـ 14
القتالُ في الأشهرِ الحُرمِ والصَدُّ عن سبيلِ الله

الثالث عشر من الذنوب الكبيرة القتال في الاشهر الحرم ألاربعة وهي :
ذو القعدة، الحجة، محرم ، رجب ، والمراد إبتداء المسلمين بالقتال في هذه الأشهر وهو من المحرمات، وبناء على ذلك لو ابتدا الكفار اوغيرهم ممن لا يعتقد بحرمة هذه الأشهر بقتال المسلمين جاز للمسلمين محاربتهم.
ويكفي لإثبات ان القتال فيها من الذنوب الكبيرة تصريح القرآن المجيد بذلك في قوله تعالى « يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَهْرِ الحَرامِ قِتالٌ فيهِ قُلْ قِتالٌ فيهِ كَبيرٌ وصَدٌّ عَنْ سَبيلِ اللهِ وكُفْرٌ بِهِ والمَسْجِدُ الحَرامِ وإخراجُ أهلِهِ مِنهُ أكبَرُ عِنْدَ أللهِ »«السورة 2/217».
ومن هنا فقد كان الأنسب ذكر هذا الذنب في الباب الأول ضمن الكبائر المنصوصة.
وحيث ان الآية الكريمة صرحت بان القتال في الأشهر الحرم من الكبائر ، ثم ذكرت في ذيلها أربعة ذنوب اعتبرتها اكبر من القتال، يثبت ان تلك الذنوب الأربعة هي الأخرى من الكبائر كما سنذكرها في الفصل الثالث.

الذنوب الكبيرة - 2 344


وتلك الذنوب الأربعة هي: الصد عن سبيل الله، والكفر بالله، وصد الناس عن المسجد الحرام ، واخرج اهل المسجد الحرام منه،.
وهناك تفصيل حول نزول هذه الآية ولأجل التحقيق في اطرافها راجع للاطلاع تفسير (مجمع البيان) وتفسير (منهج الصادقين) ونظائرها.
وما يلزم الإطلاع عليه هنا هو معنى الصد عن سبيل الله والمراد منه، فإنه لا شك في إعتباره من الكبائر ، وقد ورد في أربعة موارد من القرآن المجيد اعتباره من اعمال الكفار والمنافقين، كما في سورة ابراهيم حيث قال تعالى:
« ويلٌ للكافِرينَ مِنْ عَذابٍ شَديدٍ ، الذينَ يَسْتَحِبُّونَ الحَياةَ الدُنْيا على الآخِرَةِ ويَصِدُّونَ عَنْ سَبيلِ أللهِ، ويَبغُونَها عِوَجا » (1).

مراتب الصد عن سبيل الله:

(1) ـ ان أشد مراتبه صد الآخرين عن الإيمان بالله، وسائر العقائد الحقة، كما يصنعه علماء اليهود والنصارى الذين عملوا على كتمان نبوة محمد «صلى الله عليه واله» وعدم ظهور أحقيتها لقومه لئلا يؤمنوا به.
وهكذا علماء العامة الذين لا يقبلون إمامة أمير المؤمنين «عليه السلام» المباشرة بعد رسول الله «صلى الله عليه واله» ولا يدعوها تتضح للمسلمين، وهكذا إمامة أحد عشر إماما من أولاده «عليهم السلام».
(2) ـ صد الآخرين عن الطاعة، واداء الواجبات ، وترك المحرمات الإلهية، كمن يمنع من يجب عليه الحج ويريد الذهاب له عن أدائه وهكذا المنع من الصلاة (2)والصيام ، وسائر الواجبات
وحيث كان ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من كبائر الذنوب التي جاء

(1) ابراهيم 2، 3.
(2) أرأَيتَ الذي يَنْهى عَبْدَاً إذا صَلّى» ( العلق 9، 10 )

السابق السابق الفهرس التالي التالي