الذنوب الكبيرة - 2 203


يرجمه، ومانع الزكاة يضرب عنقه) «الوسائل ـ الزكاة».
وقال عليه السلام» ايضا (ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بمنع الزكاة واذا قام القائم أخذ مانع الزكاة فضرب عنقه( «الوسائل ـ الزكاة». وقال تعالى في سورة فصلت « ويلٌ للمُشرِِكينَ، الذينَ لا يُؤتونَ الزكاة َوهُمْ بالآخرةِ هُمْ كافِرون » (1).
وعن رسول الله «صلى الله عليه واله» انه قال (والذي نفس محمد بيده ما خان الله احد شيئا من زكاة ماله إلا مشرك بالله) «المستدرك».
وقال «صلى الله عليه واله» (يا علي كفر بالله العظيم من هذه الأمة عشرة ، القتات ، والساحر ، والديوث، وناكح المرأة حراما في دبرها، وناكح البهيمة ، ومن نكح ذات محرم منه، والساعي في الفتنة، وبايع السلاح من أهل الحرب، ومانع الزكاة، ومن وجد سعة فمات ولم يحج) «خصال الصدوق».
حيث يعلم من هذا الروايات ان مانع الزكاة وهكذا تارك الصلاة، وتارك الحج اذا كان عن إنكار فهو كافر، فكما هو محروم من بركات الإسلام في الآخرة وهي النجاة من النار كذلك هو في الدنيا محروم من الاحكام الظاهرية للاسلام وهي الطهارة، وجواز التناكح، والتوارث وامثال ذلك، ومتى ما كان ذلك لا بسبب ألإنكار وإنما بسبب البخل والإهمال فهو وان لم يحكم بكفره، بل يحكم بإسلامه ظاهرا، الا انه بحسب الحقيقة والباطن لديه مرتبة من مراتب الشرك والكفر ، ولو مات وهو مؤمن عذب بعذاب شديد قد اوعد به.
سبب وجوب الزكاة:
هناك حكمة في وجوب الزكاة وسائر الصدقات الواجبة قد اشير الى بعضها في الروايات.

(1) فصلت 6 ، 7.
الذنوب الكبيرة - 2 204


منها: امتحان الاثرياء ليعرف هل ان الله أعزُّ عليهم وأحب من اموال الدنيا الفانية ؟ وهل ايمانهم بالثواب والجزاء الالهي هو ايمان صادق أم لا؟ وهل هم صادقون في ادعاء العبودية لله ام لا؟
ومنها : تنظيم امرالمعيشة للفقراء والمعوزين، كما يقول الامام الصادق «عليه السلام»: (إنما وضعت الزكاة اختبارا للاغنياء، ومعونة للفقراء ولو ان الناس أدوا زكاة اموالهم ما بقي مسلم فقيرا محتاجا واستغنى بما فرض الله له، وان الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا الا بذنوب الاغنياء، وحقيق على الله ان يمنع رحمته ممن منع حق الله في ماله واقسم بالذى خلق الخلق وبسط الرزق انه ما ضاع مال في بر و لا بحر إلا بترك الزكاة) «الوسائل ـ الزكاة».
وقال تعالى« ومَنْ يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فأُولئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ» السورة 59/الآية 9».
وعلاج البخل انما هو ببذل المال مرارا حتى يتعود على السخاء، وينجو من هذا المرض المهلك بالسعي في اداء الصدقات مع مراعاة آدابها.

الزكاة والصدقة تضاعف المال:

من الآثارالدنيوية للزكاة زيادة المال ، بحيث لو انفق المال في سبيل الله، ومع توفر الشرائط المطلوبة ، لتحقق الوعد الالهى الحتمي وهو حلول البركة فيه على خلاف الخيال الشيطاني للبخلاء حيث يتصورون انهم بانفاق اموالهم سوف يفتقرون ويتركون الإنفاق بتاثير تلك الوساوس الشيطانية، مع انه تعالى صرح في القرآن قائلا: « ويُربي الصَدقاتِ » «السورة 2/276»
بمعنى انه تعالى يبارك فيها في الدنيا، ويجازي عليها في الآخرة ، ويقول تعالى في موضع آخر « وما أنْفَتُم مِن شيء ٍفَهُوَ يُخلِفُه ُوهوَ خيرُ الرازقينَ » «السورة 34/39».
ويقول تعالى في سورة الروم « وَما أتيتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُريدونَ وَجهَ اللهِ فأولئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ » السورة 30/39 والمضاعفة المذكورة في هذه الآية الشريفة تشمل البركة

الذنوب الكبيرة - 2 205


في المال في الدنيا، وزيادة الأجر والثواب في الآخرة، ويؤيد هذا المطلب روايات كثيرة.
منها ما جاء في خطبة الزهراء «عليه السلام» حول فدك حيث قالت:
)فجعل الله الايمان تطهيرا لكم من الشرك، والصلاة تنزيها لكم عن الكبر ، والزكاة تزكية للنفس ونماء في الرزق) «بحار الأنوار».
وروي عن امير المؤمنين «عليه السلام»:
(من بسط يده بالمعروف اذا وجده يخلف الله له ما أنفق في الدنيا فيضاعف له في آخرته) «الكافي».
وقال «عليه السلام» (استنزلوا الرزق بالصدقة).
وفي كتاب (عدة الداعي) ان الامام الصادق «عليه السلام» قال لإبنه: يا بني كم فضل ـ معك ـ من تلك النفقة ؟ فقال : اربعون دينار.
قال : «عليه السلام» أخرج فتصدق بها.
قال: انه لم يبق معي غيرها!
قال «عليه السلام» : تصدق بها فان الله تعالى يخلفها اما علمت ان لكل شىء مفتاحا؟ ومفتاح الرزق الصدقة ، فتصدق بها، ففعلت فما لبث ابوعبدالله «عليه السلام» الاعشرة ايام حتى جاءه من موضع اربعة آلاف دينار.
وقال امير المؤمنين «عليه السلام»:
(اذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة) «نهج البلاغة / القسم الثالث /258.
وعن الامام الرضا «عليه السلام» ( أنه قال لمولى له هل انفقت اليوم شيئا ؟ فقال : لا والله .
فقال «عليه السلام»: فمن اين يخلف الله علينا).
وعن الامام الصادق «عليه السلام» في قوله تعالى « فَهوَ يُخلِفُه » قال:
افترى الله اخلف وعده؟
قلت: لا،

الذنوب الكبيرة - 2 206


فمم قلت لا ادري ، لو ان احدكم اكتسب المال من حله وانفقه في حله، لم ينفق درهما إلا أخلف عليه «ألكافي ـ الدعاء». الآيات والروايات حول هذا الموضوع كثيرة نكتفي منها بهذا المقدار، وقد حكى المرحوم النوري في كتابه (الكلمة الطيبة) اربعين حكاية حول مشاهدة بركة الصدقة والإنفاق في سبيل الله:
منها ما ينقل عن العالم الرباني الأخوند ملا فتح علي نقلا عن احد أرحامه الثقات انه قال : في احدى سني الغلاء كان لي قطعة ارض زرعت فيها الشعير، وكانت من افضل المزارع عطاءاً وخضرة وقد حان وقت حصادها.
ولما كان الناس بمختلف طبقاتهم يشكون حالة الجوع والفاقة لم تسمح لي نفسي ان آخذ من نفعها ، و لذلك فقد ذهبت الى المسجد وناديت : لقد منحت شعير تلك الأرض بشرط ان لا يأخذ منه الا الفقير ، وان لا يأخذ الفقير اكثر من قوت نفسه وعياله. ذهب الفقراء الى ذلك المكان وبداوا ياخذون من الشعير يوميا فيأكلونه ، ولم اكن مطلعا على تفاصيل ما يجري فقد كنت قد صرفت نظري عن المزرعة ولم يكن لي طمع بها بعدئذ.
ولما بلغت سائر المزارع وقت الحصاد، وصار الناس في رفاه ، وفرغت انا من حصاد باقي مزارعي قلت للفلاحين الذي يباشرون عملية الحصاد اذهبوا الى تلك القطعة لعلنا نتفع مما فيها من التبن والعلف ولعل شيئا بقي من سنابلها لم يحصد بعد، وبالفعل فقد ذهبوا اليها وحصدوا ما بقي فيها وبعد سحقه وتنظيفه كان الحاصل من الشعير ضعف الحاصل من سائر المزارع، فعلاوة على ان ما أخذه الفقراء من تلك المزرعة لم يؤثر في كمية الشعير كان المحصول قد زاد وتضاعف ، بينما كان من المحال عادة ان تبقي سنبلة واحدة منه، والأعجب من ذلك انه حين حل فصل الخريف وكان من المتعارف ان كل ارض زرعت تترك بعد حصادها مدة سنة خالية من الزرع اما هذه القطعة فقد بقيت كما هي من دون ان تحرث ومن دون ان تبذر الى

الذنوب الكبيرة - 2 207


ان دخل الربيع وارتفع عنها البرد رأينا تلك القطعة خضراء وزرعها اقوى واكثر من سائر الزرع. فبقيت متحيرا حتى احتملت انني قد اشتبهت في مكانها ، ولقد كان حاصلها بعد الحصاد اضعاف سائر المزارع « واللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ » (1) .
وينقل عن المرحوم نفسه انه كان له بستان عنب مجاور للشارع العام للمارة ، ولما وصلت عناقيد العنب اول مراتبها ولم تنضج بعد أمر حارس البستان ان يترك القسم المتصل بالشارع من البستان ويضعه في متناول العابرين ، ومنذ ذلك الحين والى ان بلغ جميع العنب وقت اقتطافه كان المارة يأكلون من ذلك الجانب المطل على الشارع دون ان يتعرض لهم احد.
وفي آخر الخريف وحينما فرغوا من اقتطاف جميع عنب البستان وذهب الفلاحون الى ذلك القسم المطل على الشارع باحتمال وجود بعض ما خفي على العابرين من العنب ، فلما اقتطعوه واذا هو اضعاف عنب سائر جوانب البستان، فمضافا الى ان أكل المارة منه لم ينقص من كميته كان العنب اكثر.
ونقل ايضا انه سنويا كان يجمع الحنطة وبعد تنظيفها وترتيبها ينقلها الى المنزل ، وهناك يدفع زكاتها: ويقول :في سنة من السنين بعد تصفيتها وقبل نقلها الى المنزل تخيلت أن تأخير دفع الزكاة عن محلها أمر ليس حسنا ، لذا دعوت الفقراء الذين اعرفهم، وعزلت حصتهم من اصل الزرع وقسمته بينهم، ثم نقلت الباقي الى المنزل ، ووضع الى جانب الحنطة التي كانت موجودة هناك.
وبعد الحساب علم ان هذه الحنطة التي اعطي منها للفقراء لم تقل ، بل كان مقدارها هو نفس مقدارها قبل دفع الزكاة منها.
كما ينقل في الكتاب المزبور (دار السلام) عن المرحوم الحاج مهدي سلطان

(1) البقرة 261
الذنوب الكبيرة - 2 208


آبادي انه في سنة من السنين بعد ان جمعنا الحنطة أكواما ، وفرغنا من كيلها، ودفعنا زكاتها، بقيت تلك الأكوام مدة شهر في محلها ، واكلت منها الحيوانات والفئران، بعد ذلك كلناها مرة أخرى فوجدناها بنفس ما كانت عليه قبل دفع الزكاة، ولم يؤثر في كميتها دفع الزكاة، ولا ما أتلفته الحيوانات منها.

اقسام الزكاة وموارد وجوبها ومقدارها:

الزكاة على قسمين واجبة ومستحبة ، والزكاة الواجبة على قسمين زكاة المال وزكاة البدن (الفطرة).
تتعلق الزكاة بتسعة امور ، الغلات الأربع (الحنطة، الشعير، التمر، الزبيب) والأنعام الثلاثة (الأغنام ، البقر، الإبل) والنقدين (الذهب والفضة).
1 ـ نصاب الغلات الأربع 207/847 كيلو غرام ، فمتى ما بلغت الغلات هذا المقدار تعلقت بها الزكاة، ومقدار الزكاة هو العشران كانت تسقى من ماء المطر أو النهر او بالسيح ، ونصف العشر إن كانت تسقى بالدلو.
2 ـ نصاب الأغنام فهي خمسة نصب:
الأول : اربعون شاة، وزكاته رأس واحد، وما دام العدد لم يصل الى أربعين لا زكاة فيه.
الثاني: مائة واحدى وعشرون وزكاته شاتان.
والثالث: مائتان وواحدة، وزكاته ثلاث شياه.
والرابع : ثلاثمائة وواحدة وزكاته أربع شياه.
والخامس: اربعمائة فما زاد على ذلك مائة مائة ، وزكاته في كل مائة شاة واحدة .
3 ـ اما البقر ففيه نصابان:
الاول : ثلاثون وفيها تبيع اوتبيعة، وهي ما دخل في السنة الثانية من البقر، وما قل عن ثلاثين لا زكاة فيه.
والثاني : أربعون وفيها (مسنة) وهي ما دخل في السنة الثالثة من البقر.

الذنوب الكبيرة - 2 209



وليس بعد اربعين زكاة حتى يبلغ العدد ستين، فإذا بلغ عددها ستين ففيها تبيعان، حيث يحسب ثلاثون ثلاثون، واذا بلغ العدد سبعين يحسب ثلاثون وأربعون فيدفع تبيع ومسنة ، كلما صعد العدد اكثر يحسب ثلاثون ثلاثون اوأربعون أربعون ، ويعطى زكاة ذلك.
4 ـ اما الإبل ففيها إثناعشر نصابا:
الاول : خمس، وفيها شاة ولا زكاة في اقل من خمس.
الثاني: عشر، وفيها شاتان.
والثالث: خمس عشرة ، وفيها ثلاثث شياه.
الرابع : عشرون ، وفيها أربع شياه.
الخامس : خمس وعشرون ، وفيها خمس شياه.
السادس : ست وعشرون وفيها (بنت مخاض) وهي ما بلغ عمره سنتين من الإبل.
ألسابع: ست وثلاثون ، وفيها (بنت لبون) وهي ما بلغ عمره ثلاث سنين من الإبل.
الثامن: ست واربعون ، وفيها (حقة) وهي ما بلغ عمره أربع سنوات من الإبل.
التاسع: احدى وستون، وفيها (جذعة) وهي ما بلغ عمره خمس سنوات من الإبل.
العاشر: ست وسبعون ، وفيها بنتا لبون.
الحادي عشر: احدى وتسعون ،وفيها حقتان.
الثاني عشر: مائة وإحدى وعشرون فما زاد وزكاتها في كل خمسين حقة ، وفي كل اربعين بنت لبون.
5 ـ نصاب النقدين:
للفضة المسكوكة نصابان:
الاول : مائتا درهم، وفيه خمسة دراهم ، فاذا مضى على هذا المقدار من الفضة المسكوكة سنة كاملة ، وكانت محفوظة من دون استعمال وجب فيها أداء الزكاة وهو خمسة دراهم.

الذنوب الكبيرة - 2 210


الثاني: كل ما زاد على النصاب الاول اربعين، ففي كل اربعين درهم واحد بالغا ما بلغ ، وليس دون المائتين زكاة.
وللذهب نصابان:
الاول: عشرون مثقالا شرعيا، وكل مثقال ثماني عشرة حبة وتعادل خمسة عشر مثقالا متعارفا، ويجب في هذا النصاب اذا مضى عليه سنة جزء واحد من اربعين جزء ويساوي تسع حبات.
الثاني : ما زاد على عشرين مثالا اربعة اربعة ، وفيه جزء واحد من اربعين ايضا وان كانت الزيادة اقل من اربعة كانت زكاته تسع حبات لا أكثر. * * *
هذا هو مجمل احكام الزكاة، والتفاصيل موجودة في الرسائل العملية يتعين على من كانت محل حاجته مراجعتها.

زكاة الفطرة:

من كان بالغا عاقلا غنيا ، هو من يملك بالفعل او بالقوة ما يكفي مؤونة سنته ـ عند الغروب من ليلة عيد الفطر وجب عليه ان يدفع زكاة الفطرة عن نفسه وعن كل من يعول به حتى الطفل المرضع والضيف ، عن كل نفر صاع وهو ما يقارب ثلاثة كيلوات من الحنطة او الشعير او التمر اوالزبيب او الارز وامثال ذلك، يدفعه للمستحق عينا او قيمة.
ويجب ان يعلم ان من آثار اعطاء زكاة الفطرة السلامة من الموت في تلك السنة (من الأجل المعلق لا الأجل المحتوم).
عن الامام الصادق «عليه السلام» انه قال لوكيله (اذهب فإعط من عيالى الفطرة اجمعهم ولا تدع احدا فانك ان تركت منهم احدا تخوفت عليه الفوت، قلت: وما الفوت؟
قال «عليه السلام» الموت).

الذنوب الكبيرة - 2 211


ومن آثارها قبول الصيام في شهر رمضان، كما روي عن الامام الصادق «عليه السلام» قوله: (ان من تمام الصوم إعطاء الزكاة).

مصرف الزكاة:

مصرف الزكاة ثمانية موارد:
الاول : الفقير ، وهو من لا يملك قوت سنته له ولعياله لا بالفعل ولا بالقوة ، او كان يملك بعض ذلك، اذن فمن كانت له صنعة، او ملك، أو رأس مال يستطيع أن يضمن مؤونة سنته له ولعياله ليس فقيرا.
الثاني : المسكين، وهو من كان اسوا حالا من الفقير.
الثالث: العاملون في جمع الزكاة بتكليف من الامام او نائبه.
الرابع : المؤلفة قلوبهم ، وهم ضعفاء الايمان من المسلمين ، تدفع لهم الزكاة لتقوية ايمانهم وتثبيتهم.
الخامس : العبد المكاتب الذي لا يستطيع اداء مال الكتابة.
السادس: المدين الذي لا يستطيع الوفاء بدينه.
السابع : في سبيل الله، وهو المنافع الدينية العامة مثل بناء وتعمير المساجد ومدارس العلوم الدينية وبناء الجسور ، واصلاح ذات البين، والمساعدة على العبادات وغير ذلك.
الثامن: ابن السبيل وهو المسافر الذي افتقر، ولا يستطيع الوصول الى مقصده بالإقتراض او ببيع شيء حتى إذا لم يكن فقيرا في وطنه الأصلي.

الزكاة المستحبة:

تستحب الزكاة في سبعة أمور:
(1) مال التجارة
(2) انواع الحبوب كالإرز والحمص والعدس والماش وامثال ذلك ، نعم لا زكاة في


الذنوب الكبيرة - 2 212


الخضر والبقول كالباذنجان والخيار والبطيخ.
(3) اناث الخيل
(4) مال الإجارة ، كالدكان، والمنزل ، والبستان، والحمام ، وامثال ذلك.
(5) الحلي ، وزكاتها اعارتها للمؤمنين.
(6) المال المدفون او الخفي الذي لا يستطيع مالكه التصرف فيه ، فبعد التمكن منه يستحب اداء زكاته لعام واحد.
(7) متى ما تصرف في النصاب فرارا من الزكاة الواجبة بان يبيع قسما منه ـ مثلاـ قبل حلول السنة، فيستحب في هذه الصورة اداء الزكاة اذا حال الحول.

سائر النفقات الواجبة

اهم الواجبات الالهية بعد الزكاة الخمس الذي وضعه الله تعالى لمحمد «صلى الله عليه واله» وذريته بدل الزكاة المحرمة عليهم، ومن لم يدفع منه درهما او اقل كان ظالما وغاصبا لحق آل محمد «صلى الله عليه واله» بل اذا كان يرى ذلك حلالا، وينكر وجوب الخمس كان من جملة الكافرين.
ووجوبه في الجملة مورد اجماع المسلمين، وصريح القرآن المجيد، بل هو في القرآن شرط الايمان كما قال تعالى « واعلَموا أنَّما غَنِمتُمْ مِن شئٍ فإنَّ للهِ خُمُسَهُ وللرَسولِ ولِذي القُربى واليَتامى والمَساكينِ وابْنِ السَبيلِ إن كُنتُم آمنتُم باللهِ وما أنزلنا على عَبدِنا يومَ الفُرقانِ يومَ إلتقى الجَمعانِ واللهُ على كُلِّ شئٍ قَدير » «الأنفال /41».
عن الإمام الصادق «عليه السلام» : (إن الله حيث حرم علينا الصدقة انزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام، والخمس لنا فريضة ، والكرامة لنا حلال) «الكافي» .
وعن الامام الباقر«عليه السلام»: (لا يحل لأحد ان يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا) .
وقال «عليه السلام» ايضا: (ان أشد ما فيه الناس يوم القيامة ان يقوم صاحب الخمس

الذنوب الكبيرة - 2 213


فيقول يا رب خمسي) «الكافي».

توسعة الرزق ـ تطهير المال ـ ذخيرة لغد:

روي ان رجلا من تجار فارس كتب الى الامام الرضا «عليه السلام» يسأله الإذن في الخمس فكتب اليه «عليه السلام».
« بسم الله الرحمن الرحيم ان الله واسع كريم » ضمن على العمل الثواب ، لا يحل مال إلا من وجه احله الله، ان الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالنا وعلى موالينا، وما نبذله ونشترى من اعراضنا ممن نخاف سطوته، فلا تزووه عنا ، ولا تحرموا انفسكم دعانا ما قدرتم عليه، فان إخراجه مفتاج رزقكم، وتمحيص ذنوبكم ، وما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم، والمسلم من يفي لله بما عهد اليه، وليس المسلم من اجاب باللسان وخالف بالقلب والسلام).
وفي التوقيع المبارك للحجة (عج) لمحمد بن عثمان (لعنة الله والملائكة والناس واجمعين على من استحل من مالنا درهما قال ابو الحسن الأسدي فوقع في نفسي ان ذلك في جميع من استحل محرما فاي فضل للحجة «عليه السلام» في ذلك ، قال: فوالذي بعث محمدا « صلى الله عليه واله» بالحق بشيرا لقد نظرت بعد ذلك في التواقيع فوجدته قد إنقلب الى مافي نفسي (لعنة الله والملائكة والناس اجمعين على من اكل من مالنا درهما حراما) «اكمال الدين للصدوق».

موارد وجوب الخمس ومصرفه:

يجب الخمس في سبعة أشياء:
(1) غنائم الحرب.
(2) ما يخرج بالغوص من البحر.
(3) الكنز .
(4) المعادن.

الذنوب الكبيرة - 2 214


(5) الزائد عن مؤونة السنة.
(6) المال المختلط بالحرام ولا يعلم مقدار الحرام منه.
(7) الأرض المنتقلة من المسلم الى الذمي بالشراء.
ولكل واحد من هذه الموارد شروط واحكام مذكورة في الرسائل العملية.
* * *
ويجب ان يقسم الخمس الى سهمين سهم السادة وسهم الإمام، اما سهم السادة فيدفع الى سيد فقير او يتيم او مسافر قد انقطع به السفر، واما سهم الإمام فيدفع في زماننا للمجتهد الجامع للشرائط من حيث انه النائب العام للإمام الحجة او يصرفه في موارد اذنه.
في كتاب (الكلمة الطيبة) نقل الشيخ النوري أربعين حكاية في بيان الآثار العظيمة للإحسان الى سلسة السادات الجليلة نكتفي بنقل واحدة منها:
وورد بأسانيد معتبرة عن إبراهيم بن مهران انه قال: كان لي في الكوفة جار حسن المعاملة اسمه (ابو جعفر)، وكان كلما اقبل اليه رجل علوي يريد منه شيئا أعطاه ، فان كان لديه مال أخذ منه وان لم يكن لديه مال يقول لغلامه اكتب هذا مبلغ أخذه علي بن ابي طالب «عليه السلام» واستمر على هذه الحالة مدة طويلة حتى اصبح يوما ما فقيرا ومضطرا وصار جليس الدار ، فأخذ ينظر في دفتره فكلما وجد احدا مدينا له وكان حيا ارسل له شخصا ليتسلم منه المال، وان كان المدين ميتا وليس لديه شيء شطب على اسمه.
وفي يوم من تلك الايام بينما كان جالسا على باب داره ينظر في دفتره مر عليه أحد النواصب وقال مستهزءا ما صنع معك المدين الأكبر علي بن ابي طالب؟ فاغتاض ابو جعفر لمقالة هذا الناصبي ونهض الى داخل الدار، فلما صار الليل رأى في منامه رسول الله «صلى الله عليه واله» ومعه الحسن والحسين«عليهما السلام» فقال له رسول الله « صلى الله عليه واله» أين ابوك ؟ فاجاب امير المؤمنين «عليه السلام» وكان خلف رسول الله

الذنوب الكبيرة - 2 215


«صلى الله عليه واله»: ها انا حاضر يا رسول الله، فقال له رسول الله «صلى الله عليه واله» لماذا لا تعطي حق هذا الرجل ؟ فقال «عليه السلام» : يا رسول الله «صلى الله عليه واله» هذا حقه قد احضرته.
فقال «صلى الله عليه واله»: اذن ادفعه له فدفع له كيسا من صوف أبيض وقال هذا هو حقك!! ثم قال «صلى الله عليه واله» للرجل : خذه ولا ترد كل من أتاك من اولاده ـ اولاد علي «عليه السلام» ـ وطلب منك معروفا ، اذهب فلا فقرعليك بعد.
يقول الرجل : استيقظت من النوم وبيدي ذلك الكيس ، فأيقظت زوجتي وقلت لها : إشعلي السراج فلما نظرت في الكيس واذا فيه ألف أشرفي، فقالت لي زوجتي : يا رجل اتق الله ، اظهرت الفقر لتخدع بعض التجار وتأخذ مالهم!!
فقلت : لا والله ، ولكن الامر كيت وكيت.
ثم طلبت الدفتر الذي فيه الحسابات، فرأيت أن ما دفعت فيه باسم علي بن أبي طالب لأولاده يبلغ ألف أشرفي لا يزيد ولا ينقص.

العيال واجبة النفقة:

من النفقات الواجبة هي النفقة على الزوجة الدائمة المطيعة، وهكذا نفقة الأولاد وأولاد ألأولاد مهما نزلوا إذا كانوا بحاجة الى النفقة ، وهكذا نفقة الاب والام، واب الاب ، وام ألأم مهما علوا في صورة الحاجة ، وفي صورة تمكن الشخص وقدرته، فيجب اعطاء النفقة بالمقدار اللازم الذي بدونه يعتبر بنظر العرف قاطعا للرحم، على تفصيل تقدم في قطع الرحم.

النفقات المستحبة:

النفقات المستحبة انواع:
(1) الصدقة المستحبة.
الآيات والروايات متواتره في تأكيدها خصوصا في اوقات معينة مثل الجمعة،

الذنوب الكبيرة - 2 216


عرفة ، شهر رمضان ، وخصوصا على طوائف خاصة مثل الجيران ، والأرحام.
والصدقة دواء للمرض وتدفع البلاء، تنزل الرزق، وتزيد المال (1) وتدفع ميتة السوء ، والحرق، والغرق، والجنون الى سبعين بابا من ابواب الشر، وكلما تصدق اكثر كان اثرها اكثر ، ولا حد لقليلها حتى لو كان بمقدار تمرة واحدة.
(2) الهدية.
وهى ما يدفعه الشخص لأخيه المؤمن غنيا كان او فقيرا، من اجل زيادة المودة بينهما، وان قصد بها القربة كانت من العبادات العظيمة.
روي عن امير المؤمنين «عليه السلام» قوله (لئن اهدي لأخي المسلم هدية أحب إليَّ من ان أتصدق بمثلها).
(3) الضيافة
الاخبار في فضل الضيافة كثيرة ، وهي من اخلاق الانبياء وقد روي أن امير المؤمنين «عليه السلام» لم يدخل عليه ضيف لسبعة ايام فبكى وقال اخشى ان الله قد حرمني من لطفه (النص مترجم).

(1) روي عن الامام موس بن جعفر (ع) انه كان في بني اسرائيل رجل صالح وكانت له زوجة صالحة ، فقيل له في المنام لقد قدر عمرك كذا مقدار وقدر ان يكون نصف عمرك في سعة ونصف عمرك في ضيق وانت مخير بين ان يكون النصف الاول في يسر والثاني في عسر ام بالعكس.
فقال الرجل في الجواب: ان زوجتي الصالحة هي شريكتي في حياتى ويلزمني مشاورتها، فلما اصبح واستشار زوجته قالت له اجعل النصف الاول في يسر وعجل لك في العافية لعل الله يرحمنا ويتم نعمته علينا.
وفي الليلة الثانية قيل لهذا الرجل في المنام ماذا اخترت؟ فأجاب : جعلت الاول من عمري في يسر!! فقالوا له : ليكن لك ذلك، فأقبلت عليه الدنيا من كل جانب ، و لما كثرت عليه النعمة قالت له زوجته: صل رحمك. واحسن لجارك، واجعل لأخيك سهما من مالك ، ففعل الرجل ولم يقصر في بذل المال حتى انتهى النصف الاول من عمره فراى في المنام ذلك الشخص الذي رآه قبلا يقول له : لأنك لم تقصر في انفاق مالك في سبيل الله ،فقد شكر الله سعيك وجعل النصف الثاني من عمرك مثل النصف الاول في يسر و سعة . *

* «الكلمة الطيبة» للشيخ النورى، والكتاب باللغة الفارسية، والرواية المذكورة اعلاه مترجمة وليست عين النص العربي.
الذنوب الكبيرة - 2 217


(4) الحق المعلوم.
وهو مقدار من المال يعينه الشخص المسلم حسب قدرته ، لكل يوم او لكل اسبوع او لكل شهر ويدفعه للمحتاج والأرحام ، وكما قال تعالى في القرآن المجيد.
« والذينَ في أموالِهِمْ حَقٌ مَعْلُومٌ، لِلسائِلِ والمَحْرومِ » «المعارج 24ـ25» .
(5) حق الحصاد:
وهو مقدار من الزرع يعطيه الزارع قبضة قبضة للفقراء دون ان يحسبه زكاة كما قال تعالى «وآتوا حَقَهُ يَومَ حَصادِه » «السورة 6 ـ 141».
وهذا القسمان من انواع الصدقة المستحبة لأهميتها جاء ذكر كل واحد منهما في القرآن الكريم مستقلا.
(6) القرض الحسن لمسلم محتاج.
عن الصادق «عليه السلام» (مكتوب على باب الجنة : الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر ) « الوافي».
وفي رواية اخرى (ما من مؤمن اقرض مؤمنا يلتمس به وجه الله إلا حسب الله أجره بحساب الصدقة حتى يرجع ماله اليه) «الوافي».
وعنه «عليه السلام» ايضا في قوله عز وجل « ويَمنَعُونَ الماعُونَ » (1) هو القرض يقرضه والمعروف يصطنعه ومتاع البيت يعيره ومنه الزكاة يقول ابو بصير قلت له: ان لنا جيرانا اذا أعرناهم متاعا كسروه وافسدوه فعلينا جناح ان نمنعهم؟ فقال : لا، ليس عليكم جناح ان تمنعوهم اذا كانوا كذلك «الكافي ـ الزكاة/باب7».
(7) امهال المدين او إبراء ذمته:
عن الصادق «عليه السلام» (من أراد ان يظله الله يوم لا ظل الا ظله فليُنظر معسرا او يدع له من حقه).

(1) الماعون 7.
الذنوب الكبيرة - 2 218


وعن رسول الله «صلى الله عليه واله» قوله (من أنظر مُعسرا كان له على الله في كل يوم ثواب صدقة بمثل ماله حتى يستوفيه).
وفي رواية قيل للصادق «عليه السلام»ان عبدالرحمن بن سبابة كان له دين على شخص ، وقد مات ذلك الشخص فقيل له اعفه فامتنع، فقال «عليه السلام» (ويحه أما يعلم ان له بكل درهم عشرة اذا حلله، وان لم يحلله فإنما هو درهم بدرهم).
(8) دفع اللباس والمسكن للمحتاجين:
عن الصادق «عليه السلام» (من كسا أخاه كسوة شتاء او صيف كان حقا على الله ان يكسوه من ثياب الجنة وان يهون عليه من سكرات الموت وان يوسع عليه في قبره وان يلقى الملائكة اذا خرج من قبره بالبشرى) «الوافي».
وقال «عليه السلام» ايضا (من كسا احدا من فقراء المسلمين ثوبا من عري او أعانه بشئ مما يقويه على معيشته وكّل الله به سبعة الاف ملك من الملائكة يستغفرون لكل ذنب عمله الى ان ينفخ الصور) «الوافي».
(9) بذل المال لحفظ كرامة الشخص ودفع الشر وظلم ألظالمين عنه، وقد روي ان افضل الإنفاق ما ينفق لحظ كرامته.
(10) الخيرات الجارية وصرف المال في المنافع العامة مثل المساجد والمدارس والجسور ومحطات الطرق والحمامات، وحفر العيون، ونشر الكتب الدينية وامثال ذلك من الامور التي يبقى اثرها لسنين طويلة، وينال صاحبها الثواب المستقر.
نقل الشيخ النوري في (دار السلام) قال: حدثني الشيخ الأجل الاستاذ العلامة الرباني الشيخ عبدالحسين الطهراني رفع الله مقامه في الدارين قال : لما توفي الآميرزا نبي خان وهو من جملة خواص خدم السلطان محمد شاه القاجار، وكان متهتكا في المعاصي والفجور متجاهرا بانواعها واقسامها لا يشذ منها شيء وكان ان يضرب بطغيانه وتجاهره المثل ، رأيت في النوم كأني أتفرج في بساتين وعمارات عالية وكانها من الجنان ومعي من يعرفني ارباب تلك الدور والقصور، فبلغنا موضعا، فقال: هذا

السابق السابق الفهرس التالي التالي