الذنوب الكبيرة - 2 186


الى الله فقال «عليه السلام» (ما اعلم شيئا بعد المعرفة افضل من هذه الصلاة ألا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم قال «وأوصاني بالصلاةِ والزكاةِ ما دُمتُ حيّا» (1) .
وسئل النبي «صلى الله عليه واله» عن افضل الاعمال فقال «صلى الله عليه واله» (الصلاة لأول وقتها) «فروع الكافي» وعن الإمام الباقر «عليه السلام» قال ( الصلاة عمود الدين مثلها كمثل عمود الفسطاط اذا ثبت العمود تثبت الاوتاد واذا مال العمود وانكسر لم يثبت وتد ولا طنب) «بحار الانوار».
وعن الامام الصادق «عليه السلام» في قوله تعالى « ومَن يَكفرُ بالإيمانِ فَقدْ حَبِط َعَمَلُهُ » (2) قال «عليه السلام» ( من ذلك أن يترك الصلاة من غير سقم ولا شغل)«بحار الأنوار».
وعن ألإمام الباقر «عليه السلام»: (بني الاسلام على خمسة اشياء ، على الصلاة والزكاة والحج والصيام والولاية).
قال زرارة فقلت: و أي شيء من ذلك افضل؟
فقال «عليه السلام» الولاية افضل ، لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن.
قلت : ثم الذي يلي ذلك في الفضل؟
فقال: الصلاة، ان رسول الله »صلى الله عليه واله»قال : الصلاة عمود دينكم «أصول الكافي» .
وقال «صلى الله عليه واله» : (اذا كان يوم القيامة خرج من جهنم جنس من عقرب رأسه في السماء السابعة وذنبه تحت الثرى وفمه من المشرق الى المغرب فيقول أين من حارب الله ورسوله؟ ثم ينزل جبرئيل فيقول يا عقرب من تريد؟ فيقول: خمسة ، تارك الصلاة ، ومانع الزكاة، وآكل الربا، وشارب الخمر، وقوما يتحدثون في المسجد حديث الدنيا) «لئالىء الأخبار».

(1) مريم 31.
(2) المائدة 5.
الذنوب الكبيرة - 2 187


وقال «صلى الله عليه واله» أيضا:
(ان في جهنم لوادياً يستغيث منه أهل النار كل يوم سبعين الف مرة ، وفي ذلك الوادي بيت من نار، وفي ذلك البيت جب من نار، وفي ذلك الجب تابوت ، وفي ذلك التابوت حية لها الف رأس وفي كل رأس الف فم وفي كل فم الف ناب وفي كل ناب الف ذراع قال انس: قلت يا رسول الله «صلى الله عليه واله» لمن يكون هذا العذاب ؟ قال «صلى الله عليه واله» لشارب الخمر وتارك الصلاة) «لئاليء الأخبار».
والروايات الواردة في شدة عقوبة تارك الصلاة كثيرة، نكتفي بما تقدم منها.

معونة تارك الصلاة

الروايات الواردة في شدة عقوبة المعين لتارك الصلاة عديدة منها ما ورد عن رسول الله «صلى الله عليه واله» قوله :
(من أعان تارك الصلاة بلقمة او كسرة فكأنما قتل سبعين نبياً أولهم آدم وآخرهم محمد «صلى الله عليه واله» ) (1) .
وقال «صلى الله عليه واله»:
(من اعان تارك الصلاة بشربة ماء فكأنما حارب وجادل معي ومع جميع ألأنبياء)(2) .
وقال «صلى ألله عليه وآله»:
(من تبسم في وجه تارك الصلاة فكأنما هدم البيت المعمور سبع مرات) .
والظاهر ان المراد بمثل هذه الاحاديث ما اذا كانت الإعانة والإحسان الى تارك الصلاة سببا في جرأته على ترك الصلاة، ولا شك ان الإحسان الى العاصي متى ما كان سببا للجرأة، والإستمرار على المعصية حرام، يجب تركه من باب النهي عن المنكر.
وبناءا على ذلك اذا لم تكن معونة تارك الصلاة سببا لجرأته على ترك الصلاة،

(1) الئالى الاخبار ـ الجزء 4 الصفحة 51.
(2) الئالى الاخبار ـ الجزء 4 الصفحة 51.
(3) الئالى الاخبار ـ الجزء 4 الصفحة51.
الذنوب الكبيرة - 2 188


بحيث ان المعونة وعدم المعونة لا أثر لهما في تركه للصلاة ، فهذا المورد لا يعلم انه مشمول للروايات السابقة ، بل ان الإعانة والإحسان قد تكون احيانا سببا لتركه الذنب ، وموجبة لأدائه الصلاة، ولا شك ان الإعانة في هذه الصورة امر حسن، بل تصبح واجبة في بعض الموارد.

اقسام ترك الصلاة

1 ـ ترك الصلاة من باب الإنكار لوجوبها ، أي انه لا يراها واجبة من عند الله، ولا يرى لزوم الإتيان بها وقد تقدم ان منكر الضرري كافر، وهو في الحقيقة منكرٌ الله، ورسالة خاتم الانبياء ، والقرآن المجيد فان مثل هذا الشخص مصيره العذاب الأبدي ولا خلاص له منه.
2 ـ ترك الصلاة لا من جهة الإنكار بل للإهمال وقلة الإعتناء بأمور الآخرة، والإشتغال بالشهوات والأمور الدنيوية ، وهذا القسم من ترك الصلاة يوجب الفسق، وارتكاب الذنب الكبير، وقد ذكرنا بعض الروايات والآيات الواردة في شدة عقوبته.
ومثل هذا الشخص اذا فارق الدنيا وهو مؤمن فإنه ينجو بعد ان يعذب بالعذاب الخاص لتارك الصلاة، إلا ان فراق الدنيا مع الاحتفاظ بالايمان بالنسبة لهذا الشخص امر بعيد ومشكل، ذلك ان القلب هو وعاء الايمان ، والقلب يسوّد بسبب الارتكاب للذنوب ويقسو، وتدريجا يمحى منه نور الإيمان ، اللهم الا اذا شمله الفضل الالهي ببركة محبة اهل البيت «عليه السلام» واغاثته ساعة الموت بحيث يموت وهو مؤمن . كما ان من الممكن ان يخفف عذابه بسبب شفاعتهم «عليهم السلام» او يزول عنه العذاب ، الا ان ما ورد عنهم «عليهم السلام» هو ان شفاعتهم لا تنال المستخف بالصلاة والمضيع لها كما تقدم.
3 ـ ترك الصلاة احيانا وليس دائما ، نتيجة لضعف إيمانه وقلة مبالاته بأمور الآخرة فهو يصلي احيانا ويترك احيانا.
أونتيجة عدم اهتمامه بأوقات الصلاة، وهذا القسم رغم انه يختلف عن القسمين

الذنوب الكبيرة - 2 189


السابقين الا ان مثل هذا الشخص هو من المستخفين بالصلاة المضيعين لها ويشمله ما ورد من الروايات في هذا العنوان.
ومن جملة ذلك ما ورد عن الامام الباقر«عليه السلام» عن رسول الله «صلى الله عليه واله» انه قال:
(من صلى الصلاة لغير وقتها رفعت له سوداء مظلمة تقول ضيعتني ضيعك الله كما ضيعتني).
وايضا قال «صلى الله عليه واله» ( لا تنال شفاعتي غدا من أخر الصلاة المفروضة بعد وقتها ) «وسائل الشيعة» .
وقال «صلى ألله عليه وآله» (لا يزال الشيطان هائبا لأبن آدم ذعرا منه ما صلى الصلوات الخمس لوقتهن فاذا ضيعهن اجترأ عليه فادخله في العظائم) «وسائل الشيعة» .
وورد عن الامام الباقر «عليه السلام»قوله (هذه الفريضة من صلاها لوقتها عارفا بحقها لا يؤثر عليها غيرها كتب الله له براءة لا يعذبه ، ومن صلاها لغير وقتها مؤثرا عليها غيرها فان ذلك إليه ان شاء غفر له وان شاء عذبه) «وسائل الشيعة ـ المواقيت» .

التأكيد على الصلاة أول الوقت:

الروايات الواردة في لزوم المواظبة على اداء الصلاة في اول وقتها عديدة ، وكثيرا ما وردت التوصية بذلك، وبعدم تاخيرها من دون عذر عن اول وقتها، وائمتنا «عليهم السلام» لم يتركوا اداء الصلاة في اول وقتها حتى في اشد الحالات.
كما ورد في (ارشاد القلوب):
(كان «عليه السلام» يوما في حرب صفين مشتغلا بالحرب والقتال وهو مع ذلك بين الصفين يرقب الشمس فقال له ابن عباس يا امير المؤمنين ما هذا الفعل ؟ فقال : «عليه السلام» انظر الى الزوال حتى نصلي.
فقال له ابن عباس: وهل هذا وقت صلاة ان عندنا لشغلا بالقتال عن الصلاة .
فقال «عليه السلام»: على م نقاتلهم؟ انما نقاتلهم على الصلاة ) « ارشاد القلوب ـ 10».

الذنوب الكبيرة - 2 190


4 ـ ترك بعض واجبات الصلاة فهو يؤدي الصلاة لكن لاعلى وجهها الصحيح ومن دون مراعاة شروطها، ولا يعتني بذلك، مثل من يصلي في لباس او مكان مغصوب او يصلي مع النجاسة ، او من دون قراءة، او من دون ذكر واجب ، او يقرأ خطأ، من دون ان يتصدى لتصحيح قراءاته او يقرأ ويذكر لكن مع فقد الاستقرار، فمن الواضح أن مثل هذا الشخص هو من مضيعي الصلاة والمستخفين بها ويشمله ما ورد من الروايات في ذلك.
عن الامام الباقر«عليه السلام» : بينا رسول الله «صلى الله عليه واله» جالس في المسجد اذ دخل رجل فقام يصلي فلم يتم ركوعه ولا سجوده ، فقال «صلى الله عليه واله» نقر كنقر الغراب ، لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني «الوسائل ـ الصلاة ـ باب 8».
وعنه «صلى الله عليه واله» : (اسرق السراق من سرق من صلاته).
قيل : يا رسول الله «صلى الله عليه واله» كيف يسرق من صلاته.
وقال «صلى الله عليه واله»( لا يتم ركوعها وسجودها) «مستدرك الوسائل».
وقال «صلى الله عليه وآله»:( لا صلاة لمن لم يتم ركوعها وسجودها) «المستدرك ».
وقال «صلى الله عليه واله » : (تكتب الصلاة على أربعة أسهم ـ الى ان قال ـ فاذا هو اتم ركوعها وسجودها وأتم سهامها صعدت الى السماء لها نور يتلألأ وفتحت لها ابواب السماء وتقول حافظت علي حفظك الله وتقول الملائكة صلى الله على صاحب هذه الصلاة، واذا لم يتم سهامها صعدت ولها ظملة وغلق ابواب السماء دونها وتقول ضيعتني ضيعك الله وضُرب بها وجهه ) «المستدرك».
وقال صلى الله عليه واله» ايضا : (لكل شيء وجه ووجه دينكم الصلاة فلا يشينن احدكم وجه دينكم) «المستدرك».
والروايات في هذا الباب عديدة، ومن اجل التدليل على ان من يترك جزءاً واجبا من اجزاء الصلاة عمدا هو كتارك الصلاة نكتفي بهذا المقدار.

الذنوب الكبيرة - 2 191


شرائط اخرى لقبول الصلاة:

من يؤدي الصلاة صحيحة يسقط عنه التكليف ولا يعد تاركاً للصلاة، ولاعقاب عليه ، الا أن قبولها في ساحة الربوبية المقدسة ، والوصول الى آثارها وثوابها العظيم له شروط أخرى أهمها حضور القلب، بحيث لواستطاع المصلي ان يراعي شروط القبول لوصل الى دجات ومقامات عالية لا يوصله اليها اى عمل آخر.
نكتفي هنا بعض الروايات نامل ان تكون نافعة: عن الامام الصادق «عليه السلام» قوله: (من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيهما انصرف وليس بينه وبين الله ذنب الاغفر له) «الوسائل ـ ابواب افعال الصلاة باب 3».
وايضا قال «عليه السلام»:
(إنما لك من صلاتك ما أقبلت عليه منها، فان أوهمها كلها أوغفل عن أدائها لفت فضرب بها وجه صاحبها) «الوسائل ـ أفعال الصلاة».
عن أمير المؤمنين «عليه السلام» قوله (لا يقومن احدكم في الصلاة متكاسلا ولا ناعسا ولا يفكرن في نفسه فإنه بين يدي ربه عز وجل وإنما للعبد من صلاته ما أقبل عليه منها بقلبه) «الوسائل».
وقال«صلى ألله عليه وآله»( ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب لاه )«الوسائل».
وقال «صلى الله عليه واله» « لا يقبل الله صلاة امرىء لا يحضر قلبه فيها مع بدنه» «المستدرك» ـ وعن الامام الصادق «عليه السلام» قوله «اذا أحرمت للصلاة فأقبل عليها،فانك إذا أقبلت أقبل الله عليك وإذا أعرضت أعرض الله عنك، فربما لم يرفع من الصلاة إلا الثلث أو الربع او السدس على قدر إقبال المصلي على صلاته ، لا يعطى الله الغافل شيئا) «الوسائل».
يقول المرحوم النراقي في معراج السعادة:
(الصلاة مركب إلهي مؤلف من عدة أجزاء بعضها بمثابة الروح وبعضها بمثابة

الذنوب الكبيرة - 2 192


الأعضاء الرئيسية للبدن وبعضها بمنزلة سائر الأعضاء)، وتوضيح هذا المطلب كما يلي:
ان الإنسان ـ مثلا ـ مركب من أجزاء معينة لا يكون موجودا كاملا إلا إذا إجتمع جزؤه الباطني وهو الروح مع الأعضاء الحسية الداخلية والأعضاء الحسية الظاهرية وهذه الاعضاء مختلفة بعضها ضروري بنحو يعدم الأنسان بعدمه وتزول الحياة بفقده كالقلب والكبد والرأس وأمثال ذلك، وبعض آخر لا يعدم الإنسان بعدمه ولكنه يصبح موجودا ناقضا ويزول عنه الكمال كاليد والرجل والعين واللسان وأمثال ذلك ،وبعض آخر بزواله يزول الحسن والجمال ويصبح الإنسان قبيح المنظر، مثل الحاجب والهدب واللحية والأذن ، وبعض آخر يزول بزواله كمال الحسن مثل سعة العين وسواد الشعر ، وإحمرار اللون ونحو ذلك.
والصلاة هكذا ، فهي حقيقة مركبة صورتها الشرعية المقدسة من أمور مختلفة، وأُمرنا بالإتيان بها، روحها نيَّة القرب الى الله والإخلاص ، وحضور القلب وأركانها وهى تكبيرة الإحرام والركوع والسجود والتشهد القيام بمنزلة الأعضاء الرئيسية التي تفوت الصلاة بتركها، وسائر الأعمال كالقراءة والذكر في الركوع والسجود والتشهد والطمأنينة من الواجبات التي تبطل الصلاة بتركها عمدا هي بمنزلة اليد والرجل والعين واللسان وأمثال ذلك، التي قد يتلف الإنسان بتلفها أحيانا وقد لا يتلف، وأعمالها المستحبة مثل القنوت والتكبيرات والأذكار المستحبة هي بمنزلة الحاجب والهدب وسواد الحدقة التي بفوات بعضها يزول الحسن والجمال، وفوات بعضها يزول به كمال الحسن...
يعرف من هذا البيان ان حضور القلب وسائر شروط القبول هي بمنزلة روح الصلاة فالصلاة التي تخلو منها كالبدن الذي يخلو من الروح، وكما ان البدن بلا روح خال من آثار الحياة وخواصها كذلك الصلاة بلا حضور قلب يحرم صاحبها من آثار الصلاة وخواصها، مثال ذلك ان من جملة خواص الصلاة حسب نص القرآن المجيد انها

الذنوب الكبيرة - 2 193


تنهى عن الفحشاء والمنكر فلو صدر من المصلين ذنب يعلم منه ان صلاته مجرد صورة خالية من الروح.

ماذا يعني حضور القلب؟

معنى اقبال القلب ان يتوجه ويلتفت لما يقول وما يعمل، ويتذكرعظمة الله وانه ليس كسائر المخاطبين، ويتحقق في قلبه هيبة وخوف من عظمته تعالى وشعور بالتقصير في حق العبودية ، وتملكه حالة الحياء والخجل نتيجة التقصير والاخطاء ويكون مؤملا لما يعرف من سعة رحمته وفضله وكرمه اللامتناهي ، والخلاصة ان تكون لديه حالة الخوف والرجاء.
وحضور القلب له درجات ومراتب ، اعلاها ما كان عند امير المؤمنين «عليه السلام» حتى كانت السهام تخرج من بدنه وهو لا يشعر. ففي معركة صفين أصيب «عليه السلام» بسهم في فخذه وكلما حاولوا اخراجه منه ما استطاعوا لشدة أذاه، فسألوا الامام الحسين «عليه السلام» فقال اصبروا حتى يدخل صلاته ، فلما صلى «عليه السلام» اخرجوه منه فلما انهى«عليه السلام» صلاته انتبه الى دم يجري من رجله المباركة فسأل فقالوا اخرجنا السهم حال الصلاة.
ونقل في سفينة البحار في الحديث عن عبادة عبّاد بن بشر قال:
(ان النبي «صلى الله عليه واله» قصد قوما من اهل الكتاب قبل دخولهم في الذمة فظفر منهم بإمراة جديدة العرس بزوجها وعاد من سفره فبات في طريقه، واشار الى عمار بن ياسر وعباد بن بشر ان يحرساها فاقتسما االليل فكان لعباد بن بشر النصف الاول ولعمار بن ياسر النصف الثاني ونام عمار بن ياسر وقام عباد بن بشر يصلى وقد تبعهم اليهودي يطلب إمرأته ويغتنم إهمالهما من التحفظ فيفتك بالنبي «صلى الله عليه واله» فنظر اليهودي الى عباد بن يصلي في موضع العبور فلم يعلم في ظلام الليل هل هو شجرة او اكمة او دابة او انسان فرماه بسهم فاثبته فيه فلم يقطع عباد بن بشر الصلاة فرماه بآخر فاثبته فيه فلم يقطع الصلاة فرماه بآخر فخفف الصلاة وأيقظ عمار بن ياسر

الذنوب الكبيرة - 2 194


فرأى السهم في جسده فعاتبه وقال هلا ايقظتني في اول سهم؟ فقال: كنت بدأت بسورة الكهف فكرهت ان اقطعها ولولا خوفي ان ياتي العدو على نفسي ويصل الى رسول الله «صلى الله عليه اله» واكون قد ضيعت ثعرا من ثغور المسلمين ما خففت من صلاتي ولو أتي على نفسي فدفعا العدو عما أراده «المجلد 2/144».
وجدير بالمصلي ان يكون في حالة الخضوع والوقار والسكينة ومتى دخل الصلاة يصليها كأنها آخر صلاة له في عمره ويودعها ، ويتوب ويستغفر من جديد ، ويكون صادقا في قوله، حين يقول مثلا «اياك نعبد واياك نستعين» (1).

يجب ان يدفع الموانع:

ويجدر به ان يبتعد عن مكائد الشيطان، ويجتنب موانع قبول العبادة والتي من جملتها العجب ، وهو ان يرى الإنسان عمله كبيرا وحسنا ويرى نفسه مستحقا للإكرام والمقام.
ومن جملة موانع قبول الصلاة عدم أداء الزكاة والحقوق الواجبة ، وهكذا الحسد والغرور والتكبر والغيبة وأكل الحرام ، وشرب المسكرات ، وللنساء خاصة النشوز وهو عدم اطاعة زوجها فهذه موانع كبيرة عن قبول الصلاة.
بل ان مقتصى قوله « «إنما يَتقبَّلُ اللهُ مِن َالمُتقين » (2). ان صلاة الفاسق والعاصي غير مقبولة.
وجدير بالإنسان ايضا ان يجتنب كلما يقلل أجر الصلاة وثوابها فلا يصلي في حال الكسل والتثاقل لغلبة النوم أو الغفلة ، ولا يصلي مستعجلا، ولا في حال في مدافعة البول والغائظ والريح ، ولا يشغل بصيره بالنظر للسماء او الى مكان آخر بل يقف بعين خاشعة كمن اطبق عينيه.

(1) الفاتحة 5.
(2) المائدة 27.
الذنوب الكبيرة - 2 195


وان يجتنب كل ما ينافي الخشوع .
ويجدر به ان يمارس ما يرفع درجته، ويزيد أجره، مثل إ ستعمال العطر، ولبس الثياب النظيفة، والتختم بالعقيق، وتعديل الشعر، والإستياك وغير ذلك.

الصلاة الواجبة:

الصلاة الواجبة ست:

1 ـ الصلاة في الاوقات الخمسة ، وهي سبع عشرة ، الصبح ركعتان، والظهر اربع ركعات ، والعصر اربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء اربع ركعات.
2 ـ صلاة الآيات ، عند وقوع زلزلة ، أو كسوف ، أو خسوف ، أو كل حدث سماوي او أرضي يوجب خوف أكثر الناس ، وهى ركعتان في كل ركعة خمسة ركوعات على تفصيل مذكور في الرسائل العملية.
3 ـ صلاة الطواف ، حيث يجب أداؤها في الطواف الواجب خلف مقام إبراهيم «عليه السلام».
4 ـ الصلاة الواجبة بنذر او عهد او يمين ،او الواجبة بالإجارة.
5 ـ الصلاة الفائتة على الأب (وألام على الأحوط ) المتوفى فانه يجب على الولد الاكبر قضاؤها عن الوالدين.
6 ـ صلاة الميت ، حيث تجب لكل مسلم ميت بعد الغسل والتكفين، وهكذا الصلاة على جنازة اطفال المسلمين اذا بلغوا ست سنين .
* * *
ومتى مافات المكلف بعض الصلوات اليومية وجب عليه قضاؤها سواءا فاتته عمدا اونسيانا او كان نائما في تمام الوقت، كما يجب قضاء الصلوات التي صلاها بدون طهارة او نسي فيها ركنا من الأركان، او ترك فيها بعض الأجزاء الواجبة .
اما الصلاة التي فاتته في حال الجنون او الإغماء فلا يجب عليه قضاؤها، وهكذا الصلاة التي فاتته في حال كفره الاصلي، وهكذا الصلاة التي تفوت المرأة في حال

الذنوب الكبيرة - 2 196


حيضها ونفاسها ، اما الصلاة التي تفوت في حال السكر فيجب قضاؤها واما الصلوات اليومية اذا فاتت فيجب قضاؤها بتفصيل مذكور في الرسائل العملية.

يجب قضاء الصلاة الفائتة:

لايجوز الاهمال في قضاء الصلاة الواجبة اذا فاتته، ويحب الوصية بما بقي في ذمته من صلاة القضاء فيؤتى بها بعد مماته ، ومتى ما اوصى شخصا بها وجب عليه ان يستأجر لادائها من ثلث التركة.
واما اذا لم يوص بها او لم يكن له مال لوصي، فإنه يجب على اكبر الأولاد حينئذ قضاؤها عنه او استئجار من يقضيها عنه، وان لم يكن له ولد أكبر لم يجب على باقي الورثة قضاؤها كما هو في صورة عدم الوصية ، ولكن الاحوط للورثة ان يؤديها كل منهم حسب سهمه من الميراث او يستاجرون من يؤديها.
واما مسألة انتفاع الموتى باعمال الخير التي يجب على الاحياء قضاؤها عنهم فقد ورد ذلك في الروايات المعتبرة عن اهل البيت «عليهم السلام»، وفي الحقيقة ان هذا باب من ابواب الفضل الإلهي لمن يموت وهو مؤمن.
ولا يفوتنا القول ان هذه النيابة عن الموتى فائدتها فقط سقوط العذاب عنهم والوصول الى بعض مراتب الثواب، اما الآثار العظيمة للعبادات مثل الصلاة والصيام والحج ، وطي مراتب القرب من خلال هذه العبادات فهي مشروطة بادائها مباشرة، والإتيان بها من قبل الشخص نفسه ، بل هذه الآثار تصبح من نصيب الشخص النائب ، إذا أداها بقصد القربة، وبالجملة لا يجوز للعاقل التسامح في اداء اواجبات بحجة انه سوف تقضى بعده وذلك اولا لأنه لا يعلم انه سيكون له وارث شفيق يقضيها عنه بصورة صحيحة بحيث يسقط التكليف، وثانيا انه سيحرم من ثواب الاداء، وورد في رواية ان احد اصحاب رسول لله «صلى الله عليه واله» أوصى بانفاق جميع ما لديه من التمر في سبيل الله بعد مماته. فلما مات تقصد عنه رسول الله «صلى الله عليه واله» بجميع ذلك التمر، وسقطت منه تمرة واحدة فأخذها رسول الله «صلى الله عليه واله» وقال

الذنوب الكبيرة - 2 197


لو تصدق بهذه التمرة ايام حياته لكان افضل له.
* * *
وللتاكيد على هذا المطلب وهو انتفاع الموتى بعمل الاحياء توجد مؤيدات عديدة ، ورؤى صادقة لا حد لها ، وكمثل على ذلك نذكر هنا واحدا مما نقله المحقق النوري في (دار السلام) قال:
حدثني عمدة الفقهاء الكاملين.. الحاج ميرزا الطهراني عن والده رحمه الله ان رجلا كان في بلد طهران خادما في الحمام وكان لا يصلي ولا يصوم وجاء يوما الى المعمار وقال: اريد ان ابني حماما فقال له المعمار : انت بهذه الحالة من اين لك الدراهم ؟ فقال له: خذ ما شئت فبنى له حماما معروفا باسمه وكان اسمه علي طالب،قال والدي : كنت في النجف ألأشرف فرأيت فيما يراه النائم أن علي طالب جاء إلى النجف في وادي السلام فتعجبت من ذلك وقلت له ما جاء بك الى هذا المكان وانت لا تصلي ولا تصوم ؟ فقال لي: يا هذا انني قد مت فأخذوني بالأغلال ليأخذوا بي الى العذاب لكن جزى الله الحاج ملا محمد كرمانشاهي خير الجزاء ، حيث انه استاجر نائبا للحج وهو فلان واستأجر فلانا للصوم والصلاة ودفع عني الزكاة والمظالم على يد فلان وفلان ولم يبق شيئا على إلا أداه فخلصني من العذاب فجزاه ألله عني خير جزاء المحسنين، ففزعت من نومي وتعجبت من تلك الرؤيا ، فتربصت مدة فجاء أناس من طهران فسألت عن احوال علي طالب ؟ فاخبروني كما رأيت في الرؤيا باسماء الرجال وما جرى بعد موته فتعجبت من صدق تلك الرؤيا ومطابقتها للواقع «حـ 2/ 244»

الذنوب الكبيرة - 2 198




الذنوب الكبيرة - 2 199


37
عدم دفع الزكاة

السابع والثلاثون من الكبائر المنصوصة منع الزكاة الواجبة كما ذكر في صحيحة السيد عبد العظيم عن الإمام الجواد والإمام الرضا والامام الصادق «عليهم السلام» ، وهو من الذنوب التي جاء الوعيد عليه بعذاب النار في عدة مواضع من القرآن، كما استشهد الإمام «عليه السلام» في الصحيحة المذكورة بالآيتين 34 ـ 35 من سورة التوبة وهي قوله تعالى « والذينَ يَكنِزونََ الذهبَ والفِضة َولا يُنفِقونَها في سبيلِ اللهِ فبَشّرْهُم بعذابٍ أليمٍ، يَومَ يُحمى عليها في نارِ جَهنَّمَ فتُكوى بها جِباهُهُم وجُنوُبهُم وظُهورُهُم هذا ما كَنزْتُم لأنفُسِكُم فَذوقوا ما كُنتُم تَكنِزون ».
وقد ورد في الروايات ان المراد بالكنز في هذه الآية الشريفة كل ما لم تدفع الحقوق الواجبة فيه.
وقال تعالى في سورة آل عمران « ولا يحسبَّنَّ الذينَ يَبخَلونَ بما آتاهُمُ اللهُ مِن فَضلِهِ هُوَ خيراً لَهُم بَلْ هوَ شرٌ لَهُم سَيُطوَّقُونَ ما بَخِلوا بهِ يومَ القيامةِ وللهِ ميراثُ السمواتِ وألارضِ واللهُ بِما تَعمَلون خبيرٌ»( ألآية 180 ).

الذنوب الكبيرة - 2 200


وقال في تفسير (منهج الصادقين):
ورد في الحديث ان من اعطاه الله مالا، وبخل عن اداء زكاته ، تمثل ماله يوم القيامة على صورة ثعبان كبير لم ينبت في رأسه شعر لشدة سمه وحدته وظهر تحت عينيه نقطتان سوداوان، وهو من اشد الثعابين أذى، فيطوق به مانع الزكاة وتأخذ بطرفيها وجهه وفمه وتقول أنا مالك الذي فخرت بي على الآخرين .
وروي عن الإمام الباقر «عليه السلام» قوله (ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلاجعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب وهو قول الله «سَيطوَقُون ما بَخِلوا بهِ يَومَ القيامةِ») «وسائل الشيعة ـ الزكاة».
وعنه انه قال: (ما من ذي رحم يأتي رحمه يسأله من فضل الله اياه فيبخل به عنده الا اخرج الله له من جهنم شجاعا يتلمز بلسانه يطوقه).
وعن الامام الصادق «عليه السلام» انه قال:
(ما من ذي مال ذهب اوفضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر، وسلط عليه شجاعا أقرع يريده وهو يحيد عنه ، فاذا رأى انه لا يتخلص منه امكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل ثم يصير طوقا في عنقه، وذلك قول ألله عز وجل « سَيُطوَقُونَ ما بَخِلوا بِهِ يومَ القيامةِ » (1) وما من ذي مال إبل أو بقر اوغنم يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر تطؤه كل ذات ظلف بظلفها ، وتنهشه كل ذات ناب بنابها، وما من ذي مال نخل او كرم او زرع يمنع (زكاته إلا طوقه الله عز وجل ريعة أرضه الى سبع ارضين الى يوم القيامة) «الوسائل ـ الزكاة ـ باب 3».
وعن الإمام الباقر «عليه السلام» ( إن الله قرن الزكاة بالصلاة فقال أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فمن أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فكأنه لم يقم الصلاة) «الوسائل ـ الزكاة ».
وقال «عليه السلام» ايضا: بينما رسول الله » صلى الله عليه واله» في المسجد إذ قال: قم يا

(1) آل عمران 180.
الذنوب الكبيرة - 2 201


فلان، قم يا فلان، قم يا فلان ، حتى أخرج خمسة نفر، فقال أخرجوا من مسجدنا لا تصلّوا فيه وانتم لا تزكّون «الوسائل ـ الزكاة ـ باب 3».
وعن الإمام الصادق «عليه السلام» (من منع الزكاة سأل الرجعة عند الموت وهو قوله الله تعالى« ربِّ أرجِعُونِ لَعلّي أعمَلُ صالحاً فيما تَركتُ» (1))«الوسائل ـ الزكاة ـ باب 3».
وعنه «عليه السلام» في تفسير قوله تعالى « كذلِكَ يُريهِمُ اللهُ أعمالَهُمْ حَسَراتٍ عليهِم » (2) قال «عليه السلام» هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله بخلا ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله او بمعصيته فان عُمِلَ فيه بطاعة الله رآه في ميزان غيره فرآه حسرة وقد كان المال له وان كان عمل به في معصية الله قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله «الوسائل ـ الزكاة».
وقد نقل مضمون هذه الرواية عن الامام الباقر والصادق «عليهما السلام» كل من العياشي ، والمفيد ، والصدوق ، والطبرسي في كتبهم.
ثم قال « عليه السلام» قال رسول الله «صلى الله عليه واله»( ما محق الاسلام محق الشح شيء) ثم قال (إن لهذا الشح دبيباً كدبيب النمل وشعبا كشعب الشرك) «الوسائل ـ الزكاة».
وعن امير المؤمنين «عليه السلام» قوله (اذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها من الزرع والثمار والمعادن و كلها) «سفينة البحار حـ 1/551».
وعن رسول الله «صلى الله عليه واله» قوله (داووا مرضاكم بالصدقة وإدفعوا أبواب البلايا بالدعاء وحصنوا أموالكم بالزكاة) «الوسائل ـ الزكاة».
وعن الامام الصادق «عليه السلام» قوله (ان لله بقاعا تسمى المنتقمة، فاذا أعطى الله عبدا مالاً لم يخرج حق الله منه سلط الله عليه بقعة من تلك البقاع فأتلف المال فيها ثم مات وتركها) «الوسائل ـ الزكاة».

(1) المؤمنون 99ـ 100.
(2) البقرة 167.
الذنوب الكبيرة - 2 202


وجاء في عدة روايات ان من يبخل في إنفاق ماله في طريق الخير يبتلى بما يدعو لصرف اضعافه في طريق الشر، والروايات في باب الزكاة عديدة ، يكفي ذكر ما تقدم منها.

مانع الزكاة كافر:

ما تقدم في عقوبة ترك الزكاة ، واعتباره من الذنوب الكبيرة التي تستوجب الفسق، إنما هو في صورة ما إذا كان معتقدا بوجوبها، ومع ذلك يمتنع عن ادائها بخلا، اما اذا كان لا يدفع الزكاة بسبب عدم اعتقاده بوجوبها فهو كافر نجس، لأن وجوب الزكاة هو كالصلاة من ضروريات دين الاسلام ومن انكر واحد من ضروريات الاسلام فهو خارج عن الاسلام.
وقد اشارت الى هذا المعنى من انكار وجوب الزكاة عدة روايات صرحت بكفر مانع الزكاة منها:
عن الامام الصادق «عليه السلام» (ان الله فرض للفقراء في اموال الأغنياء فريضة لا يحمدون الا بادائها وهي الزكاة، بها حقنوا دماءهم وبها سُموا مسلمين) «الوسائل ـ الزكاة».
ومعناه ان من لم يؤد الزكاة إنكارا لوجوبها ليس مسلما ، ولا حرمة لدمه.
وعنه «عليه السلام» أيضا (من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن و لا مسلم وهو قول الله «ربِّ أرجعونِ لَعلّي أعملُ صالحاً فيما تَركتُ» (1) ) «الوسائل».
وقال «عليه السلام» ايضا (من منع قيراطا من الزكاة فليمت ان شاء يهوديا وان شاء نصرانيا) «الوسائل ـ الزكاة».
وقال «عليه السلام» ايضا (دمّان في الاسام حلال من الله، لا يقضي فيهما احد حتى يبعث الله قائم آل البيت، فاذا بعث الله قائمنا حكم فيهما بحكم الله، الزاني المحصن

(1) المؤمنون 99.

السابق السابق الفهرس التالي التالي