عقائدنا بين السائل والمجيب221

الإمام المهدي عليه السلام

عقائدنا بين السائل والمجيب222


عقائدنا بين السائل والمجيب223

تُعد مسألة الغيبة من أهم المسائل التي أشغلت الذهنية الإسلامية ، فهي بقدر ما تكون واضحة جلية حفلت مصادر الحديث لدى الفريقين على ملاحم روائية تبنّت توضيح هذه المسألة ، ومع ذلك فقد «عانت» هذه القضية ـ بالرغم من وضوحها ـ من محاولات تشكيكية ساهم فيها أعداء الاسلام قسطاً وافراً من اثارتها لغرض الشطب على هذه الملحمة الحضارية القادمة التي تسحق بمجيئها كافة الحضارات الوضعية والأطروحات السياسية غير الملتزمة بالنهج الإسلامي الصحيح ، والى جانب ذلك فانّ للوجودات السياسية الاخرى المخالفة لأهل البيت عليهم السلام قسطاً آخر من هذه الاثارات في الذهنية العامّة ، ومحاولة زعزعة اعتقادها بهذه الفكرة التي بشّر بها النبي صلى الله عليه وآله ، لذا فهي بقدر وضوحها تفرض على الذهنية العامّة محاولات لاستجلائها بصورة أدق وبطريقة تستوحي من خلالها مسلّمات إسلامية تذعن لها وتؤمن باطروحتها ، وكانت لنا هذه الحوارات مع مستويات ثقافية مختلفة لمذاهب إسلامية مختلفة كذلك .

عقائدنا بين السائل والمجيب224

الإمام المهدي (عج)
وضرورة الايمان بوجوده

الاسم : أبو دعاء                  الدولة : ليبيا
العمر : 41 سنة                   الرتبة العلمية : ليسانس آداب
السؤال
هل يعتبر الإيمان بوجود الإمام المهدي حيّاً غائباً (وهو محمد بن الحسن العسكري) شرطاً من شروط صحّة الإيمان ، بحيث يخرج من لا يؤمن بهذا الاعتقاد من حظيرة المؤمنين المسلمين ؟

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد .. انّ الاعتقاد بوجود الإمام المهدي عليه السلام ضرورة من ضرورات الدين ، ذلك لأن الاعتقاد به اعتقاد بركن مهم من العقائد الإسلامية وهي الإمامة ، والتي تعني بلا ريب إنها امتداد حقيقي للنبوّة والتي بدورها تعني كذلك امتداد لرسالة السماء .
فانقطاع الإمامة يعني تعطيل دور النبوّة والذي يعني الغاء رسالة السماء .
إذا عرفنا ذلك ، فإنّ خلو أي زمان من هذه المعادلة : (إمامة + نبوّة = رسالة السماء) فأي خلل في طرف من أطرافها تعني خلل في الاعتقاد السديد ومنهج الرشاد ، وبما أنّ الأئمة اثنا عشر أولهم الإمام علي عليه السلام وآخرهم المهدي عليه السلام فانّ الاعتقاد به اعتقاد بضرورات الدين . على انّ الايمان بوجوده عليه السلام ، وكونه حيّ غائب وهو محمد بن الحسن العسكري يؤدي المطلوب من الاعتقاد بفكرة المهدي ، التي تقول بها كافّة فرق المسملين سيّما انّ الاعتراف بأنه ابن الحسن

عقائدنا بين السائل والمجيب225

العسكري يجعل الايمان بوجوده مسلّماً ، وذلك فانّ وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام كانت سنة 260 للهجرة وولادة ابنه الإمام الحجّة كانت سنة 255 هـ مما يعزز الاعتقاد بوجوده عليه السلام ، اذ كيف يكون انقطاع ذرية الحسن العسكري عليه السلام ممكناً ومن ثم ولادة ابنه فيما بعد أي بعد ألف وكذا سنة فهذا مما لا يمكن حدوثه ، ولا يعقل تصوره بعد أن فرغنا من أنه ابن الحسن العسكري ومن ثم نتردد في قبول الايمان به ، علماً ان الاختلاف بوجوده أو كونه سيولد فيما بعد يؤكد نفي حكمة الامامة وبالتالي نفي حكمة النبوة تماماً .
فإذا احتاج المسلمون الى من يرشدهم الى أحكام الله ويبلّغ عن الله تعالى وهو النبي محمد صلى الله عليه وآله فانّ الأمر لا يختلف في كل زمان ، فالحاجة الى مبلّغ قائمة في كل زمان ، فلا يعقل حاجة النبي المبلّغ في زمان دون زمان .
واذا كانت نبوّة نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله خاتمة النبوّات فانّ القائم مقامه يجب أن يتحلّى بمواصفات التبليغ عن الله تعالى دون اللجوء الى الاجتهاد أو سؤال الغير أو التعذر عليه في حكم ، كثير من المسائل فانّ ذلك سيلغي دور التبليغ تماماً وسيتساوى الحاكم والرعية في حاجتهم الى من يبلّغهم وهكذا تستمر الحاجة حتى الاذعان بالقول بالإمام الذي يقوم مقام النبي صلى الله عليه وآله بكل مهامه وفي كل زمان ، فلا ينقطع دور الإمام وإلا لكان قول النبي صلى الله عليه وآله لغواً لا معنى له حينما يقول «إني مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي» مما يعني عدم إنفصال القرآن عن العترة في كل زمان ، لأن «لن» تفيد التأبيد دون الانقطاع ، بذلك علمنا ضرورة الايمان بوجود المهدي ليتم قوله صلى الله عليه وآله لن تضلوا بعدي أبداً وفي كل الأحوال سواء في حضوره أم في غيبته ، فانّ لكلا الحالتين دوره المبارك في مهمة الإمامة والتي هي بدورها مهمة النبوة التي تعني امتداد لرسالة السماء .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب226

الإمام المهدي (عج)
فكرة الدجال وعلاقته بظهروه (عج)

الاسم :                         الدولة :
العمر :                         الرتبة العلمية :
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يشغل بالي كثيراً هذ السؤال وهو : من هو الدجال وفي أي زمان يخرج ؟ وهل الدجال فرد أم جماعة ؟ ألا نستطيع أن نعتبر امريكا هي الدجال ؟
ارجو الرد على الأسئلة وادعو الله أن يوفقنا واياكم للاصلاح وهدي الناس فالناس جاهلون ما لا يعلمون ، دمتم ومأجورين .


الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما سألتم عن الدجال وفي أي زمان يخرج ، وهل الدجال فرد أم جماعة ؟
فانّ هناك أيها الاخ العزيز اتجاهان في تفسير الدجال ، احدها يؤكّد انّ الدجال هو ابن صائد الذي أكدته روايات أهل السنّة وأيدته بعض المرويات الإمامية ، ولعلّها مؤيدة لتلك الروايات العامية .
ثانياً : الاتجاه الثاني يذهب الى انّ الدجال رمز يُرمز الى الظلم والكفر والطغيان ، ومع هذا الاتجاه يمكنك أن تجعل أي مصداق من مصاديق الكفر والضلال في نطاق مفهوم الدجال .
ولا عليك أيها الأخ العزيز أن تكلّف نفسك في البحث عن مصداق الدجال أهو الحقيقي الذي اسمه ابن صائد ، أو هو المجازي الذي يعني كل كفر

عقائدنا بين السائل والمجيب227

وضلال ، فانّ تكليفنا جميعاً هو الاعتقاد الحق بوجود المهدي عليه السلام وولادته وهو ابن الحسن العسكري عليه السلام وظهوره بعد أن يأذن الله تعالى له بالظهور ، والتسليم لهذا الأمر والانتظار له وتهذيب النفس وتهيأتها لاستقباله عليه السلام ومعايشة فكرة الظهور في كل آن من آنات حياتنا ، هذه هي المطالب الشريفة التي يجب التمسّك بها أما علامات الظهور فلابد من تحقيق ما هو محتوم منها لا يتخلّف وتأخير غير المحتوم ، والله أعلم بشؤون رسالاته وأمور خلقه . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب228

الاعتقاد بالإمام المهدي (عج)
ضرورة من ضرورات الدين

الاسم : فكري محظور                 الدولة : لبنان
العمر : 43 سنة                       الرتبة العلمية :
السؤال
السلام عليكم ، ما هو حكم من يعتقد بوجود الإمام المهدي الذي هو محمد بن الحسن العسكري ولكنه يعتقد أنه ميت في عام 329 هجري وهي سنة تناثر النجوم كما هو معروف تاريخياً . وهل هذا الاعتقاد يخرج المرء من كونه شيعياً إمامياً إثنا عشرياً ؟ أفتونا مأجورين ، والسلام عليكم .

الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انّ الاعتقاد بوجود الإمام المهدي الذي هو محمد بن الحسن العسكري ضرورة من ضرورات المذهب الإمامي ، بل ضرورة إسلامية لا يمكن لمسلم أن يتخلّف اعتقاده عنها وذلك لما تواتر من الصحاح لدى الفريقين ، والاعتقاد بموت المهدي الذي هو محمد بن الحسن العسكري عليه السلام خلاف مسلمات الإمامية وخلاف اعتقادها .
فالإمامية تعتقد بأن الأرض لا تخلو عن حجّة وانّ الزمان لا يمكن خلوه عن إمام معصوم حتى انّ هناك روايات متواترة تؤكد انّ الأرض لا تخلو عن حجة وإلا لساخت الأرض بأهلها ، أو ما تواتر عن علي عليه السلام انّ الله قد جعل في الأرض حجّة إمام ظاهر مشهور أو خائف مستور ، وهكذا حتى على مستوى الفرق الإسلامية الاخرى التي تواتر عندها حديث النبي صلى الله عليه وآله انّ الأئمة من قريش اثنا

عقائدنا بين السائل والمجيب229

عشر خليفة أو إماماً ـ على كلا الروايتين ـ وحاول بعضهم ـ للأسف ـ أمثال السيوطي أن يتهرّب عن الحقيقة ومحاولة تفسير الحديث بما لا ينسجم وواقعه فقال في مضمون حديثه .. انّ الاثنا عشر المقصودين في هذا الحديث الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وعبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم وعمر بن عبد العزيز والوليد وهكذا أخذ يرتّب أسماء هؤلاء لينسجم عددهم مع الحديث ، وهذه كما تعلم خيانة للحديث النبوي وللنبي صلى الله عليه وآله ، اذ تحوير كلام النبي بما لا ينسجم مع الحقيقة طعن في نبوّته صلى الله عليه وآله وتقاضٍ عن كثير من الواقع وإلا فكيف يتم لنا التصديق بأن معاوية وأمثاله من الخلفاء الاثني عشر الذين نصّ عليهم النبي صلى الله عليه وآله ، مع انّ تاريخه مليء بالخروج عن القيم الاسلامية وأعراف الخلافة ؟! لذا فقد روى القندوزي الشافعي في كتابه ينابيع المودة عن النبي صلى الله عليه وآله ذكر أسماء الخلفاء الاثني عشر بأسمائهم ابتداءً من علي بن أبي طالب حتى المهدي محمد بن الحسن العسكري وهو تمام الاثني عشر ، فيبقى انّ وجوب التصديق بحياة الامام المهدي من ضرورات الدين والمذهب وإلا فانّ القول بموته لا ينسجم مع قول النبي صلى الله عليه وآله المتواتر بأنّ الأئمة من قريش اثنا عشر ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فانّ وجود الحجة والإمام أحد متممات الغرض الالهي من الخلق أي انّ غرض خلقة الخلق يتوقّف على وجود الامام ، وذلك انّ الغرض من الخلق هو عبادة الله تعالى قال عزّ من قائل «وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون» الذاريات : 56 .
فغرض الخلق اذن هو عبادة الله تعالى ، واذا كان الغرض هو العبادة فمن أين تُعرف تكاليف العباد اتجاه خالقهم ومعبودهم ، ومن أين يعرف العباد ما يجب عليهم اتجاه الخالق ؟! من هنا قامت ضرورة بعثة الأنبياء والرسل مبشرين ومنذرين ليتم التبليغ الى العباد ، واذا سلّمنا بذلك فانّ هذه القضية قائمة حتى

عقائدنا بين السائل والمجيب230

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله فالقرآن غير كاف في بيان الأحكام لأن فيه من الآيات المتشابهة التي لا يعلم تفسيرها إلا النبي صلى الله عليه وآله أو من ينوب عنه بالنص عليه ليحمل نفس قابليات النبي في العلم وتبليغ الأحكام ، وهذا الذي يقوم مقام النبي لابد أن يكون الإمام المعصوم الذي يحمل نفس ما يحمله النبي من صفات العلم والتبليغ ، وبذلك فلا يمكن القول بخلو الارض من مبلّغ معصوم .
كما انّ القول بوفاة المهدي سنة 329 هـ مردود من جهات :
أولاً : انّ سنة 329 هـ وهي سنة تناثر النجوم كانت وفاة المحدّث الكليني وقد اشتهر ذلك بين السنّة والشيعة .
ثانياً : لم يقل أحد من الفريقين سواء الشيعة أو السنّة بموت محمد بن الحسن العسكري مطلقاً ، وانما الاختلاف بين الفريقين على ولادته فالشيعة تؤكد ولادته سنة 250 هـ ويوافقهم جمع من علماء السنة ، وبعض السنّة يتوقّفون في ذلك فيظنون عدم ولادته ، أما وفاته فلا أحد من المسلمين يقول بها .
ثالثاً : لم يثبت بدليل موته عليه السلام ، ولو كان كذلك شاع بين الناس ولا يمكن اخفاؤه ، فقد اشتهر بين الفريقين وفاة والده الحسن العسكري سنة 255 هـ أو سنة 256 هـ على اختلاف الروايات ولم يخف حاله ، فكيف خفي حال وفاة ولده ووفاته ، والخلاف لايزال قائماً بين السنّة والشيعة على ولادته أو عدم ولادته ولو كان أمر الوفاة حقيقة لاحتج السنّة على الشيعة بوفاته لينتهي أمر هذا النزاع العقائدي الخطير .
فثبت انّ الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري حيّ موجود وغائب وجميع الدلائل تشير على ذلك والقرائن تؤكد وجوده وهذا من مقتضيات الاعتقاد الاثنا عشري ، وإلا فانّ عدم الاعتقاد بذلك يخرج الانسان عن كونه شيعياً اثنا عشرياً ، والحمد لله رب العالمين .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب231

الشيعة
ما يفعله بعض الناس في النصف من شعبان

الاسم : أبو علوي                     الدولة : سلطنة عمان
العمر : 41 سنة                       الرتبة العلمية :
السؤال
نهنئكم بذكرى ميلاد صاحب العصر والزمان (عج) وارجو الاجابة عن هذا السؤال : ما رأيكم فيما يفعله بعض عوام الشيعة وخصوصا النساء في ليلة النصف من شعبان وذلك بقيامهم بكتابة رسالة الى صاحب العصر (عج) في ورقة ومن ثم رميها في البحر معتقدين بأنها ستصل إليه ؟ ما مدى صحّة هذا العمل ؟

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكرك على تهانيك بميلاد صاحب العصر والزمان (عج) ، جعلنا الله من أتباعه وأعوانه المنتظرين لأمره وظهوره ، انّه سميع الدعاء .
لا نعلم منشأ ما يعتقده بعض عوام الشيعة من كتابة رسالة الى الامام عليه السلام باعتقاد وصولها اليه بعد القائها بالماء في ليلة النصف من شعبان .
ويبدو انّ ذلك كان بسبب ما جرّبه بعضهم اعتقاداً منه بأن ذلك أحد طرق وصول رسائلهم إليه عليه السلام ، ولا ضير اذا لم يكن ذلك مخالفاً للكتاب أو السنّة أو لحكم شرعي تسالمت عليه الطائفة ، ولعل ذلك لاحساسهم الفطري ووجدانهم المغمور بالشوق واللهفة للقائه عليه السلام ، وكأن هذا يجعل البعض يتعايشون مع فكرة الحضور بشكل محسوس وبطريقة حيّة . ولا نرى من المصلحة نهيهم عن

عقائدنا بين السائل والمجيب232

ذلك مالم نعلمهم البديل الأفضل في التعامل مع الامام عليه السلام لئلا ينقطع احساسهم ولهفتهم هذه بلقائه ، نعم يمكن توجيه اعتقادات العوام بتمتين صلتهم بالامام عليه السلام وتعميق شعورهم بارشادهم الى انّ التصدق عنه عليه السلام كل يوم يوجب آثاراً عظيمة في قضاء الحوائج وشفاء المرضى الى اخرها ، فذلك موجب للابقاء على حالة الانتظار والتعايش معه عليه السلام كل يوم ، وكذلك ايصائهم مثلاً بالدعاء له في كل يوم الى غير ذلك من حالات تعميق الشعور وتربية الوجدان على المعايشة معه عليه السلام .
نسأل الله أن يهدينا لمرضاته ولقاء امامنا عليه السلام بكل رضا وتسليم انه على كل شيء قدير ، وتقبلوا تحياتنا .

عقائدنا بين السائل والمجيب233

الإمام المهدي (عج)
امكانية زواجه وعدمها

الاسم : علي                      الدولة :
العمر :                           الرتبة العلمية :
السؤال
هل الإمام المهدي عليه السلام متزوج أم لا ؟ يرجى اجابتي على ذلك ولكم من الله الأجر ومنّا الشكر والتقدير .

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انّ مسألة زواج الإمام المهدي عليه السلام لا يمكن البت بها والقطع فيها الا على أساس الاحتمالات الواردة في هذا المقام ، ومن هذه الاحتمالات :
أولاً : انّ مسألة غيبة الإمام عليه السلام وخفائه لا يمكن لنا أن نصور حياته الخاصة مع زوجة وأطفال يعيشون معه ، فانّ حالة الكتمان والسرية التي تغطي جزئيات حياته الشريفة وتلازم تحركاته تُبعد احتمالات تصور حياته الزوجية ، فالامام عليه السلام يعاني من ملاحقة الظالمين لشخصه ومحاولة متابعة أخباره من أقرب مقربيه ولا أحد أقرب من الزوجة والاولاد على افتراض اقترانه بزوجة ، ولا يمكن لنا أن نقطع بالحصول على زوجة يمكنها حفظ سر غيبته وعدم البوح بها ـ وإن كان ذلك ممكن عقلاً ـ إلا انّ المرأة تعيش حالات وجدانية لا تسمح لها بالتكتم على الامام وحياته في غيبته ، ولو فرضنا الحصول على هكذا امرأة يمكنها حفظ أسرار الغيبة فإننا يجب افتراض عدة نساء من هذا القبيل ذلك

عقائدنا بين السائل والمجيب234

لملائمة طول عمره الشريف الذي بلغ مئات السنين ، فاذن من الجانب العملي والتطبيقي يصعب علينا افتراض حياته الزوجية الخاصة .
نعم يمكن أن نفرض انّ الإمام عليه السلام بامكانه اختياره امرأة تكون بمستوى المسؤولية في حفظ سره عليه السلام ولا نستبعد وجود مثل هذه المرأة التي وصلت الى مستوى من الايمان والسرية .
ثانياً : انّ مع افتراض زواجه فلابد أن يكون له أولاداً بلغوا أجيالاً كثيرة ، فكيف يخفى عليهم انتسابهم اليه ، مع انّ امكان خفاء هويته عليه السلام حتى عن أزواجه وأولاده احتمالاً وارداً ليتناسب مع حالة غيبته ، فبامكانه أن يُغير اسمه ونسبه ، ومن الممكن أن ينتقل من كان إلى آخر بعيداً عن اولاده وما يلازم طول عمره غير الاعتيادي الذي قد يثير شكوكاً حتى من قبل اولاده وازواجه ، ومن الممكن كذلك ولحكمة إلهية أن يتزوج دون أن يلدوا له أولاداً لا لقصور فيه عليه السلام بل لاتمامه مهمة غيبته وحفاظاً على حياته الشريفة .
ثالثاً : هذه الاحتمالات التي نفرضها تتناسب مع كونه عليه السلام أراد الزواج لاستحبابه الذاتي ، اذ انّ الامام عليه السلام لا يترك مستحباً ولا يرتكب مكروهاً ولعل زواجه من قبيل الامر الاستحبابي الوارد في استحباب الزواج وكراهة العزوبة ، إلا أننا يمكن مناقشة هذا الاحتمال ، فاستحباب زواجه بالعنوان الأولي ممكن إلا أن العنوان الثانوي لا يساعد عليه الامر الاستحبابي وذلك لوجود ما يعرض على هذا الامر فيقلبه الى مكروه بل الى حرام اذا استلزم منه الضرر ، وهل أشد ضرراً من تعرّض الامام الى خطر القتل والتصفية وعدم امكانية القيام بالمهمة الإلهية وإقامة دولته المقدسة ، اذ مع الأهم لا تبقى امكانية المهم بعنوانه الأولي مالم ينقلب الى عناوين ثانوية اخرى .
رابعاً : لا توجد روايات يمكن الاطمئنان إليها في مسألة الاستدلال على

عقائدنا بين السائل والمجيب235

زواجه ، وذلك امّا لعدم امكانية الاطلاع على أمر خفي وسري لا يعرفه إلا خاصة الخواص من أصحابه ، وهم مكلّفون بالحفاظ على سرية غيبته ومحاولة التزام حالات الكتمان على كل ما يتعلّق بحياته الزوجية ، وأما ما ورد من الروايات عمّن قبله من الأئمة عليهم السلام ما هي إلا إشارات مقتضبة لا يمكن البت بها والمصير إليها . فقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «انّ لصاحب هذا الأمر غيبتين ، احداهما تطول حتى يقول بعضهم : مات وبعضهم يقول : قتل ، وبعضهم يقول : ذهب فلا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير لا يطلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره» راجع غيبة الشيخ الطوسي ، صحفة 102 .
إلا انّ الرواية قد ردها الشهيد السيد محمد الصدر في الغيبة الكبرى بقوله : انّه لا دليل على وجود ذكر الولد في هذه الرواية . فانّ كلا من الشيخ الطوسي والشيخ النعماني يرويانها بنص واحد . إلا انّ الشيخ الطوسي قال : لا يطلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره .
والشيخ النعماني روى : من ولي ولا غيره .
ومع تهافت نسخ الرواية فيما هو محل الشاهد لا يمكن المصير الى الاستدلال بها . راجع الغيبة الكبرى للسيد محمد الصدر : 65 .
كما أورد زين الدين المازندراني رواية الجزيرة الخضراء وكيف انّ رجلاً زار هذه الجزيرة واطّلع على سكانها وكان حكام هذه المدن التي تضمها الجزيرة هم أولاد الامام عجل الله فرجه الشريف . إلا أننا لا يمكن أن نقرر أمراً مهماً يختص بشؤونه الخاصة صلوات الله عليه برواية لا يمكن الاطمئنان الى سندها فضلاً عن متنها . ولا نقصد من ذلك نفي إمكانية زواجه عليه السلام اذ ذلك يُعد من شؤونه الخاصة وحقاً من حقوقه يمارسه كبقية المكلّفين ، إلا انّ حالات غيبته وما تكتنفه شؤونه الخاصة من سرّية ، يجعلنا أن نرد علم ذلك الى الله تعالى .

عقائدنا بين السائل والمجيب236

ويبقى أمر ذلك ومعرفته موكول الى الله تعالى يُظهره عند ظهوره الشريف واعلانه لدولته الإلهية المباركة .
جعلنا الله وايّاكم ممّن أدرك هذه الدولة العادلة بقيادته الشريفة ودمتم في رعاية الله وتسديده .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب237

الإمام المهدي (عج)
كذب من ادّعى السفارة عنه

الاسم : رقية                          الدولة : البحرين
العمر : 19 سنة                       الرتبة العلمية : جامعية
السؤال
ما معنى تكذيب مدّعى الرؤية في زمن الغيبة الكبرى مع ما نسمع عن البعض أنهم شاهدوه عليه السلام ؟

الجواب
الأخت المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد تواتر بين الإمامية ـ أعلى الله شرفهم ـ ما اشتهر عن ملاقاة الناس للإمام المهدي عليه السلام وتشرّفهم برؤيته ، وما ذكرتيه من الحديث وهو تكذيب من ادّعى الرؤية قبل السفياني فقد فسّره البعض انّ الرؤية هي السفارة والنيابة عن الإمام عليه السلام ودعوى ذلك لمن يدعيها قبل السفياني كذب لا يمكن تصديقها من قبل مدعيها لغلق أبواب النيابة في هذا الوقت ، وليس المقصود تكذيب من ادّعى تشرّفه بمشاهدة الإمام عليه السلام ومقابلته شرّفنا الله وأقرّ عيوننا برؤيته واتّباعه .
ودمتم سالمين

السابق السابق الفهرس التالي التالي