عقائدنا بين السائل والمجيب205

لم يشتركوا مع آبائهم ، فأجابه الإمام الصادق عليه السلام : أن هؤلاء الذرية قد رضوا بفعل آبائهم ، أي أنه لو قدّر لهؤلاء أن يشتركوا في قتل الأئمة عليهم السلام وغصب حقوقهم لبادروا إلى ذلك .
لذا فإننا نعني في اللعن لبني أمية قاطبة أي من تسبب في قتل أئمة آل البيت عليهم السلام ومن رضي بفعلهم ، ألا تجدين اليوم من يبرر فعل بني أمية ويلتزم فكرتهم في غصب حقوق آل البيت عليهم السلام وقتلهم ؟ أي أنه لا يزال يتربص ، لئن يفعل ما فعل آبائه من الظلم والعدوان .
نعم إننا لا نقصد من كان على خير وهدى منهم ، أمثال سعد بن عبد الملك الأموي الذي كان ملازماً للإمام الباقر عليه السلام فكان يسميه سعد الخير لجلالته وعلو شأنه ، مع أنه أحد بني أمية ، مما يعني أننا بلغنا لهؤلاء لا نقصد من كان على هدى وخير ، وهذا واضح جلي .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب206

في مسألة البكاء
لا تعارض في الروايات الواردة

الاسم : موالي                      الدولة : الكويت
العمر :                             الرتبة العلمية :
السؤال
أما بعد في جوابكم للأخ علي حول قضية اللطم وذكرتم الروايتين وعدّة مصادر للرجوع إليها ، ولكن هناك روايات في قضية منع النبي صلى الله عليه وآله لذلك لدى العامّة ، فكيف نردّ على هذه الروايات ، والرواية ذكرتموها تعني بانّ اللطم على الإمام الحسين عليه السلام فقط هو الجائز ، فكيف نثبت جواز اللطم على المعصومين عليهم السلام ؟ والسلام ....

الجواب
الأخ موالي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، انّ القاعدة في تعارض الروايات أن تكون كلا المتعارضتين صحاحاً فيمكن تعارض أحدهما الأخرى .
أما الضعاف من الروايات فلا مجال لأنّ تعارض الصحاح منها ، هذه القاعدة يمكنك أن تجعلها سارية في كل الموارد ، ومن ذلك موردنا الذي سألت عنه ، فانّ الروايات التي وردت في الاجابة هي روايات صحاح على شرط أهل السنّة ، بل هي متواترة رواها أكثر من مصدر صحيح عندهم ، أما تلك التي ذكرت أنها تمنع من البكاء فهي إما أن تكون مطلقة تخصصها هذه الروايات المذكورة ، وإما أن تكون ضعاف لا تقوى على معارضة ما ورد في الجواب ، لذا فلا تعارض بين ما ورد في الاجابة وبين ما قرأته من روايات مانعة .

عقائدنا بين السائل والمجيب207

أما جواز اللطم والبكاء على المعصومين عليهم السلام فيستفاد ذلك من روايات كثيرة متواترة وذلك انّ الامامين الحسن والحسين عليهما السلام بكيا على أبيهما أمير المؤمنين عليه السلام والامام الحسين عليه السلام بكى على أخيه الحسن وهكذا كل إمام لاحق يبكي على الامام السابق ، فمن سيرتهم عليهم السلام القطعية يستفاد جواز اللطم والبكاء على المعصومين ، فذلك غير مختص بالامام الحسين عليه السلام ، بل يمكن تعميمه الى بقية المعصومين عليهم السلام ، ويكفينا سيرة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وهي التي أذهب الله عنها الرجس وطهّرها تطهيرا ، حيث بكت على أبيها طيلة مدة بقائها من بعده ، وبكى علي عليه السلام عليها بعد وفاتها وهكذا .
كما انّ المستفاد من قوله تعالى : «ومَن يُعظّم شعائر الله فإنّها من تقوى القلوب» . فهل هناك شعيرة إلهية أعظم من البكاء والحزن على مصائب المعصومين عليهم السلام ؟
وبذلك ظهر انّ جواز البكاء غير مقتصر على الإمام الحسين عليه السلام دون بقية المعصومين عليهم السلام ثبّتنا الله وإيّاكم على ولايتهم ووفقنا لتعظيم شعائرهم .
دمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب208

إقامة المجالس
استحباب البكاء على الحسين عليه السلام من مصادر الشيعة وأهل السنة

الاسم : ع                           الدولة : سلطنة عمان
العمر : 16 سنة                     الرتبة العلمية : طالب
السؤال
لِمَ البكاء المستمر على الحسين عليه السلام وما الداعي الى ذلك ، أريد أدلّة على الجواز من كتب السنة والشيعة ، كما أريد أدلّة عقلية تبيّن لِمَ لانزال نبكي على الحسين عليه السلام ؟

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، انّ الشيعة يقتفون أثر النبي صلى الله عليه وآله في البكاء على الإمام الحسين عليه السلام فهي سنّة نبوية فعلها النبي صلى الله عليه وآله من بعده .
أما أدلّة الشيعة على البكاء فكثيرة منها :
1 ـ ما رواه ابن قولويه عن مالك الجهني عن الباقر عليه السلام قال : من زار الحسين عليه السلام يوم عاشوراء من المحرم حتى يظل عنده باكياً لقى الله تعالى يوم القيامة بثواب ألفي ألف حجّة وألفي ألف عمرة وألفي ألف غزوة وثواب كل حجّة وعمرة وغزوة كثواب من حجّ واعتمر وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومع الأئمة الراشدين الى آخر الحديث . كامل الزيارات : 174 .
2 ـ عن الامام الباقر عليه السلام قال : بكيت الإنس والجن والطير والوحش على الحسين بن علي عليهما السلام حتى ذرفت دموعها . المصدر السابق : 79 .
3 ـ عن الامام الصادق عليه السلام : انّ أبا عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام لما مضى

عقائدنا بين السائل والمجيب209

بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن يتقلب عليهن والجنة والنار وما خلق ربّنا وما يرى وما لا يرى . المصدر السابق : 81 .
وهناك روايات متواترة كثيرة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام في الحث على البكاء لا يمكن ذكرها جميعاً وقد اقتصرنا على بعض منها .
ما رواه أهل السنة في البكاء على الحسين عليه السلام :
1 ـ ما رواه الحاكم عن أمّ الفضل بنت الحارث في حديث طويل ... الى أن قالت : ثم حانت منّي التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وآله تهريقان من الدموع قالت : فقلت يا نبي الله بأبي أنت وأمي مالك ؟ قال : أتاني جبرئيل عليه السلام فأخبرني انّ أمّتي ستقتل هذا ـ وقد أشار الى الحسين عليه السلام ـ فقلت : هذا ؟ فقال : نعم وأتاني بتربة من تربته حمراء . المستدرك على الصحيحين 194 : 3 ، كتاب معرفة الصحابة باب فضائل الحسين .
2 ـ ما رواه الطبري عن أسماء بنت عميس في حديث طويل : ولد الحسين فجاء النبي صلى الله عليه وآله ففعل مثل الأول ـ أي مثل ما فعله بالحسن عليه السلام ـ قلت : وجعله في حجره فبكى صلى الله عليه وآله قلت : فداك أبي وأمّي ممّ بكاؤك ؟ فقال : ابني هذا يا أسماء تقتله الفئة الباغية من أمّتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ، يا أسماء لا تخبري فاطمة فإنها قريبة عهد بولادته ـ ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : 119 هذا ما يمكن أن نذكره من روايات أهل السنة في هذا المجال .
أما الأدلة العقلية على حسن واستحباب البكاء : فإنّك تعلم أن البكاء هو حالة وجدانية يتفاعل من خلالها الباكي مع سبب البكاء ، وهذه الحالة ستخلق علاقة ارتباط لا يمكن انفكاكها بأي حال ، لذا فإن الباكي على الحسين عليه السلام لا يزال يعيش حالة التفاعل والوجدان مع الحسين عليه السلام وقضيته المقدسة ، وسيكون قريباً جداً من أهدافها ودواعيها ، وبذلك يمكنه أن يستفاد من دواعي

عقائدنا بين السائل والمجيب210

نهضته المقدسة والالتزام بنهجه الشريف ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنّ البكاء يخلق حالة تبرّي من أعداء أهل البيت عليهم السلام قتلة الحسين الذين هم في الواقع أعداء الله تعالى فحالة التبري هذه تخلق حالة نفور وابتعاد عن خط ونهج اعداء الله تعالى وسيكون الارتباط بأولياء الله أشد واكد ، فبالبكاء على الحسين عليه السلام سيوجد حالات الارتباط والتمسّك بنهج أهل البيت عليهم السلام اذ هو تذكير وتحفيز وجداني لذلك ، وفي نفس الوقت سيخلق حالة الابتعاد والبراءة من قتلة الحسين عليه السلام الذين هم أعداء الله ورسوله والأئمة المعصومين .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب211

اقامة المجالس
فلسفة التطبير

الاسم : زهرة                         الدولة : المغرب
العمر : 28 سنة                       الرتبة العلمية : جامعية
السؤال
صار لي 4 سنوات وأنا أبحث عن المذهب الشيعي الامامية والزيدية والحمد لله اقتنعت وبصراحة بالإمامية وعرفت أنهم الأكثر إقناع والسؤال هو كيف تحيون يوم عاشوراء ، لأنّ فيه من قال لي أشياء لم أصدقها وأراني صور فيها دماء ؟ وجزاكم الله عنّي خير .

الجواب
الأخت المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، نحيي فيكِ روح البحث الموضوعي ونرجوا لك التسديد للوصول الى الحقيقة ، واعلمي يا أختنا في الله ، انّ الامامية بنيت فلسفتهم على التضحية لله والشهادة من أجله فقد قدّم أهل البيت عليهم السلام أرواحهم الطاهرة طعمة للسيوف من أجل الله واثبات دينه ، وكان علي بن أبي طالب عليه السلام قدّم نفسه الشريفة قرباناً لله تعالى فسال دمه في محرابه وهو ساجد لله تعالى ، وهذا ولده الحسين عليه السلام يخوض غمار الموت في ساحة الفداء في كربلاء التضحية والشهادة ، فيقدم نفسه وأولاده وأهل بيته قرابين من أجل الإبقاء على دين الله تعالى ، ومعنى هذا فإنّ الدماء التي سالت من آل الرسول صلى الله عليه وآله اظهاراً لكلمة الله وإعزازاً لدينه لابد أن تبقى حيّة في وجداننا ، مستقرة في ضمائرنا ، نستذكرها كلّما مرّ شهر محرم

عقائدنا بين السائل والمجيب212

الحرام ، وذكرى واقعة الطف الدامية تحثّنا للفداء والتضحية من أجل الحق وتدعونا أن نكون دائماً قرابين لله تعالى ، فلا تعزّ عندنا الدماء ولا نبخل فيها إذا اقتضى الحال من أجل نصرة الحق وكلمة التوحيد ، لذا فقد اعتاد بعض الناس من الإمامية أن يستذكروا هذه الدماء الزاكية في العاشر من محرم الحرام ذكرى شهادة الحسين عليه السلام أن يضربوا رؤوسهم لتخرج دمائهم مواساة للحسين وآل بيته الأطهار عليهم السلام وليثبتوا لأنفسهم ولغيرهم انّ الدماء من أجل التضحية لله تعالى ليست عزيزة نسفكها كلّما دعانا داعي الله للجهاد والفداء وليس مستغرباً أن يسلك بعض الامامية هذا المسلك .
فإنّ الله تعالى أمر قوم موسى أن يقتلوا أنفسهم ليقبل توبتهم بعد عبادتهم العجل فقال تعالى : «فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم» (البقرة : من الآية 54) ، فكان تطهيرهم بقتل أنفسهم وقبول توبتهم ، وهكذا الذين يدمون رؤوسهم يوم عاشوراء تطهيراً لأنفسهم لتصل الى مراقي الكمال في الحب والفداء ، ولا يغيب عنك ما يفعله الصوفية من أهل السنة في مجالسهم فإنهم يضربون أنفسهم بالسكاكين وغيرها اتكالاً على حبّهم لله تعالى واشعاراً بتضحيتهم لله تعالى ، فلا تستغربي من ذلك ـ يا أختنا وفّقك الله لمراضيه ـ أن يعبّر بعض الإمامية عن المهم ومواساتهم للإمام الحسين عليه السلام بهذه الطريقة .
وليس الإمامية كلهم يقومون بذلك ، بل عدد ضئيل منهم يرتؤون التعبير بهذه الطريقة المحزنة ، على أنهم لم يصابوا بأي أذى ولم يشعروا بأي ألم وهذا من عجائب بركات حبّهم لأهل البيت عليهم السلام وتفانيهم في التضحية من أجل اعلاء كلمة الله .
وفّقنا الله وإيّاك لمراضيه وأوضح لنا سبل الهدى وطرق النجاة باتّباع سنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسنة آل بيته الاطهار عليهم السلام .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب213

الإمام الحسين عليه السلام
بكاء النبي صلى الله عليه وآله عليه إقرار لمشروعية ثورته

الاسم : أُم علي                        الدولة : البحرين
العمر : 40 سنة                       الرتبة العلمية : الثانوية
السؤال
ذكر التيجاني في كتابه ثم اهتديت انّ الرسول صلى الله عليه وآله بكى على الحسين حتى بكى معه جبرائيل ، كيف يبكي على الحسين والحسين مازال حيّاً ؟

الجواب
الأخت المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، انّ بكاء النبي صلى الله عليه وآله على الحسين عليه السلام مما اشتهر بين الفريقين ، وسؤالكِ عن انّ النبي صلى الله عليه وآله كيف يبكيه وهو لا يزال حيّاً ، لا ينافي صحّة ما ورد من أحاديث في هذا الشأن ، إذ النبي صلى الله عليه وآله يتعامل مع المستقبل معاملة الواقع المحسوس ، فما آتاه الله تعالى من إنكشاف المستقبل ومعرفته بمجريات الأحداث ، فكأنه يتعايش مع الأحداث دون أدنى تكلّف ، كيف تتصورين حاله صلى الله عليه وآله وهو يتعامل مع الحدث كالمشاهد المباشر ، فكيف لا تهيج أحزانه ويغلب عليه بكاءه ووجده ؟
وهو كمن ينقل لشخص ما سيجري على حبيب له من أحداث كفقد ولد عزيز أو أخ ، فتثار شجونه وتنحدر دموعه دون أدنى تأمّل ، هكذا هو موقفه صلى الله عليه وآله حينما نقل له جبرئيل احداث ما يجري على ولده الحسين عليه السلام هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى انّ بكاءه على الحسين عليه السلام أراد أن يخبر أمّته بأنّ أذى الحسين

عقائدنا بين السائل والمجيب214

عليه السلام هو أذى له ، ومعلوم انّ إيذاءه صلى الله عليه وآله هو إيذاء الله تعالى ، هكذا تعامل النبي صلى الله عليه وآله مع ولده الحسين ومع قضيته ، فجعلها تحمل مشروعيتها منذ ذلك اليوم ، وأراد أن يشير الى ما سيجري على عترته من أحداث مفجعة مروعة أحزنت النبي صلى الله عليه وآله وأبكته ، والذي يبكي النبي صلى الله عليه وآله معلوم أنه يؤذيه ويزعجه وهي إشارة مهمة الى انّ ما ارتكب في حق عترته ينافي أبسط حقوقه صلى الله عليه وآله في حفظه بأهل بيته ، ومن ثم فإنّ بكاءه هذا إقرار لمشروعية ثورة ولده الحسين عليه السلام .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب215

إقامة المجالس
مشروعيتها ثابتة بالدليل العقلي والشرعي

الاسم : أيوب                       الدولة : الكويت
العمر : 17 سنة                    الرتبة العلمية : طالب
السؤال
يقولون بأن الاحتفال بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله بدعة ولم يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وليس من الدين في شيء . فأرجو من سماحتكم الجواب على هذه الشبهة مع ذكر المصادر والأدلة إذا وجدت وفقكم الله .

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، الاحتفال بالمولد النبوي أو غيره من الاحتفالات تعد عندنا من الشعائر التي أمر الله تعالى بتعظيمها ، قال تعالى : «ومن يعظّم شعائر الله فإنّها من تقوى القلوب» الحج : 32 ، فالتعظيم للشعائر مما أمر الله تعالى به بل وشدّد على تركها بقوله : «يا أيّها الذين آمنوا لا تحلّوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمّين البيت الحرام» (المائدة : 2) ، والاحلال هو تركها وعدم المبالاة بها ، وعدم إقامتها ، مما يدل على أن ترك إقامة الشعائر مما شدد عليه الشارع وأمر بإقامتها .
والشعائر جمع شعيرة وهي كل معالم الطاعات والقرب لله تعالى ، ففي مختار الصحاح 143 : 1 ، الشعائر أعمال الحج وكل ما جعل علماً لطاعة الله تعالى ، قال الأصمعي : الواحدة الشعيرة .

عقائدنا بين السائل والمجيب216

وفي لسان العرب : الصفا والمروة من الشعائر ، ولا يطوفون بينهما فأنزل الله تعالى : «لا تُحلّوا شعائر الله» ، أي لا تستحلوا ترك ذلك . وقيل : شعائر الله مناسك الحج ، وقال الزجاج في شعائر الله يعني بها جميع متعبدات الله التي أشعرها الله أي جعلها اعلاماً لنا ، وهي كل ما كان من موقف وسعي ، أو ذبح وإنما قيل شعائر لكل علم مما تعبد به ، لأن قولهم شعرت به علمته فلهذا سميت الاعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر . لسان العرب باب شعر 444 : 3 طبعة دار صادر .
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن موسى في قوله : ذلك ومن يعظم شعائر الله ، قال : الوقوف بعرفة من شعائر الله ، وبجمع من شعائر الله ، والبدن من شعائر الله ، ورمي الجمار من شعائر الله ، والحلق من شعائر الله ... فمن يعظمها فإنها من تقوى القلوب ـ. الدر المنثور للسيوطي في تفسير الآية 47 : 6 .
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء ، أنه سئل عن شعائر الله قال : حرمات الله ، اجتناب سخط الله واتّباع طاعته فذلك شعائر الله ، نفس المصدر .
فتبيّن مما تقدم انّ الشعار لم تكن مقتصرة على مناسك الحج وحدها بل هي أحدها ، فتشمل كل اتباع طاعة .
وهنا نتساءل إذا كان الاحتفال بمناسبات المعصومين عليهم السلام ومن ضمنها الاحتفال بالمولد النبوي هو تعظيم وتكريم لذلك المحتفل والاعتبار من شخصية المحتفل به ومن ثم اظهار الشكر لله تعالى على ما أنعم علينا بهديهم واتباع سنّتهم فهل هذه تعدّ من الطاعات لله والتقرب اليه واستحصال رضاه ؟ أم هي أمور مبغوضة لله تعالى ؟
فإذا كانت تدخل في نطاق رضاه تعالى فتلك من الشعائر التي أمر الله

عقائدنا بين السائل والمجيب217

تعالى بتعظيمها ووصف إقامتها من تقوى القلوب ، وإذا كانت مبغوضة لله تعالى فما دليل مبغوضيتها والنهي عنها ؟ فهل يبغض الله تعالى تكريم أوليائه وتعظيمهم واستحصال العبرة من مناسباتهم ؟ لا أظن أحد يمكنه الاجابة بأنّ ذلك مما يبغض الله تعالى وينهى عن القيام به .
من هنا تبين أنّ النهي عن إقامة مثل الاحتفال بالمولد النبوي وغيره هو بدعة لأنّ البدعة هي ادخال ما ليس في الدين بالدين ، فهل أكبر بدعة من جعل ما أحبه الله تعالى وارتضاه بأنه منهيّ عنه وهل هذه الدعوى إلا بدعة وضلالة «كبُرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً» (الكهف : 5) ، وبهذا فقد تبيّن انّ الاحتفال بالمولد النبوي وأمثاله من شعائر الله وهي سنة حسنة ، ودعوى حرمتها هي البدعة نطالب مدّعيها بالدليل .
وقولهم أنه لم يؤثر شيء من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله كلام لا يعتني به ، إذ ليس كل ما لم يذكره رسول الله صلى الله عليه وآله تفصيلاً يعدّ منهيّ عنه بل أوامر الكتاب وكذلك سنّة رسول الله صلى الله عليه وآله أكثرها مجملة يستفاد منها قواعد تتطبق عليها مصاديقها وصغرياتها ، على أننا يمكننا اثبات خلاف دعواهم ، فالنبي صلى الله عليه وآله أقرّ إقامة العزاء على حمزة بن عبد المطلب بعد موته وجرت عادة نساء الأنصار أن يبكين على حمزة قبل كل ميت ، حتى صار إقامة العزاء على حمزة سنّة ممّا دعى لها النبي صلى الله عليه وآله وأقرّها .
روى ابن سعد في طبقاته قال محمد بن عمر : ... وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله البكاء في بني عبد الأشهل على قتلاهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : (لكن حمزة لا بواكي له) فسمع ذلك سعد بن معاذ فرجع الى نساء بني عبد الأشهل فساقهن الى باب رسول الله صلى الله عليه وآله بالبكاء على حمزة ثم بكت على ميتها الطبقات الكبرى لابن سعد 48 : 1 ، دار الفكر .

عقائدنا بين السائل والمجيب218

وهل هذا إلا اقرار من النبي صلى الله عليه وآله على الاحتفال وإعادة ذكرى الميت تكريماً لحمزة وأمثاله ؟
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ألا ينظرون انّ ذلك سنّة الله في خلقه ، إذ الانسان مجبول على الاحسان الى من أحسن إليه ، ومن مظاهر الاحسان أن يحتفل الانسان بتكريم عظمائه الذين بذلوا أنفسهم من أجل سعادته وإنسانيته وهل أعظم مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله من دعوة أنقذت الناس من جاهليتها وعمى ضلالتها الى نور الهداية والبصيرة ؟ فالتكريم هذا يعدّ من فطرة الانسان فطر على تكريم من أحسن اليه وهذا لا يختص بالمسلمين بل يعم كل شعوب العالم فإنّ الفطرة الانسانية تدفعهم الى تعظيم عظمائهم ، والعقل يبعث على ذلك .
فثبت بالدليلين الشرعي والعقلي مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي ومناسبات الأئمة المعصومين عليهم السلام وثبت كذلك أنّ النهي عن الاحتفال بذلك بدعة وضلالة ، أعاذنا الله وإيّاكم مما يفتريه المبطلون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب219

اللطم
تعبير عن حالة الحزن

الاسم : أبو محمد                      الدولة : عمان
العمر : 19 سنة                       الرتبة العلمية : جامعي
السؤال
كيف يمكنني أن أقنع أناس من المذاهب الاخرى بقضية اللطم على الصدور وما يوافق ذلك من أسئلة بأننا نعذب أنفسنا فهل أمرنا الإمام الحسين عليه السلام بذلك ؟

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، لا تحتاج قضية اللطم الى دليل ، إذ كيف يحتاج التعبير عن الحزن والألم والوجدان الى دليل ؟ هل يحتاج الفرح أو الحزن الى دليل يثبت الانسان حزنه وسروره من خلاله ؟ بل انّ ذلك راجع الى وجدان النفس وبواطنها ، والتعبير عن الحزن والألم لقضية ما ، ترجع الى رغبة الانسان في ذلك ، فبعضهم يعبّر عن حزنه بالبكاء ، وبعضهم يعبّر عن ذلك بالسكوت أو الاضراب عن عمل ما أو الانقطاع عن الأكل وما شابه ذلك ، ولتكن حالة اللطم مثل ذلك ، أي التعبير عن الحزن بهذه الكيفية ، ثم نحن نطالب المعترضين على حرمة اللطم بالدليل ، فهل عندهم دليل ينص على حرمة ذلك ؟ وهل بامكانهم أن يثبتوا حرمة اللطم بأنها حرمت في الكتاب والسنّة ؟ أم أنها مشتهيات وتهريجات ليست أكثر ، على انّ اللطم لا يعني تعذيب النفس بقدر ما هي راحة وجدانية يشعرها الممارس لذلك . إذ ليس كل ألم قبيح ، بالأخص إذا لم يكن يورد ضرراً على البدن يعتد به .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب220


السابق السابق الفهرس التالي التالي