عقائدنا بين السائل والمجيب71

التأليف ما استطاعوا . راجع الاتقان 1 : 57 .
قال ابن سيرين : تطلّبت ذلك الكتاب وكتبت فيه الى المدينة فلم أقدر عليه . راجع الاصابة الجزء الثاني صفحة 253 .
وقال ابن جزي الكليني : كان القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مفرّقاً في الصحف وفي صدور الرجال فلما توفي جمعه علي بن أبي طالب على ترتيب نزوله . ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير ولكنه لم يوجد . راجع التسهيل لعلوم التنزيل 4 : 1 ، مما يعني انّ ثروة علمية قد فقدت كان سببها تلك الظروف السياسية الطارئة على حياة المسلمين ، فترتيب القرآن لم يطلع عليه إلا الخليفة الشرعي إذ ذلك من مهامه كما قلنا وليس لأحد أن يختص به أو يتقمّص مهمته لذا فالإمام الباقر عليه السلام يشير الى ذلك بقوله : «ما من أحد من الناس يقول انّه جمع القرآن كله كما أنزل الله إلا كذاب وما جمعه وما حفظه كما أنزل الله إلا علي بن ابي طالب» راجع تلخيص التمهيد 122 : 1 .
قال الشيخ المفيد في المسائل السروية : وقد جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن المنزل من أوله الى آخره ، وألّفه بحسب ما وجب تأليفه فقدّم المكي على المدني والمنسوخ على الناسخ ، ووضع كل شيء منه في حقه . راجع نفس المصدر .
ظهر اذن انّ الإمام علي عليه السلام كان قد رتّب السور القرآنية حسب ما نزلت ورتّب آيات السور حسبما أعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله مما يعني انّ ذلك من مختصات الخليفة الشرعي ومنه يُعلم سبب رفض قرآن علي عليه السلام الذي جمعه ورتّبه فان قبوله والأخذ به يعني قبولاً لاحدى مظاهر الشرعية التي كان يتمسّك بها علي عليه السلام ، لذا فانّهم لم يقبلوا بجمع علي للقرآن بل قبلوا بجمع عبد الله بن مسعود وأُبي ، مع انّ جمع عبد الله بن مسعود واُبي طريقه الظن والحدس والاستذواق والاجتهاد الشخصي ، فترتيب الآيات التي اجتهد بها عبد الله بن مسعود كان

عقائدنا بين السائل والمجيب72

ظنياً والذي جمعه علي ورتّبه كان طريقه العلم والحس ، أخذه من رسول الله صلى الله عليه وآله وأودع ما علّمه وما اختص به . وبهذا سيظهر لك انّ هناك مشكلة في فهم طريقة نظم الآيات وترتيبها ، لذا يبقى الطريق الوحيد في فهم نصوص الآيات هو تفسير أهل البيت عليهم السلام الوارد بروايات صحيحة معتبرة .
الإمام المهدي عليه السلام
وأما سؤالك أيّها الأخ العزيز عن امكانية استمرار اللطف الإلهي مع غيبة الإمام ، فانّ اللطف الإلهي يبقى كما هو حتى في غيبته عليه السلام ولا يختل ذلك اللطف أبداً ، اذ لابد من التفريق هنا بين موت الإمام عليه السلام وبين غيبته ، فموته عليه السلام يوجب الخلل في اللطف الإلهي اذ ارتفاع ذات الإمام وترك العباد هكذا دون وجود شخص الإمام وذاته فانّ ذلك يخل باللطف الالهي ويكون سبب حرمان الخلق من فائدة وجود الامام ؛ هو الله تعالى ، أما اذا كان سبب خفاء الإمام عليه السلام هو غيبته فذلك يرجع الى من كان سبباً في استتاره واختفائه وهم الظالمون الذين أخافوه وأوحشوه وسببوا له الاختفاء الى حين ، حفاظاً على نفسه الشريفة . الى هنا تبيّن الفرق بين ارتفاع ذات الإمام عليه السلام عن الخلق بموته أو اعدامه عن الوجود ، وبين غيبته واختفائه لزمن معيّن ، فالأول يرجع سببه الى الله تعالى فتنخرم هنا قاعدة اللطف الإلهي ، وفي الثاني سبب الاختفاء والغيبة هم الظالمون فلا كلام بعد ذلك في لطفه تعالى ، اذ لا زالت قاعدة اللطف محفوظة بهذا التفسير الذي ذكرناه لك .
أما اشكالية تعطيل دوره بغيبته وانّ ذلك سبباً في عدم ايصال رسالته الى البشرية فهذا غير صحيح ولا يرد هذا الاشكال بعد التأمل والدقة . وذلك فانّ التبليغ لم يتوقّف على ذات الإمام وحضوره ، اذ جعل الإمام عليه السلام من يبلّغ عنه أثناء

عقائدنا بين السائل والمجيب73

غيبته وهي قاعدته من العلماء الذين يبذلون كل وسعهم من أجل التبليغ والارشاد ، ولازال دوره الشريف محفوظاً في رعايته لقاعدته العلمية المتمثلة بالعلماء المرشدين وجميع أجهزة التبليغ المبثوثة بين رعاياه عليه السلام ، كما انّ فهم القرآن بصيغته الصحيحة لم يكن في عداد المستحيل بل هناك من يقرأه ويفهمه حسبما فسّره أهل البيت عليهم السلام على أساس واقعه وحقيقة تنزيله ، فلو لم تجد هذه الثلّة ولو لم تكن هناك امكانية فهمه على حقيقته لكان لاشكال غيبة الامام عليه السلام وجهٌ وجيه .
على أننا يجب التنبيه الى انّ دور الامام عليه السلام لا ينحصر في القيام بشخصه المبارك ومباشرة ممارسته ، بل هناك من يتحمل مسؤولية هذه المهام ويكون الامام عليه السلام محفوظاً دوره ووجوده في نطاق التوجيه والارشاد ، تماماً كما كان الأنبياء أثناء غيبتهم واختفائهم عن الظالمين فانّهم عليهم السلام مع غيباتهم المتكررة لا يمكن الغاء دورهم وايراد اشكالية عدم التبليغ ، فلك أن تتساءل عن امكانية ممارسة دور عيسى عند غيبته بعد عروجه الى السماء وغيبة موسى واختفائه عن أعين فرعون ورجاله ، وغيبة ابراهيم حينما أراد قومه قتله وهكذا في سلسلة الأنبياء والمرسلين ، فانّ دورهم لا يمكن الغائه بمجرّد غيبتهم ، بل ممارسة دورهم من بعيد ومن خلال ارتباطاتهم بقواعدهم سراً يلغي أدنى احتمال في اشكالية دورهم أثناء غيبتهم . وهكذا هو الإمام عليه السلام فبامكانه ممارسة دوره الربّاني عن طريق أجهزة من الحلقات السرية والظاهرية التي تمارس مهامها بأكمل وجه .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب74


عقائدنا بين السائل والمجيب75

النبي محمد صلى الله عليه وآله

عقائدنا بين السائل والمجيب76


عقائدنا بين السائل والمجيب77

النبي محمد (ص)
دعاؤه (ص) لأمّته بالهداية والغفران

الاسم : ق                       الدولة :
العمر : 22 سنة                 الرتبة العلمية : طالب جامعي
السؤال
يراودني سؤال عن دعاء النبي لقومه بالهداية إذ انّ قومه هم الذين حاربوا أهل البيت عليهم السلام ؟ أيضاً قرأت بأن النبي صلى الله عليه وآله دعا لأهل عمان بالهداية ولكن أهل عمان أصبحوا خوارج ، فما معنى الهداية في هذا الدعاء ؟

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، انّ دأب النبي صلى الله عليه وآله ان يسعى لما فيه صلاح امّته وهدايتهم فهو يبذل لهم النصح والموعظة الحسنة ومن ثم يدعو لهم بالهداية راجياً أن يهتدوا وأن لا يضلّوا وهذا من خُلقه الكريم فهو يأمل أن يهتدي بعضهم الى الحق لذا فقوله : (اللهم اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون) لا يعني انّ الله قد غفر لهم ، فقد بقوا على كفرهم وضلالهم ، بل أراد أن يترفّع من الدعاء عليهم واصابتهم بالسوء فلعلّهم يرجعون ، حتى انّ الله تعالى مدحه على كريم أدبه وحسن خُلقه فقال «وإنك لعلى خلق عظيم» .
وهذا دأب الأنبياء ، كذلك فإن إبراهيم حاول هداية قومه وأن لا يصيبهم السوء وكان يحلم عنهم حتى وصفه الله تعالى «إنّ إبراهيم لأوّاه حليم» فهو

عقائدنا بين السائل والمجيب78

يتأسف على قومه لما سيصيبهم من سوء بسبب جهلهم وغيّهم ، هذا هو خُلق الأنبياء وقد مثّل رسول الله صلى الله عليه وآله أروع أدبهم ، وكريم أخلاقهم ، وأمل في هداية قومه إلقاء للحجة عليهم ، وهذا لا يعني أنهم سوف يهتدون فعلاً بل فيهم من بقي على كفره ، ومنهم من زاغ الى النفاق والضلال .
أما دعاؤه لأهل عمان فلا نعلم مصدر ذلك وإن صحّ فإنّ نفس الكلام يأتي في انّ رسول الله صلى الله عليه وآله يتنزّه عن الدعاء على قومه ويدأب في إصلاحهم .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب79

العصمة

عقائدنا بين السائل والمجيب80


عقائدنا بين السائل والمجيب81

النبي محمد صلى الله عليه وآله
كونه اُمياً لا تعدّ منقصة

الاسم : فاضل                   الدولة : السعودية
العمر : 22 سنة                 الرتبة العلمية :
السؤال
إننا نعتقد بعصمة الرسول وآله عليهم السلام ونعتبره أكمل ما خلق الله ، وكذلك المعروف من ان النبي صلى الله عليه وآله أمي لا يقرأ ولا يكتب .
فهل تعتبر هذه منقصة في كمال الرسول صلى الله عليه وآله ؟

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن القراءة وعدم القراءة لدى الإنسان العادي لعلها تعد نقصاً ، إذ أن القراءة والكتابة الرافد الثقافي الطبيعي لدينا نحن ، أما علم النبي صلى الله عليه وآله وعلم المعصومين عليهم السلام فهو علم حضوري لدنّي لا علاقة له بالاكتساب العلمي ، وليس للقراءة والكتابة من أثر في ذلك ، هذا من جهة .
ومن جهة أخرى : لعلّ الحكمة من كونه صلى الله عليه وآله أمياً لكي لا يتاح للمشركين من إثارة تهمتهم وشبهاتهم حول القرآن ، وأنه من صنع البشر ، وأن محمداً هو الذي كتبه وألّفه ، فإذا علموا أنه صلى الله عليه وآله أمياً علموا أن ذلك إيحاءً أو إعجازاً وليس ليد البشر من دخل .
على أن البعض نفوا كون النبي صلى الله عليه وآله أمياً ، أي لا يقرأ ولا يكتب وأنه سيحتاج إلى من يكتب له ، والنبي صلى الله عليه وآله أفضل الخلق فلا يحتاج إلى مَن هو دونه ، وفسروا أن الأمي نسبةً إلى أم القرى أي مكة .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب82

النبي محمد صلى الله عليه وآله
الآية لا تنافي عصمته صلى الله عليه وآله

الاسم : أحمد                   الدولة : أندونيسيا
العمر : 26 سنة                الرتبة العلمية : الثانوية
السؤال
قال تعالى « ولا تقل إنّي فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله » .
كيف يخاطب القرآن النبي هكذا ونحن نعرف عصمة النبي عن الخطأ . وهل النبي نسي أن يقول إن شاء الله ؟ أجيبوا جزاكم الله . أريد الجواب باللغة العربية .

الجواب
الاخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، الآية الكريمة لا تنافي العصمة عند النبي صلى الله عليه وآله ، إذ الخطاب موجّه للمكلّفين والقرآن نزل بإيّاك أعني واسمعي يا جارة ، وليس هو خطاب للنبي صلى الله عليه وآله .
ثم على قول من قال انّه خطاب للنبي صلى الله عليه وآله فليس فيه ما يسيء الى عصمته صلى الله عليه وآله اذ ذلك من الله تعالى تذكير له صلى الله عليه وآله بأن كل أمر موقوف على إرادته واشائته ، فإن شاء كان وإن لم يشأ لم يكن ، وهو صلى الله عليه وآله غير غافل عن ذلك ، وقد شهد الله تعالى له بذلك فقال « وانّك لعلى خلق عظيم » وقال صلى الله عليه وآله : أدّبني ربّي فأحسن تأديبي ، وقد كانت سنّة الأنبياء تعليق كل شيء على إرادته تعالى فقال تعالى حكاية عن موسى «قال ستجدني إن شاء الله صابراً ولم أعصي لك

عقائدنا بين السائل والمجيب83

أمراً
»
(الكهف : 69) وقال حكاية عن شُعيب «وما أريد أن أشقّ عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين» (القصص : 27) . وقال حكاية عن إسماعيل «قال يا أبت افعل ما تُؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين» (الصافات : 102) ، وهكذا هي سنّة الأنبياء في مخاطباتهم ، بل تعليق الفعل على إرادته سيرة الصالحين ، فكيف بخيرة الصالحين وخاتم الأنبياء والمرسلين يصدر منه خلاف إرادته تعالى ومن ثم يعاتب عليه ؟ فثبت انّ ذلك خطاب للمكلّفين دونه صلى الله عليه وآله .

ودمتم سالمين


عقائدنا بين السائل والمجيب84

المعصوم عليه السلام
تركه للأولى لا يُعدّ نقصاً

الاسم : عادل                     الدولة : الكويت
العمر : 34 سنة                  الرتبة العلمية :
السؤال
كما هو معلوم انّ ترك الأولى هو العمل الصحيح وترك الأصح منه ، ألا يعتبر هذا الفعل به قدحاً بكمالية العصمة ؟ ولكم جزيل الشكر

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، إنّ ترك الأولى ليس هو ترك أمر مولوي يقتضي الخلل في طاعة المعصوم عند تركه ، بل هو أمر ارشادي يرشده العقل بواسطة الشرع الى عدم ارتكابه فهو اولى وأفضل ، فإن ارتكبه فلا تعدّ مخالفة ولا يعدّ ذلك نقصاً لكونه أمراً إرشادياً ، نعم فعل الأولى يعد كمالاً في عصمة المعصوم إلا أنه غير مضر في عصمته كما هو معلوم ، وإذا كانت العصمة تتفاوت في درجاتها تبعاً لمقام المعصوم وما يصطفيه الله تعالى من العلم وكمال المعرفة له ، فإنّ ترك الأولى يتفاوت كذلك من معصوم الى معصوم ومن مقام الى مقام ، فنهي الله آدم أن يأكل من الشجرة ثم انّ ارتكابه ذلك يعد تركاً للأولى ، إلا انّ النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام لا يمكن أن يرتكبون مثل ذلك ، وهكذا تتفاوت مفاهيم الأولى من معصوم إلى معصوم كلّ بحسب مقامه ودرجته وكل ذلك لا يعد نقصاً في عصمته ولا خللاً في كماله .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب85

حديث الثقلين
من أدلة عصمة الأئمة عليهم السلام

الاسم : محمود                        الدولة : الكويت
العمر : 17 سنة                       الرتبة العلمية :
السؤال
انّ الشيعة يستدلون على عصمة الأئمة الأثني عشر إضافة الى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وفاطمة الزهراء عليها السلام بآية التطهير ، لكن الآية نزلت حسب معظم التفاسير بخمسة هم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسين والحسين عليهم السلام جميعاً . فمن اين الإستدلال على عصمة باقي الأئمة ؟

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، انّ الشيعة يستدلّون على عصمة النبي صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام بآية التطهير فضلاً عن آيات وأدلة أخرى .
أما الاستدلال على عصمة الأئمة الاثني عشر فيمكن أن نذكر لك أحدها والباقي متابعة مصادرنا الشيعية للاطلاع عليها :
قال النبي صلى الله عليه وآله كما رواه أبو سعيد الخدري في المعجم الصغير للطبراني 73 : (إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) .
ومعلوم أنه صلى الله عليه وآله أشار الى اتباع القرآن وعدله وهو العترة الطاهرة ، والقرآن

عقائدنا بين السائل والمجيب86

معصوم عن الخطأ لأنّ كلام الله تعالى لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه وإنه تنزيل العزيز الحكيم فلا ريب بعصمته ، وما يعادل القرآن هم العترة فهم كالقرآن في عصمتهم لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم وإشارة النبي صلى الله عليه وآله الى التمسك بالعترة لأنها كالقرآن لا تتخلّف عنه ولا تتحوّل وكلّ منهما يكمل الآخر ، فالقرآن مكمّل للعترة ، والعترة الطاهرة مكمّلة للقرآن ، وهذا كقول الطبيب خذ الدواء الفلاني والدواء الفلاني والتزم بشرابهما ، فإنك لا تستطيع أن تأخذ أحد الدوائين وتترك الآخر لأنّ كلاهما مكملان للاخر وهكذا الملازمة بين القرآن والعترة ، واثبات العصمة للقرآن مما لا كلام فيه فثبتت العصمة للعترة بإثباتها للقرآن دون أدنى ريب .
والحديث هذا مشهور متواتر بين أهل السنة والشيعة : قال ابن حجر في الصواعق معلّقاً على هذا الحديث : سمّى النبي صلى الله عليه وآله القرآن والعترة ثقلين لأنّ الثقل كل نفيس خطير ممنون به وهذان كذلك إذ كلّ منهما معدن للعلوم الدينية والأسرار العقلية والشرعية ولهذا حثّ على الاقتداء والتمسّك بهما وقيل : سميا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما ثم الذي وقع عليهم الحث منهم إنما هم العارفون بكتاب الله والمستمسكون بسنّة رسوله إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب الى الحوض . الاتحاف بحب الأشراف . 6 وممّن روى الحديث ابن سعد في الطبقات الكبرى 194 : 2 .
ومعلوم انّ قوله صلى الله عليه وآله لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، أي انّ الحديث ساري المفعول الى يوم القيامة وغير منقطع لحظة واحدة ، مما يعني انّ الأئمة جميعهم مشمولون بهذا الحديث وكذلك الإمام المهدي عليه السلام الذي هو آخرهم وخاتمهم .
وممن روى الحديث من علماء أهل السنة : العلامة محب الدين الطبري في

عقائدنا بين السائل والمجيب87

ذخائر العقبى 15 والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 163 : 9 والحافظ السيوطي في إحياء الميت بفضائل أهل البيت المطبوع بهامش الاتحاف بحب الاشراف 431 : 2 وممن رواه أيضاً مسلم في صحيحه 122 : 7 والترمذي في سننه 200 : 13 والحاكم في المستدرك 148 : 3 والبيهقي في الاعتقاد : 164 . ومصابيح السنة للعلامة البغوي 205 وابن الأثير في جامع الأصول 187 : 1 وفي أسد الغابة 2 : 12 الى غيرها من المصادر الكثيرة التي يمكنك متابعتها لتقف بنفسك على هذا الحديث .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب88

العصمة
آدم وإبراهيم ويونس تركوا الأولى ولم يعصوا

الاسم : فاطمة                     الدولة : الامارات
العمر : 17 سنة                   الرتبة العلمية : الثانوية
السؤال
نقول بعصمة الأنبياء عليهم السلام عصمة مطلقة ولكن يرد هذا الاشكال ، كيف يعاقب الله نبيه يونس على خطئه ؟ وكيف لا يصدق ابراهيم قومه بانه هو الذي حطّم أصنامهم ؟ ونبينا آدم عليه السلام عصى ربه في الجنة أفيدوني جزاكم الله خيرا ؟

الجواب
الأخت المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، نحن نقول بعصمة الأنبياء عليهم السلام كما تتفضلين ، وما ذكرتيه لا يعد اشكالاً وذلك لأمور :
أولاً : انّ الله تعالى لم يعاقب يونس عليه السلام كما ذكرتي ، وإنما كان يونس في مورد ترك الأولى ، فالأولى عدم مفارقة قومه ، وهذا المقدار الذي ذكرته الآية لا يعدّ عقوبة بقدر ما هو إشارة الى ترك الأولى فلتركه الأولى ابتلاه الله بما يناسب مقامه ، إذ انّ مقام الأنبياء عليهم السلام لا يناسب أن يكون النبي يترك الأولى ، والأولى تعني الأحسن والأفضل أي انّ يونس ترك ما هو الأفضل والأحسن بمقامه وهي ليست معصية ، فقد كان غضبه لله تعالى وليس اعتراضاً وغضباً أخرج يونس عن مقام نبوّته .
ثانياً : انّ ابراهيم عليه السلام لم يكن قد كذّب على قومه في تحطيمه الأصنام ، وإنما تكلّم معهم بصدق إلا أنه عليه السلام استعمل في كلامه التورية أي ورّى في

عقائدنا بين السائل والمجيب89

كلامه بمعنى أن لفظ كلامه يحمل عدّة وجوه لا يلتفت إليها إلا الذكي الفطن ، فهم حينما سألوه بقولهم «قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوه إن كانوا ينطقون» أي أنّه علّق صحّة فعل كبيرهم بإمكانية نطقهم ، بمعنى أن هذه الأصنام إن كانت تنطق ـ وهي لا تنطق أبداً ـ فإن الذي فعل ذلك كبيرهم ولما كانت لا تنطق فإنّ كبيرهم لا يفعل ذلك ، أي تعليق فعل كبير الأصنام بالنطق ، ولما كان النطق مستحيلاً فإن كبيرهم لم يفعل ذلك .
وقد أراد ابراهيم عليه السلام أن ينبّه قومه الى خطأ ما يعبدون من دون الله لذا فقد كان نتيجة ذلك التفاتهم الى خطأهم لكنهم عاندوا ولم يسلموا قال تعالى : «فرجعوا الى أنفسهم فقالوا إنّكم أنتم الظالمون» وبذلك فقد نبههم الى خطأهم بقوله هذا .
ثالثاً : انّ نبيّنا آدم عليه السلام لم يعص الله بل ترك الأولى كما قلنا في يونس عليه السلام ، أي انّ الأفضل أن لا يفعل ذلك ، حيث نهى الله تعالى أن يقربا الشجرة .
واعلمي انّ الأمر أمران أمر مولوي أي يجب طاعته ومخالفته توجب العقوبة ، وأمر ارشادي أي إذا أراد أن يفعله كان له الأحسن وإذا لم يفعله لم يكن عاصياً . فالأمر المولوي كما لو أمرنا الله بالصلاة فإذا لم يصل يعاقب والأمر الارشادي أن يقول الإمام عليه السلام كما ورد (كل الرمان بشحمه فإنه يدبغ المعدة) فإن الامام عليه السلام أرشد الى انّ أكل الرمان بشحمه ـ أي الطبقة الداخلية البيضاء ـ فإنه نافع للمعدة فإذا لم يأكل الشخص الرمان بشحمه لم يعاقب وإنما أرشده الى أمر ينفعه ويناسبه ، هكذا كان أمر الله تعالى لآدم حيث امره بعدم الاقتراب من الشجرة أمراً ارشادياً فترك هذا الأمر الارشادي ، لذا يقال عنه ترك الأولى فلا يعني ذلك أنه ارتكب معصية تخرجه عن الطاعة .
ودمتم سالمين

السابق السابق الفهرس التالي التالي