عقائدنا بين السائل والمجيب20

وقالت الدهرية : نحن نقول : انّ الأشياء لا بدو لها وهي دائمة ، وقد جئناك لننظر فيما تقول ، فإن اتبعتنا فنحن أسبق الى الصواب منك وأفضل ، وان خالفتنا خصمناك .
وقالت الثنوية : نحن نقول : انّ النور والظلمة هما المدبران ، وقد جئناك لننظر فيما تقول : فإن اتبعتنا فنحن أسبق الى الصواب منك ، وإن خالفتنا خصمناك .
وقال مشركوا العرب : نحن نقول انّ أوثاننا آلهة ، وقد جئناك لننظر فيما تقول فإن اتبعتنا فنحن أسبق إلى الصواب منك وأفضل ، وإن خالفتنا خصمناك .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : آمنت بالله وحده لا شريك له وكفرت بكل معبود سواه . (الاحتجاج للطبرسي 22 / 1)
ويستمر الحوار بين النبي صلى الله عليه وآله وبين هؤلاء حتى ينتهي بأن يسلم هؤلاء ويذعنوا لحجته صلى الله عليه وآله .
قال الصادق ـ في تكملته للخبر ـ : فوالذي بعثه بالحق نبياً ما أتت على جماعتهم إلا ثلاثة أيام حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلموا وكانوا خمسة وعشرين رجلاً من كل فرقة خمسة ، وقالوا : ما رأينا مثل حجتك يا محمد ، نشهد انّك رسول الله» (المصدر السابق)
الى آخر ما احتج به رسول الله صلى الله عليه وآله من محاججات مع مشركي زمانه .
كما انّ محاججات الامام علي عليه السلام مع الصحابة حول مشروعية الخلافة وتحولات الوضع السياسي المشحون بالمنافسة والصراع يكشف عن حيوية اطروحة أهل البيت عليهم السلام للانفتاح على الاخر بما يضمن بيان الحق وكشف الواقع . على انّ مسائل الامام علي عليه السلام لابن الكواء أحد الماديين في زمانه ، وأجوبة الإمام الحسن عليه السلام لأهل الروم ، وما عُرف به الأئمة الاخرون عليهم السلام من

عقائدنا بين السائل والمجيب21

حوارهم مع أهل الأديان الاخرى والطوائف الاسلامية يكشف بجلاء مدى أهمية «الطرح المعرفي» لآل البيت عليهم السلام وهم في غضون بناء الشخصية الانسانية فضلاً عن السعي لتكامل شخصية المسلم كذلك .
ولم يقتصر أئمة آل البيت عليهم السلام في منهجهم الحواري مع الآخر على مجهودهم الشخصي ما لم يعبّئوا أصحابهم وأتباعهم لمشروعهم هذا ، فهشام ابن الحكم وهشام بن سالم ومؤمن الطاق وأمثالهم ساهموا في ملاحم الحوار هذه ، وحققوا تقدماً في هذا المضمار بل تُعد جهودهم محاولات تأسيسية للمشروع الحواري الذي أصّله آل البيت عليهم السلام لتُسجّل لهم سابقة هذا المجهود وليكون حافزاً لاتباع آل البيت عليهم السلام فيما بعد وسيحدد بالتالي هوية الانتماء المعرفي للانسان ، ولا أجد أحداً أحرص هذا اليوم من الشباب المتطلّع لثقافته أن يحدد هوية انتماءاته المعرفية دون أن يعيش «حيرته» الفكرية «وضياعه» الثقافي في خضمّ هذه التيارات المعرفية الالتقاطية .
فضرورة المرحلة التي يعيشها انساننا اليوم تحتّم عليه تحديد دالة هذا الانتماء المعرفي ليؤسس عليه توجّهاته الفكرية والثقافية بل وانتماءاته الانسانية كذلك .

عقائدنا بين السائل والمجيب22


عقائدنا بين السائل والمجيب23


إلهيات


عقائدنا بين السائل والمجيب24




عقائدنا بين السائل والمجيب25

الملائكة
هل الله تعالى محتاج إليها ؟

الاسم : أبو ياسر              الدولة :
العمر : 24 سنة               الرتبة العلمية :
السؤال
سؤالي هو : إن كان الله غير محتاج لأحد ، فلماذا خلق الله الملائكة رغم زهده فيهم ؟ وفقكم الله لمرضاته .

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وربكاته
إنّ خلق الله تعالى للملائكة ليس بسبب الحاجة إلى مراقبة العباد في أعمالهم والاستعانة بالملائكة لأمور خلقه ، بل الله أكرم من أن يحتاج إلى أحد من خلقه ، إذ كيف يحتاج إلى مَن هو مُحتاج إليه ؟ وقوله تعالى : «وعلّم آدم الأسماء كلّها ثمّ عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا إنّك أنت العليم الحكيم» (البقرة : 32) دليل على افتقار الملائكة إليه .
وأما علمه بما يفعله العباد ، فيدلّ على أنه غير محتاج إلى الاستعانة بالملائكة ، وقد أشار إلى إحاطته بأعمال عباده بقوله تعالى : «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» ، أي : يعلم دقائق وتفاصيل أعضائه فضلا عن خطرات قلبه ، فلا يحتاج إلى أن تُعلمه الملائكة بذلك ، بل خلقه للملائكة لا من باب الحاجة ، بل من جهة أن الله تعالى قد خلق هذا الكون حسب نظام ومقتضيات وأسباب ،

عقائدنا بين السائل والمجيب26

وأراد تعالى أن تجري أمور هذا الكون بأسبابها وفق قوانينه التي خلقها لهذا الكون ، فهذا الكون وما فيه تحت هيمنته وجبروته لا يتخلّف عنه طرفة عين أبداً .
قال أمير المؤمنين عليه السلام في دعاء كميل المعروف : «وكل سيئة أمرت بإثباتها الكرام الكاتبين الذين وكلتهم بحفظ ما يكون مني وجعلتهم شهوداً عليّ مع جوارحي ، وكنت انت الرقيب عليّ من ورائهم ، والشاهد لما خفي عنهم ..» .
ومعنى هذا : أن الملائكة يخفى عليهم ما لا يخفى على الله ، فكيف هو يحتاج إليهم ويستعين بهم ؟
بل الصحيح ، والله أعلم . أنّ ذلك لانتظام الكون وشؤون الخلق ، فَخلق الملائكة وكلّفهم بمهام وقضايا هو أعلم بها .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب27

الإلهيات
الله نور السماوات والأرض

الاسم : علي                 الدولة : بريطانيا
العمر : 18 سنة             الرتبة العلمية :
السؤال
الله نور السماوات والأرض هل معناها ان الله منور السماوات والأرض بما خلق كالشمس ؟ او الله له نور غير الشمس اي الله بذاته نور مظهر لكل شيء ونوره مظهر للشمس وغيرها ؟ او ان النور هو خلق او امر كالروح والله غير النور ؟

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن معنى النور هو ما يظهر به الأجسام الكثيفة للأبصار ، فهو ظاهر لذاته ومظهر لغيره . هذا هو النور المحسوس المعروف . فكأن النور بطبيعته يظهر بذاته ويظهر الأشياء الأخرى والتي كأنها معدومة في ظلمتها ، فإيجادها يعني إظهارها إلى الوجود بعد إعدامها في حوالك الظلمة .
هكذا هو الله تعالى فإيجاده للموجودات بعد إعدامها كالنور الذي يوجد الأشياء بعد إعدامها في حوالك الظلمة ـ وهو العدم ـ . فالله تعالى موجود بذاته موجد لكل ممكن .
فالتمثيل بالنور من هذه الجهة ، وليس من جهة بيان معنى نورانية الله تعالى ، تعالى الله عن كل مثل وعن كل شيء وعن كل مخلوق ، كيف نجعل الله تعالى كأحد مخلوقاته ، فالنور هو مخلوق من قبله تعالى فكيف يكون

عقائدنا بين السائل والمجيب28

الخالق عين مخلوقاته ؟ إذ بالإمكان إيجاد النور وإعدامه والله تعالى لا تعترض عليه هذ الأحوال من الإيجاد والعدم . فلا يحق ولا يجوز أن نقول أن نور الشمس مثلاً أو نور القمر هو من نوره تعالى ، نعم نقول على سبيل المجاز من نوره بمعنى إيجاده وخلقه ، إذ بقدرته دلّ عليهما بعد ما كانا معدومين . على أن نور الله تعالى لا تدركه عقولنا ولا حواسنا ولا يمكن لأحد أن يبلغ كنه نوره ، فنوره ذاته ، وذاته محجوبة عن خلقه ، فتعالى الله ربّنا أحسن الخالقين .
ودمتم في رعاية الله

عقائدنا بين السائل والمجيب29

الإلهيات
حول الاسم الأعظم ولفظ الجلالة

الاسم : طالب                الدولة :
العمر :                      الرتبة العلمية :
السؤال
اسم الله الأعظم اسم يستودعه عند خاصة اوليائه ؛ وهو نور يقذفه الله في قلوب عباده المؤمنين الصادقين المخلصين العارفين به وذلك لا يكون الا لمن بلغ ذروة من الكمال والترويض النفسي فقد قال الله العظيم في محكم كتابه الكريم : «الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنّها كوكب درّيّ يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقيّة ولا غربيّة يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للنّاس والله بكلّ شيء عليم» كيف يصل المؤمن الى معرفة الاسم الاعظم ؟ وهل هو موجود في البسملة كما قيل ؟
وهل ان اسم الله الاعظم موجود في« ألم » الموجودة في سورة آل عمران ؟ ولماذا ؟
وما هو معنى كلمة الله فيقال انها ليست عربية الاصل ؛ مستشهدين باية قرآنية ان وجدت ؟

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الاسم الأعظم أودع الله معرفته عند خاصة أوليائه ، العارفين به ، المخلصين له ، وهم النبي صلى الله عليه وآله وأئمة أهل البيت عليهم السلام ، وهو اسم من ثلاث وسبعين

عقائدنا بين السائل والمجيب30

حرف أودع الله عند أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله من الأئمة المعصومين عليهم السلام اثنان وسبعين حرف واختص بواحد لنفسه ، وما قصدت بالمؤمنين في النص الذي ذكرته ، هم أئمة آل البيت بقرينة «الصادقين المخلصين العارفين» فأي أحد منا عرف الله كما عرفه أهل البيت عليهم السلام ؟! إذ المعرفة والصدق والإخلاص قيود احترازية عن دخول أي أحد في حد من عرف الاسم الأعظم ، فلا يشمل إذن غيرهم ولا يتعدى ذلك إلى سواهم .
ثانياً : البسملة لها شرفها ومنزلتها عند الله تعالى : وهل هـي الاسـم الأعظم أم لا ؟
أن الاسم الأعظم كما قلنا هو سر الله الذي لا يطلع عليه أحد إلا أوليائه المعصومين عليهم السلام ، فلا أحد يستطيع المجازفة في الخوض بذلك .
نعم منزلة بسم الله الرحمن الرحيم كمنزلة الاسم الأعظم في سره وفي عظمته ، فعن الإمام الرضا عليه السلام قال : أن بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها .
فهذه المنزلة للبسملة وكونها كالاسم الأعظم يكشف لنا عظمتها عند الله ، واستخدامها كالاسم الأعظم يشترط فيه الإيمان والتصديق بأنها كالاسم الأعظم ، ولذا فهذه الرواية ستقرّب لنا هذا المعنى وكون استخدام أي شيء مشروط بالإيمان به والتصديق والتسليم . ففي المناقب قال : أُبينت إحدى يدي هشام بن عدي الهمداني في حرب صفين فأخذ عليّ يده وقرأ شيئاً وألصقها فقال : يا أمير المؤمنين ما قرأت ؟ قال : فاتحة الكتاب . فكأنه استقلها ، فانفصلت يده نصفين ، فتركه عليّ ومضى . وهذا يعني أن استخدام أي شيء مهما بلغ مشروط بالتسليم والتصديق به . فكذلك هي البسملة وأمثالها من الأسماء والآيات والأدعية .

عقائدنا بين السائل والمجيب31

ثالثاً : إذا قلنا أن « ألم » وأمثالها من الاسم الأعظم فهذا لا يعني إمكانيتنا استخدام هذه الحروف كالاسم الأعظم ، فالاسم الأعظم كما قلنا أسراره مودعة عند أهل البيت عليهم السلام ، وللاسم الأعظم تأليف وترتيب يختص به من يحمله من النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام ، فمعرفة كونه من الاسم الأعظم لا ينفع وحده دون معرفة تأليفه وترتيبه .
فقد ورد مثلاً : حمسق هو حروف من اسم الله الأعظم المقطوع ، يؤلفه الرسول أو الإمام صلى الله عليهما ، فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب . البحار : 89 : 376 فتأليف الاسم الأعظم من الحروف المقطعة هو سرّ مودع لدى خاصة أوليائه وأصفيائه وهم أئمتنا عليهم السلام .
رابعاً : أن لفظ «الله» هو اسم علم للذات المقدسة الجامعة لجميع الصفات العليا ، والأسماء الحسنى .
قيل : هو غير مشتق من شيء بل هو علم . وقيل عن سيبويه : هو مشتق وأصله «إله» دخلت عليه الألف واللام فبقى «الإله» ثم نقلت حركة الهمزة إلى اللام وسقطت فبقي «الله» فأسكنت اللام الأولى وأدغمت وفخم تعظيماً ، لكنه يترقق مع كسرة ما قبله . كما في قوله تعالى : « يدعون من دونِ الله » فهنا لفظ الله خفف لسبقه بتخفيف .
فأصله عربي كما علمت مشتق من «إله» أي معبود فقد ورد «كان إلهاً إذ لا مألوه» أي كان معبود قبل أن يعبد . سبحان الله وتعالى عن كل وصف ومثل .
ودمتم في رعاية الله

عقائدنا بين السائل والمجيب32

غناه تعالى
لا ينافي رزقه عن طريق الوسائط ولا احتياجه إليها

الاسم :                  الدولة :
العمر :                  الرتبة العلمية :
السؤال
إذا كان غنياً مطلقاً فكيف يحتاج لأن يقول كن فيكون ، وكيف يحتاج الى مخلوقاته لتنفيذ أوامره مثلاً : إذا أراد أن يرزق أحداً فلابد عن طريق مخلوقاته .

الجواب
الأخ المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، اعلم انّ قوله تعالى «كن فيكون» ليس هو الكلام الذي تتكلمه ، وإنّما ذلك إشارة الى إرادته تعالى فإذا أراد شيئاً فلابد من إجابته وتحققه ولا يعني أنه تعالى يقول للشيء كن فيكون ، وإنما ذلك ذكره القرآن الكريم للتقريب لأن الله تعالى الذي بيده كل شيء لا يحتاج الى القول ، وهذا مثل ما ورد في الأخبار عن أهل الجنة إذا أرادوا شيئاً يتحقق لهم هذا الشيء دون أن يطلبوه ، فإذا أرادوا أكل الفاكهة الفلانية مثلاً فمجرد رغبتهم في أنفسهم يحقّق لهم ذلك ويقدّم ، هكذا هي الأرادة الإلهية فهي مطلقة لا تحتاج الى شيء من قول أو فعل ، بل بمجرّد إرادته تنصاع له الأشياء طائعة منقادة .
أما مسألة رزق أحد عن طريق مخلوقاته فإنّ الله تعالى أراد أن تتحقق الأمور في هذه الدنيا بالأسباب الطبيعية والوسائط المتعارفة ، فهو قادر على أن يرزق الانسان وهو جالس في بيته ولا يكلفه عناء العمل ، بل قادر على أن يرزق الناس جميعاً دون أية حركة وأي جهد ، وهذا كما تعرف اختلال لنظام الحياة

عقائدنا بين السائل والمجيب33

إذ سيترك الناس جميعاً أعمالهم اعتماداً على رزقهم الذي يقدّم مباشرة من الله تعالى ، فلا أحد يحتاج أحد ، وبذلك ستضطرب الحياة ، وهذا لا علاقة له بغناه المطلق ، فهو تعالى غير محتاج إلى وسائط لرزق خلقه ، بل خلقه محتاجون الى ذلك نظماً لحياتهم ومعاشهم .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب34

التوحيد
لماذا مقدّم على بقية الأصول ؟

الاسم : شهيناز                 الدولة : البحرين
العمر : 34 سنة                الرتبة العلمية :
السؤال
ما سبب تقدم أصل التوحيد على بقية الأصول ؟

الجواب
الأخت المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، إذا عرفنا نحن البشر العلّة من الخلق عرفنا انّ التوحيد مقدّم على كل شيء ، وهو أصل الأصول ، منها تتفرع الأصول ، وإليها ترجع الأصول .
ففي قوله تعالى : «وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون» الذاريات : 56 يتبين لنا علّة الخلق وانّ الانس والجن إنّما خلقهم الله تعالى لعبادته وطاعته ، ومعلوم انّ هذا الجانب لا يتحقق ـ أي التكليف ـ إلا بمعرفة الخالق لتتوجّه العبادة إليه ، فإذا عرفوه وحّدوه ، وإذا وحّدوه ، عبدوه حق عبادته .
إلا انّ ذلك لا يستقيم ، ما لم يعرف الانسان تكاليفه المطلوبة ، والتي تتم من خلالها عبادته لله تعالى ، فالتبليغ لذلك لا يكون إلا من خلال رسله وأنبيائه وبذلك يجب الاعتقاد بالأصل الثاني وهو النبوة ، وكل ذلك لابد من استمراره لأنّ انقطاعه سوف يجعل الانسان في حالة تحيّر وتخبّط في معرفة تكاليفه ولا تتم هذه إلا بالإمامة ، فيعرف الانسان أصلاً ثالثاً وهو الإمامة ، وكل ذلك لابد أن يؤول الى جزاء أو عقاب فالجزاء للطاعة والعقاب للمعصية ، فلا يتم ذلك إلا

عقائدنا بين السائل والمجيب35

بمعرفة المعاد الذي ينتهي إليه مصير المكلّف ، وهذا ما يفسّر قوله تعالى : «ولقد بعثنا في كلّ أمّة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت» النحل : 36 .
فعبادة الله ونبذ كل عبادة من دونه كان سبب بعثة الأنبياء ومهمتهم ، ومن هنا فإن أمير المؤمنين عليه السلام حينما سأله الأعرابي في يوم الجمل والحرب قائمة عن كيفية إثبات كون الله واحداً ؟ فأجابه الإمام عليه السلام وبيّن انّ جهادنا هذا هو لبيان التوحيد واثباته :
فقد روى الصدوق انّ اعرابياً قام يوم الجمل الى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين أتقول انّ الله واحد ، قال : فحمل الناس عليه وقالوا : يا أعرابي أماترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسّم القلب ، فقال أمير المؤمنين : دعوه فإنّ الذي يريده الاعرابي هو الذي نريده من القوم . ومنه يفهم انّ ما بعث نبي وما قام إمام إلا بيان وحدانية الله تعالى ، لتتم معرفته ومن ثم طاعته ، سبحانه وتعالى .
ودمتم سالمين

عقائدنا بين السائل والمجيب36

مكره تعالى
بمعنى جزاءه على المكر

الاسم : رباب                   الدولة : البحرين
العمر : 17 سنة                الرتبة العلمية : طالبة
السؤال
ما معنى هذه الآية «لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون» (الأنبياء : 23) ؟
وما معنى «والله خير الماكرين» (آل عمران : 54) ما معنى المكر هنا ، أنا أعلم بأنّ الله قادر على فعل القبيح ولكنه منزّه عن ذلك فماذا يكون معنى المكر ؟

الجواب
الأخت المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ، انّ قوله تعالى «لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون» بمعنى أنه لا يسأل عمّا فعله لأنه تعالى لا يفعل إلا ما هو حكمة وصواب ، ولا يقال للحكيم لِمَ فعلت ذلك ؟ «وهم يُسألون» فإنّ الضمير (هم) يعود الى الخلق من الجن والإنس والملائكة لأنه يجوز عليهم الخطأ .
عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قلت لأبي جعفر الباقر عليه السلام : يا ابن رسول الله إنّا نرى الأطفال منهم من يولد ميّتاً ، ومنهم من يسقط غير تام ، ومنهم من يولد أعمى أو أخرس أو أصم ، ومنهم من يموت من ساعته إذا سقط الى الأرض ومنهم من يبقى الى الاحتلام ومنهم من يعمّر حتى يصير شيخاً فكيف ذلك ؟ وما وجهه ؟
فقال عليه السلام : انّ الله تبارك وتعالى أولى بما يدبّره من أمر خلقه منهم وهو

عقائدنا بين السائل والمجيب37

الخالق والمالك لهم ، فمن منعه التعمير فإنما منعه ما ليس له ، ومن عمّره فإنما أعطاه ما ليس له ، فهو المتفضّل بما أعطى وعادل فيما منع «لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون» .
قال جابر فقلت له : يا ابن رسول الله فكيف لا يسأل عمّا يفعل ؟
قال : لأنه لا يفعل إلا ما كان حكمة وصواباً ، وهو المتكبر الجبار الواحد القهار ، فمن وجد في نفسه حرجاً في شيء ممّا قضى كفر ، ومن أنكر شيئاً من أفعاله جحد .
أمّا معنى المكر في الآية الكريمة هو بمعنى الجزاء على المكر وهو كقوله تعالى «الله يستهزئ بهم» أي يجازيهم على الاستهزاء ، فيكون المعنى هنا الله خير المجازين على المكر .
وقد نزلت الآية حينما اجتمعت قريش على قتل النبي صلى الله عليه وآله في القصة المشهورة ، حيث اتّفقت قريش على أن يشترك من كل قبيلة رجل في قتل رسول الله ليضيع دمه بين القبائل فلمّا أعلم الله نبيّه بما اجتمعت عليه قريش بات علي بن أبي طالب عليه السلام في فراشه ، وأفداه بنفسه ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله مهاجراً إلى المدينة ، فلمّا جاءت قريش لم تجد النبي صلى الله عليه وآله في فراشه بل وجدت علياً عليه السلام ، فكان ذلك مكراً بهم قد مكره الله وأفشل عملهم .
ودمتم سالمين

السابق السابق الفهرس التالي التالي