الزيارة 87

زارني في حياتي»(1) ، أخرجه:
1 ـ الحافظ سعيد بن منصور النسائي أبو عثمان الخراساني المتوفّى 227هـ(2) .
2 ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني المتوفّى 260هـ(3) .
3 ـ الحافظ أبو أحمد بن عدي المتوفّى 365هـ(4) .
4 ـ الحافظ أبو الشيخ الانصاري المتوفّى 369هـ.
5 ـ الحافظ أبو الحسن الدار قطني المتوفّى 385هـ(5) .
6 ـ الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفّى 458هـ(6) .
7 ـ القاضي عياض المالكي المتوفّى 544هـ(7) .
8 ـ قاضي القضاة الخفاجي الحنفي المتوفّى 1069هـ، في «شرح

(1) أخرجه أيضاً غير الذين ذكرهم العلاّمة الاميني رضوان الله تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416، وابن حجر في تلخيص الحبير 2: 266، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/12372، والمنذري في الترغيب والترهيب 2: 224، والشوكاني في الفوائد المجموعة: 117، والعجلوني في كشف الخفاء 2: 347، والسيوطي في الدرر المنتثرة في الاحاديث المشتهرة: 159.
(2) سنن ابن منصور 2: 116.
(3) المعجم الكبير 12: 406.
(4) الضعفاء 6: 2350.
(5) سنن الدار قطني 2: 278/193.
(6) السنن الكبرى 5: 245.
(7) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 195.
الزيارة 88

الشفاء 3: 565»، نقله عن البيهقي والدار قطني والطبراني وابن منصور.
9 ـ زين الدين عبد الرؤف المناوي المتوفّى 1031هـ، في «كنوز الحقائق: 141»، بلفظ: «مَنْ زار قبري بعد موتي».
10 ـ العجلوني المتوفّى 1162هـ، في «كشف الخفاء 2: 251»، نقلاً عن أبي الشيخ والطبراني وابن عدي والبيهقي.
(15)عن ابن عبّاس مرفوعاً:«مَنْ حجَّ إلى مكّة ثمَّ قصدني في مسجدي كُتبت له حجّتان مبرورتان».
أخرجه الفردوس في مسنده كما في «وفاء الوفاء 2: 401»، و«نيل الاوطار 4: 326».
(16)عن رجل من آل الخطَّاب مرفوعاً: «مَنْ زارني متعمِّداً كان في جواري يوم القيامة، ومَنْ مات في أحد الحرمين بعثه الله في الامنين [من الامنين]» وزاد الشحامي عقب قوله [يوم القيامة]: «ومَنْ سكن المدينة وصبر على بلائها كنتُ له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة».

الزيارة 89

روي بإسناد فيه مِن الحفّاظ(1) :
1 ـ الحافظ أبو جعفر العقيلي المتوفّى 322هـ.
2 ـ الحافظ أبو الحسن الدار قطني المتوفّى 385هـ(2) .
3 ـ الحافظ أبو عبدالله الحاكم المتوفّى 405هـ.
4 ـ الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفّى 458هـ، في «شعب الايمان».
5 ـ الحافظ ابن عساكر الدمشقي المتوفّى 571هـ.
6 ـ الحافظ أبو محمّد عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى 705هـ، وأخرجه من طريق هؤلاء الحفّاظ.
7 ـ وليُّ الدين الخطيب العمري التبريزي في «مشكاة المصابيح»، المؤلَّف 737هـ، في باب حرم المدينة في الفصل الثالث.
8 ـ تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756هـ، في «شفاء السِّقام: 24»، وقال: مرسلٌ جيِّدٌ، ورواه عنه.
السيِّد نور الدين السمهودي في «وفاء الوفاء 2: 399».

(1) أخرجه غير الذين ذكرهم العلاّمة الاميني رضوان الله تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في اتحاف السّادة المتقين 4: 416، والسيوطي في الدر المنثور 1: 237، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 136/12373.
(2) سنن الدار قطني 2: 278.
الزيارة 90

(17)عن عبدالله بن عمر مرفوعاً: «مَنْ زارني إلى المدينة كُنتُ له شهيداً وشفيعاً».
أخرجه الحافظ الدار قطني بإسناده في «السنن»(1) كما «وفاء الوفاء 2: 398».
(18)رُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «مَنْ وجد سعةً ولم يفد [يغد ]إليَّ فقد جفاني»(2) .
ذكره ابن فرحون في مناسكه، والغزالي في «الاحياء 1: 246»، والقسطلاني في «المواهب اللدنيَّة»، والعجلوني في «كشف الخفاء 2: 278».
(19)قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَنْ زارني بعد وفاتي وسلّم عليَّ ردّدتُ عليه السَّلام عشراً، وزاره عشرة من الملائكة، كلّهم يسلّمون عليه، ومَنْ سلّم عليَّ في بيته ردَّ الله تعالى عليَّ روحي حتّى اُسلّم عليه».

(1) لم أعثر عليه في الطبعة المتوفّرة لدينا من سنن الدار قطني.
(2) وأخرجه أيضاً الزبيدي في اتحاف السّادة المتقين 4: 416، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75.
الزيارة 91

ذكره الشيخ شعيب الحريفيش المتوفّى 801هـ، في «الروض الفائق 2: 137».
(20)عن أبي عبدالله محمّد بن العلاء رحمه الله قال: دخلتُ المدينة وقد غلب عليَّ الجوع، فزرتُ قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وسلّمتُ عليه وعلى الشيخين رضي الله عنهما وقلت: يا رسول الله جئت وبي من الفاقة والجوع مالا يعلمه إلاّ الله عزَّوجلّ وأنا ضيفك في هذه الليلة، ثمَّ غلبني النوم فرأيتُ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام فأعطاني رغيفاً فأكلتُ نصفه، ثمَّ إنتبهت من المنام وفي يدي نصفه الاخر، فتحقَّق عندي قول النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم):«مَنْ رآني في المنام فقد رآني حقّاً، فإنَّ الشيطان لا يتمثَّل بي، ثمَّ نوديت: يا أبا عبدالله! لا يزور قبري أحدٌ إلاّ غُفر له ونال شفاعتي غداً».
ذكره الشيخ شعيب الحريفيش في «الروض الفائق 2: 138»، فقال في المعنى:
مَـنْ زارَ قـبرَ محمَّد نالَ الشَفـاعةَ في غَـدِ
بـالله كــرِّر ذكـرَهُ وحديثَـهُ يـا مُـنشدي
واجعلْ صلاتَـكَ دائِماً جَـهراً عليـهِ تَهتـدي
فهو الرَّسولُ المصطفى ذو الجُودِ و الكَفِّ النَدي

الزيارة 92

و هو المشفَّعُ في الورى مِنْ هَـولِ يومِ الموعِـدِ
والحوضُ مخصوصٌ بِهِ في الحَشِر عَذبِ المورِدِ
صـلّى عَـليـه رَبَّنـا ما لاحَ نجـمُ الفَـرْقـدِ

(21)مرفوعاً عنه (صلى الله عليه وآله وسلم):«لا عُذرَ لمن كان له سعة من اُمَّتي ولم يزرني».
رواه الشيخ عبد الرَّحمن شيخ زاده في «مجمع الانهر، في شرح ملتقي الابحر 1: 157»، وعدَّه من أدلّة الباب من دون غمز فيه.
(22)عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام):«مَنْ زار قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)كان في جوارهِ».
أخرجه ابن عساكر كما في «نيل الاوطار، للشوكاني 4: 326».
« فلعلّك باخعُ نفسك على آثارِهِم إنْ لَمْ يُؤمِنوا بِهذا الحدِيثِ أسفا »(1)
« فبأيِّ حديث بعده يُؤمِنون»(2)


(1) الكهف: 6.
(2) الاعراف: 185.
الزيارة 93

كلمات أعلام المذاهب الاربعة

حول زيارة النبيِّ الاقدس (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي أربعون كلمة:
1 ـ قال أبو عبدالله الحسين بن الحسن الحليمي الجرجاني الشافعي المتوفّى 403هـ، في كتابه (المنهاج في شعب الايمان) بعد ذكر جملة من تعظيم النبيِّ: فأمّا اليوم فمِن تعظيمه زيارته.
2 ـ قال أبو الحسن أحمد بن محمَّد المحاملي الشافعي المتوفّى 425هـ، في «التجريد»: ويستحبُّ للحاجِّ إذا فرغ من مكّة أن يزور قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
3 ـ قال القاضي أبو الطيّب طاهر بن عبدالله الطبري المتوفّى 450هـ: ويستحبّ أن يزور النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)بعد أن يحجَّ ويعتمر.
4 ـ قال أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي المتوفّى 450هـ، في «الاحكام السلطانيَّة: 105»: فإذا عاد [وليُّ الحاجِّ ]سار بهم على طريق المدينة لزيارة قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ليجمع لهم بين حجّ بيت الله عزَّوجلَّ وزيارة قبر رسول الله، رعايةً لحرمته وقياماً بحقوق طاعته، وذلك وإن لم يكن من فروض الحجِّ فهو من مندوبات الشرع المستحبَّة، وعبادات الحجيج المُستحسنة.
وقال في الحاوي: أمّا زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فمأمورٌ بها ومندوبٌ إليها.
5 ـ حكى عبد الحقِّ بن محمَّد الصقيلي المتوفّى 466هـ، في كتابه

الزيارة 94

[تهذيب الطالب ]عن الشيخ أبي عمران المالكي أنَّه قال: إنَّما كره مالك أن يُقال: زرنا قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم); لانَّ الزيارة مَن شاء فعلها ومَن شاء تركها،وزيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)واجبةٌ. قال عبد الحقِّ: يعني من السنن الواجبة [في «المدخل 1: 256» ]يريد وجوب السنن المؤكّدة.
6 ـ قال أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الشيرازي الفقيه الشافعي المتوفّى 476هـ، في «المهذَّب»: ويستحبُّ زيارة قبر
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(1) .
7 ـ قال أبو الخطّاب محفوظ بن أحمد الكلوداني، الفقيه البغدادي الحنبلي، المتوفّى 510هـ، في كتاب «الهداية»: وإذا فرغ من الحجِّ استحبَّ له زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وقبر صاحبيه.
8 ـ قال القاضي عياض المالكي المتوفّى 544هـ، في «الشفاء»: وزيارة قبره (صلى الله عليه وآله وسلم)سُنَّةٌ مجمعٌ عليها، وفضيلةٌ مُرغَّبٌ فيها. ثمَّ ذكر عدّة من أحاديث الباب فقال: قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه: وممّا لم يزل مِنْ شأن مَنْ حجَّ المزور(2) بالمدينة، والقصد إلى الصَّلاة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والتبرّك برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يديه ومواطن قدميه والعمود الذي إستند إليه

(1) المهذّب في فقه الامام الشافعي 1: 240.
(2) قيل: بكسر الميم، وسكون الزاء وفتح الواو، مصدر ميمي بمعنى الزيارة (شرح الشفاء للخفاجي). «المؤلّف».
الزيارة 95

ومنزل جبريل بالوحي فيه عليه، ومَنْ عمره وقصده من الصحابة وأئمَّة المسلمين; والاعتبار بذلك كلّه(1) .
9 ـ قال ابن هبيرة المتوفّى 560هـ، في كتاب «إتِّفاق الائمَّة»: إتَّفق مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى على أنَّ زيارة النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)مستحبة «المدخل، لابن الحاجّ 1:256».
10 ـ عقد الحافظ إبن الجوزي الحنبلي المتوفّى 597هـ، في كتابه «مثير الغرام الساكن إلى أشرف الاماكن» باباً في زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)وذكر حديثي ابن عمر وأنس المذكورين في أحاديث الباب.
11 ـ قال أبو محمَّد عبد الكريم بن عطاء الله المالكي المتوفّى 612هـ، في مناسكه: فصلٌ: إذا كمل لك حجّك وعمرتك على الوجه المشروع، لم يبق بعد ذلك إلاّ إتيان مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)للسَّلام على النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، والدعاء عنده، والسَّلام على صاحبيه، والوصول إلى البقيع وزيارة مافيه من قبور الصحابة والتابعين، والصَّلاة في مسجد الرَّسول، فلا ينبغي للقادر على ذلك تركه.
12 ـ قال أبو عبدالله محمَّد بن عبدالله بن الحسين السامري الحنبلي، المعروف بابن أبي سنينة المتوفّى 616هـ، في كتاب «المستوعب»: باب زيارة قبر الرَّسول (صلى الله عليه وآله وسلم). وإذا قدم مدينة

(1) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194 ـ 197.
الزيارة 96

الرَّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) استحبَّ له أن يغتسل لدخولها. ثمَّ ذكر أدب الزيارة، وكيفيَّة السّلام والدُّعاء والوداع.
13 ـ قال الشيخ موفّق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي المتوفَّي 620هـ، في كتابه المغني(1) : فصلٌ: يستحبُّ زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمَّ ذكر حديثَي ابن عمر وأبي هريرة من طريق الدار قطني وأحمد.
14 ـ قال محيي الدين النووي الشافعي المتوفَّي حدود 677هـ، في «المنهاج» المطبوع بهامش شرحه المغني: ج1، ص494: ويسنُّ شرب ماء زمزم، وزيارة قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بعد فراغ الحجّ.
15 ـ قال نجم الدين بن حمدان الحنبلي المتوفّى 695هـ، في «الرّعاية الكبرى» في الفروع الحنبليَّة: ويسنّ لمن فرغ عن نسكه زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)وقبر صاحبيه رضي الله عنهما، وله ذلك بعد فراغ حجِّة وإن شاء قبل فراغه.
16 ـ قال القاضي الحسين: إذا فرغ من الحجِّ فالسنَّة أن يقف بالملتزم ويدعو، ثمَّ يشرب من ماء زمزم، ثمَّ يأتي المدينة ويزور قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم): (الشفاء)(2) .

(1) شرح مختصر الخرقي في فروع الحنابلة، تأليف الشيخ أبي القاسم عمر الحنبلي المتوفّى 334هـ، والشرح المذكور من أعظم كتب الحنابلة التي يعتمدون عليها. «المؤلّف».
(2) الشفاء بتعيرف حقوق المصطفى 2: 202.
الزيارة 97

17 ـ قال القاضي أبو العبّاس أحمد السروجي الحنفي المتوفَّي 710هـ، في «الغاية»: إذا انصرف الحاجّ والمعتمرون من مكّة فليتوجَّهوا إلى طيبة مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وزيارة قبره، فإنَّها من أنجح المساعي.
18 ـ قال الامام القدوة إبن الحاجّ محمَّد بن محمَّد العبدري القيرواني المالكي المتوفّى 737 في [المدخل ]في فصل زيارة القبور 1: 257 وأمّا عظيم جناب الانبياء والرُّسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فيأتي إليهم الزائر، ويتعيَّن عليه قصدهم من الاماكن البعيدة، فإذا جاء إليهم فليتَّصف بالذلِّ والانكسار والمسكنة، والفقر والفاقة والحاجة، والاضطرار والخضوع، ويحضر قلبه وخاطره إليهم وإلى مُشاهدتهم بعين قلبه لا بعين بصره; لانّهم لا يبلون ولا يتغيّرون، ثمَّ يثني على الله تعالى بما هو أهله، ثمَّ يُصلّي عليهم ويترضّى على أصحابهم، ثمَّ يترّحم على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثمَّ يتوسَّل إلى الله تعالى بهم في قضاء مآربه ومغفرة ذنوبه، ويستغيث بهم، ويطلب حوائجه منهم، ويجزم بالاجابة ببركتهم، ويقرِّي حسن ظنِّه في ذلك، فإنَّهم باب الله المفتوح، وجرتْ سنّته سبحانه وتعالى بقضاء الحوائج على أيديهم وبسببهم».
ومَنْ عجز عن الوصول فليرسل بالسَّلام عليهم، ويذكر ما

الزيارة 98

يحتاج إليه من حوائجه ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه إلى غير ذلك، فإنَّهم السّادة الكرام، والكرام لا يردُّون مَنْ سألهم، ولا مَنْ توسّل بيهم، ولا مَنْ قصدهم، ولا مَنْ لجأ إليهم. هذا الكلام في زيارة الانبياء والمرسلين عليهم الصَّلاة والسَّلام عموماً.
ثمَّ قال: فصلٌ: وأمّا في زيارة سيِّد الاوَّلين والاخرين صلوات الله عليه وسلامه، فكلُّ ما ذكر يزيد عليه أضعافه، أعني في الانكسار والذلّ والمسكنة; لانَّه الشافع المُشفَّع الذي لا تردُّ شفاعته، ولا يخيب مَنْ قصده، ولا مَنْ نزل بسحاته، ولا مَنْ استعان أو استغاث به، إذ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قطب دائرة الكمال وعروس المملكة.
إلى أن قال: فمن توسَّل به، أو استغاث به، أو طلب حوائجه منه، فلا يُردُّ ولا يخيب; لما شهدت به المعاينة والاثار، ويحتاج إلى الادب الكلِّي في زيارته عليه الصَّلاة والسَّلام، وقد قال علماؤنا رحمة الله عليهم: إنَّ الزائر يشعر نفسه بأنَّه واقفٌ بين يديه عليه الصَّلاة والسَّلام كما هو في حياته، إذ لا فرق بين موته وحياته، أعني في مشاهدته لاُمّته ومعرفته بأحوالهم ونيّاتهم وعزائمهم وخواطرهم، ذلك عنده جليٌّ لا خفاء فيه.
إلى أن قال: فالتوسّل به عليه الصَّلاة والسَّلام هو محلّ حطّ أحمال الاوزار، وأثقال الذنوب والخطايا; لانَّ بركة شفاعته عليه الصَّلاة والسَّلام وعظمها عند ربّه لا يتعاظمها ذنبٌ، إذ أنَّها أعظم

الزيارة 99

من الجميع، فليستبشر من زاره، وليلجأ إلى الله تعالى بشفاعة نبيِّه عليه الصَّلاة والسَّلام من لم يزره، اللّهمَّ لا تحرمنا من شفاعته بحرمته عندك آمين ربّ العالمين.
ومَنْ اعتقد خلاف هذا فهو المحروم، ألم يسمع قول الله عزَّوجلَّ: « ولو أنَّهم إذ ظلموا أنفسهم جؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرَّسول »(1) الاية؟ فمَن جاءه ووقف ببابه وتوسّل به وجد الله توّاباً رحيماً; لانَّ الله مُنزَّهٌ عن خلف الميعاد، وقد وعد سبحانه وتعالى بالتوبة لمن جاءه ووقف ببابه وسأله وإستغفر ربّه، فهذا لا يشكُّ فيه ولا يرتاب إلاّ جاحدٌ للدين معاندٌ لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، نعوذ بالله من الحرمان.
19 ـ ألَّفَ الشيخ تقيّ الدين السبكي الشافعي المتوفّى 756هـ، كتاباً حافلاً في زيارة النبيِّ الاعظم في 187 صحيفة وأسماه (شفاء السِّقام في زيارة خير الانام) ردّاً على ابن تيميّة، وذكر كثيراً من أحاديث الباب، ثمَّ جعل باباً في نصوص العلماء من المذاهب الاربعة على إستحبابها، وانَّ ذلك مجمعٌ عليه بين المسلمى.
وقال في ص48: لا حاجة إلى تتّبع كلام الاصحاب في ذلك مع العلم بإجماعهم وإجماع سائر العلماء عليه، والحنفيّة قالوا: إنَّ زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)من أفضل المندوبات والمستحبّات، بل يقرب من

(1) النساء: 64.
الزيارة 100

درجة الواجبات، وممَّن صرَّح بذلك أبو منصور محمّد بن مكرم الكرماني في مناسكه; وعبدالله بن محمود بن بلدحي في شرح المختار، وفي فتاوى أبي الليث السمر قندي في باب أداء الحجّ.
وقال في ص59: كيف يتخيَّل في أحد من السَّلف منعهم من زيارة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم مجمعون على زيارة سائر الموتى، وسنذكر ذلك وما ورد من الاحاديث والاثار في زيارتهم.
وحكى في ص61 عن القاضي عياض وأبي زكرّيا النووي إجماع العلماء والمسلمين على استحباب الزيارة.
وقال ص63: وإذا استحبَّ زيارة قبر غيره (صلى الله عليه وآله وسلم)فقبره أولى; لما له من الحقِّ ووجوب التعظيم.
فإن قلتَ: الفرق [يعني بين زيارة قبر النبيِّ وغيره ]أنَّ غيره يُزار للاستغفار له; لاحتياجه إلى ذلك كما فعل النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم)في زيارته أهل البقيع، والنبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم)مُستغن عن ذلك.
قلتُ: زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم) إنَّما هي لتعظيمه والتبرُّك به، ولتنالنا الرَّحمه بصلاتنا وسلامنا عليه، كما إنّا مأمورون بالصّلاة عليه والتسليم وسؤال الوسيلة، وغير ذلك ممّا يعلم أنَّه حاصلٌ له (صلى الله عليه وآله وسلم)بغير سؤالنا، ولكنَّ النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم)أرشدنا إلى ذلك لنكون بدعائنا له متعرِّضين للرَّحمة التي رتَّبها الله على ذلك.
فإن قلتَ: الفرق أيضاً أنَّ غيره لا يُخشى فيه محذورٌ، وقبره (صلى الله عليه وآله وسلم)يُخشى الافراط في تعظيمه أن يُعبد.

الزيارة 101

قلتُ: هذا كلامٌ تقشعرُّ منه الجلود، ولولا خشية إغترار الجهّال به لماذكرته، فإنّ فيه تركاً لما دلّت عليه الادلّة الشرعيّة بالاراء الفاسدة الخياليَّة، وكيف تقدّم على تخصيص قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):«زوروا القبور»(1) ؟ وعلى ترك قوله: «مَنْ زار قبري وجبت له شفاعتي»(2) ؟ وعلى مخالفة إجماع السّلف والخلف بمثل هذا الخيال الذي لم يشهد به كتاب ولا سنَّة؟ بخلاف النهي عن أتِّخاذه مسجداً، وكون الصحابة إحترزوا عن ذلك المعنى المذكور; لانَّ ذلك قد ورد النهي فيه، وليس لنا أن نشرِّع أحكاماً من قبلنا، أم لهم شركاء شرّعوا لهم من الدِّين مالم يأذن به الله؟
فَمَنْ منع زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد شرّع من الدين والتعظيم والوقوف عند الحدّ الذي لا يجوز مجاوزته بالادلَّة الشرعيَّة، وبذلك يحصل الامر من عبادة غير الله تعالى، ومَنْ أراد الله ضلاله من أفراد من الجهّال فلن يستطيع أحدٌ هدايته.

(1) صحيح مسلم 2: 672/977، سنن أبي داود 2: 218 ـ 219، باب زيارة القبور، سنن الترمذي 3: 370/1054، سنن النسائي 4: 89 باب زيارة القبور، مسند أحمد 2: 441، سنن البيهقي 4: 70 و76، مصنّف ابن أبي شيبة 3: 343.
(2) تلخيص الحبير 2: 267، اللالي المصنوعة 2: 64، الدر المنثور 1: 237، الدرر المنتثرة في الاحاديث المشتهرة: 158، مجمع الزوائد 4: 2، أتحاف السّادة المتقين 4: 417 و 10: 363، تذكرة الموضوعات: 75، كنز العمال 15: 651/42582، الكامل في الضعفاء 6: 2350، سنن الدار قطني 2: 278/194، السنن الكبرى 2: 177، الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194 ـ 195.
الزيارة 102

فمَنْ ترك شيئاً من التعظيم المشروع لمنصب النبوَّة زاعماً بذلك الادب مع الريوبيّة، فقد كذب على الله تعالى، وضيَّع ما أمر به في حقّ رسله، كما أنَّ مَنْ أفرط وجاوز الحدَّ إلى جانب الربوبيَّة فقد كذب على رسل الله، وضيَّع ما اُمروا به في حقِّ ربِّهم سبحانه وتعالى، والعدل حفظ ما أمر الله به في الجانبين، وليس في الزِّيارة المشروعة من التعظيم ما يُفضي إلى محذور.
وعقدَ في ص75 87 باباً في كون السفر إلى الزِّيارة قربةً، وبسط القول فيه، وأثبته بالكتاب والسنَّة والاجماع والقياس، وإستدلَّ عليه من الكتاب بقوله تعالى: «ولو أنَّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فإستغفروا الله وإستغفر لهم الرَّسول لوجدوا الله توّاباً رحيماً»(1) بتقريب صدق المجييءوعدم فرق بين حياته (صلى الله عليه وآله وسلم)ومماته.
ومِنْ السنَّة بعموم قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من زار قبري»(2) ، وصريح

(1) النساء: 64.
(2) أخرجه الدار قطني في سننه 2: 287/194، والبيهقي في سننه الكبرى 2: 177، والقاضي عياض في الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194 ـ 195، والشوكاني في نيل الاوطار 4: 325، وابن حجر في تلخيص الحبير 2: 267، والسيوطي في اللالي المصنوعة 2: 64 والدر المنثور 1: 237 و الدرر المنتثرة في الاحاديث المشتهرة: 158، والهيثمي في مجمع الزوائد 4: 2، والزبيدي في أتحاف السّادة المتّقين 4: 417 و10: 363، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75، والمتقي الهندي في كنز العمال 15: 651/42582.
الزيارة 103

صحيحة ابن السكن: «مَنْ جاءني زائراً لا تعمله حاجة إلاّ زيارتي»(1) ، وبما دلَّ من السنَّة على خروج النبيِّ من المدينة لزيارة القبور، وإذا جاز الخروج إلى القريب جاز إلى البعيد، فقد ثبت في صحيح خروجه (صلى الله عليه وآله وسلم)إلى البقيع(2) بأمر من الله تعالى وتعليم عائشة كيفيَّة السَّلام على أهل البقيع. وخروجه إلى قبور الشهداء(3) .
ثمَّ قال: الرابع: الاجماع; لاطباق السَّلف والخلف، فإنَّ الناس لم يزالوا في كلِّ عام إذا قضوا الحجَّ يتوجَّهون إلى زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنهم مَنْ يفعل ذلك قبل الحجِّ هكذا شاهدناه وشاهده من قبلنا، وحكاه العلماء عن الاعصار القديمة كما ذكرناه في الباب الثالث.
وذلك أمرٌ لا يُرتاب فيه، وكلّهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه، وإن لم يكن طريقهم، ويقطعون فيه مسافة بعيدة، وينفقون فيه الاموال، ويبذلون فيه المهج، معتقدين أنَّ ذلك قربة وطاعة، وإطباق هذا الجمع العظيم من مشارق الارض ومغاربها على ممرِّ

(1) أخرجه في كتابه السنن الصحاح، كما حكاه عنه السبكي في شفاء السقام: 16.
(2) أخرجه مسلم في صحيحه. «المؤلّف».
أنظر صحيح مسلم 2: 672.
(3) أخرجه أبو داود في سننه 1: 319. «المؤلّف».
الزيارة 104

السنين وفيهم العلماء والصّلحاء وغيرهم، يستحيل أن يكون خطأ، وكلّهم يفعلون ذلك على وجه التقرُّب به إلى الله عزَّوجلَّ، ومن تأخَّر عنه من المسلمين فإنَّما يتأخَّر بعجز أو تعويق المقادير مع تأسّفه عليه وودِّه لو تيسَّر له، ومَنْ إدَّعى أنَّ هذا الجمع العظيم مجمعون على خطأ فهو المخطيء.
20 ـ قال زين الدين أبو بكر بن الحسين بن عمر القريشي العثماني المصري المراغي المتوفّى 816هـ، في (تحقيق النصرة في تأريخ دار الهجرة): وينبغي لكلِّ مسلم إعتقاد كون زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم)قربةً عظيمةً، للاحاديث الواردة في ذلك، ولقوله تعالى:
«ولو أنَّهم إذ ظلموا جاؤك فاستغفروا الله وإستغفر لهم الرَّسول»(1) الاية; لانّ تعظيمه لا ينقطع بموته.
ولا يقال: إنَّ إستغفار الرَّسول لهم إنَّما هو في حياته وليست الزيارة كذلك; لما أجاب به بعض الائمَّة المحقِّقين أنَّ الاية دلّت على تعليق وجدان الله تعالى توّاباً رحيماً بثلاثة اُمور: المجييء، وإستغفارهم، وإستغفار الرَّسول لهم. وقد حصل إستغفار الرَّسول لجميع المؤمنين; لانَّه قد إستغفر للجميع قال الله تعالى: « وإستغفر

(1) النساء: 64.
الزيارة 105

«لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات»(1) ، فإذا وجد مجيئهم وإستغفارهم كملت الامور الثلاثة الموجبة لتوبة الله تعالى ورحمته. (المواهب اللدنيَّة للقسطلاني).
21 ـ قال السيِّد نور الدين السَّمهودي المتوفّى 911هـ، في «وفاء الوفاء 2: 412»، بعد ذكر أحاديث الباب: وأمّا الاجماع: فأجمع العلماء على إستحباب زيارة القبور للرِّجال، كما حكاه النووي، بل قال بعض الظاهريَّة بوجوبها.
وقد إختلفوا في النساء وقد إمتاز القبر الشريف بالادلّة الخاصَّة به كما سبق، قال السبكي: ولهذا أقول إنَّه لا فرق في زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم)بين الرِجال والنساء.
وقال الجمال الريمي في «التقفية»: يُستثنى ـ أي من محلِّ الخلاف ـ قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)وصاحبيه، فإنَّ زيارتهم مُتسحبَّةٌ للنساء بلا نزاع، كما اقتضاه قولهم في الحجِّ: يُستحبّ لمن حجَّ أن يزور قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحينئذ فيقال معاياة قبور يستحبُّ زيارتها للنساء بالاتِّفاق، وقد ذكر ذلك بعض المتأخِّرين وهو الدمنهوري الكبير، وأضاف إليه قبور الاولياء والصَّالحين والشهداء، ثمَّ بسط القول في أنَّ السفر للزيارة قربةٌ كالزيارة نفسها.

(1) غافر: 55.

السابق السابق الفهرس التالي التالي