الاربعون حديثاً 381

مُنهمك بعالم المُلك وشؤونه ، لأن اشتغاله أكثر من الكل وأقوى ، فيكون احتجابه أكثر من الجميع ، وحرمانه عن الوصول إلى عالم الملكوت أعظم .
وأيضا لأن كافة الموجودات ذات وجهة ملكوتية يكتسبون بها الحياة والعلم والشؤون الحياتية «وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض» (1) . وهذا الدليل وجه آخر لتحقق العلم والحياة في الموجودات بأسرها .
وبعد أن عُلم أن لجميع الموجودات علما ومعرفة ، وأنها ذات وجهة ملكوتية ، ولكن الإنسان بما أنه من جهة ليس في مرتبتها ، بل أرفعها وأسماها وبما أنه محجوب من جهة أخرى عن عالم الملكوت ، فلا يتم له العلم بحياة الموجودات وشؤونها ، بعد هذا لا مانع من القول باستغفار كل ما في السماء والأرض للإنسان السالك لطريق العلم ، المتوجه إلى الحق المتعالي ، الذي هو زبدة عالم الوجود ، وولي النعمة لعالم التحقق ، والطلب من مقام غفارية الذات المقدس الحق جل وعلا ، مع ألسنتهم المقالية ، ولهجتهم الصريحة الملكوتية ، التي تسمعها الآذان الملكوتية الصاغية ، أن يغرق في بحار غفرانه هذا النتاج الكامل المُلكي ، الذي هو مفخرة الطبيعة ، وأن يستر عيوبه جميعا .
كما أنه لا مانع من احتمال آخر هو أن الكائنات الأخرى تعلم ، بأن الوصول إلى مقام فناء ذات الإنسان المقدس ، والغرق في بحر الكمال ، لا يتيسر إلا بتبع ذات الإنسان المقدس الكامل العالم بالله ، العارف للمعارف الإلهية ، الجامع للعلم والعمل ـ كما هو مقرر في محلّه ـ فمن هذه الجهة يسألون الحق سبحانه ، الكمال الإنساني ، الذي يحصل بالغرق في بحر غفارية الحق ، حتى ينالوا بواسطته كمالاتهم اللائقة بهم ـ والله العالم .

فصل
في بيان ان فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر وهي ليالي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر

إعلم أن حقيقة العلم والإيمان الذي يتقوّم بالعلم ، عبارة عن النور ، وهذا الموضوع مضافا إلى أنه مطابق مع البرهان والعرفان ، موافق لنصوص وأخبار أهل العصمة والطهارة عليهم السلام أيضا . لأن حقيقة النور التي هي عبارة عن الظاهر والمكشوف بالذات ، المظهر والكاشف للغير ، ثابتة للعلم وصادقة عليه ، بل صدق هذه الحقيقة على العلم يكون حقيقيا ، وعلى الأنوار الحسية ، مجازيا ، لأن النور الحسي ، لا ظهور ذاتي له في الحقيقة وإنه من تعيّنات

(1) سورة الأنعام ، آية : 75 .
الاربعون حديثاً 382

ـ مصاديق ـ تلك الحقيقية ، وتكون لها الماهية ، وأما حقيقة العلم ، فهي عين الوجود ذاتاً ، وغيره مفهوماً ، فهو في حاقّ الحقيقة ، وعالم الخارج موافق للوجود ومتحد معه ، وتكون حقيقة الوجود عين النور ، وعين العلم«الله نور السموات والأرض» (1) فالعلم عين النور وقد عبّر في الآيات الشريفة عن الإيمان والعلم بالنور«ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور» (2) .
وقد فسر (النور) حسب تفسير أهل بيت العصمة عليهم السلام في آية النور المباركة بالعلم ، فعن الصادق ـ عليه السلام ـ : « اللـه نـور السمـوات والأرض » قال : كذلك الله عز وجل « مثل نوره»قال : محمد صلى الله عليه وآله وسلم «كمشكوة» قال : صدر محمد صلى الله عليه وآله وسلم «فيها مصباح» قال فيه نور العلم يعني النبوة « المصباح في زجاجة»قال : علم رسول الله صَدَر إلى قلب علي ـ الحديث (3) .
وعن الباقر عليه السلام أنه يقول : انا هادي السماوات والأرض ، مثل العلم الذي اُعطيته ـ وهو النور الذي يُهتدى به ـ مثل المشكوة فيها المصباح ، فالمشكوة قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، والمصباح نوره الذي فيه العلم» (4) .
وفي رواية قال : «فالمؤمن ينقلب في خمسة من النور : مدخله نور ، ومخرجه نور ، وعلمه نور ، وكلامه نور ، ومصيره إلى الجنة يوم القيامة نور» (5) .
وورد في الحديث المعروف : «العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء» (6) .
ولهذا النور مراتب ، حسب مراتب إيمان وعلم ذوي النور .
ولا بد من معرفة أن هذا النور الحقيقي الموجود في قلوب أهل الإيمان والعلم ، لمّا كان من أنوار عالم الآخرة ، ينير في عالم الآخرة حسب فعالية النفس بالنور الحسي . وحيث أن هذا النور هو الذي ينيرالصراط ، يكون نور طائفة مثل نور الشمس وأخرى مثل نور القمر حتى ينتهي الأمر إلى نور يضيء أمام قدميه فقط .
وعندما علمنا بأن العلم نور وظهور ، حقيقة من دون شائبة مجاز ، لا بد وأن نعرف بأننا نحن المساكين الذين ما دمنا نعيش في حجب ظلمات الطبيعة ، وفي الليل المظلم من عالم المُلك ، نكون محجوبين عن العلم : الشمس الحقيقية ، والنور المتزايد للعلم والوعي ،

(1) و (2) سورة النور ، آية : 35 و 40 .
(3) توحيد الصدوق ، ص 175 .
(4) تفسير نور الثقلين ، المجلدالثالث ، ص 105 .
(5) تفسير البرهان ، المجلد 3 ، ص 135 .
(6) بحار الأنوار ، المجلد الأول ، ص 225 .
الاربعون حديثاً 383

ونتصور بأن هذه الكلمات مبتنية على المثال والمجاز والاستعارة والتخمين والتعبير .
نعم ، لمّا كنا في سُبات في هذه الحياة المستعارة ، وكان سكر الطبيعة يداعب رأسنا ولم نفرق بين الحقيقة والمجاز ، يترائى أمام رؤيتنا المجازية النور المجازي لأنه في الحقيقة تترائى في عالم المجاز ، الحقيقة ، مجازا . «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا» .
وعندما نفتح أعيننا ، نرى العالم نيّرا بمثل ما نرى الشمس والقمر نيّرين ، فبنوره في هذا العالم ، تُضاء القلوب المظلمة ، وتُحيي أموات الجهل ، وفي ذلك العالم أيضا نوره يحيط ويشفع ، من خلال إحاطته النورية ، المقتبسين من مشكاة علمه والمرتبطين بساحة قدسه .
ولا بد وأن نعرف بأن العبادة لا تتحقق من دون علم أيضا ، ومن هنا يكون للعابد نور مخصوص به ، بل إن نفس الإيمان وعبادة الحق المتعالي من سنخ النور ولكن نور العابد ، يضيء لنفسه ، وينير تحت أقدامه ، ولا ينير للآخرين ولهذا يكون مثلهم مثل النجوم ليلة البدر ، حيث تختفي أنوارها أمام نور القمر ليلة البدر ، وإنما تضيء لنفسها من دون أن تنفع الآخرين وتسطع لهم . فمثل العابد أمام العالم ، لا يكون مثل النجمة في الليل المظلم حتى ينير قدراً من المساحة المحيطة بالنجمة وإنما يضيء بمثل إضاءة النجمة ليلة البدر حيث تكون ظاهرة وغير مظهرة لشيء آخر .
قال صدر المتألهين قدس سره (أن المقصود من العالِم في هذا الحديث الشريف غير العالم الرباني ممّن يكون علمه لَدُنيّاً وحاصلا بواسطة الموهبة الإلهية كما هو شأن علم الأنبياء والأولياء عليهم السلام ، ويدل على ما ندعيه تمثيله بالقمر إذ لو كان المقصود من العلم ، اللدني منه ، لكان من الجدير به أن يمثّل بالشمس لأن نورها بإفاضة من الحق المتعال من دون واسطة شيء آخر من نوعه أو جنسه) انتهى كلامه رفع مقامه .


فصل
في بيان ان العلماء ورثة الانبياء عليهم السلام

هذه الوراثة روحانية ، وولادة العلماء من الأنبياء ولادة ملكوتية ، والإنسان كما يكون حسب نشأته المُلكية والجسمية ، وليد المُلك والطبيعة فبعد تربية الأنبياء للإنسان ، وحصول مقام القلب له ، تكون له ولادة ملكوتية . وكما أن منشأ تلك الولادة المادية ، الأب الجسماني ، يكون منشأ هذه الولادة الأنبياء عليهم السلام ، فيكونوا الآباء الروحانيين ، وتكون الوراثة ، وراثة روحانية باطنية ، والولادة ولادة ثانوية ملكوتية . وتكون التربية والتعليم بعد الأنبياء من شؤون العلماء ، الورثة الحقيقيين للأنبياء . إن الأنبياء عليهم السلام حسب هذا المقام الروحاني لا يملكون درهما ولا دينارا ولا يلتفتون إلى عالم المُلك والشؤون المُلكية فَترِكَتهم حسب هذا

الاربعون حديثاً 384

المقام الروحاني ، لا يكون شيئا آخر عدا العلم والمعارف وإن كان حسب ولادتهم ـ الأنبياء ـ المُلكية والشؤون الدنيوية يحتوون على كل الحيثيات البشرية «قل إنما أنا بشر مثلكم» (1) وورثتهم حسب هذا المقام ـ الحيثيات البشرية ـ لا يكونون العلماء ، بل أولادهم الجسمانيون الذين يرثون حسب هذا المقام الدرهم والدينار .
وهذه الرواية الشريفة ظاهرة بل صريحة على الوراثة الروحانية كما ذكرناها . ويكون مقصود الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من الحديث المنسوب إليه «نحن معاشر الأنبياء لا نوَرِّث» (2) على فرض صحة صدوره عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، ما يرتبط بشأن النبوة والوراثة الروحانية حيث لا يورّثون مالا ولا منالا ، بل يورثون العلم . كما هو واضح . والسلام .

(1) سورة الكهف ، آية : 110 .
(2) مسند أحمد ، ج 2 ، ص 463 .
الاربعون حديثاً 385

الحديث السابع والعشرون

حضور القلب


الاربعون حديثاً 386

بالسند المتصل إلى الشيخ الأجل والثقة الجليل محمد بن يعقوب الكليني ـ رضوان الله عليه ـ عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «في التوراة مكتوب يابن آدم تفرّغ لعبادتي املأ قلبك غنى ، ولا أكِلُك إلى طلبك ، وعليّ أن أسد فاقتك ، وأملأ قلبك خوفا مني . وإن لا تَفرّغ لعبادتي أملأ قلبك شُغلا بالدنيا ثم لا أسد فاقتك وأكِلُك إلى طلبك» (1) .

(1) أصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب الإيمان والكفر ، باب العبادة ، ح 1 .
الاربعون حديثاً 387

الشرح :


(تفرّغ لكذا) على وزن تفعّل بمعنى أنفق وقته جميعا ولم يبق شيء حتى ينشغل بشيء آخر . وتفرغ القلب للعبادة ، معناه إخلاؤه من الانتباه لأي شيء آخر حتى ينشغل بالعبادة خاصة .
وملأ الإناء ماء ومن الماء وبالماء : وضع فيه بقدر ما يأخذه . و «أكِلُ» متكلم مِن يَكِلُ ؛ وَكَل إليه الأمر أي سلّمه وفوّضه وتركه إليه واكتفى به . «أسُدُّ» متكلم مِن سد يَسُدُّ سدّا ، ومن باب نَصَر ؛ نقيضُ الفَتح . «الفاقة» أي الحاجة والفقر . «واملأ قلبك خوفا مني» ، الظاهر أنه ـ أملأ ـ صيغة متكلم لوحده . ويستبعد أن تكون صيغة أمر ، معطوفة على أول الكلام . ونحن سنذكر ما يتناسب من الشرح والبيان حول هذا الحديث الشريف من خلال فصول إن شاء الله .
فصل

إعلم أن التفرغ للعبادة يحصل من تكريس الوقت والقلب لها . وهذا من الأمور المهمة في باب العبادات . فإن حضور القلب من دون تفريغه وتكريس الوقت له غير ميسور ، والعبادة من دون حضور القلب ، غير مجدية . وما يبعث على حضور القلب ، أمران : أحدهما : تفريغ القلب والوقت للعبادة . ثانيهما : إفهام القلب أهمية العبادة . والمقصود من تفريغ الوقت هو أن الإنسان يخصص في كل يوم وليلة وقتا للعبادة ويوطّن نفسه على العبادة في ذلك الوقت ، رافضا الانشغال في ذلك الوقت بأي عمل آخر .
إن الإنسان إذا اقتنع بأن العبادة من الأمور الهامة ، وأنها أكثر أهمية بالنسبة إلى الأمور الأخرى ، بل لا مجال للمقارنة بين العبادة والأمور الثانية الأخرى ، لحافظ على أوقات العبادة وخصص لها وقتا .

الاربعون حديثاً 388

ونحن بعد هذه اللمحة الخاطفة من أهمية العبادة ، نشرح نبذة من أهميتها .
وعلى أي حال لا بد للإنسان المتعبد ، أن يوظف وقتا للعبادة . وأن يحافظ على أوقات الصلاة التي هي أهم العبادات وأن يؤديها في وقت الفضيلة ، ولا يختار لنفسه في تلك الأوقات عملا آخر . وكما أنه يخصص وقتا لكسب المال والجاه والدراسة والبحث ، كذلك لا بد أيضا من تخصيص وقت للعبادات ، حتى يكون خاليا من أي عمل آخر ، ويتيسّر له حضور القلب الذي هو بمثابة اللب والجوهر . ولكن إذا فرضنا بأن شخصا مثلي تكلف من أداء صلاته ، ورأى بأن العبادة من الأمور الزائدة ، لأجّل صلاته إلى أخر الوقت ، ولآتى بها بكل فتور ونقص . لما يرى حين التهيؤ لأداء الصلاة بأن هناك أمورا أخرى في نظرة أهم منها ، وأنها تتزاحم مع هذه الأمور الهامة ، فيفضّل غير الصلاة عليها . ومن المعلوم أن مثل هذه العبادة لا نورانية لها ، بل تكون مثار سخط إلهي ، وأنه مستخف بالصلاة ومتهاون في أمرها . أعوذ بالله من الاستخفاف بالصلاة وعدم الاكتراث بها .
وإن هذا الكتاب ، لا يسع عرض الأخبار المأثورة في المستخفين بالصلاة .
ولكننا سنذكر بعضها للاتعاظ والاعتبار :
عن محمد بن يعقوب بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال : «لا تتهاون بصلاتك فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال عند موته : ليس مني من استخف بصلاته ، ليس مني من شـرب مسكرا ، لا يـَرِد عليّ الحـوض لا والله» (1) .
وبإسناده عن أبي بصير قال : قال أبو الحسن الأول عليه السلام : «لمّا حضرت ابى الوفاة قال لي : يا بني لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة»
(2) .
والأخبار كثيرة في المقام ، ويكفي هذان الحديثان لمن يريد أن يعتبر ويتعظ . ويعلم الله وحده حجم المصيبة العظمى الناشئة من الانقطاع عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، والخروج من تحت ظل حمايته كما ورد في الحديثين الشريفين ؟ كما أن الله يعلم مستوى الخذلان ، عندما يُمنى الإنسان بالحرمان من شفاعة رسول الله وأهل بيته العظام ؟
لا تظن بأن أحدا يرى رحمة الحق سبحانه ، ووجه الجنة ، من دون شفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحمايته ورعايته ! والآن انتبه إلى أن تقديم أي عمل بسيط ، بل المصلحة الموهومة على الصلاة التي هي قرة عين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، والوسيلة الرفيعة لنزول رحمة الحق ، وأن إهمالها وتأخيرها إلى نهاية وقتها من دون مسوّغ ، وعدم المحافظة على حدودها ، أليست هذه الأمور من التهاون والاستخفاف بالصلاة ؟ فإذا كان هذا من

(1) و (2) فروع الكافي ، المجلد الثالث ، ص 269 ـ 270 .
الاربعون حديثاً 389

التهاون في الصلاة ، فاعلم ، حسب شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشهادة الأئمة الأطهار عليهم السلام ، أنك قد خرجت عن ولايتهم ، ولا تنالك شفاعتهم .
انتبه ، إذا أردت شفاعتهم ، ورغبت في أن تكون من أمّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، اهتم بهذه الوديعة الإلهية ، وعظّم من أمرها ، وإلا فأنت تواجه العقاب والعاقبة السيئة . إن الله تعالى وأولياءه في غنى عن أعمالي وأعمالك ، فيخشى أنك إذا لم تهتم بها ، أدى ذلك إلى تركها وينتهي الأمر إلى جحودها فتصير من الأشقياء المؤبدين والهالكين الدائمين .
والأهم من تفريغ الوقت ، تفريغ القلب ، بل إن تفريغ الوقت ، مقدمة لتفريغ القلب أيضا ، وذلك أن الإنسان لدى اشتغاله بالعبادة ، يجرّد نفسه من هموم الدنيا وأعمالها ، وينقذ قلبه من الأوهام المتشتتة ، والأمور المختلفة ، ويفرغ فؤاده نهائيا ، ويخلّصه مرّة واحدة للتوجه إلى العبادة والمناجاة مع الحق المتعالي . ولو لم يفرغ القلب من هذه الأمور ، لما حصل لقلبه ولعبادته التفرغ . ولكن شقائنا في أننا نترك كل أفكارنا المتشتتة ، وأوهامنا المختلفة إلى وقت العبادة ، وعندما نكبّر تكبيرة إحرام الصلاة ، فكأننا فتحنا باب المتجر ، أو دفتر الحساب ، أو كتاب الدرس ، ونرسل قلبنا للانصراف إلى أمور أخرى ، ونغفل كليا عن العمل العبادي ، وعندما ننتبه للعبادة نجد أنفسنا في نهاية الصلاة ! .
وفي الحقيقة إنه لمن الفضيحة أمر هذه العبادة ، ومما يبعث على الخجل أمر هذه المناجاة .
عزيزي : إجعل مناجاتك مع الحق سبحانه بمثابة التحدث مع إنسان بسيط من هؤلاء الناس ؛ فماذا بك إذا تكلمت مع صديق ، بل مع شخص غريب انصرف قلبك عن غيره ، وتوجّهت بكل وجودك نحوه ، أثناء التكلم معه ، ولكنك إذا تكلمت وناجيت ولي النعم ، ورب العالمين ، غفلت عنه وانصرفت عنه إلى غيره ؟ هل إن العباد يُقدّرون أكثر من الذات المقدس للحق ؟ أو أن التكلم مع العباد أغلى من المناجاة مع قاضي الحاجات ؟
نعم أنا وأنت ، لا نعرف ما هي المناجاة مع الحق سبحانه ؟ إننا نرى التكاليف الإلهية كلفة ، وفرضا علينا ، ومن الواضح أنه متى ما أصبح شيء ما حملا ثقيلا على الإنسان وعلى شؤون حياته ، لما اعتبر عنده ذلك الشيء ذا بال وأهمية . إنه لا بد من إصلاح الينبوع ، والعثور على الإيمان بالله ، وبكلمات أنبيائه حتى يتم إصلاح الأمور . إن كل تعاستنا من ضعف الإيمان ووهن اليقين . إن إيمان السيد ابن طاووس رضي الله تعالى عنه ، يدفعه للاحتفال بيوم بلوغه ، لأن الحق المتعال قد رخّص له بالمناجاة ، وزيّنه بزينة التكليف والخطاب . فلاحظ بكل دقة أيّ

الاربعون حديثاً 390

قلب هذا الذي يحمل هذا القدر الكبير من النور والصفاء . إذا لم يكن عمل هذا السيد الجليل حجة لك ، فعمل سيد الموحدين وأولاده المعصومين حجة عليك ، فتأمل في حياتهم وكيفية عباداتهم ومناجاتهم ، حيث كان لون وجه بعضهم يتغير لدى حلول وقت الصلاة ، وتضطرب فرائصه خشية أن يخطأ في الواجب الإلهي ، رغم أنهم كانوا معصومين .
اشتهر عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أن سهما قد أصاب رجله المباركة ، فلم يستطع أن يتحمّل ألم انتزاعه من رجله ، فقام وصلّى وفي أثناء اشتغاله بالصلاة ، إنتّزع السهم من دون أن ينتبه أصلا .
عزيزي : إن هذا الموضوع ـ عدم ادراك الألم حين التوجه إلى شيء ـ ليس من الأمور الممتنعة ، فإن له أمثلة كثيرة في الأمور العادية من حياة الناس . إن الإنسان عند هيجان الغضب أو المحبة ، يغفل عن كل شيء . قال أحد أصدقائنا الموثوقين (عندما اصطدمت مع جمع من الأوباش في مدينة أصفهان ، ففي أثناء العراك والتضارب ، علمت بأنهم يضربونني بأيديهم ولم أفهم أكثر من ذلك ، وبعد أن وضعت المعركة أوزارها ، علمت بأنهم قد طعنوني بالسكين طعنات ، وطرحوني في فراش المرض لأيام) ووجه ذلك معلوم أيضا ، فإن النفس عندما تلتفت بصورة تامّة إلى شيء ، تغفل عن مُلك البدن ، وتتوقف القوى الحسية عن العمل وتتحوّل الهموم إلى همّ واحد . إننا نشعر بأنفسنا حين السجال في الكلام والجدال في البحث ـ نعوذ بالله ـ بالغفلة عما يحدث في المجلس . ومع الأسف إننا نتوجه نحو كل شيء توجها تاما ، إلا نحو عبادة الله ، ولهذا نستبعد ذلك .
وعلى أي حال إن تفريغ القلب من غير الحق يعد من الأمور المهمة ، التي يجب على الإنسان أن يحققها مهما كلف الثمن ، والسبيل إلى تحصيله ميسور وسهل ، فمع قدر قليل من الانتباه والمراقبة نستطيع أن ننجزه .
يجب على الإنسان الذي يريد السلوك إلى الله من إمساك الخيال فترة من الزمان ، وإلجامه عندما يريد أن يتحول من غصن إلى غصن آخر ـ ويتشتت ـ وبعد مضي فترة من المراقبة ، يُدَجّن الخيال ويهدأ وتزول عنه حالة التشتت ويصير الخير من عادته ـ والخير عادة ـ فينصرف فارغ البال إلى التوجه نحو الحق والعبادة .
والأهم من كل ذلك والذي يجب أن نجعل الأمور الأخرى مقدمة له ، هو حضور القلب الذي هو روح العبادة ، والذي ترتبط به حقيقة العبادة ، ومن دونه لا يكون لها أهمية ، ولا تقع مقبولة في ساحة الحق المتعالي ، كما ورد في الروايات الشريفة :
في الكافي : بإسناده عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا : «إنما لك من صلاتك

الاربعون حديثاً 391

ما أقبلت عليه منها ، فإن أوهمها كلها أو غفل عن آدابها لُفَّت فضُرب بها وجه صاحبها» (1) .
وروى الشيخ الأقدم محمد بن الحسن ـ رضوان الله عليه ـ في التهذيب بإسناده عن الثمالي قال : «رأيت علي بن الحسين عليهما السلام يصلي فسقط رداؤه عن منكبه فلم يسوّه حتى فرغ من صلاته . قال : فسألته عن ذلك ، فقال : وَيحَك أتدري بين يدي من كنت ؟ إن العبد لا يُقبل منه صلاة إلا ما أقبل عليه منها . فقلت : جُعلت فداك هلكنا . قال : كلا ، إن الله متمّم ذلك للمؤمنين بالنوافل» (2) .
وعن الخصال : بإسناده عن علي عليه السلام في حديث الأربعمائة قال : «لا يقومنّ أحدكم في الصلاة متكاسلا ولا ناعسا ، ولا يُفكرن في نفسه فإنه بين يدي ربه عز وجل ، وإنما للعبد من صلاته ما أقبل عليه منها بقلبه»
(3) .
والأخبار في هذا المضمار كثيرة . وهكذا بالنسبة إلى فضيلة توجه القلب . ونحن نذكر بعضها في المقام ونكتفي به ، فإنه كاف لمن أراد أن يعتبر ويتعظ .
وعن محمد بن علي بن الحسين صدوق الطائفة بإسناده عن عبد الله بن أبي يعفور قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : «يا عبد الله إذا صليت فصل صلاة مودّع يخاف أن لا يعود إليها أبدا ، ثم اصرف ببصرك إلى موضع سجودك ، فلو تعلم من عن يمينك وشمالك لأحسنت صلاتك ، واعلم أنك بين يدي من يراك ولا تراه» (4) .
وبإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث أنه قال : «لأحب للرجل المؤمن منكم إذا قام في صلاة فريضة أن يُقبل بقلبه إلى الله ولا يشغل قلبه بأمر الدنيا ، فليس من عبد يُقبِل بقلبه في صلاته إلى الله تعالى إلا أقبل الله إليه بوجهه وأقبل بقلوب المؤمنين إليه بالمحبة بعد حب الله إياه»
(5) .
انتبه ما أعظم هذا الخبر الباعث على الفرح والسرور ، الذي يخبر به الصادق من آل محمد عليهم السلام المؤمنين ، ومع الأسف إننا نحن المساكين المحجوبين عن المعرفة ، المحرومين من التوجه إلى الحق المتعالي ، لا نعرف شيئا عن صداقة ذاته المقدس لنا وإقباله علينا ونقيس الصداقة مع الحق على الصداقة مع العباد . إن أهل المعرفة يقولون بأن الحق المتعالي يرفع الحجب لمحبوبه ، ويعلم الله ما في هذا الرفع للحجب من الكرامات ! إنه غاية آمال الأولياء ، وأقصى أمنياتهم من رفع هذه الحجب .
إن أمير المؤمنين عليه السلام وأولاده المعصومين يسألون الله سبحانه في المناجاة الشعبانية قائلين :

(1) فروع الكافي ، المجلد الثالث ، ص 363 .
(2) و (3) وسائل الشيعة ، المجلد الرابع ، الباب الثالث من أبواب أفعال الصلاة ، ح 6 و ح 4 .
(4) وسائل الشيعة ، المجلد الرابع ، الباب الثاني من أبواب أفعال الصلاة ، ح 5 .
(5) وسائل الشيعة ، المجلد الرابع ، الباب الثاني من أبواب أفعال الصلاة ، ح 6 .
الاربعون حديثاً 392

«إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك ، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك ، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور ، فتصل إلى معدن العظمة ، وتصير أرواحنا معلّقة بعز قدسك» (1) .
إلهي أيّة بصيرة هذه البصيرة القلبية النورانية التي سألها أولياؤك ، ورجوك أن يصلوا إليك بها ؟
إلهي ما هي هذه الحجب النورية التي يتداول ذكرها على ألسنة أئمتنا المعصومين عليهم السلام ؟ . إلهي ما هو معدن العظمة والجلال وعز القدس والكمال ، الذي يكون منتهى طلب هؤلاء الكبار ، ونحن منه محرومون حتى عن استيعابه العلمي فكيف بتذوقه وشهوده ؟ إلهي نحن عبادك المسودة وجوههم والمظلمة أيامهم ، لا نعرف شيئا عدا طعامنا وشرابنا وراحتنا وبغضنا وشهوتنا ، ولا نفكر يوما في معرفة هذه الأمور ، فانظر إلينا بلطفك ، وأيقظنا من سُباتنا وأزل عنا هذا السُكر الذي قد غشينا .
وعلى أي حال يكفي لأهل المعرفة هذا الحديث الواحد ، حتى ينفقوا جل عمرهم ، لتحصيل الحب الإلهي ، ويتمتعوا بالإقبال على الله . ولكن أمثالنا الذين لا يكونون جياد هذه الساحة وفرسان هذا الميدان نتشبث بأحاديث أخرى :
عن ثواب الأعمال : بإسناده عمّن سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول : «يقول من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيهما ، انصرف وليس بينه وبين الله ذنب إلا غفر له» (2) .
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : «ركعتان خفيفتان في تفكّر خير من قيام ليلة» (3) .
فصل

بعد أن علم أن حضور القلب في العبادات ، جوهر العبادة وروحها ، وأن نورانية العبادة مع مراتب كمالها ، مرتبطتان بحضور القلب ومراتبه ، لا بد من معرفة مراتب حضور القلب : بعضها تختص بأولياء الحق سبحانه ، وتكون أيدي الآخرين قاصرة عن الوصول إلى قمتها ، وبعضها متيسرة الحصول والتحقق لكافة الناس أيضا .
ولابد من معرفة أن حضور القلب ، ينقسم بصورة عامة إلى قسمين مهمين :
أحدهما : حضورالقلب في العبادة . والآخر حضور القلب في المعبود .
وقبل شرح هذا الموضوع ، نضطر إلى ذكر مقدمة هي :

(1) مفاتيح الجنان ، المناجاة الشعبانية .
(2) و (3) وسائل الشيعة ، المجلد الرابع ، الباب الثاني والثالث من أبواب أفعال الصلاة ، ح 7 و ح 5 .
الاربعون حديثاً 393

يقول أهل المعرفة ـ العرفاء ـ أن العبادات بأسرها ، ثناء للمعبود ولكن كل منها ثناء على الحق سبحانه ، بواسطة نعت من النعوت أو اسم من الأسماء ، إلا الصلاة فإنها ثناء للحق مع جميع الأسماء والصفات . وقد تقدم منا الكلام لدى شرح بعض الأحاديث أن ثناء المعبود من الفطرة ، التي جبل عليها جميع الناس ، والتي تقضي بلزوم الثناء على المعبود ، والخضوع للكامل المطلق والجميل المطلق والمنعم المطلق والعظيم المطلق . وحيث أن أحدا لا يستطيع أن يكتشف كيفية ثناء الذات الأحدى المقدس ، لأنه قائم على معرفة الذات والصفات ، وكيفية ارتباط عالم الغيب بعالم الشهادة ، وعالم الشهادة بعالم الغيب ، وهذه المعرفة غير متيسرة لكل أحد إلا عن طريق الوحي والإلهام الإلهي ، لهذا كانت العبادات بشكل عام توقيفية ، وبيد الحق سبحانه ، ولا يحق لأحد أن يشرّع من عنده ، ويبدع عبادة ، كما لا اعتبار لأساليب التواضع والاحترام المعهودة عند الناس أمام الكبار والسلاطين ، لا اعتبار لها عند ساحة قدس رب العالمين . فلا بد للإنسان أن يفتح سمعه وعينه ويتلقى كيفية العبادة والعبودية من الوحي والرسالة ، من دون أن يتصرّف هو بنفسه .
فبعد أن علمنا بأن العبادة هي الثناء على المعبود ، إعلم بأن حضور القلب كما أشير إليه ينقسم إلى قسمين مهمين :
أحدهما حضور القلب في العبادة . والآخر حضور القلب في المعبود .
أما حضور القلب في العبادة ، فله أيضا مراتب ، وعمدتها مرتبتان :
أحداهما : حضور القلب في العبادة إجمالا : وهو أن الإنسان لدى إنجازه لعبادة ـ مهما كانت هذه العبادة من الطهارة مثل الوضوء والغسل أو من قبيل الصلاة والصيام والحج وغيرها من الأمور العبادية ـ يعرف إجمالا بأنه يثني على المعبود ، رغم عدم معرفته أي ثناء يثني أو أي اسم من أسماء الحق يدعو .
لقد كان شيخنا العارف الكامل ـ الشاه آبادي روحي فداه ـ يضرب مثلا على حضور القلب في العبادة على سبيل الإجمال بأن شخصا ينظم قصيدة في مدح أحد فيعطيها لطفل لا يستوعب معنى القصيدة كي يلقيها أمام ذلك الشخص ، ثم يفهم الطفل بأن هذه القصيدة قد نظمت في مدح ذلك . فعندما يقرأ الطفل هذه القصيدة ، يعلم إجمالا بأنه يثني على الممدوح رغم جهله لكيفية ثنائه عليه . ونحن الذين أيضا بمثابة الأطفال نمدح الحق ، من دون أن نعرف ما هي أسرار هذه العبادات ؟ وما هي الأسماء التي ترتبط بها هذه العبادات ؟ وكيف تكون هذه العبادات ثناءا للحق جل وعلا ؟ ولكن لا بد وأن نعرف إجمالا بأن كل واحد من هذه العبادات ، ثناء على الكامل المطلق والمعبود المطلق والممدوح المطلق ، على الشكل الذي أثنى هو بنفسه على نفسه ، وأمرنا أن نثني أمام ساحته المقدسة بنفس هذه الكيفية .

الاربعون حديثاً 394

وثانيهما من مراتب حضور القلب ، هو حضور القلب في العبادة بصورة تفصيلية ولا تتيسر لأحد المرتبة الكاملة منها إلا للخلّص من أوليائه ، ولأهل المعرفة ، ولكن بعض المراتب الدانية منها متيسرة الحصول للآخرين ، حيث تكون المرتبة الأولى ، الالتفات إلى معاني الألفاظ في مثل الصلاة والدعاء ، وقد أشير إلى هذه المرتبة في رواية مأثورة عن (ثواب الأعمال) سابقا .
والمرتبة الأخرى أن يعرف حسب الإمكان أسرار العبادة ، ويعلم كيفية ثناء المعبود في كل من الأوضاع والأحوال .
إن أهل المعرفة قد بيّنوا شيئا قليلا من أسرار الصلاة والعبادات الأخرى ، واستفادوا حسب الإمكان من أخبار المعصومين عليهم السلام ، وإن كان فهم الحقيقة بأسرها غير متيسر إلا للقليل من الناس ، وما تيسّر فهمه ، فهو غنيمة لأهله .
وأما حضور القلب في المعبود : فله مراتب أيضا وعمدتها ثلاث مراتب :
إحداهما حضور القلب في تجلّيات الأفعال . ثانيتها حضور القلب في تجلّيات الأسماء والصفات وثالثتها حضور القلب في تجلّيات الذات ، ولكل واحد من هذه المراتب الثلاث بصورة كلية أربع مراتب :
المرتبة العلمية ، المرتبة الإيمانية ، المرتبة الشهودية ، المرتبة الفنائية . والمقصود من حضور القلب في تجلّيات الأفعال العلمية ، هو أن الشخص العابد السالك يدرك عن يقين وبرهان بأن مراتب الوجود كافة ، ومشاهد الغيب والشهود بأسرها ، قبس من فيوضات تجلي الذات الأقدس ، وأن أدنى مرتبة في عالم الطبيعة إلى ينبوع الملكوت الأعلى والجبروت الأعظم ، حاضرون عند ساحة قدسه ، بشكل واحد ، وأن الجميع شعاع مظهر مشيئته كما ورد في الحديث الشريف المنقول عن الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام : «خَلَق الله المشيّة بنفسها ثم خلق الأشياء بالمشيّة» (1) فالمشية تكون بنفسها مظهرا للذات ، وسائر الموجودات مخلوقة بها . ونحن لسنا بصدد الاستدلال على هذا المعنى الشريف . فإذا علم العابد هذا المعنى عن علم ودليل ، فهم بأنه هو وعبادته وعلمه وإرادته وقلبه وحركات قلبه وظاهره وباطنه والجميع حاضرون في ساحة قدسه بل الكل عين الحضور .
وإذا سجّل مع قلم العقل هذا المعنى الثابت بالدليل ، على لوح القلب ، واعتقد عبر الترويض العلمي والعملي ، بهذه القضية اليقينية الإيمانية ، لبلغ حضور القلب مرتبة تجلي الإيمان . وبعد حصول الكمال لهذا الإيمان والمجاهدة والترويض والتقوى الكاملة للقلب ،

(1) أصول الكافي ، المجلد الأول ، كتاب التوحيد ، باب الإرادة أنا من صفات الفعل ج 4 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي