الاربعون حديثاً 192

جهة الشمال لكيلا تزداد الحرارة فتصاب الكائنات بالضرر . وكذلك الحضيض ، او اقرب نقطة بين الشمس والارض ، يقع في جهة الجنوب ، لكيلا يصاب اهل الارض بضرر . ولا يكتفي بهذا ايضا ، فالقمر المؤثر في تربية موجودات الارض ، يعاكس الارض في سيرها ، بحيث عندما تكون الشمس في شمال الارض ، يكون القمر في جنوبها ، والعكس بالعكس ، اذا كان هذا في الشمال ، كانت تلك في الجنوب ، وذلك لانتفاع سكان الارض منهما . هذه كلها من الامور الضرورية المحسوسة . غير ان الاحاطة ببدائع النظام ودقائقه لا تكون الا للخالق الذي يحيط علمه بكل شيء .
ولكن لِم ابتعدنا كل هذا البعد ؟ فليفكر المرء في خلقه هو ، على قدر طاقته وسعة علمه : اولا في الحواس الظاهرة التي صنعت وفق المدركات والمحسوسات ، اذ ان لكل مجموعة من المدركات ، التي توجد في هذا العالم ، قوة مدركة بأدق ما تكون من الدقة والترتيب المحيرين للعقول .
والامور المعنوية ، التي لا تدرك بالحواس الظاهرة ، تدرك على ضوء الحواس الباطنية . دع عنك علم الروح والقوى الروحية للنفس ، مما تقصر مدارك الانسان عن فهمها ، واتجه بنظرك الى علم الابدان وتشريحها وبنائها الطبيعي ، وخصائص كل عضو من الاعضاء الظاهرة والباطنة . انظر ما اغرب هذا النظام وما اعجب هذا الترتيب ؟! على الرغم من ان علم البشر لم يبلغ حتى الآن ، ولن يبلغ حتى بعد مائة قرن ، الى معرفة واحد بالالف منه ، حسب الاعتراف الصريح بافصح لسان من جميع العلماء بعجزهم ، مع ان جسم الانسان بالنسبة الى كائنات الارض الاخرى ، لا يزيد على مجرد ذرة تافهة ، وان الارض وجميع كائناتها ، لا تعدل شيئا ازاء المنظومة الشمسية ، وان كل منظومتنا الشمسية لا وزن لها ازاء المنظومات الشمسية الاخرى ، وان كل هذه المنظومات ، الكبيرة منها والصغيرة ، مبنية وفق ترتيب منظم ، ونظام مرتب ، بحيث ان اي نقد لا يمكن ان يوجه الى اتفه ذرة فيها ، وان عقول البشر كافة عاجزة عن فهم دقيقة من دقائقها .
فهل بعد هذا التفكر يحتاج عقلك الى دليل آخر ليذعن بان كائنا عالما ، حكيما ، لا يشبه الكائنات الاخرى ، هو الذي اوجد هذه الكائنات بكل حكمة ونظام وترتيب واتقان ؟
«أفي الله شك فاطر السموات والارض» (1) .
ان كل هذا الخلق المتقن الذي يعجز عقل الانسان عن فهمه ، لم يظهر عبثا وتلقائيا ! فلتعمَ عين القلب التي لا ترى الله ، ولا تشاهد جمال جميله في هذه المخلوقات ! وليمحق

(1) سورة ابراهيم ، آية : 10 .
الاربعون حديثاً 193

الذي يبقى في الشك والتردد بعد كل هذه الآيات والآثار ؟ ولكن ما الذي يستطيع هذا الانسان المسكين عمله بالاوهام ؟ .
لو انك عرضت مسبحتك وزعمت ان حباتها قد انتظمت تلقائيا من دون ان ينظمها منظم ، لاستهزأت بك البشرية . والأدهى من ذلك انك لو اخرجت ساعتك من جيبك وزعمت نفس الزعم نفسه ايضا بالنسبة اليها ، الا يخرجونك من زمرة العقلاء ؟ والا يرميك كل عقلاء العالم بالجنون ؟ فاذا وُصف الذي يُخرج نظام هذه الساعة من قاعدة العلة والمعلول ، بانه مجنون ويجب ان يحرم من حقوق العقلاء فما الوصف المناسب الذي يجب ان يوصف به من يزعم ان نظام هذا العالم ، لا بل هذا الانسان ونظام روحه وجسمه قد ظهر تلقائيا ؟ هل يجب ابقاؤه في زمرة العقلاء ؟ ترى اي بله اشد من هذا ؟ .
«قتل الانسان ما اكفره» (1) .

فصل
في التفكر في احوال النفس

من درجات التفكر ايضا في احوال النفس ، مما يؤدي الى نتائج كثيرة ومعارف عديدة . واننا سنلقي نظرة على نتيجتين اثنتين : الاولى : العلم بيوم المعاد . والثانية : العلم بارسال الرسل وانزال الكتب ، اي النبوة العامة ، والشرائع الحقة .
ان من حالات النفس هو تجردها ، وهي حالة لم يُولِ الحكماء العظام اهمية لأية مسالة حكمية فلسفية اخرى مثلما أولوا هذه المسالة واثبتوها بالأدلة والبراهين . ولكننا لسنا الآن في صدد اثبات تجرد النفس بصورة مفصلة ، وانما نكتفي ببعض الادلة التي لا تستعصي مبادؤها على الفهم ، للوصول الى المقصود .
فنقول : يجمع الاطباء وعلماء الابدان ، وحسب التجارب ، على ان جميع اعضاء الجسم ، من ام الدماغ التي هي مركز الادراكات ومحل ظهور قوى النفس ، وحتى آخر اجزائه الصلبة ، تبدا ، من سن الخامسة والثلاثين ، او الثلاثين فما فوق ، بالانحدار نحو الانحطاط والنقصان ، والاقتراب من الضعف والانحلال . ولقد جربنا بانفسنا ايضا كيف يبدو الضعف في القوى كلها . ولكن في هذه الفترة نفسها ، اي من سن الثلاثين او الاربعين فما فوق ، تزداد القوى الروحية والادراكات العقلية كمالا ورقيا وسدادا . ويتضح من هذا ان القوى العقلية ليست جسمانية ، اذ لو كانت جسمانية لانحدرت ، مثل سائر قوى الجسم ، نحو الضعف والوهن . كما لا يمكن القول بان القوى العقلية تزداد قوة بكثرة اعمال القوة الفكرية وحصول

(1) سورة عبس ، آية : 17 .
الاربعون حديثاً 194

التجربة ، اذ ان القوى الجسمانية ينتابها التعب والانحلال ، لا القوة والكمال ، نتيجة كثرة العمل وبذل الجهد . وهذا بذاته دليل على ان القوى العقلية ليست جسمية ولا من آثار الجسم . والاعتراض على هذا الكلام بضعف القوى الفكرية ايام الكهولة ، كالضعف الجسماني ، لا محل له ، وذلك لانه :
اولا : ليست هناك قوة جسمانية تنمو وتشتد حتى سن الكهولة بحيث يمكن ان نقول بان الموضع الفلاني من الجسم هو موضع الادراكات العقلية وانه كان يشتد ويزداد قوة حتى سن الكهولة ، والآن بعد ان ضعف هذا الموضع ضعفت بضعفه القوة الفكرية ايضا .
ثانيا : هل ان هذا الضعف في الكهولة يعود الى الفكر كقوة حالّة في الجسم ، ام ان الفكر يحتاج الى قوة جسمانية فعند وهن الجسم ـ محل الفكر ـ لا يؤدي دورالفكر ؟ هذا كله بالنسبة الى القوة الفكرية . واما الادراكات المحضة والملكات الفاضلة في فترة الكهولة تكون اقوى ايضا مما كانت عليه من قبل ، حتى وان قل ظهورها او اظهارها . وعلى كل حال ، يكفي لاثبات دعوانا ـ تجرد النفس ـ ما قلناه من قوة الادراك في سن الاربعين او الخمسين مع ان الجسم ينحدر نحو الوهن والضعف .
واما الاجابة على الاعتراض والنقض هو ان النفس لمّا تستجمع قواها من مُلك البدن ، وتعود القوى الى باطن ذاتها ، فكلما كانت القوى اقرب الى عالم الجسم والجسماني ، كلما كان اسرع الى الضعف والكلال ، وكلما كانت ابعد كانت ابطأ في الاصابة بالضعف . اما القوى التي تنتمي الى عالم التجرد والملكوت فتقوى وتزداد شدة عندما يزداد عمر الانسان . وهذا دليل على ان النفس ليست جسما ولا هي قوة جسمانية .
وايضا ان خصائص النفس وآثارها وافعالها على النقيض من خصائص الاجسام وآثارها وافعالها بصورة مطلقة . وهذا دليل على ان النفس ليست جسما .
فمثلا ، نحن نعلم ان الجسم لا يتقبل بالضرورة سوى صورة واحدة ، واذا اريد اعطاؤه صورة اخرى كان لا بد للصورة الاولى ان تفارقه لكي يمكنه تقبل الصورة الثانية . فاذا رسمت مثلا ، صورة على صفحة الورق ، لا يمكن رسم صورة اخرى مكانها الا اذا ازيلت الصورة الاولى تماما . وهذا الحكم يجري في جميع الاجسام بالضرورة العقلية .
اما النفس فتختلف تماما ، ففي الوقت الذي تكون هناك صورة مرسومة فيها ، يمكن رسم صورة اخرى مضادة لها من دون زوال الصورة الاولى .
وايضا ان الجسم ترتسم فيه الصور المتناهية . اما في النفس فترتسم الصور غير المتناهية . ولهذا فهي تحكم على الامور غير المتناهية .

الاربعون حديثاً 195

وايضا ان الجسم الذي تزول منه الصورة ، لا تعود اليه من دون استئناف السبب ، ولكن النفس اذا غابت عنها بعض الصور عادت اليها من دون سبب خارجي .
اذاً ، يتبين ان النفس تضاد جميع الاجسام في خصائصها وآثارها وافعالها . اي ان النفس مجردة وليست من سنخ الاجسام والجسمانيات ، والمجردات لا تفسد ، كما هو مبرهن عليه في محله . وذلك لان الفساد لا يكون من دون مادة قابلة للفساد ، والمجردات منزهة عن مادة قابلة للفساد . اذ ان ذلك من لوازم الاجسام . اذاً ، لا تفسد النفس . ومن هنا يستنتج ان النفس لا تفسد بفساد البدن وبمفارقتها له ، بل تبقى في عالم آخر ، ولا تفنى . وهذا هو المعاد الروحي للنفوس والارواح قبل يوم القيامة الى ان يشاء الله لها ان تعود الى الابدان . اننا الآن في صدد اثبات المعاد المطلق في قبال المنكر المطلق وقد اتضحت الفكرة من هذه المقدمات .
ولا بد ان نعرف ان للنفوس صحة ومرضا ، وصلاحا وفسادا ، وسعادة وشقاء ، وان ادراك طرقها ودقائق مصالحها ومفاسدها لا يتسنى لاحد سوى ذات الله المقدسة . لذلك ففي النظام الاتم ـ الذي هو احسن نظام ، وقد تبين من قبل ان منظمه حكيم على الاطلاق ومحيط بكل شيء ـ لا يمكن ان يهمل بيان طرق السعادة والشقاء ، والطرق الهادية الى الصلاح والفساد ، وطرق علاج النفوس ، اذ ان مثل هذا الاهمال يقتضي النقص في العلم او النقص في القدرة ، او الظلم والبخل من دون سبب .
ولقد تبين ان ذات الله المقدسة منزهة عن كل ذلك ، فهو الكامل على الاطلاق والمفيض على الاطلاق ، وان اهمال بيان الطرق الموصلة الى السعادة والشقاء يعد خللاً كبيرا في الحكمة ، ويبعث على الفساد والاختلال في النظام والحكم . اذاً ، اصبح من اللازم بيان طرق السعادة والهداية في النظام الاتم .
وقد حصلت من هذا نتيجتان واضحتان :
الاولى : هي ان الشريعة ـ وهي الوصفة الخاصة باصلاح الامراض النفسية ـ لا توجد الا عند ذات الحق المقدس .
والثانية : هي ان الله تعالى يعلنها ـ الشريعة ـ حتما . ومعلوم ان مثل هذا الهدف العظيم ، وهذا العلم الكامل الدقيق الذي يعجز عن ادراكه اعقل العقلاء ، الذي يربط بين المُلك والملكوت وتاثير الصور الملكية في باطن النفس ، لا يقع لاحد الا عن طريق الوحي والالهام . اي يجب ان يكون تعليمه من جانب الحق تعالى . وبديهي ، ان جميع افراد البشر ليسوا خليقين بمثل هذه الهبة ، وليست لهم القابلية والقدرة على القيام بمثل هذه المهمة . ولكن يظهر خلال بضعة قرون من يكون جديرا بالاضطلاع بمثل هذا الواجب وتحقيق مثل هذا الهدف العظيم ،

الاربعون حديثاً 196

فيبعثه الحق تعالى ليبين للناس الطريق الى السعادة والطريق الى الشقاء ، وليعلّم الناس كيف يصلحون انفسهم . وهذه هي النبوة العامة .
ولمّا انتهى بنا الحديث الى هنا ، خطر لي ان اشير استطرادا الى موضوع اراه من البديهيات .
وهو اننا وبعد ان علمنا ضرورة وجود شريعة الهية لبني البشر ، ولزوم رجوعنا الى الشرائع السائدة بين الناس ، وهي على الاغلب الشرائع الالهية الثلاث : اليهودية والمسيحية والاسلام ، نرى بان الشريعة الاسلامية هي اكمل من الشرائع الاخرى في ابعادها الثلاثة ، التي هي اساس الشرائع ومدار التشريع ، ـ احدها ما يعود الى العقائد الحقة ، والمعارف الالهية وتوصيف الحق وتنزيهه وكيفية ذلك . والعلم بالملائكة وتوصيف الانبياء (عليهم السلام) وتنزيههم ، مما هو اصل الشريعة واساسها . وثانيها ما يعود الى الخصال الحميدة والاخلاق الفاضلة واصلاح النفس . وثالثها هو جانب الاعمال الفردية والاجتماعية والسياسية والمدنية وغير ذلك ـ بل ان كل ناظر منصف وغير مغرض في هدفه يدرك ان الاسلام ارقى من ان يقارن بدين آخر ، وان الحياة البشرية لم تشهد قانونا ولا شريعة بهذا الاتقان بحيث تكون تامة وكاملة في جميع مراحل الحياتين الدنيوية والاخروية . وهذا بذاته خير دليل على احقية الاسلام وصدقه .
وعليه ، وبعد اثبات النبوة العامة ، وان الله قد شرع لبني البشر شريعة ، وبين لهم طريق الهداية ، ووضعهم ضمن اطار نظم ونظام ، لم يعد اثبات احقية الدين الاسلامي بحاجة الى مقدمات ابدا ، سوى التمعن فيه ومقارنته بسائر الاديان والشرائع في جميع المراحل التي يمكن تصورها ، ابتداء من حاجة الانسان الى الملكات الحقة والمعارف النفسانية ، وحتى بلوغ الواجبات النوعية المفردية والاجتماعية . وهذا معنى من معاني الحديث الشريف : «الاسلام يعلو ولا يُعلى عليه» (1) اذ كلما ازداد العقل البشري تقدما وتطورا في مدركاته وتمعنا في حجج الاسلام وبراهينه ، ازداد خضوعا لنور هدايته ، وقوة امام الحجج فلا تظهر حجة ودليل في العالم ضد الاسلام الا وينتصر عليه .
والمستخلص من ادلتنا على اثبات نبوة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم هو انه لما كان اتقان خلق الكائنات وحسن ترتيبها وتنظيمها دليلا يهدينا الى الاعتراف بوجود الخالق والمنظم الذي يحيط علمه بكل الدقائق واللطائف والجلائل ، كذلك يهدينا اتقان احكام شريعة وحسن نظامها وترتيبها الكامل وكونها تتكفل بكل الحاجات المعنوية والمادية ، الدنيوية والاخروية ، الفردية والاجتماعية ، الى ان مشرّعها ومنظمها عالم محيط بجميع حاجات العائلة

(1) وسائل الشيعة ، المجلد 17 ، كتاب الفرائض والمواريث ، ح 32365 .
الاربعون حديثاً 197

البشرية . وكما ان العقل يهدينا الى ان عقل ذلك الانسان ، الذي كتب تاريخه جميع المؤرخين من مختلف الامم قائلين انه كان اميا وعاش في محيط خال من الكمالات والمعارف ، لا يمكن ان يكون قادرا على وضع مثل هذا الترتيب الكامل والنظام التام بنفسه . كذلك ندرك بالضرورة ان هذه الشريعة قد شرعت في الغيب وفيما وراء الطبيعة ، ونزلت عن طريق الوحي والالهام على ذلك الانسان العظيم . والحمد لله على وضوح الحجة .
كنت ناويا الاشارة الى نوع آخر من انواع التفكر ، وهو التفكر في عالم المُلك الذي تكون نتيجته الزهد . ولكن عنان القلم في المقالات السابقة قد افلت من يدي ، فشرحت ذلك بصورة مطولة ، ادت الى الخروج عن الموضوع ولهذا غضضت الطرف عنه .

فصل
في فضيلة صلاة الليل

بقي علينا شرح جملتين اخريتين من الحديث الشريف حيث يقول صلوات الله عليه «جاف عن الليل جنبك واتق الله ربك» .
في هذا الكلام المبارك يقرن الامام عليه السلام الاعمال القلبية والتفكر المنبه ، وتقوى الله تعالى ، باحياء الليل ومجافاة الفراش من اجل العبادات . وهذا دليل على كمال صلاة الليل وفضيلته واهميته . كما ان الاحاديث الشريفة تمجد هذا العمل الشريف كثيرا . ويُستدل من سيرة ائمة الهدى عليهم السلام والمشايخ العظام والعلماء الاعلام انهم كانوا مثابرين على ادائها . بل كانوا يحرصون على اليقظة في الهزيع الاخير من الليل ، بصرف النظر عن التعبد فيه .
لقد جاء في كتاب «وسائل الشيعة» ـ الذي يعتبر من اعظم كتب الامامية ، ومدار المذهب ومرجع العلماء والفقهاء ـ واحد واربعون حديثا في فضلها ، والعديد من الاحاديث في كراهية تركها . وفضلا عن ذلك يشير الى السابقات واللاحقات من الاحاديث في شانها . وهناك ، بالطبع ، احاديث كثيرة جدا في كتب الادعية وغيرها ، ولكننا ، من اجل التيمن والتبرك نورد بعضا منها :
«عن الكافي باسناده عن معاوية بن عمار قال : سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول : كان في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي قوله : يا علي ! اوصيك في نفسك بخصال فاحفظها ، ثم قال : اللهم اعنه ... الى ان قال : وعليك بصلاة الليل وعليك بصلاة الليل وعليك بصلاة الليل» (1) .
يتبين من صدر هذا الحديث وذيله ما لصلاة الليل من اهمية .

(1) وسائل الشيعة ، المجلد الخامس ، الباب 39 ، من ابواب بقية الصلوات المندوبة ، ح 1 .
الاربعون حديثاً 198

« وعن الخصال باسناده عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لجبرئيل : عظني ، فقال : يا محمد عش ما شئت فانك ميت ، واحبب ما شئت فانك مفارقه ، واعمل ما شئت فانك ملاقيه ، واعلم ان شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه كفه عن اعراض الناس» (1) .
ان تخصيص الموعظة المقدسة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الامر ليدل ايضا على اهميته البالغة . ولو كان جبرائيل الامين يرى اهمية اكبر لاجر آخر لكان قدمه في هذا المقام :
وفي المجالس باسناده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث : «فمن رُزق صلاة الليل من عبد او امة قام لله مخلصا فتوضا وضوءا سابغا وصلى لله عز وجل بنية صادقة وقلب سليم [وبدن خاشع] وعين دامعة جعل الله تعالى خلفه سبعة صفوف من الملائكة في كل صف ما لا يحصى عددهم الا الله احد طرفي كل صف بالمشرق والآخر بالمغرب ، فاذا فرغ ، كتب الله عز وجل له بعددهم درجات» (2) .
وعن العلل باسناده الى انس قال : « سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : الركعتان في جوف الليل احب الي من الدنيا وما فيها» (3) .
وثمة احاديث كثيرة اشير فيها الى ان صلاة الليل هي شرف المؤمن ، وزينة الآخرة ، مثلما ان المال والبنين زينة الحياة الدنيا .
« وعن العلل باسناده الى جابر بن عبد الله الانصاري قال : « سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ما اتخذ الله ابراهيم خليلا الا لاطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام» (4) .
ولو لم تكن لصلاة الليل سوى تلك الفضيلة لكفتها ، ولكن لاهلها ، وهم ليسوا بامثالي . اننا لا نعلم شيئا عن عظمة رداء الخَلّة وما يعني مقام اتخاذ الله تعالى العبد حبيبا وخليلا . فكل العقول تعجز عن تصور ذلك . فلو انهم اكرموا الخليل بكل ما في الجنة من نعم ، فانه لا يلتفت اليها (ما دام مع خليله) . وانت ايضا اذا كان لك محبوب عزيز ، او كان لك صديق حميم ودخل عليك ، فانك تترك كل نعمة ورفاه ، وتستغني عن ذلك بجمال المحبوب ولقاء الصديق ، بالرغم من ان هذا المثل بعيد عن المقام بعد المشرقين .
وعن علي بن ابراهيم باسناده عن ابي عبد الله عليه السلام قال : «ما من عمل حسن يعمله العبد الا وله ثواب في القرآن الا صلاة الليل فان الله لم يبين ثوابها لعظيم خطرها عنده فقال « تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما اخفي لهم

(1) وسائل الشيعة ، المجلد الخامس ، الباب 39 ، من ابواب بقية الصلوات المندوبة ، ح 3 .
(2) و (3) و (4) المجلد الخامس ، الباب 39 ، من ابواب بقية الصلوات المندوبة ، ح 29 و ح 31 و ح 30 .
الاربعون حديثاً 199

من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون» (1)
» .
ترى ما قرة العين هذه التي يدخرها الله ويخفيها حتى لا يعلم احد عنها شيئا ، وما يمكن ان تكون ؟ فلو كانت من قبيل «انهار جارية» و «قصور عالية» ومن نِعم الجنة المختلفة ، لذكرها الله ، مثلما بين ما للاعمال الاخرى واطلع الملائكة عليها .
ولكن يبدوا انها ليست من ذلك السنخ ، وانها اعظم من ان ينوّه بها لاحد ، وخصوصا لاحد من اهل هذه الدنيا . انه لا تقارن نِعم ذلك العالم بالنعم هنا ، ولا تظنن ان الفردوس والجنان تشبه بساتين الدنيا ، او ربما اوسع وابهى . هناك دار كرامة الله ودار ضيافته . فكل هذه الدنيا لا شيء ازاء شعرة واحدة من الحور العين في الجنة . بل ليست شيئا ازاء خيط من خيوط الحلل الفردوسية التي اعدت لاهل الجنة . ومع كل هذا الوصف ، لم يجعلها الله ثواب من يؤدي صلاة الليل ، وانما ذكرها من باب التعظيم له . ولكن هيهات ! نحن الضعفاء في الايمان لسنا من اصحاب اليقين ، والا لما كنا نستمر في غفلتنا ، ونعانق النوم حتى الصباح . لو ان يقظة الليل تكشف للانسان حقيقة الصلاة وسرها ، لانس بذكر الله والتفكر في الله ، ولجعل الليالي مركوبه للعروج الى قربه تعالى ، ولما كان ثمة ثواب له الا جمال الحق الجميل وحده .
الويل لنا نحن الغافلين الذين لا نستيقظ من النوم حتى آخر العمر . نبقى في سكر الطبيعة غارقين ، بل نزداد كل يوم سكرا وغفلة ، ولا نفهم شيئا سوى الحالة الحيوانية من مأكل ومشرب ومنكح ، ومهما فعلنا ، وان كان من سنخ العبادات ، فانما نفعله في سبيل البطن والفرج . اتحسب ان صلاة خليل الرحمن كانت مثل صلاتنا ؟ الخليل لم يطلب حاجة حتى من جبرئيل ، ونحن نطلب حاجاتنا من الشيطان نفسه ظنا منا بانه يقضي الحاجات ! ولكن علينا ان لا نيأس . فلعلك بعد مدة من سهر الليالي والإستئناس بذلك والاعتياد عليه ، يلبسك الله بلطفه الخفي خلعة الرحمة . كما ان عليك الا تغفل عن سر العبادة بصورة عامة ، ولا تقصر همك على التجويد في القراءة وتصحيح الظاهر فقط . ولئن لم تقدر ان تكون خالصا لله تعالى ، فاسعَ ، على الاقل ، من اجل قرة العين التي يخفيها الله عز وجل ، وتذكر الفقير ، العاصي ، الحيواني السيرة الذي اكتفى من كل المراتب ، بالحيوانية . واذا وجدت في نفسك الرغبة ، فقل بخلوص نية :
«اللهم ارزقني التجافي عن دار الغرور ، والانابة الى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل حلول الفوت» (2) .

(1) وسائل الشيعة ، المجلد الخامس ، الباب 40 ، من ابواب بقية الصلوات المندوبة ، ح 13 .
(2) «مفاتيح الجنان» اعمال ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك .
الاربعون حديثاً 200

فصل
في بيان التقوى

اعلم ان القوى من «الوقاية» بمعنى المحافظة . وهي في العرف وفي الإصطلاح الاخبار والاحاديث تعني : «وقاية النفس من عصيان اوامر الله ونواهيه وما يمنع رضاه» وكثيرا ما عرفت بانها «حفظ النفس حفظا تاما عن الوقوع في المحظورات بترك الشبهات» فقد قيل : «ومن اخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم» (1) ،«فمن رتع حول الحمى اوشك ان يقع فيه» (2) .
لا بد ان نعرف ان التقوى ، وان لم تكن من مدارج الكمال والمقامات ، ولكنه لا يمكن بدونها بلوغ اي مقام ، وذلك لان النفس ما دامت ملوثة بالمحرمات ، فلا تكون داخلة في الانسانية ، ولا سالكة طريقها ، وما دامت تميل الى المشتهيات واللذائذ النفسية وتستطيب حلاوتها ، فلن تصل الى اول مقامات الكمال الانساني ، وما دام حب الدنيا والتعلق بها في القلب ، فلا يمكن ان يصل الى مقام المتوسطين والزاهدين ، وما دام حب الدنيا باقيا في دخيلة ذاته ، فلن ينال مقام المخلصين والمحبين ، وما دامت الكثرة المُلكية والملكوتية ظاهرة في قلبه ، فلن ينال مقام المنجذبين ، وما دامت كثرة الاسماء متجلية في باطنه ، فلن يصل الى الفناء الكلي ، وما دام القلب يلتفت الى المقامات ، فلن يبلغ مقام كمال الفناء ، وما دام هناك تلوين ، فلن يصل الى مقام التمكين ولن تتجلى في سره الذات في مقام الاسم الذاتي تجليا ازليا وابديا . فتقوى العامة اذا تكون من المحرمات ، وتقوى الخاصة تكون من المشتهيات ، وتقوى الزاهيدن من حب الدنيا ، والمخلصين من حب الذات ، والمنجذبين من كثرة ظهور الافعال ، والفانين من كثرة الاسماء ، والواصلين من التوجه الى الفناء ، والمتمكنين من التلوينات «فاستقم كما امرت» (3) .
ولكل من هذه المراتب شرح وتفصيل لا يحصل لامثالنا منه سوى الحيرة والضياع في المصطلحات ، والتلفع في حجب المفاهيم ، اذ لكل معركة رجال .
والآن نعود الى بيان نبذة من التقوى المذكورة في بدأ الامر ، لاهميتها للناس بصورة عامة :

(1) اصول الكافي ، المجلد الاول ، كتاب فضل العلم ، باب اختلاف الحديث ، ح 9 .
(2) وسائل الشيعة ، المجلد 18 ، كتاب القضاء ، ابواب صفات القاضي ، باب وجوب التوقف والاحتياط في القضاء والفتوى ، ح 39 .
(3) سورة هود ، آية : 112 .
الاربعون حديثاً 201

فصل
في بيان تقوى العامة

اعلم ايها العزيز انه مثلما يكون لهذا الجسد صحة ومرض ، وعلاج ومعالجا ، فان للنفس الانسانية ايضا صحة ومرضا ، وسقما وسلامة ، وعلاجا ومعالجا . ان صحة النفس وسلامتها هي الاعتدال في طريق الانسانية ، ومرضها وسقمها هو الاعوجاج والانحراف عن طريق الانسانية ، وان الامراض النفسية اشد فتكا بآلاف المرات من الامراض الجسمية . وذلك لان هذه الامراض انما تصل الى غايتها بحلول الموت . فما ان يحل الموت ، وتفارق الروح البدن ، حتى تزول جميع الامراض الجسمية والاختلالات المادية ، ولا يبقى اثر للآلام او الاسقام في الجسد ولكنه اذا كان ذا امراض روحية واسقام نفسية ـ لا سمح الله ـ فانه ما ان تفارق الروح البدن ، وتتوجه الى ملكوتها الخاص ، حتى تظهر آلامها واسقامها .
ان مَثل التوجه الى الدنيا والتعلق بها ، كمثل المخدر الذي يسلب الانسان شعوره بنفسه . فعندما يزول ارتباط الروح بدنيا البدن ، يرجع اليها الشعور بذاتها ، ومن ثم الاحساس بالآلام والاسقام التي كانت في باطنها ، فتظهر مهاجمة لها بعد ان كانت مختفية كالنار تحت الرماد . وتلك الآلام والاسقام اما ان تكون ملازمة لها (للروح) ولا تزول عنها ابدا ، واما ان تكون قابلة للزوال . وفي هذه الحال يقتضيها ان تبقى آلاف السنين تحت الضغط والعناء والنار والاحتراق قبل ان تزول ، اذ ان آخر الدواء الكي . قال الله تعالى : «يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم» (1) .
ان منزلة الانبياء هي منزلة الاطباء المشفقين ، الذين جاؤوا بكل لطف ومحبة لمعالجة المرضى ، بانواع العلاج المناسب لحالهم ، وقاموا بهدايتهم الى طريق الرشاد . «اننا اطباء وتلاميذ الحق» وان الاعمال الروحية القلبية والظاهرية والبدنية هي بمثابة الدواء للمرض كما ان التقوى ، في كل مرتبة من مراتبها ، بمثابة الوقاية من الامور المضرة للامراض . ومن دون الحمية لا يمكن ان ينفع العلاج ، ولا ان يتبدل المرض الى صحة .
قد يغلب الدواء والطبيعة على المرض في الامراض الجسمية حتى مع عدم الحمية جزئيا . وذلك لان الطبيعة هي نفسها حافظة للصحة ودواء لها . ولكن الامر في الامراض النفسية صعب ، وذلك لان الطبيعة قد تغلبت على النفس منذ البداية ، فتوجهت هذه نحوالفساد والانتكاس «ان النفس لأمارة بالسوء» (2) ، وعليه ، فان من يتهاون في الحمية ، تصرعه

(1) سورة التوبة ، آية : 35 .
(2) سورة يوسف ، آية : 52 .
الاربعون حديثاً 202

الامراض ، وتجد مناطق للنفوذ اليه ، حتى تقضي على صحته قضاء مبرما .
اذاً ، فالانسان الراغب في صحة النفس ، والمترفق بحاله ، اذا تنبه ان وسيلة الخلاص من العذاب تنحصر في امرين : الاول : الاتيان بما يصلح النفس ويجعلها سليمة . والآخر ، هو الامتناع عن كل ما يضرها ويؤلمها .
ومن المعلوم ان ضرر المحرمات اكثر تاثيرا في النفس من اي شيء آخر ، ولهذا كانت محرّمة ، كما ان الواجبات لها اكبر الاثر في مصلحة الامور ، ولهذا كانت واجبة وافضل من اي شيء ، ومقدمة على كل هدف ، وممهدة للتطور الى ما هو احسن .
ان الطريق الوحيد الى المقامات والمدارج الانسانية يمر عبر هاتين المرحلتين ، بحيث ان من يواظب عليهما يكون من الناجين السعداء ، واهمهما هي التقوى من المحرمات ، وان اهل السلوك يحسبون هذه المرحلة مقدمة على المرحلة الاولى ، اذ يتضح من الرجوع الى الاخبار والروايات وخطب «نهج البلاغة» ان المعصومين عليهم السلام كانوا يعتنون كثيرا بهذه المرحلة .
اذاً ، ايها العزيز ! بعد ان عرفت بأن المرحلة مهمة جدا . ثابر عليها بدقة ، فإذا انت خطوت الخطوة الاولى وكانت صحيحة ، وبنيت هذا الاساس قويا ، كان هناك امل بوصولك الى مقامات اخرى ، والا امتنع الوصول ، وصعبت النجاة .
كان شيخنا العارف الجليل يقول : ان المثابرة على تلاوة آخر آيات سورة الحشر المباركة ، من الآية الشريفة : «يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ...» (1) الى آخر السورة المباركة ، مع تدبر معانيها ، في تعقيبات الصلوات ، وخصوصا في اواخر الليل حيث يكون القلب فارغ البال ، مؤثرة جدا في اصلاح النفس ، وفي الوقاية من شر النفس والشيطان . وكان يوصي بدوام حال الوضوء ، قائلا : ان الوضوء مثل «بزّة جندي» . وعلى كل حال ، عليك ان تطلب من القادر ذي الجلال ، من الله المتعال جل جلاله ، مع التضرع والبكاء والالتماس كي يوفقك في هذه المرحلة ويعينك في الحصول على خصلة التقوى .
واعلم ، ان بدايات الامر صعبة وشاقة ، ولكن بعد فترة من الاستمرار والمثابرة تتحول المشقة الى راحة ، والعسر الى يسر ، بل تتبدل الى لذة روحية ، خصوصا ، وان اصحاب هذه اللذة لا يستبدلونها بجميع اللذائذ . ويمكن ، ان شاء الله ، وبعد المواظبة الشديدة والتقوى التامة ، ان تنتقل من هذا المقام الى مقام تقوى الخاصة . وهي التقوى التي تتلذذ الروح بها . اذ انك بعد ان تذوق طعم اللذة الروحية تترك شيئا فشيئا اللذائذ الجسدية وتتجنبها . وعندئذ يسهل

(1) سورة الحشر ، آية : 18 .
الاربعون حديثاً 203

عليك المسير حتى لا تعود تقيم وزنا للذات الجسدية الزائلة ، بل تنفر منها ، وتقبح زخارف الدنيا في عينيك ، وتنظر في باطنك فتجد ان كل لذة من لذات هذا العالم قد اوجدت في النفس اثرا وابقت في القلوب لطخة سوداء تبعث على شدة الانس بهذه الدنيا والتعلق بها . وهذه هي نفسها تكون سبب الاخلاد الى الارض . وعند سكرات الموت تتبدل الى صعوبة ومشقة ومعاناة . والواقع ان صعوبة سكرات الموت وحالة النزع الاخير القاسية ناجمة عن هذه اللذات وحب الدنيا ، كما سبقت الاشارة الى ذلك . فاذا ادرك الانسان هذا المعنى سقطت لذات العالم من عينه كليا ، ونفر من الدنيا وما فيها من مباهج وزخارف . وهذا هو التقدم الثاني الى المقام الثالث من التقوى .
وبذلك يصبح سبيل السلوك الى الله سهلا ميسورا ، وطريق الانسانية نيرا واسعا ، وتصبح خطوته شيئا فشيئا خطوة الحق ، ورياضته رياضة الحق ، ويتهرب من النفس وآثارها واطوارها . اذ يجد في ذاته عشق للحق ، فلا يعود يقنع بوعود الجنة والحور العين والقصور ، بل يكون مطلوبه ومقصوده امرا آخر ، وينفر من الانانية وحب الذات .
فيتقي حب النفس ويتقي ذاته وانانيته . وهذا مقام على قدر كبير من الشموخ والرفعة ، وهو اول مراتب هبوب نسيم الولاية ، فيدرجه الحق المتعال في كنف لطفه ويعينه ويجعله موضع الطافه الخاصة .
اما ما يحدث للسالك بعد ذلك فخارج عن قدرة القلم . والحمد لله اولا وآخرا وظاهرا وباطنا ، والصلاة على محمد وآله الطاهرين .

الاربعون حديثاً 204




الاربعون حديثاً 205

الحديث الثالث عشر

التوكل


السابق السابق الفهرس التالي التالي