الاربعون حديثاً 102

وكان هناك آخرون من علماء قم ممن لم يلتفتوا ابدا الى هذه التقيدات التي يحيكها لك الشيطان . كانوا يشترون حاجياتهم من السوق بانفسهم ، ويحملون الماء من مخازن المياه الى بيوتهم ، ويشتغلون في منازلهم . وكان صدر المجلس وذيله سواء عندهم . وكانوا على درجة من التواضع بحيث تبعث على التعجب ومع ذلك كله كان مقامهم محفوظا بل كانت منزلتهم تسمو في قلوب الناس اكثر فاكثر .
وعلى اي حال ، ان صفة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وصفة علي بن ابي طالب عليه السلام لا تقلل من قدر الانسان اذا اتصف بها . ولكن لا بد من ان ينتبه الانسان الى مكائد النفس في هذه الحالات ، لانها كثيرا ما تكون قد اعدت لك فخا آخر لتوقعك فيه . فقد يجلس احدهم ـ من يريد التخلص من الكبر ـ في ذيل المجلس بهيئة من يريد ان يقول ان مقامه ارفع من مقامات الحاضرين ، ولكنه لتواضعه جلس حيث جلس . واذا التبس على الناس الامر وقدموا عليه من يشك في افضليته عليه ، فانه ـ من يهرب من صفة التكبر ـ يقدم على نفسه من لا يشك في تاخره عنه لكي يزيل ذلك الالتباس بالايحاء بان تاخيره في الدخول على المجالس وتقديم الآخرين على نفسه يكون من باب التواضع . هذه ومئات الامثلة الاخرى من هذا القبيل هي من مكائد النفس التي تريد للانسان التكبر والرياء .
فلا بد من المجاهدة الخالصة الصادقة ، فبها يمكن اصلاح النفس . ان جميع الصفات النفسانية قابلة للاصلاح ، الا ان الامر في البداية يتطلب بعض العناء ، ولكن ما ان يضع قدمه على طريق الاصلاح حتى يسهل عليه الامر . انما المهم هو ان يشرع في الفكير في تطهير نفسه واصلاحها ، والاستيقاظ من النوم .
ان المرحلة الاولى من مراحل الانسانية هي «اليقظة» وهي الاستيقاظ من نوم الغفلة ، والصحوة من سكر الطبيعة ، والادراك ان الانسان مسافر ، وانه لا بد للمسافر من زاد وراحلة . وزاد الانسان خصاله ، وراحلته في هذه المرحلة الخطرة المخيفة ، وفي هذه الطريق الضيقة ، وفي الصراط الذي احد من السيف وادق من الشعرة ، هي همة الرجال وعزمهم . والنور الذي ينير ظلام هذا الطريق ، هو نور الايمان والخصال الحميدة . فاذا تقاعس الانسان ووهنت همته اخفق في العبور ، وانكب على وجهه في النار ، وساوى تراب الذل ، وانقلب في هاوية الهلاك . فمن لم يستطع اجتياز هذا الصراط لا يستطيع اجتياز صراط يوم القيامة ايضا .
فيا ايها العزيز ، اشدد عزيمتك ، ومزق عن نفسك سجف الجهل ، وانج بنفسك من هذه الورطة المهلكة ! كان امام المتقين وسالك طريق الحقيقة ينادي في المسجد باعلى صوته حتى يسمعه الجيران : «تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل» (1) ! وما زاد ينفعك سوى

(1) نهج البلاغة ـ الخطبة ـ 204 ـ (الشيخ صبحي الصالح) .
الاربعون حديثاً 103

الكمالات النفسانية ، وتقوى القلب ، والاعمال الصالحة ، وصفاء الباطن ، وخلوص النية من كل عيب وغش .
فاذا كنت من اهل الايمان الناقص والصوري ، فعليك ان تطهر نفسك من هذا الغش حتى تنضم الى زمرة السعداء والصالحين . والغش يزول بنار التوبة والندم ، وبإدخال النفس في اتون العذاب واللوم ، وصهرها في حرارة الندامة والعودة الى الله . عليك ان تعمل في هذا العالم ، والا فان «نار الله الموقدة * التي تطلع على الافئدة» (1) سوف تذيب قلبك . والله اعلم كم قرن من قرون الآخرة يستغرق اصلاحك هذا ! ان التطهر في هذه الدنيا سهل يسير ، فالتغيرات والتصورات سريعة الوقوع فيها ، اما في العالم الآخر فالتغيير يكون بشكل آخر ، فزوال صفة من صفات النفس قد يستغرق قرونا عديدة .
اذا ، ايها الاخ ، ما دمت في مقتبل عمرك ، وزهرة شبابك ، واوج قوتك ، وحرية ارادتك ، سارع لاصلاح نفسك ، ولا تلق بالا لهذا الجاه والمقام ، وطأ على هذه الاعتبارات بقدميك انك انسان ، فابعد نفسك عن صفات الشيطان ، فلعل الشيطان يهتم بهذه الصفة اهتماما كبيرا لكونها صفة من صفاته . وهي التي ادت الى طرده من حضرة الله ، ولذلك فهو يريد ان يوقع الانسان ، عارفا او عاميا عالما او جاهلا ، في مثل هذه الرذيلة ، حتى اذا ما لقيك يوم القيامة شمت بك قائلا : «يا ابن آدم ، الم يخبرك الانبياء بان التكبر على ابيك قد طردني من حضرة الحق . لقد نزلت علي لعنة الله لاني احتقرت مقام آدم واستعظمت مقامي ، فلماذا اوقعتك نفسك في هذه الرذيلة» ؟ .
وعندئذ تصبح ، ايها المسكين ! موضع شماتة ارذل مخلوقات الله واحطها ، فضلا عن عذابك وابتلاءاتك وندامتك وحسرتك مما يعجز الكلام عن وصفه . ان الشيطان لم يكن قد تكبر على الله ، بل على آدم وهو من مخلوقات الحق ، فقال : «خلقتني من نار وخلقته من طين» (2) فاستعظم نفسه واستحقر آدم . وانت تستصغر بني آدم وتستكبر بنفسك عليهم ، فانت ايضا تعصي اوامر الله . لقد قال لك تعالى : كن متواضعا مع عباد الله ، ولكنك تتكبر وتتعالى عليهم . فلماذا ، تلعن الشيطان وحده ؟ اشرك نفسك الخبيثة معه في اللعن ايضا ، مثلما انت شريكه في هذه الرذيلة . انك من مظاهر الشيطان ، بل انك تجسد الشيطان . ولربما كانت صورتك في البرزخ وفي يوم القيامة صورة شيطانية . فان المقياس في صورة الانسان في الآخرة الملكات الحاصلة للنفس . فليس هناك ما يمنع من ان تكون على صورة شيطان ، او على صورة نملة صغيرة . ان موازين الآخرة تختلف عن موازين الدنيا .

(1) سورة الهمزة ، آية : 6 و 7 .
(2) سورة الاعراف ، آية : 12 .
الاربعون حديثاً 104

فصل
قد يكون سببا للتكبر

اعلم ان من الممكن احيانا ان يتكبر فاقد الكمال على واجد الكمال ، كان يتكبر الفقير على الغني والجاهل على العالم . ولا بد ان نعرف انه مثلما كان العجب احيانا مدخلا للتكبر ، فان الحسد قد يصبح ايضا مدخلا اليه . فالانسان الذي يفتقر الى كمال موجود في غيره ، يندفع الى ان يحسده ، ثم يصير سببا لكي يتكبر عليه ويسعى جهده لاذلاه واهانته .
روي عن الامام الصادق عليه السلام انه قال : «الكبر قد يكون في شرار الناس من كل جنس ...» ثم قال : «ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر في بعض طرق المدينة وسوداء تلقط السرقين ، فقيل لها : تنحي عن طريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : ان الطريق لمعرض . فهم بها بعض القوم ان يتناولها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «دعوهـا فانهـا جبـارة» (1) .
وقد تظهر هذه الصفة في بعض اهل العلم ، مبررا ان التواضع امام الاغنياء غير محمود ، وتقول له نفسه الامارة بالسوء ان التواضع للاغنياء منقصة للايمان . ان المسكين لا يميز بين التواضع لغني لغناه والتواضع لغير ذلك . فمرة يتواضع الانسان مدفوعا برذيلة حب الدنيا والانجذاب نحو طلب الجاه والمقام . فليس هذا من خلق التواضع في شيء ، بل انه المداهنة والملق وانه من الرذائل النفسانية ، وصاحبها لا يتواضع للفقراء ، الا اذا طمع فيهم بشيء او اراد منهم شيئا .
ومرة اخرى يكون طبع التواضع في الانسان داعية له الى احترام الناس والتواضع لهم . فقراء كانوا ام اغنياء ، مرموقين كانوا ام مغمورين . فهذا تواضعه خالص من غير شائبة ، وروحه طاهرة مطهرة ، لم يجتذب قلبه الجاه والمقام . انه تواضع محمود للفقراء ومحود للاغنياء ، فلا بد من احترام كل انسان بما هو خليق به . اما تحقيرك لاهل الجاه والغنى والتكبر عليهم فلا يعني انك لست متملقا ، بل يعني انك حسود ، وتكون في الوقت نفسه على خطأ . ولهذا اذا رايتهم يحترمونك على غير انتظار وتوقع ، تتواضع لهم وتخفض لهم جناحك .
وعلى كل حال ، ان مكائد النفس واحابيلها من الدقة المتناهية بحيث ان المرء لا يسعه الا ان يستعيذ بالله منها .
والحمد لله اولا وآخرا .

(1) اصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب الايمان والكفر ، باب الكبر ، ح 2 .
الاربعون حديثاً 105

الحديث الخامس

الحسد


الاربعون حديثاً 106

بالسند المتصل الى محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن داود الرقي ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قال الله عز وجل لموسى بن عمران : «يا ابن عمران لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي ولا تمدن عينيك الى ذلك ولا تتبعه نفسك فان الحاسد ساخط لنعمي صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي ومن يك ذلك فلست منه وليس مني»(1) .

(1) اصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب الايمان والكفر ، باب الحسد ، ح 6 .
الاربعون حديثاً 107

الشرح :


ان الحسد ، حالة نفسية يتمنى صاحبها سلب الكمال والنعمة التي يتصورهما عند الآخرين ، سواء اكان يملكها ام لا ، وسواء ارادها لنفسه ام لم يردها . وهذا يختلف عن الغبطة ، لان صاحب الغبطة يريد النعمة التي توجد لدى الغير ، ان تكون لنفسه ، من دون ان يتمنى زوالها عن الغير . واما قولنا : «النعمة التي يتصورها عند الآخرين» فنعني به ان تلك النعمة قد لا تكون بذاتها نعمة حقيقية . فطالما تبين ان الامور التي تكون بحد ذاتها من النقائص والرذائل ، يتصورها الحسود من النعم والكمالات ، فيتمنى زوالها عن الآخرين . او ان خصلة تعد من النقائص للانسان ومن الكمال للحيوان ويكون الحاسد في مرتبة الحيوانية فيراها كمالا ، ويتمنى زوالها . فهناك بين الناس ، مثلا اشخاص يحسبون الفتك بالغير وسفك الدماء موهبة عظيمة . فاذا شاهدوا من هو كذلك حسدوه .او قد يحسبون سلاطة اللسان وبذاءته من الكمالات ، فيحسدون صاحبها . اذا ، فالمعيار في معرفة هذه الحالة النفسية هو توهم الكمال وتصور وجود النعمة ، لا النعمة نفسها ، فالذي يرى في الآخرين نعمة حقيقية كانت ، او موهومة ويتمنى زوالها ، يعد حسودا .
اعلم ان للحسد انواعا ودرجات حسب حال المحسود ، وحسب حال الحاسد ، وحسب حال الحسد ذاته .
اما من حيث حال المحسود ، فمثل ان يحسد شخصا لما له من كمالات عقلية ، او خصال حميدة ، او لما يتمتع به من الاعمال الصالحة والعبادية ، او لامور خارجية اخرى ، مثل امتلاكه المال والجاه والعظمة والاحتشام وما الى ذلك ، او ان يحسد على ما يقابل هذه الحالات من حيث كونها من الكمال الموهوم الموجود في المحسود .
واما من حيث حال الحاسد ، فقد ينشأ الحسد احيانا من العداوة ، او التكبر ، او الخوف ،

الاربعون حديثاً 108

وغير ذلك من الاسباب والعوامل التي سيرد ذكرها فيما بعد .
واما من حيث حال الحسد نفسه ، الذي نستطيع ان نقوله انها الدرجات والتقسيمات الحقيقية ، للحسد دون ما سبق ذكره ، فلشدته وخفته مراتب كثيرة ، تختلف باختلاف الاسباب ، كما تختلف باختلاف الآثار . وسوف نشير ، ان شاء الله ، في عدة فصول الى مفاسد الحسد وعلاجه . قدر استطاعتنا ، ومن الله التوفيق .

فصل
في ذكر بعض اسباب الحسد

للحسد اسباب كثيرة ، يرجع اكثرها الى رؤية الذلة في النفس ، تماما كما ان الكبر ، ـ نوعا ـ يتم على عكس ذلك . فكما ان المرء عندما يجد في نفسه كمالا لا يجده في غيره ، تنشا عنده حالة من الترفع والتعزز والتعالي في نفسه ، فيتكبر . واذا لاحظ الكمال في غيره ، انتابته حالة من الذل والانكسار . ولولا وجود عوامل خارجية ولياقات نفسانية ، لنتج من ذلك الحسد . وقد ينشا من تصور ذلته في تساوي غيره معه ، مثل ان يحسد صاحب الكمال والنعمة مثيله او الذي يليه . ويمكن القول ان الحسد هو ذلك الانقباض والذل النفسي اللذان تكون نتيجتهما الرغبة في زوال النعمة والكمال عن الآخرين . وقد حصر بعضهم ـ كالعلامة المجلسي قدس سره ـ (1) اسباب الحسد في سبعة امور :
«الاول : العداوة .
الثاني : التعزز : ان يكون من حيث يعلم انه يستكبر بالنعمة عليه وهو لا يطيق احتمال كبره وتفاخره لعزة نفسه .
الثالث : الكبر : ان يكون في طبعه ان يتكبر على المحسود ويمتنع ذلك عليه بنعمته وهو المراد بالتكبر .
الرابع : التعجب : ان تكون النعمة عظيمة والمنصب كبيرا فيتعجب من فوز مثله بمثل تلك النعمة كما اخبر الله تعالى عن الامم الماضية اذ قالوا :«ما انتم الا بشر مثلنا» (2) و«انؤمن لبشرين مثلنا» (3) وامثال ذلك كثيرة فتعجبوا من ان يفوزوا برتبة الرسالة والوحي والقرب مع انهم بشر مثلهم فحسدوهم وهو المراد بالتعجب .

(1) بحار الانوار ، المجلد الثالث والسبعون ، ص 240 .
(2) سورة يس ، آية : 15 .
(3) سورة المؤمنون ، آية : 47 .
الاربعون حديثاً 109

الخامس : الخوف : ان يخاف من فوات مقاصده بسبب نعمة بان يتوصل بها الى مزاحمته في اغراضه .
السادس : حب الرئاسة : ان يكون يحب الرياسة التي تنبني على الاختصاص بنعمة لا يساوى فيها .
السابع : خبث الطينة : ان لا يكون بسبب من هذه الاسباب بل لخبث النفس وشحها بالخير لعباد الله» .
ولكنني اعتقد كما اشرت اليه سابقا ، ان معظم هذه الاسباب بل كلها تعود الى رؤية ذل النفس ، وان السبب المباشر للحسد حسب التعريف المشهور له هو ما ذكرناه ـ انبعاث الحسد من رؤية ذل النفس فلا مجال لذكر هذه الاقسام ـ . واما بناءا على ما ذكرنا في معنى الحسد من ان نفس هذه الحال تكون حسدا فلا اعتراض على صحة ذكر هذه الاقسام . وعلى اي حال يكون البحث حول هذه المعاني بعيدا عن مقصودنا وعن طبيعة موضوعنا .

فصل
في بعض مفاسد الحسد

اعلم ان الحسد نفسه احد الامراض القلبية المهلكة ، ويتولد منه ايضا امراض قلبية كثيرة ، كالكبر وفساد الاعمال وتعد كل واحدة منها من الموبقات . وتشكل سببا مستقلا لهلاك الانسان . ولسوف نباشر بذكر المفاسد الواضحة منها . ولا شك في ان هناك مفاسد خفية عن نظر الكاتب .
واما مفاسد الحسد فسنكتفي بما نقل عن الصادق المصدق :
ففي صحيحة معاوية بن وهب قال : قال ابو عبد الله عليه السلام : «آفة الدين الحسد والعجب والفخر» (1) .
وفي صحيحة محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام : «ان الرجل ليأتي باي بادرة فيُكفّر ، وان الحسد لياكل الايمان كما تاكل النار الحطب» (2) .
ومعلوم ان الايمان نور الهي يجعل القلب موضع تجليات الحق جل جلاله ، كما جاء في الاحاديث القدسية :

(1) اصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب الايمان والكفر ، باب الحسد ، ح 5 .
(2) اصول الكافي ، المجلد الثاني ، كتاب الايمان والكفر ، باب الحسد ، ح 1 .
الاربعون حديثاً 110

«لا يسعني ارضي ولا سمائي بل يسعني قلب عبدي المؤمن» (1) .
فهذا النور المعنوي ، وهذه البارقة الالهية التي تجعل القلب اوسع من كل الموجودات ، تتعارض مع هذا الضيق والظلام اللذين تسببهما هذه الرذيلة ، رذيلة الحسد . ان هذه الصفة القبيحة تضغط على القلب وتضيقه فتبدو آثارها في كل كيان الانسان ، باطنه وظاهره . انها تصيب القلب بالحزن والكدر ، والصدر بالاختناق والضيق ، والوجه بالعبوس والغضب . وهذه الحال تطفئ نور الايمان ، وتميت قلب الانسان ، وكلما اشتدت ازداد ضعف الايمان .
ان جميع الصفات المعنوية والظاهرية للمؤمن ، تتنافى والآثار التي يوجدها الحسد في ظاهر الانسان وباطنه . ان المؤمن يحسن الظن بالله تعالى ، وهو راض بقسمه الذي يقسمه بين عباده . اما الحسود فساخط على الله تعالى ، يشيح بوجهه عن تقديراته . لقد جاء في الحديث الشريف : ان المؤمن لا يتمنى السوء للمؤمنين ، بل هم اعزاء عنده ، والحسود بعكس ذلك .
المؤمن لا يغلبه حب الدنيا ، والحسود انما هو مبتلى بشدة حبه للدنيا . والمؤمن لا يداخله خوف ولا حزن الا من بارئ الخلق تعالى ، اما الحسود فخوفه وحزنه يدوران حول المحسود .
والمؤمن طلق المحيا ، وبشراه في وجهه ، والحسود مقطب الجبين عبوس الوجه .
والمؤمن متواضع ، والحسود متكبر في معظم الحالات . فالحسد ، آفة الايمان التي تاكله ، كما تاكل النار الحطب .
ويكفي في شناعة هذه الرذيلة هو ان الحسد يقضي على الايمان الذي يعد وسيلة النجاة في الآخرة ، وباعثا لحياة القلوب ، ويجعل الانسان مفلسا ومسكينا .
وان من المفاسد الكبيرة التي لا تنفك عن الحسد ، سخط الحسود على الخالق وولي نعمته واعراضه عن تقديراته تعالى .
في هذا اليوم ان حجب الطبيعة الدكناء والحجب الحاصلة من انشغالنا بهذه الطبيعة قد حجبت جميع مشاعرنا ، فاعمت اعيننا واصمت آذاننا ، فلا ندري اننا غاضبون تجاه مالك الملوك ومعرضون عنه ولا نعلم ما هي صورة هذا الغضب والاعراض في الملكوت حيث مساكننا الاصلية الدائمية ؟ وانما يصل الى اسماعنا قول الامام الصادق عليه السلام : «ومن يك كذلك فلست منه وليس مني» ولا نفهم ماذا يحمل لنا تبرؤ الحق تعالى منا واعراضه عنا من

(1) احياء العلوم ، المجلد الثالث ، ص 12 . اتحاف السادة المتقين ، المجلد السابع ص 234 . غوالي اللئالي ، المجلد الرابع ص 7 .
الاربعون حديثاً 111

مصائب ؟ ان من يخرج عن ولاية الله ويطرد من ظل راية ارحم الراحمين لن يكون له امل في النجاة ، ولن يشفع له احد « من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه » من ذا الذي يتقدم ليشفع لمن يسخط عليه الله ويكون خارجا عن حرز ولايته ، وقد انقطع حبل المودة بينه وبين مالك الرقاب ؟ واسوأتاه ! واحسرتاه على ما نفعله بانفسنا ! لم يفتأ الانبياء والاولياء يصرخون في آذاننا ويريدون ايقاظنا من النوم ، ولكننا نزداد غفلة وشقاء يوما بعد يوم .
ومن مفاسد هذا الخلق الذميم ، كما يقول العلماء ، ضيق القبر وظلمته . اذ انهم يقولون ان صورة هذا الخلق الفاسد الرديء ، التي فيها ضيق نفساني وكدر قلبي ، تشبه ضيق القبر وظلمته ، اذ ان ضيق القبر او اتساعه منوط بضيق الصدر او انشراحه .
روي عن الامام الصادق عليه السلام ـ الى ان قال ـ ، وان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج في جنازة «سعد» وقد شيعه سبعون الف ملك . فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم راسه الى السماء ثم قال : مِثل «سعد» يُضم ؟ قال : قلت جعلت فداك انّا نحدث انه كان يستخف بالبول فقال معاذ الله ، انما كان من زعّارة في خلقه على اهله (1) .
ان الضيق والضغط والكدر والظلام الذي يحصل في القلب بسبب الحسد قلما يوجد في خلق فاسد آخر . وعلى اي حال ان صاحب هذا الخلق يعيش في الدنيا معذبا مبتلى ، ويكون له في القبر ضيق وظلمة ، ويحشر في الآخرة مسكينا متالما .
هذه هي مفاسد الحسد نفسه دون المفاسد الخلقية الاخرى ، او الاعمال الفاسدة الباطلة ، التي يمكن ان تتولد عن الحسد ، وقلما يتفق ان لا تتولد عن الحسد مفاسد اخرى بل ان عددا من السيئات الاخلاقية والاعمال الباطلة الاخرى تكون وليدة الحسد ، كالكبر في بعض الحالات ، كما سبق ، والغيبة ، والنميمة ، والشتم ، والايذاء ، وغير ذلك مما هو من الموبقات والمهلكات .
فعلى الانسان العاقل ان يشمر عن ساعد الجد لينقذ نفسه من هذا العار وايمانه من هذه النار المحرقة والآفة الصعبة ، وان ينجو بنفسه من ضغط الفكر وضيق الصدر في هذه الدنيا ـ وهما نوعان من العذاب المرافقان للعمر كله ـ وكذلك من الضيق والظلمة في القبر وفي البرزخ ، ومن غضب الله تعالى . على الانسان ان يفكر قليلا ليدرك ان امرا له هذا القدر من المفاسد يجب ان يعالج ، مع العلم ان حسدك لن يضر المحسود . فلا تزول نعمته بمجرد حسدك له ، بل يكون له نفع دنيوي واخروي ، وذلك لان شقاءك وحزنك وانت عدوه وحاسده يعد نفعا له . فهو يرى انه متنعم وانت معذب بتنعمه ، وهذه نعمة له . فاذا انتبهت لهذه النعمة الثانية التي تتوفر

(1) فروع الكافي ، المجلد الثالث ، باب المسألة في القبر ، ح 6 ، ص 236 .
الاربعون حديثاً 112

للمحسود جلبت لنفسك عذاب وضغط فكري آخِرَين ويعتبر عذابك هذا نعمة له وهكذا . وعليه ، فانك تكون دائما في عذاب وشقاء وتعاسة وغم ، وهو في نعمة وسرور وانبساط . وفي الآخرة ايضا يكون حسدك له نفعا له ، وخصوصا اذا كان الحسد قد دفع بك الى الغيبة والافتراء وسائر الرذائل ، مما يستوجب اخذ حسناتك واعطائها له ، فتعود انت مفلسا ، ويزداد هو نعمة وعظمة .
لو انك امعنت الفكر في هذه الامور لاقدمت على تطهير نفسك من هذه الرذيلة وانقذت نفسك من هذه المهلكة . ولا تظنن ان الرذائل النفسانية والخلق الروحية غير ممكنة الزوال ، ان ظنونا باطلة توحيها اليك النفس الامارة والشيطان لكي تنحرف عن سلوك الآخرة واصلاح النفس . فما دام الانسان في دار الزوال وعالم التبدل هذا ، فمن الممكن ان يتغير في جميع صفاته واخلاقه ، ومهما تكن صفاته متمكنة ، فانها قابلة للزوال ما دام حيا في هذه الدنيا ، وانما تختلف صعوبة التصفية وسهولتها نتيجة شدة هذه الصفات وخفّتها .
ومن المعلوم ان ازالة صفة حديثة الظهور في النفس انما يتحقق بقليل من الجهد والترويض ، كالنبتة في ايامها الاولى التي لم ترسل جذورها الى الاعماق بعد ولم تتمكن من التربة . ولكن اذا تمكنت تلك الصفة من النفس واصبحت من الملكات المستقرة فيها ، فانه يصعب ازالتها ، ورغم ان ازالتها ممكنة ، كاقتلاع شجرة ضخمة معمرة ضربت بجذورها في اعماق التربة ، فكلما تقاعست وابطات في مساعيك لاقتلاع جذور المفاسد من قلبك وروحك ، ازداد تعبك وعنائك في اجتثاثها .
فيا عزيزي ؛ ان الوقوف منذ البداية دون تسرب المفاسد الاخلاقية او العملية الى مملكة ظاهرك وباطنك ، ايسر بكثير من اخراجها بعد توغلها ، لان ذلك يتطلب الكثير من العناء والجهد . واذا تسربت ، فانك كلما اخرت التصدي لاخراجها ، ازداد الجهد المطلوب منك وضعفت قواك الداخلية .
يقول شيخنا الجليل والعارف الكبير الشاه آبادي (روحي فداه) : ان الانسان في عز شبابه وقوة فتوّته يكون اقدر على الوقوف بوجه المفاسد الاخلاقية ،وافضل في اداء واجبه الانساني . فلا تتركوا هذه القوى تضيع من ايديكم ، ويستولي عليكم ضعف الشيخوخة ، وعندئذ يصعب عليكم التوفيق في مساعيكم ، وحتى لو انكم وفقتم ، فان ذلك الاصلاح سوف يتطلب منكم الكثير من المشقة والتعب .
وعليه ، اذا فكر الانسان العاقل في المفاسد ووجد انه غير داخل فيها ، فانه يستطيع ان يمنع نفسه من التلوث بها ، واذا وجد نفسه ـ لا سمح الله ـ مبتلاة بها ، فخير له ان يسرع في اصلاح نفسه قبل ان تتجذر تلك المفاسد فيه ، واذا كانت ـ لا سمح الله ـ قد تجذرت فيه فعليه

الاربعون حديثاً 113

ان يبذل كل جهد مستطاع في سبيل اقتلاع تلك الجذور لئلا يصل الى مرحلة اللاعودة في البرزخ والآخرة ، لانها اذا اعطت ثمرها ، وخرج صاحبها بخلقة الفاسد من هذه الدنيا المتبدلة في هيولاها والمتغيرة في جوهرها ، خرج امر اقتلاعها من يديه ، وهيهات ان يتبدل خلق من الاخلاق النفسانية في الآخرة او في البرزخ .
جاء في مضمون حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ان الخلود في الجنة او في النار منوط بنية الانسان . فالنوايا الفاسدة ، التي هي وليدة الاخلاق الرذيلة ، لا يمكن ان تزول الا بزوال منشئها .
ان الملكات في ذلك العالم تكون على درجة من شدة الظهور وقوته بحيث ان زوالها اما لا يكون ممكنا ، فيكون صاحبها مخلدا في النار . واما اذا امكن بالضغوطات والمشاق والنيران ازالتها ، فان ذلك قد يحدث ولكن بعد قرون ربوبية .
فيا ايها الانسان العاقل ! ان ما يمكن ان تصلحه في شهر او في سنة مع التعب القليل الدنيوي وبمحض اختيارك واضعا حدا لشقائك في الدنيا والآخرة ، لا تهمله لكيلا يوردك موارد الهلاك .

فصل
في بيان جذور المفاسد الخلقية

سبق القول بان الايمان ، الذي هو حظ القلب ، غير العلم الذي هو حظ العقل . ثم ان جميع المفاسد الاخلاقية والعملية تنشأ عن كون القلب غافلا عن الايمان ، وان ما يدركه العقل عن طريق البرهان العقلي او عن طريق اخبار الانبياء لم يوصله الى القلب ، ولذلك فالقلب لا يعرف عنه شيئا .
ان من بين المعارف التي يصدقها الحكماء والمتكلمون وعامة الناس من اهل الشرائع ، ولا يشكون فيها ابدا ، هو ان ما جرى به قلم الحكيم المطلق جلت قدرته من الوجود والكمال ومن بسط النعمة وتقسيم الآجال والارزاق ، جاء على خير تقدير واجمل نظام ، وهو يتطابق كل التطابق مع المصالح التامة والنظام الكلي لاتم نظام متصور . ولكن يعبر كل واحد ـ من الحكماء والمتكلمين ـ بلسانه الخاص واصطلاحه الذي يختص بفنه الذي اتخذه وسيلة لتبيان هذه النعمة الالهية والحكمة الكاملة .
يقول العارف : ظل الجميل جميل على الاطلاق . ويقول الحكيم : النظام العيني المطابق للنظام العملي خال من النقص والشرور ، والشرور المتوهمة الجزئية هي من اجل ايصال الكائنات الى كمالاتها التي تليق بها . ويقول المتكلم واهل الشرائع : افعال الحكيم

الاربعون حديثاً 114

تكون على اساس من الحكمة والصلاح ، وان ايدي العقول البشرية الجزئية المحدودة قاصرة عن ادراك المصالح العالية في التقديرات الالهية . هذا الموضوع يدور على ألسنة الجميع ، وكل يستدل على ذلك بادلة تتناسب مع مدى سعة علمه وعقله . ولكن بما انه لم يتعد حدود الاقوال الى حيث القلوب والاحوال ، فان ألسنة الاعتراض مطلقة ، وان من لم يكن له حظ من الايمان يقوم بتفنيد برهانه وتكذيب قوله . وعلى هذا الاساس تكون المفاسد الاخلاقية .
وليعلم من يحسد الناس ويتمنى زوال النعمة عن الآخرين ، ويحقد في قلبه على اصحاب النعم ، انه لا ايمان له بان الله عز وجل من باب معرفة الصالح اسبغ نعمه على اولئك ، وان ادراكنا لذلك قاصر . وليعلم ايضا انه لا يؤمن بعدل الله تعالى ولا يرى التقسيم عادلا . انك في اصول العقائد تقول ان الله عادل ، وما هذا الا مجرد لفظة على لسانك . ان الايمان بالعدل يناقض الحسد . انك اذا كنت ترى الله عادلا ، لرايت تقسيمه عادلا ايضا . وقد جاء في الحديث الشريف : يقول الله عز وجل : «ان الحسود يشيح بوجهه عما قسمته بين العباد ، وهو ساخط على نعمي» .
ان القلب يخضع بالفطرة للقسمة العادلة ، وينفر بالفطرة للقسمة العادلة ، وينفر بالفطرة كذلك من العسف والجور . ان من الفطرة الالهية الكامنة في اعماق البشر حب العدل والرضى به ، وكراهة الظلم وعدم الانقياد له . فاذا راى خلاف ذلك فليعلم ان في المقدمات نقصا . فاذا سخط على النعمة واعرض عن القسمة ، فذلك لانه لا يرى ذلك عدلا ، بل يراه ـ والعياذ بالله ـ جورا . وليس معناه انه يرى القسمة عادلة ثم يعرض عنها ، او انه يرى الخطة المرسومة مطابقة للنظام الاتم والمصلحة التامة ، ثم يسخط عليها بل يرى ان هذا جور ومغاير للعدل . اسفا علينا ! ان ايماننا ناقص ، ولم تخرج ادلتنا العقلية من نطاق العقل لتصل الى حدود القلب . ليس الايمان بالقول والسماع والمطالعة والمباحثة والنقاش فحسب وانما يتطلب ايضا خلوص النية . ان الباحث عن الله يجده لا محالة ، والذي يطلب المعارف يبحث عنها ، «ومن كان في هذه اعمى فهو في الآخرة اعمى واضل سبيلا ...(1)ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور» (2) .

فصل
في بيان المعالجة العملية للحسد

يوجد فضلا عن العلاج العلمي الذي ذكرنا بعضه ، العلاج العملي لهذه الرذيلة ، وذلك بان تتكلف اظهار المحبة للمحسود وترتب الامور بحيث يكون هدفك هو معالجة مرضك

(1) سورة الاسراف ، آية : 72 .
(2) سورة النور ، آية : 40 .
الاربعون حديثاً 115

الباطني . ان نفسك تدعوك لايذائه واعتباره عدوا ، وتكشف لك عن مساوئه ومفاسده . ولكن عليك ان تعمل خلافا لما تريده النفس ، وان تترحم عليه وتحترمه وتجله . واحمل لسانك على ان يذكر محاسنه ، واعرض اعماله الصالحة على نفسك وعلى الآخرين ، وتذكر صفاته الجميلة . صحيح ان هذا سوف يكون متكلفا في بادئ الامر ومن باب المجاز دون الحقيقة ولكن بما ان الهدف هو اصلاح النفس وازالة هذه المنقصة والرذيلة ، فان نفسك سوف تقترب في النهاية من الحقيقة ، ويخف تكلفك شيئا فشيئا ، وترجع نفسك الى حالها الطبيعي وتصبح ذات واقعية .
قل لنفسك ، على الاقل : ان هذا الانسان عبد من عباد الله ، ولعل الله نظر اليه نظرة لطف فانعم عليه بما انعم ، واختصه دون غيره بها ، خصوصا اذا كان المحسود من رجال العلم والدين ، وانه محسود على ذلك ، فان مثل هذا الحسد يكون اقبح ، ومعاداة امثال هؤلاء اسوء عاقبة . ولا بد من تفهيم النفس بان هؤلاء هم من عباد الله المخلَصين الذين شملهم توفيق منه ، ووهبهم هذه النعم العظيمة . وهي نعم يجب ان تبعث في القلوب المحبة لهم واحترامهم والخضوع لهم . فاذا راى ان هذه الامور التي يجب ان تكون دافعا على المحبة والاحترام توجب نقيض ذلك ، فعليه ان يعلم ان الشقاء قد اكتنفه من كل جانب ، وان الظلام قد احاط بباطنه ، فلا بد ان يبادر الى اصلاح نفسه بالطرق العلمية والعملية . وليعلم انه اذا اتخذ طريق المحبة فانه سرعان ما يكون موفقا ، لان نور المحبة قاهر للظلمة ومزيل للكدر . ولقد وعد الله تعالى المجاهدين ان يهديهم وان يعينهم بلطفه الخفي ويوفقهم . انه ولي التوفيق والهداية .

فصل
في ذكر حديث الرفع

اعلم انه ورد في بعض الاحاديث الشريفة ما مضمونه ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ان الله رفع عن امتي تسع ، ... ومنها الحسد) اذا لم يظهر من خلال يده او لسانه . ومن المعلوم انه يجب ان لا تَحول امثال هذا الحديث الشريف دون المساعي الجادة لقلع هذه الشجرة الخبيثة من النفس ، ولا تمنع المحاولات المبذولة في سبيل تطهير الروح من هذه النار التي تحرق الايمان ، ومن هذه الآفة التي تقضي عليه ، لانه يندر ان تدخل هذه الرذيلة المفسدة الى نفس انسان ولا تتوالد فيها المفاسد المختلفة ، ثم لا يظهر اثرها ابدا ، ويحافظ على ايمان الانسان .
مع انه قد ورد في الاحاديث الصحيحة ان هذه الصفة تاكل الايمان ، وانها آفة الايمان ، وان الله تعالى بريء من صاحبها ، وانه مطرود من حضرته ، فيجب ان لا يغفل الانسان عن مثل

السابق السابق الفهرس التالي التالي