ادب الطف - الجزء التاسع335


المستدركات



ادب الطف - الجزء التاسع336




ادب الطف - الجزء التاسع337


عبد المحسن الصوري

المتوفى 419

حـيّ ولا تـسـأم التـحيـات و ناج ما اسطعت من مناجاتِ
حـيّ دياراً أصخـت معالـمها بـالطف معلومـة العلامـات
وقـل لهـا يا ديـار آل رسول الله يـا معـدن الـرسـالات
و قل عليك السـلام ما انبـرتِ الشمـس أو البـدر للبريـات
نِعـم منـاخ الهـدى ومنتجـع الوحـي ومستوطن الهدايـات
نِعم مصلى الأرض المضمّن مَن صلـى عليهـم رب السماوات
إن يتل تـالِ الكتـاب فضلهـم يتل صنـوفاً مـن التـلاوات
خصـوا بتلـك الآيات تكرمـة أكـرم بتلـك الآيـات آيـات
هـم خيـر ماش مشى على قدم و خير مـن يمتطـي المطيات
قد علّمـوا العالميـن أن عبدوا الله و ألغـوا عبـادة الــلات
عجـتُ بـأبيـاتهـم اسائلهـا فعجـتُ منهـم بخيـر أبيـات
علـى قبـور زكيـةٍ ضمنـت لحـودُهـا أعظمـا زكيــات
أزكـى نسيمـاً لمـن تنسـمّها من زاهرات الربـى الذكيـات
وآصلهـا الغيـث بالغـدوّ ولا صارمهـا الغيـث بالعشيـات
الشـافعـون المشـفعـون إذا ما لـم يُشفـع ذوو الشفاعـات


ادب الطف - الجزء التاسع338


من حين ماتوا أُحبوا وليس كمن أحباؤهم فـي عـداد أموات
جلّـت رزايـاهم فلسـت أرى بعـد رزيـاتهـم رزيـات
نوحاً على سيـدي الحسين نعم نوحا على سيدي ابن سادات
نوحا تنوحـا منه على شرف مجـدّل بيـن مشـرفيـات
ذيـدَ حسين علـى الفرات فيا بـليّـة أحـدثـت بـليـات
ما لك ما غرت يـا فرات ولم تسـق الخبيثيـن والخبيثـات
كم فاطميين منك قـد فطمـوا من غيـر جـرم و فاطميات
ويـل يزيـد غـداة يقرع بـا لقضيب مـن سيـدي الثنيات
الجـن والانـس والمـلائكـة الكـرام تبكى بـلا محاشـاة
على خضيب الأطراف من دمه يا هـول أطرافـه الخضيبات
في لمّة مـن بني أبيـه حوت طيـب الأبـوات و البنـوات
مـن يسـلُ وقتـاً فان ذكرهم مجـدد لي فـي كل أوقاتـي
بهم أُجـازي يـوم الحساب إذا ما حوسـب الخلق للمجازات
تجارتـي حبـهـم وحبّـهـم ما زال مـن أربح التجارات(1)
* * *

عبد المحسن بن محمد بن أحمد بن غالب بن غلبون أبو محمد الصوري شاعر بديع الألفاظ حسن المعاني رائق الكلام مليح النظام مشهور بالاجادة بين شعراء أهل الشام ، من حسنات القرن الرابع الهجري جمع شعره بين جزالة اللفظ وفخامة المعنى ، وله ديوان شعر يحتوي على خمسة آلاف بيت تقريباً وهو خير شاهد على ما نقول رأيته بمكتبة دار الآثار ـ بغداد قسم المخطوطات(2) برقم 14622 وهو من أقوى النصوص على تشيعه وعدّه ابن شهر آشوب من شعراء أهل البيت المجاهدين ، ذكره في اليتيمة وذكر من محاسنه قوله :

(1) الطليعة من شعراء الشيعة للشيخ محمد السماوي .
(2) وتوجد نسخة من الديوان بخط الشيخ جواد الشبيبي استنسخها عن نسخة كتبت في القرن السادس كانت بمكتبة السيد عيسى العطار ببغداد .
ادب الطف - الجزء التاسع339


عندي حدائق شكر غرس جودكم قد مسّها عطش فليسق من غرسا
تداركوها و في أغصانها رمـق فلن يعود اخضرار العود إن يبسا

ومن شعره قوله :
يا غزالاً صاد قلبي بلحـاظ فاصـابـا
بـالذي ألهمَ تعذيبي ثنـايـاك العـِذابـا
و الذي صيّر حظي منـك هجراً و اجتنابا
و الذي ألبس خديك مـن الـورد نـقـابا
ما الذي قالته عيناك لقـلـبـي فـأجـابـا

ومن تلويحاته اللطيفة قوله في صبي اسمه عمر .
نادمني مَـن وجهه روضة مشرقة يمرح فيـه النظر
فانظر معي تنظر إلى معجز سيف علي بين جفني عمر

وعقد ابن خلكان له ترجمة ضافية أطراه ووصف شعره كما ترجم له ابن كثير في تاريخه ، ومن شعره :
سفرن بـدوراً وانتقبـن أهلّةً ومسن غصوناً والتفتـن جآذرا
وأبدين أطراف الشعور تستراً فاغـدرت الدنيـا علينا غدائرا
وربّتما أطلعن و الليـل مقبلٌ شموس وجوه توقف الليل حائرا
فهنّ إذا ما شئن أمسين أو إذا تعرضـن أن يسبحن كنّ قوادرا

وقال يرثي الشيخ المفيد محمد بن محمد بن نعمان المتوفى 413 :
تبارك مَن عمّ الأنام بفضله وبالموت بين الخلق ساوى بعدله
مضى مستقلاً بالعلوم محمد وهيهـات يأتينـا الزمـان بمثله

وقال في صبي اسمه مقاتل وله فيه شعر كثير :
احفظ فؤادي فأنـت تملكه واستر ضميري فأنت تهتكه
هجرك سهل عليك أصعبه وهـو شـديد علـيّ مسلكه


ادب الطف - الجزء التاسع340


بسيف عينيك يا مقاتل كم قتلت قبلـي ممن كنت تملكه
أمّا عزائـي فلسـتُ آمله فيك وصبري ما لست أدركه

وقال تمدح بها علي بن الحسين المغربي والد أبي القاسم الوزير :
أتـرى بثـار أم بديـنِ علقـت محاسنهـا بعيني
فـي لحظهـا وقوامهـا ما فـي المهنـد والرديني
وبوجههـا مـاء الشبـا ب خليـط نـار الوجنتين
بكرت عليّ وقالت اخـ ـتر خصلة من خصلتين
إمـا الصدود أو الفراق فليـس عندي غيـر ذين
فـأجبتهـا و مدامعـي تنهـلّ مثـل المـازمين
لا تفعلي إن حان صدك أو فـراقك حـان حيني
فكأنمـا قلـت انهضي فمضـت مسـارع لبيني
ثـم استقلّت أيـن حلّت عيسهـا ورمـت بأيـن
و نوائب أظهـرن أيـ ـامي إلـي بصـورتين
سـوّدنهـا وأطـلنهـا فـرأيت يومـاً ليلتيـن

ومنها :
هل بعد ذلك مَن يعرّ فني النضار من اللجين
فلقـد جهلتهمـا بعد العهـد بينهمـا وبينـي
متكسّبـاً بالشعـر يا بئس الصناعة في اليدين
كانت كذلك قبـل أن يأتـي علي بـن الحسين
فاليـوم حـال الشعر حاليـة كحـال الشعرتين

ومن شعره الذي رأيته في ديوانه المخطوط قوله :
و أخ مسّـه نزولي بقـرح مثلما مسني من الجوع قرح
بتّ ضيفاً له كما حكم الدهر وفي حكمـه على الحرّ قبح


ادب الطف - الجزء التاسع341


فابتدائي يقول وهو من السكرة بالهمّ طافح ليس يصحو
لم تغرّبتَ قلت قال رسول الله والقول منه نصح ونجح
سافروا تغنموا فقال وقد قال تمام الحديث صوموا تصحوا(1)

ونسبها السيد الأمين في الأعيان ج 53/80 لأبي الفرج ابن القاضي أبي الحصين علي بن عبد الملك الرقي ، نقلاً عن الثعالبي في تتمة اليتيمة ما نصه : أبو الفرج ابن أبي الحصين الحلبي من أظرف الناس وأحلاهم أدباً ، وابوه الذي كاتبه ابو فراس وساجله ومدحه السري وأخذ جائزته ولم أسمع لأبي الفرج أصلح من قوله فيمن أبى أن يضيفه (الأبيات) ، ومن شعره :
آل النبي هم النبـي و إنمـا بالوحي فرّق بينهم فتفرقوا
أبت الإمامة ان تليق بغيرهم ان الإمامة بالرسـالة أليق

وله من قصيدة في أهل البيت عليهم السلام :
هي دار الغرور قصّـر باللوام فـيهـا تطـاول الـعشـاق
وأراها لا تستقيم لـذي الزهـ ـد إذا المال مال بالاعنـاق
فلـهـذا أبنـاء أحمـد أبـنـ ـاء علـي طرايـد الآفـاق
فقراء الحجاز بعد الغنى الأكبر أسرى الشئـام قتلى العـراق
جانبتهم جـوانب الأرض حتى خلـت ان السماء ذات انطباق
إن اقصّر بـآل أحمد أو اغرق كـان التقصيـر كالاغـراق
لسـت فـي وصفكم بهذا وهذا لاحقاً غيـر أن تروا إلحـاقي
ان أهـل السمـا فيكـم و أهل الأرض ما دامتا لأهل افتـراق
عرفـت فضلكـم ملائكـة الله فدانـت وقومكـم فـي شقـاق


(1) ويرويها العلامة الشيخ محمد رضا الشبيبي للشاعر عبد المحسن الصوري وانه عملها في اخيه عبد الصمد ، كذا في مقال كتبه في مجلة العرفان م 32/20 .
ادب الطف - الجزء التاسع342


يستحقون حقكم زعمـوا ذلك ـ سحقاً ـ لهم مـن استحقاق
وأرى بعضهـم يبايـع بعضاً بانتظام مـن ظلمكم و اتسـاق
واستثار و السيوف فيكم فقمنا نستثيـر الأقلام فـي الأوراق
أي عين لـولا القيامة و المر جـوّ فيها مـن قـدرة الخلاق
فكأني بهـم يـودون لـو أن الخوالي مـن الليالـي البواقي
ليتوبـوا إذا يُذادون عن أكرم حـوض عليـه اكـرم سـاق
و إذا ما التقوا تقاسمـت النار عليـاً بالعـدل يـوم التـلاق
قيل هذا بما كفرتـم فذوقـوا مـا كسبتم يا بؤس ذاك المذاق

توفي يوم الأحد تاسع شوال سنة 419 عن ثمانين من العمر ، وترجم له في أمل الآمل مفصلاً .
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع343


فارس بن محمد بن عنان

المتوفى 437

بمـحمـد وبحـب آل محـمـد علقت وسائل فـارس بـن محمد
يا آل احمـد يا مصابيـح الدجى ومنـار منهـاج السبيـل الأقصد
لكم الحطيـم وزمـزم و لكم منى وبكـم إلى سبـل الهدايـة نهتدي
يا زائـراً ارض الغـري مسـدداً سلّـم سلمـتَ على الإمـام السيد
بلّـغ أميـر المؤمنيـن تحـيتـي واذكـر لـه حُبّي وصدق توددي
وزر الحسيـن بكربلاء و قـل له يا بـن الوصي ويـا سلالة أحمد
قتلـوك و انتهكـوا حريمك عنوة ورمـوك بالأمـر الفظيـع الأنكد
لـو أنني شاهـدت نصـرك اولاً روّيـتُ منهـم ذابلـي ومهنـدي
مني السلام عليك يا بن المصطفى أبـداً يروح مـع الزمان و يغتدي
وعلى أبيك وجـدّك المختار والـ ـثاوين منكم فـي بقيـع الغـرقد
و بأرض بغـداد على موسى وفي طوس علـى ذاك الرضاء المفـرد
وبسـرّ من را والسلام على الهدى وعلى التقى وعلـى العلى والسؤدد
بالعسكريين اعتصـامي مـن لظى وبقائـم مـن آل أحمـد في غـد
إن ابن عنـان بكم كبـت العـدى وعـلا بحبـكـم رقـاب الحسّـدِ
فـلان تأخـر جسمـه لضـرورة فـالقلـب منـه مخيـّم بالمشهـد
إنـي سعـدتُ بحبكـم أبـداً و من يحببـكـم يـا آل أحمـد يسعـد(1)
* * *


(1) عن الطليعة من شعراء الشيعة مخطوط الشيخ محمد السماوي ج 2/50 .
ادب الطف - الجزء التاسع344


الأمير حسام الدولة أبو الشوك فارس بن محمد بن عنان توفي سنة 437 هـ . بقلعة السيروان ذكره في الكامل ، وفي تاريخ آل سلجوق توفي في شهر رمضان من السنة المذكورة ، وذكره ابن شهر اشوب في معالم العلماء في شعراء أهل البيت المجاهرين . قال الشيخ السماوي في (الطليعة) مالك الجبل من الدينور وقرميسين وغيرهما . كان أميراً فارساً أديباً شاعراً مادحاً للأئمة عليهم السلام ممدحاً لمن سواهم من الانام . وفي تاريخ ابن الأثير : في سنة 342 هـ . أرسل الخليفة المطيع رسلاً إلى خراسان للاصلاح بين نوح بن أحمد الساماني صاحب خراسان وركن الدولة بن بويه فلما وصلوا حلوان خرج عليهم ابن أبي الشوك الكردي وقومه فنهبوهم وقافلتهم وأسروهم ثم أطلقوهم فارسل معز الدولة عسكراً إلى حلوان فأوقع بالأكراد . انتهى .
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع345


الشيخ صالح الحريري

المتوفى 1305

قال من قصيدة حسينية :
ألا إن رزء أودع الـقلـب غلـة مدى الدهر في إيقادهـا ليس تنقع
وأضحت بـه جـمّ الخطوب كأنها ليال بهـا وجـه البسيطـة أسفع
غـداة بهـا أل النبـي بكـربـلا تجاذبها أيـدي المنـون وتسـرع
بيـوم غـدا زنـد الأسنـة وارياً ضراماً بـه يصلى الكميّ السميدع
إذ البيـض في ليـل القتام كواكب تغيـب بهامـات الرجـال وتطلع
تقيم فروض الحرب في سبط أحمد فتسجد فيـه البيض و السمر تركع
إلى أن هوى فـوق الصعيد مزملاً تروح عليـه العاديـات وترجـتع
* * *

صالح بن محمد الجواد الحريري البغدادي الشهير بالشيخ صالح الحريري ، كان أديباً ملماً ببعض العلوم الآلية ، يتحرف بصناعة الأدب وكان شاعراً متوسط الطبقة ينزل بغداد والكاظميين فمن شعره قوله :
قد جلونا من الكؤوس عروسا فتجلّت على الأكف شموسا
واستحالت بأن تراها عيـون بعيان لو لـم تحلّ الكؤوسا
فاذا ذاق عاشق من طلاهـا تركته لم يـدرك المحسوسا


ادب الطف - الجزء التاسع346


وقوله :
كـل يـوم لـك رزق أي فــرخ لا يـــزق
فلكـم من قبـل عاشت أمـم شـتـى وخـلــق
مـرّت الدنيـا عليهـم مـثلمـا قـد مـرّ بـرق
فوّض الأمـر إلى مـن هـو بـالأمـر أحـــق
ان تكـن للصبـر رقـّاً فـبـه لـلـرقّ عـتـق
أي يـوم قـد تقضـى لـيـس فيـه لـك رزق
فأرض فيما أنـت فيـه انــت مـمـلـوك ورق
و لقـد يكـفيـك ممـا مـلكـت يمـنـاك مـذق
فـدع الحـرص فـإن الحرص عصيان و فسـق
سـوف تأتيتك المنايـا بغـتـة فـالمـوت حـق
أيهـا المغـرور رفقـاً ليـس بعـد اليـوم رفـق
إنمـا الشوكـة تُدميـك كـمـا يـؤذيـك بــق
لـك فـي أنفـك يوماً مـن تـراب الأرض نشق
هـذه الدنيـا لعمـري للـورى فـتـق و رتـق
إن صفا للعيش كـأس فصـفـاء الكـأس رنـق
إنمـا الدنـيـا كبـابٍ فـيـه لـلافـات طـرق
فـدع الباطــل فيهـا كـم بـه قـد دق عـنـق
و اجتنب صحبة من في طبـعـه للـغـدر عـرق
و اغتنـم فرصة يـوم رب يـوم فـيـه رهــق
كـل آن فـي البـرايا لسـهـام المـوت رشــق
ان خيـر الناس فضـلاً مَـن لـه فـي الخير سبق
كـن بدنياك صمـوتـاً آفـة الانـسـان نـطــق
حليـة الانسـان فـيهـا عـفـة مـنـه و صــدق
و قصارى الخلـق يومـاً لـهــم لـحـد يـشـــق


ادب الطف - الجزء التاسع347


ومن شعره قوله :
ولايتي لأميـر النحـل تكفيني عند الممات وتغسيلي وتكفيني
وطينتي عجنت من قبل تكويني بحبّ حيدر كيف النار تكويني

توفي سنة الف وثلثمائة وخمس ببغداد ونقل إلى النجف فدفن بها ورثاه بعض الشعراء رحمه الله وكان مولده سنة 1265 هـ . ولم تزل اسرته معروفة ببغداد تتعاطى التجارة وتعرف بـ (آل الحريري) ، وقد ترجمه العلامة السماوي في (الطليعة) .
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع348


لطف الله العاملي

المتوفى 1035

أهلال شهر العشر مالك كاسفاً حتى كأنك قـد كسبـت حدادا
أفهـل علمت بقتل سبط محمد فلبست مـن حزن عليه سوادا
وأنـا الغريب ببلدة قد صيرت أيام حـزن المصطفى أعيـادا
فليبلغ الأعـداء عنـي حالـة ترضي العداة و تشمت الحسادا
أألمّ شمل الصبـر بعد عصابة راحـوا فرحن المكرمات بدادا
سبقوا الانام فضائلاً و فواضلا ومآثـراً و مفاخـراً و سـدادا
من كـل وتـر إن يسل حسامه راحت جمـوع عـداتـه آحادا
وأخي ندى إن سال فيض بنـانه غمـر الزمان مفـاوزاً و نجادا
فهـم الأكاثـر في المعالي عـدة بيـن الورى و هم الأقل عـدادا
* * *

لطف الله بن عبد الكريم بن ابراهيم بن علي بن عبد العالي العاملي الميسي الأصفهاني . قال السماوي في (الطليعة) : كان فاضلاً جامعاً ومصنفاً أديباً بارعاً وكان معتمداً عند الشيخ بهاء الدين العاملي رحمه الله في الفتوى ، وكان حسن التصنيف وحسن الشعر ، وله في الأئمة شعر عثرت له على عدة قصائد في الأئمة عليهم السلام في مجاميع وفي كنز الأديب فمن شعره قوله في حسينية :
أهلال شهر العشر مالك كاسفاً حتى كأنك قد كسبت حدادا


ادب الطف - الجزء التاسع349


وهذه الأبيات قالها في سفر له إلى بعض الجهات .
توفى رحمه الله سنة الف وخمس وثلاثين كما ذكره في (الروضات) على ما استظهره من تاريخ فارسي ذكره صاحب مجالس المؤمنين ، ودفن في أصفهان رحمه الله تعالى ورضي عنه . انتهى .
أقول : راجعت موسوعة (اعيان الشيعة) للمرحوم السيد محسن الأمين عسى أن أجد ترجمة للشاعر فرأيت أن المرحوم الأمين لما سار بموسوعته على حسب الحروف نسي (حرف اللام) برمّته ولم يترجم لكل مبدئٍ باللام وانما ذكر حرف الكاف وعبر إلى الميم .
وترجم له الخونساري في (الروضات) فقال : كان عالماً فاضلاً فقيهاً متبحراً عظيم الشان جليل القدر أديباً شاعراً معاصراً لشيخنا البهائي يعترف له بالفضل والعلم والفقه ويأمر بالرجوع اليه ، كذا في أمل الآمل ، وقال المحدث النيسابوري بعد الترجمة : ومسجده معروف بميدان الشاه باصبهان ، وفاته بعد وفاة الشيخ البهائي المعاصر له بخمس سنين .
يقول صاحب روضات الجنات عند ترجمة والده عبد الكريم : ثم ان لهذا الشيخ ولدين عالمين فاضلين صالحين مذكورين في أمل الآمل وغيره ، احدهما الحسن والآخر عبد الكريم وهو والد الشيخ لطف الله . قال وقد رأيت للشيخ عبد الكريم هذا إجازة أبيه الشيخ ابراهيم وكان هو ايضاً حسن الخط ، رأيت بخطه كتاب تفسير جوامع الجامع للطبرسي في مجلد صغير . وهو ابو الشيخ لطف الله بن عبد الكريم العاملي المنتقل في اوائل عمره من (ميس) ضيعة في جنوب لبنان . إلى المشهد الرضوي المقدس والمشتغل هناك بالتحصيل عند مولانا عبد الله التستري وغيره إلى أن انتظم في سلك مدرّسي تلك الحضرة المقدسة والموظفين بوظائف التدريس ، بل الناظرية لخدام تلك الروضة المنورة من قبل سلطان الوقت ، ثم انتقل إلى دار السلطنة قزوين برهة من الزمن ثم المتوطن بعد ذلك في دار السلطنة اصفهان بأمر ذلك السلطان وهو الذي ذكر

ادب الطف - الجزء التاسع350


في امل الآمل بعد وصف علمه وصلاحه وتبحره وتحقيقه وجلالة قدره ، ان شيخنا البهائي كان يعترف له بالفضل والعلم ويأمر بالرجوع اليه . وذكر صاحب رياض العلماء انه كان فاضلاً ورعاً تقياً عابداً زاهداً مقبولاً قوله وفتواه في عصره ، وقد بنى له السلطان شاه عباس الصفوي المسجد والمدرسة المنتسبين اليه باصفهان في مقابلة عمارة علي قابو في ميدان نقش جهان ، وكان هو وابنه الشيخ جعفر ووالده وجده الأدنى وجده الأعلى أعني الشيخ ميس من مشاهير فقهاء الإمامية إلى أن قال : وبالجملة هذا الشيخ يعني به الشيخ لطف الله ممن فاز بعلوّ الشأن في الدنيا والآخرة وكان معظماً مبجلاً جداً عند السلطان المذكور ، ممن يعتقد وجوب صلاة الجمعة عيناً في زمن الغيبة ، وكان يقيمها في مسجده المذكور ويواظب عليها وكان رحمه الله في جوار ذلك المسجد ، وله رسائل كثرة في مسائل عديدة ، ويظهر ان وفاته كانت باصبهان في اوائل سنة اثنين وثلاثين والف قبل وفاة ذلك السلطان بخمس سنوات تقريباً وقبل فتحه لبغداد بقليل .
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع351


الشيخ عبد الله آل نصر الله

المتوفى 1341

قال متوسلاً إلى الله بمحمد وآله بدفع البلاء والوباء ويتخلّص إلى رثاء سيد الشهداء :
صاح ان الصبر مفتـاح الفرج فلكم بالصبر تنحلّ الرتج
ما على الصابر طوعاً من حرج فاشكر الله على ما وعدا
من عطاياه لدى الصبر الجميل
وتوسل ان عرتك الحادثات ودهتك الفادحات المعضلات
باناس حبهم ينجـي العصاة من لظى النار ومن كل ردى
يوم لا يشفع خلٌ لخليل

وعند رثاء الإمام يقول :
فَنِسـاهُ أبرزوها حاسرات من خباها حائرات عاثرات
فَسعت نحو حماها نادبات من لها كان الحمى والعضدا
بل عمادٌ وسنادٌ ودليل
أبعدوها عنه بالعنف الشديد ضربوها بسياط كي تحيد
وهي تأبى نادبـات واشهيد كنت بالأمس لدينـا عمدا
فبقينا اليوم من غير كفيل
اركبوهن جمالاً هازلات لم تزل نحو حماها ناظرات
بحنين وأنيـن باكيـات قائلات كيف نسـري والعدا
قيّدوا السجاد بالقيد الثقيل


ادب الطف - الجزء التاسع352


لهـف نفسي لعليـل أسرا فوق قتب النيب يشكو الضررا
جسمه أنحله طول السرى داعياً قومـاً سقوا كأس الردى
فلذا من بعدهم أمسى ذليل
* * *

العلامة الورع الزاهد العابد الشيخ عبد الله ابن الشيخ ناصر بن احمد بن نصر الله آل أبي السعود ، ترجم له الشيخ المعاصر الشيخ فرج آل عمران في (الأزهار الارجية) وقال : هو أول عالم اتصلت به وتلقيت منه التوجيه نحو العلم والدراسة وكان مطبوعاً على حب الخير والارشاد فقد أرشدني إلى الفقه والعلوم الإسلامية ويحثني على التقوى ويستشهد بقول القائل :
لا يجتلي الحسناء من خدرها إلا امـرء ميزانه راجح
فأسمو بعينيـك إلى نسـوة صورهن العمل الصالح

وهو موضع ثقة عند جميع الطبقات وعلى يديه تجري العقود والايقاعات وسائر المعاملات وعنده تحسم الخصومات والمنازعات ، وقد زوّده مراجع الطائفة بشهادات ووكالات محترمة أمثال آية الله الشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ محمد طه نجف ، وكان يجلس في داره لقضاء حوائج الناس فيحضر عنده مختلف الطبقات وتحرر في مجلسه المسائل الدينية وكان يهيئ السحور طيلة شهر رمضان لمن يحضر ويقرأ معه دعاء السحر ، ويتعاطى الخطابة في المآتم الحسينية وقراءته مشجية محزنة وله شعر كثير وقد رثى استاذه الشيخ احمد ابن الشيخ صالح آل طعّان البحراني المتوفى صبيحة عيد الفطر سنة 1315 هـ . بقصيدة . وترجم له صاحب انوار البدرين باختصار عندما ترجم اباه وقال : إن له منظومة في اصول الدين ومنظومة في الحجة المهدي سلام الله عليه .
توفي رحمه الله يوم الثلاثاء 16 جمادى الاول سنة 1341 هـ . وشيع جثمانه إلى مقبرة الحباكة الشرقية بتشييع باهر ..

السابق السابق الفهرس التالي التالي