ادب الطف - الجزء التاسع353


تقدير وتقرض
السيد المجاهد الجواد آل شبر المحترم
السلام عيك بقدر شوقي اليك . وبعده فقد تسلمت بيد الشكر الجزء الثامن من موسوعتك الخالدة (أدب الطف) وقد قضيت معه ساعات متصلة درّت عليّ ملامح تاريخية صافية ، وصفاء قرائح متقدة بلهب الموالاة الحقة لأئمة أهل البيت الأطهار ـ سلام الله عليهم ـ واني إذ اهنئك بهذا الجهد الجهيد الذي تحملته ، ووصلتَ من أجله ليلتك بنهارها أرفع كفَ المُناجاةِ متضرّعاً اليه جلّ اسمه أن يزيدَ مننَه عليكَ لاتمام بقية الأجزاء الآتية ليتم المخطط ، ويُحفظ شعراء الحسين في سجل الباقيات الصالحات . وكان عليّ ـ أيها السيد المفضال ـ أن اطيلَ في تقريض الكتاب ؛ بيدَ أني لست بحاجة إلى التعريف به بعد ما نطق هو عن ذاته وأشار إلى مكنونات صفاته ولا عجب فان سطوره تنمّ عن ذوقٍ ، وترتيبَه يفصح عن مجهود ، وجمعه يَدلّ على خبرة وممارسة في الغناء بحب الحسين عليه السلام وأهل بيته الطاهرين وخدمتهم طوال سنين عدة وأعوام طوال . وإني لما عدلت عما سلف لجأت إلى بيان بعض الموارد التي استوقفتني على صفحات الكتاب أحببت أن اسطرها خدمة للحقيقة ، وبياناً لما يترتب عليها من أمرٍ وهي بطبيعتها لا تؤثر على عمل كبير مثل هذا ولا تنال من أهميته شيئاً !!
1 ـ ذكرتم أسماء الشعراء الذين رثوا الشاعر الخالد الذكر السيد حيدر الحلي ، واحب ان اضيف إلى أن حلبة رثاء السيد الشيف المذكور وقفت

ادب الطف - الجزء التاسع354


عليها كاملة ضمن مجاميعنا المخطوطة وهي ملحقة بمراثي جدنا العلامة السيد الميرزا صالح القزويني المتوفى في السنة التي توفى بها السيد الحلي وكلها تنتهي بتعزية عمنا العلامة أبي المعز السيد محمد القزويني المتوفى سنة (1335 هـ .) وأخيه العلامة الحسين المتوفى (1325 هـ .) وفيها من المقدمات النثرية ما لم يشر اليها أحد . كما لا يفوتني ان الشاعر الأديب السيد عبد المطلب الحلي رحمه الله ذكر قسماً منها في مقدمة ديوان السيد حيدر المطبوع طباعة حجرية في مستهل هذا القرن .
2 ـ ذكرتم في ترجمة الميرزا صالح القزويني الحلي المتوفى (1304 هـ .) قصيدةً له مطلعها :
طريق المعالي في شدوق الأراقم ونيل الأماني في بروق الصوارم

والصواب أنها للسيد صالح القزويني البغدادي المتوفى سنة (1306 هـ .) وقد اشتبه الخاقاني أيضاً كما في شعراء الحلة ، كما اشتبه في قصائد اخر نبهتُ عليها في مقدمة مقتل أمير المؤمنين عليه السلام الذي طبع بتحقيقنا سنة (1394 هـ .) .
3 ـ ذكرتم في ترجمة (آغا أحمد النواب) انه توفي سنة (1311 هـ .) والصواب انه وفاته كانت في الثلاثينات على ما ظهر لنا ، وقد حقق نسبه الصديق عبد الستار الحسني كما رأيته بخطه .
4 ـ أوردتم في ترجمة اسطا علي البنّاء المتوفى سنة (1336 هـ .) قول الآلوسي ؛ السيد علي علاء الدين ـ رحمه الله ـ فيه كما في (الدر المنتثر) : بأنه كان اعجوبة بغداد ؛ ينظمُ الشعر مع كونه امّياً لا يقرأ ولا يكتب !!
ثم ذكرتم أنه جاء في هامش (الدر المنتثر) صحيفة (166) ما يلي . «جاء في هامش صفحة (57) من مخطوطة الأصل ما نصّه : انّ هذا الشاعر اوسطا

ادب الطف - الجزء التاسع355


علي المذكور كان لا يُجيد النظم ؛ إنما كان هناك شخص اسمه الشيخ جاسم ابن المُلا محمد البصير الذي كان ينظم له» انتهى .
والذي يتبادر من هذا القول انه للسيد علي الآلوسي نفسه ، ولكنّ الصواب انه للاستاذ يوسف عز الدين ـ الدكتور ـ وقد سجّل اسمه مع تاريخ كتابته لهذه الأسطر في سنة (1953 م .) . ولم يُشر محققاً «الدر المنتثر» الاستاذان جمال الدين الآلوسي وعبد الله الجبوري إلى ذلك رغم اعتمادها على هذه النسخة ، ونقلهما كلام عز الدين عنها !!
واحبّ أن اشيرَ إلى أنّ النسختين اللتين اعتمد عليها محققاً الدر لا تخلوان من اشتباهات تختلفُ عن الأصل المكتوب بخط الآلوسي وفيهما زيادات لا تمتُّ إلى أصل الكتاب بشيء !
وقد أوردتُ على الكتاب «المُنتثر» مستدركاً لم يُنشر من قبل جمعته عن مجموعة الآلوسي المخطوطة ، وذكرتُ ما سلفَ كله في النقد الموسّع للدر المنتثر الذي لم يزل في عداد المخطوطات !!
بقي شيءٌ متعلقٌ بشاعرية البنّاء ؛ حيث أنه كان يستعين بالشاعر الأديب ، الخطيب المفوّه ، فارس حلبات البلاغة والبيان ؛ الشيخ جاسم المُلا الحلي ـ نظماً بعض الأحيان في مراسلات الشخصيات ، وليس ذلك على الدوام . فله نفسه الشعري المتميز ، واسلوبه السافر ، ويظهر ذلك جلياً في شعره المحفوظ في مجموعة مراثي السيد عباس الخطيب البغدادي المتوفى سنة (1333 هـ .) المخطوطة المحفوظة في مكتبتي ، ففيها من الشعر الذي لا يمكن أن يُنسب إلا اليه ، وقد أطراه السيد حسن الخطيب نجل اليد عباس السالف ذكره فيما أنشأه من مقدماتٍ لمراثي والده ومدائحه . وقد سجّلتُ ذلك في كتابي «الرجال» المخطوط في ترجمة البنّاء .

ادب الطف - الجزء التاسع356


5 ـ كان بودّي لو قمتم بدراسةٍ تحليليةٍ عن عصور أدب الطف ، واستجلاء الصور المتباينة في التعبير ، ومقارنتها بكل عصرٍ من العصور . ولا شك أنّ هذه الدراسة ستكشف عن امورٍ بعيدة الغور في جانبي السياسة والاجتماع مع لحاظ التطور «الأدائي» و«الفني» لشعراء الحسين (ع) .
هذا ما أردتُ بيانه بهذه العجالة ، تاركاً بقية الملاحظات لضيق الوقت .
وبالختام أتمنى للسيد «الجواد» مزيداً من «العطاء» ، ويا دام في مضمار البحث مظفراً .
بغداد
غرّة ذي القعدة 1397 هـ .
جودت القزويني

ادب الطف - الجزء التاسع357


وتفضل الاستاذ الاديب الشيخ عبد الامير الحسيناوي
بتاريخ الجزء السادس من هذه الموسوعة بقوله :

فاق الجواد ـ الكلّ في سفره فحاز سبقـا وخطى بالرهان
ذا ـ أدب الطف ـ شهيدٌ له فقـد سمـا فيه بسحر البيان
في طيّه ترجم مَـن ناصروا بشعرهم مذ فات نصر السنان
إن فات نصر السبط تأريخهم فـان هـذا نصرهـم باللسان


السابق السابق الفهرس