ادب الطف - الجزء التاسع289


لا تـركـدن كهـضـبـة فالمـاء إن لـم يجـر يأسن
حاجـج مجـاورك الـذي خلط الجدال المحـض بالفن
ماذا انتفـاعك بالـدخيـل إذات تقحـطـن أو تعـدنن
متـصـاغـراً حتـى إذا ثنيـت وسـادتـه تفـرعن
كم فتـنـة حمـراء فـي إيـقـاد شعلـتـهـا تفنـن
فانشر له النسب الصريح وقل لأ لكـنـه : تـرطـّن
ما خانـك النائي الغريب أتـاك مهـزولاً ليسـمـن
لكنمـا الأدنـى القـريب لحقـك المنصوص أخـون
* * *

وللشيخ الشبيبي ديوان ضخم عدا ما ضاع من شعره ، أما شعره في أهل البيت عليهم السلام فكثير ، وبعد بحث وتنقيب عثرت له على ثلاث قصائد في الإمام الحسين (ع) يبتدء بحرف من حروف الهجاء في أوائل أبيات القصائد الثلاث : فواحدة منهن جعلناها في صدر الترجمة ، والقصيدتان نذكر المطلع منهما فقط ، قال يخاطب حجة آل محمد صاحب الزمان عليه السلام :
أما هاجتك للوتر الطفوف فيدمي الأرض منصلك الرعوف

والثانية أولها :
أمقيم قاعدة الهدى والدين حان انهزاع قواعد التكوين

وله تخميس وتشطير لأبيات السيد حسين القزويني في مدح الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب . كما له تخميس لقصيدة السيد المذكور في مدح الإمامين الكاظمين عليهما السلام ، ذكر التخميس الشيخ السماوي في ترجمته في كتابه (الطليعة من شعراء الشيعة) ج 1 / 75 .
ومن روائعه رثاؤه للسيد محمد سعيد الحبوبي بطل العلم والأدب والجهاد ، ومطلع القصيدة :

ادب الطف - الجزء التاسع290


لواء الدين لـفّ فـلا جهادُ وباب العلم سُدّ فلا اجتهادُ
تخارست المقاول والمواضي فليس لها جدال أو جـلاد
بكيت معسكـر الإسـلام لما أُتيح عميدها وهوى العماد

ورائعته التي عنوانها (قمرية الدوح) وقد نظمها بمناسبة وصول ام كلثوم إلى العراق وعلى أثر الاحتفال الذي أقيم لها في بغداد ، وأولها :
قمرية الدوح يا ذات الترانيم مع النسور على ورد الندى حومي

توفى رحمه الله في بغداد عام 1363 هـ . ونقل جثمانه إلى النجف ودفن في مقبرة بجنب داره ، وأُقيمت له ذكرى أربعينية في مدرسة الصدر من أضخم الذكريات تبارى فيها فحول الشعراء .
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع291


السيد مضر الحلي

المتوفى 1363

قال في قصيدة حسينية :
إلى مَ أغض الطرف والهم لازم ولي عزم صدق عنه تنبو الصوارم
إذا لم أقدهـا ضـابحات بقفرها عليهـا من الفتيـان غلب عواصم
فلا عرّفت بي من لوي عصابة ولا كان لي من غالب الغلب هاشم

إلى أن يقول :
ألا أيها الساري بحرف لدى السرى تزف زفيفـاً لم تخنهـا القوائم
إذا أنـت أبصـرت الغري فعج به ونادع عليا والـدموع سواجـم
أبا حسن إنـي تـركـت بكـربلا حسيناً صريعاً وزعته الصوارم
قضى ضامياً دامي الوريـد وبعدذا عقائلكـم سـارت بهن الرواسم

الخطيب الأديب السيد مضر ابن السيد مرزة ـ المتقدمة ترجمته في الجزء الثامن من هذه الموسوعة ـ ابن السيد عباس بن علي المعروف بالسيد علاوي ابن الحسين بن سليمان الكبير من اسرة الشعر والأدب والاباء والشمم تمثل السيادة حق تمثيلها وتطفح على شمائلها الشمائل العلوية تعرف هذه النفسية من شعرهم وقد قيل : الشعر شعور .
ولد شاعرنا في قرية (الحصين) قرب الحلة 22 شعبان من سنة 1319 هـ . وأرخ أبوه عام ولادته بأبيات والتاريخ منها جملة :

ادب الطف - الجزء التاسع292


أعوامه أرخت (غرٌ حسان) . ونشأ مطبوعاً بطابع الاسرة الشريفة ، وكما رباه أبوه (ومن يشابه أبه فما ظلم) وشعره يعطيك صورة عن نفسه وما جبل عليه من فخر وكرم وإباء وشمم وذلك ما حبب هذه الاسرة في الأوساط فكان ناديهم في (الحصين) محط الادباء والمتأدبين ، ومن شعره قصيدته التي عارض بها قصيدة البارودي التي أولها :
سواي بتحنان الأغاريد يطرب وغيري باللذات يلهو ويلعب

فقال :
إلى مَ التمـنـي والأمانيّ خـلـّب فليس بغيـر العضـب ما أنت تطلب
من العار تغضي راغماً غير راكبٍ من العزم طـرقاً للمهـمـات يركب
عجبت لعمرو المجد تـرضخ للتي تشين وترك الخصم جـذلان أعجب
ألست الـذي لـم يكتـرث لملمـة وأنـت لدى الجُلّى عـذيـق مُرجّب(1)
سـواء لديـه ان رنا طرف عينه إلى غايـة شـرق البـلاد ومغرب
حرام إلى غيـر المعالي محاجري تصدّ ولا فـي غـيـرها لي مأرب
ولولا العلى لم أرتض العيش والبقا ولكن سبيـل المجـد مـا أنا أدأب
ولسـت بمن إن حيل دون مرامه يصعّد لا يدري الهـدى ويصـوّب
فان أنا لـم أبلـغ بجـدى مساعيا لنا سنّهـا قـدماً نـزار ويعـرب
فلا ضمنى من هاشـم بيت سؤدد سما شرفاً فوق الضـراح مطنـب
ولا وخدت بي للوغى بنت أعوج ولا اهتزّ في كفي الحسام المشطب
فما أنا ممن همهم صـر خديـة وعـود إذا ما ينتشي فيه يضرب
وخود تغنّيـه وتسقـيـه نشـوة ويصبح لا يدري إلى أيـن يذهب
ولكننـي ممـن تقـرّ لـه العدا لدى الهول لا ألـوي ولا أتنصّب
وما الفخر في لهـو وعودٍ وقينة وكاس بها يطفو الحباب ويرسب


(1) العذيق مصغر عذق . والمرجب : المحفوف بالشوك .
ادب الطف - الجزء التاسع293


بل الفخر في ضرب وطعن ونائل وحلم رزين لا يطيش ويشعب
ولي شيمة تأبى الدنايـا وعزمـة(1) وقلب بأفواج الآبـاء محجـب
وقول كوخـز السمهـري مسدد وقلب جريء ثابت ليس يرهب
قبيح لعمري ان أكـون مخاتـلا وأقبح من ذا أن يقـال مذبـذب
فخاطـر بنفس إنمـا أنت واحدٌ فاما حيـاة أو حـمـام محبـب
فلم أرَ خلاً فـي المـودة صادقاً إذا قلب هذا كـاذب ذاك أكـذب

وقال من قصيدة يرثي بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام :
أبا حسن في فقدك اليوم أصبحـت ربوع الهدى والدين قفر الجوانب
و جار على أطرافـه كـل ظالـم وغـار على أبياتـه كـل ناهـب
فما زلت ترعـاه بعيـن بصيـرة كما كنت تحميه بماضي المضارب
لتبـك اليتـامى والأرامـل مطعماً لها والندى والدين أصـدق صاحب
و تبـك معـدٌ ليثهـا وعمـادهـا وتبك نـزار غوثهـا في النـوائب
و تبـك الجياد القبّ أعظـم فارس يقحمهـا في الروع مـن آل غالب
و تبك غمار الحرب خواض بحرها وتبك الضبا والسمر مردي الكتائب
فقد قوّض المعروف وانطمس التقى ولم يبق بحر للنـدى غيـر ناضب
وبالافـق نادى جبرئيـل تهدمـت قواعد أركـان الهـدى والمناقـب
فيا نفـس مهـلاً ان للثـار قائمـاً عن الدين يجلـو داجيات الغياهـب
فيدرك ثـار المرتضـى ووصيـه الزكي وثـار الماجديـن الأطائـب
لقد منعوا يوم الطفـوف مضاربـاً لهم بحدود الماضيـات القواضـب
وأجروا بحاراً من دمـاء تلاطمت سفائنهـم فيهـا ظهـور الشوازب

وهي طويلة تقع في مائة بيت .

(1) صدور البيت لشاعر مصر الكبير محمود سامي البارودي التي كانت هذه القصيدة جواباً لتلك .
ادب الطف - الجزء التاسع294


كانت وفاته في القرية التي ولد فيها بالسكتة القلبية ، ليلة الأحد سابع جمادى الاولى من سنة 1363 هـ . المصادف 30/4/1944 م .وحمل جثمانه إلى الحلة بموكب حافل ومن ثم شيع إلى النجف تشييعاً يليق وكرامته ورثاه جمع من أصدقائه ومواطنيه باللغتين : الفصحى والدارجة(1) ومنهم أخوه السيد سليمان بقصيدة مطولة جاء فيها :
أبا شاكر لا راق لي بعـدك الدهر ولا لذّ لي عيش وقد ضمك القبر
أُقلّبُ طرفي في دجى الليل ساهراً ويقلقني في كـل آن لك الفكـر
ذكرتك لما غصّ بالقوم مجلسـي وكنت تُرى فيه لك النهي والأمر

أقول : وعند الرجوع إلى صحف بغداد ونشراتها نجد للمترجم له بعض النوادر الأدبية والمراسلات الودية أمثال رسالته لصديقه المرحوم ابراهيم صالح شكر ـ الأديب الشهير بقوله من قصيدة :
ما سليمى وما هنـاك سعاد فعليك السلام يا بغداد
من محب ناءٍ به شطت البين فأدنى ديـاره الابعـاد
ساهر الليل لم ترَ النوم عيناه نديماه يقظـة وسهـاد

وقال يشكر هاني بن عروة ـ زعيم مذحج ـ على موقفه المشرّف دون سفير الحسين بن علي بن أبي طالب وهو مسلم بن عقيل بن أبي طالب :
جزى الله خيراً هانياً في صنيعه مع ابن عقيل نعـم شيخ المكارم
غداة دعـوه أن يسلـّم مسلمـا فقال بعيد منك نيـل ابن هاشـم
اسلّم ضيفي وابن عـم محمـد ولم ترتوي مني حدود الصـوارم
سأدفع عنه ما حييت بمرهـف وقومي لدى الهيجا طوال المعاصم


(1) نشرت نبأ وفاته صحف بغداد وأبنته وكتبت عنه جريدة الأهالي كلمة مؤثرة .
ادب الطف - الجزء التاسع295


كلمة في هاني بن عروة :
كان هاني بن عروة بن نمراذ المذحجي الغطيفي صحابيا كأبيه عروة وكان معمّراً ، وهو وأبوه من وجوه الشيعة ، وحضر مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حروبه الثلاث وهو القائل يوم وقعة الجمل :
يا لكِ حرباً حثّها جمالها يقودها لنقصها ضلالها
هذا عليٌ حوله أقيالُها

قال ابن سعد في الطبقات كان عمره يوم قتل بضعا وتسعين سنة وكان يتوكأ على عصى بها زجّ وهي التي ضربه ابن زياد بها ، وهو شيخ مراد وزعيمها يركب في أربعة آلاف دارع ، فإذا تلاها أحلافها من كنده ركب في ثلاثين ألفاً . ولسيدنا بحر العلوم الطباطبائي كلام ضاف في ترجمته في (رجاله) وقد أغرق نزعاً في اثبات جلالته والدفاع عنه والجواب عما قيل فيه وتابعه على رأيه السديد السيد المحقق الأعرجي في (عدة الرجال) وبالغ شيخنا الحجة المامقاني في (تنقيح المقال) بترجمته في مدحه والثناء عليه .
قال أهل السير لما دخل ابن زياد الكوفة وتفرق الناس عن مسلم بن عقيل بعدما بايعوه خرج مسلم من دار المختار التي كان قدنزلها إلى دار هاني بن عروة وفهم ابن زياد بذلك أرسل محمد بن الأشعث وأسما بن خارجة وقال لهما : ائتياني بهاني آمناً ، فقالا وهل أحدث حدثاً حتى تقول آمناً قال لا ، فأتياه به فلما رآه ابن زياد قال : أتتك بخائن رجلاه تسعى . قال هاني وما ذاك أيها الأمير ، قال يا هاني أما تعلم ان أبي قتل هذه الشيعة غير أبيك وأحسن صحبته فكان جزائي منك أن خبأت رجلاً في بيتك ليقتلني ـ وطال الكلام بينهما إلى أن أخذ المعكزة من يد هاني وضرب بها وجه هاني حتى ندر الزج واتزّ بالجدار ثم ضرب وجهه حتى هشم أنفه وجبينه وسمع الناس الهيعة فأطافت مذحج بالقصر ، فخرج اليهم شريح القاضي فقال لهم إن أميركم حي وقد حبسه الأمير ، فقالوا لا بأس بحبس الأمير وتفرقوا .

ادب الطف - الجزء التاسع296


قال أهل السير ولما قتل مسلم بن عقيل ورمي من أعلا القصر أمر ابن زياد باخراج هاني وقتله ، فأخرج إلى السوق التي يباع فيها الغنم مكتوفاً فجعل يقول : وامذحجاه وأين مني مذحج ، فلما رأى أن لا أحداً ينصره نزع يده من الكتاف وقال أما من عصى أو سكين يدافع به رجل عن نفسه ، فتواثبوا عليه وشدوه كتافاً ثم قيل له : مدّ عنقك ، فقال : ما انابها بسخي فضربه رشيد التركي على رأسه فلم تعمل به شيئاً ، فقال هاني : إلى الله المعاد اللهم إلى رحمتك ورضوانك ثم ضربه ثانياً فقتله ، فقام أهل الكوفة وربطوا الحبال في رجلي مسلم وهاني وجعلوا يسحبونهما في الأسواق . وفي ذلك يقول عبد الله ابن الزبَير الأسدي كما روى ابن الأثير في الكامل :
فان كنتِ لا تدرين ما الموت فانظري إلى هاني في السوق وابن عقيل
إلى بطل قـد هشـم السيـف أنفـه وآخر يهوي من طمـار قتيـل
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع297


السيد عباس آل سليمان

المتوفى 1363

بـوادر دمـع لا يجـف انسكابهـا ونيران حزن ليس يطفى التهـابهـا
خليلي ما هاجت على الشوق لوعتي ولا اسهرت مني العيـون كعـابهـا
ولكن عرتني من جوى الطف لوعة يشبّ بأحنـاء الضلـوع التهـابهـا
غداة انتضت أبناء حرب مواضبـاً أراق دم الإسـلام هـدراً ضرابـها
و قد أودعت في مهجة الدين حرقة فلم يلتئـم طول الزمـان انشعـابها
لقـد غصبـت آل السالـة حقهـا بكفٍ مدى الدهر استمـرّ اغتصابها
تجاذب أيديهـا إلـى صفقـة بهـا يعـزّ على الهادي الرسـول انجذابها
فقل للعدى امناً قضى الضيغم الذي يردّ الكمـاة الغلـب تُـدمـى رقابها
وأصبـح ذاك الليـث بيـن اميـة تنـاهـشـه ذؤبـانهـا وكـلابهـا
أصبراً وآل الله تمسى على الظمـا ذعـاف المنايا في الطفـوف شرابها
أصبراً وأمـن الخائفيـن بكربـلا يـروّع حتـى فيـه ضاقـت رحابها
إمام الهـدى نهضـا فإن دمـاءكم علـى الأرض هـدرا يستباح انصبابها
أصبراً وفي الطف الحسين تناهبت قـواضـبهـا اشـلاءه وحـرابـهـا
أصبراً وتلك الفاطميات أصبحـت يبـاح جهـاراً سبيـهـا وانتهـابهـا
كما شاءت الأعداء تسبى حواسراً تطـوف بها البيـداء وخـداً ركابهـا


ادب الطف - الجزء التاسع298


فمن مبلغ المختار عني ألوكة على نشر رزء الطف يطوى كتابها
شفت حقد بدر في بليك بوقعة أصاب جميع المسلميـن مصابهـا

السيد عباس ابن السيد حسين ابن الشاعر الذائع الصيت السيد حيدر الحلي المشهور بآل السيد سليمان . ولد في الحلة حوالي سنة 1299 هـ . ,كان عمره يوم وفاة جده خمس سنوات ، أوفده أبوه إلى النجف وهو دون العشرين فمكث أربع سنين مكباً على الدراسة والتحصيل ولما توفي أبوه سنة 1339 هـ . قام مقامه في مهماته الزراعية يقول الشيخ اليعقوبي : وكانت ترى آثار النجابة على أسارير وجهه مزيجة بالأريحية والنبل وكرم الطباع وخفة الروح ، وله شغف شديد وولع عظيم بمطالعة الكتب الأدبية ودواوين الشعراء ، ولقد ساهم في نشر (العقد المفصل) أحد آثار جده السيد حيدر حين طبع ببغداد سنة 1331 هـ . ومن روائعه العصماء قصيدته في تأبين العلامة السيد حسين القزويني المتوفى سنة 1325 هـ .
قم ما على مضض المصاب مقام قد حان من يـوم القيـام قيـام
وانظم سـويداء الفـؤاد مراثيـاً فالدين منه اليـوم حـلّ نظـام
علم الهـدى الراسي تدكدك بعدما منه توقّر فـي النـدي شمـام
سار تخـف به الرجـال وقبلـه مـا خلت أن تتدكدك الأعلام
بحر الندى الزخار غاض عبابـه فلتغتدِ الآمـال و هي حيـام
أدرى (المفيد) فلا مفيد (مرتضى) بنداه (لابن نما) الرجاء قوام
ذهب الحمام (بعـدّة الداعي) التي هي كالصوارم للعـدو حمام
يا مبرماً تقضى الحلوم بفقـد مَن قد كان منه النقض و الابرام
في ليلة صبغـت بحـالك لونهـا و جه النهار فعاد وهو ظلام
ولدت فلا لقحـت بهتا الأعـوام رزءً يشيب الدهر وهو غلام
قد أنكرت سـود الليـالي وقعـه وتبرأت عـن مثلـه الأيـام
رزء له جبـريل أصبـح ناديـاً بمـآثم فـوق السمـاء تقـام


ادب الطف - الجزء التاسع299


بجوى كمنقـدح الشـواظ زفيـره قد كاد يورى الشمس منه ضرام
لا غرو إن بكـت الملائك شجوها في أدمـع تنهتـلّ وهي سجـام
فالميّت الإسلام و المفجـوع فيـه الديـن و الثكلـى هـي الإحكام
والنادب التوحيـد والناعـي الهدى وبـه الفضائــل كلهـا أيتـام
أأبـا محمـد العـلـيّ فـخـاره لا راع قلـبـك حـادث مقـدام
من حط ذاك الطـود وهو ممنـعٌ وأبـاد ذاك العضب وهـو حسام
أبذلـك العـاديّ طحـن طوائـح وبنـا بـذاك المشـرفـيّ كهـام
أم حلّـت الأقـدار حبـوة ماجـد في يردتيه الطـود و الصمصـام
كم أنفس غاليـت فـي إعزازهـا أضحت رخـاصاً في الهوان تسام
وأخا وما ضمنت برودك من حجى خفّـت لـوزن ثقـيلـه الاعـلام
ما زالـت الأحلام فيـك رواجحـاً حتى حملـت فطاشـت الأحـلام
حملـوا سريرك والملائـك خشـّعٌ فبهـم تسـاوت تحتــه الأقـدام
يتمسكـون بفضـل بـردك وقّعـاً فلهـم قـعـود حـولـه و قيـام
حتـى أتـوا جدثـاً تقـدّس تربـة فيها تـوارى مـنـك أمس إمـام
جدث يموج البحـر تحـت صفيحه ويصـوب فيـه الغيث وهو ركام

والقصيدة كلها بهذه المتانة والروعة واكتفينا ببعضها .
وله في مدح والده السيد حسين ابن السيد حيدر قصيدة في مطلعها :
بادر بنا نتعاطى أكؤوس الطرب عن ثغر أغيد معسول اللمى شنب

واخرى في مدح والده اولها :
محياك ام بدر على الافق اشرقا ورياك ام نشر من المسك عبقا

وله في الإمام الحسين مرثية جاء فيها :
غداة استهاج الرجس جيش ضلالة على ابن هداها بالطفوف تهاجمه
اراع قلـوب المسلميـن بمدهـش تجـدد حزنـاً كـل آن مآثمـه
أصبراً وقـد آلت اميـة لا تـرى لآل الهـدى عـزاً تشاد دعائمه


ادب الطف - الجزء التاسع300


فيا مقلة الإسلام دونك و البكا بدمع من الأحشاء ينهل ساجمه
فان ابن بنت الوحي بين امية بحدّ المواضي تستحل محارمه
له الله دام بالطفوف مجـرداً كسته بابـراد الثنـاء مكـارم

وقال اخرى في رثاء الحسين (ع) :
طرقت تزلزل أرضها وسماءها نكباء تقـدح بالحشـا إيراءها
الله أكبـر يـا لها مـن نكبـة أسدت على افق الهدى ظلماءها
عمّت جميع المسلميـن بقرحـة للحشر لا زالت تعالـج داءهـا
وبها اقتدى التوحيـد يشكو لوعة طول الليالي لا يـرى إبراءهـا
سامته إمـا ان يسـالم فـي يـد ما سالمت في ذلـة أعـداءهـا
أو أن يمـوت على ظماً في كربلا تروي الضبـا من نحره إظماءها

وقال يفتخر بنسبه ويمدح أهل البيت :
خليليّ ما هاج اشتياقي صبا نجـد ولا طربت نفسي لشيء سوى المجد
وإني فتى بي يشهد الفضل والعلى بأنـي فريـد بالمفاخـر و الحمـد
وإني فتى ليسـت تليـن جوانبي لداهية دهمـاء توهي قـوى الصلد
ولي عزماتٌ يحجـم الليث دونها تورثتها عـن حيـدر الأسد الوردي
فتى يقطر المـوت الزوام حسامه إذا استلـّه يوم الكفـاح من الغمـد
هو البطل الفتاك عزمـة بأسـه تغـل بيوم الحرب حد ضبا الهندي
حمى حوزة الإسلام خائض دونها كفاحـاً بنتار الحـرب تلفح بالوقد

وله في الحسين من قصيدة اخرى :
ما لفهر هجرت ماضي ضباها فلتصل بالموت أرواح عداها
أتناست فعـل حرب أم علـى حسك الضيـم أقرّت مقلتاها

وفاته بالحلة الفيحاء سنة 1363 هـ . ونقل إلى النجف ودفن بها ورثاه أخوه السيد محمد وارخ عام وفاته .

ادب الطف - الجزء التاسع301


الشيخ علي العوّامي

المتوفى 1364

لا تخسر الحرة الحسناء ميزانا فالشيب بان ومنك العمر قد بانا

يفتتح هذه القصيدة بالموعظة الحسنة ويتخلص لمدح الحسين بن علي شهيد الإباء بقوله :
أفدي نفوساً تسامت في العلى رخصت فسامها الكفـر يوم الروع نقصانا
تجلببـت بـرداء الصبـر واستبقـت لنصـرة المصطفى شيباً وشبـّانا
حتى تهـاووا وكـلٌ نفسـه شربـت من نقطة الفيض بالتقديس قد حانا
وخلفـوا واحـد الهيـجـاء منفـرداً يذري الدموع حريق القلب لهفـانا
يرى الصحـاب على البوغاء جلببهـا فيض المناحـر أبراداً و قمصانـا

ومنها :
أيقتل السبـط عطشاناً بلا ترة والماء طام فليت الماء لا كانا
أروح طاها بلا دفن ترضضه الأعداء حتى غدا للخيل ميدانا
* * *

الشيخ علي ابن الشيخ جعفر آل أبي المكارم العوامي . ترجم له الباحث الأديب الشيخ سعيد الشيخ علي آل أبي المكارم في كتابه (أعلام العوامية في القطيف) وقال في حقه : عظيم من عظماء الانسانية وبحر من بحور السماحة والفضل وإمام من أئمة الجماعات والجمعات ، أخلص للإسلام وأبنائه . وُلد في غرة شهر رمضان المبارك سنة 1313 هـ . وارخ مولده أبوه الشيخ جعفر المترجم له سابقاً ، فقال :

ادب الطف - الجزء التاسع302


يا خليلي غننـي فلقد زال الألـم
وأدر كـأس الهنا وأزح عنا السقم
فعلـيٌ قـد أتـى وبه الشمل انتظم
شمس مجد أرخت نورها يجلو الظلم

تلقى على أبيه ومربيه في العلوم الأولية كالنحو والصرف والمنطق والبيان وقرأ الفقه والاصول ثم قصد النجف الأشرف فحضر هناك عند ثلة من العلماء الاعلام وحجج الإسلام العظام كالعلامة السيد مهدي الغريفي النجفي والحجة الشيخ عبد الله المعتوق القطيفي المتوفى سنة 1362 هـ . والحجة الكبير والمرجع الديني الشهير الشيخ أحمد آل كاشف الغطاء ، فأتم قراءة الفقه والاصول وقرأ الحكمة الإلهية والكلام وتملك زمام سائر العلوم الرياضية وغيرها كالهيئة والحساب والجغرافية والهندسة حتى نال درجة الاجتهاد بشهاد أساتذته الذين درس عليهم . وهكذا قضى عمره في درس وتدريس وجدّ واجتهاد حتى توفاه الله يوم الخميس 6/5/1364 هـ . ودفن في (سيهات) من مدن القطيف ، واقيمت له الفواتح في القطيف والبحرين وغيرهما وأبّنه الكثير من الادباء والشعراء وخلف من الآثار العلمية تبلغ 13 مؤلفاً منها :
1 ـ اللؤلؤ المنظوم في تاريخ الحسين (ع) جزءان .
2 ـ الجامع الكبير في الفقه الاستدلالي .
3 ـ أوضح دليل فيما جاء في علي وآله من التنزيل .
4 ـ الوجيزة في الصلاة اليومية .
5 ـ المستدرك على الفوائد في شرح الصمدية .
6 ـ علية الوعظ وهي مجموعة خطبة التي أنشأها في الجمع والأعياد التي تحث المسلمين على الالفة وتوحيد الكلمة .
7 ـ ديوان شعره إلى غيرها من التعليقات والمراسلات وأجوبة السائلين عن مهمات امور الدين . أورد له صاحب (الاعلام) عدة قصائد وعظية ورثاء للإمام الحسين عليه السلام وفي أغراض أُخر .

ادب الطف - الجزء التاسع303


الشيخ محمد حرز الدين

المتوفى 1365

رسوماً عفتهـا الذاهبـات العـوائد بها اندرست فاستوطنتها الأوابد
فسل دمنة قد خـفّ عنهـا قطينها وأبيات عـزٍّ بالحريـق مواقـد
ستنبيـك عن تلـك الديار طلولهـا وأعلام صم في الديـار خوالـد
ولم يبق حـول الـدار إلا ثمامهـا ونؤياً بها قـد غيّرتـه الرواعـد
وقفت بها والدمـع أدمى محاجـري اناشد رسمـاً عزّ فيـه المنـاشد
واسألهـا عـن ساكـنيهـا وإنهـا وان جاوبت لم تشف ما أنت واجد
كأني بفتيان تـداعب إلـى الـردى و رحب الفلا بالخيل والجند حاشد
عـوابـس تعـدو للحفـاظ كأنهـا لـدى الروع في الهيجا ليوثٌ لوابد
أقامت بجنب النهر صرعى جسومهم عليهـا من النقـع المطـل مجاسد
و أقبل كالليـث العبـوس بمرهـف همـام على ظهـر المطهـم ماجد
به أحدقت مـن آل حـرب كتائـب يضيـق الفضا عنها وقـلّ المساعد
فلهفـي لـه يلقـى الكتائـب ظاميـاً إلى ان قضـى والماء جـار و راكد
* * *

الشيخ محمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ حمد الله ابن الشيخ محمود حرز الدين النجفي من مشاهير علماء عصره ، وآل حرز من البيوت العلمية في النجف ، فان والد المترجم له وجده من العلماء المشهورين وكذلك

السابق السابق الفهرس التالي التالي