لا مرحباً بك يا محـرم مقبـلا |
|
بك يا محـرم مقبـلا لا مرحبـا |
فلقد فجعـت المصطفى وأسأت |
|
قلب المرتضى والمجتبى بالمجتبى |
وتركت في قلب الزكية فاطـم |
|
ناراً تزيد مـدى الزمـان تلهـبا |
لله يـومـك يـا محـرم أنـه |
|
أبكى الملائك في السماء وأرعـبا |
وأماط أثواب الهنـا مـن آدم |
|
فغـدا بابـراد الأسى متـجلببـا |
حيث الحسين به استقل بكربلا |
|
فـرداً تناهبـه الأسنـة والظبـا |
من عصبة قدماً دعته لنصره |
|
فعدت عليـه عـداوة وتعصبـا |
فهناك جاد بفتية جـادت بـأ |
|
نفسها وجالدت العدى لن تذهـبا |
فترى إذا حمى الوطـيس قلوبهـا |
|
أقسى من الصخر الأصم وأصلبا |
فالوعد أعرب عن طراد عرابهـا |
|
والبرق عن لمع البوارق أعـربا |
وغـدت تـنثر من اميـة أرؤساً |
|
ولها السما رعبـاً تنثـر أشهمـا |
وتعانق البيض الصفاح ولم تـرد |
|
منها سـوى ورد المنيـة مطلبـا |
حتى إذا حان القضاء وغودرت |
|
صرعى على تلك المفاوز والربى |
أمسى الحسين بلا نصير بعدهـا |
|
والقـوم قد سدوا عليـه المذهبـا |
ساموه ان يرد المنيـة او بـأن |
|
يعطـي الدنيـة والابي بذا ابـى |
فغدا يريهم في النـزال مواقفـاً |
|
من حيـدر بمهـند ماضي الشبـا |
لله صارمـه لـعـمـرك أنـه |
|
ما كل يوماً في الكفـاح ولا نبـا |
من ضربه عجبت ملائكة السماء |
|
مـن فوقـه ويحـق أن تتعجبـا |
بالله لـو بالشم هـمّ تهـليلـت |
|
دكـاً وصيرهـا بهمتـه هـبـا(1) |
يا ذوي العـزم والحميـة حزمـا |
|
لخـطـوب دهـاكـم أدهاهـا |
فـلـقد أصبحـت أميمـة سـوء |
|
ثوبها البغـي والـرداء رداهـا |
جدعـت منكم الانـوف جـهاراً |
|
فاشتفت إذ بـذاك كـان شفاهـا |
فانهضوا من ثراكم وامـلأوا الأر |
|
ض جياد العتاق تطـوي فلاهـا |
وأبـعثوا السابحـات تسحب ذيلا |
|
من دلاصٍ لكم برحـب فضاهـا |
وامتتـطـوا قُـبّها ليـوم نـزال |
|
وانتضوا من سيوفكـم أمضاهـا |
لستُ أدري لمَ القعـود وبالطـف |
|
حسـيـنٌ أقـام فـي مثـواهـا |
ألـجـبـنِ عـراكـم أم لــذلٍ |
|
أم لخوفٍ مـن الحـروب لقاهـا |
لا وحـاشاكـم وأنـتـم إذا مـا |
|
ازدحمت في النزال قطـب رحاها |
إن زجرتم بأرضها العرب غضباً |
|
أعربت عن زجير رعـد سماهـا |
أو تـشاؤن خسفـهـا لجعـلتـم |
|
بـالمـواضـي علوّهـا أدناهـا |
أفـيهنـا الرقـاد يومـاً الـيكـم |
|
وامـي أتـت بـظلـم تـناهـا |
فلعـمر الـورى لقـد جرّعتكـم |
|
كـربـلا كـأس كربهـا وبلاها |
يـوم أمسى زعيمكـم مستضامـاً |
|
يصفـق الكـف حائـراً بفلاهـا |
حـولـه فـتيـة تخـال المنايـا |
|
دونـه كـالـرحيـق أُذبـلّ فاها |
وترى الحرب حين تـدعى عروساً |
|
خطبتها الصفـاح ممـن دعاهـا |
ولـها الـروس إذ تناثـر مـهـر |
|
وخضاب الأكـف سيـل دماهـا |
ما ثنـت عطفهـا مخافـة مـوت |
|
لا ولا استسلمـت إلـى أعداهـا |
لم تـزل هكـذا إلـى أن دعتهـا |
|
حـكمـة شـاء ربّهـا أمضاهـا |
فثـوت كالبـدور يتبـع بـعضـاً |
|
بعضهـا أُفـلا فغـاب ضياهـا |
وبـقـي مفـرداً يكـابـد ضربـاً |
|
بعـدها من أمـية بشبل طـاهـا |
بأبـي عــلة الـوجـود وحيـداً |
|
يصطلي فـي الحروب نار لظاها |
إن غـدا فـي العـدا يكـر تخـال |
|
المـوت يسعى أمامـه ووراهـا |
حـالـف المشـرفـيّ أن لا يـراه |
|
في سوى الروس مغمداً إذ يراهـا |
وحـمـى دينـه فـلـمـا أتـتـه |
|
دعـوة الـحـق طائعـاً لبّاهـا |
فرمـاه الضـلال سهمـاً ولـكـن |
|
حل في أعيـن الهـدى فعماهـا |
فهوت مـذ هـوى سماء المعالـي |
|
وجـبـال المهـاد هـدّ ذراهـا |
أد لهـمّ النهـار وانخسـف البـدر |
|
ونال الكسوف شمـس ضحاهـا |
بأبي ثاويا على الأرض قـد ظـلّ |
|
لهيـب الفـؤاد فـي رمضاهـا |
ما لـه ساتر سـوى الريـح منهـا |
|
قـد كسـاه دبورهـا وصباهـا |
وبنفسـي حرائـراً ادهشـت مـن |
|
هجمـة الخيل بعد فقـد حماهـا |
بـرزت والـفـؤاد يخفـق شجـواً |
|
حسـرا بعـد خدرهـا وخباهـا |
بيـدٍ وجـههـا تغـطّيـه صونـاً |
|
وبأخـرى تروم دفـع عداهـا(1) |
أمـا آن أن تجـري الـجياد السوابـق |
|
فتندك منهـا الراسيـات الشواهـق |
بعيدات مهـوى اللجـم يحملـن فتيـة |
|
عليهم لواء النصر بالفتـح خافـق |
تطلّع فـيـهــا قائـم بشـروطهـا |
|
إذا عارضتهـا بالوشيـج الفيالـق |
ثوابـت يجريهـا شـوارق بـالدمـا |
|
وكـيف تسير الثـابتات الشـوارق |
جرى الأمـر أن تبقـى لأمر حبائسـاً |
|
إلى أمدٍ إن يقـض فهـي طلائـق |
حرام عليها السبـق إن هـي أزمنـت |
|
رباطاً وصدر الدهر بالجور ضائق |
خفـاءً ولـيّ الأمـر مـا إن موقـف |
|
تسلّ به مـنك السيـوف الـبوارق |
دع البيض تُنشي الموت اسود في الوغى |
|
بها من دم القتلى المـراق طرائـق |
ذوابـح إلا أنــهــن أهــلــّـة |
|
صوائـح إلا أنـهـن صـواعـق |
رقـاق تـعلّقـن الطلـى فـكـأنـما |
|
لها عـند أعنـاق الكـماة علائـق |
زهت ظلمات الحـرب منهـا بأنجـم |
|
يشق بها فجر مـن الضرب صادق |
سقت شفق الهيجاء أحمـر أمـرعـت |
|
به مـن رؤوس الناكثيـن شقائـق |
شقائقها في منبـر الهـام أفصحـت |
|
وما أفصحت عند الهدير الشقاشـق |
صِـل النصل بالنصل المذرب مدركاً |
|
تراثٍ لهـا بيضاً تعـود المفـارق |
ضحى وقعة بالطف جلّت ودكدكـت |
|
مغاربها مـن هولهـا والمشـارق |
طوائـحهـا قـد طـوّحـت بملمـةٍ |
|
على مثلها تقذى العيـون الروامـق |
ظـلام مثـار النقـع فيهـا سحابـة |
|
دجت وحراب السمهريـات بـارق |
عفت صاحب الخطب الطروق منازلاً |
|
لآل علـيٍّ لـم تطـأها الطـوارق |
غدت ابن حرب شبّ حربـاً تسجّرت |
|
به حرمـات الوحـي وهي حدائـق |
فجاء بها تستمـطر الصخـر عبـرة |
|
ومن وقعها يلوي الشبـاب الغرانـق |
قضى ظمـأ فيهـا الحسيـن وسيفـه |
|
بـدا بـارق مـنـه وأرسـل وادق |
كفى الطيـر أن ترتـاد طعماً وكفّهـا |
|
بأسـرابهـا أنـى استـدار خوافـق |
له الصعدة السمـرا فقل قلـم القضـا |
|
جرى بالمنايـا والصـدور المهـارق |
مضى ومضى أصحـابه عاطري الثنا |
|
ومصرعهم بالحمـد لا النـدّ عابـق |
نحـو وجهـة المـوت الزؤام بأوجـه |
|
وضاحٍ لها تصبو النبـال الرواشـق |
هموا مـذ قضوا عادت بنـات محمـد |
|
قـلائـدهـا مبتـزّةً والمـنـاطـق |
ينُحـنَ ولا حـامٍ ويعطـفـن هتـّفـاً |
|
بكل محـام فيـه تحمـى الحقائـق |
(جوادك) من بعد الثمانين صاهل |
|
فمن ذا يجاريه ومن ذا يطاول |
وسائلـة مـاذا تحـاول نفسـه |
|
فقلتُ لها فتح الحصون تحاول |
فقالت أبا السيف الذي هو حامل |
|
وما سيفه في الروع إلا حمائل |
ثقيل حديد العضب تبكى لضعفه |
|
حراب العوالي والحداد المناـل |
ومن عجب أن الصياقل لم تكن |
|
تعالجه بل عالجتـه الصيـادل |
كم بموسى الحجام عـاد كليمـا |
|
صعقاً خـرّ بالدمـاء مضـرج |
لو على ابن الهموم ضاق خناق |
|
وكشفنـا عنـه لقلنـا تـفـرج |
عمـمـوه بلـؤلـؤ وعقـيـق |
|
فهـو ملــك معمـم ومتـوّج |
وهو وادي العقيق كم جمـرات |
|
عنه ترمى معصومة ساعة الحج |
موقـد شعلـة كعلـوة عمـرو |
|
من سناها نـار البروق تـأجـج |
ذو بيان لو خاصم الجمـر فيـه |
|
لانطفـا حـرّه و بـاخ وأثلـج |
وأديـب لا بـابـلـي ولـكـن |
|
فمه فـي فـم المقبّل قـد مـج |
أنا ضـام ولـم أرد نهـر فيـه |
|
حيث فيه من العوارض كوسـج |
لا أكثر الله من قومي ولا عـددي |
|
إن لم يكونوا لدى دفع الخطوب يدي |
لي قاتلٌ فـوق خدّيـه دمي ولـه |
|
حُكـمٌ يُخـوّلـه أنّ القتيـل يـدي |
وخـادعٍ جـاء فتّانـاً بنـغمتـه |
|
حتى استقـرّ فكانـت زأرةُ الأسـد |
مُصفـدي بقيـود لا فكـاكَ لهـا |
|
واضيعةَ النفس بين القيـد والصَفـد |
حسا البحارَ وفـي أحشائه طمـعٌ |
|
إلى امتصاص بقايـا النـزرِ والثمد |
واستوعبَ الماء لا من غُلةٍ وظماً |
|
وصاحـب الماء ظمآن الفؤاد صدي |
ولينتفض من غبار الموت متحـداً |
|
فالموتُ أولى بشعـب غير متحـد |
سـرّ التقـدم أن القـومَ سعيهـم |
|
لغايـة وحـدوهـا سعـيَ منفـرد |
إجعـل لنفسك من معقولها عُـدداً |
|
فعُدة العقل كـم تأتي عـلى العـدد |
قد ضعّف الحق مَن تُطوى طويته |
|
على البغيضين ، سوء الخُلق والحسد |
ركّن مقرّك تأمـن كـل قارعـة |
|
إن العواصفَ لا تقوى عـلى أحـد |
وذُمّ كـل فـرار مـن مـبارزةٍ |
|
إلا فـرارك مـن غـيٍّ إلى رشـد |
لا تقرب الحشد مرفوعاً به زجلٌ |
|
إن لم يكن لصلاح الشعـب والبـلد |
أحلى الحديث حديثٌ قال سامعُـه |
|
لمـجتليـه اسـقني مشمولَـه وزِد |
شتـان بيـن خطيبي أمةٍ خَـطبا |
|
سارٍ على القصد أو ناءٍ على الصدد |
هذا يجيء بزُبد القولِ ممتخضـاً |
|
وذاك يجمعـُه مـن ذاهـب الزَبَـد |
بكّر على صيدك فالوقت فرص |
|
ولا تجيء في أُخريـات مَن قنـص |
وابتدع الآثـار يُقفـى نهجهـا |
|
فـخيـر آثـار الفتى مـا يُستقـص |
واجعل لهذي النفس منك قـوةً |
|
يمـكنها الصبر على صاب الغصص |
ولا تـقـل كـان أبـي فإنما |
|
حديثه الماضـي أساطيـر قـصص |
إعمل فما بعد الصبا من عمل |
|
والبـدر إمـا بـلـغ التـمّ نقـص |
إذا تكاسلت فما تربـح سـوى |
|
ما تترك الموسى بعارض الأحـص |
وطامـع لـم تـكفـه جفنتـه |
|
وكم ذبيـح في حواشيهـا فحـص |
تطاحنت محالـك الدنيـا لـه |
|
وقسّمت من أجلـه تلـك الحصص |
فهـل تـراه قـانعـاً أم أنـه |
|
يثرد قرص الشمس مع تلك القرص |
فلا يلـومـنّ سـوى لهاتـه |
|
من جاوز المقدار في المضغ فغص |
ما أجهل الإنسان اما تستـوي |
|
بلاجـة الوجـه لديـه والبـرص |
بـلادك إنها خيـر البقـاع |
|
فقـم ثبـّت بهـا قـدم الدفـاع |
بلادك أرضعتك العز فاحفظ |
|
لها حـق الامومـة والرضـاع |
بلادك أصبحت لحماً غريضاً |
|
تمطـق فيـه أشـداق السبـاع |
فقل للضاريـات ألا اقذفيـه |
|
ففـي أوصالـه سـمّ الأفاعـي |
أرى ضرماً وليس له لهيـب |
|
وهل نـار تكـون بـلا شعـاع |
وأنسمة يسبـل السمنُ منهـا |
|
تـوزع بـيـن أفـواه جـيـاع |
وقطعانا تـلاوذ وهي سغـب |
|
وتمنـع عـن مدانـاة المراعـي |
فما زالت على فزع ورعـب |
|
تفرّ مـن الذئاب إلـى الضبـاع |
نظرنا في السياسة فاجتهدنـا |
|
وخضنا في القيـاس وفي السماع |
فألـفينـا بحريتهـا سَرابتـاً |
|
يحـوم الوهم منـه على التمـاع |
إذا كالـت فقيـراط بصـاع |
|
أو اكـتالـت فقـنطـار بصـاع |