ادب الطف - الجزء التاسع249


فيا سائلي عن شأنـه اسمـع مقالـة هـي الـدر والفكر المحيط لها بحر
ألـم تـدر أن الله كـوّن خـلـقـه ليمـتثلـوه كـي ينالـهـم الأجـر
ومـا ذاك إلا رحـمـة بـعـبـاده وإلا فمـا فيـه إلـى خلقهـم فقـر
ويعلـم أن الفكـر غايـة وسعهـم وهـذا مقـام دونـه يقـف الفكـر
فـأكـرمـهـم بالمرسليـن أدلـة لما فيه يرجى النفع أو يختشى الضر
ولم يؤمن التبليغ منهم مـن الخطـا إذا كان يعروهم من السهو ما يعـرو
ولو أنهم يعصونه لاقتـدى الـورى بعصيانهم فيهـم وقـام لهـم عـذر
فنزهـم عن وصمة السهو والخطـا كما لم يدنس ثـوب عصمتهـم وزر
وأيـّدهـم بالمعـجزات خـوارقـا لعاداتنا كـي لا يقـال لهـا سحـر
ولم أدرِ لم دلّت على صدق قولهـم إذا لـم يكن للعقـل نـهيٌ ولا أمـر
ومن قال للناس انظرو في ادعائهم فإن صـح فليتبعهـم العبـد والحـر
ولو أنهم فيـما لهـم مـن معاجـز على خصمهم طول المدى لهم النصر
لغـالى بهـم كل الأنـام وأيقـنوا بـأنهـم الأرباب والـتبـس الأمـر
لذلك طــوراً ظـافـرين تراهُـم وآخـر فيهـم ينشب الناب والظفـر
كذلك تجري حكمة الله في الـورى وقـدرتـه فـي كل شيء لـه قـدر
وكان خلاف اللطف واللطف واجب إذا من نـبيٍّ أو وصيٍّ خـلا عصـر
* * *

وجوب عصمة الأنبياء ::

أينشئ للانسان خـمس جـوارح تحسّ وفيها يدرك الـعين والأثـر
وقلباً لها مثل الأميـر يـردهـا إذا أخطأت في الحسّ واشتبه الأمر
ويترك هذا الخلق في ليل ضلّـةِ بظلمائه لا تهتدي الأنجـم الزهـر
(فذلك أدهى الداهيات ولـم يقـل به أحدٌ إلا أخـو السفـه الغمـر)
فأنتج هذا القول إن كنت مصغياً وجوب إمام عـادل أمـره الأمـر
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع250


الإستدلال بكتبهم ::

وإمكان أن يقـوى وإن كـان غائبـاً على رفع ضرّ الناس إن نالها الضر
وإن رمت نجح السؤل فأطلب (مطالب السؤال) فمن يسلكه يسهل له الوعر
ففيـه أقـرّ الشافـعي ابـن طـلحة برأي عليه كـل أصحابـنا قـرّوا
وجـادل مـن قـالوا خـلاف مقاله فكان عليهم في الجدال لـه النصـر
وكـم للجـوينيّ انتـضمن فـرائـد من الدر لـم يسعد بمكنونها البـحر
فـرائد سـمطيـن المعالـي بدرّهـا تحلّـت لأن الحـلي أبهـجه الـدر
فوكّـل بها عينيـك فـهي كواكـب لدرّيهـا أعـياني العـدّ والحـصر
* * *
ورد من ينابيـع المودة مـورداً به يشتفي من قبل أن تصدر الصدر
وفتّش على كنز الفرائد واستـعن به فهو نعم الذخر إن أعوز الذخـر
ولاحظ به ما قد رواه الكراجكيّ من خبر الجارود إن أغـنت النـذر
وقد قيل قدماً في ابـن خولة إنه لـه غيـبة والقائـلون بهـا كثـر
وفي غيره قد قال ذلك غيرهـم وما هم قليل في الـعداد ولا نـزر
ومـا ذاك إلا لليقيـن بقـائـم يغيـب وفي تعيينه التمـس الأمـر
وكم جدّ في التفتيش طاغي زمانه ليفشـيَ سـرّ الله فـانكـتم السـر
وحاول أن يسعى بإطفاء نـوره ومـا ربحـه إلا الندامـة والخسـر
وما ذاك إلا أنتسه كـان عنـده من العترة الهادين في شأنـه خبـر
* * *
وحسبك عن هذا حديث مسلسل لعـائشـة ينهيـه أبنـاؤها الغـر
بأن النبي المصطفى كان عندها وجبريل إذ جاء الحسين ولم يدروا
فأخبـر جبـريل النبي بأنــه سـيقتـل عـدوانا وقاتلـه شمـر
وأن بنيـه تسعـة ثـم عدّهـم بأسمائهـم والتاسع القائـم الطهـر
وأن سيطيل الله غيبة شخصـه ويشقى به من بـعد غيبتـه الكفـر


ادب الطف - الجزء التاسع251


وما قال في أمر الإمامـة أحمـد وأن سيليها اثنـان بعـدهمـا عشـر
فقد كاد أن يرويـه كـل محـدث وما كاد يخلـو مـن تـواتره سفـر
وفي جلّهـا أن المطيـع لأمرهـم سينجو إذا ما حاق في غـيره المكـر
ففي أهل بيتي فلـك نـوح دلالـة على من عناهـم بالإمامـة يا حـبر
فمن شاء توفيق النصوص وجمعها أصـاب وبـالتوفـيق شـُدّ لـه أزر
وأصبح ذا جـزم بنصـب ولاتنـا لـرفع العمـى عنا بهـم يجبر الكسر
وآخـرهـم هـذا الذي قلـت أنـه (تنازع فـيه الـناس والتبس الأمـر)
وقولــك ان الوقت داع لمـثلـه إذا صحّ لـم لا ذبّ عـن لبّـه القشر
وقولــك ان الإختفـاء مخـافـة من القتـل شيء لا يجـوّزه الحجـر
فقل لي لماذا غاب في الغار أحمـد وصاحبه الصديـق إذ حسُـن الحـذر
ولِـم أُمـرت امّ الـكليـم بقـذفـه إلى نيل مصر حين ضاقت بها مصر
وكم من رسول خاف اعداه فاختفى وكـم انبيـاء مـن اعاديـهم فـرّوا
(أيعجز رب الخلق عن نصر حزبه على غيرهم كلا فهـذا هـو الكفـر)
وهـل شاركوه في الذي قلت انـه يـؤول الـى جـبن الإمـام وينجـرّ
فقل فيه ما قد قلت فيهـم فكلهـم على مـا أراد الله أهـؤاؤهـم قصـر
وإظهار أمر الله مـن قبل وقتـه المؤجل لم يوعـد على مثلـه النصـر
وإن تستـرب فيه لطـول بقائـه أجـابك إدريس والـيـاس والخضـر
ومكـث نبـي الله نـوح بقومـه كذا نوم أهل الكهف نـصّ به الذكـر
وإني لأرجو أن يحيـن ظهـوره لينتشر المعروف فـي النـاس والـبر
ويحيى به قطر الحيا ميّت الثـرى فتضحك من بشر إذا ما بكا القطــر
فتخضرّ مـن وكّاف نائـل كفـه ويـمطـرها فيض النجيـع فتحمـرّ
ويطهر وجه الأرض من كل مأتم ورجس فـلا يبقـى عليهـا دم هـدر
وتشقى به أعناق قـوم تطاولـت فتأخذ منها حظهـا البيـض والسمـر
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع252


وخذه جواباً شافياً لـك كافيـاً معانيه آيـات وألفاظـه سحـر
وماهو إن انصفته قول شاعـر ولكنـه عقـد تحلّى بـه الشعـر
ولو شئت إحصاء الأدلة كلهـا عليك لكل النظم عن ذاك والنثـر
وفي بعض ما أسمعته لك مقنع إذا لم يكن في اذن سامعـه وقـر
وان عاد إشكال فعد قائلاً لنـا ( أيا علماء العصر يامن لهم خبر )

ومن اشعاره حيث يطلب الرحمة من الله يوم النشور فيقول :
إلهي إذا أحضرتني ونشرت لي صحائف لاتبقى علي ولاتـذر
فقل لا تعدّوه وان كان حاضراً فقد كان عبدي لايعد إذا حضر

ومن اشعاره :
أرى الكـون أضـحى نـوره يتوقـد لأمر به نيران فـارس تخمـد
وإيوان كسـرى انشق أعلاه مـؤذنـاً بأن بناء الـدين عـاد يشيـد
أرى امّ الشـرك أضحــت عقيمـةً فهل حان من خير النبيين مولد
نعم كاد يستولي الضلال على الـورى فأقبل يهدي العالمين ( محمد )
نـبـي بـراه الله نـوراً بـعـرشـه وما كان شيء في الخليقة يوجد
وأودعه مـن بعـد فـي صلـب آدم ليسترشد الضلال فيه ويهتـدوا
ولـو لم يكن في صلـب آدم مودعـاً لما قال قدماً للملائكة اسجـدوا
لـه الصـدر بيـن الأنبيـاء وقبلهـم على رأسـه تـاج النبوة يعقـد
لأن سبقـوه بـالـمجـيء فـأنـمـا أتـوا ليبثـوا أمـره ويمهـدوا
رسول له قـد سخّـر الـكـون ربـه وأيده فهـو الرسـول المؤيـد
و وحـده بـالـعـز بـيـن عبـاده ليجروا على منهاجه ويـوحّدوا
وقـارن مـا بين اسمـه واسم أحمـد فجـاحـده لاشـك لله يجـحد
ومـن كـان بالـتوحيـد لله شاهـداً فذاك ( لطه ) بالرسالة يشهـد
ولـولاه مـاقـلنـا ولاقـال قـائـل لمالك يوم الديـن أيـاك نعبـد


ادب الطف - الجزء التاسع253


ولا أصبحت او ثانهـم وهـي الـتي لهـا سجدوا تهوي خشوعاً وتسجـد
لآمنـة البشرى مدى الدهر إذ غدت وفي حجرهـا خيـر النبيين يولـد
به بشر الانجـيل والـصحف قبلـه وان حاول الاخفـاء للحـق ملحـد
بسينا دعـا موسى وساعـير مبعث لعيسى ومـن فاران جـاء محمـد
فمن أرض قـيذار تجلّـى وبعدهـا لسكـان سلع عـاد والعـود أحمـد
فسل سفر شعـيا ماهتافهـم الـذي بـه أمـروا أن يهتفـوا ويمجّـدوا
ومن وعد الرحمـن موسى ببعـثـه وهيهات للرحـمن يخلـف موعـد
وسل من عنى عيسى المسيح بقولـه سأنزله نحو الورى حـين أصعـد
لعمرك أن الحـق أبيـض ناصـح ولكنمـا حـظ ( المعانـد ) أسـود
أيخلد نحـو الأرض متّبـع الهـوى وعـما قـليل في جـهنـم يخلـد
ولولا الهوى المغوي لما مال عـاقل عن الحق يوماُ كيف والعقل مـرشد
ولاكان أصناف النصارى تنـصروا حديثـاً ولاكـان اليهـود تهـودوا
أبا القاسم أصدع بالرسالـة مـنذراً فسيفك عن هام العدى لـيس يغمـد
ولاتخشى من كيد الأعادي وبأسهـم فإنّ ( عـلياً ) بـالـحسام مقـلـد
أيحذر من كيد المضلّـين مـن لـه ( أبو طالب ) حام وحيـدر مسعـد
علي يـد الهادي يصول بهـا وكـم لوالده الـزاكي علـى أحـمـد يـد
وهاجر بالزهراء عـن أرض مكـة وخلّ ( علياً ) في فـراشك يرقـد
علـيك سلام الله يـاخيـر مرسـل اليـه حـديث الـعز والمـجد يسند
حباك إلـه العـرش منـه بمعجـز تـبيد اللـيالي وهـو بـاق مـؤبّد
دعوت قـريشاً أن يجيئـوا بمثلـه فما نطقوا والصمت بالعـيّ يشهـد
وكـم قد وعـاه منهـم ذو بلاغـة فأصبـح مبهـوتـاً يقـوم ويقعـد
وجئت إلى أهـل الحجـى بشريعـة صفا لهم من مائهـا الـعذب مورد
شريعـة حـق ان تقادم عـهدهـا فما زال معنـى حسنهـا يـتجـدد
عـليـك سـلام الله ما قـام عابـد بجنح الدجى يدعو ومـا دام معـبد


ادب الطف - الجزء التاسع254


أما قصائده الحسينية التي تتكرر في المحافل والتي تتردد على كل لسان من خطباء وغيرهم فهذه مطالعها :
1 ـ كيف يصحو لما تقول اللواحي مَن سقتـه الهمـوم أنكـد راح
2 ـ أيّان تنجز لي يا دهر ما تعـد قد عشّرت فيك آمالي ولا تـلد
3 ـ أو بـعدما ابيضّ القذال وشابا أصبو لوصل الغيد أو أتصابـى
4 ـ إن كان عندك عبـرة تجريها فأنزل بأرض الطف كي نسقيها
5 ـ يا دمح سـح بوبـلك الهتـن لتحول بيـن الجـفن والـوسن

أما الرائعة التي ختم بها حياته وطلب أن تكون معه في قبره فهي هذه القطعة الوعظية :
أرى عـمري مؤذنـاً بالذهـاب تمـرّ لياليـه مـرّ السحـاب
وتـفجـأنـي بـيـض أيامـه فتسلـخ مـني سـواد الشباب
فـمن لي إذا حان مني الحـمام ولم أستطع منه دفعاً لما بـي
ومـن لـي إذا قلبتنـي الأكـف وجـردني غاسلي مـن ثيابي
ومن لي إذا سرت فوق السريـر وشيل سريري فوق الـرقاب
ومن لي إذا ما هـجرت الديـار وعوضت عنها بدار الخراب
ومن لـي إذا آب أهـل الـودا دعني وقد يئسوا مـن ايابي
ومن لـي إذا منكـر جـد فـي سؤالي فأذهلني عـن جوابي
ومن لـي إذا درسـت رمتـي وأبلى عظامي عفر التـراب
ومن لي إذا قـام يـوم النشـور وقمت بـلا حجـة للحساب
ومن لـي إذا نـاولونـي الكتاب ولم أدرِ ماذا أرى في كتابي
ومن لي إذا امـتازت الفرقتـان أهل النعيم وأهـل العـذاب
وكيـف يـعاملني ذو الجـلال فأعرف كيف يكون انقلابي
أباللطف وهو الغفـور الرحيـم أم العدل وهو شديد العقـاب


ادب الطف - الجزء التاسع255


ويا ليت شعـري إذا سامـني بـذنبي وواخذني باكتسابـي
فهل تحـرق النار عيناً بكـت لرزء القتيل بسيف الضبابي
وهل تحرق النار رجلاً مشت إلى حرم منه سامى القباب
وهل تحرق النار قلباً أُذيـب بلوعة نيران ذاك المصاب

كانت وفاته بالمشخاب فجأة بالسكتة القلبية وذلك بعد ظهر يوم الاربعاء 22 جمادى الأولى سنة 1362 هـ . المصادف 26 مارس سنة 1943 م . وحمل جثمانه على الأعناق إلى قضاء أبي صخير فالنجف في صبيحة اليوم الثاني وكان يوماً مشهوداً حتى دفن بمقبرة الاسرة الخاصة ، وأقام زعيم الحوزة الدينية السيد أبو الحسن الفاتحة على روحه في مسجد الشيخ الانصاري بالقرب من دار الفقيد وكنت أقوم بتأبينه في الأيام الثلاثة التي عقدت بها على روحه الفاتحة .
وللسيد رضا الهندي نتف نوادر تكتب بمداد من نور ، فمنها هذان البيتان وقد كتبهما بمداد أحمر في صدر كتاب :
إذا جرى أحمراً حبري فليس لما أني حبست سواد العين عن قلمي
لكن لأخبر كم أن الفـراق نضا عـليّ أسيافـه حـتى أراق دمي

وقال متضمناً :
غير موصوف لكـم ما نالنا فصفوا لي بعدنا ما نالكم
وأرعووا العهد الذي ما بيننا واذكرونا مثل ذكرانا لكم

وكتب إلى أحد الأفاضل وكان قد وعده بزجاجة عطر :
أبا الفضل يا من غدت في الورى نـوافح أخلاقه نافحه
وعـدت بشيشـة عـطـر ولا أشمّ لوعدك من رائحه

وقال :
غزا مهجتي بصفاح اللحاظ ولوعٌ بظلمي لا يصفحُ
ولـم أر مـن قبل أجفانـه جنوداً إذا انكسرت تفتح


ادب الطف - الجزء التاسع256


ومن براعته الشعرية النادرة الأدبية وذلك أن بعض الادباء كتب اليه :
لأن فـارقتكـم جـسماً فاني تركت لديكـم قلبي رهينا
سلوت حشاشتي أن أسلُ منكم شموس هدايتي دنيا ودينا

فقال السيد ملحقاً متضمناً كل شطر منهما بكلمات في أول البيت وآخره بحيث يكون بيتاً من بحر الكامل وهو مما لم يعهد لغيره مثل ذلك :
قسـماً بمـجدك (لأن فارقتكـم جسمـاً فإني) لا أزال متيمـا
ولأن بقيت (فلقد تـركت لديكـم قلبي رهينا) للصبابة مغرمـا
هيهات أسلوكم (سلوت حشاشتي إن أسلُ منكم) عهدنا المتقدما
كم حين غبتم يا (شموس هدايتي دنياً وديناً) بتّ أرعى الأنجما

وقال ملغزاً في القلم :
ما رهيف إذا أسروا اليـه بعض أمر لم يستطع كتمانه
قد جزاهم عن الاساءة لما قطعوا رأسه وشقّوا لسانـه

وقال في الدواة :
ما أداة عجمـاء لكـن روت لـي من حديث القرون ما قد تقادم
راضـع مـن لـُبانهـا فـارسيٌ آدم اللون لـيس يـنمـيه آدم
مسـتمـدّ من درّهـا كلما قـال (بده) قلب درّها قال (دادم)(1)
لم يزل ساعياً على الراس يمشي إن سعى بان فيه شجٌ بـلا دم

وقال ملغزاً في ابريق الشاي والمسمى بـ (قوري) :
ما آلة ان تـشك نفسي علّـةً أو غلة يوماً ففيهـا طبّهـا
في قلبها ما يشتهيه من المنى قلبي فليس (يروق) إلا قلبها

فإذا عكسنا الأحرف من (يروق) تكون (قوري)

(1) بده : أي أعطني . دادم : أي أعطيتك باللغة الفارسية .
ادب الطف - الجزء التاسع257


ورأيت في الجزء الرابع من (سمير الحاظر وأنيس المسافر) مخطوط العلامة الشيخ علي كاشف الغطاء ـ ص 242 قال : حلّ عندنا في (البصيرة) جناب السيد رضا الموسوي الهندي فقال :
نزلنا في البصيرة عند مولى سما الجوزاء بالفخر الجليّ
فقل للدهر كـفّ أذاك عني فإني قد نزلت حمي علـيّ

ومن رقيق غزله وذلك عام 1344 هـ .
يا نديـمي وللشراب حقـوقٌ عـاجـز عن أدائها المتوانـي
اترع الكأس خمـرة واسقنيها وابتدر للصبـوح قـبل الأذانِ
عاطنيهـا حتى تثقّل بالسكـر لـساني فـلا أقـول :كفانـي
فالصبا هبّ والقماريّ غنّـت بفنـون الـغنا عـلى الأفنـان
وحبانا بوصله قمـر يصـبو إلى حسـن وجهـه القمـران
يوسفـيٌ لـه بديـع معـان ضاق عن وصفها نطاق البيان

وقال :
مدّ الربيع مطـارف الزهـر وكسى الصعيد بسندس خضر
فترى السحاب يطيل عبرته وترى الأقاحي باسـم الثغـر

وحدّث ولده الأديب الشاعر السيد أحمد قال : اقترح أحد الادباء تشطير بيتين لأبي نؤاس فشطرهما جماعة من الشعراء ومرّ السيد الوالد فطللب منه النظر في هذه المسابقة فجلس عند أقرب مكان واقف إلى جنبه ونظر فيها فلم تعجبه ثم ارتجل مشطراً وذلك في سنة 1344 هـ .
(ورايته في الطرس يكتب مرة) فيكاد يزهو الطرس من إعجابه
وتباهت الكلمات حيـث يخطّها (غلطاً فيمحو خطّه برضابـه)
(فوددت لو أني أكون صحيفة) ليعيد لي رمقي بشـمّ خضابـه
ووددت أني أحـرف قدخطّـها (ووددت أن لا يهتدي لصوابه)


ادب الطف - الجزء التاسع258


ومن نوادره أيضاً قوله :
بمـا حـوَت أعـينُكَ السـودُ أيـقـنـتُ أن الله مـوجـودُ
يا مُتقنَ الصنعة مـا لي سوى مُتقـنِ هـذا الصنـع معبـودُ
دخلتُ في حبك طوعاً ، فـهل من رجعةَ ، والبـابُ مسـدودُ
ردّ فـؤاداً عبـتَـه بالجـفـا والهجر ، (والمعيوب مردودُ)!

دخل رحمه الله إلى مقبرة السيد نور الياسري رحمه الله وبعد قراءة الفاتحة رأى صورة الفقيد على الجدار فارتجل :
النور لا يخفى وإن طمع العدى جهلاً بأن ترخي عليه ستور
انظر إلى هـذا المثال فكل ذي بصرٍ يراه يقول هذا (نور)

ومن تواريخه قوله في المرحوم السيد حسين ابن السيد مهدي القزويني المتوفى سنة 1325 هـ . والتاريخ من قصيدة :
عذرتك إذ ينهـل دمـعك جاريـا لمثل حسين فأبك إن كنت باكيـا
سأبكي حسيناً ثاوياً في ثرى الحمى بكائي حسيناًفي ثرى الطف ثاويا
وأبكي حسيناً في قميصيه مـدرجا بكائي حسيناً من قميصيه عـاريا
ويا قلمي أمسك فقـد أبـرم القضا وأرخ عظيـم بالحسين مصابيـا
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع259


أغا رضا الأصفهاني

المتوفى 1362(*)

في الدار بين الغميـم والسنـد أيام وصل مضـت ولـم تعـد
ضاع بها القلـب وهي آهـلة وضاع مذ أقفرت بهـا جلـدي
جرى علينا جـور الزمان كما من قبلها قـد جرى عـلى لُـبد
طال عنائي بين الرسوم وهل للحـرّ غيـر الـعناء والـنكـد
ألا ترى ابن النبي مضطـهداً في الطف أضحى لشر مضطهد
يوم بقي ابـن النبي منفـرداً وهـو من العـزم غير منفـرد
بـماضـي سيفـه ومقولـه فرق بيـن الضـلال والرشـد
لما قعـدتم عن نصر دينكـم وآل شمل الـهدى إلـى الـبدد
بقائـم السيف قمت أنصـره مـقـومـاً ما دهـاه مـن أود
ولسـت أعطـي مقادة بيدي وقائـم السيـف ثابـت بـيدي
واليوم وصل الحبيب موعـده فكـيف أرضى تأخيـره لغـد
واصنع اليوم في الطفوف كما صنعـت في خيبـر وفي أحـد
أفديه من وارد حيـاض ردى علـى ظمـأ للفـرات لم يـرد
فيـا مطايـا الآمال واخـدة قفـي وبعـد الحسين لا تخـدي
ويا جفون العدى الا اغتمضي فطالمـا قـد كحلـت بالسهـد


(1) الحصون المنيعة ج 1 / 489 مكتبة كاشف الغطاء ـ قسم المخطوطات .
ادب الطف - الجزء التاسع260


الشيخ أبو المجد الآقا رضا ابن الشيخ محمد حسين ابن الشيخ محمد باقر ابن الشيخ محمد تقي صاحب حاشية المعالم الأصفهاني النجفي . ولد في النجف في 20 محرم الحرام سنة 1287 هـ . وتوفي بأصفهان سنة 1362 هـ . وأقام له مجلس الفاتحة السيد أبو الحسن الأصفهاني في النجف ، درس على السيد كاظم اليزدي والشيخ ملا كاظم الخراساني ودرس العلوم الرياضية بأجمعها على الميرزا حبيب الله العراقي ، وكانت له صداقة مع الشاعر السيد جعفر الحلي وله مساجلات ومطارحات مع شعراء عصره كالسيد ابراهيم الطباطبائي والشيخ جواد الشبيبي .
ومن مؤلفاته نقض فلسفة داروين في مجلدين مطبوع وملفاته تزيد على 16 مؤلفاً ، ترجم له صاحب (الحصون) وقال في بعض ما قال : فهو سلمه الله عالم فاضل فقيه اصولي رياضي فلسفي شاعر ناثر وهو حي موجود ، وفي هذه السنة وهي سنة 1333 هـ . رجع قافلاً إلى أصفهان بسبب اغتشاش العراق ، وهو أحد أقاربنا من قبل جدنا الشيخ جعفر وهو من ذريته من طرف البنات وكم له فينا من مدائح وتهاني متعنا الله والمسلمين بطول بقائه ، وترجم له الشيخ السماوي فقال : الرضا بن محمد الحسين بن محمد باقر الأصفهاني النجفي أبو المجد فاضل تلقى الفضل عن أبٍ فجد ونشأ بحجر العلم ولم يكفه حتى سعى في تحصيله فجد ، إلى ذكاء ثاقب ونظر صائب وروح خفيفة ، أتى النجف فارتقى معارج الكمال حتى بلغ الآمال فمن نظمه :
سلطان حسن طرفه عامل بالكسر في قلبي فكيف الحذار
أدرك في عامـل أجفانـه ضعفاً فقـوّاه بـلام العـذار

وله في الساعة :
وذات لهو رغناء معاً وما درت للقصف أوضاعه
لها فـؤاد خافق دائماً ولم تكن بالبين مرتاعــه


ادب الطف - الجزء التاسع261


تحمل بالرغم على وجهها عقاربـا ليست بلساعـه
جاهلة بالوقت كم عرّفت أثلاثة الوقـت وأرباعـه
وان تكن تحملها ساعـة يسألك الناس عن الساعه

وله مساجلات شعرية ومراسلات أدبية مع الشاعر الشهير السيد جعفر الحلي والشيخ جواد الشبيبي والسيد ابراهيم الطباطبائي والشيخ هادي كاشف الغطاء وغيرهم ومن روائعه وبدائع غزله قوله :
قـلبي بـشرع الهوى تنصر شوقاً إلى خصره المزنـر
كـنيسة تـلك أم كـنـاس وغلمة أم قطيـع جـؤدِر
وكم بهم مـن مـليك حسن جار على الناس إذ تأمـر
لـه بأجـفـانـه جـنـود تظفر بالفتح حـين تكسر
ورب وعـد بـلثـم خـد جـاد بـه بـعدما تعـذر
سقاه مـاء الشباب حتـى أينع نبت العذار وأخضـر
عـرّفـه لام عـارضيـه عليّ لـم بعـدهـا تنكّـر
هويت أحـوى اللثاث ألمي أهيف ساجي الجفون أحور
كالليث والظبي حين يسطو وحين يعطو وحين ينظـر
عنـاي مـنه ومن عذولٍ يهجر هـذا وذاك يهجـر
هل ريقه الشهد قلت أحلى أو وجهه البدر قلت أنـور
صغّره عـاذلـي ولمـا شاهد ذاك الـجمال كبّـر

والقصيدة كلها على هذا الروي والرقة . وقال في فتاة اسمها (شريعة) .
هذي شريعة في تـدللها ظنّت على العشاق في قُبله
يا ليت شعري أن قولهم إن الشريعة سمحة سهلـه

وله مداعباً بعض الشيوخ :
تزوج الشيخ على سنّة جـاريةّ عـذراء تحكي الهلال
قلت له دعني افتضّها ما يفتح الباب سوى ابن الحلال


السابق السابق الفهرس التالي التالي