نسـب الـمسيح بـنى لـمـريم سـيرة |
|
بقيت عـلى طول المدى ذكراها |
والمجـد يشـرق مـن ثـلاث مطالـع |
|
فـي مهـد فاطـمة فما أعلاها |
هي بنتُ مَن ، هي زوج مَن ، هي أمّ مَن |
|
مَن ذا يداني في الفخـار أباهـا |
هي ومضة من نور عـين المصطفـى |
|
هادي الشعوب إذا تروم هداهـا |
هـو رحمـة للعالمين وكعبـة الآمـال |
|
فـي الـدنيـا وفـي أخـراها |
مَـن أيـقـظ الفطـر النيـام بروحـه |
|
وكأنـه بعـد البلـى أحـياهـا |
وأعـاد تـاريـخ الـحـياة جـديـدة |
|
مثل العرائسى في جـديد حلاها |
ولـزوج فاطـمة بسـورة هـل أتـى |
|
تاج يفوق الشمس عند ضحاها(2) |
ما بال هاشـم لا تـثير عرابهـا |
|
نسيت رزيـة كربـلا ومصابهـا |
أو لم تسق أبـناء حـرب زينبـاً |
|
حسرى وقـدهتكـت بذاك حجابها |
حسرى بلا حـام لنغـل سميـة |
|
والـوجد أنحـل جسمهـا وأذابهـا |
أين الحمية من نـزار وبيضهـا |
|
كانت ولم تـزل الرقـاب قرابهـا |
أفهل بهـا قعـدت حميتها وكـم |
|
هـذا القعـود وقـد أذلّ رقابـهـا |
وإلى مَ تغضي والعـدو بجنبهـا |
|
يمسي قريراً وهـي تقـرع نابهـا |
وهل الحفاظ بها يثور وعزمهـا |
|
يحيي فـتدرك بالطفـوف طلابهـا |
الله أكبر كيـف تقـعـد هاشـم |
|
والقوم بالطـف استباحـت غابهـا |
نسيت وهل تنسى غداة تجمعـت |
|
وعلى ابن طاها حزبـت أحزابهـا |
حتى أحاطت بالحسين ولم تكـن |
|
حـفظـت بـذاك نبيهـا وكتابهـا |
وعـدت عليـه فغادرتـه وآلـه |
|
وذويه صرعـى كهلهـا وشبابهـا |
فتخالها الأقمار وهي على الثـرى |
|
صرعى وقد أضحى النجيع خضابها |
والطهر زينب مذ رأتهم صُرّعـاً |
|
حنّـت وقارضـت الحسين عتابها |
أأخي تـرضى أن تجاذب زينبـاً |
|
أيدي بني حـرب الطغـاة نقابهـا |
هـلا تـعـودي بوادي لعل وقبـا |
|
مرابع ذكـرها في الـقلب قـد وقبا |
أيام لهو مضت فيمن أحـب وقـد |
|
أبقت معنى إلى تلك العهود صبــا |
تعذبت مهجتي يوم الرحيـل بهـم |
|
كأن طـعم عذابي عندهم عذبـــا |
لا تحسبوا أعيني تجري مدامعهـا |
|
عـليك بل لآل المصطفى النجبــا |
أبكيهم يوم حلّوا بالطفوف ضحـى |
|
وشـيدوا في محافي كربلا الطنبـا |
وأقبلـت آل حـرب في كتائبهـا |
|
تجرّ حرباً لرحب السبـط واخربـا |
ساموه إما كؤوس الحتف يجرعها |
|
أو أن يـذل ولـكـن الابـاء أبـى |
نفسي الفداء لظامي القلب منفـرداً |
|
وغير صارمة في الحرب ما صحبا |
لهفي له مذ أحاطت فـيه محدقـة |
|
أهل الضلال وفيـه نالـت الإربـا |
رموه في سهم حقد من عداوتهـم |
|
مـثلثـاً في شظـايـا قلبـه نشبـا |
من بعده هجمت خيل الضلال على |
|
خـدر الـنـبـوة بـالله فانـتهبـا |
أبدوا عقائـل آل الوحي حاسـرة |
|
لم يتركوا فوقها ستـراً ولا حجبـا |
الله كم قطعت لابن النبـي حشـى |
|
في كربلاء وكم رحـل بهـا نهبـا |
وكم دم قد أراقـوا فـوق تربتهـا |
|
وكم يتيم بكعب الـرمح قد ضربـا |
سروا بهن على الأقتـاب حاسـرة |
|
إلى ابن هند تقاسي الوخد والنصبـا |
أنـختُ بباب باب الله رحلـي |
|
محط رحـال كل رجا وسؤلِ |
وقد يممت بحـر ندى وجـود |
|
ومعـروفاً بمعروف وفضـل |
ولذت بظل كهف حمى حسين |
|
لجى اللاجين في حرم وحِـلّ |
بنائلـه الظمـا يـروى وروداً |
|
وغـيث نـداء منـهل كوبـل |
وفدت عليك يـحدوني اشتياقي |
|
وأحشائي بنار جـواي تغلـي |
رجـاءً أن تحط الثـقل عنـي |
|
فأنت القصد في تخفيف ثقلـي |
وغوثك فيه يكشف كل خطـب |
|
وغيثك فيه يخصب كل محـل |
وغـفران الذنـوب وكـل وزر |
|
بـدا مـني بقـولٍ أو بفعـلِ |
ونصري يا ملاذ على الأعـادي |
|
وإعزازي على ما رام ذلّـي(1) |
هـذي مضاجـع فهر أم مغانيها |
|
أم السماء تجلـت في معانيهـا |
فحط رحل السرى فيها وحي بما |
|
يجري من العين دانيها وقاصيها |
ودع قلوصك فيها غيـر موثقـة |
|
وخلّ عنها عساهـا أن تحييهـا |
ولا تلمهـا إذا ألـوت معاطفهـا |
|
يوماً لتقبيـل باديهـا وخافيهـا |
فما دهاك دهاها من أسى وجـوى |
|
وما دعاك لسكب الدمع داعيهـا |
كلا كما ذو فؤاد بالـهوى كلـف |
|
وأنتما شركا في ودّ مَـن فيهـا |
قوم على هامـة العلياء قـد بنيت |
|
لهم بـيوت تعالـى الله بانيهـا |
ومعشر للمعاني الغر قد شرعـوا |
|
طرقاً بأخلاقهم ما ضلّ ساريها |
وأسره قد سمت كل الورى شرفـاً |
|
فلم يكـن أحـد فيـه يدانيهـا |
لووا عن العيش أعطافاً أبين لهـم |
|
مسّ الدنية تكريمـاً وتنـزيهـا |
فقاربـت بيـن آجال لهـم شيـم |
|
إذ المنايا طلاب العـز يدنيهـا |
رأوا حياتهم فـي بـذل أنفسهـم |
|
في موقف فيه حفظ العز يحييها |
ولا يعاب امرؤ يحـمي مكارمـه |
|
بنفسه فهو حر حيـث يحميهـا |
في الهام أمست تغني بيضهم طرباً |
|
وسمرهم تتثنى في الحشا تيهـا |
والخيل من تحتهم فلك جرى بهـم |
|
في موج بحر دم والله مجريهـا |
والنقع قام سماءً فـوق أرؤسهـم |
|
آفاقها أظلمت منـه نـواحيهـا |
لكن أجرامهم قامـت بهـا شهبـاً |
|
لولا ضياء شباها ضل ساريهـا |
ترمي العدى بشواظ من صواعقها |
|
فلا ترى مهربـاً منـه أعاديهـا |
رووا بماء الطلا بيض الظبى ولهم |
|
أحشاء ما ذاق طعم الماء ظاميها |
حتى إذا ما أقام الدين واتضحـت |
|
آياته وسمـت فيهـم معـانيهـا |
وشيدوا للهـدى ركناً بـه أمنـت |
|
أهل الـرشاد فلا لافى مساعيهـا |
وشاء أن يجزي الباري فعـالهـم |
|
من الجزاء بأوفى ما يجـازيهـا |
دعاهـم فاستجابوا إذ قضوا ظمـأ |
|
بأنفس لم تفـارق أمـر باريهـا |
فصرعوا في الوغى يتلو مآثرهـم |
|
في كل آن مـدى الأيام تاليهـا(1) |
كـم قـد تـؤمل نفسي نـيل منيتها |
|
من المعالي وما ترجـو مـن الاربِ |
كما تؤمل أن تحظـى بـرؤية مـن |
|
يزيح عنها عظيـم الضـر والكـرب |
ويملأ الأرض عدلاً مـثل ما ملئـت |
|
بالظلم والجـور والابـداع والكـذب |
يا غائبـاً لـم تغـب عـنا عنايتـه |
|
كالشمس يسترها داج مـن السحـب |
حتى مَ تقعد والإسلام قـد نقضـت |
|
عهـوده بسيوف الشـرك والنصـب |
ويرتجـيك القـنا العـسال تـورده |
|
مـن العـداء دماءً فهـو ذو سغـب |
والبيض تغـمدهـا أعـناق طائفـة |
|
منهم مواليك نالـوا أعظـم العطـب |
وتوعـد الخيل يـوماً فـيه عثيرها |
|
سحائب برقهـا من بـارق القضـب |
تهمى بماء الطـلا مـن كل ناحيـة |
|
حتى تـروي منـه عاطـش الثـوب |
فانهض فديتك ما في الصبر من ظفر |
|
فقد يفوت بـه المطلـوب ذا الطلـب |
أما أتـاك حـديـث الطـف إن بـه |
|
آباءك الـغر قاسـوا أعظـم النـوب |
غداة رامـت أمـي أن يـروح لهـا |
|
طوع اليمين أبـيٌ واضـح الحسـب |
ويركب الضيم مطبـوع علـى همـم |
|
أمضى من السيف مطبوعاً من اللهب |