ادب الطف - الجزء التاسع126


أو هل يطيق الذل من وشجت علا مـنه بأعـياص الفـخار جـرائم
فمضى بـماضي عـزمه مستقبلاً أمراً بـه يـنبو الحسام الـصارم
بطل تورث من بني عـمرو العلا حـزماً يـذل لـه الـكمى الحازم
للـدين أرخـص أي نـفس مالها فـي سـوق سامية المفاخر سائـم
لقـد اصطفـاه السبـط عنه نائباً وحسام حـق للشقـا هـو حاسـم
مـذ قـال لما أرسلت جـند الشقا كتباً لـها قلـم الـضلالـة راقـم
أرسلـت أكبـر أهل بيـتي فيكـم حكماً وفي فصل القضا وهو حاكم
فاتى ليثـبت سنـة الهادي عـلى علـن وتمحـي في هـداه مظالـم
أبدت له عـصب الـضلالة حبها والكـل للـشحنـا عـليـه كـاتم
قـد بايعـته ومـذ أتـى شيطانها خـفت الـيه وجـمـعها مـتزاحم
فانصاع مسلم في الأزقة مفـرداً مـتلـدداً لـم يتبـعه مـسالــم
قـد بات لـيلته بـاشراك الردى وعـليه حام مـن المنيـة حائـم
وتنظمـت بنظـام حقـد كامـن للقـاه يـنظمها الشقـا المـتقـادم
فأطل معتصماً بأبـيض صـارم من فتكه لـعـداه عـز الـعاصم
قد خاض بحر الموت في حملاته وعـبابه بـصفاحـهـم متلاطـم
فتـخال مـرهفـة شهـاباً ثاقباً للـماردين أنقــض منـه راجـم
وركام يـمناه يـصبب حـاصباً ان كـر منها جيشها المــتراكـم
ان أوسع الأعـداء ضـرباً حزمه ضاقـت بـخيل الـدارعين حيازم
وتـراه أطـلاع الثنايا في الـوغى تـبكي الـعدى والثغـر منه باسم
غـيران للـدين الحـنيف مجاهداً زمـراً بهـا أفـق الهدايـة قائـم
من عـصبة لهـم الحتوف مغانم بالعـز والعـيش الـذميـم مغارم
قـد آمـنتـه ولا أمان لـغدرها فـبدت لـه مـما تجـن علائـم
سلـبته لامـة حربه ثـم اغـتدى متأمـراً فـيـه ظـلـوم غاشـم
أسرته ملتهب الفـؤاد مـن الظما ولـه عـلى الـوجنات دمع ساجم
لم يبـك مـن خوف على نفس له لـكـنـه أبـكـاه ركـب قـادم


ادب الطف - الجزء التاسع127


يبـكي حـسيناً ان يـلاقى ما لقى مـن غـدرهم فتباح منه محارم
فبعين باري الخلق يوقف ضارعاً ولـه ابـن مـبتدع الـمآثم شاتم
ويـنال مـن عـليا قريش سادة البطـحاء وهـو لها طليق خادم
ويـديـر عـينيه فلـم ير مسعفاً يلقـي الـيه بـسره ويـكـاتـم
فرمتـه مكتوفـاً من القصر الذي قامـت على الطـغيان منه قوائم
والهـفتاه لـمسلـم يـرمى مـن القصر المشوم وليس يحنو راحم
ويجر في الأسواق جهراً جسم من تنميه للشرف الصراح ضراغـم
قـد مثلـت فيه وتـعـلـم أنـه بـعلي أبـيه للـممـاثـل قائـم
أوهـى قـوى سبط النبي مصابه وبه تقـوت للـضلال دعـائـم
شمخـت انـوف بني الطغام بقتله كبراً وأنـف بـني الهدايـة راغم
ظفر الـردى نـشبت بليث ملاحم لله مـا أسدى القـضاء الـحاتـم
فلـتبكين عـليه ظـامـية الضبا إذ كـان ينهلـها غـداة يـقـاوم
يا نفس ذوبي مـن أسى لـملـمة غالـت بـها لـيث العرين بهائم
قـد هـدّ مقـتله الـحسين فأسبل العـبرات وهـو لدى الملمة كاظم
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع128


السيد علي آل سُليمان

المتوفى 1345

أبكيت جـبريل عـشياً فناح بالمـلأ الأعـلى فعـجّوا صـياح
يا واحـداً لـيس لـه ناصر غـير نـساء مـا عـليها جـناح
يـنشـد في القـوم ألا مسلم فـلم يجـبه غـير طـعن الرماح
فـيا لها من نكبـة أعـقبت فـي كبـد الـمختار مـنها جراح
ووقعة دهياء قـد طوحـت عـماد عــلياء قـريش فطـاح
واستأصلت أبناء عمرو العلا شيـباً وشبانـاً بـحـد الـصفاح
الله كـم لله مـن حـرمـة بالـطـف قسراً أصبحـت تستباح
وكـم حـريـم لـنبي الهدى أصبح في أمـر ابـن سعـد مباح
وكم له من نسوة قـد غدت للشام تسبى فوق عـجـف رزاح
لها على السبط علت صرخة أضحت بها شجواً تغـصّ البطاح
قد خلفته في الثـرى عارياً يستره في الـترب سافي الـرياح
يشرق في فيـص دماه وما بلّـت حـشاه بالـزلال الـقـراح
وحـوله مـن آلـه فـتيـة قـد عـانقوا البيض بلـيل الكفاح
كلٌ شـبيه الـبدر في وجهه يجـلى سنا الـبدر إذا الـبدر لاح
* * *

السيد علي آل السيد سليمان هو ابن السيد داود ابن السيد مهدي ابن السيد داود ابن السيد سليمان الكبير . وهو أصغر من اخيه السيد عبد المطلب المترجم له في الجزء السابق من هذه الموسوعة .
كانت وفاته بعد أخيه عبد المطلب حوالي سنة 1345 هـ . ولم يكن مكثراً من النظم بل كان الشعر يجري عفواً على لسانه كذا قال الشيخ اليعقوبي في (البابليات) .

ادب الطف - الجزء التاسع129


الشيخ جعفر الهر

المتوفى 1347

قال يرثي علي بن الحسين الأكبر شهيد الطف :
بقـلبي أوقـدت ذات الوقود رزايا الطف لا ذات النهود
شبابٌ بالطفوف قضى شهيداً يشيب لـرزئه رأس الوليد
شـبيه محمد خَلقـاً وخـُلقاً وفي نطق وفي لفتات جيد
وفي وجه يفوق البدر نـوراً وفـي سيمائـه أثر السجود

ومنها :
شباب ما رأى عرساً ولكن تخـضب كفـه بـدم الوريد
ولم أنسَ النساء غداة فرّت إلى نـعش الشهيد ابن الشهيد
فقل ببنات نعش قد أقامت مناح جوى على بـدر السعود
تقبّل هـذه وتـشم هـذي خضيب الكف أو ورد الخدود
وزينب قابلت ليلى وقالت أعـيدي يا ليلـى أعـيـدي
فهنّ على البكا متساعدات ألا فاعـجب لـذي ثكل سعيد
* * *

الشيخ جعفر ابن الشيخ صادق بن أحمد الحائري الشهير بالهر ، أحد أعلام كربلاء وأفاضلها . ولد سنة 1267 وتوفي سنة 1347 بكربلاء ودفن بها

ادب الطف - الجزء التاسع130


في الرواق الشريف الحسيني قريباً من قبر صاحب الرياض وعمره ثمانون سنة ، درس على الشيخ زين العابدين المازندراني ولما نال الحظوة الكافية من العلم انفرد بالتدريس وتخرج على يده جماعة . قال صاحب (الطليعة) كان فاضلاً مشاركاً في العلوم أديباً شاعراً هو اليوم مدرس بكربلاء وإمام جماعة تقام به الصلاة في حرم العباس عليه السلام ومن شعره :
زارني والليل قد أرخى الستارا بـدر تـمٍّ غـادر اللـيل نهارا
فارسي ليـس يـدري ذمـماً لا ولا يـرعى عهـوداً وذمارا
فإذا حـاولـت منـه قـبلـة هـزّ لي الـجيد دلالاً ونفـارا
وإذا ما قـلت صـلني قال لي قد عددنا صلة الاعراب عـارا
يـوسفـيُّ الحسن لـما أن بدا قـطـع الأيـدي يميـناً ويسارا

وقوله مشطراً البيتين المنسوبين إلى قيس العامري :
أمـرّ على الديار ديار ليلى ونار الشوق تستعر استعارا
أشمّ ترابها طـوراً وطوراً اقبّل ذا الـجدار وذا الجدارا
وما حبّ الديار شغفن قلبي ولا أضرمـن في جنبيّ نارا
ولا ربـع الغـوير وساكنيه ولكن حب مـن سكن الديارا

وجاء في (مجالي اللطف بأرض الطف) للشيخ السماوي عندما ذكر الشيخ كاظم الهر ثم عطف على أخيه الشيخ جعفر قائلاً :
وكأخيه جعـفر بـدر التقى وهضبة العلـم التي لا ترتقى
عاش حميداً ومضى سعيدا وازداد فضلاً إذ رثى الشهيدا
فاخر في رثا الشهيد فخرا فأرخـوا جـعفر أعلى فخرا

وديوانه المخطوط طافح بألوان من الشعر .

ادب الطف - الجزء التاسع131


الشيخ محمد النمر العوامي

المتوفى 1348

لهاشم يوم الطف ثارٌ مضيّع وفي أرضه للمجد جسم موزع
هجعتِ فلا ثار طلبتيه هاشم ونمتِ فلا مجد لكِ اليوم يرفع

حتى يقول في وصف سبايا الحسين عليه السلام :
وعاطشة ودّت بـأن دمـوعـها تـبلّ بـها حـرّ الـغليل وتـنقع
ومدهشة بالخطب حتى عـن البكا أذيـب بـه منهـا فـؤاد مـوزع
ومزعجة من هجمة الخيل خدرها تضـمّ الحـشا بالراحتين وتجـمع
وباكـية تـخفي الـمخافة صوتها ويظهـره مـنه الـشجاء فـتفزع
وموحشة باتت عـلى فقـد قومها تنـوح كـما نـاح الحمام وتسجع
وعاتبة لـم تستجب بسوى الصدى يـعيـد لها مـنه الجواب ويرجع
تصبّ الحشا في العتب ناراً تحوّلت من الغيض لفظاً في المسامع يقرع
أيرضيكـم أنـّا نُسـاق حـواسراً ولا علم مـنكـم يـرفّ ويرفـع
* * *
الشيخ محمد بن ناصر بن علي ، علامة في علمي الفقه والاصول مضافاً إلى تبحّره في الطب والحكمة الالهية ، ولد سنة 1277 هـ . وتوفي في 9 شوال سنة 1348 هـ . تلقى دروسه النحوية والصرفية والمنطقية والبيانية على الحجة الشيخ

ادب الطف - الجزء التاسع132

ابن الشيخ صالح آل طعان القطيفي البحراني ، وعلى العلامة الشيخ علي مؤلف (أنوار البدرين) ثم هاجر إلى النجف فحضر دروس العلماء الاعلام أمثال الشيخ محمود ذهب والملا هادي الطهراني فأكمل دراسة الاصول والكلام والعلوم الرياضية كما درس علم الطب عند الميرزا باقر ابن الميرزا خليل وقرأ الهندسة على الشيخ اغا رضا الأصفهاني وعند عودته لوطنه فتح مدرسة دينية تخرّج منها العشرات من أرباب الفضل ونظم الكثير من أبواب الفقه والعقائد بأراجيز لم تزل تحفظ كمنظومته في علم التصريف وفي الرضاع والدر النظيم في معرفة الحادث والقديم وله تعليقة على الاشارات لابن سينا والتعليقات الكافية على القوانين والكفاية لذلك كان صدى نعيه له رنة أسى وأسف وأبّنه الكثير بالمنثور والمنظوم ولم يزل قبره مزاراً في مقبرة العوامية . كتب له ترجمة مفصلة صديقنا الشيخ سعيد آل أبي المكارم في (اعلام العوامية في القطيف) وذكر عدة قصائد من مراثيه للامام الحسين عليه السلام ومنها قصيدته الشهيرة وأولها :
قوّموا السمر هاشم والكعابا وامتطوا للنزال جرداً صعابا
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع133


الشيخ حسن آل عيثان

المتوفى 1348

تـذكـرت الـمعاهد والربوعا ففارقـت الـمسرة والـهـجوعا
مـنازل أقفـرت من سانـيها فـما تـرجـو لساكـنها رجوعا
وقفـتُ بها فما وقفت دموعي أُسائـلـها كـأن بهـا سـميـعا
وماذا تـنكر العـرصات مني وقـد أرويـتُ ساحـتها دمـوعا
سقـى الله الــديار مُلثّ وبلٍ سحابا مغـدقاً خـضلا همـوعا
وما برحت بروق المزن تهدي إلـى الأطـلال بارقـة لـموعا
وركـب من سرات بـني علي عن الأوطان قـد رحلوا جميـعاً
يـؤمهـم فـتى العـليا حسينٌ قـد اتخـذ الحـسامَ لـه ضجيعا
وأسمـر ناصـر مهج الأعادي بعـين تنفـث الـسمّ الـنقيـعـا
بـدورٌ أشرقـت والنقـع ليل وقد جعلـوا القلوب لهم دروعـا
تخالـهم عـلى الجرد العوادي كـواكـب حـلّت الفلك الرفـيعا
متى انقـضّت لرجم بني زياد تـكاد تـطيـرُ أنفسهـم نـزوعا
ومـما أثكل الدنـيا وأجـرى مـدامـعها دمـاً قـانٍ نجـيعـا
تساهمهم سجال الحـرب حتى تهاووا في ثرى الرمضا وقوعـا
هـوى بهـويّه عـمدُ المعالي وحـبلُ الـدين قـد أمسى قطيعا
دعـاهُ مـليكـه الـجوار قدس وجـنات فــلبّاه مـطـيـعـا
ولـما أنشبت فـيه الـمنايـا مخالبهـا وقـد ساءت صنيعـا
أراشَ له الـقضا سهاماً فأدمى فؤاد الدين بل حطـم الضلـوعا


ادب الطف - الجزء التاسع134


وربّ مروعة برزت ولما تجد غير السياط لها منيعا
وتهتف بالسرات بني نزار فما وجدت لدعوتها سميعا
عناها ما تُعاين من أيامى وأيتام كسـرب قطاً أريعا
* * *
الشيخ حسن ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ علي بن أحمد آل عيثان الاحسائي القاري ، هو شقيق آية الله المقدس الشيخ محمد آل عيثان . ترجم له الشاب المعاصر السيد هاشم الشخص في مخطوطه (نفائس الأثر في تراجم علماء وأدباء هجر) قال : أديب بارع وخطيب من خطباء المنبر الحسيني ، ولد في قرية (القارة) من الإحساء عام 1276 هـ . ونشأ بها وزاول طلب العلم الديني ودرس على ابن عمه الحجة الكبير الشيخ علي ابن الشيخ محمد ابن الشيخ علي آل عيثان المتوفى حدود 1340 هـ . فقد كانت أكثر دراسته عليه حتى اشتهر بالفضل كما اشتهر بالخطابة الحسينية وتشهد له منابر الاحساء والبحرين وغيرها . توفي قدس سره في الاحساء عام 1348 هـ . وقد بلغ من العمر 72 عاماً ، هكذا ذكر ولده الخطيب الحاج ملا عبد الحسين آل عيثان ويقال له شعر كثير وتخميس ومن شعره القصيدة الحسينية المذكورة في صدر الترجمة ..
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع135


الشيخ مرتضى كاشف الغطاء

المتوفى 1349

قال من قصيدة حسينية :
سل الـدار عن سكانها أين حلت وأين بها أيدي المطايا استقلت
نزحت ركي العين في عرصاتها فعزّ اصطباري والمدامع ذلّت
وقفت بها أستنقذ الركـب مهجة تولّت مع الاضعان يوم تولّت

ومنها :
بيوم به البيض البوارق والقنا تثلّم في الهامات حتى اضمحلت
تجاول فيه الخيل حتى لو أنها مفاصلها كـانت حـديـداً لكلّت
* * *

اسرة آل كاشف الغطاء تفيض علماً وأدباً وتزخر فضلاً وكمالاً والعالم الكبير الشيخ مرتضى ابن الشيخ عباس ابن الشيخ حسن ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء هو أحد أعلامها المبرزين . ولد عام 1281 هـ . في النجف الأشرف ونشأ بها ومنذ نعومة أظفاره تعشق العلم والكمال ودرس على أساتذة عصره وأخذ الحكمة والفلسفة عن الشيخ أحمد الشيرازي المدرّس في مدرسة (القوام) وحضر في الفقه والاصول على الشيخ اغا رضا الهمداني والملا كاظم الخراساني والسيد كاظم اليزدي ثم استقل بالتدريس وصلاة الجماعة . ومن

ادب الطف - الجزء التاسع136


مؤلفاته (فوز العباد في المبدأ والمعاد) طالعته واستفدت منه ، وله منظومة في أحكام الزكاة نشرت في آخر العروة الوثقى طبع بغداد ، ورسالة في ردّ الوهبانية وغيرها من الكتب النافعة . ترجم له الشيخ الطهراني في (نقباء البشر) وأطراه بما هو أهله وعدد مؤلفاته وأذكر أني طالعت في فترات رسالته المطبوعة التي يرجع اليها بعض مقلديه ولكنه كان في عصر اشتهر الكثير من اسرته بالمرجعية للأمة أمثال الشيخ أحمد والشيخ محمد حسين والشيخ هادي والشيخ عباس وهم من الأساطين . أما شعره فهو من النمط العالي ولكنه كان يكتمه لأن الشعر بالعلماء يزري ، قال في قصيدة أرسلها إلى ابن عمه الشيخ هادي آل كاشف الغطاء من قضاء الهندية سنة 1310 هـ . يوم 28 ربيع الثاني :
سفرت فقلت الشمس في وجناتها ورنت فقلت السهم في لحظاتها
هيفاء ان خطـرت بلدن قوامها واخجـلة الأغصان من قاماتها
عطفت وما عـلم العـذول بأنها غصن وان العطف من عاداتها
قـد قـلت للورق على بان النقا إذ رددت بغـنائـها نـغماتـها
غني بمن طرق الهداية إن عفت أضحى لها الهادي إلى طرقاتها
عالـم لـه شهـد الـعـدو بأنه لو يـملك الـدنيا استغلّ هباتها
الطارد الليث الـصؤول بطرفه والناهـب الأشبال مـن لبواتها

وله منظومة جارى بها ملحمة الشيخ كاظم الأزري وكلها في مدح أهل البيت عليهم السلام وله في الإمام الحسين رائعة مطلعها :
خلّ ناراً نشب بين ضلوعي تطفها مقلتي بفيض دموعي


ادب الطف - الجزء التاسع137


الشيخ ناجي خميِّس

المتوفى 1349

أبى العزم أن يلوى على اللوم حازم فحسبك وهـناً أن يـصـدك لائـم
إذا النفس لـم تأخذ من العقل زينة حكتها بشـوهاء الـخصال الـبهائم
ومن لـم يحارب نفسه طال حربه ولـيس لـه بـين الأنـام مـسالـم
وان هو لم يكظم علىالنفس غيظها شفت غيضها منه العدوى وهو كاظم
ومن لـم يـدار الـناس كبراً فإنه يداريهم مـن خيفـة وهـو راغـم
أبى الله أن تـرسـو قـواعد دينه إذا لـم يقـم مـن آل أحمـدقائـم
فـيا بن الألى لولا بروق سيوفهم لمـا ضاء مـن لـيل الضلالة فاحم
ولـو لم تقـوّم للـنزال صعادها لمـا قـام للـدين الحـنيف قوائـم
أصبراً وقد مدت على الدين ضلة فـلا أفـق إلا وهـو في الظلم قاتم
أصبراً ودين الله ثلـت عـروشه وهدّت على الأرزاء منه الـدعائـم
لقد جـنّ هذا الدهر ليلاً فحقّ أن تـشق عـمود الصبح منه الصوارم
يبـاح مـن الإسلام كـل محرم وتهـتك قـسراً مـن بـنيه المحارم
متى تطلع الأيام منك ابن نجـدةٍ تعـاف لـه أغـيالـهن الضـراغم
وتـبرز مـن أقمار هاشم طلعة تطـير شعاعـاً في سنـاها الغـمائم
حنانيك يا بن المصطفى أي بقعة تـبيتُ بهـا خـلواً وعـيشك ناعـم


ادب الطف - الجزء التاسع138


وهـل بقـعة مـا أسهـرتكـم طـغاتها فأنـت بـهـا يا غـيرة الله نـائـم
فيـوم حسـين لـيس يـحصيه نـاثـر ولـم يـستـطع تعـداد بـلواء ناظم
يـلاقي الـعدا ثـلج الفـؤاد وللـوغـى عـلى الشـوس نار أوقدتها الصوارم
يـذب بـسيـف الله عـن ديـن جـده وعـن عـزّ خـدر فيه تحيي الفواطم
تجـاذبـك الأسيـاف نـفساً كـريمـة وتـسمـعك الـشكوى نسـاء كـرائم
فللّه يـوم قـمـت فـيـه مـصابـراً لـما جـزعـت في الله مـنه العوالم
بحـيـث القـنا باتـت عـليك حوانـيا وتـبكـيك لكـن مـن دماك الصوارم
إلى أن قضيت النحب صبراً وما انقضت مـن الـملأ الأعـلى عـليك الـمآتم
تـوزع مـنك الـبيض جـسـم مـحمد وتجـري دم الـكـرار مـنك اللهاذم
وتمسى لـدى الهـيجا تـوسـدك الثرى رغامـاً بـه أنـف الحـمية راغـم
وتـرفـع مـنك السـمر رأسـك وللظبا علـيك كـما شاء الابـاء عـلائـم
وأعظـم شيء مـضّ في الـدين وقـعه ومـا دهـيت فـي مـثلـه قط هاشم
صـفـايا رسـول الله بـيـن امـيـة بـرغـم الـهدى اصبحن وهي غنائم
سوافـر بعـد الخـدر اضحـت ثواكلا لهـا فـوق اكـوار الـنياق مـآتـم
فـواقـد عـزٍّ بالـمـعـاصـم تتـقي عن الضرب إذ لم يبق في القوم عاصم
هـواتـف مـن شـمّ الانـوف بعصبة ثوت حـيث أولـتها الـهتاف الملاحم
إذا نـظـرت منـهم على الرغم أرؤساً تـميس بـهـن الـذابـلات اللهـاذم
تـطيـر قـلوباً نـحـوهـن كـأنـها حـمام عـلى ميـد الـغصون حوائم
فتـوسـعـهم عـتباً وتـندبـهم شجى تـضـيق بـه أضلاعـهم والـحيازم
أيـرضى لكـم عـز الكـرام بأن يرى عـلى ذلـل الأجـمال مـنكـم كرائم
يعـزّ عـلى الـزهـراء فاطم أن ترى تهـان بـمرأى الـناظـرين الفـواطم
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع139

الشيخ ناجي بن حمادي بن خميّس (بالتصغير والتشديد) الحلي من ابداء عصره . ولد في الحلة عم 1311 هـ . ونشأ بها منفرداً عن اسرته التي تمتهن المهن الحرة ، ففي أول شبابه لازم الخطيب الشيخ محمد شهيب الحلي في التدرج على منابر الخطابة وحصل له من يعتني بتربيته فدرس النحو والصرف وعلمي المنطق والبلاغة ، وعندما تجاوز العشرين هاجر إلى النجف للتحصيل فدرس الفقه والاصول والكلام على المرحوم الشيخ كاظم الشيرازي واختلف على حلقتي الميرزا حسين النائيني والسيد أبو الحسن الأصفهاني زمناً طويلاً أنتج خلاله تقريراتهما وتدوين آرائهما في الفقه والاصول باسلوب محكم رصين فكان مرموقاً بين أقرانه . يقول الباحث المعاصر علي الخاقاني في شعراء الغري : حضرت عنده كتاب (معالم الاصول) مع جماعة من المتعلمين فكان مثال المعلم اليقظ وكان رقيق الروح مرح النفس حلو الحديث دمث الأخلاق وديع الشخصية ولكنه خشن تجاه كرامته وعقيدته لا تأخذه في الله لومة لائم كانت وفاته بالحلة 15 ذي القعدة عام 1349 هـ . وحمل جثمانه إلى النجف فدفن في الصحن الحيدري غلى جنب مرقد السيد عدنان الغريفي في الحجرة التي تلاصق باب الفرج من أبواب الصحن الشريف ولا يفوتنا ان شطراً من توجيه هذا الأديب كان بسبب أخيه العلامة الشيخ عبد المجيد الحلي ، ترجم له الشيخ اليعقوبي في البابليات والخاقاني في شعراء الحلة وذكرا نماذج من نظمه وادبه .
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع140


شوقي امير الشعراء

المتوفى 1351

وأنتَ إذا ما ذكرت الحسين تصاممتُ لا جاهلا موضعه
أحـبّ الحـسين ولكـنني لسانـي عـليه وقلبي معه
حبست لساني عـن مدحه حـذار أمـية أن تـقطعه
* * *

أمير الشعراء وشاعر الامراء أحمد شوقي بن علي بن أحمد شوقي ، مولده ووفاته بالقاهرة نشأ في ظل البيت المالك بمصر ودرس في بعض المدارس الحكومية وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق ، وأرسله الخديوي توفيق سنة 1887 م . إلى فرنسا فتابع دراسة الحقوق واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891 م . فعيّن رئيساً للقلم الافرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي . وندب سنة 1896 م . لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجنيف ولما نشبت الحرب العالمية الاولى ، ونُحي عباس حلمي عن (خديوية) مصر أوعز إلى صاحب الترجمة باختيار مقام غير مصر ، فسافر إلى إسبانيا سنة 1915 م . وعاد بعد الحرب فجعل من أعضاء مجلس الشيوخ إلى أن توفي عالج أكثر فنون الشعر : مديحاً وغزلاً ورثاءً ووصفاً ثم عالج الأحداث السياسية والاجتماعية في مصر والشرق والعالم الإسلامي فجرى شعره مجرى المثل . كتب عن شعره وشخصيته كثير من أرباب القلم منهم أمير البيان شكيب أرسلان والعقاد والمازني والنشاشيبي وعمر فروخ وغيرهم كثير وكثير . وهذه

ادب الطف - الجزء التاسع141


(الشوقيات) تعطينا أوضح الصور عن شاعريته فهو صاحب نهج البردة التي مطلعها :
ريم على القاع بين البان والعلم أحلّ سفك دمي في الأشهر الحرم

وصاحب الهمزية النبوية التي مطلعها :
سلوا قلبي غداة سلا وتابا لعل على الجمال له عتابا

وهو الذي يقول في مطلع احدى روائعه :
رمضان ولّى هاتها يا ساقي مشتاقة تهفو إلى مشتاق

وله :
حفّ كأسها الحبب فهي فضة ذهـب

وهو القائل في مطلع قصيدة تكريم :
قـم للمعلـم وفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا

فنراه محلّقاً بكل ألوان الشعر وضروبه وهو مسلم مقتنع بالإسلام ومتأثر به تأثراً كلياً هتف بأعلى صوته وردد أنغامه وحرك الأحاسيس وأثار الشعور وملك العواطف وهاك قطع ينقد بها المجتمع :
رأيـت قـومي يذم بعض بعضاً إذا غابت الوجوه
وان تـلاقـوا ففي تصاف كـأن هـذا لـذا أخوه
كـريـمهم لا يـسدّ سمعاً ووغـدهـم لا يسدّ فوه
وكلهـم عـاقـل حـكـيم وغيره الجاهل السفـيه
وذا ابن من مات عـن كثير وذا ابن مَن قد سما أبوه
وذا بـإسـلامــه مـدلٌ وذا بـعـصيانـه يتيه


السابق السابق الفهرس التالي التالي