أقـوت فهـنّ مـن الأنيس خلاء |
|
دمـن محـت آثارها الأثواء |
درسـت فغـيّرها الـبلا فـكأنما |
|
طارت بشمل أنيسها عنـقاء |
يا دار مقـريـة الضيوف بشاشة |
|
وقراي منك الـوجد والبرحاء |
عبقـت بـتربـك نفحـة مسكية |
|
وسقت ثراك الديمة الوطـفاء |
عهدي بربعك آنسـا بـك آهـلا |
|
يعلوه منك الـبشر والسـراء |
وثرى ربوعك للـنواظـر اثمـداً |
|
وكعقد حلـي ظبائك الحصباء |
أخـنى عـليه دهره والـدهر لا |
|
يرجى له بـذوي الوفاء وفاء |
أيـن الـذين بـبشرهم وبنشرهم |
|
يحيا الرجاء وتأرج الارجـاء |
ضربوا بعرصة كربلاء خيامهـم |
|
فأطـلّ كـرب فـوقها وبلاء |
لله أيّ رزيــةٍ فــي كـربـلا |
|
عظمت فهانـت دونها الارزاء |
يـوم بـه سـل ابن أحمد مرهفاً |
|
لفـرنـده بدجى الوغى لألاء |
وفـدى شريـعة جـده بعـصابة |
|
تفـدى وقـلّ من الوجوه فداء |
صـيدٌ إذا ارتعـد الكـميّ مهابة |
|
ومشـت إلى أكفـائها الاكفاء |
وعـلا الغـبار فأظلمت لو لا سنا |
|
جبهـاتها وسيـوفها الهـيجاء |
عشت العيون فليس إلا الطعنة النـ |
|
ـجلا وإلا الحقـلة الخوصاء |
عبست وجـوه عـداهـم فتبسموا |
|
فرحاً وأظلمت الوغى فأضاؤا |
ولـها قـراع السمهـريّ تسامـر |
|
وصليل وقع المرهفات غـناء |
يقتادهـم للـحرب أروع ماجـد |
|
صعـب القياد على العدى أبّاء |
صحـبته من عـزماتـه هـندية |
|
بيضـاء أو يـزتيّـة سمـراء |
تجري المنايا السود طـوع يمينه |
|
وتـصرّف الاقدار حيث يشاء |
ذلت لـعزمته الـقروم بموقـف |
|
عـقـّت بـه آبـاءها الأبناء |
كره الكماة لقـاءه في مـعـرك |
|
حسـدت بـه أمـواتها الأحياء |
بأبي أبي الضيم سيـم هـوانـه |
|
فلـواه عـن ورد الهوان اباء |
يا واحدا للشهب مـن عزماتـه |
|
تـسري لـديه كـتيبـة شهباء |
تشع السيوف رقابهم ضرباً وبالأ |
|
جـسام منـهم ضاقـت البيداء |
ما زال يفـتيهـم الى أن كاد أن |
|
يأتـي عـلى الايجاد منه فناء |
لكـنما طـلـب الإلـه لـقـاءه |
|
وجـرى بما قد شاء فيه قضاء |
فهوى على غبرائها فتضعضعت |
|
لهـوّيه الـغبراء والـخضراء |
وعلا السنان بـرأسه فالـصعدة |
|
السمراء فيها الطلعـة الغـراء |
ومكفـن وثـيابـه قـصـد القنا |
|
ومغـسل ولـه الـمياه دمـاء |
ان تمـس مـغبرّ الـجبين معفراً |
|
فعلـيك مـن نـور النبي بهاء |
يا ليت لا عذب الفـرات لـواردٍ |
|
وقلـوب أبـناء الـنبي ظماء |
لله يـوم فـيه قـد أمـسـيتـم |
|
اسـراء قـوم هـم لكم طلقاء |
حملوا لكم في السبي كل مصونة |
|
وسروا بها في الأسر أنى شاؤا |
آل النبي لـئن تـعاظـم رزؤكم |
|
وتصاغـرت في وقعه الارزاء |
فـلأنتـم يا أيهـا الشفـعاء في |
|
يوم الـجزا لجناته الخصماء(1) |
ومقـيد قـام الـحـديد بمـتنـه |
|
غلاً وأقـعد جسـمه الأعـياء |
وهـن الـضنى قعدت به اسقامه |
|
وسـرت بـه المهزولة العجفاء |
وغـدت تـرق عـلى بليته العدى |
|
ما حال مـن رقت له الأعداء |
لله سـرّ الله وهـو مـحـجـب |
|
وضمـير غيب الله وهو خفاء |
أنى اغـتدى للـكافـرين غـنيمة |
|
في حكـمها ينقـاد حيث تشاء |
يا دار أين تـرحـل الركـب |
|
ولأي أرض يـمـم الصحـب |
أبحاجـر فمحاجـري لـهـم |
|
من فيضـهـن سحائب سكـب |
أم بالغـضا فبمهجتي اتقـدت |
|
نيـرانـه شعـلا فلـم تخـب |
وإلى العقيق تيامنوا فهـمـت |
|
عيني بـه وجـرى لها غـرب |
وبأيمن العلمـين قـد نزلـوا |
|
منـه بحيث الـمربع الخصـب |
وعلـت بداجي الليل نارهـم |
|
فذكا الكبا والمـندل الـرطـب |
لا يبعـدن الـنازلـون بـه |
|
ان ضاق منه المنزل الرحـب |
فمن الأضالـع مـنزل لهـم |
|
ومـن المدامع مـورد عـذب |
ساروا وحفت في هوادجـهم |
|
منهـم أسـود ملاحـم غـلب |
حملتهم النـجـب العتاق ويا |
|
لله مـن حـملـتهـم النجـب |
مـن كـل وضاح الجبين به |
|
يسقى الثرى ان عمه الجـدب |
عقاد ألـويـة الحـروب إذا |
|
عضـت عـلى أنيابها الحرب |
ان قال فالخطـي مقـولـه |
|
أو صال فهو الصارم العضب |
وسروا لنيل المجد تحملـهم |
|
نجـب عـليـها مـنهم نجب |
وبكربلا ضربـوا خيامـهم |
|
حـيث البلايا السود والكـرب |
ودعاهـم للـموت سيدهـم |
|
والـموت جـدٌ ما بـه لعـب |
فتـسابقـوا كـل لـدعوته |
|
فـرحاً يسابـق جسمـه القلب |
حـشدوا عـليه وهـو بينهم |
|
كالـبدر قـد حفـت به الشهب |
تنبـوا الـجماجم من مهنده |
|
وحـسامه بـيديـه لا يـنبـو |
وتطايرت مـن سيـفه فِرقا |
|
فَرقا يضيق بها الفضا الـرحب |
وغدا أبو السـجاد منفـردا |
|
مـذبان عنه الأهل والصحـب |
وعلـيه قـد حشدت خيولهم |
|
وبه أحاط الطـعن والضـرب |
فثوى على وجه الصعيد لقى |
|
عـار تكـفن جسمـه الـترب |
ومصونة في خدرها رفعـت |
|
عن صونها الأستار والحجـب |
فهبّ الرجال بما جـنوا قتلوا |
|
هـل للرضيع بـما جـنى ذنب |
فلخـيلـها أجـسـامـكم ولنـبلها |
|
أكبادكـم ولـقضبها الأعـضاء |
وعلى رؤس السـمر منكم أرؤس |
|
شمس الضحى لوجوهها حـرباء |
يا بن الـنبي أقـول فـيك معزياً |
|
نفسي وعزّ على الـثكول عـزاء |
ما غضّ من علياك سوء صنيعهم |
|
شرفاً وإن عظـم الـذي قد جاؤا |
إن تـمس مغـبرّ الجـبين معفراً |
|
فـعـليك مـن نور الـنبي بهاء |
أوَ تبق فوق الأرض غـير مغسّل |
|
فلك البسيـطان الـثرى والـماء |
أو تغـتدي عارٍ فقـد صنعت لكم |
|
بـرد الـعلاء الخط لا صنعـاء |
أو تقض ظمآن الفـؤاد فـمن دما |
|
أعداك سيـفـك والـرماح رواء |
فلو أن أحمـد قد رآك على الثرى |
|
لفرشن منـه لجسمك الأحـشـاء |
أو بالطفوف رأت ظماك سقتك من |
|
ماء الـمدامـع أمـك الـزهراء |
يا ليـت لا عـذب الفـرات لواردٍ |
|
وقـلـوب أبنـاء الـنبي ظماء |
كـم حـرة نهـب الـعدى أبياتها |
|
وتقـاسـمت أحشـاءها الارزاء |
تـعدو وتـدعو بالحـماة ولم يكن |
|
بسـوى السياط لها يجاب دعـاء |
هـتفـت تثيـر كفـيلـها وكفيلها |
|
قد أرمضته في الثرى الرمـضاء |
يا كعبة البيت الحرام ومن سـمت |
|
بهـم عـلى هـام السما البطحاء |
لله يـوم فـيـه قـد أمـسـيـتم |
|
أسـراء قـوم هـم لكـم طـلقاء |
حملوا لكم في السبي كل مصـونة |
|
وسـروا بها فـي الأسر ان شاؤا |
تنـعـى ليوث الـبأس من فتيانها |
|
وغـيوثـها إن عـمّت الـبأساء |
تبكيهـم بـدم مَقـل بالمهجة الحرّا |
|
تـسـيل الـعبـرة الـحـمـراء |
حـنّت ولكـن الـحنين بـكاً وقـد |
|
ناحـت ولـكن نـوحـها إيـماء |
جـانب الكرخ شأن أرضك شيّد |
|
قبر موسى بن جعفر بن محمد |
بـثرى طـاول الـثـريا مقاماً |
|
دون أعـتابـه الـملائك سجد |
ضمّ منه الضريح لاهوت قـدس |
|
ليـديـه تـلقـى المقادير مقود |
من عليه تاج الزعامـة في الدين |
|
امتناناً بـه مـن الله يـعـقـد |
قد تجلّى للخـلق في هـيكل النا |
|
سِ لـكـنـه بقـدس مجـرد |
هـو معـنى وراء كـل المعاني |
|
صوّب الفكر في علاه وصعّـد |
سابـع الـصفوة الـتي اختارها |
|
الله على الخلق أوصياء لأحـمد |
هو غيث إن أقلعت سحب الغيث |
|
، وغوث إن عزّ كهف ومقصد |
كان للـمؤمـنين حـصناً منيعاً |
|
وعـلى الـكافرين سيفاً مجرّد |
أخـرجـوه من الـمدينة قسراً |
|
كاظـماً مـطلـق الدموع مقيد |
خليلي هـل بعد الحمى مربع نظر |
|
يـذاع بـناديـه لأهـل الهـوى سـر |
وهـل بعـد معناه تروق لناظري |
|
خمـائل يـذكوا من لطائمـها عـطـر |
قد ابتزه صرف الـردى أي بهجة |
|
فأمـسى وناديـه لـطـير الـبلى وكر |
رعـى الله عهـداً نوره متبسـم |
|
وحجـب الحـيا تبـكي وأدمـعها القطر |
وقـفـنا بـه مثل القنى أسى وقد |
|
تساهـمن زاهـي ربعه الحجـج الغـبر |
حلبنا به ضرع المدامع لـو صفا |
|
لأخـصب مـن أكـنافه الـماحل القفر |
ونـندب أكـباداً لـنا بـربـوعه |
|
أطيـحت غـداة البين واغتالهـا الدهـر |
تشاطـرها ربع المحصب والحمى |
|
ففي ربع ذا شطـر وفي سفح ذا شطـر |
فـيا سعـد دع ذكـر الديار وانني |
|
لعهد الرسوم الدثـر لم يشجني الـذكـر |
ولا هاج وجدي ذكر حزوى وبارق |
|
ولا أنهل مـني باللـوى مدمع غـمـر |
ولـكن شجاني ذكر رزؤ ابن فاطم |
|
غـداة شفـى فـيـه ضغـائنـه الكفر |
بأحقـاد بدر قد عدا من بني الشقا |
|
إلى حـربـه في الطـف ذو لجب محر |
ضغائـن أخفـتها بـطي بـنودها |
|
فأظهـر ما يخفـيه في طـيها الـنشر |
أتـته عـهـود منهـم ومـواثـق |
|
وقـد غدرت فـيه وشـيمتـهـا الغدر |
أرادت بـه ضـرّاً وتعـلـم أنـه |
|
بطلـعته الغـراء يـسـتدفـع الـضر |
وسامته ذلاً وهـو نسل ضـراغم |
|
لهـا الصدر في نادي الفـخار والـقبر |
فقال لها يا نفس قري على الـردى |
|
فمـا عـز إلا معـشر للـردى قـروا |
لنصر الهدى كأس الحمام لـه حلى |
|
عـلى أن كأس المـوت مطعـمه مـر |
فقـام بـفتيان كـأن وجـوههـم |
|
بـدور دجـى لكـن هـالاتهـا الفخر |
مساعير حرب تمـطر الهام صيباً |
|
إذا بـرقـت مـنها المهـنـدة الـبتـر |
عـلى سابحات فـي بـحار مهالك |
|
لها البيض أمواج وفيض الـطلا غمـر |
محـجـلة غـر عـلى جـبهاتـها |
|
بأقـلام خرصان القنا كتب النصر |
تجـول بحـلي اللجـم تـيهاً كأنها |
|
ذئاب غضى يمرحن أو ربرب عفر |
غـرابـيـة مـبيضـة جبـهـاتها |
|
سـوى أنهـا يوم الكريهـة تحمر |
وهـم فـوقها مثل الـجبال رواسخ |
|
بـيوم بـه الأبطـال هـمتها الفر |
إذا ما بكت بـيض الضبا بـدم الطلا |
|
تـرى الكـل منهم باسم الثغر يفتر |
تـهادى بمستن الـنـزال كـأنهـا |
|
نشاوى طـلا أضحى يرنحها السكر |
تفـر كأسراب القطا منهـم العـدى |
|
كأن الفتى منهم بيوما الوغـى صقر |
لنـيل المعـالي في الجنان تؤازروا |
|
فـراحـوا ولم يعلق بأبرادهم وزر |
فماتوا كراماً بعد ما أحـيوا الهـدى |
|
ولم يدم في يوم الجلاد لهـم ظـهر |
فجـرد فرد الدهر أبيض صارمـاً |
|
به أوجـه الأقـران بالرعب تصفر |
فـيا لـيمـين قـد أقـلـت يمانيا |
|
إذا قـد وتـراً عـاد شفعاً به الوتر |
وظـمآن لـم يـمنح من الماء غلة |
|
وقد نهلت في كفه البيض والسمـر |
جـرى عـضبه حـتفاً كأن يمـينه |
|
بها المـوت بحـر والحسام له نهر |
تـروح ثـبات في القـفـار إذا دنا |
|
له نـحو أجـياد العـدى نظر شزر |
يكـر عـليهم كـرة اللـيث طاوياً |
|
على سغـب واللـيث شـيمته الكر |
لأكبادهـا نـظـم بسـلك قـناتـه |
|
وللهـام في بـتار صارمـه نـثر |
إذا ما دجـا لـيل الـعـجاج بـنير |
|
تـبلج مـن لـئلاء طـلعته فـجر |
عجـبت لـه تظـمى حشاشته ومن |
|
نجيع الطلا فـي صدر صعدته بحر |
ولو لـم يـكن حـكم المقادير نافذاً |
|
لعفـت ديار الـشرك قـتلته البكر |
إلى أن هوى ملقى على حر وجـهه |
|
بمقفـرة في حـرها ينضج الصخر |
هـوى عـلة الايجاد من فوق مهره |
|
فأدبـر ينـعاه بعـولـته الـمهـر |
هـوى وهـو غـيث المعتفين فعاذر |
|
إذا عرضت يأساً عـن السفر السفر |
فـلا الـصبر محمود بقتل ابن فاطم |
|
وليس لمن لم يجـر مدمعـه عـذر |
بنفسي سخـياً خادعـته يـد القضا |
|
فجاد بنفـس عـن علاها كبا الفكر |
يعـز عـلى الطهر البتول بأن ترى |
|
عـزيزاً لهـا ملقى واكفانـه العفر |
يعـز عـليها أن تـراه محـرماً |
|
عـليه فـرات المـاء وهـو لها مهر |
يعـز عـلى الـمختار أن سليلـه |
|
يـرض بعـدو العـاديات لـه صدر |
فـيا ناصر الدين الحنيف علمت إذ |
|
لجدك جد الخطب واعصوصب الأمر |
لقد كسرت بالطـف حرب قناتكـم |
|
فـهلا نـرى منهـا الـقنا وبها كسر |
فمالي أراك اليوم عن طلب العدى |
|
صـبرت وللـموتور لا يحمد الصبر |
أتقعـد يا عـين الـوجـود توانياً |
|
وقـد نشبـت للبغي في مجدكـم ظفر |
أتنسى يـتامى بالهـجير تراكضت |
|
وصاليـة الـرمضاء يغـلى لها قدر |
وربات خدر بعـد ما انتهبوا الخبا |
|
بـرزن ولا خـدر يـوارى ولا ستر |
وعـيبة عـلم قـيـدوه بحـلمه |
|
بأمـر طـليق دأبـه اللـهو والخـمر |
سـرت تتهـاداها الـطـغام أذلة |
|
فيجـذبهـا مصـر ويقـذفهـا مصر |
تجوب الموامي فوق عجـف أيانق |
|
ويـزجـرها بالـسوط إما ونت زجر |
تحن فتشجى الصخر رجع حنينها |
|
ومـلأ حـشاها من لـواعجـها جمر |
يعـز عـلى الـشهم الغيور بأنها |
|
تغـير منـها في الـسبا أوجـه غـر |
يعـز عـلى الهادي الرسول بأنها |
|
قـد اسـتلبت منـها المقـانع والأزر |
ومستصرخات بالحماة فلـم تجـد |
|
لها مصـرخـاً إلا فـتى شفه الأسر |
نحـيفاً يقاسي ضـر قيـد وغلة |
|
ينادي بنـي فـهـر وأيـن لـه فهر |
فيا غـيرة الإسلام هـبي لمعضل |
|
بـه الـملة البيضاء أدمـعها حـمر |
أتغـدوا مقاصـير النبي حواسراً |
|
وآكـلة الأكـباد يحـجبـها قصـر |