ادب الطف - الجزء التاسع113


دعـوتـم حـسيناً للعراق ولم تزل تـسير الـيه منكـم الرسل والكتب
ان اقـدم الـينا يا بـن بنت محمد فانـك ان وافـيت يلـتئـم الشعب
فـلـما أتاكـم واثـقـاً بـعهودكم اليـه إذا مـرعـى وفائكـم جدب
فلـم يـحـظَ إلا بالقـنا من قراكم وضـاق عليه فيكم المنزل الرحب
فلـم أر أشقـى مـنكـم إذ غدرتم بآل علي كي تسـود بكـم حـرب
فللّه أجسام مـن النـور كـونـت تحكم في أعضائها الطعن والضرب
فيا يوم عاشوراء أوقدت في الحـشا من الحزن نيراناً مدى الدهر لا تخبو
وقد كنت عيداً قبل يجنى بك الهـنا فعدت قذى الأجفان يجنى بك الكرب
قضى ابن رسول الله فيك على الظما وقـد نهـلت مـنه المهندة القضب
وحفـت به سمـر القـنا فـكـأنه لدى الحرب عين والرماح لها هدب
فكـم قـد أُريقت فيك من آل أحمد دمـاء سادات وكـم هـتكت حجب
وعبـرى أذاب الشجـو جامد دمعها تـنوح وللأشـجان فـي قلبها ندب
إذا عـطلت أجـيادها من حـلّيـها تحلـت بـدمع سقطه اللؤلؤ الرطب
تعاتـب صرعى لو يساعدها القضا إذاً وثبوا غضبى وعنـها العدى ذبوا

وله :
أرى امـيـة بعد المصطفى طلبت أخـاه بالثـار مذ هبّت بصفين
ثـم انـثـنت للزكي المجتبى حسن فجرعته ذعاف الـذل والـهون
أوتار بـدر بيوم الطف قد أخـذت وبـاء في آل حـرب آل ياسين
من النبي قـضوا ديناً كـما زعموا ولا ديـون لهـم إلا على الدين
راس ابن فاطمة خـير الورى نسباً يا للعجائـب يهدى لابن ميسون


ادب الطف - الجزء التاسع114


السيد علي العلاق

المتوفى 1344

أقـوت فهـنّ مـن الأنيس خلاء دمـن محـت آثارها الأثواء
درسـت فغـيّرها الـبلا فـكأنما طارت بشمل أنيسها عنـقاء
يا دار مقـريـة الضيوف بشاشة وقراي منك الـوجد والبرحاء
عبقـت بـتربـك نفحـة مسكية وسقت ثراك الديمة الوطـفاء
عهدي بربعك آنسـا بـك آهـلا يعلوه منك الـبشر والسـراء
وثرى ربوعك للـنواظـر اثمـداً وكعقد حلـي ظبائك الحصباء
أخـنى عـليه دهره والـدهر لا يرجى له بـذوي الوفاء وفاء
أيـن الـذين بـبشرهم وبنشرهم يحيا الرجاء وتأرج الارجـاء
ضربوا بعرصة كربلاء خيامهـم فأطـلّ كـرب فـوقها وبلاء
لله أيّ رزيــةٍ فــي كـربـلا عظمت فهانـت دونها الارزاء
يـوم بـه سـل ابن أحمد مرهفاً لفـرنـده بدجى الوغى لألاء
وفـدى شريـعة جـده بعـصابة تفـدى وقـلّ من الوجوه فداء
صـيدٌ إذا ارتعـد الكـميّ مهابة ومشـت إلى أكفـائها الاكفاء
وعـلا الغـبار فأظلمت لو لا سنا جبهـاتها وسيـوفها الهـيجاء
عشت العيون فليس إلا الطعنة النـ ـجلا وإلا الحقـلة الخوصاء
عبست وجـوه عـداهـم فتبسموا فرحاً وأظلمت الوغى فأضاؤا
ولـها قـراع السمهـريّ تسامـر وصليل وقع المرهفات غـناء


ادب الطف - الجزء التاسع115


يقتادهـم للـحرب أروع ماجـد صعـب القياد على العدى أبّاء
صحـبته من عـزماتـه هـندية بيضـاء أو يـزتيّـة سمـراء
تجري المنايا السود طـوع يمينه وتـصرّف الاقدار حيث يشاء
ذلت لـعزمته الـقروم بموقـف عـقـّت بـه آبـاءها الأبناء
كره الكماة لقـاءه في مـعـرك حسـدت بـه أمـواتها الأحياء
بأبي أبي الضيم سيـم هـوانـه فلـواه عـن ورد الهوان اباء
يا واحدا للشهب مـن عزماتـه تـسري لـديه كـتيبـة شهباء
تشع السيوف رقابهم ضرباً وبالأ جـسام منـهم ضاقـت البيداء
ما زال يفـتيهـم الى أن كاد أن يأتـي عـلى الايجاد منه فناء
لكـنما طـلـب الإلـه لـقـاءه وجـرى بما قد شاء فيه قضاء
فهوى على غبرائها فتضعضعت لهـوّيه الـغبراء والـخضراء
وعلا السنان بـرأسه فالـصعدة السمراء فيها الطلعـة الغـراء
ومكفـن وثـيابـه قـصـد القنا ومغـسل ولـه الـمياه دمـاء
ان تمـس مـغبرّ الـجبين معفراً فعلـيك مـن نـور النبي بهاء
يا ليت لا عذب الفـرات لـواردٍ وقلـوب أبـناء الـنبي ظماء
لله يـوم فـيه قـد أمـسـيتـم اسـراء قـوم هـم لكم طلقاء
حملوا لكم في السبي كل مصونة وسروا بها في الأسر أنى شاؤا
آل النبي لـئن تـعاظـم رزؤكم وتصاغـرت في وقعه الارزاء
فـلأنتـم يا أيهـا الشفـعاء في يوم الـجزا لجناته الخصماء(1)
ومقـيد قـام الـحـديد بمـتنـه غلاً وأقـعد جسـمه الأعـياء
وهـن الـضنى قعدت به اسقامه وسـرت بـه المهزولة العجفاء
وغـدت تـرق عـلى بليته العدى ما حال مـن رقت له الأعداء
لله سـرّ الله وهـو مـحـجـب وضمـير غيب الله وهو خفاء
أنى اغـتدى للـكافـرين غـنيمة في حكـمها ينقـاد حيث تشاء


(1) الروض الخميل مخطوط السيد جودت القزويني ، أقول ورأيت في (الطليعة) تتمة غراء لهذه القصيدة مع نقل كرامة تدل على قبولها عند أهل البيت صلوات الله عليهم .
ادب الطف - الجزء التاسع116


وله في الإمام الحسين (ع) :
يا دار أين تـرحـل الركـب ولأي أرض يـمـم الصحـب
أبحاجـر فمحاجـري لـهـم من فيضـهـن سحائب سكـب
أم بالغـضا فبمهجتي اتقـدت نيـرانـه شعـلا فلـم تخـب
وإلى العقيق تيامنوا فهـمـت عيني بـه وجـرى لها غـرب
وبأيمن العلمـين قـد نزلـوا منـه بحيث الـمربع الخصـب
وعلـت بداجي الليل نارهـم فذكا الكبا والمـندل الـرطـب
لا يبعـدن الـنازلـون بـه ان ضاق منه المنزل الرحـب
فمن الأضالـع مـنزل لهـم ومـن المدامع مـورد عـذب
ساروا وحفت في هوادجـهم منهـم أسـود ملاحـم غـلب
حملتهم النـجـب العتاق ويا لله مـن حـملـتهـم النجـب
مـن كـل وضاح الجبين به يسقى الثرى ان عمه الجـدب
عقاد ألـويـة الحـروب إذا عضـت عـلى أنيابها الحرب
ان قال فالخطـي مقـولـه أو صال فهو الصارم العضب
وسروا لنيل المجد تحملـهم نجـب عـليـها مـنهم نجب
وبكربلا ضربـوا خيامـهم حـيث البلايا السود والكـرب
ودعاهـم للـموت سيدهـم والـموت جـدٌ ما بـه لعـب
فتـسابقـوا كـل لـدعوته فـرحاً يسابـق جسمـه القلب
حـشدوا عـليه وهـو بينهم كالـبدر قـد حفـت به الشهب
تنبـوا الـجماجم من مهنده وحـسامه بـيديـه لا يـنبـو
وتطايرت مـن سيـفه فِرقا فَرقا يضيق بها الفضا الـرحب
وغدا أبو السـجاد منفـردا مـذبان عنه الأهل والصحـب
وعلـيه قـد حشدت خيولهم وبه أحاط الطـعن والضـرب
فثوى على وجه الصعيد لقى عـار تكـفن جسمـه الـترب
ومصونة في خدرها رفعـت عن صونها الأستار والحجـب
فهبّ الرجال بما جـنوا قتلوا هـل للرضيع بـما جـنى ذنب


ادب الطف - الجزء التاسع117


السيد علي ابن السيد ياسين ابن السيد مطر الحسني العلاق النجفي . ولد سنة 1297 هـ . وتوفي في ذي الحجة سنة 1344 هـ . ودفن بالنجف الأشرف . شاعر أديب تقرأ في محياه آثار السيادة والنجابة ، تأدب وتفقه في النجف وحاز على شهرة علمية إلى تُقى وورع ، حسني النسب له شعر يروى ومطارحات يتناقلها الادباء ، ورأيت في مصدر آخر أن ولادته سنة 1293 هـ . ووفاته بالنجف الأشرف غرة رمضان ذكره صاحب الحصون فقال : السيد علي العلاقي الأصل ، النجفي المولد والمسكن . فاضل ملأ ظرافة ولطفاً وشريف يفوق على الشرف ، مشتغل في النجف بتحصيل العلوم وحضر على علمائها ، ذو قريحة وقادة وفكرة نقادة سخياً كريماً مع حسن أخلاق وطيب أعراق وصفاء سريرة وحسن سيرة . ذكر البحاثة المعاصر علي الخاقاني في شعراء الغري لوائح من أشعاره ورسالة له أجاب بها جملة من أقرانه واخدانه وهم : الشيخ عباس ابن الشيخ علي كاشف الغطاء ، والسيد محمد القزويني ، والسيد حسين القزويني ، وقد صدرها بمقطوعة شعرية منها :
وافتك مـن أقصى مغـانيها مـذ بلـغت فـيك أمانيها
فهنّها بالـبشر وأهـنأ بــه وقـرّط الـسمع بـما فيها
عـذراء زارتـك على غفلة محجوبة من خوف واشيها
تطـوي الـيك البيد منشورة غـرّ اللآلـي بمطاويـها
يأرج بالـمسك شـذا لفظها وتنـثر الـدر مـعـانيها
سرح بها اللحظ تجد روضة غـناء قد رقـت حواشيها
لقد تمـنت عـاطلات المها أن تـتحلـى بـدراريـها
نـرجسهـا زاه بـنوارهـا والنـور زاه بأقاحـيهـا
ودّت نجـوم الأفـق لو أنها تـقـلدت غـرّ لآلـيـها
يعيد ميت الشوق من رمسه منـتشراً نـظم قـوافيها
ما روضة باكـرها عارض أو ديـمه تـهمي عزاليها
ورنحـتها نـسمات الـصبا فـماس دانيهـا بعـاليها


ادب الطف - الجزء التاسع118


وصفـقت بالبشر أزهارها لما غـدا الـرعد يغنيها
والغيث إن مرّ بها راقصاً يضحكها من حيث يبكيها
ومـذ همى دراً على تبرها سال لجيناً في سـواقيها
وللندامى حـولهـا اكـؤس لـذّ لهـم فيهـا تعاطيها
تسعى بها نـحوهـم غادة يقيـمها الـدل ويـثنيها
إذا تهـاوت بكـؤس الطلا ضلوا حيارى من تهاديها
تديرها ممزوجة قد غـدا مزاجها القرقف من فيها
يوماً بأبهى نفحة من شذا مألكـة أصبحت منشيها
رسالة كم معجز قد حوت مـذ رتـّل الآيات تاليها
أحيت بقايا كـبد فـيكـم يـميتها الـشوق ويحييها
أهـديتماهـا والهدايا كما قالـوا على مقدار مهديها

وترجم له الشيخ السماوي في (الطليعة) فقال : فاضل ملأ من الفضل إهابه ومن الأدب وطابه ، وشريف يبدو على سمته أثر النجابة ، مشارك في الفنون محاظر بالمحاسن والعيون ، حاضرته فرايت منه فضلاً وعلماً وكرماً جمّاً وتقى إلى ظرف وديانة إلى لطف وصفاء قلب ونزاهة برد وغضّ طرف عن أدنى وصف وله شعر حسن ومطارحات جيدة وقريض تغلب عليه الجزالة فمنه قوله .
أورى الهوى بحشاي جمرا وجرت دموع العين حمرا
ليل الهـموم دجـى فـمن لـي أن أُطالـع منك بدرا
لك مغـرم هـتك اشتياقـ ـك سـتره فـأذاع سـرّا
يا من لصب سـوف يقتله نـوى الأحـباب صـبرا
لله وصـلك مـا احـيلاه وهـجـرك مـا أمــرّا

يقول الشيخ السماوي في (الطليعة من شعراء الشيعة) : أخبرني عبد الحسين ابن القاسم الحلي ـ تقدمت ترجمته ـ قال رأيت ليلة في منامي كأني في مجلس يناح فيه على الحسين ، فقرأ محمد بن شريف النائح النجفي قصيدة همزية مضمومة حتى إذا وصل منها إلى قوله :

ادب الطف - الجزء التاسع119


والهف قلبي يا بن بنت محمد لك والعدا بك أدركوا ما شاؤا

كثر البكاء واصطفقت الأيدي وتكررت الاستعادات استحساناً لهذا البيت فانتبهت وأنا أبكي وأُردد البيت ، فما مرّ عليّ شهر إلا وسمعت النائح المذكور يقرأ هذه القصيدة في بيت المترجم له فسالته عنها فقال هي له سلمه الله تعالى ـ ومنها :
فلخـيلـها أجـسـامـكم ولنـبلها أكبادكـم ولـقضبها الأعـضاء
وعلى رؤس السـمر منكم أرؤس شمس الضحى لوجوهها حـرباء
يا بن الـنبي أقـول فـيك معزياً نفسي وعزّ على الـثكول عـزاء
ما غضّ من علياك سوء صنيعهم شرفاً وإن عظـم الـذي قد جاؤا
إن تـمس مغـبرّ الجـبين معفراً فـعـليك مـن نور الـنبي بهاء
أوَ تبق فوق الأرض غـير مغسّل فلك البسيـطان الـثرى والـماء
أو تغـتدي عارٍ فقـد صنعت لكم بـرد الـعلاء الخط لا صنعـاء
أو تقض ظمآن الفـؤاد فـمن دما أعداك سيـفـك والـرماح رواء
فلو أن أحمـد قد رآك على الثرى لفرشن منـه لجسمك الأحـشـاء
أو بالطفوف رأت ظماك سقتك من ماء الـمدامـع أمـك الـزهراء
يا ليـت لا عـذب الفـرات لواردٍ وقـلـوب أبنـاء الـنبي ظماء
كـم حـرة نهـب الـعدى أبياتها وتقـاسـمت أحشـاءها الارزاء
تـعدو وتـدعو بالحـماة ولم يكن بسـوى السياط لها يجاب دعـاء
هـتفـت تثيـر كفـيلـها وكفيلها قد أرمضته في الثرى الرمـضاء
يا كعبة البيت الحرام ومن سـمت بهـم عـلى هـام السما البطحاء
لله يـوم فـيـه قـد أمـسـيـتم أسـراء قـوم هـم لكـم طـلقاء
حملوا لكم في السبي كل مصـونة وسـروا بها فـي الأسر ان شاؤا
تنـعـى ليوث الـبأس من فتيانها وغـيوثـها إن عـمّت الـبأساء
تبكيهـم بـدم مَقـل بالمهجة الحرّا تـسـيل الـعبـرة الـحـمـراء
حـنّت ولكـن الـحنين بـكاً وقـد ناحـت ولـكن نـوحـها إيـماء


ادب الطف - الجزء التاسع120


الشيخ عبد الحسين الحيّاوي

المتوفى 1345

يـا كالـئي الـدين الحنيف والامن من خطر الظروف
ومجـلياً داجـي الـضلال بنـور رشد مـنه مـوفي
شـرف الابا ورثته أُسرتـ ـكم ، شريفاً عن شريف
أتـرى تـقـرّ على الهوان وأنـت مـن شمّ الأنـوف
وترى حقـوقـك في يدي قوم عـلى وثـن عكـوف
والـديـن كوكـب رشده الـدريّ آذن بالـخسـوف
فأنـر بطلـعتك الـمنيرة للـورى ظـلم الـسـدوف
وامـلأ بـصاعـقة الضبا وجـه الـبسيطة بالرجيف
واتـرك خـيول الله تعطـ ـف بالذميل على الوجيف
عـربـية تسـتن في العـ ـدوات كالريح العـصوف
بجحاجـح تـزن الـجبال الشمّ في الـيوم الـمخوف
وألحِـظ بـنيـك بـعطفة أو لست خير أبٍ عطـوف
وارأف بهـم عـجـلاً فقد وصفـوك بالـبرّ الرؤوف
فـإلامَ أكـبـاد الــورى لنـواك دامـية الـقروف
حـنّت الـيك حـنين ذي إلـف عـلى فقـد الأليف
أوَ ما علمت ـ وأنت أعلم ما جـرى يـوم الطفوف
حـيث الـحسـين دريـة للسمهـرية والـسـيـوف


ادب الطف - الجزء التاسع121


حـشـدت عـلـيه جحافل عـضـت بهـن لُهى الشنوف
فـسطا عـليهـم زاحـفـاً فـي كـل مـقـدام زحـوف
ومـدربـيـن لـدى الكفاح عـلى مــصادمـة الألـوف
يـمشي بـمعـترك النـزال إلـى الـردى مـشي الـنزيف
ويـخـال مهــزوز الـقنا يـوم الـوغى أعـطاف هيف
وقفـوا بـها فاسـتوقفـوا الأفـلاك فـي ذاك الـوقوف
خفوا وهم هـضـب الجبال لـنيـل دانـية الـقـطـوف
فـتـلفـعوا بنـجـيعهـم مـثل الـبدور لـدى الكسوف
وانـصاع فـرداً لـم يـجد عضداً سوى العضب الرهيف
فهناك صال عــلى الكتـ ـائب صـولة الليث المخيف
فـثنى مكـردسـها وثنّـى فـعـلـه يـوم الخـسيـف
حتى جـرى القدر المحـتم فاغـتدى غـرض الـحتوف
لهفـي عـليه وطـفـلـه بيـديه ما بـين الـصفـوف
قـد أرشـفـتـه دمـاؤه بسهـامـها بـدل الـرشيف
لـهـفـي عـليه مجـدلا لـو كـان يـجديـني لهيفي
مـن بـعـد خـفـرانـه أسرى عـلى عجف الحروف
وإذا اشتكت عـنف المسير تجـاب بالـضـرب العنيف
ربات خـدر ما عـرفـن سـوى المقاصر والسجـوف
تـدعـو وتهـتف بالحماة الـصيد كـالورق الهـتـوف
وتـكـاد منـهـن القلوب تـطـير من فـرط الرفـيف
* * *

الشيخ عبد الحسين بن قاعد الواسطي الحياوي ، نسبة إلى حي واسط ، ولد في قضاء الحي سنة 1295 هـ . وتوفي فيها في 24 رجب سنة 1345 هـ . ونقل إلى النجف ودفن في جوار المشهد الشريف .

ادب الطف - الجزء التاسع122


نشأ في النجف وطلب العلم بها ونظم الشعر فأجاد وله مؤلفات في العلم والتاريخ وديوان شعر ، فاضل أديب شاعر حسن الحديث مشهور بالتقوى والايمان . ترجم له الشيخ محمد حرز الدين في معارفه فقال : حضر الفقه والاصول على مدرسي النجف حتى نال رتبة عالية من العلم ولا زالت النوادي العلمية تجمعنا واياه في النجف وكان شاعراً بليغاً جيد النظم وقد رثا الحسين عليه السلام بقصائد عديدة وحضر عليه في الفقه والاصول والأدب جماعة منهم الشيخ حمزة ابن الشيخ مهدي ابن الشيخ أحمد قفطان النجفي المتوفى سنة 1342 ، وترجم له صاحب الحصون فقال : عالم فاضل سمت همته إلى كسب الفضائل فهاجر إلى النجف وعكف على الاشتغال بتحصيل الفقه والاصول وله إلمام بباقي العلوم ، وأديب أريب وشاعر بارع حسن المحاضرة حلو المذاكرة حسن السيرة صافي السريرة وله فينا بعض المدائح ، وترجم له الشيخ النقدي في الروض النضير .
ومن شعره الذي يرويه خطباء المنبر الحسيني قصيدته في الإمام موسى الكاظم عليه السلام .
جـانب الكرخ شأن أرضك شيّد قبر موسى بن جعفر بن محمد
بـثرى طـاول الـثـريا مقاماً دون أعـتابـه الـملائك سجد
ضمّ منه الضريح لاهوت قـدس ليـديـه تـلقـى المقادير مقود
من عليه تاج الزعامـة في الدين امتناناً بـه مـن الله يـعـقـد
قد تجلّى للخـلق في هـيكل النا سِ لـكـنـه بقـدس مجـرد
هـو معـنى وراء كـل المعاني صوّب الفكر في علاه وصعّـد
سابـع الـصفوة الـتي اختارها الله على الخلق أوصياء لأحـمد
هو غيث إن أقلعت سحب الغيث ، وغوث إن عزّ كهف ومقصد
كان للـمؤمـنين حـصناً منيعاً وعـلى الـكافرين سيفاً مجرّد
أخـرجـوه من الـمدينة قسراً كاظـماً مـطلـق الدموع مقيد


ادب الطف - الجزء التاسع123


حر قـلبي عـليه يقـضي سنينا وهو في السجن لا يزار ويقصد
مثل موسى يُرمى على الجسر ميتاً لـم يـشيعـه للـقـبور موحّد
حملـوه وللـحديـد بـرجـليـه دويٌ لـه الاهـاضـب تـنهد

وقال في رثاء الحسين عليه السلام :
خليلي هـل بعد الحمى مربع نظر يـذاع بـناديـه لأهـل الهـوى سـر
وهـل بعـد معناه تروق لناظري خمـائل يـذكوا من لطائمـها عـطـر
قد ابتزه صرف الـردى أي بهجة فأمـسى وناديـه لـطـير الـبلى وكر
رعـى الله عهـداً نوره متبسـم وحجـب الحـيا تبـكي وأدمـعها القطر
وقـفـنا بـه مثل القنى أسى وقد تساهـمن زاهـي ربعه الحجـج الغـبر
حلبنا به ضرع المدامع لـو صفا لأخـصب مـن أكـنافه الـماحل القفر
ونـندب أكـباداً لـنا بـربـوعه أطيـحت غـداة البين واغتالهـا الدهـر
تشاطـرها ربع المحصب والحمى ففي ربع ذا شطـر وفي سفح ذا شطـر
فـيا سعـد دع ذكـر الديار وانني لعهد الرسوم الدثـر لم يشجني الـذكـر
ولا هاج وجدي ذكر حزوى وبارق ولا أنهل مـني باللـوى مدمع غـمـر
ولـكن شجاني ذكر رزؤ ابن فاطم غـداة شفـى فـيـه ضغـائنـه الكفر
بأحقـاد بدر قد عدا من بني الشقا إلى حـربـه في الطـف ذو لجب محر
ضغائـن أخفـتها بـطي بـنودها فأظهـر ما يخفـيه في طـيها الـنشر
أتـته عـهـود منهـم ومـواثـق وقـد غدرت فـيه وشـيمتـهـا الغدر
أرادت بـه ضـرّاً وتعـلـم أنـه بطلـعته الغـراء يـسـتدفـع الـضر
وسامته ذلاً وهـو نسل ضـراغم لهـا الصدر في نادي الفـخار والـقبر
فقال لها يا نفس قري على الـردى فمـا عـز إلا معـشر للـردى قـروا
لنصر الهدى كأس الحمام لـه حلى عـلى أن كأس المـوت مطعـمه مـر
فقـام بـفتيان كـأن وجـوههـم بـدور دجـى لكـن هـالاتهـا الفخر
مساعير حرب تمـطر الهام صيباً إذا بـرقـت مـنها المهـنـدة الـبتـر
عـلى سابحات فـي بـحار مهالك لها البيض أمواج وفيض الـطلا غمـر


ادب الطف - الجزء التاسع124


محـجـلة غـر عـلى جـبهاتـها بأقـلام خرصان القنا كتب النصر
تجـول بحـلي اللجـم تـيهاً كأنها ذئاب غضى يمرحن أو ربرب عفر
غـرابـيـة مـبيضـة جبـهـاتها سـوى أنهـا يوم الكريهـة تحمر
وهـم فـوقها مثل الـجبال رواسخ بـيوم بـه الأبطـال هـمتها الفر
إذا ما بكت بـيض الضبا بـدم الطلا تـرى الكـل منهم باسم الثغر يفتر
تـهادى بمستن الـنـزال كـأنهـا نشاوى طـلا أضحى يرنحها السكر
تفـر كأسراب القطا منهـم العـدى كأن الفتى منهم بيوما الوغـى صقر
لنـيل المعـالي في الجنان تؤازروا فـراحـوا ولم يعلق بأبرادهم وزر
فماتوا كراماً بعد ما أحـيوا الهـدى ولم يدم في يوم الجلاد لهـم ظـهر
فجـرد فرد الدهر أبيض صارمـاً به أوجـه الأقـران بالرعب تصفر
فـيا لـيمـين قـد أقـلـت يمانيا إذا قـد وتـراً عـاد شفعاً به الوتر
وظـمآن لـم يـمنح من الماء غلة وقد نهلت في كفه البيض والسمـر
جـرى عـضبه حـتفاً كأن يمـينه بها المـوت بحـر والحسام له نهر
تـروح ثـبات في القـفـار إذا دنا له نـحو أجـياد العـدى نظر شزر
يكـر عـليهم كـرة اللـيث طاوياً على سغـب واللـيث شـيمته الكر
لأكبادهـا نـظـم بسـلك قـناتـه وللهـام في بـتار صارمـه نـثر
إذا ما دجـا لـيل الـعـجاج بـنير تـبلج مـن لـئلاء طـلعته فـجر
عجـبت لـه تظـمى حشاشته ومن نجيع الطلا فـي صدر صعدته بحر
ولو لـم يـكن حـكم المقادير نافذاً لعفـت ديار الـشرك قـتلته البكر
إلى أن هوى ملقى على حر وجـهه بمقفـرة في حـرها ينضج الصخر
هـوى عـلة الايجاد من فوق مهره فأدبـر ينـعاه بعـولـته الـمهـر
هـوى وهـو غـيث المعتفين فعاذر إذا عرضت يأساً عـن السفر السفر
فـلا الـصبر محمود بقتل ابن فاطم وليس لمن لم يجـر مدمعـه عـذر
بنفسي سخـياً خادعـته يـد القضا فجاد بنفـس عـن علاها كبا الفكر
يعـز عـلى الطهر البتول بأن ترى عـزيزاً لهـا ملقى واكفانـه العفر


ادب الطف - الجزء التاسع125


يعـز عـليها أن تـراه محـرماً عـليه فـرات المـاء وهـو لها مهر
يعـز عـلى الـمختار أن سليلـه يـرض بعـدو العـاديات لـه صدر
فـيا ناصر الدين الحنيف علمت إذ لجدك جد الخطب واعصوصب الأمر
لقد كسرت بالطـف حرب قناتكـم فـهلا نـرى منهـا الـقنا وبها كسر
فمالي أراك اليوم عن طلب العدى صـبرت وللـموتور لا يحمد الصبر
أتقعـد يا عـين الـوجـود توانياً وقـد نشبـت للبغي في مجدكـم ظفر
أتنسى يـتامى بالهـجير تراكضت وصاليـة الـرمضاء يغـلى لها قدر
وربات خدر بعـد ما انتهبوا الخبا بـرزن ولا خـدر يـوارى ولا ستر
وعـيبة عـلم قـيـدوه بحـلمه بأمـر طـليق دأبـه اللـهو والخـمر
سـرت تتهـاداها الـطـغام أذلة فيجـذبهـا مصـر ويقـذفهـا مصر
تجوب الموامي فوق عجـف أيانق ويـزجـرها بالـسوط إما ونت زجر
تحن فتشجى الصخر رجع حنينها ومـلأ حـشاها من لـواعجـها جمر
يعـز عـلى الـشهم الغيور بأنها تغـير منـها في الـسبا أوجـه غـر
يعـز عـلى الهادي الرسول بأنها قـد اسـتلبت منـها المقـانع والأزر
ومستصرخات بالحماة فلـم تجـد لها مصـرخـاً إلا فـتى شفه الأسر
نحـيفاً يقاسي ضـر قيـد وغلة ينادي بنـي فـهـر وأيـن لـه فهر
فيا غـيرة الإسلام هـبي لمعضل بـه الـملة البيضاء أدمـعها حـمر
أتغـدوا مقاصـير النبي حواسراً وآكـلة الأكـباد يحـجبـها قصـر

وله في رثاء مسلم بن عقيل عليه السلام :
لو لم يكن لك من ضباك قوادم ما حلقـت للعـز فـيك عزائم
العـز عـذب مطـعماً لـكنه حفـت جـناه لها ذم وصوارم
يبـني الـفتى بالذل دار معيشة والـذل للمجـد الـمؤثل هادم
مـن لم يعـود بالحفاظ وبالأبا لسعت حجاه من الصغار أراقم
ان شئت عزاً خذ بمنهـج مسلم مـن قـد نمته للمكارم هاشم
شهـم ابى إلا الحفـائظ شيمة فنحى العلا والمكرمات سلالم


السابق السابق الفهرس التالي التالي