ادب الطف - الجزء التاسع83


القطيف) ونعته بوحيد العصر وعلامة الزمن ، ولد سنة 1281 هـ . 15 جمادي الاولى في العوامية . وتوفي عشية ليلة الاثنين 13 محرم 1342 هـ . في البحرين ودفن مع الشيخ ميثم البحراني في صحن مسجده . نشأ في ظل أبيه أبي المكارم وورث منه السماحة والفصاحة والكمال والجلال وهاجر إلى النجف ودرس على أساتذة ، وهجرته كانت في سن مبكر وبقي في النجف 18 عاماً وعندما عاد كان ابن 32 سنة فاعتزت به القطيف وافتخرت وأقبلت عليه تغترف من علومه وتنهل من فيوضاته ، وعدّد صاحب الاعلام العوامية مؤلفاته في مختلف العلوم فذكر من مؤلفاته في الفقه 19 كتاباً وأربعة كتب في الاصول وثلاثة في البيان وأربعة في الاستدلال وكتابين في المنطق وسبعة كتب في أهل البيت عليهم السلام ودواوين شعره التي أسماها بـ (جرائد الأفكار) وآخر باسم (نهاية الادراك) على حسب حروف الهجاء إلى غير ذلك من مناظراهت ومحاججاته عن المبدأ والمذهب وخطبه ومواقفه الاصلاحية .
أقول وأورد نماذج من مناظراته وأتى على أقوال معاصريه في حق هذا العالم الجليل من شعر ونثر كما ذكر منظومة له في العقائد وجملة من القصائد جزاء الله خير جزاء العاملين ، وترجم له صديقنا المعاصر الشيخ علي المرهون في شعراء القطيف وذكر ما اختاره من شعره في رثاء الامام الحسين (ع) .

ادب الطف - الجزء التاسع84


سليمان آل نشرة

المتوفى 1342

الشيخ سليمان ابن الحاج أحمد بن عباس آل نشرة البحراني المتوفى 1342 هـ .
مشـوا وفـؤادي إثـر ظـعنهم مشى فلـم يـصح قلب بالغرام قد انتشى
ومازلت أخفى الشوق والوجد والجوى ولكن سقمي بالهـوى والجوى فشى
واكتـم شـيباً فـي فـؤادي شعـلته عن الناس لكن شيب فودي به وشى
وظـلت امـيم تستـطـيب ملامـتي واكـره مـنهـا لـومها والتحرشا
فـقلـت دعـي عـني الـملام فأنني على غير حب الآل جسمي ما نشى
فقالت على من سال دمعك في الثـرى فقلت على من في ثرى الطف عرشا
فقالـت وماذا بـعد ذلك قـد جـرى علـيه فـلا تـكتم وقل فيه ما تشا
فقـلت لهـا أخـشى عليك من الأسى فقالـت لـي أفصح ان قلبي تشوشا
فقـلت سأتلـو مـنه أفـجـع حادث عليك فشقي الجيب أو مـزقي الحشا
أتاهـا وفيها حـرب قـد حشدت له من الجيش ما سد الفلا والفضا حشا
وسامـته إما أن يـبايـع ضارعـاً أو الموت فاختار الردى دون ما تشا
وشـد عـليهم بعد صحب تصرعت له كـهـزبر شـد فـي غـنم وشا
وصال مكـراً طـعنـه ورد مهـلك سقى فـيه بالقاني من السمر عطشا
وأوردهـم مكـراً صولـة حـيدرية غشتهم بها في الصبح قارعـة العشا
ولا غـرو ان فـل الجـموع ولفـها بأمثالها أو طـال فـيهـا وابطـشا
فـفي كـل عضو منه جيش عرموم مـن البأس يقفو إثره حيث ما مشى


ادب الطف - الجزء التاسع85


وما زال يحـمي خـدر بنت محمد الى ان وهت منه القوى واشتكى العشا
فـكيف ولا يشكـو العشاء بعينـه ومن ظمـأ مـنه الـفـؤاد تحـمشـا
ورام بأن يـرتاح في أخـذ فاقـة له وأبـى فـيه القـضا غـير ما يشا
فـسددت الأعــدا بحـبة قـلـبه فـلا سـددت سهـماً مشـوماً مريشا
فخر به يهـوى إلى الأرض ساجداً كـبـدر كـسا قاني الـدما وجهه غشا
عجبت لشمر كيف شمـر ساعـداً لـذبـح الحسين السبط والله ما اختشى
فان ضحـكـت سن الـيه فأنـما لتبكي لـه عـين الـجوائـز والـرشا
وان سلبـت منـه الثـياب امـيـة فقـد الـبست ثـوباً مـن العار مدهشا
وان فتـشت مـا فـي خباه فأنـما بـه كـل وغـد عـن مـساويه فتشا
وان قتـلته وهـو لـم يطف غـلة بماء فـمن قـال لـها الأرض رششا
وان نصـبت فـوق السنان كريـمه لخـفـض فان الله يـرفـع مـن يشا
فيا بأبي أفدي عـلى الأرض جسمه ورأساً بـرمـح بالـبها الـعقل ادهشا
ويـا بأبي أفـدي نـساء ثـواكـلاً علـى فـقده في الـدمع أرسلت الحشا
كأن يـدهـا إذ كفكفت دمع عينـها دلاء وأهـداب الـجفـون لـها رشـا
كأن سيـاط الـمارقين وقد مشـت عـلى مـتنها كانـت أفـاعـيَ رقشا
مشين بها للشام عجـف وفي الـبكا عـليهـا لما قـد نالـها الركب أجهشا
فزعن لضوء الصبح وارتحن من حياً إلـى ساتـر يـحمى إذا الليل أغطشا
فأخرجـن من خـدر وداخلن مجلساً بـه الفسق والفـحشاء باضا وعشعشا
وظل يـزيد يقـرع الـرأس شامـتاً بها بقـضيب فـيـه للـنفس أنعـشا
وإن زجـرته بالـمواعـظ غـاضها وكيف يرى في الشمس من كان أعمشا


ادب الطف - الجزء التاسع86

أسماء القزويني

المتوفاة 1342

العلوية اسماء بنت العلامة السيد الميرزا صالح ابن العلامة الفقيه الحجة السيد مهدي القزويني ، قالت في رثاء جدها الحسين عليه السلام من قصيدة :
وإن قتيلا قد قضى حق دينه وزاحـم في شـماء همته نسرا
فذاك لعمري لا توفّيه أعيني وإن أصبحت للرزء باكية عبرى

اسمها الذي اشتهرت به (سومة) للتحبب ، وكان عمها أبو المعز السيد محمد المتوفى سنة 1335 هـ . يخاطبها بـ (اسماء) وعرفت بعدئذٍ بالحبابة تكريماً لمقامها .
ولدت في الحلة الفيحاء حدود سنة 1283 هـ . ونشأت في كنف والدها ، وكان للبيئة في نفسها أثر في بلوره ذهنيتها ، فالأجواء العلمية التي كانت تعيشها والمجالس الأدبية التي تعقد في مناسبات كانت تؤثر أثرها وتدفع بهذه الحرة للشعر والأدب فلا تفوتها النادرة الأدبية أو الشاردة المستملحة فهي تكتب هذه وتحفظ تلك وتتحدث بالكثير منها .
وقد اقترنت بابن عمها الميرزا موسى ابن الميرزا جعفر القزويني وأنجبت منه . وابنتها (ملوك(1)) وهي لم تزل في قيد الحياة ولا زالت تتحدث عن

(1) والعلوية ملوك اقترنت بابن خالها السيد باقر السيد هادي القزويني المتوفى سنة 1333 هـ . وهي أديبة فاضلة ، ووجه اجتماعي محبب لا زال مجلسها العامر في الحلة موثلاً للقاصدين على أنّ السن قد تقدم بها حفظها الله .
ادب الطف - الجزء التاسع87


امها وكيف كانت واسطة لحل النزاعات العائلية ، فكثيراً ما قصدت العوائل المتنافرة ولطّفت الجو وأماتت النزاع والخصام حتى ساد الوئام ، وتتحدث عن امها وملكتها الأدبية وتروى شعرها باللغتين : الفصحى والدارجة .
واشتهر عن اسماء أنها تميزت بشخصية قوية وباسلوب جميل في الحديث وكان مجلسها في الحلة عامراً بالمتأدبات وذوات المعرفة . أُصيبت بمرض لازمها شهوراً متعددة وتوفيت بعده سنة 1342 هـ . ونقلت بموكب كبير إلى النجف الأشرف لمقرها الأخير واقيمت الفاتحة على روحها الطاهرة صباح مساء وسارع الشعراء إلى رثائها وللتدليل على ما روينا نثبت نموذجاً من رسائلها الأدبية وهي كثيرة . كتبت على صديقة لها تعزيها بوفاة والدتها :
صبراً على نوب الزمان وإنما شيم الكرام الصبر عند المعضل
لا تجـزعي مما رزيت بفادح فالله عـوّدك الجـميل فأجـملي

خطب نازل ومصاب هائل ورزية ترعد منها المفاصل وتذرف منها الدموع الهوامل ، وينفطر منها الصخر ولا يحمد عندها الصبر ، ويشيب منها الوليد ولا يفتدى فيها بالطارف والتليد وعمّت كل قريب وبعيد ، ويشيب منها الوليد ولا يفتدى فيها بالطارف والتليد وعمّت كل قريب وبعيد ، غير ان الذي أطفى لهيبها وسكن وجيبها التسليم للقدر والقضاء ، وأنك الخلف عمن مضى ، فلم تفتقد مَن انت البقية ولم تذهب مَن فيك شمائلها والسجية ، فذكراها بك لم تزل مذكورة وكأنها حيةٌ غير مقبورة ، فلا طرقت بيتك الطوارق ولا حلت بساحة ربعك البوائق ، ودُمتِ برغم أنف كل حقود لا نرى فيك إلا ما يغيظ الحسود .
1 رجب المرجب 1322 هجرية
الداعية العلوية
اسماء


ادب الطف - الجزء التاسع88


الرسالة الثانية كتبتها إلى شقيقها السيد هادي لنجاته من حادثة رعناء سنة 1328 هـ . وكانت يومئذ في الحلة وهو في (الهندية) :
أ (هادي) دجى الظلما بنور جبينه وأحسا بـه يجـلوه ان أظلم الخطب
لقد أضرم الأعـداء نار حقودهم وما علموا في رشح جودك قد يخبو

غمام جود الواقدين إذا أمحل النادي وشمس صباح السارين وبدرها (الهادي) حفظك الرحمن من طوارق الأسواء بمحمد صلى الله عليه واله النجباء .
أما بعد فنحن بحمد الله المتعال وما زلنا في السرور ولا نزال ، سيما بورود حديث فرح من ذوي شرف قديم وخصوص مسرود من ذوي فضل عميم يشعر أن الله قد حياك بنعمته الوافية وخصّك بسلامته الكافية ونجاك من هذه الرائعة فيا لها من قارعة ، فحمدنا الله على ذلك وشكرناه على ما هنالك ، وإلا لتركت مقلة المجد عبرى ومهجة الفخر حَرّا ، وأحنيت على وجد منا الضلوع ومنعت من عيوننا طيب الهجود والهجوع فتمثلنا بقول من قال :
فُديت با (لمحصول) كي يغتدي أصـلك محفوظاً لآل الرسول

اقول وسبب كتابة هذه الرسالة كما روى الخطيب السيد محمد رضا في مؤلفه (الخبر والعيان في أحوال الأفاضل والأعيان) ص 64 في ترجمة السيد باقر ابن السيد هادي المذكور ما نصه :
ان السيد هادي دعاه بعض رؤساء العشائر إلى وليمة ليلاً ، فخرج على فرسة تحدق به جريدة من الخيل منهم ولده الباقر وجماعة من خاصته وخدمه وأخوه المرحوم السيد الحسن وكان الوقت صيفاً فانعقد المجلس في الفضاء بجنب (مضيف) من قصب فبينا الناس قد شغلوا بنصب الموائد واذا بصوت الرصاص يلعلع من فئة لها تراث منع صاحب المضيف ، ففزع القوم واضطربوا ، وكان

ادب الطف - الجزء التاسع89


على رأس السيد الهادي خادم واقف يقال له (محصول) فأصابته رصاصة سقط على أثرها جديلاً كما قتل ساقي الماء وأُصيب آخرون ثم ثار الحي ومَن كان مدعواً للوليمة فانهزم الغزاة راجعين ، أما السيد الهادي فقد ثبت بمكانه لم يتحرك ولم ينذعر ، وعندما رجع السيد إلى البلد سجد ولده الباقر شكراً لله على سلامة والده وكتب من فوره إلى عمَ أبيه في الفيحاء أبي المعز السيد محمد هذين البيتين :
بشراك في فاجعة أخطأت وما سوى جدك خطّاها
فـدت مقـادير إله الورى أبي ، ومحصول تلقّاها

فأجابه السيد يخاطب السيد الهادي :
فُديت بالمحصول كي يغتدي اصـلك محفـوظاً لآل الـرسول
والمـثل الـسائر بين الورى خير من المحصول حفظ الاصول
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع90


الشيخ محمد حسن سميسم

المتوفى 1343

يرثي مسلم بن عقيل وهاني بن عروة المرادي المذحجي رحمة الله عليهما :
لو كان غيرك يا بن عـروة مسلماً في مـصر كـوفان لأوى مسلما
آويـتـه وحـميـتـه وفـديـتـه في مهـجة أبـت الـحياة تكرما
إن لـم تـكن من آل عـدنان فقـد أدركت فخـر الخافقين وإن سما
قد فقـتَ مَن يحمي الضعائن شيمة حتى ربيعـة بـل أبـاه مكـدّما
ما بال بارقـة العـراق تقـاعست عن نصر من نال الفخار الأعظما
لم لا تـسربـلت الـدما كـأميرها كأمـيرهـا لم لا تـسربلت الدما
بايـعـتَ مـسلـم بيـعـة علوية أبداً فـلم تـنكث ولـن تـتندمـا
فلـذا عـيون بـني الـنبي تفجّرت لما أتـى الـنـاعي اليه علـيكما
بشراكـم طـلب ابـن فاطم ثاركم طلـب ابن فاطـم ثاركم بشراكما
خـرج الحسين مـن الحجاز بعزّةٍ رغـم الـعدا لا خائـفـاً متكتما
ونحا العـراق بـفتـيةٍ مضـرية كـل تـراه باسمـه مـترنـمـا
قـوم أكفهـم لـمـن فـوق الثرى كـرماً تـكلّفت الروى والمطعما
قـوم بـيوم نـزولهـم ونـزالهم لـم يكسبـوا غير المكارم مغنما
رام ابـن هـند أن يـسود معاشراً ضربوا عـلى هام السماك مخيما
هـبّت هـناك بـنو عـلي وامتطت مـن كـل مفـتول الذراع مطهّما


ادب الطف - الجزء التاسع91


وتضرمـت أسيـافـها بأكـفهـم فكأنهـا نار القـرى حـول الحمى
حـتى إذا اصطدم الكماة وحجّـبت شمس الضحى والافق أضحى مظلما
عبست وجوه الصيد مهما أبصروا الـعباس أقـبل ضاحـكاً مـتبسما
متقـدماً بالطـف يحـكي حـيدراً فـي ملـتقى صـفين حـين تقدّما
وكأنه بين الكتائـب عـمه الطيـ ـار قـد هـزّ اللـواء الأعـظـما
وتقاعـست عـنه الفوارس نكصاً فـغـدا مـؤخـرها هـناك مقـدما
بكـت الصبايا وهي تطلب شربـة تـروي بهـا والـفاطميات الـظما
مـنعـوه نهـر العـلقمـى وورده فسقـاهـم ورد الـمنية عـلقـمـا
حـتى إذا حـسمت يـداه بـصارم وأخـاه أسمعـه الـوداع مـسلـّما
فانقضّ سبط المصطفى لـوداعـه كـالصـقر إذ ينقضّ من افق السما
أهـوى عـليه لـيلثم الجسد الـذي لـم تـبقَ مـنه الـسمهريـة ملثما
ناداه يا عـضدي ويا درعـي الذي قـد كنـت فـيه في الملاحم معلما
فلأبكـيـنك بـالصـوارم والـقنا حتـى تـبيـد تـثلـّما تحـطـّما
* * *

اسرة آل سميسم ، اشتهرت بهذا اللقب لان جدها سميسم بن خميس بن نصار بن حافظ لهم الزعامة في بني لام بن براك بن مفرج بن سلطان بن نصير أمير بني لام حيث نزح من الشام حدودسنة 902 هـ . وأسس مشيخة بني لام في لواء العمارة ـ ميسان فأعقب حافظ وهو أعقب ولدين : نصار ونصر وفيهما زعامة بني لام .
وفي اسرة آل سميسم ـ اليوم ـ علماء وادباء وحقوقيين . وكان المترجم له علم الاسرة وعنوانها لما يتحلى به من فضل وأدب وسخاء مضافا إلى ديانته وزهادته وطيب سريرته وحسن سيرته يتحلى بإباء وشمم ويعتزّ بقوميته

ادب الطف - الجزء التاسع92


وعروبته لا عن عصبية فقد قال الامام زين العابدين علي بن الحسين السجاد عليه السلام : ليس من العصبية أن يحبّ الرجل قومه ولكن العصبية أن يرى شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين ، واليك قطعة من اعتزازه بنفسه وتمدحه بأهله وقومه :
قسـماً بـغارب سابحي وهو الذي في العدو لم يطأ الثرى بمناسم
جمحت فخفت الافق يصدع هامها فمسكت فاضل عزمها بعزائمي
لا ابتغـي خـلعاً بـشعري لا ولا صفراً دنانـيراً وبـيض دراهم
كلا ولا أخـشى تـهكـّم جـاهل أبـداً ولا أرجـووكالـة عالم
عيشي بحمـد الله طـاب ولم يكن عـيشي بـتدليس وردّ مـظالم

ومن شعره معرضاً بمن عرفوا بالمنسوبية والمحسوبية :
قالوا الأديب يمدّ الكف قلت لهم أنا الأديـب ولكن لا أمدّ يدا
كي لا أُصعّر خدي بعد عـزته إلى اناس يسمون الإله (خدا)

وقال :
أترك سبيل الشعر في نيل الغنى فالشعر في هذا الزمان هوان
علماؤنا فـرس وتـلك مـلوكنا تـرك وجـلّ سراتنا معدان

وديوانه المخطوط الذي رأيته عند ولده فضيلة الشيخ عمار ابن الشيخ محمد حسن ابن الشيخ هادي يجمع مختلف ألوان الشعر وأكثره في أهل البيت صلوات الله عليهم .
ولنستمع إلى لون من غزله :
منى النفس مـا بين العذيب وحاجر بحيث تهاب الأسد بطش الجأدر
أرى الشمس لا يمتاز ساطع نورها إذا سفـرت ما بين غيد سوافر
فمـسن غـصوناً وابتسمن كواكبا وأشـرقـن أقـماراً بليل غدائر


ادب الطف - الجزء التاسع93


مـررت عـلى الوادي فلما رأينني نفـرن كأمـثال الـظـباء النوافـر
وفـيها الـتي أرجو طروق خيالها كما يرتجي التأمين قلـب المخاطـر
حمت خدرها لا بالمواضي البواتـر ولكن حـمته بالـجفـون الـفواتـر
تقسمت مـن شوقي لها في رياضها لـعلّي الاقـيهـا بـسيماء زائــر
فـبالمنحني جسمي وبالجزع مهجتي وفي ذا الغضا قلبي وبالغور ناظري
وأقـذف نـفسي طالـباً رسم دارها وبي للـنوى ما بالـرسوم الدواثـر
علـى ظـهر مفتول الذراعين أتلـع حبـيك القرى قبّ الأضالع ضامـر
وغـرتـه في وجـهه وهـو أدهـم مقـالـة حـق في عـقـيدة كافـر
إذا مـا عـدا ليـلا يصـك بأنفـه نجـوم الـثريا والـثرى بالحوافـر
أطأطيء رأسي حين اركـب سرجه مخافـة تـعليق السهـى بمغافري
فلا أطـرق الحييـن حيـّي وحيّهـا فيعلـم تغليس لـها في الـدياجـر
وان هوّمت جـاراتهـا رحت غائراً ونجـم الـدياجي بـين باد وغائر
أُسيب انسياب الصل بـين خيـامهـا واسري مسير الـنوم بين المحاجر
ولما أحسّت بي اريعـت وحـوّلـت بناظرهـا نحـو الاسود الخـوادر
وقالـت أما هبـت الاسود التي غدت مخالبـها بيـض السيوف البـواتر
فقلت لها لا تـذعـري إننـي امـرؤ قصـارى مناي اللثم ، لستُ بفاجر
فما جمحـت إلا وأمسكـت شعـرها كذاك شكيم الخـدر فضل الـغدائر
فلما اطمأنـت لـي شكوت لها الهوى وفي بعض شكوى الحب نفثة ساحر
دنت وتدلّـت من فمـي وتبـسمـت وقالـت فخـذ مـني قـُبيلةَ زائـر
شرفت ثنـاياهـا فقـالت بعيـنـها (هنـيئاً مـريئاً غـير داء مخامر)
فضاجعتها والسيـف بيـنـي وبينها وسامـرتـها والرمح كان مسامري
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع94


ترجم له الشيخ النقدي في (الروض النضير) والشيخ محمد حرز الدين في (معارف الرجال) فقال : فاضلاً كاملاً لبيباً أديباً شاعراً ، له نوادر أدبية وشعرية جيدة ومراث في سيد الشهداء رثى بعض معاصريه وهنأهم ، ولد سنة 1279 هـ . كما ترجم له الخاقاني في شعراء الغري وذكر جملة من نثره ونظمه . وافاه الأجل في 25 جمادى الاولى سنة 1343 هـ . وكان لنعيه رنة أسف على عارفيه وأبّنه جماعة من الشعراء منهم الخطيب الشيخ محمد علي اليعقوبي بقصيدة عامرة كان مطلعها :
أيعرب قد فقدتِ أبا الجواد فلا للجود انتِ ولا الجياد

وللمترجم له قصيدة في الزهراء فاطمة بنت النبي صلى الله عليهما وسلّم جاء في اولها :
مَن مبلغ عني الزمان عتابا ومقرّعٌ مني له أبوابا

لا زلت أُرددها في المحافل الفاطمية . تغمده الله برحماته واسكنه فسيح جناته .
* * *


ادب الطف - الجزء التاسع95


السيد مهدي الطالقاني

المتوفى 1343

عجّ بي على تلك الربوع نـنشـق بـهـا نشر الربيع
قـف بي ولو لوث الأزا ر ، بـذلك الـكهـف المنيع
بتـلاعـها لـي أتـلـعُ لـم تـروه إلا دمـوعــي
يرعى ، ولا يرعى الذما مَ ، بـشيح قـلبي والضلوع
مـتنفـراً كـالـنـوم أو كالأمـن في قـلب المروع
كـم قـد نصبت له الجفو ن ، حـبائلاً عـند الهجوع
فـنجـا وما زُوّدتُ مـنه سوى الـتزفـّر والـصدوع
وبقيتُ من أسفي أعـضّ بـنـانَ إبـهـامٍ قـطـيـع
مَن لي بذاك الثغـر والـ ـخصر المخصّر من شفيع ؟
مـا بـتّ إلا بــات منـ ـه خيال شخص لي ضجيع
يـعـتادنـي لـيلاً فاغـ ـدو مـنه فـي ليـل اللسيع
نـشر الربيعُ على الربوع نـشراً لـه تـطوى ضلوعي
ومـن الـبلـية في الحمى داري وفـي نـجدٍ ولوعـي
يـا سعـد قـد حـدثتني عـن ذلك الـحسن الـبديـع
فـصغـى لـما حـدّثتـه لك مـسمعـي، لا بل جميعي
زدني فقـد زادت جـنـو ني من حديثك عن ربـوعـي
يا حـسرتـي وتـزفـري وخفـوق قـلبٍ لـي وجـيع


ادب الطف - الجزء التاسع96


أمسي وأصبح لم أجد هـماً سوى فيض الدموع
إن جفّ دمعي بعدهم رعفـت جفوني بالـنجيع
همّ الفؤاد بأن يطيـ ـر اليهم لو لا ضلـوعي
لهفي وما لهفي لغيـ ـر السبط ما بين الجموع
أمسى مروعاً بالطفو ف وكـان أمـناً للمروع
يسطو بأبيض صارمٍ كالشمس والبرق اللمـوع
أبـداً تراه فاريَ الأو داج صـادٍ للـنجــيـع
وبأسمرٍ كالصلّ يلـ ـوي نافث الـسـمّ النقيع
ريّان من مهج الـعدا ينـهـلّ كالـغيث المريع
فيخيـط أسمره وأبـ ـيضه يفصّل في الدروع
خـاض الحِمام بفتيةٍ كالأسد في سغـب وجوع
أن يدعـهم لـمسلمةٍ لبسوا القلوب على الدروع
طلعوا ثنيات الـحتـ ـوف وهم بدورفي الطلوع
خير الأصول أصولهم وفـروعهم خـير الفروع
حتى إذا ما صرّعـوا أرخى الـمدامع بالدمـوع
ضاق الفضاء بصدره والرحب لم يك بالـوسيع
فمشى إلى الموت الزؤا م مشَمـراً مشي الـسريع
فأتاه سهـمٌ في الحشا أحـناه إحناء الـركـوع
فكبا على وجه الثـرى أفـديه مـن كاب صريع
دامي الوريد معفر الـ ـخـدين خُضّب بالنجيع
ملقىً على وجهِ البسيـ ـطة وهو ذو المجد الرفيع
الله أكـبـر يـا لــه من حـادث جـلل فضيع
يلقى الحسينَ الشمرُ في ذيالك الـملقى الـشنيـع
ويحزّ منه الـرأس ينـ ـصبه على رمح رفيـع
كالبـدر في الظلماء أو كالشمس في وقت الطلوع


ادب الطف - الجزء التاسع97


رضّـت أضالعه الخيو ل فليتها رضّت ضلوعي
وسـرت نساه حُسّـراً تهدى إلى رجسٍ وضيع
من فوق جائلـة النُسو عِ شملـةً هـوجا شموع
أين النسوع وأين ربـ ـات الخدور من النسوع ؟؟
تسري الغداة بهن وهـ ـي ودائع الهادي الشفيع
هجمـوا عـليهن الخبا ء وكـان كالحرم المنيع
تُحمى ببيـض صوارم وبسـمر خطـّى شروع

السيد مهدي ابن السيد رضا ابن السيد أحمد الطالقاني النجفي ولد سنة 1265 هـ . وتوفي سنة 1343 هـ . بالنجف الأشرف ودفن بها . أديب مرموق وشاعر متفوق ، ترجم له الشيخ السماوي في الطليعة فقال : رأيته وسمعت أوصافه فكنت أرى منه الرجل الظريف العفيف فمن شعره قوله :
يـميناً قـدّن الرمح الـرديني ولحظك حد ماضي الشفرتينِ
هما جرحا حشاي بغير ذنـب وكـان كـلاهـما لي قاتلينِ
نايت فلم تـنم عــيناي ليلاً كأنـك كـنت نـوم المقلتين
فرفقـا بي وغلا صحت اني قتلت وأنت مخضوب اليدين
وهبتك مهـجتي حـتى إذا ما ملكت مطلتي وعـدي وديني
فحسبك أدمعي ونحول جسمي فقـد كـانا بـذلك شاهـدين
فصلنـي قـبل بينك أوفـعد فقـد حان السلام عليك حيني

وله رثائه عليه السلام :
قف بي ونح كيما نطا رح بالنياح حـمائمه
واستوقف الحادي به ننعى الطلول الطاسمه
نندب فتىً سفك الطغا ة بيوم عاشورا دمـه
وسبت حلائلـه على رغم العلى ومحارمـه
أصمت سهام ضلالها عـلمَ الـزمان وعالمه


ادب الطف - الجزء التاسع98


ذاك الـذي أحـيا الرشا د وشاد منه دعائـمه
سبط النبي المصطفـى وابن الزكية فاطمـه
ربّ المعالي الـغرّ من جبريل أضحى خادمه
فـأقـام أمـلاك السما فوق السمـاء مآتـمه
تلك المآتـم لـم تـزل حتى القيامـة قائمـه
وأظـلّت الـسبع الطـبا ق شجونه المتراكـمه
أضـحت رزيـّتـه لأر كان المكـارم هادمه
أوردت خوافي الروح في نيـرانها وقـوادمـه
يا ويـح دهـرٍ سلّ في أبناء فاطـم صارمه
كـم فـلّ منهم صارماً فـلّ الإله صوارمـه
كم فـلّ منهـم صارماً فلّ الإله صـوارمـه
وكم اجترى يـوم الطفو ف فما أجلّ جرائـمه
حسمت يـداه يـد العلى حسمت يداه الحاسـمه
جزرت جحاجحه الورى جزر المواشي السائمه
لـهفي لـفتيان قـضت حـول الشرائع حائمه
وسبت عقائل خيـر مَن وطأ الثرى وكرائـمه
فغدت بنات المصطفى الـ ـهادي النبي غـنائمه

وله في رثائه أيضاً :
كـم علـى سبـط النبي المصطفى جلبت ظـلماً يدا عدوانها
نصـرتـه عـصـبة نـالـت به شـرف العزّ على أقرانها
يوم أضحت لا ترى عوناً سوى الـ مرهفات البيض في أيمانها
وإذا مـا زحفـت يـوم الـوغى كأسود الغاب في مـيدانها
فـترى الـهامات مـن أسيافـها سجداً خـرّت على أذقانها
بـذلت أنـفسـها في نـصـره فلها الحسن على إحسانهـا
وارتقـت أطـواد مجـدٍ وحجىً وسمت فـخراً على كيوانها
لـيتني واسيتهم في الـطـف إذ أزمع الناس على خذلانهـا


السابق السابق الفهرس التالي التالي