أدب الطف الجزء السادس 231


فـأوغل يطوي الكون ليس بشاغل على مـا به من كف علياه اصبعـا
تجر مـن الرمح الطويل مزعزعاً ويمضي من السيف الصقيل مشعشعا
مطـلا علـى الأقدار لو شاء كفها فجـاءته تتـرى حسبما شاء طيعـا
فالقى ببـيداء الطفـوف مشمـراً إلى الـموت لن يخشى ولن يتروعـا
وقامت رجال للمنايا فـارخصـوا نفوسا زكت في المـجد غرسا ومنبعا
تفرع مـن عليا قريش فان سطت رأيت أخـا ابـن الغاب عنها تفرعا
بـدور زهـت أفعالهم كوجـوههم فسـرتك مـرأى اذ تـراها ومسمعا
أبوا جانب الـورد الذميم واشرعوا منـاهل اضحى الموت فيهن مشرعا
فاكسبهـا المجـد المـؤثل ابلـج غشى نـوره جنـح الدجى فتقشعـا
فتـنثر أوصال الكمـي سيـوفها وتنظـم بالرمـح الويـل المـدرعا
إلى أن ثووا صرعى الغداة كأنهم ندامـى سقوا كأساً من الراح مترعاً
واقبل ليث الغاب يحمي عرينـه ببأس مـن العضـب اليماني اقطعا
يكر فتلقى الخيل حيـن يروعهـا مضامين سرب خلفها الصقر زعزعا
يصـرف آحـاد الكتيبـة رأيـه فـلا ينتقـى إلا الكـمي المقنـعـا
بطعن يعيد الزوج بالضم واحـداً وضرب يعيـد الفـرد بالقطع أربعا
ولما رمت كف المقاديـر رميهـا وحان لشمـل الديـن أن يتصدعـا
بدى عن سراة السرج يهوي كأنما جبال شرورى من علاها هوت معا
وراح بـأعلى الرمح يزهو كريمه كبـدر الدجـى اذ تم عشراً وأربعا


أدب الطف الجزء السادس 232


وعاثت خيـول الظالمين فأبـرزت كـرائـم أعلى أن تهان وارفعـا
ثـواكل لـم يبق الزمان لها حمـى يكن ولـم يترك لها الدهر مفزعا
تـكاد إذا مـا اسبـلت عبـراتهـا تعيد الثرى من وابل الدمع مربعا
وكادت إذا مـا أشعـلت زفراتهـا بأنفاسها يغـدو لها الروض بلقعا
فما الفاقـدات الألـف شتت جمعها غـداة النوى أيدي العداة ووزعا
بـأوهى قـوى منها وأشجى مناحة وأضـرم احشـاءاً واضيع أدمعا
نـوائح مـن فـوق الركاب كأنهـا حمـام نأى عنـه الأليف فرجعا
سبـايا يلاحظـن الكفيـل مصفـداً وأطفالها في الأسر غرثى وجوعا
وأسرتهـا الحاملون للبيـض مطعما وأمـوالها في النهب للقوم مطمعا
إلى الله أشـكو معشـراً ضل سعيها فجـاؤوا بهـا شنعاء تحمل اشنعا
جـزى الله قـوماً قبلها مهـدوا لهم عن المصطفى شر الجزاء وافظعا
فـاقسم لـولا السابقـون ومـا أتوا بـه قبل هذا ما ادعاها من ادعى
ولا راح يـدعى فـي الانـام خليفة يزيـد فيعطي مـن يشاء ويمنعا
ولا راح يـوم الطف سبـط محمـد لدى القـوم مطلول الدماء مضيعا
وكانت بنو حـرب أذل وجـمعهـا أقل وما شمـت به العز أجدعـا
فقـامت علـى رغـم المعالي أمية بنقـض الذي قد أبرم الدين ولعا
خليلـى قـولا وانصفا واسألا الذي تبـرعها عـن أي وجـه تبرعا
بــأي بـلاء كان منـه أغصـه بمـر المنايـا مقدما فتجـرعـا
فباتت له ترعى الغـوائل لا تـرى له مضجعاً إلا تمنـته مصـرعا
وما ضربت في الفضل أيام شركها بسهم ولا قامـت مع القوم مجمعا


أدب الطف الجزء السادس 233


بني المصطفى يا خير من وطىء الحصى وأكرم من لبى وطاف ومن سعى
ويـا خيـر مـن أم المـروعات ركنـه فآمنهـا منا وراع الـمـروعـا
ويـا خيـر مـن امتـه غـرثى سواغباً فـاطعمها عـذب النوال فاشبعا
ويـا خيـر مـن جاءته ظمـىء نواهلا فاصـدرهـا ريا القلوب فانقعا
ويـا خيـر مـن يرجو المسيؤون عفوه فأولى به الصفح الجميل وأوسعا
سمـا رزؤكـم كـل الـرزايا كما سما على كـل مجـد مجدكم وترفعا
فـاحرزتـم الغايـات فـي كل حلبـة فقصر عن مسعاكم كل من سعى
سـوابق فـي الهيجـا سوابق في الندى سوابق ان صد الخصام المشيعا
مصابكـم أضنـى الفــؤاد من الأسى وازعـج عيني ان تنام فتهجعـا


أدب الطف الجزء السادس 234


الشيخ هادي النحوي
المتوفى 1235
هـذي الطفـوف فسلهـا عن أهاليها وسـح دمعـك في أعلى رواسيها
ومـدها بـدم الأجفـان إن نفـدت دمـوع عينيـك أو جفـت مآقيها
وقف علـى جدث السبط الشهيد وقل سقاك رائحها من بعـد غـاديهـا
فديت بالروح منـي أعظمـا سكنت ذيالك الرمس في نائـي مواميهـا
لهفي لناء عـن الأوطـان منتـزح عليـه سـدت مـن الدنيا نواحيها
لهفي لثاوً رمـت أيدي الخطوب به بأرض كرب البلا أقصى مراميها
ثوي قتيلاً بشـط الغـاضرية ظمآن الفؤاد فـلا سـاغـت مجـاريها
خلواً عن النصر يدعو لا مجيب له سوى حدود شفار من مـواضيها
من بعد ما تـركت بالرغـم نجدته كأنها في رباها مـن أضـاحيها
طوبى لهـا بذلـت للقتـل مهجتها وعندها إن ذاك القتـل يحييهـا
وآذنـت للفنـا فـي ذات سيـدها واستبدلت بجـوار عنـد باريها


أدب الطف الجزء السادس 335


ما ضـرهـا بـز أثـواب وأرديـة والله من حلل الـرضوان كـاسيها
آه لمـا حـل ذاك اليـوم مـن نوب ومن خطوب بنـو الهـادي تعانيها
هاتيك أبدانهـم صـرعـى مطـرحة تضيء من نورهـا السامي دياجيها
أفدي جسوما على الرمضاء قد كسيت أكفان ترب أكـف الـريـح تسديها
أفدي رؤوساً على الخرصان قد رفعت لم يثنهـا القتـل إن تتلـو مثانيهـا
فيالهـا وقعـة بألطـف مـا ذكـرت إلا وقـد بلغـت روحـى تراقيهـا
ويالـهـا قـرحـة لـم تندمل أبـداً بل كل يـوم يـد التذكار تـدميهـا
لله أنـجـم سـعـد خـر طـالعهـا لله أقمـار تـم غـاب هـاديـهـا
لله أطـواد حلـم هـد شـامخـهـا لله أبحـر علـم غـار جـاريهـا
لله أي شمــوس غـاب شـارقهـا فأظلمت بعدهـا الدنيا ومـا فيهـا
لهفي علـى فتيـات الطهـر فاطمة يهتفن بالسبـط والأصـدا تحاكيها
مسلبـات علـى الأنضـاء تنـدبـه ما أن عليها سـوى نـور يواريها
تقـول يا كافـل الأيتـام بعدك من أراء كـافـل أيـتـام وكـافيهـا
يـا أعبداً فتكـت جهـراً بسـادتها بئـس العبيـد الألى خانت مواليها
تلك الدمـاء الزواكي الطاهرات لقد بددتم بـربـى الآكـام جاريـهـا
أقعدتم المجـد فـي إزهـاق أنفسها وقد أقمتـم ليـوم الحشـر ناعيها
أوسعتم كبـد المختـار جـرح أسى وقـرحـة بحشـاه عـز آسيهـا
سجرتـم مهجـة الكـرار حيـدرة بقادح من زنـاد الـوجد واريهـا
أودعتـم قلب بنت المصطفى حزناً مشبوبة لا يبوخ الدهـر حاميـهـا
أورثتم الحسـن الـزكي لهيب لظى بين الجوانح كـف البيـن تـذكيها
حملتم كاهل الإسـلام عبء جوى تنهد من حمـل أدنـاه رواسيهـا
فقبة المجـد زعـزعتم جـوانبـها وقمـة الفخـر صوبتـم أعاليهـا


أدب الطف الجزء السادس 336


تباً لـرأي بني حـرب لقد تعسـت منهـا الجدود وقد ضلت مساعيها
أمـا رعـت ذمـم المختـار جدهم ألم يكن لطريق الـرشـد هاديهـا
لهفي لمولى قضى في سيف جورهم ظامي الحشاشة أفـدي قلب ظاميها
لم حللـوا قتلـه ظمـآن مـا علموا بأن والـده فـي الـحشـر ساقيها
أن المنـابـر لـولا سيـف والـده لم ترق يـوماً ولا شيـدت مراقيها
اليـوم ديـن الهـدى خرت دعائمه وملـة الحـق جدت فـي تداعيها
اليـوم ضل طريـق العـرف طالبه وسد باب الرجافي وجـه راجيهـا
اليـوم عـادت بنـو الآمـال متربة اليوم بان العفـا في وجـه عافيها
اليـوم شق عـليـه المجـد حلتـه اليوم جزت لـه العليـا نواصيهـا
اليـوم عقد المعالي أرفض جـوهره اليوم قـد أصبحـت عطلا معاليها
اليـوم أظلم نـادي العز من مضـر اليوم صرف الردى أرسى بواديها
اليـوم قامت بـه الـزهراء نـادبة اليـوم آسيـة وافـت تـواسيهـا
اليـوم عادت لـديـن الكفـر دولته اليوم نالـت بنـو هنـد أمانيهـا
مـا عذر أرجاس هند يوم مـوقفها والمصطفى خصمها والله قاضيها
مـا عذرها ودمـاء أبنـاءه جعلت خضاب أعيـادها في راح أيديها
يـا آل أحمد يا من محـض ودهم فرض على الخلق دانيها وقاصيها
يـا سادتي أنتم سفـن النجـا وبكم قد أنـزل الله (باسـم الله مجريها)
خـذوا إليكم أيا أزكى الـورى نسباً عذراء تمـرح دلا فـي قـوافيها
أمـت إلى ربعكم تسعى على عجل قد جاء طائعها يقتـاد عاصيهـا
هـادي بن احمد قد أهدى لكم مدحا إن الهـدايا علـى مقدار مهديها (1)


(1) عن البابليات.
أدب الطف الجزء السادس 237


الشيخ هادي النحوي



هو ثاني أنجال الشيخ أحمد المتقدم ذكره في الجزء السابق، كان يقيم في الحلة مع أبيه وأخيه الشيخ محمد رضا النحوي الشاعر المبدع، وبعد وفاة والدهما استوطنا النجف الأشرف على عهد آية الله السيد بحر العلوم وله مطارحات مرتجلة مع أبيه وأخيه أثبتها العالم الأديب السيد أحمد العطار البغدادي المتوفى سنة 1215 هـ في كتابه المخطوط «الرائق» وكان من الفضلاء المبرزين والشعراء المجيدين طويل النفس للغاية وشعره حلو الانسجام بديع النظام وبعد وفاة السيد بحر العلوم رجع إلى الحلة حتى توفي فيها عن شيخوخة صالحة ونقل إلى النجف على أثر مرض عضال ألزمه الفراش مدة طويلة وعاقة عن قرض الشعر عدا مقاطيع قالها في أهل البيت عليهم السلام يتضجر فيها مما يعانيه من الأوصاب والأسقام ويتوسل فيهم إلى الله تعالى بطلب الشفاء منها قوله في خطاب أمير المؤمنين عليه السلام.
مولاي يا سـر الحقـائق كم كشفت غطاءها
مولاي يا شمس المعارف كم أنـرت سناءها
مولاي يا بـاب العلـوم وأرضها وسماءها
يا قطب دائرة الوجـود فكم أدرت وحاءها
وبيوم خبير قد حملـت من الإله لـواءها
فكشفت عن وجه النبـي محمد غمـاءهـا


أدب الطف الجزء السادس 238


ولكم جلوت من الخطـ ـوب ـ وقد دجت ـ ظلماءها
للعبـد عنـدك حاجـة يـرجـو لـديـك قضـاءهـا
أودت بجسمـي علـة جـهـل الإســاءة دواءهــا
والنفس قـد تلفت أسى وأتـتـك تـشـكـو داءهــا
وافتـك راجيـة فحقق يـا رجــاي رجــاءهــا

وله مخاطباً الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليه السلام ومتوسلاً به:
أمولاي يا موسى بن جعفر ذا التقى ومن بابه الناس بـاب الحـوائـج
أتيتك أشكـو ضـر دهر أصابني وكدر من عيشي وسـد مناهجـي
وأخرجني عن عقر داري وجيرتي وما كنت لولا الضيق عنهم بخارج
وقد طفت فـي كل البلاد فلم أجد سواك لدائـي مـن طبيـب معالج
عسى عطفـة فيهـا يروج لعبدكم من الأمر مـا قـد كان ليس برائج

وكان متضلعاً في علمي الرواية والدراية والحديث حافظاً للسير والآثار حتى لقب بـ «المحدث»: رأيت له كلمة نثرية وقطعة شعرية يقرض فيها رسالة «تحريم التمتع بالفاطميات» للعالم الكبير السيد شبر بن محمد بن ثنوان الموسوي الحويزي ـ أحد أعلام القرن الثاني عشر ـ وعليها تقاريض جماعة آخرين من العلماء منهم والد المترجم الشيخ أحمد والشيخ خضر بن يحيى المالكي والشيخ علي بزي العاملي والسيد عبدالعزيز النجفي، أما أبيات المترجم التي يقرض فيها الرسالة فهي قوله بعد النثر:
هيهات أن يبلغ المثنـي عليه ولو أضحى له الخلق في نشر الثنا مددا
فيالـه عالمـاً بالشـرع ذا ورع للشرع والعلم أضحـى ساعدا ويدا


أدب الطف الجزء السادس 239


أن صـار قـرة عين العلم لا عجب من سيد قد غدا للمرتضى ولدا
لولاه أصبـح هـذا الحكـم مطرحا وجل أحكامنا لولاه صرن سدى
إن شمت أخلاقه الحسنى علمت بها هو الإمـام ولـكـن للإله (بدا)

وقد كتب تحتها بقلمه ما صورته ـ وكتب أقل الطلبه محمد هادي المحدث ولد الشيخ أحمد النحوي.
وهناك قصيدة على قافية الراء نظمها الشاعر في رثاء الإمام الحسين عليه السلام واشترك معه في النظم أبوه المرحوم الشيخ أحمد النحوي ومطلع هذه المرثية:
قفوا بالمطايا ساعة أيها السفر عسى النجح يدنينا ويسعفنا النصر

وقال في آخرها:
فيا ابـن رسـول الله وابن وصيه ومن نزلت في مدحه (الحج) و (الحجر)
أتتـك عروس الشعر تبكي حزينة وليـس لـهـا إلا قبـولـكـم مـهـر
بها الفوز يرجو يا ابن أحمد (أحمد) وأنـت (لهـاد) نـجـل أحمـدكم ذخر

ووجدت مننظمه في أهل البيت عليهم السلام قصيدتين لم أجدهما في كتب المراثي المطبوعة ولا في أكثر المجاميع المخطوطة وإنما نقلناها من «مجموعة المراثي الحسينية » بقلم ـ الوالد ـ ره ـ التي فرغ من نسخها عام 1302 وأثبتنا ما اخترناه منهما في كتابنا هذا حذراً عليهما من التلف والضياع

أدب الطف الجزء السادس 240


وإليك الاول منها في رثاء سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السلام انتهى عن البابليات.
وقال مقرضاً تخميس أخيه الأكبر الشيخ محمد رضا على البردة البوصيرية سنة 1200 وقد تقدم ذكره في ترجمته.
ذي زبـدة الشعر بل ذي نخبة الأدب أستغفـر الله مـن زور ومـن كذب
تقاصـر الشعـران يجـري لغايتهـا وهل يجاري جياد الخيـل ذو خبـب
قد أصبحت خير مدح في الزمان كما قد كان ممدوحها في الكون خير نبى
بدت وتيجـانهـا مـدح الحبيب كما بدت لنا ألراح فـي تاج من الحبـب
غادرت (قساً) غبيـاً فـي بلاغتـه وذاك أمر على الأفهـام غير غبـى
فيالراح سكرنا مـن شميـم شـذى عبيرها وهي في الأستار والحجـب
قـد سمطوا وأجادوا حسب ما بلغوا لكن في الخمر معنى ليس في العنب
فالبعـض كاد يوشى ثوب«بردتها» والبعض جاءوا عليـه بالـدم الكذب
ما أنشدت قط في سمع وفـي ملأ إلا وقامـت مقـام الـذكر والخطب
ولا تجلـت لـذى شك وذي ريب إلا وجلت ظلام الشـك والـريـب
ولابد في دجى الأنفـاس ساطعـة إلا وخلنا هبـوط البـدر والشهـب
ولا شدا قط في نـاد أخـو طرب إلا وقلنا بهـا يشـدو أخـو الطرب
لله معجـزة حـار الأنـام بـهـا كأنها حين تتلـى واحـد الكـتـب
أنى أكـاد أقـول الوحـي أنـزلها لو كان يبعث مـن بعـد النبي نبي
تبارك الله مـا فضـل بـمنتحـل تـبـارك الله ما وحـي بمكتسـب


أدب الطف الجزء السادس 241


قد شعشعت سائر الأكوان مذ جليت فقلت ينبـوع نور فار باللهـب
السمع في طرب والذوق في ضرب والجو في لهب والقوم في عجب
آيات نظمـك قـد سيـرتهـا مثلا كالشمس تطلـع في ناء ومقترب
أبعدت شوطك في مضمـار سبقهم ولم تدع للمجاري فيه من قصب
فصرت تمشي الهوينا إذ بلغت مدى قد أمعنوا فيـه بالتقريب والخبب
فلتسـم قـدراً وتـزدد رتبـة وعلا مع مالها من رفيع القدرو الرتب

وكتب عنه الأستاذ الخاقاني في (شعراء الحلة) وذكره صاحب (الحصون) ج 9 ص 157 فقال: كان فاضلاً أديباً، بارعاً وشاعراً، حسن الشعر مقله حلو الانسجام بديع النظام، سكن النجف مدة ثم عاد إلى الحلة حيث أقام أبوه وأخوه، وبعد وفاة أبيه استوطن النجف هو وأخوه.
أقول إلى هذا الشاعر خاصة ـ دون غيره من آل النحوي ـ تنتمي الأسرة المعروفة في النجف الأشرف بـ (آل الشاعر) . كانت وفاة الهادي النحوي سنة 1235 ـ على الأشهر.

أدب الطف الجزء السادس 242


الشيخ حمزة النحوي

القرن الثالث عشر

قفـوا بديـار فـاح مـن عرفها ند ديـار سعـود مـالاربابهـا ند
وإن أصحت قفراء مـن بعـد أهلها سلوا ربعها عن ريعها أيها الوفد
وخصوا سلام الصب عرب عريبها سـلام سليـم لا يفـارقـه الود
محـارب أعـداهم وسلـم محبهـم وباغض شانيهم وحر لهـم عبد
لنحوكـم النـحـوي (حمزة) قاصد فحاشا لديكم أن يخيب له قصـد
جفاني الكرى حتى أضر بي الجوى وقرح أجفـانـي لبعـدكم السهد
فمن وجـدهم فان وجودي وقد غدا ودادي لهم باق لـه خلـدي خلد
فطوبى لحـزوى والعقيـق ورامة ونجد لعمري للعليـل بهـا نجد
إذا فـاح طيـب مـن أطائب طيبة تأرج منه المندل الرطب والرند
هم شفعـائي والذيـن أدخـرتهـم ليوم به لا ينفـع المـال والولد
هم الـذاكـرون الله آنـاء ليلهـم نهارهـم صـوم وليلهـم سهد
هم العالمـون العالمـون بهم هدوا بواطنهم علم ظواهرهـم رشـد


أدب الطف الجزء السادس 243


منـار هـدى أبياتهم كعبة الورى ركوع سجود دون اعتباها الوفد
إلى أن عفت من بعدهم عرصاتها وأمست خلاء لا سعـاد ولا هند
سطت حادثات الدهر في كل نكبة على أهلها خير العبـاد إذ عدوا
أآل منـى نـال المنـى بولائكم عبيـدكم لا بـل لعبـدكم عبـد

ويصف شجاعة الحسين عليه السلام بقوله :
لقد شهـدت أفعـاله الطف والعدا كما شهـدت أفعـال والـده أحد
بكرب البلا في كربلا يشتكي الظما وليـس لـه إلا دمـا نحره ورد
فيالك مقتولاً أجـل الـورى أبـاً ويالك مظلوماً، له المصطفى جد


أدب الطف الجزء السادس 244


الشيخ حمزة النحوي



شاعر أديب وفاضل أريب، والظاهر أنه من بيت النحوي الحليين المشهورين وفيهم شعراء أدباء كثيرون ذكروا في مطاوي هذا الكتاب، له القصيدة الدالية في مدح الأئمة عليهم السلام نحو 120 بيتاً لم يتيسر لنا الإطلاع على أولها:
قفوا بديار فاح من عرفها ند ديار سعود مالاربابها ند

قال الشيخ اليعقوبي في البابليات: لم نقرأ من شعره في المجاميع سوى هذه القصيدة الدالية وهي طويلة وجدتها في مجموعة من مخطوطات أوائل القرن الثالث عشر فيها بعض القصائد والمقاطيع لكبير هذه الأسرة الشيخ أحمد النحوي، ولا أعلم ماذا يكون المترجم منه، وهل هو من أولاده أو أحفاده.
وجاء في شعراء الحلة للبحاثة الخاقاني:
الشيخ حمزة النحوي هو أحد أولئك الشعراء الذين شاءت الحوادث أن ينسى فقد جهلت كتب التراجم ذكره ولو لا العقيدة التي بعثت بكثير من المسجلين أن يدونوا ما قيل من الشعر في الإمام الحسين عليه السلام وآل البيت للدوافع القدسية التي فرضت عليهم أن يتبعوا ما قاله الشعراء لفاتنا أن نعرف اسمه أيضاً كما فاتنا أن نعرف من هو وما هي علاقته بآل النحوي فقد وجدت في أكثر من مجموع يرجع عهده إلى أكثر من قرن ونصف ذكر قصيدة له إلى جنب ما ذكر من شعراء الحلة ومن بينهم الشيخ أحمد وأبناءه محمد رضا وهادي وبمثل هذه القرائن وبما احتفظ به من لقب يجمعه بهم يتولد لدينا أنه من هذه الأسرة التي خدمت الأدب العربي في القرنين الثاني عشر والثالث عشر للهجرة ولو لا هذه القصيدة لبقي الشيخ حمزة نسياً منسياً، انتهى.

أدب الطف الجزء السادس 245


السيد باقر العطار

المتوفى 1235
إلى الله أشكو وقع دهيـاء معضل يشب لظى نيرانها بالضمـائر
يعـز علـى الإسـلام أن حمـاته تئن لهـم حزناً قلوب المنابـر
يعز على الدين الحنيفـي أن غدت معارفـه مطمـوسة بالمنـاكر
يعـز علـى الأشراف أن عميدها يغيب بعين الله عن كل نـاظر
يعـز علـى المختـار أن أميـة رمت ولده ظلماً بأدهى الفواقر
يعـز علـى الكـرار أن رجاله أبيدوا بأطراف القنا والبـواتر
عجبت لشمس كورت من بروجها وبدر علا قد غاب بين الحفائر
عجبت لذي الأفلاك لم لا تعطلت وغيب من آفاقها كـل زاهـر
ومن عجب أن يمنع السبط ورده وفيض يديه كالبحـور الزواخر


أدب الطف الجزء السادس 246


السيد باقر بن ابراهيم بن محمد الحسني البغدادي



توفي سنة 1235 ودفن في النجف الأشرف. في الطليعة ، كان فاضلا أديباً مشاركاً وكان ناثراً شاعراً، قدم النجف لطلب العلم وبقي بها مدة مدح علماءها كالشيخ موسى والشيخ علي ابني الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء. وروى له جملة من الشعر. وذكره صاحب (الروض النضير) فقال: كان من أهل العلم والأدب والفضل والتقوى، وكانت وفاته حدود 1240 وله شعر في أنواع شتى.
أما الصحيح في تاريخ وفاته فهو ما ذكره ولد الشاعر السيد حسن من أنه توفى سنة 1218 والناس أعرف بآبائهم من غيرهم. وترجم له البحاثة الخاقاني في (شعراء الغري) وذكر جملة من مراسلاته ومدائحه لعلماء عصره.
أقول ديوان المرحوم العلامة السيد باقر ابن السيد ابراهيم ابن السيد محمد الحسني الشهير بالعطار مخطوط بخط ولده السيد حسن المعروف بالأصم وقال في أوله:
ولد الوالد صاحب هذا الديوان السيد باقر يوم الأربعاء قبيل الظهر ثالث أو رابع شهر رمضان المبارك سنة 1177 وتوفي في يوم الخامس عشر من صفر سنة 1218.
وجاء في مقدمة الديوان: وبعد فيقول الفقير إلى الله الغني حسن بن باقر

السابق السابق الفهرس التالي التالي