أدب الطف الجزء السادس 247


ابن ابراهيم الحسني، أني جامع في هذه الأوراق ما رق من شعر الوالد المرحوم وراق، ليضوع ولا يضيع وينشر طيب رياه ويشيع، وأرجو من الله التوفيق فهو حسبي ونعم الرفيق.
فمن شعره يستنهض الإمام المهدي عليه السلام:
طلاب المعـالي بالـرقاق البـواتـر ونيل الأماني بالعتاق الضوامـر
وبالسـابغيـات المضاعـف نسجهـا وبالسمهريات اللـدان الشواجـر
تلـوى بأيـدى الشـوس لينـاً كأنهـا صلال الأفاعي منخـلال المغافر
وبالغـارة الشعواء فـي ليـل عثيـر ترى القوم فيها دارعاً مثل حاسر
وبالعزمـة الغـراء لمـع وميضهـا تبسم عن مـاض الغـرارين باتر
وبالفتحـة العضباء عن حـد نجـدة تجد بها الأعنـاق دون المناخـر
ورب جهـول قـد تعـرض للعلـى ولم يحض منهـا بالخيال المزاور
فقلـت لـه خفـض عليـك فإنهـا مطامح لم تـدرك سنـاء لناظـر
فما كـل من جـاب القفـار بجائب وما كل من خاض الغمار بظافـر
ولا كـل خفـاق البـروق بماطـر ولا كل زهر فـي الرياض بعاطر
ولم يبلـغ العليـاء إلا أخـو نهـى توطأ هامات الـرجال البحـاتـر
وليـس يليـق التـاج إلا لأصيـد تلفع في بـردي عـلا ومفـاخـر
ولا يرتقي الأعـواد أعـواد منبـر سوى صـادح بالحـق ناه وآمـر
وتلك العلى وقف على كل مـا جد تربى وليـداً فـي حجـور المفاخر
فطوبى لنفس تشهد الملك فـي يدي مليك وسيف الله في كـف شاهـر
وتبصر مولـى المؤمنيـن مـؤيداً بجند مـن الرحمن للديـن نـاصر
وتنظره في الدست من حول صحبه كبدر سمـاء فـي نجـوم زواهـر


أدب الطف الجزء السادس 248


يقيـم قنـاة الديـن بعـد التـوائهـا باسمـر خطـائـر وأبيـض باتر
ويملك تصريـف المقـاديـر كيفمـا يشاء ويجري حكمه فـي المقـادر
يشمـر أذيـال الخـلافـة ساحـبـاً علـى هامـة الجوزاء ذيل التفاخر
فقل بفتـى جبـريـل خـادم جــده وخادمه والخضـر خيـر مـوازر
هو الخلـف المنصـور والحجـة التي بها يهتدي من ضل سبـل البصائر
حسـام إذا مـا اهتــز يوم كريهـة تدين لـه طوعاً رقـاب الجبـابـر
إمـام إليــه الـدهـر فوض أمـره بأمـر إلـه خصـه بـالأوامــر
همام إذا مـا جـال فـي حومة الوغى فلم تلق إلا ضامـراً فـوق ضـامر
جــواد إذا مـا انـهـل وابـل كفه به غني العافـون عـن كـل ماطر
وجـوهـو قـدس لا يقاس بمثـلـه وشتان ما بيـن الحصـى والجواهر
له المعجزات الغر يـبهـرن للحجـى فاكرم بها من معجـزات بـواهـر
مكـارم فضـل لا تحـد لـواصـف وآيـات صـدق لا تعـد لحـاصر
من البيض يحمى البيض بالبيض والقنا ويـرمي العدا قسراً بإحـدى الفواقر
إذا انقض في قلـب الخميـس تنافرت جمـوعهـم مثـل النعـام النوافـر
وإن حل في أرض تضـوع نشـرها وأخصب من أطلالهـا كـل دائـر
ويـحي بـه الله العـبـاد جمـيعهـا فمـن رابـح فيـه هنـاك وخاسر
وبـأذن فـي نبـش القبـور ويصلح الأمور ويعلو ذكـرهـن في المنابر
بكل عفيف الذيـل من دنـس الخـنا وأبلـج ميمـون النقيبـة طـاهـر
وأصيد لا يعطـى الوغى فضل مقود ولو ملئـت بيـداؤهـا بالحـوافـر
وأمجـد مـن عليـا معـد نـجـاره إذا عـدت الأنسـاب يـوم التفاخر
يذبـون عـن غـر كـرام أطائـب غطـارفـة شـوس كمـاة مغاور
هنـاك تـرى نـور النبـوة ساطعاً منوطـاً بنـور للامـامـة زاهـر
هناك ترى التوفيق بالبشـر صادحـاً وتقـدمـه أم العلـى بـالتـباشـر


أدب الطف الجزء السادس 249


هناك نـرى ربع المسرة ممرعاً وروض الأماني بين زاه وزاهر
هناك نروى القلب من كل غاشم ونـأخذ ثار السبط من كل غادر
فسارع لهـا يا ابن النبي بوثبة فما طالـب ذحـلاً سواك بثائر
هلم بنـا واجبـر قلوباً كسيرة فليس لها إلاك يـا خيـر جابر
أيا ابن الميامين اللذين وجوههم توقد عن نور مـن الله زاهـر
فخذ من بنات الفكر مني غادة تفوق جمالاً كـل عـذراء باكر
بها (باقر) يبدى اعتذار مقصر بمدحكم يرجـو قبـول المعاذر
ومن يكـن القرآن جلاً بمدحه فأنى يوفي مدحه وصف شاعر
عليكم سـلام الله ما لاح بارق وجادت مرابيع السحاب المواطر (1)

وقال يرثي الحسين عليه السلام:
يا عيـن لا لا دكـار البان والعلم ولا علـى ذكـر جيران بذى سلم (2)
وقل من دمع عيني أن يفيض أسى أجل ولا كـان ممزوجاً بصوب دم
على أجل قتيل مـن بنـي مضر زاكي الأرومـة والأخـلاق والشيم
كيف السلو وروح الطهـر فاطمة ملقـى ثـلاثة أيـام علـى الاكـم
واحسرتا أيموت السبـط من ظمأ وجـده خيـر رسـل الله كلـهـم
وأمـه البضعـة الزهـراء ووالده خير القبائل من عرب ومـن عجم


(1) عن الديوان المخطوط بخط ولد الناظم وهو السيد حسن المعروف بالأصم ـ الموجود في مكتبة السيد عبدالعزيز الحيدري.
(2) هذه القصيدة وما بعدها عن (الرائق).
أدب الطف الجزء السادس 250


لم أنسه في عراص الطف منفرداً يقول يا قوم هـل راعيتـم ذممي؟
هل منكم ناصر يرجو الشفاعة في يوم المعاد غداً مـن شافع الأمـم؟
لم أنسـه وهو يسطو شبه قسورة والقوم منهـزم فـي إثـر منهزم
فخر عن مهره للأرض تحسب أن هوى غدات هوى عال مـن الأطم
ومر نحـو الخيـام المهـر يندبه والدمع يهمل مـن عينيـه كـالديم
فمذ رأته النسا أقبلـن فـي دهش كل تنوح ومنهـا القلـب فـي ألم
هاتيك حاسرة بيـن الطغـاة وذي تقول أين كفيلـي أيـن معتصمـي
تقول يا قـوم مـا أقسـى قلوبكم ماذا فعـلتـم وأنتـم آخـر الأمـم
غادرتم أسـرة الكـرار حيـدرة منهم أسـارى ومنهـم ضرجوا بدم
لهفي له وهو في الرمضاء منجدل والخيل تـوطئـه قسـراً بجـريهم
ورأسه فوق رأس الرمح مـرتفع يضـىء تحسبه نـوراً علـى علم
أين النبي وأيـن الطهـر فاطمة وأين أيـن علـي القـدر والهمـم
وأين أين أسـود الغاب من مضر ومن سمـو كـل ذى مجد بمجدهم
اليوم خابت ظنوني واعتدى زمني فـواعنائـي وواذلـي ووانـدمـي
ثم أنثنت تندب الهادي النبي وفي أحشـائهـا ضرم ناهيك من ضرم
يا جد إن ابنـك السجاد مضطهد بين الطغـاة يعـاني كربـة السقم
وقيدوه بأصفـاد الهـوان ولـم يراقبـوا فيـه مـن إل ولا ذمـم
أعظم بها نكبة دهياء قد عظمت على النبـي ورب البيت والحـرم
متى يقوم ولي الأمر مـن مضر فينجلـي بمحيـاه دجـى الغمـم
الحجة الخلف المهدي من ختـم الله الإمـامـة فيـه خيـر مختتم
هو الإمام الذي تـرجى حميتـه بكـل هـول مـن الأهوال مقتحم
ملك له عزمة فـي الروع ثابتة تغنيه عـن كل مصقول الشبا خذم
مولى سرى عدله في كل ناحية كما سرى البرق في داج من الظلم
متى نراه وقد حفـت به زمـر الأنصار من كل مغوارو كل كمي


أدب الطف الجزء السادس 251


ويملأ الأرض عـدلاً مثلمـا ملئت جوراً وذئـب الفلا يرعى مع الغنم
ويغتـدي كـل مـن والاه مبتهجاً في خفـض عيـش رغيد دائم النعم
يا ابن النبي ومـن قد راق مدحهم ورق حتــى حـلا تكـراره بفـم
ومن أتى مدحهم في هل أتى وسبا وجاء فضلـهـم فـي نون والقلـم
إليك من لج بحـر الفكـر جوهرة فريدة الحسـن قد جلـت عـن القيم
يرجو بهـا باقـر أن يضـام غداً وهل يضـام؟ ومن والاك لـم يضم
وكيف أخشـى معـاذ الله يوم غد سوء العـذاب وجـدي شافـع الأمم
أقل عثاري وخذ يـا سيدي بيدى عند الصـراط إذا زلت بـه قـدمي
قد أفلح المومنون المادحـون لكم واستوثقـوا بوثـاق غيـر منفصـم
صلى الإله عليكم ما سرت سحب وأومض البرق في الظلماء من إضم

وقال يرثي الحسين عليه السلام:
أطيلي النـوح معـولة اطيلي على رزء القتيل ابن القتيـل
وسحى الدمع باكيـة عليـه ولا تصغى إلى عذل العـذول
ونادي يا رسول الله يا مـن حبـاه الله بالفـضل الجزيـل
أتعلم أن رأس السبـط يهدى إلـى الأوغاد في رمح طويل
ويضحى جسمه بالطف ملقى تكفنه الصبـا نسـج الرمول
ويقرع ثغره الطـاغي يزيد ولا يخشى من الملـك الجليل
وزين العابديـن يقـاد فيهم برغـم منـه فـي قيد ثقيل
لعمري لا يحـق النـوح إلا لمقتول الأسنـة والنصـول
بنفسي ضامياً والمـاء طام وليـس لـه إليـه من سبيل
ينادي وهو في الهيجاء فرداً ألا هل ناصر لبنـي الرسول
أأقتل فيكم ظلمـاً وجـدي شفيع الخلق في اليوم المهول
أأقتل ضامياً وأبـي علـي بيوم الحشر ساقـي السلسبيل


أدب الطف الجزء السادس 252


فلمـا أن راى الأعـداء كـل كليـم القلـب يطلـب بالذحول
تصـدى للقتـال ومـر يسطو على الأبطال كالليـث الصؤول
فيـا لله كـم قـد فـل جمعاً بحد حسامـه العضـب الصقيل
إلى أن جاءه الأجـل المسمى فخر مجـدلاً تـحـت الخيـول
فأقبلـن الكرائـم حاسـرات نوادب للمـحامـي والكـفيـل
وزينـب بينهـن عليه تذرى عقيق الدمع فـي الخـد الأسيل
وتدعو أمهـا الزهراء شجواً ومنهـا القلب فـي داء دخيـل
ألا يا بضعة المختـار طـه من الأجـداث قومي واندبي لي
ونوحـي للغريـب المستظـ ـام البعيد النـازح الدار القتيل
يعز عليـك يـا أمـاه ما قد تطوقنا مـن الخطـب الجلـيل
ألا يـا أم كلـثـوم هلـمـي لقد نـادى المنـادي بـالرحيل
وجاءت فاطم الصغرى تنادي أبـاها وهي تعلـن بـالعـويل
أبي عز الكفيل فهـل ترى لي فديتك يا بن فاطم مـن كفيـل
أبي أحرقتنـي بجفـاك فامنن علـي بنظـرة تطفـي غليلـي
أبي إن ابنـك السجاد أضحى عليلاً لهـف نفسـي للعليــل
أيسلمني الزمان وأنت كهفـي وتألمني الخطوب وأنـت سولي
مصابك يابن فاطمة كسانـي ثياب الهـم والحـزن الطويـل
وخبطك هد أركـان المعـالي وثـل قواعـد المجـد الأثيـل
واذكى جمرة في قلـب طـه ومهجـة حيـدر وحشـا البتول
ألا يابن الأطائـب من قريش وخير الخلق مـن بعـد الرسول
ويا ابن الأكرمين ومـن بكته السمـوات العلـى بـدم همـول
إليك خريـدة حسنـاء رقت وراقت بهجـة لـذوي العقـول
تؤم حماك قاصـدة ومنهـا دموع العيـن كالغيـث الهطول
بها يرجو غدات الحشر منكم سليـلـك باقـر خيـر القبـول
وتنقـذه من النيـران فيهـا وتنـقلـه إلــى ظـل ظليـل


أدب الطف الجزء السادس 253


وخذ بيديه يوم الحشر وامنن عليه بشربة مـن سلسبيل
فليس لـه سواكـم من معين إذا ما جاء في حوب ثقيل
فلا زالت صلوة الله تتـرى عليكم بالغـدات وبالأصيل

وقال متوسلاً إلى الله بالنبي والأئمة الطاهرين:
يا رب بالهادي النبي المصطفى ووصيه المولى علي المـرتضى
وبفاطم سـت النسـاء ونجلها الحسن الزكي وبالحسين المجتبى
وسليله زيـن العبـاد وبـاقر وبجعفر والطهر موسى والرضا
ومحمد وعلي نجـل محمـد والعسكري وبالإمـام المـرتجى
الطف بعبدك وابن عبدك باقر وأنله في يوم الجـرايـر الجزا


أدب الطف الجزء السادس 254


الملا حسين جاويش

المتوفى 1237

ما للـديـار تـنكـرت أعلامهـا وعفت مرابعها وأمحـل عامهـا
صاح الغراب بشمل ساكنها ضحى فلـذا تبـدد شملهـا ولمـامهـا
سرعان ما ألقـى بكلكلـه الـردى عمداً عليهـا فانقضـت أيامهـا
عصفت أعاصير الريـاح بربعهـا فعفا وصـوح شيحهـا وخزامها
ظعنوا برغم المكـرمـات عشيـة والنفس إثر الركـب زاد هيامها
كم لي وقد زمـوا الـركائب خلفهم عبرات وجد لا تـجف سجامهـا
فذكرت مـذ بـانوا ركـائـب فتية ضربت على شاطى الفرات خيام
زحفـت عليهـا للطغـات كتـائب أمويـة مـلأ الفضـا إرزامهـا
فتكـت بهـا أرجـاس حرب فانثنى بيد الذئاب فـريسـة ضرغامها
قتلت على ظمـأ وكـوثـر جـدها منه الأنـام غـداً يبـل أوامهـا
لله أدمـيـة بـشهــر مـحـرم لرضى ابن هنـد يستحل حرامها
فرؤوسها من فوق خـرصـان القنا وعلى الصعيد رمية أجسـامهـا
من مبلغـن سـراة هـاشـم إنـه قد جذ غاربها وجـب سنـامهـا
وأفاه منهـم سهـم بغـي صائـب إن المنايـا لا تطيـش سهـامها
فهوى الجـواد عـن الجـواد كأنما مـن قنة العلياء خـر دعامهـا
كالطود يعلوه الـرغـام ولـم أخل يعلـو على الشم الرعان رغامها
يا ذروة الشرف انهضـوا فسراتكم ذبحت بسيـف الظـالمين كرامها


أدب الطف الجزء السادس 255


خضـب الدمـاء جبـاها ولطالما لله طـال سجـودها وقيـامهـا
يـايوم عاشوراء كم لك في الحشا قبسـات وجـد لا يبوخ ضرامها
كم فيك من ابنـاء احـمـد فتيـة شم الانوف كبـابهـا اقـدامهـا
ياصاحبي قف بالطفـوف مخاطبا اين الالـى بانـو وايـن مقامها
الله اكـبـر اي غـاشـيـة بهـا دار النبـوة دكدكـت اعـلامها
الله اكبـر اي جـلـى فـتــت احشاء خير الـرسل وهو ختامها
عجباً لهذ الخلـق لا يبـكي دمـاً عوض المدامع كلها وغـلامهـا
لفتـى بكـاه محـمـد ووصيـه الهادي أمير المؤمنيـن امامهـا
كل الرزيا دون وقعـة كـربـلا تنسى وان عظمت تهون عظامها
والله ما قتل الحسيـن سوى الألى ضلـت عن النهج القويم طغامها
نكثت عهود المصطفى حسداً لمن سجدت مخافة بأسـه أصنـامها
قد أججـوهـا فـي (....) فتنة في الال يوم الطف شب ضرامها
كتبوا صحيفتهـم والـوا أنهـا حتى القيامـة لا يفـض ختامها
فتـداولتهـا بعـدهـم أبنـاؤها فتضاعفت لمـا جنـت اثامهـا
قدمت على حرب الحسين ببغيها وتسابقـت لقتـالـه أقـدامهـا
نقضـت عهـود نبيهـا في اله فلبئس مـا قـد أخلفتـه لئـامها
يا سادة جلت مناقـب فضـلهـا من أن تحيـط بوصفها أوهامها
أتهاب نفس حسين أو تخشى غداً ظيما وأنتـم في المعاد عصامها
يمضي الزمان وحزنها بمصابكم باق الى أن تنقضـي أيـامهـا
واليكـمـوهـا غـادة حـليـةُ قد طاب فيكم بدؤهـا وختامهـا


أدب الطف الجزء السادس 256


الملا حسين جاويش



الحسين بن ابراهيم بن داود. من أسرة تعرف قديماً بآل «جاوش» وقد وجدت شهادات موقعة بخطوط جماعة منهم في وثيقة رسمية مصدقة من نائب الحلة «القاضي» سنة 1101 هـ «إحدى ومائةوألف» وهي تخص بعض أوقاف السادة الأقدمين من «آل كمال الدين» ومن الشهود فيها عثمان بن مصطفى جاوش ـ جد المترجم ـ ويوجد حتى اليوم شارع قديم في إحدى محلات الحلة الشمالية يدعى بـ «الجاووشية» بالقرب من مرقد أبي الفضائل بن طاوس نسبة إلى الأسرة المذكورة التي نبغ منها شاعرنا المترجم ويعرف في المجاميع القديمة بالملا حسين جاوش. مولده ونشأته ومسكنه ووفاته في الحلة ولم يتحقق لدينا تاريخ ولادته لنعرف مدة عمره سوى أن وفاته كانت سنة 1237 هـ ولم يكن ممن يجتدي بأشعاره أو يساوم ببنات أفكاره وإنما كان يمتهن بعض الحرف التي يعتاش منها وهو معدود في شعراء أواخر القرن الثاني عشر وأوائل الثالث عشر تبودلت بينه وبين أدباء عصره مراسلات ومساجلات ونظم كثيراً من القصائد في جملة من الحوادث التي وقعت بين أهل الحلة والعشائر والحكومة يومئذ كما جاء في تاريخ الحلة بهذا القرن وشعره جزل الألفاظ عذب الأسلوب مكثر فيه من رثاء آل الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» رأيت له قصيدة في رثاء الحسين عليه السلام في كتاب (المجالس والمراثي) للفاضل الأديب الشيخ أحمد بن الحسن قفطان النجفي سنة 1285 ومن خطه نقلتها من الفصل الثالث من الكتاب المذكور:
وله من قصيدة في الرثاء:
هاج أحزان مهجتي وشجاها خطب من جل في الآنام عزاها
* * *


أدب الطف الجزء السادس 257


هل يـولي أمـر الخلافة إلا من بنى أصلها وشاد علاها
سيد الأوصياء في كل عصر تاجها عقدها منـار هداهـا
من رقى منكب النبي وصلى معه في السماء يـوم رقاها
ذاك مولـى بسيفـه وهـداه آية الشرل والضلال محاها

وله في رثاء السيد سليمان الكبير المتقدم ذكره والمتوفى سنة 1211 هـ .
الا خليـانـي يا خليلـي مـن نجـد وتذكار سعـدى في حمى بانة السعد
فما هاج وجدي ذكر حزوى وحـاجر ولا رامـة فيهـا مرامي ولا قصدي
ولا تعذلاني إن قضيت مـن الأسـى وخدد دمع العين فـي سكبه خـدي
فما أنا من يصغي إلى الـعـذل سمعه واني في شغل عن العذل بالـوجـد
سلا ظاهر الأنفاس عن بـاطن الأسى فإن الذي أخفيـه أضعاف ما أبدي (1)
أفي كل يوم لـي حبيــب مفـارق إلى القبر أضعان المنايـا بـه تخدي
لقد ذهب العيـش الـرغـيـد بذاهب هوى في الثرى لما رقى ذروة المجد
وعطل أحكام (الشـرايع) فقـد مـن هو المقتدى في الحل منها وفي العقد
ومن سبل (الارشاد) ضاقت (مسالك) الرشاد وكانت قبـل واضحة النجـد (2)
فلهفـي عليـه ثـم لهفـي لـو أنـه يفيد الفتى طـول التلهـف أو يجـدي
ولـو رد ميـت بـالبـكـاء لـرده بكائـي وأنـى يسمـح البيـن بالرد
أصاب الردى عمداً (سليمان) عصرنا أخا النسب الوضاح والحسـب العـد (3)
على الحلة الفيحـاء مـن بعـده العفا فقد غاب عن آفـاقهـا قمـر السعد
وكان لهـا كفـاً تـكـف بـه الأذى وقد جذه صرف الحمام مـن الـزند
يحامي عن الديـن القـويم بمـرهف اللسان كما تحمى العـرينـة بـالأسد


(1) البيت مطلع قصيدة للشريف الرضي وأخذه المترجم بتصرف.
(2) النجد: الطريق المرتفع ومنه قوله تعالى (وهديناه النجدين).
(3) العد بالكسر: القديم.
أدب الطف الجزء السادس 258


فيا بدر تـم غالـه الخسف بعدما هدى في الدجى المسترشدين إلى الرشد
وشمساً تغشاهـا الكسوف وطالما جلت ظلمات الشـك في القرب والبعد
بكيتك للود القديـم وكـم بكـى عليك من الناس امـرؤ غيـر ذي ود
وقد حال مني كل شـيء عهدته فلم يبق محفوظاً عليـك سـوى عهدي
فهذي جفوني من دموعي في حياً وقلبـي مـن ـر الكآبـة فـي وقـد


وهي طويلة. وفي آخرها يؤرخ عام وفاته بقوله:
وصدر جنان الخلد وافى مؤرخاً سليمان طب نفساً فمأواك بالخلد

وفي قوله وصدر جنان الخلد إشارة إلى «الجيم» لأن عجز البيت وفيه مادة التاريخ ينقص ثلاثة وفي الجيم يتم العدد «1211» وكان سريع البداهة حاضر النكتة. نزل هو والشيخ صالح التميمي الشهير ضيفين على رجل من بني «لام» بين واسط والبصرة فلم يكرم مثواهما وزاحمها من شدة جشعة على الزاد الذي قدمه إليهما في صحن صغير فنظما هذه القطعة المشتركة والصدور منها للتميمي والاعجاز لصاحب الترجمة.
رأينا من عجيب الدهر صحناً صغير الحجـم بين يدي لئيم
كأن حنو صـاحبـه عـليه (حنو المرضعات على الفطيم) (1)
تدافـع دونـه كلتا يـديـه مدافعة الغيـور عـن الحريم
يـود بـأن عينـاً لا تـراه فيحجبه بـكهـف أو رقـيـم
فلو بالخلـد قابلــه اكيـل لفر به إلـى أصـل الجحيـم
ذميم الخلق والأخـلاق أمسى يزاحمنا علـى العيـش الذميم
لعكس الحظ عاشـرنا أناساً بطرق اللـؤم اهـدى من تميم


(1) هو لأبي نصر أحمد السليكي المنازي من أبيات مشهورة وقد تضمن شاعرنا عجز البيت.
أدب الطف الجزء السادس 259


فغضب التميمي من تعريضه في البيت الأخير وأمسك عن النظم فاعتذر المترجم بأن القافية عرضت له في الطريق.
«ايضاح» أن المترجم له غير ملا حسين ـ بالتصغير والتشديد ـ الحلي الذي كان شعره مقصوراً على اللغة العامية صاحب القصائد الزجلية من «الميمر» وغيره في مدح وادي بن شفلح «رئيس زبيد» المتوفى سنة 1271 وبينه وبين الشيخ عبدالحسين محي الدين صاحب (ذرب بن مغامس) رئيس خزاعة مطارحات في اللغة نفسها وله نوادر وحكايات مضحكة مع العلامة السيد مهدي القزويني المتوفي سنة 1300 ومع الشيخ جعفر الصغير حفيد كاشف الغطاء المتوفى سنة 1290 كما في «العقبات العنبرية» وكل هؤلاء متأخرون عن عصر شاعرنا (ابن جاوش) ولكن سيدنا الأمين ـ في الـ ج 26 من الاعيان ذكر أن وفاة الملا حسين الشاعر العامي سنة 1212 وهذا التاريخ أيضاً متقدم على عصر هؤلاء بكثير والصواب أن وفاته في اخريات القرن الثالث عشر ويحتمل أن ولادته كانت في التاريخ الذي ذكر في الأعيان. انتهى عن (البابليات) .

أدب الطف الجزء السادس 260


الشيخ محمد رضا الازري

المتوفى 1240
خـذ بالبكـاء فمـا دمع بمذخور من بعد نازلة في عشر عاشور
يوم تنـقبـت الدنيـا بغـاشيـة من المصاب لفقد العالم النوري
واردف المـلأ الأعلـى براجفة أللعـوالـم آنـت نفخة الصور
يوم سرى ابن رسول الله يجلبها قب البطون تهادى في المضامير
ترغو عليها فحول من بني مضر معودون علـى حـز المنـاحير
من كل مزدلف للروع يصحبـه أنف حمى وجاش غير مذعـور
حيث السلاهب تنزو في شكائمها نزو الثعابن في مشبـوبـة القور
واصيد مطمئن الجأش لو جأشت في الروع وعوعة الأسد المغاوير
وللجبال الرواسي فـي دكـادكها مور بدكدكة الجـرد المحـاضير
فلو تراها وقد شالـت نعـامتهـا والقوم ما بيـن مطعون ومنحـور
لما رأيـت سـوى معزى يبددها زئير ذي لبـدة دامـي الأظافيـر
حتى إذ حـم أمـر الله وانتزعت مراشة سددت مـن كـف مقدور
وافاة شمـر فألفـاه علـى رمق فكان ما كان من إنفـاذ مسطـور
وشال رأس رئيس المسلمين على أصم مـطـرد الكعبين مطـرود


السابق السابق الفهرس التالي التالي