أدب الطف الجزء السادس 155


وقال مؤرخاً ولادة الشيخ حسن صاحب (انوار الفقاهة) أصغر انجال الشيخ الأكبر كاشف الغطاء من أبيات:
أهلاً بمولود له التاريخ ـ قد أنبته الله نباتاً (حسناً) ـ
1201هـ

وله يؤرخ ولادة العلامة السيد رضا سليل آية الله بحر العلوم:
بشرى فان الرضا بن المرتضى ولدا وانجز الله للاسـلام مـا وعـدا
حبا بـه الله مهـدي الـزمان فيـا له هدى متبعاً مـن ربـه بهـدى
قد طاب أصلا وميـلاداً وتـربيـة لذاك أرخت (قد طاب الرضا ولدا)
1189 هـ

وقوله في آخر قصيدته التي رثى فيه السيد سليمان الكبير يؤرخ عام وفاته
وتسعة آل الله وافوا وأرخوا سليمان أمسى في الجنان مخلداً
1211 هـ
ولا يخفى حسن التورية فيه فان مادة التاريخ تنقص في العدد (تسعة) فاكملها بتلك الجملة الظريفة مشيراً إلى عدد أسماء الأئمة من ذرية الحسين عليه السلام الذين ذكرهم ابن العرندس بقوله:
وذرية درية منه تسعة أئمة حق لا ثمان ولا عشر

وله يهني استاذه الفقيه الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء في قدومه من الحج ويؤرخ ذلك العام 1199

أدب الطف الجزء السادس 156


قد الحجيـج فمـرحباً بقـدومه لقدوم من شرع الهدى بعاومه
هو جعفر من كان أحيا مـذ نشا مندين جعفر عـافيات رسومه
حث الرواسم للحجاز ولـم تزل مشتاقة لوجيـفـه ورسيـمـه
كالغيث كـل تنـوفـة ظمـآنة لغزير وابل ودقـة وعميــه
وسعى لحج البيت وهو الحج في تحليله المعهود أو تحـريمـه
وبمـروتيـه وركنـه ومقـامه وبججره وحجـونـه وحطيمه
رفعت قواعد حجر اسمـاعيلـه فيـه وقـام مقـام ابـراهيمه
وبه الصفا لقي الصفا فتأرجـت ارجاء مكـة مـن أريج نسيمه
وغدت ينـابـع زمـزم وكأنما مزجت لطيب الطعم من تسنيمه
اهدى السلام إلى النبي وما درى ان النبـي بـداه فـي تسليمـه
طبعت خلائقه علـى محمودها والطبع ليس حميـده كـذميمـه
فيقتنع ذو اللـب فـي تبجيلـه بمديح خالقـه وفـي تعظـيمه
ليس المديح يشيد فـي تشريفه شرفاً وليس يزيد في تكـريـمه
وان أدعـى أحـد بلـوغ ثنائه بنثيـر در صـاغـه ونظيمـه
فأنا الـذي سلمت أني عـاجز ونجاة نفس المرء فـي تسليمـه
لكـن عـام قدومـه أرختـه قدم السخا والمجـد عنـد قدومه

وكان مولعاً في التخميس والتشطير مبدعاً في كل النوعين غاية الابداع وقد ذكر تخاميسه شيخنا الجليل في الـ ج 4 من الذريعة كتخميس العرفانية الميمية لعمر بن الفارض في بيان راح العشق وخمر المحبة وهو مطبوع مع تخميس البردة و (بانت سعاد) في ـ الاستانة ـ وقد نقلت تخميس البردة مع مقدمة المخمس قبل نيف وثلاثين سنة عن مجموعة معاصره السيد جواد بن السيد محمد زيني

أدب الطف الجزء السادس 157


الحائري وقد فرغ النحوي من نظمه في الـ 24 من رجب سنة 1200 واليك شاهداً منه:
مـالي أراك حليف الوجد والألم أودي بجسمك ما أودي من السقم
ذا مدمـع كالدم المنهل منسجـم أمـن تذكـر جيران بذي سلـم
مزجت دمعـاً جرى من مقلـة بدم
أصبحت ذا حسرة في القلب دائمة ومهجـة أثرهم في البيد هائمة
شجـاك في الدوح تغريد لحائمـة أم هبت الريح من تلقاء كاظمة
وأومض البرق في الظلماء من أضم

وقد قرض تخميسه هذا جماعة من العلماء والأدباء منهم استاذه السيد صادق الفحام بقصيدة يقول فيها:
قرنت إلى عذراء بوصير كفوها فكان كما شاءت قران سعود
و لما أتت تشكو العطول رددتها بأحسن حلي زان أحسن جيد

وقرضه بأخرى ويقول فيها:
رويـدك هـل أبقيت قولاً لقائل وحسبك هل غادرت سحراً (لبابل)
وجاريت في تسميط أفضل مدحة لأفضل ممـدوح لأفضـل قائـل
فوارس راموا أن ينالوا فقصروا (وأيـن الثـريـا من يد المتناول)

وممن قرضه السيد ابراهيم العطار بقصيدة مطلعها:
فرائد در ليس تحصى عجائبه وقد بهرت عنا العقول غرائبه


أدب الطف الجزء السادس 158


وقرضه الشيخ علي بن زين الدين بقصيدة منها:
نسجـت للبـردة الغراء بردة تمسيط غدا وشيهاً وشـي الطواويس
فكنت آصف ذاك الصرح حيث حكى منه لنا كل بيت عرش بلقيس

وقرضه الشيخ محمد علي الأعسم مشيراً إلى أن التخميس كان بإيعاز من السيد بحر العلوم بقصيدة منها:
فرائد للأديب ابـن الأديـب نجـوم مـا جنحن إلى الغروب
ووشى البردة الممـدوح فيها رسـول الله بالـوشـي العجيب
بتسميط يزيد الأصـل حسنا على حسن طيبـا فـوق طيـب
وكم ملأ المسامع مـع معان لهـا وقع غريب فـي القـلوب
رعاك لمثلها (المهدي) إذ لم يجد في الكون غيرك من مجيب
ففاض عليك حين دعاك نور هديـت بـه إلـى مدح الحبيب

وقرضه أخوه الهادي النحوي بقصيدة سنذكرها في ترجمته، وخمس أيضاً «الدريدية» ذات الشروح الكثيرة المشتملة على الحكم والآداب وتبلغ 229 بيتاً لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الازدي البصري المتوفى سنة 321 خمسها النحوي وجعل لها مقدمة بدأ فيها بترجمة أبي دريد وذكر تخميس المقصورة لموفق الدين عبدالله بن عمر الأنصاري في رثاء الحسين عليه السلام ذكره النحوي واثنى عليه ولكن النحوي حولها في تخميسه إلى مدح استاذه السيد بحر العلوم وفرغ من تخميسها في 12 ربيع الأول سنة 1212 وتوفي استاذه الممدوح في رجب من تلك السنة. قلت وقد طبع الأصل مع التخميس في بغداد سنة 1344 واليك بعض الشواهد منها:

أدب الطف الجزء السادس 159


يقضي الفتى نحبا ويأوى لحده ويذكر الناس جميعاً عهده
ينشـر كل ذمـه أو حـمـده وانمـا المرء حديث بعده
فكن حديثاً حسنـاً لمـن وعى
فليصرف المرء نفيس عمره فيا به يبقـى بقـاء ذكـره
ولا يجـاوز حـده في أمره من لم يقف عند انتهاء قدره
تقاصرت عنه فسيحات الخطى
عليك بالعقـل فكن مكملاً له بهدي للنجـاة مـوصلا
سلاة العقل الهدى لو عقلا وآفة العقل الهوى فمن علا
على هـواه عقـلـه فقـد نجا
عليـك بالعقـل فكن مكملاً له بهدي للنجـاة موصـلا
سلامة العقل الهدى لو عقلا وآفة العقل الهوى فمن علا
على هواه عقلـه فقـد نجـا

ومنها في المديح:
أعاشنـي ربـي مذ اعاشني بهديه القامع ما أطـاشنـي ـ
فلم أقل ـ وابن النبي راشني ان ابن ميكال الأمير انتاشني
من بعد ما قد كنت كالشيء اللقى
من زين الوجود في وجوده وشعت السعود في سعوده
يصعد حتى قيل في صعوده لو كان يرقى أحد بجـوده
ومجده إلـى السمـاء لارتقـى

ووجدت قصيدة ميمية غراء الشيخ أحمد بن محمد أحد تلامذة العالم السيد شبر الموسوي الحويزي يمدح فيها أستاذه المذكور ـ ضمن كتاب ألفه في سيرته ـ وعلى هامشها تقريظ بقلم النحوي المترجم من الوزن والروي ومن خطه نقلت ما نصه ـ قال العبد الحقير محمد رضا ابن الشيخ أحمد النحوي مقرضاً على هذه القصيدة المباركة.

أدب الطف الجزء السادس 160


أكـرم بنظـم يـروق الناظرين سنا كأن عـقـد الثريا فـيه منتظـم
(أضحى لأحمد) في ذا العصر معجزة على نـبـوة شعـر كلـه حكـم
حوى مـديح بنـي الزهراء فـاطمة ومن هـم في جميع المكرمات هم
فما (كشبـرهـم) فـيما ترى أحـد ولا يقــاس بـمن تلقى شبيرهم
فكـم ينازعهـم في بيت مجـدهـم مـن لا خـلاف له والبيت بيتهم
وما عسى أن يـقول المادحون بمن قـد جاء في محكم القرآن مدحهم

وله من قصيدة طويلة غراء يهنىء فيها أستاذه السيد بحر العلوم ويؤرخ عام قدومه من مكة.
أعيد من الحمد المضاعف ما أبدي وأهـدي إلى المهدي من ذاك ما أهدي
ولو أنني أهـديت ما ينبـغي لـه لسقـت لـه ما في المثاني من الحمد
لـه حـسب فـي آل أحمد معرق كمنظـوم عـقد الدر ناهيك من عقد
أسـاريـره تـبدو سرائر قدسهم عليـها وللآبـاء سـر عـلى الـولد
بـه الغيبـة الكبرى تجلى ظلامها وأشـرق في آفـاقهـا قـمر السعـد
ولـولا سمات عندنـا قد تميزت بمعرفة المهـدي قلنـا هـو المهـدي
عطـاء بـلا من خلوص بلا رياً سحاب بـلا رعـد سخـاء بلا وعـد
تعالى بـه جـدي وطالت به يدي وقـام بـه حظـي ودام بـه سعـدي
وإني قـد سيرت فـيه شـوارداً تجاوزن مـن قـبلي وأتعبن من بعدي
سعى ليحـج البيت والحـج بيتـه فكم عـاكـف فـيه مـعيد الثنا مبدي
وكر من الركـن اليماني راجـعاً إلـى جـده أكـرم بـأحمـد مـن جد
وقد بان في أرض الغري ظهوره لـذلك قــد أرختـه (ظهـر المهدي)
1195
وكانت وفاته في النجف سنة 1226 هـ قبل وفاة كاشف الغطاء بعامين وقد ناهز الثمانين سنة من العمر.

أدب الطف الجزء السادس 161


ومن مساجلاته مـع أستـاذه السيد صادق الفحام وهو في قرية (الحصين) قوله (1):
يـا أديبـاً عـلى الفـرزدق قـد سـاد بأحـكـام نظـمه وجـرير
وبـسـر الـحـديـث آثـره الله فـأوفى علا عـلى ابـن الأثـير
وبعـلـم اللـغـات فـاق كثـيراً من ذويها فـضلا عن ابـن كثير
بـك روض الآداب عـاد أريضاً ذا غـدير يـروي الظـما نمـير
ورقيق القـريض أضـحى رقيقا لك لا ينتـهـي إلـى تحـريـر
وإذا مـا حررت طـرزت بترداً ظل عنه الـطرزي والحـريري
حجـج قصر ابن حـجة عنـها ودجـا ليـلها على ابـن منـير
لك نثـر سما الـدراري ونظـم فـاق در المنـظـوم والمنـثور
حلم قيس واحنـف نجـل قـيس طلت فيه العـلى ورأي قصـير
خلتق كالـرياض دبـجها الطـل بـنـد فـعبـرت عـن عبـير
وعـلـوم لـو قيـست الأبـحر السبعة فيها ازرت بفيض البحور
ومـزايا لو رمت إحصاء ما أو ليت منها لم أحـص عشر العشير
فقليلي ولـو حـرصت سـواء حيـن أسمـو لعـدها وكثـيري
فتجـشـمت خـطة لـو سـما الطـرف إليها لـرد أي حسـير
عالماً أنـني وإن طـال مدحي وثـنائـي علـيك ذو تقـصـير
غـير أنـي أقـول لا يسقـط الميسـور فيما يـراد بالمـعسور
فخذ العفو وأعف عوفيت عنى لقـلـيل أنهـيتـه مـن كثـيـر


(1) شعراء الحلة للخاقاني ج 5 ص 32.
أدب الطف الجزء السادس 162


فكتب له الجواب على الروي والقافية:
أيهـا الـناقـد البصـير ولا فخر ومـا كـل نـاقـد ببـصيـر
والمـجلي لدى السباق إذا صالـت جـياد المنـظـوم والمنـثـور
والـذي قـد طـوى بنشر بـديع النظم ذكر الطائي دهـر الدهور
وبه باقـلا غـدا مـثل سحـبان وأمـثـال جـرول وجـريـر
وبـه ابن العمـيد بـات عمـيداً ذا غناء كـالعاشـق المهـجور
وبـه أصبح ابـن عباد في الآداب عـبداً لـم يسـم للـتحـريـر
وابن هاني لـم يهنه العيش واسود منـير الـرجا مـن ابـن منير
وغـدا ابـن النبـيه غـير نـبيه وتامى الـبوصيرة البوصـيري
والتهـامـي راح يتـهـم الفـس بدعوى التبـرير فـي التحـبير
والسـلامي لـم يعـد بـسـلام بعـد تعريـفـه مـن التنـكير
والرضي الشـريف لم يرض في ملحمة النظم غـيره من أمـير
والصفي الحلـي لـم يـر عيشا مـذ نـشا صافياً من التكـدير
وابن حجـر الكـندي ألقـم فـيه حجراً بعـد سبقـه المـشهور
ومعيد الذماء (1) من بارع الآداب بعـد انطـماسـه والـدثـور
وربـيـب الـمجـد الـذي دان في الفضل له كل فاضل نحرير
ومجـلي غياهـب الشك واللبس بنـود الـبـيـان والتحـريـر
وجـواداً للسـبق جـلى أخـيراً فـشـأى كـل أول وأخـيـر
قـد أتانا مـنكـم فـريد نـظام تـتحـلى بـه نحـور الـحور
كـيف قـلدتم بـه جيد مـن لم يك في العـير لا ولا في النفير
ذاك فـضل منكـم وإن كثـيراً ما بعثتم إلـى الأقـل الحقـير


(1) الذماء : بقية الروح .
أدب الطف الجزء السادس 163


وقال مراسلا (1):
كتبـت وكم تحدر من دموعي على وجنات قرطاسي سطور
إلى عيـن الحيـاة حياة نفسي ومن هو في سـواد العين نور
عتبت عليـك يـا أملي وإني عليك بما عتبـت بـه جـدير
جفوت وكنـت لا تجفو ولكن هي الأيـام دولتـهـا تـدور
وغيرك الزمان وجـل من لا تغيـره الحـوادث والـدهور
وغرك ما ازدهاك وكنت نعم الخليل المصطفى لولا الغرور
سأصبر ما أطاق الصبر قلبي فإن الحر في البلوى صبـور
فلا تغتر فليس الدهـر يبقـى على حال سيعـدل أو يجـور
فإن الليـل يظلـم حيـن يبدو ويسـفر بـعـده صبـح منير
وإن المـاء يكـدر ثـم يصفو ويخبـو ثـم يلتهـب السعيـر
وإن الغصن يذبـل ثـم يزهو وتنكسف البـدور وتستنـيـر
وإن الهـم يقـتل حيـن يبقى ويعقبـه فيقـتـلـه السـرور
ومقصوص الجناح يمـر يوم عليه مـن الـزمـان به يطير

وقال:
قفوا قبل لوشك البين يبعدكم عنا نودعكم والقلب من أجلكم مضنى
قفوا نسكب الدمع الهتون صبابة على صبوة نلنا بها الأرب ألاهنا


(1) شعراء الحلة، للخاقاني ج 5 ص 34.
أدب الطف الجزء السادس 164


هلموا إلـى العهـد الـذي كـان بيننا قديماً فإن حلـتم فـوالله مـا حلنا
رحلـتـم فجسـمـي مبعـد معـذب عقـيـبكم والقلـب عندكـم رهنا
بعدتم فلا ندري أبالوصـل نحتـضي أم الفصل محتوم فياليـت مـا كنا
فجودوا وعودوا وارحمـوا اليوم حالنا فما عنكم مغنا ولا شـاقـنا مغنى
سـاذكـر كـم حتـى أموت وإننـي أحن إذا ما الليـل بـي سحراً جناً
أيا سائق الأضعـان مـزقـت خاطراً رويداً لعلي باللقا سـاعـة أهـنـا
فيـامهجـتي ذوبـي أسـى لفـراقهم ويا مقلتي سحـي الـدماء لهم حزنا
رحلتم أحبـائـي وكنـت بـإنـسـكم أنيساً وإني الآن خلفكـم مـضنـى
فلو تعلمـون اليـوم حـالـي رحمتـم نحيلاً أقاسي المـوت يـاليتني أفنى
فما الليـل إلا مـن غمـومـي سـواده وذا الغيم من دمعي غدا يسكب المزنا
وما الفجر إلا مـن بيـاض مفـارقـي وما الـورق إلا مـن حنيني قد حنا
وقد سائـنـي لمـا وقفـت بـداركـم أظنـكم فيهـا فـأخلفـتـم الظنـا
فعاينـتها قفـرا أضـر بهـا الـنـوى فقمـت بهـا أبكيـكـم بـدم أقـنا
فياطـول حـزنـي بعدكـم وصبـابتي فما عبرتي ترقى ولا مقلتي وسنـا
كفـى حـزنـاً ان الشـرايـع عطلـت وأن عداة الشرع أفنوكـم ضـغـنا
بني الوحي عـودوا للمساجـد والـدعا وقوموا بها بالذكر في الليلة الدجـنا
بني الوحـي عودوا للمـدارس أصبحت دوارس فيهـا اليـوم بعـدكم سكنا
بني الوحـي عـودوا اللمنـابر وانظروا عليها العدا تهديكـم السـب واللعنا
بني الوحي جرعنا بفاضـل صـابكـم ونلنـا العنـا لمـا بكم سادتي لذنا
فنسـتـر مـا قـلتـم ونـبـدي خلافه كـأن إله العـالميـن لـه سنــا
سأنـدبكـم حـتـى تـقـوم قيـامتـي وأعدل من عذل العذول إذا شنــا


أدب الطف الجزء السادس 165


وقال يمدح الامام المهدي عليه السلام وقد أنشأها في سر من رأى:
أريحا فقد أودى بها السير والوخد وقولا لحادي العيس إيهاً فكم تحدو
طواها الطوى في كل فيفاء ماؤها سـراب وبرد العيش في ظلها وقد
تحـن إلـى نـجـد وأعلام رامة ومـا رامـة فيهـا مـرام ولا نجد
وتلـوي عـلى بان الغدير ورنده ولا البان يلوي البين عنها ولا الرند
وتصبو إلى هند ودعد على النوى وما هنـد تشفي ما أجنت ولا دعد
(هوى ناقتي خلفي وقدامي الهوى) وما قصدها حيث اختلفنا هو القصد
هم آل ياسين الـذيـن ضفـا لهم من المجد يرد ليـس يسمـو له برد
ربينا بنعماهـم وقـلنـا بظلـهـم وعشنا بهم والعيش فـي ظلهم رغد
إليكم بني الـزهـراء أمـت مغذة عراب المهارى والمسـومـة الجرد
قطعن بها غور الفـلاة ونجـدهـا فيخفضنا غـور ويـرفعنـا نجـد
فقبلن أرضـا دون مبلغهـا السمـا وسفن ترابـا دون معبـقـه الـند
فيا بن النبـي المصطفـى وسمـيه ومن بيديه الحل في الكون والـعقد
ومن عنده علم الـذي كـان والذي يكون مـن الإثبـات المحو من بعد
غليك حثثنـاهـا خفـافاً عيـابها على ثقة أن سـوف يـوقرها الرفد
فألوت على دار أنـاخ بهـا الندى وألقى عليها فضـل كلـكـه الجـد
إلى خلق كالروض وشحـه الـحيا يغار إذا استنشـقـتـه الغار والرند
فعوجا فهذا السر من سر مـن رأى يلوح فقدتـم الـرجـا وانتهى القصد
وهاتيك ما بيـن السـراب قبـابهم فآونـة تـخـفـى وآونـة تـبـدو
فعرج عليها حيث لا روض فضلها هشيـم ولا مـاء النـدى عندها ثمد


أدب الطف الجزء السادس 166


ورد دارهـا المخضلة الربع بالندى ترد جـنة الوفد طاب بها الخلد
وطف حيث ما غير الملائك طائف لديها وجبريـل بـأفنائـها عبد
وسـل مـا تشامن سيب نائلهم فما لسـائـلهـم إلا بنيـل المنا رد
هـم الـقوم آثـار المعارف منهـم على جبهات الدهر ما برحت تبدو
هـم علـة الإيـجاد بـدءاً ومنتهى وما قبلـهم قـبل وما بعدهم بعد
تباعـدت عـنكـم لا ملالا ولا قلى ولكن بـرغمي عـنكم ذلك البعد
وجئتكم والـدهـر عـضت نيوبـه علي وعهدي وهي عني بكم درد
فـكن لـي يا اسكندر العصر معقلا وكهفا يكن بيني وبين الردى سد
إلـى كـم نـعادي من وددناه رقبة وخوفا ونصفي الود من لا له ود
(ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى) صديقا يعاديـه لخوف عدى تعدو
وانكـد من ذا أن يـبيت مـصادقا (عدواً له مـا مـن صداقته بـد) (1)
وفـي النفس حاجات وعدتم بنجحها وقد آن يا مـولاي أن ينجز الوعد
فـدونكـما فضفاضـة البرد ما سما بنعتك (بشـار) إلـيهـا ولا (برد)
على أنهـا لم تـقض حقاً وعـذرها بأن المـزايـا الغـر ليس لها حد (2)


(1) البيت من أمثال المتنبي.
(2) عن الجزء الخامس من شعراء الحله أو البابليات للخاقاني ص 29 كما رواها السيد الأمين في الأعيان، أما الشيخ اليعقوبي في (البابليات) فقد نسبها للشيخ أحمد النحوي.
أدب الطف الجزء السادس 167


وقال مخمساً قصيدة السيد نصر الله الحائري التي قالها في بناء قبة أميرالمؤمنين عليه السلام:
إلى كـم تـصول الرزايا جهارا و توسعنـا في الزمان انكسارا
فيا من على الدهر يبغى انتصارا إذا ضـامك الدهر يوما وجارا
فلذ بحمى امنع الخلق جارا
تمسك بحب الصـراط السوي أخي الفضل رب الفخار الجـلي
إمـام الهدى ذو البهاء البهـي علـي الـعلي و صنـو النبـي
وغيث الولي وغوث الحيارى
جمال الجمال جلال الجلال جميـل الخصـال حميـد الخلال
بـعيد الـمنال عديم المثال هزبـر الـنزال و بحـر النـوال
وشمس الكمال التي لا توارى
فـياقبـة زانهـا مشهـد لـمن فضلـه الدهـر لا يجحـد
سنا نورها في الورى يوقد هـي الشمـس لكنهـا مـرقــد
لظل المهيمين عـز اقتـدارا
هي الشمس من غير حر يذيب ولا ضير للمنتأي والقريب
لـقد طالـعتنا بأمـر عجيب هي الشمس لكنهـا لا تغيب
ولا يحسد الليل فيهـا النهارا
هي الشمس جلت ظلام العنا وبشرنا سعـدهـا بـالـمنى
فـلا الليـل يستـرها إن دنا ولا الكسف يحجب منها السنا
ولم تتخذ برج نحس مدارا


أدب الطف الجزء السادس 168


هـي الشمس تبهر في حسنها وتهدي لـذي اليمـن في يمنها
وتمحو دجى الخوف من أمنها هي الشمس والشهب في ضمتها
قناديلها ليس تخشـى استتارا
بدت وهي تزهو بتبرية منمـقـة أرجـوانية
شقيقة حسـن شقيقـة عروس تحلت بوردية
ولم ترض غير الدراري نثاراً
هوت نحوها الشهب غب ارتفاع لتعلو بتقبيل تلـك البقـاع
ولم ترعن ذا الجنـاب انـدفاع فها هي في قربها والشعاع
جلاها لعينـيك در صفـارا
عروس سبت حسن بلقيسها وعم الورى ضوء مرموسها
زهت فزها حسن ملبوسها بدت تحـت أحمـر فانوسها
لنا شمعـة نـورها لا يوارى
هي الشمع ضاء بأبهى نمط وقد قميـص الديـاجي وقط
كفانا سنا النور منهـا نقط هي الشمع ما احتاج للقط قط
ولا النفخ اطفأه مـذ أنـارا
جلا للمحـب جلا كربه وأهدى الضياء إلى قلبه
ترفرف شوقا إلى قربه ملائكـة الله حفـت به
فراشاً ولم تبغ عنه مطارا
فيا قبة شاد منهـا المحـل بعـزفـق للأعـادي أذل
ولا عجب حيث فيها استقل هي الترس ذهب ثم استظل
به فارس ليس يخشى النفارا


أدب الطف الجزء السادس 169


غمامة تبر جلت غمة اطلت وكم قد هدت امة
ومرجانة بهرت قيمة وياقوته خلطت خيمـة
على ملك فساق كسرى ودارا
عقيق يفوق الحلى في حلاه غداة تسامى بأعلى علاه
الى حيـدر ليس تبغي سواه ولم يتخذ غير عرش الآله
له معدنـاً وكفـاه فخـاراً
فكم قد عرفتنا بها زهوة لدى سكرة مالها صحوة
فقلت ولي نحوها صبوة حميـا الجنان لها نشوة
تسر النفوس وتنفـي الخمـارا
فيالـك صهباء في ذا الوجود تجلت أشعتها في السعود
ترى عندها الناس يقظى رقود إذا رشفتها عيون الوفود
تراهم سكارى وما هـم سكارى
هي الطبود طالت بأعلى العلا ولم ترض غير السهى منزلا
غـدت لعلـي العلـى موئلاً عجبت لها إذ حـوت يـذبلا
وبحراً بيوم الندى لا يبـارى
فيا أيهـا التبر لما استتم فخارا وركن العلى فاستلم
فما زلت أطلب برهان لم وكنت أفكر فـي التبر لم
غلا قيمـة وتسامى فخـارا
وكيف غدا وهو مستطرف وبين السلاطين مستظرف
مطل على هامهم مشرف إلى أن بدا خوفها يخطف
النواظر مهمـا بـدا واستنارا
فثم تسامى إلى نسبة تسامى ونال علا رتبة


السابق السابق الفهرس التالي التالي