أدب الطف الجزء السادس 108


لمـا رأته عـلوج حرب مقبلا لا طائشـاً عـقلا ولا هـو مـرهق
زحـفت عليـه كتائب ومواكب كعبـاب بـحـر خيلـهـا تتـدفق
ملتـفة الأطـراف إلا شوسهـا بظبـاه أي مـمـزق قـد مـزقـوا
فكأن أسهـمها لـه قـد سددت ورق الجنـادب بالمـشـارع حـدق
فسطا عليهـا ثـم صاح فكادت الأملاك مـن تلك الـزماجر تصعق
شكت عواملـه صدور صدورها ورؤوسهـا بشـبـا الحـسـام تحلق
هـذا عليـه الـزاغبيـة اخلفت ضـربـاً وهـذا بالنجـيـع مخـلق
فاغتاله علـج بحاسـمـة برت منـه اليمـين وطـار منها الـمرفق
فانصـاع يحمـل شنـه بشماله حـذراً وخـوفـاً مـاؤه لا يـهـرق
فبرى لها بـري اليـراع كأختها فـي غـرب منـصلة وعـدو مخنق
فغـدا يكابـد بالـثنايـا حمـله وله العـدى بشـبا الضـغائن خرقوا
وأصــاب مـفــرق رأسـه بعموده الشامي نسل العاهرات الأزرق
فهوى كبدر في المحاق ولم أخل أن البـدور بلـيـل نـقـع تمـحق
وغـدا ينـادي للحسيـن بـرنة ثبـت الجنـان يـكـاد منـهـا يقلق
فأتى لمصرعه كرجع الطرف لا يثـنيـه جـيـش للطـغـاة وفيـلق
فرآه ملقـى فوق بـوغاء الثرى وعليـه غربـان المنـيـة تنـعـق
فبـكى وناجاه بأعـظم حسـرة صبـراً أخـي فإننـي بـك مـلحق
لله در مــن وفـي نـاصـح بـالـذب والأقـوال عنـي تـصدق
جاهـدت دوني المارقين بعزمة مـن وقعـهـا صـم الصـلاد يفلق
أردوك ظام لأسقـوا قطر الندى في النـشـأتين ولا سـحـاب مغدق
الله أكبـر مـن رزايـا عـمت الدنيـا فزلزل غربهـا والمـشـرق


أدب الطف الجزء السادس 109


الله اكبـر يـا لـه خطـب له ليس الجيوب بـل القـلوب تشقق
واكسـرة في الدين ليس يقيمها جبـر وفتـق في الهـدى لا يرتق
أتجذ قبـل القتل ايمـان الندى منـا وفينـا كـل جـيـد يـعتق
وتســد فـي الـدنيـا مـذا هبنا وأبواب السما بوجوهنا لا تغلق
وتبيت أبنائـي فـلا يحنو لها مـن مشـفق هيهـات قل المشفق
أكبـادهـم حـرى وآل أميـة ريـانـة ولـهـا المـدام يـروق
ويزيد تـرفـع للسمـاك قبابه فـخـراً وفسطـاط النبـوة يحرق
لفـوا جميعاً حيث ما ثبتت لهم فينـا عـهـود للنبـي ومـوثـق
قـد صاحبوا الدنيا الدنية حسين للأخـرى ثلاثـاً بالغـواية طلقوا
لإإن يقتـلوا ابن أبي وأقتل بعده وبـأسرتي أسـرى تسيـر الأنيق
فلسوف يدرك نارنا المهدي من ولدي وداعي الحـتف فيهم يزعق
ويبيـدهـم بحسامه ولـو انهم للجـو مع عنقـاء غـرب حلقوا
يا ابن السوابق والسوابغ والظبا اللائـي لنصـر الدين حقاً تمشق
خذها أبا الفضل العمـيم خريدة لسـوى مـديحك والثنـا لا تعشق
حسنـاً خدلجـة كعوب غـادة بكـر تشـنف بالـولا وتقـرطق
(حـليـة) الأعـراق إلا أنهـا بخـلال زوراء العـراق تمنـطق
يرجو بها الجاني (محمد) منك عرف الفوز في جنات عدن تنشق
صلى عليك الله ما أن ازخـوا (نجـم أنيـر ولاح بدر يشـرق)

قوله يرثي الإمام الحسين عليه السلام:
عج بي برسم الدار من عرصاتها ودع الجفون تجود في عبراتها
دار بشـرقي الأثيـل عهدتهــا لا البان أين البان من أثلاتهـا


أدب الطف الجزء السادس 110


دار بهـا أودى بقلـبـي لـوعـة تتـرقص الأحشاء مـن زفراتها
واحبس بمعـهدهـا الركائـب علما نروي بعهد الدمـع رمـث نباتها
واسـأل لعـمرو أبي معالمـها متى ظعـن الأحبة بـان عـن باناتها
يا صـاح وقفـة مغزل مذعـورة أو كارتداد الطـرف في هضباتها
كيمـا أروح خاطـري بشعـابهـا وفـؤادي الملتـاع فـي قلعـاتها
أنى ومنعـطف الـحني على المطى فهي الخـدور تضيء في ربـاتها
ما إن ذكـرت مـعالـماً إلا وقـد كادت تـذوب النفس من حسراتها
لتـذكـري داراً بعرصـة كـربلا درسـت مـعـالمها لفـقد مـاتها
دارت رحاة الحرب فيها فـاغتدت آل النبـي تـدور فـي لهـواتهـا
جـاءت تـؤمـل ارثهـا لـكنهـا تتقاعـس الآمـال عـن غـاياتها
فتكـت به مـن آل حرب عصـبة غدرت وكان الغـدر مـن حالاتها
هـزت قنـاة محمد ظلـمـاً وقـد طـعنت بنيه الغـر فـي لباتـها
قد عاهـدت فيه النبي ومـا وفـت فلبئسمـا ذخـرت ليـوم وفاتهـا
سيما ابـن منجـبة سليل محـمـد أبـدت به المـخفي مـن ضغناتها
بعثت بـزور الكتب سر واقـدم إلى نحـو العـراق بمكرهـا ودهاتهـا
هـذي الخلافـة لا ولـي لهـا ولا كفؤ وإنك مـن خـيـار كفاتهـا
فـأتـى يـزج اليعمـلات بمعـشر كالأسـد والأشـطان مـن غاياتها
وحـصان ذيـل كـالأهلة أوجهـاً بسنائهـا وبـهـائها وصفـاتهـا
ما زال يخـترق الـفلا حتـى أتى أرض الطفوف وحل في عرصاتها
وإذا بـه وقـف الـجواد فـقال يا قوم أخبروني عـن صدوق رواتها
ما الأرض ؟ قالوا : ذي معالم كربلا ما بال طـرفك حاد عـن طرقاتها


عن شعراء الحلة للخاقاني ج 5 ص 174.
أدب الطف الجزء السادس 111


قـال انزلوا: فالحكم فـي أجداثنا أن لا تشق سـوى على جنباتها
حط الرحـال وقام يصلح عضبه الماضي لقطع البيض في قماتها
بينا بجيل الطرف إذ دارت بـه زمـر يلوح الغـدر من راياتها
مـا خلت أن بدور تـم بالعـرا تمسـي بنو الزرقاء من هالاتها
قال الحسين: لصحبه مذ قوضت أنوار شمس الكـون عن ربواتها
قوموا بحفظ الله سـيروا واغنموا ليـلاً نجاة النفس قبـل فواتهـا
فالقوم لم يبـغوا سواي فأسرعوا مـا دامت الأعداء فـي غفلاتها
قـالوا عهـدنا الله حاشـا نتبـع أمـارة بالـسوء فـي شهواتهـا
نمضي وأنت تبيت ما بين العدى فرداً وتطـلـب أنـفس لنجاتهـا
تبغي حراكـاً عنك وهـي عليمة أبـداً عذاب النفس مـن حركاتها
مـا العذر عـند محمــد وعلي والزهـراء فـي أبنائها وبناتهـا
لا بد أن نـرد العـدى بصوارم بيض يـدب الموت فـي شفراتها
ونـذود عـن آل النـبي وهكذا شأن العبيـد تـذود عن ساداتها
فتبادرت للحـرب والتـقت العدى كالأسـد فـي وثـباتهـا وثباتها
جعـلت صقيلات التـرائب جنة كيمـا تنال الفـوز فـي جناتهـا
كم حلقت بـالسـيف صدر كتيبة وشفت عليل الـصدر في طعناتها
فتواتر النقـط المضاعف خلتـه حلق الدلاص بـه على صفحاتها
فتساقطت صرعى ببوغاء الثرى كالشهب قـد أفلت بـرحب فلاتها
ما خلت سرب قطـا بصقفر بلقع إن التـراث تـكون مـن لقطاتها
رحلت إلى جنات عدن زخـرفت سكنت جـوار الله فـي غـرفاتها
وبقى الامام فريد يهتف فـي بني حرب وقد خفـتت ذرى أصواتها
ويل لكم هـل تعـرفوني من أنا هـل تنـكر الأقمار عنـد وفاتها


أدب الطف الجزء السادس 112


انـا نجل مكة والـمشاعر والصفا وبمن منى والخيف من عرفاتها
أنا نجل من فيه البـراق سرى إلى رب الطباق السبـع وابن سراتها
قـالوا بلى أنت أبن هـادي الخلق للنجل القويـم وأنت نجل هداتها
لكـن أبـوك قضى عـلى أشياخنا واليـوم نطلب منك في ثاراتها
وأتته أسهـمها كمـا رسـل القضا بغيـا فيـا شلت أكف رماتهـا
أصمت فـؤاد الديـن ثـم واطفأت أنـوار علم الله فـي مشكاتهـا
فسطـا عليهـم سـطـوة علويـة تتزلزل الأطـواد مـن عزماتها
أبكـى بـعادلـة سوابـغهـا دمـا مذ أضحك الصمصام من هاماتها
فكـأن صارمـه خطيـب مصـقع وسنـام منبـره ذرى قاماتهـا
وكـأنمـا سم الـوشـيـج بـكفـه أيـم النقى والحتف فـي نفثاتها
كـم فيـلق أضحـى مـخافة بأسه كالشـاة مذ فجعت بفقد رعاتها
والخيـل تعـثر بالشـكيم عـوارايا ممن تثير النقع فـي صهواتها
فكـأنـه يـوم الطفـوف أبـوه في ليـل الهرير يبيد جمـع عداتها
ما زال يقتـحم العـجاج ويصـطلي نار الوغى ويخوض في غمراتها
حتى أتاه الـصك أن أنجز بـوعدك حيث نفسـك حـان حين مماتها
فهناك أحلـم غـب مقدرة فـأردوه علـى ظمـأ بشـط فـراتهـا
تالله مـا قـضت العدى مـنه منى لولا القضا لـقضت دوين مناتها
فهوى فضعضعت السـماوات العلى وتعطل الأفلاك عـن حركاتهـا
وهمت لمصرعه دماً والعالم العلوي أبـدى النـوح فـي طبقـاتهـا
والجـن في غيطـانها رنـت أسى وبكت عليـه الطير في وكناتهـا
وعـدا الجواد إلـى معـرس نسوة نـادى منادي جمعهـا بشتاتهـا


أدب الطف الجزء السادس 113


فخرجن من خلل الستور صوارخا كـل تسح الدمـع في وجناتها
فرأينـه قانـي الوريد وجسمـه عـار ومنه الرأس فوق قناتها
وقبـابها تعدو النهيب قبـابهـا الله كيـف تقال مـن عثراتها
وسروابهن على المطي وقد علا لتـواتر المسرى رنين حداتها
يـا للحميـة مـن ذوابة هاشم بـل ياليوث الله فـي غاباتها
أتطل مـا بين الطلول لكم دما أمويـة والجبـن من عاداتها
آل النبـي تئن فـي أصفادها كمداً ومال الله مـن صفداتها
قـد أنزلتها عن مراتب جدها ورقت طرائدها على مرقاتها
محـرابها ينعـى لفقد صلاتها ووفودها تبكـي لفقد صلاتها
حمـلت بأطراف الأسنة والقنا من تعجب الأملاك من حملاتها
وبنـات فاطمـة البتولة حسراً وبنات رملة في ذرى حجراتها
قد ألبست نقط الحجاز جسومها وغرائب التيجـان في جبهاتها
والعود يضرب في أكف قيانها وتقهقه الراووق فـي كاساتها
لعنـت على مر الدهور لأنها باعت هدايـة رشدها بعماتها
فالى م يابن العسكري فطالت الأيام وانفصمت عرى أوقاتها
فانهض لها مولاي نهضة ثائر واشف غليل النفس من كرباتها
واقدم بشيعتك الكـرام ومكن العضب المهند من رقاب بغاتها
يا سادة جلـت مزايا فضلهم إن تدرك الأوهـام كنه صفاتها
لي فيكم مدحاً أرق من الصبا تهدي عبير الـفوز مننفحاتها
فتقبلوا حسنـاء ترفل بالثنـا (حسان) مفتقراً إلـى فقراتها
(حلية) حكت النضار نضارة وحلت وقد فاتق على أخواتها


أدب الطف الجزء السادس 114


يرجو بها الجاني (محمد) سادتي منكم نجاة النفس غب وفاتها
إن قـدم الأقـوام بـراً وافـراً نفسي ولاكـم قدمت لحياتها
صلـى الإله عليكـم ما أرخوا (حفت حمام الأيك في وكناتها)

وله يرثي الإمام الحسين عليه السلام قوله:
ناهيـك مـن ركب تقوض مثهم وحدا به الحادي دجى بترنم
أبـدى الرنيـن فجـاوبته حمامة تنعى على طلل ودارس معلم
هتـفت مرجعـة لفـقد قرينهـا فاهتز فـي الأكوار كل متيم
ذكر المعاهد بيـن منعرج اللوى سحراً وسالت عهدها المتقدم
فهـمت لواحظـه عهـاد مدامع مهراقة تحكي عصارة عندم
نـاديته والوجـد مـلء فـؤاده وعن المحبة والهوى لم يسلم
مه صاحب الشوق المبرح ليس ذا شأن المحب ولا سجية مغرم
لا تسكب الدمـع الهتون ولا تبح بالسر إن بان إلا حبة واكتم
واحبس ولا تدع المطايا في السرى تخدي عقيب الظاعنين فترتمي
باتت كمنعطف الحنـي لطول ما بخفافها تطوى الوهاد ومنسم
خفض عليك فلست تلقى بعض ما ألقـاه من برح وطول تتيم
قـد كنت قبلك يـا هذيم إذا دعا داعي المحبة للصبابة أنتمي
حتـى رميت بفـادح فأساءنـي عض البنان وصفقة المتندم
فـلذا لما لاقيت مـن فرط الأسى والوجد والبلوى ووشك تألم


عن شعراء الحلة للحاقاني ج 5 ص 198.
أدب الطف الجزء السادس 115


لم يشجني ذكر العذيـب وبـارق وغـزيتـين وسفـح أم الغيلــم
هل كيف تطربني ربوع قد مضى عنها الخليط ولي لعمـرك فاعـلم
كـل المنازل من همومي كربـلا وجميـع أيـامي كيـوم محـرم
يـوم به كسفت ذكـاء فأصبـح الثـقلان في ليـل بهيـم مظلـم
يـوم بـه قمـر الدجنـة غالـه خسف عقيـب نقيصـة لم تتمـم
يوم به حبس السحاب عن الحيـا ومن السماء نجيـع دمـع قد همي
يوم به الأمـلاك عن حركاتـها قـد عطـلت والكـون لم يتقـوم
يوم به جبريل أعلـن في السمـا قـتل ابن مكـة والحطيم وزمزم
يوم بـه الأمـلاك كـل منهـم بـدلاً عن التسبيـح قـام بمأتـم
يوم به الأرضون والأطـواد ذي مـادت وتلك لهولـه لـم تشمـم
يوم بـه غاض البحـار فبت في عجب لزاخـر موجها لـم يلطـم
يـوم بـه قـد بـات آدم باكيـا كأبي العزيز غروب طرف قد عمي
يـوم بـه نـوح همـت أجـفانه دمعـاً يسيـل كسيـل دار مفعـم
فكأنمـا لمـا طغـت أمـواجـه طـوفانه بعبـاب طوفـان طمـي
يوم بقلب أبي الذبيح بدت لـظى بـسوى يـد النكبـاء لم تتضـرم
إن كان قدما حـرها بـرداً لـه أضـحى فمـن ذي قلبـه لم يسلم
يـوم بـه شـق الكليـم لجيبـه وبـغير عرصة كربـلا لم يلحـم
يوم بـه أمسى المسيـح بمهـده بسوى فصيـح النـوح لم يتكلـم
يـوم بـه هجـر الجنـان محمد وبـغير عرصة كربـلا لم يلحـم
ينعى لهتف الجـن في غيطانـها وهديل طـير في الوقيعـة حـوم
يـوم بـه الكـرار ينفـث نفثـة المصـدور كالليث الكمي الضيغـم


أدب الطف الجزء السادس 116


يوم به الزهراء خضب شعرهـا بـدم وتـشكـو ربـها بتظلـم
يوم به قد أصبح الحسن الرضـا يبدي الكآبة عن حشاشـة معـدم
يوم بـركن الديـن أوقـع ثلمـة أبداً على طول المـدى لم تلحـم
يـوم بـه للمـؤمـنيـن رزيـة وبـه كـعيد للطغـاة ومـوسـم
يـوم أتى فيـه الحسيـن لـكربلا كـالبدر وأبنـاء الكـرام كأنجـم
يـوم عليه تـألبت عصب الخنـا مـن كـل عبـد أكـوع ومزنـم
لم أنس وهو يخوض أمواج الوغى كـالليث ممتطيـاً جـزارة أدهـم
فإذا خبت للشـوس نـار كـريهة بسوى الوشيـج بكفه لم تضـرم
كـم فارس ألقاه يـفحص في الثرى وبـفيه غير هضابهـا لـم يكـدم
ما زال يفني المارقين بمارق الحرب العـوان بغرب عضـب مخـذم
حتى دنـا المقدور والأجـل الذي يأتي الفتى مـن حيث مـا لم يعلم
زحفـت عليـه كتائب ومواكـب ورمته من قـوس الفنـاء باسهـم
شلت أناملهـا، رمته ولـم تخـل قلب الهدى من قبل أن يرمي رمي
أصمـت فؤاد الدين واعجبـاه من ركـن التقى لمصابـه لـم يهـدم
فهوى كطـود هـد فارعـه على وجه الثرى من فوق ظهر مطهـم
قسمـا ببيض ظباً رتعن بجسمـه مع كـل مطرد الكعـوب مقـوم
لـولا القضـاء به لما ظفرت وهل ظفـر البغاث بصيـد نسـر قشعم
ساموه بعد العز خسفـاً وامتطـوا لقتال خير الخأـلق كـل مسـوم
الفوه ظامي القلـب يجـرع علقمـا والمـاء يلمـع طامياً في العلقـم


أدب الطف الجزء السادس 117


حـطمته خيل الظالمين وما سوى صدر المعالي خيلها لـم تحطم
عـقرت بحد المشرفي فـهل درت وطـأت سنابكهـا لأي مـعظم
وبقى الإمام عـلى الصعيد مجـدلا عـار ومنه الشيب خضب بالدم
ما أن بقي مـلقى ثلاثاً في الثـرى لا نـاقصـاً قدراً ولا بـمذمم
لكن مـلائكة السمـاء عليه مـن قبل الثلاث صـلاتها لم تـتمم
وعـدا الجواد إلى معـرس نسوة ينعي الـجواد بـرنة وتحمـحم
فخرجـن ربات البـدور نوادبـا كـل تشير بكفهـا والـمعصم
ويقلن للمهـر الكميت وسرجـه قد مـال وهو لمعرك لم يلـجم
يا مهر أين سليل من فوق البراق رقى الطبـاق السبع ليس بسلم
يا مهـر أين ابن الذي بصلاتـه يعطي الصـلات بـعفة وتكرم
يا مهر أين ابن المبـيد كمـاتها يـوم الهرير بصارم لـم يثلـم
يا مهر أين ابن الذي مهر أمـه مـاء الفرات وقلبه منـه ظمي
فبكى لندب الطاهرات على الفتى الندب الكمي دماً وإن لم يفهـم
ولـهن دل على القتـيل إشارة وهـو الصموت دلالـة المتكلم
فرأينه في الترب يكـرع بالقنا بـيد المنيـة مر كأس العلقـم
وعليه للخرصان نسج سوابـغ حـلق لها طول المدى لم تفصم
الله أكـبر يا لـه مـن فـادح جـلل عمر أبي وخـطب مدهم
ماء الفرات على الحسين محرم وعـلى بني الطلقاء غير محرم
وابن الدعية في البـلاد محكـم وابن النبي الطهر غير محكـم
وبنات رملة في القصور وعترة المختار لم تحجب بسجف مخيم
لعـنت عتاة أمية لعـناً على مـر الجديد لأنـها لـم تحلـم


أدب الطف الجزء السادس 118


قسمـا ًبـمن لبى الحجـيج بـبيته من كل ساع في الطفوف ومحرم
ما سـن قتل الآل يوم الطـف في سيف الضلال بكـف علج مجرم
إلا الألى نقضـوا الكـتاب وأخروا فصـل الخطاب وغيرهم لم يقدم
هـم أسسـوا وبنت أميـة بعدهـم ويـل لهم من حـر نار جهنـم
فـمتى أرى المهـدي يظهر معلناً للحق يوضح بالحسـام وبالفـم
ويسيـر في أم القـرى في فيلـق لجب وجيش كالأسـود عرمـرم
ومـواكب تـرد المجـرة خيلهـا وسوى فواقـع زهـرها لم تطعم
يحملـن آسـاداً كـأن سـيوفهـا برق تـلألأ في سحـاب مظلـم
ويطهر الآفـاق من عـقب غـدا الإيمـان عندهـم يبـاع بـدرهم
يا سـادة في الذكر جبريـل لـهم من عـالم الشهداء جاء بمحكـم
فـيكم « محمد » قد أجـاد فرائداً فلغيـر جيـد مديحكم لم تنظـم
قد ذاب أقصى القلب منه حين في تأريخهـا « طير شـدا بترنم »


أدب الطف الجزء السادس 119


الشيخ حسين العصفوري

المتوفي 1216

هو ابن محمد بن أحمد بن ابراهيم البحراني المتوفي بشاخور 21 شوال 1216.
قال في أنوار البدرين: له ديوان في تسعة آلاف بيت كلها في مراثي الحسين وترجم له تلميذه الشويكي في الدرر البهية فقال: هذا الشيخ أجل من أن يذكر. انتهت اليه رئاسة الامامية حيث لم تسمع الآذان ولم تبصر الأعيان مماثلا له في عصره، بل عده البعض من المجددين للمذهب على رأس الألف والمائتين. وترجم له الشيخ الأميني في (شهداء الفضيلة) وهو ابن أخ الشيخ يوسف صاحب (الحدائق) . ومن جملة الذين رثاهم الشيخ جعفر الخطي وأرخ بعضهم وفاته بقوله: قد كانت الجنة مثواه.
وبعضهم بقوله: شمس علم وجلال كسفت. وترجم له شيخنا البحاثة الشيخ آغا بزرك الطهراني في طبقات أعلام الشيعة وعدد مؤلفاته الكثيرة فقال: العلامة الأكبر الشيخ حسين ابن الشيخ محمد بن أحمد بن ابراهيم المتوفى سنة 1125 ـ بن الحاج أحمد المتوفى سنة 1075 ـ بن صالح بن أحمد بن عصفور بن أحمد بن عبد الحسين بن عطية بن شيبة.

أدب الطف الجزء السادس 120


في أنوار البدرين: هو من العلماء الربانيين والفضلاء المتتبعين والحفاظ الماهرين، بل عده بعض العلماء الكبار من المجددين للمذهب على رأس ألف ومائتين، كان يضرب به المثل في قوة الحافظة ملازماً للتدريس والتصنيف واللمطالعة والتأليف.
وفيه قال الشيخ محمد الشويكي الخطي من قصيدة:
حبذا نفحة قدس لا تضاهى فـي صلاة أرضـت الرب إلاهـا
بنت يومـين ويـوم برزت في صدور الطرس تهدي من تلاها
تطرب الرائي والراوي ولا عـجـب مـمن رآهـا ورواهـا

يشير بهذه الأبيات إلى قوة حافظة الشيخ المترجم له حيث أنه أملى في ثلاثة أيام كتاب (النفحة القدسية في الصلاة اليومية) على تلامذته.
وبالجملة فهو من أكابر علماء عصره واساطين فضلاء دهره، علما وعملا وتقوى ونبلا، ونادي بحثه مملو من العلماء الكبار من البحرين والقطيف والاحساء وأطراف تلك الديار وفتاواه وأقواله منقولة ومشهورة، وله تصانيف كثيرة، ذكر هو بعضها في اجازته للشيخ مرزوق بن محمد الشويكي.
ثم قال: وهو يروي عن أبيه الشيخ محمد، وعميه الشيخ يوسف، والشيخ عبدالعلي، ويروي عنه جماعة: منهم الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي.
توفي ليله الاحد الحادية والعشرين من شهر شوال سنة 1216 في بعض الوقائع الواقعة في البحرين وسمعت أنه ضربه ملعون من أعداء الدين بحربة في ظهر قدمه فمات شهيداً منها، وتاريخ شهادته (طود الشريعة قد وهى وتهدما) وقبره في قرية سكناه (الشاخورة) له مزار معروف، وقد رثاه الأديب الشاعر المبدع الحاج هاشم بن حردان الكعبي بقصيدتين طويلتين مطبوعتين في آخر الكشكول لصاحب الحدائق انتهى.

أدب الطف الجزء السادس 121


وترجم له الشيخ آغا بزرك في (الكرام البررة) ج 1 ص 427 فقال:
كان من كبار علماء عصره ومشاهيرهم، زعيم الفرقة وشيخها المتقدم وعلامتها الجليل. ولد عام 1147 وتخرج على عمه الشيخ يوسف صاحب الحدائق، وكان قرة عينه، وكتب له اجازتين: صغيرة وكبيرة مبسوطة وهي (لؤلؤة البحرين في الاجازة لقرتي العينين) وأوصى إليه بكتبه، ولذلك تصدى لتتميم الحدائق وسماه (عيون الحقائق الناظرة في تتميم الحدائق الناضرة) وقد طبع في النجف عام 1342 هـ.
وله زهاء ثلاثين مؤلفاً، عدها له مترجموه منها: النفحة القدسية، ومفاتيح الغيب والتبيان في تفسير القرآن، والأنوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع. وله ديوان في رثاء الحسين عليه السلام يزيد على سبعة آلاف بيت كما ذكر ذلك في أنوار البدرين عندما عد مؤلفاته.

أدب الطف الجزء السادس 122


الشريف ابن فلاح الكاظمي

المتوفي 1220
قـف بالطفوف وجد بفيض الادمع ان كنت ذا حـزن وقـلب موجع
أيبيت جسم ابن النبي علـى الثرى ويبيت من فوق الحشايا مضجعي
تباً لقلـب لا يـقـطــع بـعـده أسفاً بسيـف الحـزن أي تقـطع
وعمى لعـين لا تـسـح لـفقـده حمر الدما عـوض الدموع الهمع
وأذاب جسمي السقم إن هو لم يذب حزناً لجسم بالسيـوف مـبضـع
سبيت حـريمي إن نسيت حـريمه فـي كربلاء تسبي بأيـدي الزيلع
وثكلت ولـدي إن سلوت رضيعـه أودى به سهـم اللئـام الـوضـع
صرخت علي النائحات وأعـولـت إن لـم أنـح للصارخات الجـزع
رضت جياد الخيل صدري إن سلا بالطـف قلبي رض تـلك الأضلع
لـم أنـس لا والله زينب إذ مشـت وهي الـوقـور اليه مشي المسرع


(1) عن سوانح الأفكار في منتخب الأشعار ج 3 ص 202.


السابق السابق الفهرس التالي التالي