أدب الطف الجزء السادس 92


تالله ما قتل الـحسين سـوى الألى قدما على الهادي عتوا واستكبروا
هم أسسـوا فبنت بنـو حرب وقد هدموا الرشاد وللضـلالة عمروا
سفهـت حلومـهم وظـلوا والذي ضاعـت بصيرة قـلبه لا يبصر
فلسـوف يجـزون الذي قد قدموا بحيـاتهم يـوم المـعاد وأخـروا
يوم بـه الأفـواه تختـم لـم تفه واللسن تطوى والصحائـف تنشر
فمتى أرى شمس الشريعة أشرقت وضياؤهـا بشعـاب مـكة يظهر
وأرى المنابر قد زهـت أعـوادها ومـؤذن الـدين الحنـيف يكـبر
واشاهـد الر ايـات يخفـق عدلها في الـخافقين يحـف فيها عسكر
والقـائـم المـهـدي قائـده وفي الأحكام ينـهى مـن يشاء ويـأمر
ويمكن الصـمصام مـن أعـدائه والـوحي يعـلن بالـنداء ويجـهر
ظهر الامام اليـوم، أرض الله من أعـدائه بشـبا الـحـسام تطـهر
ويـعـود ديـن محـمد بمـحمد يبـدي التبهـرج وهو غض مزهر
يا مـن بهم بطحاء مـكة شرفت والـمروتـان وزمـزم والمـشعر
والـركن والبيت المـعظم والصفا ومـنى وطـيبة والنقتى ومحـسر
يا من إذا ما عد فـخر في الورى لـذوي النهـى فالفخر فيـهم يفخر
كـل الـرزايا أن تعاظـم خطبها لجـليل رزئـكم تـذل وتـصغـر
رزء أب بمهـجتي نـار الأسـى بـرداً وسحـب مـدامعي تتـوجر
لا الوجد باخ ولا المـدامع أقـلعت حـزناً وجـرح حشاشـتي لا يسبر
يا سـادتي جـرعت مـن أعدائكم بـولاكـم صبـراًً إلـى كـم أصبر
ما لي سوى اللعن المضاعف للأولى نقضوا الكتـاب وحـرفوه وغيـروا


أدب الطف الجزء السادس 93


فمبدحكم والـرجم فـي أعدائكم مهـما أفـوه فـانني لمقـصر
ان فاتني في الطـف نصر مهند فبـمذود عنـكم أذود وأنـصر
فخذوا من الجاني «محمد» مدحة تعنو لها (عبس) وتخضع (حمير)
بدويـة الألفـاظ بكـراً يمـمت لكـم بأثواب الفـصاحة تخـطر
(حلية) راقـت ورق نظـامـها وزكت وفيكم طاب منها العنصر
فكأنها أخـبار نجد فـي الورى تـزداد حـسنا كـلـما تتـكرر
صلى الإله عليكم مـا أسبغ اللـ ـيل البهـيم ولاح صـبح مسفر


أدب الطف الجزء السادس 94


الشيخ محمد بن الخلفة



المتوفى 1227 هـ
هو الشيخ محمد بن اسماعيل البغدادي الحلي الشهير بابن الخلفة. شاعر أديب وناثر مبدع (1).
ولد ببغداد وهاجر أبوه منها وهو طفل إلى الحلة وكان يحترف فن البناء وقد مهر فيه فتوطن بها وقد شب وليده في الفيحاء يقلد والده في صناعته ويتبعه في عمله غير أن مواهبه الأدبية أبت عليه إلا أن يكون في مصاف الخالدين والشعراء المطبوعين فكان وهو يساند والده اسماعيل ويساعده يتطلع إلى المليح من القول الرقيق من الشعر وبذلك نمت روحه الوثابة إلى كسب الأدب عن طريق الميل الفطري حتى إذا صار يفاجىء السامعين بنوادر له وملح كانت تلتقطها الآذان بشوق وقوة وذاع صيته الذي وصل إلى الأمراء والولاة، أخذ يواصل نثره ونظمه باللغتين الفصيح والدارج فيبدع ويسحر، وهو الى كل ذلك يم يحضر على أستاذ ولم يتعلم عند معلم سوى ما كان يتلقفه من النوادي والمجالس من سماع المحاضرات والمساجلات التي تدور في دار السيد سليمان الكبير وأولاده ولإبداعه وتقدمه في الإنتاج اتصل بأعلام كان منهم الشيخ أحمد النحوي وفاز وعرف من بينهم كعضو له قيمته ووزنه، ورمقه الكثير من أدباء عصره

(1) عن شعراء الحلة للخاقاني.
أدب الطف الجزء السادس 95


فكانوا يحترمون جانبه وينزلونه المكان السامي وكان لرعاية الوالي داود باشا أبلغ الأثر في إبداعه والإكثار من النظم والتنوع فيه. وعلى أثر ذلك قدم له روضته العامية في الموال التي استوفت حروف المعجم وقد خللها بمدحه وإكباره والذي جاء مطلعها:
الخمسة حـواسي مع جيدي وآرائي أمسى يجـلب لهن فـكـري وآرائي
أكبل بها شـوك ودع الخلك وارائي إلك من حيث ملك مـا جـدن مرءا
إي والجعل لي كلوب أو دادنه مرءا أحجيلك الصدك جم بجماك من مرءا
أمشيت عفه ما كولل زيغ وارائي

وكذلك واصل مدحه لداود باشا عن طريق اللغة الدارجة فقال فيه بعض القصيد من نوع الركباني، وفي هذا الفن الذي اختص بعرب البادية كان ابن الخلفة مجيداً فيه وقد أثبت منه قسماً السيد الأمين في كتابه (معادن الجواهر) ج 3.
وابن الخلفة في شعره يبدو كشاعر ملهم تأثر ببيئته وامتزج بروح أبناء عصره لم يقرأ كتاباً ولم يطلع على قواعد العربية من نحو وصرف بل كان يستمد ذلك من ذوق خاص به. ذكره فريق من المترجمين منهم صاحب الحصون في ج 9 ص 335 فقال: كان اديباً شاعراً، يعرب الكلام على السليقة، ولم يحصل على العربية ليعرف المجاز من الحقيقة، وكان يتحرف بالبناء على أنه ذو إعراب، ويطارح الشعراء في غير كتاب، وله شعر في الأئمة الأطهار وفي مدح العلماء

أدب الطف الجزء السادس 96


والأشراف، وكانت له اليد الطولى في فن البند، توفي في أول الطاعون الكبير عام 1247 هـ في الحلة ونقل إلى النجف فدفن فيها، ومن شعره الذي يصف فيه ارتكاب (السكولات) للفظائع التي أوقعوها في الحلة على عهد حاكمها محمود أغا السفاك سنة 1211 هـ.
عليك أبا السبطين لا يمكن العتب إلى ومتى ذا الجور يحمله القلب
أفي كل يوم في ربي الهم والعنا يروح بنا ركب ويغدو بنا ركب
وأظلمت الفيحاء مـن بعد بهجة وكدر من آفاقها الشرق والغرب
بلينا ضحى في عـامل فيراعه له عـامل لا القعضبية والقضب

وذكره السماوي في الطليعة فقال: كان أديباً وشاعراً يعرب الكلام على السليقة، ويتجنب مجاز النحو فيصيب الحقيقة، وكان يتحرف بالبناء على أنه ذو إعراب، وله شعر كثير في الأئمة الأنجاب.
والحق أن ابن الخلفة كان من بارزي الأدباء في عصره وقد تمشى في العمر طويلاً وعاصر طبقات منهم ولعله في غنى عن الإطراء بعد أن ذكره شيخ شعراء عصره السيد مهدي السيد داود في مقامته التي بعث بها إلى الشاعر السيد راضي القزويني البغدادي والتي ستأتي مثبتة في ترجمته فقد عبر عنها بقوله: فابتدرهم من شعراء الحلة الفيحاء ذو الشرف والعفة (محمد بن اسماعيل الخلفة) والأبيات مثبته في النماذج. وقد أثبت هذه المقامة السيد مهدي في كتابه (مصباح الأدب

أدب الطف الجزء السادس 97


الزاهر) ونقلها عنه ابن أخيه السيد حيدر فدونها في ج 1 ص 107 في (العقد المفصل).
نموذج من بنوده:
ذكرت غير مرة نموذجاً من النبود، كما ذكرت أن هذا الفن له استقلاله وتأريخه، وقد اعتنقه فريق من الأدباء ونظموا فيه وقد أجاد الكثير منهم ولكن أظهر من ظهر من أعلامه هو شاعرنا ابن الخلفة الحلي فقد نظم مجموعة من البنود ومع الأسف لم يصلنا منها سوى هذا البند غير أن بعض إخواني أخبرني عن وجود بند له قاله في تعظيم الله تعالى فأرجو منه أن يوقفنا عليه، وإليك البند والمشهور الذي تذوقه أرباب الفن أكثر من غيره قوله يمدح الإمامين الجوادين موسى الكاظم ومحمد الجواد عليه السلام: ألا يا أيها اللائم في الحب، دع اللوم عن الصب، فلو كنت ترى الحاجبي الزج، فويق الأعين الدعج، أو الخد الشقيقي، أو الريق الرحيقي، أو القد الرشيقي، الذي قد شابه الغصن اعتدالاً وانعطافاً، مذ غدا يورق لي آس عذار أخضر دب عليه عقرب الصدع وثغر أشنب قد نظمت فيه لئال لثناياهن في سلك دمقس أحمر جل عن الصبغ وعرنين حكى عقد جمان يقق قدره القادر حقاً ببنان الخود ما زاد على العقد، وجيد فضح الجؤذر مذروعه القانص فانصاع دوين الورد، يزجدي حذر السهم طلا عن متنه في غاية البعد، ولو تلمس من شوقك ذاك العضد المبرم، وللساعد والمعصم، والكف الذي قد شاكلت أنمله أقلام ياقوت، فكم أصبح ذو اللب من الحب بها حيران مبهوت، ولو شاهدت في لبته يا سعد مرآة الأعاجيب، عليها ركبا حقان من عاج هما قد حشيا من رائق الطيب، أو الكشح الذي أصبح مهضوماً نحيلاً مذ غدا يحمل رضوى كفلا بات من الرص، كموار من الدعص ومرتجي ردفين، عليها ركبا من ناصع البلور ساقين، وكعبين أديمين، صيغ فيهن من الفضة أقدام لما لمت محباً في ربي البيد من


أدب الطف الجزء السادس 98


الوجد بها هام، أهل تعلم أم لا أنت للحب لذاذات، وقد يعذر لا يعذل من فيه غراماً وجوى مات، فذا مذهب أرباب الكمالات، فدع عنك من اللوم زخاريف المقالات، فكم قد هذب الحب بليداً فغدا في مسلك الآداب والفضل رشيداً صه : فما بالك أصبحت غليظ الطبع لا تعرف شوقاً، لا ولا تظهر توقا، لا ولا شمت بلحظيك سنا البرق اللموعي إذا أومض من جانب أطلال خليط منك قد بان، وقد عرس في سفح ربى البان، ولا استنشقت من صوب حماة نفحة الريح، ولا هاجك يوم للقاه من جوى وجد وتبريح. لك العذر على انك لم تحظ من الخل بلثم وعناق، وبضم التصاق، لم تكن مثلي قضيت ليال سمح الدهر بها مذبات سكرى قرقف الريق بتحقيق، فما هو ابريق، ومشمومى ورداً لاح في وجنة خد فاح لي عرف شذاه، وإذا ما جن ليل الشعر من طرته أوضح من غرته صبح سناه، لو ترانا كل من يبدي لدى صاحبه العتب، ويبدي فرط وجد مؤلم أضمره القلب سحيراً، والتقى قمصنا ثوب عفاف قط ما دنس بالإثم سوى اللثم لأصبحت من الغيرة في الحيرة، حتى جئتني من خجل تبدي اعتذارا، ولا علنت بذكر الشادن الأهيف سراً وجهاراً، مثل أعلاني بمدحي للامامين الهمامين التقيين النقيين، الوفيين الصفيين، من اختارهما الله على الخلق، وسنا منهج الحق ومن شأنها الصدق بل الرفق، هما السر الحقيقي، هما المعنى الدقيقي هما شمس فخار خلقا في ذروة المجد هما عيبة علم ما له حد، فاسماؤهما قد كتبا في جبهة العرش بلا ريب، هما قد طهرا بالذكر من رجس ومن عيب، هما قد أودعا سراً من الغيب، هما قد أحرزا يوم رهان وسط مضمار المعالي قصب السبق حكى جودهما الودق، إذا حاد على الروضة تحدوه النعامى، رفع الله على هام الثريا لهما قدراً وفخراً ومقاماً، ليت شعري هل يضاهي فضل موسى كاظم الغيظ، بعلم أو بحلم أو بجود أو بمجد ونداه قد حكى البحر طمى في لجة الغيض، هو العالم والحاكم والفاصل والفاضل والقائم والقاعد والراكع والساجد والضارع خداً خشية الله ، فمن أوضح للدين الحنيفي لدى العالم إلاه، يرى البشر لدى الحشر، إمام طافت الأملاك في

أدب الطف الجزء السادس 99


مرقده إذ هو كالحج، وللتقوى هو النهج، وللجدوى هو الموج، في طلعته البدر إذا تم، ومن راحته اليم، كذا المولى الجواد البطل الليث الكمي اللوذعي الزاهد الشخص السماوي ومشكاة سنا النور الإلهي، عماد الدين موفي الدين وهاب الجياد القب والجرد لدى الوفد، ببذل زائد الحد، فتى جل عن الند شذاه، وعلى البدر سناه، فهما عقد ولائي ومنائي وغنائي وسنائي. بهما يكشف كربي، وبدنياي هما عزى وفخري بل وذخري حين لا يقبل عذري بهما صدق اعتقادي بودادي، إذ في غد أعطى مرادي حين أسقى من رحيق السلسل السائغ كأساً من يدي جدهما الطهر، ومن كف الذي يدعى له بالأخ وابن العم، والصاحب والصهر، لمدحي لهما قد أصبح المسك ختاماً، وبحبي لهما أرجو لي القدح المعلى وأنل فيه من الغبطة قصداً ومراماً، حاشا لله غداً أن يرضيا لي لولائي لهما غير جنان الخلد داراً ومقاما.
وقال يمدح الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام:
امرنة سجعت عـلى الأغصان فترنحـت مـرحا غصون البان
في روضة غنـاء فـي أفنانها غنى الهـزار بأطـرب الألحـان
روض كسته الغاديات مـطارفا من أبيـض يقـق وأحـمر قـان
زهر كوشي الغانيات على الربى متبهـرجـا بغـرائـب الألـوان
أمـا الأقاح فباسـم عـن ثغره مستهـزىء بـالآس والـريحان
وكـذلك الـورد الجـني بدا لنا فـوق الغـصون كأنجم السرطان
وبدا لناالنسرين يحكي في الدجى النسرين غـب كـواكب الميزان
ويبـيت نرجـسه لمنـهل الحيا يرنـو بفاتـر طـرفه الـوسنان
والمـاء سل حـسامه متعـمداً قد شق قـلب شـقائق النعـمان
والجـلنار كأنـه جـمر بـدا ليلا يلـوح عـلى ذرى الأغصان
فيه الظـبا ترد الأسود لحاظها والفتك فـتـك صـوارم الأجفان


أدب الطف الجزء السادس 100


هب الصبا سـحراً فأذكـرني الصبا عصراً بـه كان الـزمان زماني
مـع جيـرة بالـمأزمتين ترحـلوا وهم بقـلـبي فـي أجـل مكان
جردت سيف الصبر كي أفني الهوى فنبا فـعـدت بـه قطعت بناني
ويـلاه مـالي والغـرام لـو انـه شخص قطـفت فـؤاده بسناني
لكـنه نـار تـؤجج فـي الحـشا فيجـود دمـع العيـن بالهملان
يا سائق الركب الـطلاح عـشية والشـوق منـي آخـذ بعـناني
قتف بي رعـاك الله قبل تـرحل الا نضاء كي أشفي فؤاد العاني
قف بي رويـداً كي أبث العتب مع عتـب فحـمل صبابتي أعياني
يا عتب هل من عـودة يحـيا بها قلبي وهـل بعـد البعاد تـداني
وتعود من سفح العقيق إلـى منى تختال بيـن مـرابع الغـزلان
كم لا مني يا عتب لاح في الهوى لا كان لاح في هـواك لـحاني
يا عاذلي فـي حب ساكنة الحمى هيـهات ما قطـع المودة شاني
إن كان جاد عـلي سلطان الهوى وبأسهم البين المـشت رمـاني
مـالي سـوى أنـي أزج مطـية الشكـوى وأبدي ما أجن جناني
للمرتـضـى الكرار صنو محمد المخـتار ممـا نابني ودهـاني
فهو المعـد لـكل خطـب فادح وهو الرجا لمـخافتي وأمـاني
مولى لـه ردت ذكـاء بطيـبة وبـبابل أيـضـاً رجـوع ثان
مولى رقى كتـف النبي مشمراً لتـكسر الأصـنـام والأوثـان
مـولى كسا الأبـطال قاني حلة منسوجـة بعـواطل الاشـطان


أدب الطف الجزء السادس 101


مولى يتوق إلى الوعيظ وغيره لسمـاع غانية وضـرب قيان
قــرن الإلـه ولاءه بنبـوة الهادي النبي المصطفى العدناني
هـو خيـر خلق الله بعـد نبيه مـن ذا يقـارب فضله ويداني
يكفيـه مـدح الله جـاء منزلاً ومفصلاً فـي محكـم القـرآن
سل سورة (الأحزاب) لما فرق الأحزاب حين تـراءت الجمعان
ولعمـرهـا لمـا علـي قـده بمهنـد صافي الحديـد يمـاني
جبريل أعلن في السماوات العلى طوعـا لأمـر مكون الأكـوان
لا سيف إلا ذو الفقـار ولا فتـى إلا علـي فــارس الفرسـان
لو صاح في الأفلاك وهي دوائر يومـاً لعطلها عــن الدوران
في الحـرب بسام وفي محرابه يبكي رجاً مـن خشية الرحمن
يا منكـراً فضل الوصي جهالة سل «هل أتى حين على الإنسان»
فيها هـو الممدوح والمعني بلا شـك وذا قد نـص في القرآن
وبمكـة «إنـا فتحنا » أنزلـت بمديحـه فـي أوضـح التبيان
سل عنه في «صفين» ما فعلت يد الكرار حين تـلاقت الفئتان
و(النهروان) وقـد تخلـق مـاؤه بنجيـع كـل معـاند خـوان
يرجى ويحذر في القراع وفي القرى فـي يـوم مسغبة ويوم طعان
إن أقلـع الورق المـلث فكفـه هطل كصوب العارض الهتان
أمخـاطب الآساد فـي غاباتها ومكلم الاموات فـي الأكفـان
لو كـان رب للبــرية ثانيـا غاليت فيـك وقلت رب ثاني
أعلـي يا طـود المفاخـر والعلى يا من بحبك ذو الجلال حباني


أدب الطف الجزء السادس 102


إنـي بمدحـك مغـرم ومتيـم ما دمت في سـري وفي إعلاني
وبمـدح عترتك الكـرام وآلك الغر العظام غـداً رجوت أماني
هم فلك نـوح فاز راكبها ومن عنها تخلف خـاض في الميزان
إنـي بحبـل ولائهـم متمسك حسبـي به عـن غيره وكفاني
صدق اعتقادي سوف أبديه ولم أحفـل بكـل مـكـذب شيطان
إن النجـاة بأحمـد وبحيـدر وابنيـه ثـم بـواحـد وثمـان
وبفاطم الزهـراء بضعة أحمد المختـار صفـوة ربـنا الديان
فبهـم إله العرش يغفـر زلتي وبهـم يتوب الله عـن عصياني
خذهـا أميرالمؤمنين قلائـداً نظـمت وفيها من علاك معاني
منظومة في سلك فكر «محمد» تـزري بنظـم الـدر والمرجان
إن صادفت حسن القبول فحبذا فهو المـراد وكـل شيء فـاني
لا زلت أحكم في مديحك سيدي إحكام منظـمي وسحـر بـياني
حاشا يحيط بجود مجدك مادح لكن عـلى قدري أبـاح لـساني
وعليكم صلى المهيمن ما شدت ورق وما سجعت على الأغصان

وقال في اعتداء الوهابيين على حرم الحسين عليه السلام سنة 1216.
أبيت وطرفي ساهر ليس يهجع وقلبي لفرط الوجد مضنى وموجع
وجذوة حزني لا يبوخ ضرامها وعارض دمـعي يستـهل ويدمع
إذا ما خبث تالله في فلذة الحشا يهيج لهـا ريح من الهـم زعزع
فيا قاتـل الله الليالي فكـم لها خطوب تـنوب الخلق والجو أسفع


عن شعراء الحلة للخاقاني ج 5 ص 192.
أدب الطف الجزء السادس 103


دهتنا ولـم نعلـم بأعـظـم فـادح يكاد له صـم للصفـا يتصـدع
رمتنـا بقوس الـغدر سهـم رزيـة سقى نصله سم مـن الحتف منقع
غـداة بنو صخـر بن حرب تألبـوا على قتل سبط المصطفى وتجمعوا
وقـد حللـوا في عشـر شهر محرم دمـاه وعهـد الله خانـوا وضيعو
لـه يممـت زحفـاً بوادر خيـلهـا كتيـار بحـر مـوجـه يتـدفـع
فجـادلها والنقـع جـون سحـائب وفيـه بـروق للـصـوارم لمـع
إذا زمجرت للشـوس فيـه زمـاجر تصـوب سهـاماً ودقـها ليس يقلع
فجـدل منهـا كـل أرعـن حـازم ببيض المواضي والقـنا الخط شرع
إلى أن دنـا الحتـف الذي قـط ماله عن الخلق في الدنيا إيـاب ومرجع
رمـوه على الرمضاء عار وفي غد بسنـدس جنـات النعـيـم يلـفـع
فيـا كربلا كـم فيك كـر من البـلا فمـا أنت إلا لـلحـوادث مهـيـع
ومـا أنت إلا بقعـة جـاد رسمهـا غمـائم غـم بـالنـوائب تهـمـع
فكـم في رباك روعـت لابن فاطـم حصـان وبالصمـصام جدل أورع
وأطفالهـا من قبـل حيـن فصـالها عراها فطام وهـي في الحين رضع
وكـم فيـك أكبـاد تلـظت من الظما وكأس المنايا من حشا السيف تكرع
لـربعـك قدمـاً قـد قذفنـا بفـادح له زج خطب من ذوي الضعن أشنع
وفـي منتـهى ألـف وميتيـن حجـة وسبـع تليهـا خمسـة ثـم أربـع
بـك الدهــر أيـم الله جــدد وقعه أجـل من الأولى وأدهـى وأفظـع
أئن قتـلت في تـلك سبـعون نسمـة فستة آلاف بـذي المـوت جـرعوا
وأضحت أضاحي شهرذي الحج في منى لهـااليوم فـي واديك مغـنى ومربع


أدب الطف الجزء السادس 104


وهـل جاز نحر البهم من آل هاشم لأهـل الردى والبهم في البيد رتع
فسـحقاً لهذا الدين بـل ريب أهله وتعساً لمن سنوا الضلال وأبدعوا
مسيـلة أوصـى ابـن سعد لنحسه بإمضـائه إذ سـره فيـه مودع
غثى_ نينوى_ والصبح جردصارماً بغـربيه زنجـي الظلام يجـدع
بـعيس كأمثـال النعـام إذا سرت حثيثـاً لحصبـاء البسيطة تقلـع
تـقل علـى الأكوار شعثاً كـأنهم جنادب نجـد فـي المشـارع وقع
ينـادون بالإعلان يـا أهل كربـلا أتيناكم عودوا عن الشرك وارجعوا
فكـم فـي نداهـم سـب لله حرمة وكم في مداهـم جـز للآل منزع
فطـلوا دمـاء واستحلـوا حـرائراً وغـودر مـال الله فيهـم يوزع
فذي ثاكل خمصاء بطن من الطوى ومن شلـو هاتيـك الجوارح شبع
وتلك لفـرط الحزن تذري مدامعـاً وصيبهـا فـي واسع القفر ضيع
وقـد شتتوافي الأرض شرقاً ومغرباً فرادى ولـم يجمع لهم قط مجمع
وأخرى تنادي لم يجبها سوى الصدى كما رن فـوق الأيك ورق مرجع
وكم كـاعب بالكـف تستر أبلجـاً أبا الله فـي غيـر الحيـا لا يقنع
وفي حضرة القدس التي جل قدرها بها المـلأ الأعلـى سجـود وركع
تذبـح خدام لهـا فـي عراصهـا ويـأمن فيهـا الخائف المتـروع
أسف ولم أأسف على من تقوضت بهم يعمـلات البين تخدي وتسرع
لئـن حرموا الدنيا بأخراهم حظوا وبالحور والولدان في الخلد متعوا


أدب الطف الجزء السادس 105


ولـكن شجى الأحشاء هـدر دمائهم ولامستشيـر دابـر القوم يقطع
سوى فرقة مثلي على الضـيم سنها بأنمـلها من لا عج الوجد تقرع
وأسيـافها تشكوا الصـدى وعتاقها سـوابق إلا أنهـا اليـوم ضلع
فيا غيـرة الله استفـزي بمـا لقت ثمـود مـن التدمير منك وتبـع
أتـهـدم للنـور الإلـهـي قـبـة علـى الفلك الدوار تسمو وترفع
ويـقلـع بـاب الله عـن مستقـره وعـن كـل داع لا يرد ويردع
وتهتك حجـب الله عن أوجه التقى عتـاة بغيـر الشـرك لا تتبرقع
وتنـهب مـن بغـي خزائن من له من العبـد خـزان النعيمة أطوع
وتطـفـى قنـاديل كـشهب منيرة تطـوف قناديـل بها وهي فضع
ويحطـم شبـاك النـبـوة بـالظبا جـذاذاً وصندوق الامـامـة يقلع
كسـاه إلـه العـرش أنـوار قدسه عجيب يمـاط السر عنـه وينزع
ويحمـل سـيف الله عاتق مـارق ومن طبع ذاك السيف للشرك يطبع
ويـؤخـذ أعـلام لاعـلام ديـنه ضحـى ولها النصر الإلهي يتـبع
وينبش قبراً لو تكون السـما ثرى لحط له فـي قنـة العرش موضع
أيا بـن الذي أنوار شرعـته بدت ولاح لنـا لألاؤهـا يـتشعـشـع
أيفـعل ذا الباغي ولا مـنك دعوة أبى الله عنها ما لها الحـجب تمنع
تبيد بها نـجد ولـم حـلقت بهـا قـوادم فتخـاء إلـى الـجو تقلع
لناديك مـن صنعاء أمت ركـابها وفيـه ترى مـا يسـتباح ويصنع
وتوسـعها حلماً وأنت ابـن ضيغم بغيطانها مـن سيفـه الجن تفزع
أتـعـجز لا والله تطـبـق السمـا عليهم فركن الشم بالغي ضعضعوا
وشقوا عصى الإسلام بالبيض والقنا وبالسب والتثليب والقـذف شنـعوا


أدب الطف الجزء السادس 106


إلى م وهذا الصبر ان كنت صابراً فلسنا بهـذ الضـيم ترضى وتقـنع
بنـا شمـت الأعدا وقـالوا إمامكم كمـا قـد عـلمنا لا يضر ويـنفع
فمـاذا جـواب الكاشحين أبـن لنا لنبسط عـذراً أن يصيخوا ويسمعوا
فإن قلـت عفـواً فليكن عفو قدرة وإن قلت حلماً فهـو من ذاك أوسع
أمولاي صفحاً فهت من نار حرقتي بما فهـتـه إذ أنت للمصفـح منبع
خدعتك في ذا العتب كي تهلك العدى بمـا فعلوا والنـدب بالعتب يخـدع
متـى يا إمـام العصـر تقدم ثائراً تقوم بـأمـر الله بـالحق تـصـدع
وتردي بمسـنـون الفـرار عصائباً مدى الدهر قد سنوا الضلال وأبدعوا
وتنظـر أشيـاعاً عفـاة جسومهـا لـفرط الأسى والقـلب منها مشـيع
فصـلها وعـجل حيث لم تر راحماً وأرحـامـها بالمـشـرفية قطـعوا
وفـي كربلا عـرج يريـك مؤرخاً الـوفـك يا لله بالتـرب صـرعوا
عليـك عزيز أن تـرى ما أصابهم ولكنـمـا حكـم القضا ليـس يدفع
أيا ابـن رسـول الله وابن وصيـه إليـك بجرمي فـي القيامـة أفزع
فرد عـبدك (الحلي) مـولاي شربة لأن لكم في الحـشر حوض مدعدع
(محمد) لا تحـرمه مـن شـفاعة سـواك فـمـن ذا للبـرية يشفـع
فخذها الفرط الحز خـنساء ثا كلا إذا انشدت يوماً بها الصخر يصدع
عليـك سلام مـا مـغـناك لعلعت حـداة ركـاب مـا زرود ولعلـع


أدب الطف الجزء السادس 107


وله يرثي أبا الفضل العباس بن علي عليه السلام ويؤرخ عام نظمها وذلك في الخامس من المحرم 1215 هـ قوله:
احبس ركـابك لـي فهذا الأبرق إنـي لغـير ربـاه لا أتشـوق
لي فيـه سحب مدامع مرفضة وبـروق نـار صـبابة تتـألق
شـوقاً لمـا قضيت بين ظبائه عصراً به غصن الشبيبة مورق
يـا سعد دع لومي فأيام الصبا بيض بهـا لذوي المحبة رونق
أيـام لاغطنـي بمنعرج اللوى حـرج ولا عيشي لعمرك ضيق
ولـت فبت أعض أنمل راحتي وكصـفقه المغبون وجداً أصفق
وهتفت هتف مرنة رأد الضحى أسفـاً وجيـدي بالهموم مطوق
وحشـاشتي كمـداً تقيـد مثلما حزنا على (العباس) دمعي مطلق
الفارس البطل الذي يردي العدى من كفـه ماضي الغـرار مذلق
فهـو الـذي بالمكرمات متوج فخراً وبالمجـد الأثيـل ممنطق
صمصام حـق ليس ينبو حده وجواد سبق في النـدى لا يلحق
لـم أنس من خذل الأنام شقيقه مذ شاهدوا ريب المنون وحققوا
فـي نفسه واسى الحسين فيالها نفس علـى مـرضاة رب تنفق
لمـا رأى في الغاضرية نسله يبس الثغور مـن الظما لا تنطق
فـاعتد شوقـاً للمنايا وامتطى طرفاً لأرياح العـواصف يسبق
ومضى لشاطي العلقمي بقربة كيمـا لهـا عـذباً فراتاً يغبـق


عن شعراء الحلة للخاقاني ج 5 ص 196.


السابق السابق الفهرس التالي التالي