أدب الطف ـ الجزء السادمس 63


لك الـمقام الذي مـا زال مـشتملا على مـلائـكة غــر وامـلاك
يـقبـلون ضـريحاً ضـم ناسكـة ترعرعت بيــن زهـاد ونسـاك
يبكـون مـن خيفة والثغـر مبتسم مـن الـمسرة يـا للضاحك الباكي
ويصـدرون وفـي أيـديهـم سبب مـن المحامد مــوصول بذكراك
أولاك مـولاك مـجداً لا يـرام فما أحـراك بـالغاية القصوى وأولاك
لجيد مجـدك أطـواق الثنـا خلقت جــل الذي بـجلى الفضل حلاك
طوبى لمن شم يوماً مـن حماك شذا لأن مـن جـنة الـفردوس ريـاك
اني لاغـبط مـخدوميـن قـد خدما مثواك يا قدس الـرحمـن مثـواك
همـا لعـمر العلـى بـدران تمهما وحسن حالهمـا مـن بعض حسناك
من كالحسين وقـد أمـسيت عـمته فـلو دعـوت أمـس الناس لبـاك
ومـن يـداني عـليا وهـو منتسب للمـرتضى وهـو مـولاه ومولاك
تقاسـما خـطط الـعلياء وارتضعا ثدي الـعلى حافـلا في ظل مغناك
غيثان لا يـعدم المـضطر غوثهما لأن جودهما مـن فـيض جـدواك
وحـسب هـذين فـخراً أن ذكرهما يـا درة الـتاج مـقرون بـذكراك
اليك يـا مفـزع الراجي مددت يدي وأنـت أدرى بمـا يـرجوه مولاك
وكيـف لا يـطلب الدنـيا وضرتها مـولاكـم وهـمـا أدنى عطايـاك


أدب الطف ـ الجزء السادمس 64


السيد احمد العطار

المتوفى 1215
أي طـرف مـنا يـبيت قـريراً لـم تفجـر أنـهـاره تفـجيـراً
أي قلب يسـتر مـن بـعد من كا ن لقـلب الـهادي الـنبي سرورا
آه واحـسرتـا عـليه وقـد أخـ ـرج عـن دار جـده مـقـهوراً
كاتبـوه فـجاءهـم يـقطع البيـ ـداء يـطوي سهولها والـوعورا
أخلفوه مـا عـاهدوا الله من قبـ ـل وجاءوا إذ ذاك ظلمـاً وزوراً
أخلفوا الوعد أبدلوا الود خانوا الـ ـعـهد جـاروا عتـوا عتوا كبيراً
فـأتاهـم مــحـذرا ونـذيـرا فـأبى الـظـالمـون إلا كفـوراً
وأصروا واسـتكبـروا ونسوا يو ماً عبـوسـاً على الورى قمطريراً
لست أنسى إذ قام في صحبه ينـ ـثـر مـن فـيه لـؤلؤاً مـنثوراً
قـائـلا لـيس للـعـدى بـغية غـيري ولا بـد أن أردى عـفيرا
اذهبوا فـالدجى ستير ومـا الـو قـت هـجيراً ولا السبيل خـطيراً
فـأجـابوه حـاش لله بـل نـفد يك والمـوت فـيك لـيس كثـيرا


أدب الطف ـ الجزء السادمس 65


لا سلمـنا إذن إذا نـحـن أسـلمـ ـناك وتراً بـين العدى مـوتورا
أنـخليك فـي الـعـدو وحــيداً ونـولـى الأدبـار عنـك نفورا
لا أرانــا الإلـه ذلك واخـــتا روا بدار البـقـاء مـلكاً كـبيراً
بــذلـواالجهد في جهاد الأعادي وغـدا بعضهـم لبـعض ظهيراً
ورمـوا حـزب آل حـرب بحرب مـأزق كـان شـره مـستطيراً
كـم أراقـوا مـنهـم دمـاً وكأي مـن كـحي قـد دمـروا تدميرا
فـدعاهـم داعي المنون فـسروا فـكأن الـمنون جـاءت بشيـرا
فـأجابوه مـسرعين إلى القـتـل وقـد كـان حظهـم مـوفـورا
فلـئن عانـقوا السيوف ففي مـقـ ـعد صدق يعـانقـون الحـورا
ولئن غودروا على الترب صرعى فسيـجزون جـنـة وحـريـرا
وغـداً يـسربـون كأساً دهـاقـاً ويلـقـون نـظــرة وسـروراً
كان هــذا لـهـم جـزاء مـن الله وقـد كان سعيهـم مشكـوراً
فـغـدا السـبط بعدهم في عراص الطـف يـبغي من العدو نصـيرا
كـان غـوثاً للـعالمـين فأمـسى مستغيـثاً يـا للـورى مستـجيرا
فــأتـاه سـهـم مـشـوم بـه انقض جديلا على الصـعيد عفيرا
فـأصاب الفـؤاد مـنه لـقــد أخطـأ مـن قـد رماه خطأ كبيراً
فأتـاه شـمـر وشـمر عـن سا عـد أحـقـاد صـدره تـشميرا
وارتـقى صـدره اجـتراء على الله وكـان الـخب اللئـيم جسورا
وحسين يقول إن كـنت من يجـ هـل قـدري فـاسأل بذاك خبيراً
فـبرى رأسـه الشـريف وعـلا ه على الـرمـح وهو يشرق نوراً
ذبـح العلـم والتـقى إذ بــراه وغـدا الـحق بـعده مـقهـورا
عجـباً كيـف تلفح الشمس شمساً لـيس يـنفك ضـوءهـا مستنيرا


أدب الطف ـ الجزء السادمس 66


عجبـاً للسمـاء كيـف استـقرت ولـبدر السـمـاء يـبدو منيراً
كيف من بـعـده يـضي ألـيس البدر من نور وجهه مـستعيرا
غادروه علـى الثرى وهو ظل الله فـي أرضـه يقاسي الـحرورا
ثـم رضـوا بـالعاديات صدوراً لأناس في الناس كان صـدورا
قرعـوا ويلهـم ثـغـور رجـال بهـسم ذو الجلال يحمي الثغورا
هجروا فـي الهجيـر أشـلاء قوم أصبح الـذكر بعدهم مهـجوراً
أظلـم الكـون بـعدهم حيـث قد كانوا مــصابيح للورى وبدورا
استبـاحـوا ذاك الجنـاب الذي قد كان حصناً للـمستجير وسـورا
أضرمـوا فـي الخـيام ناراً تلظى فسيصـلون في الجحيم سعيـراً
بـعد أن أبـرزوا الـنساء سبـايا نادبـات ولا يـجدن مـجـيرا
مبديات الأسى على من بسيف الظـ ـلم قـد بات نحـره منحـوراً
مـن يصلى عـن المصليـن مـن يدفن تحت التراب تلك الـبدورا
مـن يقيـم الـعزاء حزناً على من رزؤهـم احزن البشير النذيـرا
من لأسد قـد جزروا كالأضاحـي يشتكون الظمـا وكانوا بـحورا
مـن لزيـن الـعبـاد إذ صـفدوه بقيـود وأوثـقــوه أسـيـراً
عجبـاً تجتـري الـعبيد على مـن كـان للنـاس سـيداً وأمـيـرا
من لـطود هـوى وكـان عظيـما من لـغصن ذوى وكان نضيرا
من لبدر أضـحى له اللـحد برجـاً مـن لشمس قد كورت تكويـرا
مـن لجسـم في التـرب بات تريبا مـن لـرأس فوق السنان أديرا
وجبـاه مـا عـفرت لسـوى اللـ ـه علـى الترب عفرت تعفيرا
وخدود شريـفـة لـم تصــعـر قـط للنـاس وسدوها الصخورا
ووجـوه مصـونـة هتـكـوهـا وأباحـوا حـجابهـا المـستورا


أدب الطف ـ الجزء السادمس 67


وبيوت بـرفعهـا أذن الله غــدت بعــد سـاكـنيهـا دثـورا
يا له فـادحاً تضـعضع ركن الـد ين من عظمه ورزءاً خطيراً
ومـصابـاً سـاء النبـي ومـولا نا عليــاً وشبـراً وشبيـرا
وخـطـوبا يطـوى الـجديـد ولا يفتاً في الناس حزنها منشورا
أو يقوم المهدي حامي حمى الإسلام سـاقي الأعـداء كأساً مريراً
رب بـلغه مـا يـؤملـه وافـتـح لـه من لدنك فـتحاً يـسيراً
ليت شـعري متى نـرى داعي الله إلى الحـق والسـراج المنيرا
أو ما آن أن يـرى ظـاهـراً فـي يـده سـيف جـده مـشهوراً
أو مــا آن أن يــرى ولــواء النصر من فوق رأسه منشورا
أو مـا آن أن يـحـور فيستأصل مـن كـان ظن أن لا يحورا
أو مــا آن أن نــروح ونـغدو في ابتهاج والعيش يغدو قريرا
أو مـا آن أن يـنادي منـاديــه عـن الله فـي الأنـام بشيرا
ذاك يــوم للـمؤمنيـن سـرور وعـلى الكافرين كان عسيرا
يا بـني الـوحي والألـى فيهم قد أنـزل الله هـل أتى والطورا
دونـكـم مـن سليلـكـم أحـمد دراً نظـيمـاً ولـؤلؤاً منثوراً
يبـتغي مـنكـم بـه جـنـة لـم يـر فـيها شمساً ولا زمهريرا
خـسـر المـادحـون غـيركـم والـمدح فيكم تجارة لن تبورا
وعليـكـم مـن ربـكـم صلوات عطـر الكـون نشرها تعطيرا


أدب الطف ـ الجزء السادمس 68


وله أيضاً:
مـا هاج حزني بـعد الـدار والـوطن ولا الـوقوف على الآثار والدمـن
ولا تـذكـر جـيـران بـذي سـلـم ولا سرى طيف من أهوى فأرقني
ولم أرق في الـهـوى دمعاً على طلل بـال ولا مربـع خال ولا سـكن
نعـم بـكائـي لمـن أبكى السماء فلا تـزال تنهل منـها أدمـع الـمزن
كــأننـي بـحسين يـستـغيث فـلا يـغاث إلا بـوقـع البيض واللدن
وذمـة لـرعـاة الـحق مـا رعيـت وحـرمـة لرسـول الله لـم تصن
أعـظـم بها محنـة جلـت رزيتـها يـرى لـديها حـقيراً أعظم المحن
يا باب حطـة يا سفـن النـجاة ويـا كـنز العفـاة ويا كهفي ومـرتكني
يا عصـمة الجـار يا من ليس لي أمل إلا ولاء إذا أدرجـت فـي كفنـي
هـل نظـرة مـنك عيـن الله تلحظني بها وهل عطـفة لي منـك تدركني
إن لـم تـكن آخذاً مـن ورطتي بيدي ومنـجدي فـي غدي يا سيدي فمن
وكـيف تبـرأ مـني فـي المـعادوقد محضـت ودك في سري وفي علني
أم كيف يعرض يوم الـعرض عني من بغيـر دبن هـواه القلب لـم يـدن
وهـل يـضـام معـاذ الله أحمدكـم ما هـكذا الـظن فيكم يا ذوي المنن
إليكـم سـادتي حـسنـاء فـائـقـة في حسـن بـهجتها من سيد حسني
عليـكـم صلـوات الله مـا ضحكت حـديقة لـبكاء الـعارض الهــتن


أدب الطف ـ الجزء السادمس 69


السيد أحمد بن محمد بن علي بن سيف الدين الحسني البغدادي الشهير بالسيد أحمد العطار



وأسرته تعرف بـ (الحيدرية) توفي سنة 1215 في النجف الأشرف ودفن في الإيوان الكبير قرب مقبرة العلامة الحلي أعلى الله مقامه.
فيكون عمره قد تجاوز السبعين وأرخ وفاته الحاج محمد رضا الأزري.
كان فاضلاً فقيهاً أصولياً رجالياً محدثاً زاهداً ناسكا صاحب كرامات أديباً شاعراً علماً من أعلام عصره هاجر من وطن أبيه بغداد إلى النجف الأشرف وعمره عشر سنوات فقراً العلوم العربية وغيرها حتى برع فيها ثم قرأ في الأصول والفقه على مشاهير ذلك العصر وكانت له خزائن كتب نفيسة تلمذ على السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي، له مؤلفات في الفقه والأدب والعبادة وديوان شعر يزيد على خمسة آلاف بيت ومن مؤلفاته:
1 ـ كتاب سماه التحقيق في الفقه وجد منه كتاب الطهارة بخطه في أربع مجلدات.
2 ـ كتاب في أصول الفقه في مجلدين.
3 ـ رياض الجنان في أعمال شهر رمضان (مطبوع).
4 ـ منظومة في الرجال (مطبوعة).
5 ـ الرائق في الشعر والأدب استفدنا منه كثيراً وروينا عنه في هذه

أدب الطف ـ الجزء السادمس 70


الموسوعة (1).
رثاه جملة من شعراء عصره منهم السيد ابراهيم ومنهم الشيخ محمد رضا الأزري. وفاته في السابع من شهر شعبان سنة 1216 هـ. قال الشيخ الطهراني في (طبقات أعلام الشيعة) رأيت بخط حفيدة العلامة السيد راضي بن الحسين بن أحمد ، على كتاب (رياض الجنان) للمترجم المطبوع، أنه ولد في النجف ربيع الأول 1128 ورأيت أرجوزته الرجالية الموجودة في النجف عند السيد محمد البغدادي، وكانت له اليد الطولى في الأدب بل كان من شيوخ الأدب في عصره وله ديوان شعر كبير جمعة بنفسه حوى مختلف الأنواع وضم جملة من مدائح أقطاب العلم ومراثيهم انتهى. أقول ورأيت ديوان السيد أحمد العطار في مكتبة كاشف الغطاء العامة ـ قسم المخطوطات .

(1) وقد سجل في الراثق مجموعة كبيرة من شعره، وإليك مطلع بعض القصائد:
1 ـ مرثية لأهل البيت أولها:
لا تأمن الدهر إن الغدر شيمته وخفض قدر أولي العلياء همته
2 ـ في مدح الامامين العسكريين أولها:
هي سامراء قد فاح شذاها وتراءى نور أعلام هداها
3 ـ في ص 346 من الجزء الثاني تعجيز قصيدة وتثليثها في قبة الامام أميرالمؤمنين علي عليه السلام: والتي أولها إليها تلوح كالقبس
أدب الطف ـ الجزء السادمس 71


جاء في كتاب (دار السلام فيما يتعلق بالرؤيا) والمنام للميرزا النوري قال:
رأيت في بعض الدواوين أن رجلا من الصلحاء رأى في منامه سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام، فأمرته أن يأمر أحد الشعراء من مواليها السعداء بنظم قصيدة في رثاء سيد الشهداء عليه السلام يكون أولها «من غير جرم الحسين يقتل» فامتثل اللبيب اللوذعي السيد نصر الله الحسني على منوال ما أمرت، ولما وقف السيد أحمد بن السيد محمد (1) على قصيدة السيد المذكور صدرها وعجزها رجاء أن ينتظم في سلك من امتثل أمر سيدة النساء عليها السلام فما كان من الأبيات عليها علامة فهو للسيد نصر الله وما لم يكن كذلك فهو للسيد أحمد بن السيد محمد وهي هذه:
«مـن غيـر جـرم الحسين يقتل» وجـده الهـادي النبي المرسل
ويـقطـع الشمـر جـهاراً رأسـه «وبـالدمـاء جـسمـه يغسل»
«وينسـج الأكفان من عفر الثرى» لجسـمه العاري السليب القسطل
أفـدي سليبـاً نسـجت مـلابسـاً «لـه جـنوب وصباً وشمـال»
«وقــطنـه شيبتـه ونـعشــه» اللدن وغسلـه الدمـوع الهـمل
ورأسـه يـشهـره بــين الـملا «رمح لـه الرجس سنان يحمل»
«ويوطئون صـدره بـخيلـهـم» تصـعد طـوراً فـوقـه وتنزل
أعظـم بـه صـدراً يـداس قسوة «والعلم فيـه والكتـاب الـمنزل»
«ويشتكي حر الظما والسيف من» فيـض نـجيـع نـحـره يـبلل
يدعو ألا هل شربة والـترب مـن «أوداجـه يـروى دمـاً ويـنهل»


(1) أقول هو السيد أحمد بن السيد محمد العطار وهو صاحب (الرائق) المخطوط.
أدب الطف ـ الجزء السادمس 72


«والمرتضى الساقي على الحوض غدا» والــده وهـو الإمـام الأفـضل
وكيـف يقضي عطشـاً مـن مثل ذا؟ ب«أبـوه والـجد النبـي المرسل»
«وأمـه الطـهر الـفرات مـهرهـا» وهـو لـدى الـجود سحاب هطل»
فيـا لـه بـحراً قـضى مـن ظمـأ؟ «وكفه كم فاض مـنهـا جـدول»
«والـمسلمـون لا يبـالـون بـمـا» كـان كـأن لـم يسمعوا أو يـعقلوا
هـذا ودمـع الـمصطفى جـرى لما «وجرى وقـد خـرت لذاك الأجبل»
«وهـد ركـن العـرش مـما نالـه» حزنـاً وعين الشمس أضحت تهمل
وهـدمـت لـذاك أركـان الـهـدى «والأرضون أصـبحت تـزلـزل»
«وقـد بكى جفـن السمـوات دمـاً» فلم يـزل دمـع السحـاب يـهطل
وأنـجــم السمـاء قـد تـكـدرت «وأمـست الأفـلاك فـيها تـعول»
«والـمرتضى وفـاطـم والـحسـن» الزكي قـد نـاحـوا أسى وأعـولوا
والمرسلـون والنبيون علـى السـبط «بـكـوا ممـا دهـى وولـولـوا»
«أفـديـه فـرداً مـا لـه من ناصر» غيـر ضـجيـج نـسوة تـولـول
يدعـو ولا غـوث لـه بيـن الورى «سـوى أسـى وعـبـرة تسلسل»
«قـد حـرمـوا الـماء عليه قسوة» هـذا وكـم قـد حللـوا مـا حللوا؟!
يرنـو إليـه السبـط حـيران الحشا «وهـو لـذؤبـان الـفلا يـحلل»
«وصرعوا أصحابـه مـن حولـه» وذبـحـوا رجـالــه وقــتلـوا
وجـدلــوا فـوق الثـرى أسرتـه «فيـا لـشهـب فـي التراب تأفل»
«ويـالآساد عـليـها قـد سطـت» كـلاب حـرب ودهـتـها الـغيل
سقتـهـم كأس الـردى عـلى الظما «بـنو كـلاب لاسـقـاهـا منهل»
«واركـبـوا نـسوانــه عـاريـة» شـعثـاً وقـد أودى بـهـن الثكـل


أدب الطف ـ الجزء السادمس 73


يـحمـلـن بـعـد العـز في مـذلة «علـى مـطايا لـيس فيها ذلل»
«ونسـوه الـطاغي يـزيد في حمى» عـز وقـد تـم لـهـن الـجذل
يــسحبـن أذيـال الهنـا وهـن في «أمـن عـليهـن السجوف تسبل»
«وأرضـعوا ثـدي الـمنايـا طـفلة» لادر درهـم بـمـا قـد فـعلـوا
وصيروا نسـج السـوافـي قمـطـه «ومـهـده صـخورهـا والجندل»
«وأطلقـوا دمـعاً عـلـى ابـن لـه» إذ أسـروه مــدنـفــا وكبلـوا
فلـم يـزل يـرسف في قـيد الضـنا «وكيـف لا وهـم لـه قد غللوا؟!»
«فيـا لهيـف الــقلب لا تطف ولو» أمـست بـك الاحشاء وجداً تشعل
ولا تـملـي الـدمـع يـا عيني ولـو «أهمـى مـن الدمـع سحاب هطل»
«ويـا لسانـي جـد بـأنـواع الـرثا» إن الـرثـاء فـي الحسين يـجمل
«وواس بنت المصطفـى فـي نوحها» «علـى إمـام قـد بـكتـة الرسل»
«وساعــد الـزهـراء إن نـوحـها» على قتـيل الطـف لا يـحـتمـل
وكـيف يـقـوى قلبهـا علـى اسى!؟ «عـليـه مـنـه يـذبـل يقلـقل»
«كـيـف بـهـا إذا أتـت وشعـرها» من دم مـولانـا خضـيب خـضل
«وفـي يـديهـا ثـوبـه مـضمـخ» دمـاً طـريـا والدمـوع هـمـل
فـعـندمـا يـؤتـى بــه مـخضبا «بـالـدم والأعـداء طـراً ذهـل»
«وهو بـلا رأس فتـبدي صـرخـة» وتـصـرخ الأمـلاك حيـن يمـثل
ثــم تــضـج ضـجـة عـاليـة «مـنها جـميع الــعالمـين تذهل»
«فـيأمـر الـجبـار نـارا اسـمـها» «هبـهب قـد أظلـم مـنها المدخل»
فحبسهـم سـجنـاً بـما قـد فـعلـوا هبهـب قـد أظلـم مـنها الـمدخل
«فـتلـقط الأرجـاس عـن آخـرهم» بمـا جـنـوه بـعـد أن يـقـتلوا
وتستـغيـث النـار مـن عـذابـهـم «فيصهلون وسطها وتـصـهــل»


أدب الطف ـ الجزء السادمس 74


«يـا آل طـه أنـتم ذخيرتي» ومـن عـليهـم أبــداً أعـول
لا أبتغي كـلا بـكـم من بدل «وليس لي سـوى ولاكم مـوئل»
«فاتحـفوني فـي غد بشربة» مـن سلسل قـد طاب منه المنهل
فحـزنكـم أذكى فؤادي فعسى «تطفى بـها نـار بـقلبي تشعل»
«صلى عليكـم ربنا ما ارقلت» قصداً إلى البيت الحـرام مـرقـل
وما حدى الحادون أو ما وجدت «شـوقاً إلى قـصد حماكم مرقل»


أدب الطف ـ الجزء السادمس 75


السيد محمد زيني

المتوفى سنة 1216
سرين بنا يتركـن بحـر الـفلا رهوا لها الوخد مرعى لاغثاء ولا أحوى (1)
وجدت بــقطـع الـدو حتى حسبتها ستقطـع في إرقالها الأفق والجوا
حداهـا مـن الأشـواق حاد فأصبحت تهـاوى بأيديها إلى ربع من تهوى
ومـا شـاقـها وادي العقيق ولا اللوى ولا رامة رامت ولا يممت حزوى
ولكنهـا وافـت بنـا أرض كـربـلا أجل أنها وافقت بنا الغاية القصوى
إلى حضرة القدس الـتي لثـم تربـها لنـا شـرف نسعى إليه ولو حبوا
نزلنا بهـا والـركـب شتى شؤونهـم فمن سـائل عفواً ومن آمل جدوى
دخـلنـا حـمـاهـا آمـنين وحسبنا دخـول ديـار عندها جنة المأوى
حمـى ابـن نجيـب الله مـن ولد آدم حسـين الـذي لولاه ما ولدت حواً
امـام حـباه الله حـكمـة حـكمـه وإن لـه الإثبات في الأمر والمحوا
وجـيـه فـإن نسـأل بـه الله منـة ينـزل عليـنا أفضل المن والسلوى
أحـاديـث عـلم الله مـن بيته تروى وإن ضماء العلـم من بحره تروى
أتيتك يا ابن المصطفـى بادي الشكوى لمـا نـابني من فادح الضر والبلوى


(1) عن ديوانه المخطوط في مكتبتنا (المكتبة الشبرية).
أدب الطف ـ الجزء السادمس 76


فقد صال هذا الـدهـر صـولة ثائر وشـن علـينـا صـرفـه غارة شعوا
أتيـتك ضيـفاً ابـتغي عندك القرى ومجتدياً لـم أرج مـن غيرك الـجدوى
علمـت يـقينـاً إذ طـويت لك الفلا بـأن كتـابي يـوم انـشر لـي يطوى
أنـاجـيك مـلهوفـاً وأعـلـم انـني أناجـي بسـري عـالـم السر والنجوى
عمـدت إلـيكـم ساهياً عـن جنايتي ويـا لك عمـداً قد محال العمد والسهوا
كتـمت ولائـي فيـك خـيفة مبغض وقـد يـظهر السر الـخفي من الفحوى
إذا مـا لـوى عـني الزمـان عنانه فـإن عنـاني عـن ودادك لا يـلـوى
فايـاك اسـتجدي فمن رفدك الجدوى وإيـاك استـعدي فـمن عنـدك العدوى

وله أيضاً:
هـل المحرم فـاستهلت أدمـعي وتسعرت نار الأسى في أضلعي
كيف السبيل إلـى العزا وهـلاله مفتـاح باب توجـع وتـفجـع
يا شهـر عاشـورا خـلقت كآبة منهـا فؤادي لا يـفيق ولا يعي
يا شهر عاشورا أصبت حشاشـة دفـت الزلال لـها بسم مـنقع


عن ديوانه المخطوط في المكتبة الشبرية.
أدب الطف ـ الجزء السادمس 77


السيد محمد زيني البغدادي: (1)



المتولد سنة 1148 والمتوفى سنة 1216.
محمد بن أحمد زين الدين ينتهي نسبه الشريف إلى الإمام الحسن السبط. شاعر شهير وعالم جليل. ولد في النجف الأشرف بتاريخ 8 جمادى الأول سنة 1148 ونشأ بها على والده والذي هاجر من بغداد إلى النجف من أجل الانتهال من نمير علمها الصافي وهكذا برع ولده على يد السيد المغفور له السيد مهدي بحر العلوم وقد أجاد الفارسية ونظم بها كثيراً. عثرت على ديوانه واستملكته أقول ورثاه ولده السيد جواد المعروف: (بسياه بوش).
قال السيد الأمين في الأعيان ج 43 ص 467. كان من مشاهير علماء النجف الأشرف وأدبائها وشعرائها في القرن الثاني عشر من معاصري بحر العلوم الطباطبائي وأحد أصحاب وقعة الخميس وكان متزوجاً بنت السيد حسين ابن أبي الحسن العاملي. له ديوان شعر رأيته في بغداد في مكتبة الشيخ محمد رضا الشبيببي وكان له اليد الطولى في نقل الشعر من الفارسيه إلى العربية بدون أن يتغير منه شيء غالباً وهو جد السادة المعروفين في النجف اليوم بآل زيني. حكى الشيخ ميرزا حسين النوري في كتابه دار السلام عن الشيخ جواد نجف عن والده الشيخ حسين نجف قال: كان السيد محمد زيني أحد العلماء المبرزين والفقهاء المكرمين إلى آخر ما ذكره، ثم قال وكان قد توسل السيد محمد زيني في حال رمده بأبيات أنشأها وهي قوله:

(1) أقول وأسرته آل زيني من الأسر العلوية المعروفة بحسن السمعة ولا تزال تسكن النجف وكربلاء.


السابق السابق الفهرس التالي التالي