أدب الطف ـ الجزء السادس 48


السيد مهدي بحر العلوم

المتوفى 1212
سـعد الـفائزون بالنصـر يوماً عز فيه النصير لابن البتول
أحسنوا صـحبة الحسين وفازوا أحسن الفوز بالحباء الجزيل
صـبروا للـنزال ضحـوة يوم ثـم باتـوا بـمنزل مأهول
وأصيـبوا بـقـرب ورد ظماء فأصابوا الورود في سلسبيل
أبـدلوا عـن حرور يوم تقضى جـنة الخلد تحت ظل ظليل
سبقوا في الـمجال سبقاً بـعيداً وبقينـا نـجول في التأميل
ضيعـوا عـترة النبي وأمسـوا وهـم بـين قـاتل وخذول

وقال:
الدين من بعدهم أقوت مرابعه والشرع من بعدهم غارت شرايعه


عن الديوان المخطوط بخط السيد محمد صادق بحر العلوم ـ مكتبة الامام الحكيم العامة النجف رقم 388.
أدب الطف ـ الجزء السادس 49


قد اشتفى الكفـر بالإسلام مـذ رحلوا والبغي بالحـق لمـا راح صادعـه
ودائـع الـمصطفى أوصى بـحفظهم فـضيـعوها فـلم تـحفظ ودائـعه
صـنـائـع الله بـدأ والأنـام لهـم صنايـع شـد ما لاقــت صنايعه
أزال أول أهــل الـغـي أولـهـم عن موضع فيه رب العرش واضعه
وزاد ما ضعضع الاسلام وانصدعت مـنه دعـائـم ديـن الله تـابعـه
كمين جـيش بـدا يوم الطفوف ومن يـوم السـقيفة قـد لاحـت طلايعه
يـا رمـية قـد أصابت وهي مخطية من بعـد خـمسين قد شطت مرابعه
وفجعـة مـا لـها في الـدهر ثانية هانـت لـديـها وإن جـلت فجائعه
كـل الـرزايا وإن جـلت وقائـعها تنسى سـوى الـطف لا تنسى وقائعه

وقال:
هذا مصـاب الـذي جبريل خادمه ناغاه فـي المهـد إذ نيطت تمائمه
هذا مصاب الشهيد المستضام ومن فـوق السـموات قـدقامـت مآتمه
سبـط الـنبي أبـي الأطهار والده الكرار مـولى أقام الدين صارمـه
صـنوالزكـي جنى قلب البتول له أقسومـة لـيس فـيها مـن يقاسمه
مـطهـر ليس يغشى الريب ساحته وكيف يغشى من الرحمـن عاصمه
لله طـهر تـولـى الله عـصمته أراده رجس عظـيمـات جرائمـه
لله مـجـد سـمـا الأفلاك رفعته مـاد العـلا عـندما مادت دعائمه
ضيـف ألـم بأرض وردها شرع قـضى بها وهو ظامي القلب حائمه
لهفـي علـى مـاجد أربت أنامله علـى السـحاب غدا سقيـاه خاتمه


أدب الطف ـ الجزء السادس 50


وقال:
لله مـرتضـع لـم يـرتضع أبداً من ثدي أنثى ومن طاها مراضعـه
يـعـطيـه إبهامـه آنـا وآونـة لسانـه فـاستوت مـنه طبايـعـه
سر بـه خـصه باريـه إذ جمعت وأودعـت فـيه عـن أمـر ودايعه
غـرس سقاه رسول الله من يـده وطاب من بعد طيب الأصل فارعه
ذوت بـواسـقه إذ أظـمأوه فـلم يـقطـع من الثمر المطلول يانعـه
عـدت عـليه يد الجانين فانقطعت عن مـجتنى نبعـه الزاكي مـنافعه
قضى على ظمأ والـماء قد منعت بـمشرعات الـقنـا عنه مـشارعه
هموا بإطفـاء نور الله واجـتهدوا في وضع قدر مـن الرحمن رافـعه
لـم أنسـه إذ ينادي بالطغاة وقـد تجمعـوا حـولـه والـكل سامـعه
ترجون جدي شفيعاً وهو خصمكم ويل لمـن خصمـه في الحشر شافعه


أدب الطف ـ الجزء السادس 51


السيد مهدي أو محمد مهدي ابن السيد مرتضى ابن السيد محمد الحسيني البروجردي المعروف ببحر العلوم الطبابائي من نسل ابراهيم طباطبا من ذرية الحسن المثنى ابن الامام الحسن الزكي ابن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
ولد بكربلا ليلة الجمعة في شوال سنة 1155 وتوفي بالنجف سنة 1212 ودفن قريباً من قبر الشيخ الطوسي وقبره مزور مشهور.
رئيس الإمامية وشيخ مشايخهم في عصره والملقب ببحر العلوم عن جداره واستحقاق لم تسمح بمثله الأيام، له الكرامات والمكاشفات وشهرته بالزهد والتقوى والإخلاص والعبادة لا تحتاج إلى بيان وأساريره وأنواره غنية عن البرهان، ترجم له جملة من الباحثين وذكروا كثيراً من أخلاقه وصفاته وعددوا مصنفاته ومؤلفاته منها:
1 ـ كتاب المصابيح في العبادات والمعاملات ينقل عنه الفقهاء.
2 ـ الدرة النجفية، منظومة في يبابي الطهارة والصلاة من الفقه يتجاوز عدد أبياتها الألفين، وقد أطبق العلماء والأدباء على أنها لا يوجد لها نظير، الشروع في نظمها سنة 1205 كما أرخها هو بقوله:
غراء قد وسمتها بالدرة تاريخها عام الشروع (غرة)

3 ـ تحفة الكرام في تاريخ مكة والبيت الحرام.

أدب الطف ـ الجزء السادس 52


4 ـ الفوائد الرجالية المسمى بـ رجال السيد بحر العلوم طبع بمطابع النجف سنة 1385 هـ ويقع في أربعة أجزاء ويحتوي على كثير من الفوائد والتحقيقات الرجالية وعلى تراجم عدد كبير من رجال الحديث والرواية. إلى غير ذلك من الرسائل والنوادر. أما آثاره ومآثره فمنها تعيين وتثبيت مشاعر الحج ومواقيت الإحرام على الوجهة الشرعية الصحيحة، وكانت قبل ذلك مقفلة مهملة فبقي قدس سره ما يقرب من ثلاث سنوات في مكة في هذا السبيل ولا يزال عمل الشيعة ـ اليوم ـ على نموذج تعيينه للمشاعر والمواقيت. أضف إلى ذلك آثاره في مسجد الكوفة ومسجد السهلة كما هي اليوم .
ولآية الله بحر العلوم مقبرة خاصة بجوار قبر الشيخ الطوسي بالنجف الأشرف. عليها قبة كبيرة كقباب الأئمة وهي من الكاشي الأزرق، رثاه ردم كبير من الشعراء المشهورين والفطاحل المرموقين كما مدحوهن في حياته، ونذكر من الذين رثوه الشيخ ابراهيم يحيى العاملي، والسيد أحمد العطار، والشيخ جعفر كاشف الغطاء والسيد جواد العاملي.
وقصيدة السيد بحر العلوم اللامية يرد على قصيدة مروان بن أبي حفص في (تحفة العالم) للسيد جعفر بحر العلوم ج 1 ص 247.
قال الشيخ الطهراني في الذريعة ـ قسم الديوان ـ ديوان السيد محمد مهدي نسخة خطية توجد عند أحفاده، وله الدرة المذكورة في ج 8 ص 109 وله القصيدة في حساب عقود الأنامل.
من شعره قوله في رثاء مسلم بن عقيل:
عين جودي لمسلم بن عقيل لرسول الحسين سبط الرسول


أدب الطف ـ الجزء السادس 53


لشـهيد بـين الأعـادي وحـيد وقـتيل لـنصر خـير قتـيل
جـاد بـالنفس للحسين فـجودي لـجـواد بـنفسـه مـقتـول
فـقلـيل مـن مـسلم طل دمع لـدم بعـد مسلـم مـطلـول
أخـبر الطـهـر انـه لـقتـيل في وداد الـحسيـن خير سليل
وعـليه الـعيون تـنهال دمـعاً هـو للـمؤمـنين قصد السبيل
وبـكـاه الـنبي شـجـواً بفيض من جـوى صدره عليه هطول
قائـلاً: إنـني إلـى الله أشـكـو مـا ترى عترتي عقيب رحيلي
فابك مـن قـد بكاه أحمد شجـوا قبـل مـيلاده بـعـهد طويل
وبكــاه الـحسين والآل لـمـا جاءهـم نـعيـه بـدمع همول
كان يومـاً علـى الحسين عظيماً وعلـى الآل أي يـوم مـهـول
مــنذراً بـاذي يـحـل بـيـوم بعـده في الطفـوف قبل الحلول
ويـح ناعـيه قد أتى حيث يرجى أن يجـيء الــبشير بالمأمـول
أبـدل الـدهـر بـالـبشير نـعياً هكـذا الـدهـر آفـة من خليل
فاحثـوا الـركـاب للثـأر لـكن ثـأروه بـكـل ثــأر قـتـيل
فــيهـم ولـده وولــد أبـيـه كم لهـم في الـطفوف من مقتول
خصـه الـمصـطفى بحبين حب مـن أبــيه له وحـب أصيـل
قـال فـيه الـحسين أي مـقـال كشـف الـسـتر عن مقام جليل
ابن عـمي أخــي ومن أهل بيتي ثقتـي قــد أتـاكـم ورسولـي
فأتـاهــم وقـد أتـى أهـل غدر بـايـعوه وأسـرعوا في النكول
تـركـوه لـدى الـهيـاج وحيداً لعـدو مـطالــب بـذحــول


أدب الطف ـ الجزء السادس 54


لسـت أنساه إذ تسارع قـوم نـحوه مـن طغاة كل قبيل
وأحـاطـوا بـه فكان نذيراً باقتحام الرجال وقع الخيول
صال كالليث ضارباً كل جمع بشبـا حـد سيـفه المسلول
وإذا اشتـد جـمعهم شد فيهم بحسام بقـرعهـم مـفلول
فرأى القـوم منـه كـر علي عمه في النزال عند النزول


أدب الطف ـ الجزء السادس 55


الشيخ ابراهيم يحيى الطيبي

المتوفي 1214
أيـها الـعاشـق ما هذا القلى أنت في الشـام وهم في كربلا
تـدعـي الحب وتختار النوى ما كـذا تفـعل أصحاب الولا
قعـد الـجسم بـرغمي عنهم والحشـا يـجتاب أجواز الفلا
حبـذا الحـي التهـامي الذي نـزل اليـوم علـى حكم البلا
ملأ الأحشاء حـزنـاً إذ هوى بـدره الـمقتول ظلماً في الملا
أي غـيث مـن بـني فاطمة فقـدت منـه الصوادي منـهلا
أي ليـث مـن بـني فاطـمة صادفت منـه العوالـي مقتـلاً
أي مـولى مـن بـني فاطمة قـتـل الإسـلام لـما قـتـلا
أي بـدر مـلأ الـدنيـا سـناً وجـلا كـل ظـلام وانـجلـى
أي عــذر لـعيـون فقـدت منـه نـور الـنور أن لا تهملا
كف لا تجري دمـوعـي للذي رزؤه أبـكـى النبـي الـمرسلا
أين أنت ا ليوم يا حامي الحمى ومـزيـل الـخطب لـما نـزلا
رب ذي عـيش مـرير طعمه عـذب الـموت لـديـه وحـلا
إن حزني كلـمـا بـردتــه بـشـآبـيـب الدمـوع اشتعـلا
أبـعـد الله نـوى الـقلب الذي كلمـا طـال بـه الـعهد سـلا


أدب الطف ـ الجزء السادس 56


أتــرى أي أنـاس غـيركم ودهم أجر كتـاب فـصـلاً
أتــرى أي أنـاس غـيركم بـرز الـهادي بـهم مبتهلا
أبقـوم غـيركـم قـد أنزلت آيـة التـطهير فـيما أنـزلا
أبقـوم غـيركـم يا هل ترى كـمل الدين الذي قـد كـملا
ليـت شعـري أعلى المرتضى أم سـواه مـنكب الهادي علا
أتـرى مـن نـصـر الله بـه حين فـر الجمـع طه المرسلا
أترى مـن كان صنو المصطفى حيـدر أم غـيره فـيما خـلا
من عنى الـقائل جهـراً لا فتى غيـر مـولانا علي ذي العـلا
يـا قتـيل الغـاضريات الذي قــتل الـدين لـه إذ قــتلا
وجـد المـحتاج بـحراً طامياً يقــذف الـدر فـعاف الوشلا

وقال:
بـنفسي أقـمار تهـاوت بـكربلا وليس لها إلا القلوب لـحود
بنفسي سليل المصطفى وابن صنوه يذود عن الاطفال وهو فريد
أذاب فـؤادي رزؤهـم ومـصابهم وعهدي به في النائبات جليد
فـقل لابـن سـعد أتعس الله جـده أحظك من يعد الحسين يزيد
نسـجت سرابـيل الضلال بـقتلـه ومزقت ثوب الدين وهو جديد
* * *

وقال:
لله أي مـصاب هـد أركاني وحادث عن جميل الصبر ينهاني
عز العزاء فلا صبر ولا جلد فكيـف تـطمع من مثلي بسلوان
وما بكيت لأن الحي من يمن سار الغـداة بـخلانـي وخلاني
ولا تلهفت لما بـان مـرتحلا من حاجر بغصون الرنـد والبان


أدب الطف ـ الجزء السادس 57


ولا نـزعـت إلى سلمـى بذي سـلم ولا عشوت إلـى نمى بـنعمـان
لكن تذكـرت يـوم الطـف فانهملت دمــوع عيني وشبت نار أحزاني
هـو الحسين الـذي لولاه ما وضحت معالـم الديـن للـقاصي وللدانـي
نفـسي الفـداء لـمولى سار مرتحلا مـن الحجـاز إلى أكنـاف كوفان
طـارت لـه من بني كوفان مسرعة صحائف الغدر مـن مثنى ووحدان
فسار يـطوي الـفلا حـتى أناخ بهم بفتيــة كـنجـوم الليـل غـران
وقـام فـيـهم خــطيباً مـنذراً لهم وهـو الملـي بـإيضـاح وتـبيان
حفـت بـه خـير أنصار لـه بذلت منهـا الـفـداء بـأرواح وأبـدان
حتى قضوا بالمواضي دونـه عطشا وكـل حـي وان طال المدى فإني
طـوبى لهم فلـقد نالـوا بـصبرهم خيـراً وراحـوا إلى روح وريحان
ومـا نسيبت فـلا أنسـاه مـنـفرداً بيـن العـدى دون أنصار وأعوان
يسطـو على جمعهم بالسيف منصلتا كالليث شد علـى سرب من الضان
ضرب يـذكرنا ضرب الوصي وعن منابـت الأصل ينبي نبت أغصان
مصيبـة أبلـت الدنـيـا وساكنـها وهـي الـجديـدة ما كر الجديدان
وكيف ينسى امرؤ رزءاً بـه فجـعت كريمـة الـمصطفى من آل عدنان
انفقـت فـيك لجين الـدمع فانبجست عيني عليك بـياقوت ومـرجـان
أمسي وأصبح والأحـزان تنـضحني من عـبرتي بدمـوع ذات ألـوان
حتى أرى مـنكم البـدر المـطل على أهل البسيـطة من قاص ومن داني
منى مـن المـنعـم الـمنان أرقـبها والـمن مـرتـقب مـن عند منان
وكم له من يـد عـندي نصرت بهـا على الزمـان وقـد نادى بحرماني
أحببتـكم حـب سـلمان ولـي أمـل أن تجعلوني لـديكـم مـثل سلمان
صلى الإلـه على أرواحكـم وحـدا إليكـم كـل احـسان ورضـوان


أدب الطف ـ الجزء السادس 58


الشيخ ابراهيم بن الشيخ يحي بن الشيخ محمد بن العاملي الطيبي



قال السيد الأمين في الأعيان : ولد سنة 1154 بقرية الطيبة من جبل عامل ـ لبنان ـ وتوفي سنة (1214) بدمشق عن 60 عاماً ودفن بمقبرة باب الصغير شرقي المشهد المنسوب إلى السيدة سكينة وكان له قبر مبني وعليه لوح فيه تاريخ وفاته رأيته وقرأته فهدم في زماننا.
كان عالما فاضلاً أديباً شاعراً مطبوعاً، نظم فأكثر حتى اشتهر بالشعر (1).
وكانت له اليد الطولى في التخميس فقد ولع به فخمس جملة من القصائد المشهورة كالبردة، ورائية أبي فراس الحمداني في الفخر وميميته في مدح أهل البيت ولا ميته المرفوعة التي قالهافي الأسر، وعينية ابن زريق البغدادي، وكافية السيد الرضى المكسورة وزاد عليها مخمساً وجعلها في مدح النبي، ورائية ابن منيرالمعروفة بالتترية، بل قيل انه اكثر المشهور من غرر الشريف الرضي، وإنه خمس ديوان الأمير أبي فراس برمته.
سافر إلى العراق فأقام به مدة، قرأ في أثنائها على السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي والشيخ جعفر النجفي صاحب كشف الغطاء، ثم سافر لزيارة الرضا عليه السلام ثم عاد إلى دمشق وتوطنها إلى أن مات.
له أرجوزة في التوحيد وجدتها بخطه وجمعت شعره في ديوان كبير يقارب سبعة آلاف وخمسمائة بيت بعد تفتيش وتنقيب كثير ورتبته على حروف المعجم انتهى. أقول: ونشر كثيراً منه في الأعيان من مدائحه في الرسول الأعظم والامام

(1) وورث ذلك منه أولاده واحفاده، فكلهم شعراء وأدباء كولديه للشيخ نصر الله والشيخ صادق وحفيديه الشيخ ابراهيم بن نصر الله والشيخ ابراهيم بن صادق وولده وغيرهم.
أدب الطف ـ الجزء السادس 59


أمير المؤمنين والأئمة من أهل البيت عليهم السلام. وترجم له صاحب (الحصون) ج9 ص 181 والشيخ السماوي في (الطليعة) والأستاذ علي الخاقاني في (شعراء الغرى) ج 1 ص 1.
وقال أيضاً:
أرابها نـفثة مـن صـدر مصـدور وهجـرة للـجفا مـن غير مهجور
أوفت عـلي وقالـت وهي مـجهشة مـا بـال صفوك مـمزوجاً بتكدير
لا تـضـجـرن لآمـال أوابـدهـا نـدت فـما زلـن في قيد الـمقادير
فقلت هـيهات مـثلي غـير منتجـع برق الـمنى وهو مزرور على الزور
خـطـب أحـم لـو التاث الـنهار به لـم يـنفـجر فـجـره إلا بديجـور
حـوادث يـنزوي قـلب الـحزين بها إلى وطـيس بـنارالـوجـد مسجور
قتـلاً واسـراً وتـشريـداً كـأنـهـم عشيـرة الـمصطفى في يوم عاشور
غـداة جـب سنـام المجد من مضـر وهـاشـم بالـعوالـي والـمباتـير
هو الـحسين الـذي لولاه ما نـظرت عين إلى عـلـم للمـجد منـشـور
غضنـفر سن للـحامين حـوزتـهـم بذل النفوس وإلغـاء الـمـحـاذيـر
سيم الهـوان فطاب الـموت في فمه وتـلك شنـشنة الأسـد المـغاويـر
وحولـه من بني الـزهراء كـل فتى يغشى الوغى بجنان غـير مـذعور
بيـض الوجوه إذا ما أسفروا خلـعوا على الـظلام جـلابيباً مـن الـنور
وبينهم خـير أصحاب لهـم حـسب زاك ومـمدود فـضل غير مقصور
وقـد أظـلهـم جـيش يسـير بـه باغ يرى العـدل ذنباً غـير مـغفور
يـمضون أمر ابن هند في ابن فاطمة تبـت يـدا آمر مـنهـم ومـأمـور
فـصادفـوا منه في غاب القنا أسدا يسري ومن حـولـه الأشبال كالسور
مـن كل معتصم بـالـحـق ملـتزم بـالـصدق مـتسم بـخير مـذكور
ما أنس لا أنـس مسراهم غداة غدوا إلى الكريـهـة فـي جـد وتـشمير


أدب الطف ـ الجزء السادس 60


ثـاروا وقـد ثوب الـداعي كما حملت أسد العـريـن على سـرب اليعافير
فـلا تـعايـن مـنهم غـير مـندفع كـالسـيل يـخبـط مثبوراً بمثـبور
كـل يـرى العز كل العز مصرعـه بـالسيـف كـي لا يعاني ذل مأسور
وحين جاء الردى يبغي الـقرى سقطوا على الثـرى بـين مـذبوح ومنحور
طـوبى لـهـم فـلقد نالوا بصبرهـم أجـراً وأي صبـور غـير مـأجور
كريهـة شكـر الباري مساعـيهــم فـيها ويـا رب سـعي غير مشكور
مـبرئـيـن من الآثـام طـهـرهـم دم الـشهـادة مـنهـا أي تطـهـير
ولـو شهدت غـداة الطف مـشهدهـم بـذلت نـفسي وهـذا جـل مقدوري
ولـست أدري أسـوء الـحظ أقـعدني عن ذلك اليـوم أم عجزي وتقصيري
ويـنثني عـن حياض الموت نحو خباً علـى بـنـات رسـول الله مـزرور
ولم يـزل بـاذلا في الله مـهـجتـه يـجر نـحو الـمنايـا ذيـل محبور
حتى تجلـى عـليه الحق مـن كـثب فـخر كالنجـم يحكي صاحب الطور
قـضى فللدين شمـل غـير مـجتمع وللمـكارم ربـع غـير مـعــمور
فـأبـعد الله عـينـاً غيـر بـاكـية لـرزئـه وفـؤاداً غـير مـفطـور
يـا للرجـال لـجرح غـير مـندمل عمر الزمـان وكسر غـير مجـبور
فـهل تـطـيب حيـاة وابـن فاطمة فـوق الـتراب طـريحاً غير مقبور
وفي الشـآم يـزيـد فـي بـلهنيـة مــرفـه بـين مـزمـار وطنبور
وما نسيـت فـلا أنـساه مـنجـدلا تـرضـه الـقوم بالجرد المـحاضير
والفاطـميات فـوضى يـرتمين على أشلائـه بـعـد تـضـميخ وتـعفير
يلهجن بالمرتضى يا خير من رقصت بـه النـجائب تـحت السرج والكور
عطفـاً على حرم التقوى فقد فـجعت بصـارم مـن سـيوف الله مـشهور
جـدعـت أنـف قريش بالحسام ومذ مضيـب دبـت الـينا بـالـفواقـير
يـا للـكريـم الـذي أمـست كرائمه مـسبيـة بعـد احصـان وتـخديـر
فخيـم الضـيم فـينا حـين فـارقنا وأدرك الوتـر منـا كـل مـوتـور
يا ليـت عيـن رسـول الله نـاظرة ايتامــه بـين مـقـهور ومـنهور


أدب الطف ـ الجزء السادس 61


لا كان يومك يا ابن المرتضى فلقد قضى عـلينا بـرق بعد تحرير
إذا تـذكـرته خـر الحشى صعقا كأنما كان يوم النفخ في الصور
وهاكـم يـا بني الـزهراء مرثية كالروض يبكي بإحداق الأزاهير
وكـيف أشقى وأهـل الكهف كلبهم تاج ولست لديكـم دون قـطمير
عليكم صـلوات الله مـا لـعبـت أيدي السرى بقداح الخيل والعير

وقال يمدح الامام الحسن الزكي سيد شباب أهل الجنة، وقد التزم الشاعر فيها الجناس بين كل بيتين في القافية.
يا نزولا بين جمـع والمصـلى قتل مثلي في هواكـم كيف حلا
عقـد الصـب بـكـم آمـاله ليت شعري من لذاك العـقد حلا
قال لي العـاذل أضناك الهوى فـانـتجع غـير هوهم قلت كلا
فانثنـى عنـي ومـا زال المنى من فتى أمسى على الأحباب كلا
أيهـا البارق سلهـم عـن دمي إن توسطت حماهـم كـيف طلا
واسق جـيران اللوى والمنحنى وابـلا تحيا بـه الأرض وطـلا
لا ترم مـني ســلواً بعدهـم نأيهـم والـهجر سل الصبر سلا
ما عــلى طـفـهم لو زارني وأماط الحـزن عـن قلبي وسلى
لـي قـلـب سبـق الناس إلى حـبهم واعتاقـه السقـم فصلى
عجبـاً كـيف استباحوا مهجتي وهي مغنى خير من صام وصلى
حسن الأخلاق سبط المصطفـى مفزع الـناس إذا ما الخطب جلا
طالمـا أذهـب عـن ذي فاقة بـنـداه ظلـمة الفقـر وجـلـى
ماجـد تسري المعالي إن سرى وتـنادي بـحلـول حـيث حـلا
رفـع الله بـه قـدر الـعلــى وبـه جـيد الهدى والـدين حلـى
أي راع لا يــراعـي أحــداً غيـر من يـرعى لـديـن الله الا
حـجـة الله الامـام الـمجتـبى ذو الأيادي خـيـر خـلـق الله إلا


أدب الطف ـ الجزء السادس 62


خـير حـبل مـده الله لـمن صـده الشيـطان عنـه وأزلا
نشر العـدل فـكم مـن ظبية تمتطي في مهـمـه ذئبا أزلا
ذو بنـان كشآبـيـب الحـيا أنهل الحـران منهـن وعـلا
خفـض البخل ومـن دان به وبناء الجـود والإحسان على
رفـعتــه قـدرة الله الـى مـا تـمنى فـدنـا ثـم تدلى
دوحـة الـعلم الإلهـي التي فرعها في جنة الـخلد تـدلى
سـيدي يا حجـة الله الـذي لأمور الإنس والـجن تـولى
فـاز والله ومـا خـاب فتى بكم يـا خـيرة الله تـولـى
حبـكم شغل فؤادي في الملا ونـجي الـقلب مني ان تخلى
مفزعـي أنتم إذا ما مفزعي صـد عني يوم حشري وتخلى
ألـحق الله بكـم أشيـاعـكم وأعـاديكـم جحيم النار صلى
وسـقى صوب الحيا أجداثكم وعـليكـم سلـم الله وصـلى

وزار مشهد السيدة زينب الكبرى بدمشق الشام ـ قرية راوية ـ فكتب على حائط المشهد.
مـقام لـعمر الله ضـم كريمة زكا الفرع منها في البرية والاصل
لها المصطفى جـد وحيدرة أب وفـاطــمة أم وفــاروقهم بعل
وقال يمدحها ويتخلص لمدح السيدين: السيد حسين والسيد علي من آل المرتضى.
يـا دوحة بسقت في المـنبت الزاكي حيا الحيا ربعك السامي وحياك
حاكيت شمس الضحى والبدر مكتملا أبـاً وأماً وكان الفضل للحاكي
أبـوك حـيدرة والأم فـاطــمـة والجد أحمد والسبطان صنواك
فخـر لـعمـر الـعلى ما ناله أحد إلاك يا بضـعة الزهراء إلاك


السابق السابق الفهرس التالي التالي