ادب الطف ـ الجزء الخامس 334


الشريف العاملي الغروي وتلميذه والمجاز منه وهو من مشايخ آية الله بحر العلوم توفي سنة 1183 عن عمر طويل ، وتوفي شيخه المولى أبو الحسن الشريف سنة 1138 وقد وصفه بعض تلاميذه ، فيما كتبه بخطه سنة 1133 على نسخة من المعالم بما لفظه : العالم العامل الكامل التقي النقي الشيخ محمد مهدي الفتوني . وهذه الارجوزة لم يذكر فيها اسمه لكن رأيت منها نسخا عديدة كلها منسوبة اليه ، أولها :
احمدك اللهم بـارئ النـسم مصلياً على رسولك العلم
وآلـه وصـحـبه الـكرام سادتـنا الأئـمة الاعـلام
وبعد فالمقصود من ذا الشعر بيان أحـوال ولاة الأمـر

وللشيخ محمد مهدي ا لفتوني في الامام الحسين (ع) :
قـل للمتـيم ذي الفؤاد الـوالـه ما بال قلبك هام في بلباله
دع ذكر مَن تهوىونح لمصاب من أبكـى النبي مصابه مع آله
أعني الامـام المسـتظام بـكربلا الطاهر الزاكي بكل خصاله
منعـوه عن مـاء الفرات وكفـّه بحر يعمّ الناس فيض نواله

وفي آخرها :
يا آل أحـمد عبدكـم يرجـوكم ووليكم ما خاب في آماله
وأنـا محـمد الفـتونـي الـذي يرثيـكم ويجيد نظم مقاله
لازالت الصلوات من رب السما تغشـى فناءكم باثر نواله(1)


(1) عن المجموع الرائق ج 2 ص 325 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس 335


وللشيخ محمد مهدي الفتوني يمدح الامام أمير المؤمنين (ع) :
علي وصي الـرسول الأمين وزوج البتول سليل الأماجد
إمام له الأمـر بـعد الرسول فتعـسا لجاحـده والمـعاند
أقـام الـصلاة وآتى الـزكاة بخاتمه راكعاً في المـساجد
وجاهـد في الله حق الجـهاد وقد فضّل الله شأن المجاهد
له ردّت الشمس غبّ الغروب وقد كلمته الوحـوش الاوابد

ومنها :
وقد عقد المصطفى في الغدير على الناس بيعـته في المعاقد
فانـت مـنار الهـدى للورى لو استمسكوا بك ما ضلّ حائد
وولـدك أعلام ديـن الالـه أئـمتـنا واحـداً بعـد واحـد
مصابـيح مشـكاة نور الهدى ومن حـبّهم رأس كـل العقائد(1)

وللشيخ الفتوني (بند) في حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي وآله وقصيدة عامرة بمدح النبي (ص) وتعداد فضائله ومعاجزه .

(1) المجموع الرائق ج 3 ص 231 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس 336


الشيخ احمد الدمستاني

المتوفى 1190

لعمرك صف جهدي إلى ساكني نجدِ بلط ف لعلّ اللطف في عـطـفهم يجدي
رضائي رضاهم كيف كان فان رضوا بموتي فمرّ المـوت أشـهى مـن الشهد
وأصـدق بصـدق الباذليـن نفوسهم لنـصر إمـام الحـق والعـلـم الفـرد
غـداة لقـتل ابـن النـبي تجـمعت طغـاة بـني حـرب وشـر بـني هند
لادراك وتـر سالف مـن أبيـه في مشـايخهم فـي يـوم بـدر وفـي أحد
يسومـونه للضـيم طـوع يزيدهـم وتـأبـاه منـه نخـوة الـعـز والمجد
أليـس ولاء الـديـن والـشرع حقه ومـيراثـه حـقاً مـن الأب والـجـد
وقام يـناديـهـم خطــيباً مناصحاً وان كان محض النصح في القوم لايجدي
وأقـبـل يـدعو أهـلـه وبـناتـه هـلـموا لتـوديعـي فذا آخـر العهـد
وكرّ عـلى جـمع العـدا وهو مفرد بأربـط جـاش لم يـهب كثـرة الجـند
وناداه داعي الحـق فـي طف كربلا فـلبّـاه مـرتـاحاً إلـى ذلك الـوعـد
فخر على وجـه البسـيطة صاعـداً علاه لا عـلى قـبة العـرش ذي المجـد
فخرّ على المخــتار قتــل حبـيبه ومـصرعـه في التـرب منعـفر الخـد
فداه بـابـراهـيـم مهـجة قـلـبه ومـا كـان ابـراهيـم بـالهـيّن الفقـد
فكيف ولـو وافـاه والـشمر فـوقه يحـكّـم فـي أوداجه قـاطـع الـحـد
ويشـهـده ملقى بعـرصـة كـربلا ثـلاث ليـال لا يـلـحـّد فـي لـحـد
كسته الـدما والـريح ثـوباً مـورداً تـمـزقـه أيـدي المضـمـرة الجـرد


ادب الطف ـ الجزء الخامس337


الشيخ أحمد ابن الشيخ حسن الدمستاني



يروى عن والده قراءة واجازة ، ويروى عنه اجازةً الشيخ أحمد ابن زين الدين والشيخ عبد المحسن اللويمي الاحسائيان ، له ديوان شعر . توفي بعد عام 1190 هـ وهو تاريخ كتابته لديوان أبيه ، وله ديوان ألحقه بديوان أبيه رأيت له فيه سبعة عشر قصيدة من نظمه ومنها تخميسه لقصيدة والده التي مر ذكرها في مطلع ترجمته .

ادب الطف ـ الجزء الخامس338


الشيخ يوسُف أبو ذئب
المتوفى 1200

نعـم آل نعم بالغمـيم أقـامـوا ولكن عـفى ربع لـهم ومقامُ
حبست المطايا أسأل الركب عنهم ومن أيـن للربع الدريس كلام
رعى الله قلباً لا يـزال مـروعاً يسيم مع الغادين حيث أساموا
على دمنتي سلمى بمنعرج اللوى سلامٌ وهل يشفي المحبّ سلام
خليليّ عوجا بي ولو عمر ساعة بحيث غـريمي لوعة وغرام
على رامـة لا أبعـد الله رامـة سقاها من الغـيث الملثّ ركام
لنا عـند باناتٍ بأيـمن سفـحها لُـبانات قـلب كلـهنّ هـيام
عشية حنـّت للفـراق رواحـلٌ وهاجت لتـرحال الفريق خيام
فلم أرَ مثلـي يوم بانـوا مـتيماً ولا كجـفونـي مـا لهنّ منام
ولا كالليالي لا وفـاء لعـهـدها كأن وفـاها بالعهـود حـرام
فلم ترعَ يـوماً ذمة لابن حـرّةٍ كما لا رعي لابن النبيّ ذمـام
أتته لأرجـاس العراق صحائف لها الوفـق بـدءٌ والنفاق ختام
ألأ اقدم إلـينا أنت مـولى وسيدٌ لك الدهر عبدٌ والـزمان غلام
ألا اقـدم الـينا إننا لك شيـعة وأنـت لنا دون الأنـام إمـام


ادب الطف ـ الجزء الخامس339


أغثـنـا رعـاك الله أنـت غياثـنا وأنت لنا فـي النائـبات عصام
فلبّاهـم لمـا دعـوه ولـم تــزل تلبّي دعـاءَ الصارخيـن كرام
فـساق لهـم غـلباً كأنـهم عـلى ا لعوادي بـدور في الـكمال تمام
مساعيـرُ حرب من لـويّ بن غالبٍ عـزائمهـم لـم يثـنهن زمـام
هـم الصيد إلا أنـهم أبـحر الـندى وأنهـم للمـجـدبـين غـمـام
مـعرسهـم فيـها بعـرصَة كـربلا أقام البلا والـكرب حيث أقـاموا
زعيـمـهم فيها وقـائـدهـم لـها فبـورك وضّاح الجـبين هـمام
أبو همـم مـن أحـمد الطـهر نبعها لها مـن عـليٍّ صولـة وصدام
يعبّي بقـلب ثـابت الجأش جيـشـه لخـوض عباب شبّ فـيه ضرام
ويرمـي بهم زمـجّ المغاويـر غارة كما زجّ من عـوج القسـيّ سهام
فما برحوا كالأسد في حومـة الوغى لهـا اليـزنيّات الـرمـاح أجـام
الى ان تـداعـوا بالعوالي وشـيّدت لهـم بالعـوالي أربـع ومـقـام
بأهـلي وبي أفدي وحيـداً نصـيره عـلى الـروع لدن ذابـل وحسام
أبـى أن يحـل الضيم منـه بـمربع وهيهات رب الفخر كـيف يُضام
يصول كلـيث الغاب حين بدت لـه عـلى سغب بيـن الشـعاب نعام
يجـرّد عـزمـاً لو يجـرّده عـلى هضاب شـمام ساخ مـنه شـمام
وأبيـض مصقـول الفـرند كـأنـه صباح تجـلّى عـن سناه ظـلام
حنانيـك يا معـطي البـسالة حقـها ومرخـص نفـس لا تكـاد تسام
أهـل لك في وصل المنيـة مطـلب وهـل لك في قـطع الحياة مـرام
وردت الردى صادي الفـؤاد وساغباً كأن الـردى شـرب حـلا وطعام
وأمسيت رهن الموت من بعدما جرى بـكـفـّك مـوتٌ للـكـماةِ زؤام
ورضّت قراك الخيل من بعد ما غدت أولو الخيل صرعي فهي منك رمام
فما أنت إلا الـسيف كهـّم في الوغى حدود المـواضي فاعتـراه كـهام


ادب الطف ـ الجزء الخامس340


فـليت أكفّـاً حـاربـتك تقـطـعت وأرجل بغـي جاولـتك جذام
وخـيلاً عدت تـردي علـيك جوارياً عُقرن فـلا يلـوى لهنّ لجام
أصـبتَ فـلا يـوم الم سرّات نـيّرٌ ولا قمـر في ليـلهـن يُـشام
ولا رفعـت للـديـن بعـدك رايـة ولا قام للشرع الشريـف قوام
فلا المـجد مجد بعـد ذبح ابن فاطم ولا الفضل مرفـوع اليه دعام
ألا ان يـومـاً أي يـوم دهى الـعلا وحادثـة جبـى لـهـا ويقام
غـدات حسـين والـمنايـا جـلـيّة وليس عـليهـا بـرقع ولثـام
قـضى بـين أطـراف الأسنة والظبا بحرّ حِـشاً يـذكي لـظاه أوام
ومـن حـولـه أبـنا أبـه وصحـبه كمثل الاضاحي غـالهن حمام
على الارض صرعى من كهول وفتية فرادى على حـرّ الصفا وتُوام
مـرمّـلـة الأجسـاد مثـل أهـلـّة عراهنّ من مـور الرياح جهام
وتلك النسـاء الطـاهـرات كـأنـها قطاً بين أجـراع الطفوف هيام
يطـفن على شـمّ العـرانـين سـادة قضوا وهُـم بيض الوجوه كرام
ويضربنَ بالأيدي النـواصي تـولّـُهاً وأدمعها كـالمعـصرات سجام
وتهـوى مـروعاتٍ بـأروع أشمـط طليق المـحـيّا ان تعـبّس عام
فطـوراً لـهـا دور عـلـيه وتـارة لهـنّ قعـود عـنـده وقـيام
وأعـظم شيء إنهـا فـي مـصابهـا وحشو حشاها حـرقة وضرام
تقنـعـهـا بـالأصـبحـية أعـبـد وتسلـب منـهن القـناع لـئام
حـواسـر أسـرى تستـهان بـذلـة وليس لـها مـن راحـم فتسام
يطارحن بالنوح الحمائم فـي الضحى وأنّى فهل تجدي الـدموع حمام


ادب الطف ـ الجزء الخامس341


الشيخ يوسف أبو ذيب



هو أحد الاعلام الكبار والشعراء العظام الذين تزين بهم القرن الثاني عشر جاء ذكره في كثير من الدواوين والمعاجم ، ومراثيه في الحسين عليه السلام تدل على عظيم عبقريته ونبوغه .
فهو رحمه الله الشيخ يوسف بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن الشيخ أحمد آل أبي ذيب من آل المقلد المنتسبين الى قصي بن كلاب أحد أجداد النبي (ص) .
وجاء في (الطليعة) ما نصه : كان فاضلاً مشاركاً في العلوم تقياً ناسكاً أديباً شاعراً ، جيد الشعر قوي الاسلوب ذا عارضة ، وكان مفوهاً حسن الخط ، ورد العراق وأقام طالباً للعلم مع جماعة من آل أبي ذيب ، وتوفي في حدود سنة 1200 ، ومن جملة شعره :
حكمُ المنون عليك غالب غالبته أم لم تغالب انتهى(1)

أما الشيخ فرج آل عمران القطيفي في كتابه (الروضة الندية في المراثي الحسينية) فقد أرخ له وذكر وفاته سنة 1160 هـ . وفي أعيان الشيعة : وفاته حدود سنة 1155 .
أقول : لعل هذين القولين أقرب للواقع من قول الشيخ صاحب شعراء القطيف ، ما دام أخوه الشيخ عبد الحسين أبو ذيب قد قلنا انه توفي سنة 1151 كما مرّ عليك في ترجمته . ورأيت بعض من ذكر شعر الشيخ يوسف وترجم له عبّر

(1) عن شعراء القطيف للعلامة المعاصر الشيخ علي منصور المرهون .
ادب الطف ـ الجزء الخامس342


عنه بالبصري ، فمن المحتمل انه سكن البصرة لفترة ثم فارقها ، إذ ان وفاته كانت بالبحرين .
أما ديوانه فكانت نسخة منه في مكتبة الشيخ السماوي كتب عليها (ديوان أبي ذئب) وفي مجموعة الشيخ لطف الله الجدحفصي جملة من شعره ، ومنه قصيدته التي أولها :
دمع أكفكفه كفيض بحار وجوى أكابده كجذوة نار

وفي مخطوطنا (سوانح الافكار في منتخب الاشعار) ج 4 صفحة 200 قصيدة أولها :
عبراتٌ تحثّها زفراتُ هنّ عنهنّ ألسنٌ ناطقاتُ

ومن قوله في سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين :
بأبي وبي أفدي ابن فاطم والوغى متسـعّرٌ يغـلي كغلي الـمرجل
فكـأنه مـن فوق صهـوة طِرفه قـمرٌ على فلك سرى في مجهل
وكأنـه والشـوس خيـفة بأسـه أسدٌ يـصول عـلى نعام جفّـل
يحكي عـلياً في الصراع وهـكذا يـرث البسالـة كل نـدب أبسل
ما زال والسـمر اللـدان شوارع والبيض تبرق في سحاب القسطل
يسطو على قـلب الخمـيس كأنه صبح يزيـل ظـلام لـيل أليـل
حتى تجـدّل فـي الصعيد معفّراً روحي الفـدا للعافـر المتجـدل
فنعاه جـبريـل الأمين وأعـولت زمر الملائك محـفلاً في محفـل
أقـوت بـه تلـك البـيوتات التي أذن الإلـه بـذكـرهـا أن تعتلي
وغـدت بـه أمّ العـلاء عقـيمة هيهات فهي بـمثلـه لـم تحـمل
هـل للشريعة بعـده مـن حارس أو سايس يـصرجى لحل المشكل
هـل للهـدى هـادٍ سواه وكافـل أو للنـدى والجـود مـن متكـفل


ادب الطف ـ الجزء الخامس343


واحـسرتـاه لـنسـوة عـلـويـّة خرجت من نالاسجاف حسرى ذهّل
متعثرات بـالـذيـول صـوارخـاً بمدامـع تجري كـجري الجـدول
مـن ثكّل تشـكو المـصاب لأيّـمٍ أو أّمٍ تشـكـو المـصاب لثـكـّل
يـا راكـباًمـن فـوق ظـهر شملّة تشأ الرياح مـن الـصبا والشـمال
مجـدولـة تعـلو التـلاع وتـارة تهوي الـوهـاد بـه هـويّ الأجدل
عرّج على وادي المحصب من منى فشـعاب مـكة فاللوى ثـم اعقـل
وابلـغ نـزاراً لا عـدمـت رسالة شجنـيّة ذهبـت بقـلـب الـمرسل
قل أيـن أرباب الحـفاظ وخير مَن لـبّى صريـخ الخائـف المـتوجّل
أيـن الغـطـارفـة السراة وقـادة الجـرد الـعتاق الصافـنات الصهّل
الـشمّ مـن عليا لـؤيّ وهـاشـم من كل عـبل السـاعـدين شمردل
هـل تقبلـنّ الـذل أنفـسكم ويأبى الله عـهدي أنـهـا لـم تـقـبـل
يمسي ابـن فاطمة البتـول ضريبة للـمشرفـية والـوشيـج الـذبـّل
متـسربـلاً بـدمـائـه عارٍ فـيا لله مـن عـارٍ ومـن متـسـربـل

وقال :
خليليّ بالعـيس عـوجا على ربى يثـربٍ وانزلا واعقلا
ألا عـرّجا بي على مـنزل لـعبـد منافٍ عـفاه البلى
قفا نقضي واجـب حـق له بـفـرط الـبكـا أوّلاً أولا
ونسألـه وهو غير المجيب ولـكن علـينا بـأن نسألا
أيا مـنزلاً باللـوى مقـفراً فديـتك مـنزل وحيٍ خلا
فأيـن غـيوثك للمـجدبين إذا ضنّت السحب أن تهملا
وأين الأولى كنت تسمو بهم إذا شئت كيـوان والاعزلا
تقاسـمهم حادثـات المنون وأرخى عـلى جمعهم كلكلا


ادب الطف ـ الجزء الخامس344


وأعـظم مـن ذاك يومٌ لهم فـيا لك يومـهم المهولا
لدى جانب النهر أضحت به مـعاطـسنا رغمـاً ذللا
نبـيت بـأهـوالـه ولـهاً ونصبح من رزئـه ذهّلا
فيا كربلا كم فطرتِ الحشا بعضب المصيبة يا كربلا

ثم يسترسل في سرد المصيبة حتى يختمها بقوله :
لعـلّ أبي ذئب يوم الجـزا ينـال بـكم كـل مـا أمّلا
فـلا عـمل مسـعد (يوسفاً) سـوى حـبّه لـكم والـولا
عليكم من الله أزكى الصلاة متى هلهل السحب أو جلجلا

وله من قصيدة يرثي بها الحسين أولها :
ذكرَ الطفوف ويوم عشر محرم فجرى له دمع سفوح بالدم

ومنها :
صـبّ يبـيت مسـهداً فـكأنما أجـفانه ضمـنت برعي الأنجم
برح الخفاء بـحرقة لا تنطـفي ورسيس وجد في الصدور مخيم
يا يـوم عاشـوراء كم أورثتني حزناً مـدى الأيام لـم يتـصرم
ما عـاد يومك وهـو يو م أنكد إلا وبـتّ بلـيلـة الـمـتألـم
يا قلب ذب وجداً عليه بحرقـة يا عين مـن فرط البكا لا تسأمِ
يا سـيد الشهداء إنـي والـذي رفع السـماء وزانـها بالأنـجم
لو كنت شاهد يوم مصرعك الذي فضّ الحشاشة بالمصاب الاعظم
لأسلت نفسي فوق أطراف الظبى سيلان دمـعي فيك يا بن الأكرم


ادب الطف ـ الجزء الخامس345


وله أيضاً :
ما بعد رامـة واللوى من منزل عرّج على تلك المعاهـد وانزل
هـذي المعالم بين أعلام اللوى قف نبك لا بين الدخول فحومل
إيـهٍ أخا شكـواي يـوم تهامة والحـي بين ترحـل وتحـمل
اسعد وما للمستهام اخي الجوى من مسعد أين الشجي من الخلي

ومنها :
وأجل مـرزأة لفاطـم وقـعة تتـبـدّل الـدنـيا ولـم تــتبـدّل
يوم به ضاق الفـجاج ورحبه ذرعاً على ابن المرتضى المولى علي
يسطو على قلب الخميس كأنه صـبـح يـزيـل ظـلام ليل ألـيل

وله وهي من روائعه :
حكم المـنون عليك غالب غـالبته أو لـم تغـالـب
لا شــك أن سـهـامـه في كل ناحـية صـوائب
فلـيطرقـنـك هـاجـماً لو كان دونك الف حاجب
لا تـدفـع الموت الجـنود ولا الأسـنّة والقـواضب
أين المـلوك الطـالعـون على المـشارق والمغارب
ذهـبوا كأن لـم يخـلقوا والكل في الآثـار ذاهـب
لا ثـابـت يـبـقـى ولا ينـجو من الحدثان هارب
قـد فاز مـن لاقى المنية وهـو محـمود العـواقب
متمـسكـاً بـولاء عتـرة أحـمد مـن آل غـالـب
وإذا تعـاورك الـزمـان وهـاج نحـوك بـالنوائب
فـاذكـر مصيـبتهم بعَرَ صة كربلا تنسى المصائب


ادب الطف ـ الجزء الخامس346


تالله لا أنسـى الحـسين وقـد وقفن بـه الركائب
مستخبراً مـا الارض قا لوا كربلا يا ابن الاطايب
قال انزلـوا فاذا الكتائب حـولـه تتلـوا الكـتائب
فتـبـادرت أنـصـاره كالأسـد ما بـين الثعالب
أسدٌ نـواجـذها الأسـنّة والسيـوف لـها مخالـب
بيـض كأن رمـاحهـم وسيوفـهم شـهب ثواقب
وكأنهـم تحـت العـجا ج كواكب تحت الغـياهب
فتراكمت سـحب الفضا فتحـججت تلك الـكواكب
وبقي الحسين مـع العدى كالبـدر مـا بين السحائب
يلقى الصفـوف مـكبّراً والسـيف بالهامات خاطب
كـاللـيث فـي وثباتـه وَثَباتـه بيـن المـضارب
يسطـو بعـزمٍ ثـاقـب كالسيف مصقول الضرائب
حتى هـوى عـن سرجه كالنـجم أو كالبـدر غارب
لهفي لـه فـوق الثـرى كالطـود منهـدّ الجـوانب
لهفـي لـه وحـريـمه من حـول مصرعه نوادب
يـنـدبنـه بـمـدامـع من حـرّ أجـفان سواكب
أحسيـن بعـدك لا هـنا عيش ولا لـذّت مـشارب
والجـسم مـنك مجـدّلٌ في الترب منعـفر الترائب
ما أوحـش الدنـيا ونقد نعـبت بفرقـتك النـواعب
ها نحن بعدك ياغريـب الـدار أمسـينا غـرائـب
وتقول مـن فرط الأسى والشجو للأحـشاء لاهـب
يـا راكباً تـعـدو بـه حرف مـن القـود النجائب
عج بالغـريّ وقف على عتبات أحمى الـناس جانب


ادب الطف ـ الجزء الخامس347


واشـرح لـه مـا راعـنـا بالطف من فعل النواصب
واقـصر فـما عـن صدره خـبرٌ من الاخبار عازب
واطـلق عنانـك قـاصـداً قمر الهدى شمس المذاهب
واجـلـس عـلى أعتـابـه واندب وقل والدمع ساكب
مـولاي يا كهـف الـورى من شاهـد منهم وغـائب
فجـعتك حـرب بـالحسين وبـالعشـيرة والأقـارب
تبـكي لمصرعـه الحروب أسـىً وتندبـه المحارب
والـبـدر أمـسى كـالحـاً والشمس ناشـرة الـذواب
ونـساه مـن شجـو عـليه ذوات أكـبـاد ذوائــب
أمسـت تـجاذب مـن لظى الانفاس ما أمسـت تجاذب
مـا بيـن عـلـج سالـبٍ أسلابهن وبـين ضـارب
مسـتصـرخـات لـم تجد غير الصدى أحداً مجاوب
ان صحن أيـن ليوب غالب صاح أيـن ليـوث غاب
وبـنو العـواهـر والقــيو د تقودها قـود الجنـائب
الله أكــبــر انــهــا لمن الغرائـب والعجائب
يسـتأصـلـون مـعاشـراً بلغوا بهم أقصى المطالب
أبنـي الـمـراثـي والمـما دح والمعالـي والمناقـب
مـا أن ذكـرت مـصـابكم إلا وهيّـج لـي مصائب
وإليـكـم مـن عـبـدكـم مجلوّة الأطـراف كاعب
فهـي العـصا طـوراً أهشّ بها ولـي فيـها مـآرب
لا بـد مـا تـأتـي لـكـم وتعود منكـم بالرغـائب
صـلـى الإلـه عـليـكـم ما حـجّ بيت الله راكـب


ادب الطف ـ الجزء الخامس348


عبد الله العويّ الخطي
المتوفى حدود 1201

جاء في كتاب (شعراء القطيف) :
هو العلامة الشيخ عبد الله بن حسين بن درويش المعروف بالعوي الخطي . وآل العوي قبيلة معروفة من قبل بآل درويش تسكن البحرين فحدثت في تلك الظروف حوادث أدت بهم كغيرهم إلى الترحل إلى القطيف وكان ذلك أواخر القرن الثاني عشر فنزل والد المترجم حسين وعائلته بستاناً يقال له (البشري) الموجود حالياً وكان بعيداً عن البلاد بأكثر من المتعارف بالنسبة إلى الدور المتقاربة فكان أصحابه وجماعته وقومه وعماله الذين يعملون معه في الغوص إذا جاؤوا قد يسألون إلى أين ؟ فيقولون إلى العوي وكذا غيرهم من أهلي البلاد إشارة إلى المكان البعيد الذي لا تسكنه إلا العواوي جمع عوى ، راجع عن معلوماته حياة الحيوان للدميري ، فذهبت عليهم ونسي الناس لقبهم الأول آل درويش ، ويوجد مثل هذا كثير قديماً وحديثاً وبعد سنيات قلائل من نزول والده القطيف توفي حدود التاريخ المذكور وخلف ولداً يدعى بالشيخ علي نبغ نبوغاً باهراً في العلم والصلاح والتقوى وأسندت إليه في زمانه سائر المهمات الشرعية فكان أحد أعلام القرن الثالث عشر تغمد الله الجميع بالرحمة والرضوان ، وخلف أيضاً أثراً قيماً من المراثي لأهل البيت تقتطف منه هاتين القصيدتين . انتهى
أقول نكتفي بالاشارة إلى هذا الشاعر وعدّه من هذه الحلبة في عداد شعراء أهل البيت عليهم السلام .

ادب الطف ـ الجزء الخامس349


محمد الدرازي آل عصفور

قال في مطلع قصيدة ذكرها الشيخ لطف الله :
أين الشفيق على الزهرا يواسيها في نوحها ونُعاها في غواليها
قد خانها الدهر كيداً في أطايبها وافجعتاه لها قـوموا نعزيها

قال الشيخ الاميني في (شهداء الفضيلة) بعدما ترجم لولده الشهيد الشيخ حسين ما نصه : ووالد الشهيد ، هو الشيخ محمد ـ أحد العلماء المبرزين ، أطراه صاحب الأنوار بالعلم والعمل والفضل والكمال والورع ، ولد سنة 1112 له تآليف جيدة منها كتاب (مرآة الاخبار في أحكام الاسفار) ورسالة في الصلاة ، ورسالة في أصول الدين ، ورسالة في وفاة أمير المؤمنين (ع) يوسف صاحب الحدائق والشيخ عبد العلي ، ويروي عنه ولداه العالمان العلمان : الشيخ حسين والشيخ أحمد .
قال الشيخ الاميني رحمه الله : وعندنا كثير من شعره في رثاء الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام . وكتب إليه أخوه صاحب الحدائق قصيدة فيها اطراؤه ، ذكرها في الكشكول ص 70 من الجزء الثاني وفي الذريعة للشيخ الطهراني ما نصه : ديوان الشيخ محمد بن أحمد بن عصفور الشاخوري في مراثي الحسين ـ وهو أخ صاحب الحدائق وتلميذ الشيخ حسين الماحوزي ـ في مدرسة البخارائي بالنجف كتب سنة 1270 .

السابق السابق الفهرس التالي التالي