أدب الطف ـ الجزء الخامس 304


وطلاع الثنايا) تروّى من العربية والادب ونال منهما ما أراد وطلب ، له نظم منتظم يضاهي ثغر الصبح المبتسم أهـ . وفي هامش نسخة نشوة السلافة المخطوطة المذكورة ما لفظه : الشيخ الجليل أبو الرضا الشيخ أحمد ابن الشيخ حسن النجفي ثم الحلي عالم عامل وفاضل نال الغاية وجاوز من الكمال النهاية أخذ من كل فن من العلوم النقلية والعقلية ما راق وطاب ورزق من الاطلاع على غرائبها ما لم يرزق غيره والله يرزق من يشاء بغير حساب اهـ .
وقال عصام الدين العمري الموصلي في كتابه الروض النضر في ترجمة علماء العصر ، كما في نسخة مخطوطة رأيناها في مكتبة عباس عزاوي المحامي في بغداد من جملة كلام طويل مسجع على عادة أهل ذلك العصر : الشيخ أحمد النحوي الذي نحا سيبويه وفاق الكسائي ونفطويه لبس من الأدب بروداً ونظم من المعارف لآلئً وعقوداً صعد الى ذروة الكمال وتسلق على كاهل الفضل الى أسنمة المعالي فهو ضياء فضل ومعارف وسناء علم وعوارف .
غمام كمال هطـله العلم والحجى ووبل معال طلـّه الفضل والمجد
له رتبة في العلم تعلو على السهى فريد نهى أضحى له الحل والعقد

لم ترق رقيّه الأدباء ولم تحاكه الفضلاء وصل من الفصاحة الى أقصاها ورقى منابر الفضائل وأعوادها ووصل أغوار البلاغة وأنجادها ، وهو تلميذ السيد نصر الله الحائري وكنت أراه في خدمته ملازماً له أتم الملازمة ، له اليد العالية في نظم الشعر مشهور عند أرباب الأدب اهـ . وفي الطليعة : كان أحد الفضلاء في الحلة وأول الأدباء بها ، هاجر الى كربلاء لطلب العلم فتلمذ على يد السيد نصر الله الحائري وبعد وفاته رحل الى النجف فبقي مدة فيها ثم رجع الى الحلة وبقي بها حتى توفي ، وله مطارحات مع أفاضل العراق وماجريات ، وكان سهل الشعر فخمه منسجمه وعمّر كثيراً وهو في خلال ذلك قوي البديهة سالم الحاسة ، وكان أبوه الحسن ايضاً شاعراً فلذا يقال لهم بيت الشاعر كما يقال لهم بيت النحوي اهـ .

ادب الطف ـ الجزء الخامس305


له شرح المقصورة الدريدية وديوان شعره المخطوط . وله غزل ومديح ورثاء كبير وله في الحسين عليه السلام وفي غيره من الأئمة عليهم السلام مراث ومدائح كثيرة وله مقدمة الفرزدقية وهي للشاعر الفرزدق :
يا ربّ كاتـم فـضل لـيس ينـكتمُ والشـمس لـم يمحها غيـمٌ ولا قتمُ
والـحاسـدون لمن زادت عـنايته عقباهم الخزي في الدنيا وإن رغموا
أما رأيت هشاماً إذ أتى الحجر السـ ـامي ليلـمسه والنـاس تـزدحـم
أقـام كـرسيـه كيـما يخـفّ لـه بعض الزحام عـسى يـدنو فيسـتل
حتى أتى الحـبر زين العابـدين إما م التابعـين الـذي دانـت لـه الأمم
فأفـرج النـاس طـراً هائبين لـه حـتـى كـأن لـم يـكن بهـا إرم
تجاهـلاً قال مـن هذا فقـال لـه أبـو فـراس مقـالاً كـلـه حكـم

(هذا الذي تعرف البطحاء وطأته) إلى آخر القصيدة .
وخمسها الشيخ محمد رضا والشيخ هادي إبناه .
وقال مخمساً هذه الابيات في مدح أهل البيت عليهم السلام(1) :
بنيتم بني الزهراء في شامخ الذرى مقاماً يردّ الحاسـدين إلى الورا
أناديكم صـدقاً وخاب مـن افترى بني أحمدٍيا خيرة الله في الورى
سلامي عليكم إن حضرنا وإن غبنا
لقد بيّن الباري جلالة أمركم وأبدى لنا في محكم الذكر ذكركم
أمرتم فشرفنا بطاعة أمركم طهرتم فطهرنا بـفاضل طهركم
وطبتم فمن آثار طيبكم طبنا


(1) أقول : الاصلي لأبي هاشم الجعفري وهو داود بن القاسم بن اسحاق بن عبد الله بن جعفر توفى سنة 252 هـ .
ادب الطف ـ الجزء الخامس306


مواليّ لا أحصـي جميل ثنائكم ولا أهتدي مدحاً لكنه بهائكم
ظفرنا بكنز من صفايا صفائكم ورثنا من الآباء عقد ولائكم
ونحن إذا مِتنا نورّثه الابنا
وله يمدح صاحب نشوة السلافة بهذه القصيدة :
برزت فيا شمس النهار تستري خجلاً ويا زهر النجوم تكدري
فهي التي فاقت محاسن وجهها حسن الغزالة والغزال الأحورِ

يقول فيها :
من آل مـوح شهـب أفـلاك العلى وبدور هـالات النـدى والمفخر
وهـم الغـطارفـة الـذين لبأسـهم ذهل الورى عن سطوة الإسكندر
وهـم الـبرامكة الـذين بجـودهـم نسي الورى فضل الربيع وجعفر
لـم يخـل عـصر منهـم أبـداً فهم مثل الأهـلة في جـباه الأعصر
لا سيما الـعلم الـذي دانت لـه الـ أعلام ذو الفـضل الذي لم ينكر
ولقـد كـسا نهـج الـبلاغة فـكره شرحاً فأظهر كـل خاف مضمر
وعجبت مـن ريحانـة النـحو التي لم يذو فاخرها مـرور الأعصر
فـذروا السـلافـة ان فـي ديـوانه في كل بيـت منه حـانة مسكر
ودعـوا اليتـيمة ان بـحر قريضة قذفت سواحـله صنوف الجوهر
ما (دمية القصر) التـي جمع الأولى كخرائد بـرزت بأحسن منـظر
يا صاحب الشرف الأثيل ومعدن الـ ـكرم الجـزيل وآية المستبصر
خـذها إلـيك عـروس فـكرٍ زفّها صدق الوداد لكم وعذر مقـصر
فاسلك على رغـم العدى سبل العلى واسحب على كيوان ذيل المفخر

وله في تقريظ القصيدة الكرارية والمنظومة الشريفية الكاظمية أوردها صاحب نشوة السلافة وأولها :
ألفظك أم أزهار جنة رضوان ومعناه أم آثار حكمة لقمان


ادب الطف ـ الجزء الخامس307


وله أرجوزة في مدح شيخه السيد نصر الله الحائري جاعلاً أعجاز أبياتها من ألفية ابن مالك وهي 120 بيتاً(1) .
خلف ثلاثة أولاد كلهم علماء شعراء أدباء مشهورون وهم : الشيخ محمد رضا والشيح حسن والشيخ هادي .
ونظم هذه القصيدة في طريق سرّ من رأى بمشاركة ولده الشيخ محمد رضا فالصدور له والاعجاز لولده ، وتتضمن مدح الامامين : علي الهادي والحسن العسكري :
أرحها فقد لاحـت لديك المعاهد وعـما قلـيل لـديـار تـشاهـد
وتلك القباب الـشامخات ترفعت ولاحت عـلى بعد لـديك المشاهد
وقد لاحت الأعلام أعلام من لهم حـديث المعالي قـد رواه مـجاهد
حثثنا اليها العيس قد شفها النوى وقـد أخذت منها السـرى والفدافد
مصاب المطايا عندنا فرحة اللقا مصائـب قـوم عنـد قوم فـوائد
نؤمّ دياراً يحـسد المـسك تربها وتـغبـط حـصباء بـهـن القلائد
نؤم بها دار العلى سـر من رأى ديـار لآل الله فـيـهـا مـَراقـد
ديار بها الهادي إلى الرشد وابنه ونجل ابنه والكل في الفـضل واحد
أقاموا عمـاد الدين ديـن محمدٍ وشـيدت بهـم أعلامـه والقـواعد
فلـولاهـم مـا قـام لله راكـع ولـولاهـم مـا خـرّ لله سـاجـد
ورب غبي يجحد الشمس ضؤها فتحـسبه فـي يقـظة وهـو راقـد
تلـوح له منهم عليهـم دلائـل وتبدو لـه منهــم عـليهم شـواهد
بدا منكراً من غيّه بعض فضلهم ولا ينـفـع الإنـكـار والله شـاهد
قصدت معاليهم ولي في مديحهم قصائـد مـا خابـت لهن مـقاصد


(1) منها :
همت بنون الصدغ حيث زانا والفم حيث الميم منه بانا
افدي الذي صناه أضحى قمراً أو واقع موقع ما قد ذكرا
ادب الطف ـ الجزء الخامس308


أؤمـل للـدارين منهـم مـساعـداً وظنّي كـلٌ لي يمـين وساعـد
بني الوحي حاشا أن يخيب الرجا بكم وأن ينثني في خيبة القصد قاصد
صلوني وعـودوا بالجميل على الذي له صلة منـكم لـديـه وعـائد
فإن تسعـدوني بالرضا فزت بالرضا وإلا فـدلوني على مـن يساعـد
وللشيخ أحمد النحوي قصيدة في مدح الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام أولها :
مهلاً بحقك لا تزجّ العيسا قف نشفِ منهم بالوداع نفوسا
45 بيتاً أثبتها العلامة السيد أحمد العطار في مخطوطه (الرائق) ج 2 ص 340 أقول ولأن الشاعر كان يعرف بالخياط كما يعرف بـ (النحوي) فقد وقع السيد الامين في الاشتباه فترجم له مرتين ظناً منه ان الشيخ أحمد بن حسن الخياط هو غير أحمد بن حسن النحوي فترجم له مرة ثانية في الجزء السابع من المجلد الثامن ص 479 .
وترجم له الشيخ اليعقوبي في (البابليات) وقال : كان يحترف الخياطة في أوائل أمره فلازمه لقب (الخياط) كما لازمه في كبره لقب النحوي والشاعر ولما وقف معاصره السيد صادق الفحام على قصيدة المترجم له التي تبلغ خمسين بيتاً ، وكل بيت فيه تاريخان قرّض عليها الفحام بمقطوعة كل بيت منها تاريخان مثبتة بديوانه المخطوط ، منها :
فـرقان أحمـد أعـجاز مثانـيه سما وليس له ضـدٌ يساميه
من كان كذّب دعوى (أحمد) سفهاً الآن صحّت له دعوى تبنّيه
ومن شعره في الغزل :
قد قال لما قلت هـل قبلة تشفى بها قلب معنى هواك
بالجيد أم بالخد أم مبسمي قـلت بهـذا وبهـذا وذاك


ادب الطف ـ الجزء الخامس309


وله :
رمـى بسهـم ورنا واللحظ منه ممرضي
قلت أصبت مهجتي فقال هـذا (غرضي)

وله :
تملّك رقـي شادن قـد هـويته من (الهند) معسول اللمى أهيف القد
أقول لصحبي حين يقبل معرضاً خذوا حذركم قد سل صارمه الهندي

وقال :
فـديـتك مـالك لـم تـُقبل إلـي وقـولي لـم تـقـبل
أوحّـد حسنك بيـن الـورى ففي نار هجرك لـم أصطلي
ويا طيب هجرك لو لـم تكن تمـكـن وصلـك من عذلي
فديتك مهـلاً فانـي قـضيت وعـن حب حسـنك لم أعدل
فديتـك رفقـاً وحـق الهوى سوى حسن وجهك لم حل لي
وكيف يرى القلب حباً سواك وغيرك في القـلب لـم يحلل
فديتك مـن قمـر لـو بـدا فـيا خجـلة القـمر الاكـمل
فديـتك غصناً إذا ما انـثنى فيا قـسوة الغـصن الامـيل
وحقـك يا مـن لباس الضنى وخلـع عـذاري بـه لـذّ لي
لئن كـنت مستبدلاً بي سواي فـما أنا حـاشـا بمستـبدل
وان كنت يا بـدر سال هواي فـمــثلك والله لا ينـسلـي
وإلا فلـم قـد وصلت الوشاة وصـيرتني عنـك في معزل
وقـد كان قلـبك لي منـزلاً فمالي نُحـيت عـن مـنزلي
فـآجـرك الله في مـغـرم بغــير صـدودك لـم يقتل
ومن شعره عن ديوانه المخطوط قوله ، وقد سلك فيه المنهج العرفاني :
أماناً يا صبا نجدِ فقد هيجت لي وجدي


ادب الطف ـ الجزء الخامس310


ويا برقـا سـرى وهناً قريب العـهد من هند
لقد أجـجت لـي ناراً تذيب القلـب بالـوقد
ويـا سـاداتـنا هـلا رعيـتم ذمـة العـبد
هجرتم مغـرماً لـم يد ر بالهجران والصـد
قضى في حبـكم وجداً وبـاع الغـي بالرشد
فيا من ودهـم قـصدي ويا من ذكرهم وردي
بليلات مضت مـعـكم وعيش ناعـم رغـد
وأيـام لـنـا كـانـت بجـيد الدهـر كالعقد
صلـوا وارثـوا لمشتاق حليف الدمع والـسهد
وان قاطـعتـم المضنى وخنـتم سالـف العهد
فـانـي ذلك الـخـل وودي فـيـكـم ودي
إلى أن يجـمع الشـمل وتطوى شـقة البـعد
ومن وصلكـم تحـظى اذن فـي جنـة الخلد
وتجني زهـرة الوصل وتجلـو راحـة السعد
وان مـت ومـا نـلت بلقـيا سادتـي قصدي
فيا وجـدي ويا حزني لمن قـد نـالـه بعدي


ادب الطف ـ الجزء الخامس311


الشيخ حسن آل سليمان العاملي
المتوفى 1184

ما ضـرّ من كـان ذا لبٍّ وتـفكير لو قطّع النفس وجداً يوم عاشور
وكلّف الـقلب حـزناً لا يـخامـره تكلف الصبر حتى نفخه الصور
خطب أقام عـمود الـشرك منتصباً وشدّ أعضاد أهـل الغي والزور
خطب غدا منه عرش الله منصدعاً وكوّر الشمس حـزناً أي تكوير
لله يـوم أقـامـت فـيه قـارعـة أهل الحفيظة والجرد المحاضير
من كـل مقتلع الارواح مصلطم الـ أشباح مفترس الاسـد المغاوير
حامـي الحقـيقة مـقـدام الكتـيبة خوّاض الكـريهة دفّاع المقادير
صوّام يوم هـجير الصيـف ملتزم تلاوة الذكـر قـوّام الـدياجير
يوم ترامـت إلى حـرب الحسين به أبناء حـرب على جدٍّ وتشـمير
وروّت الأرض من نحر الحسين دماً وغادرتـه طريحاً في الهياجير
يا للحـماة حمـاة الدين مـن مضر ويا ذوي الحزم والبيض البواتير


ادب الطف ـ الجزء الخامس312


الشيخ حسن آل سليمان العاملي



قال السيد الامين في الاعيان ج 21 ص 437 :
توفي في رجب سنة 1184 هـ . وآل سليمان بيت علم وصلاح في جبل عاملة من زمن بعيد إلى اليوم ، وأحفادهم اليوم يسكنون قرية البياض في ساحل صور وكانوا قبل ذلك في مزرعة مشرف وعندهم مكتبة يتوارثونها عن أجدادهم تحتوي على مجموعة نفيسة من المخطوطات وبعض المطبوعات النادرة وقد ذهبت إلى القرية المذكورة وبقيت فيها عندهم أياماً وطالعت محتويات تلك المكتبة ونقلت منها في هذا الكتاب . وجدهم الذي ينسبون اليه هو الشيخ سليمان بن محمد بن أحمد بن سليمان العاملي المزرعي الذي وجدنا بخطه مقتل أمير المؤمنين علي عليه السلام فرغ منه 25 صفر سنة 1033 وعليه خاتمه بتاريخ 1028 ويحتمل ان تكون نسبتهم إلى الشيخ سليمان بن محمد العاملي الجبعي تلميذ الشهيد الثاني الذي كان حياً سنة 951 وان يكون الشيخ سليمان المزرعي من أحفاده بل يحتمل ان يكونا شخصاً واحداً وان يكون أصله من جبع ثم انتقل إلى المزرعة اما الشيخ سليمان بن علي بن محمد بن محمد بن سليمان المزرعاني الذي كان حياً سنة 1152 فهو من أحفاد الشيخ سليمان المزرعي سمي باسم جده الذي كان مشهوراً كما جرت العادة بأن يسمى الاحفاد باسم جدهم المشهور ، والمترجم كان عالماً فاضلاً أديباً شاعراً من مشاهير علماء عصره وأساطين فضلائه قرأ في جبل عاملة وفي العراق ذكره بعض مؤرخي جبل عاملة في ذلك العصر فقال في رجب سنة 1184 زادت الجنان شرفاً وزينت الحور العين لقدوم العالم الفاضل الأجل المؤتمن الشيخ حسن سليمان قدس الله روحه ونور ضريحه اهـ وكان يسكن بلدة انصار وقيل قلعة مارون في ساحل صور والظاهر انه كان أولاً يسكن انصار ثم سكن قلعة مارون

ادب الطف ـ الجزء الخامس313


وكان في عصر الشيخ ناصيف بن نصار شيخ مشايخ جبل عاملة وعصر الشيخ عباس المحمد حاكم صور إلا انه كانت فيه حدة ، وذكره صاحب جواهر الحكم في كتابه وبالغ في الثناء عليه وقال بلغني ممن يوثق بنقله عن الثقات العارفين انه كان يفضل في العلم على الشيخ على الخاتوني والسيد أبي الحسن القشاقشي سوى انه كان حاد الطبيعة فلم تحمد الناس صحبته وكان الخاتوني حسن السلوك فقعد الشيخ حسن بن سليمان بيته ولم يخالط الناس لشدة ثورة طبعه .
ومن ذريته الشيخ خليل سليمان العاملي الصوري المعاصر الذي هاجر معنا إلى النجف لطلب العلم ثم سكن كوت الامارة في العراق مدة من الزمن وتوفي في النجف وقد وجدنا لمترجم أشعاراً في بعض المجاميع العاملية المخطوطة وبعضها رد على الشيخ عبد الحليم بن عبد الله النابلسي الشويكي المتوفى سنة 1185 المعاصر لظاهر العمر ، وذكره المرادي في سلك الدرر وقال ان له رسالة في الكلام رد بها على معاصره الشيخ أبي الحسن العاملي الرافضي في تأليف له أودعه بعض الدسائس الرافضية والشيخ أبو الحسن هذا هو جد جد المؤلف وكان الشيخ عبد الحليم هذا من شعراء ظاهر العمر والمترجم من شعراء ناصيف وعلماء عصره في المجموع المشار إليه ما صورته للشيخ الفاضل والتحرير الكامل الشيخ حسن سليمان مجيباً عبد الحليم الصفدي «النابلسي» ويذكر يوم طيربيخا «وهو يوم كانت فيه وقعة بين عسكر ناصيف وعسكر ظاهر العمر وكانت الغلبة لعسكر ناصيف» ويظهر ان الشيخ عبد الحليم قال قصيدة ضد العامليين فأجابه المترجم بقصيدة ذكرها السيد الامين في (الاعيان) ج 21 كما ذكر له قطعة نبوية عدّد فيها صفات النبي صلى الله عليه وآله .

ادب الطف ـ الجزء الخامس314


محمد بن عبد الله بن فرج الخطي
كان حياً سنة 1184

قال في قصيدة تربو على المائة بيتاً وأولها :
أبـريـق الـبروق ذاك الضـياء أم سنا لاح إذ سفـرن الظباء
وبـلـيل النـسـيـم مـرّ بلـيل أم شذاها ضاعت به الارجاء
هـي للقـلـب فتــنة وعـذاب وهي للعين روضـة غـنّاء
إن يكن حـال بينـنا البعد كـرها فلهـا كان في القـلوب ثواء
أنا بـاق على الـوفاء وإن هـم نقضوا العهد عندهم والـوفاء
نقضوا العهد نقض أرجاس حرب لعهود بها إلى السبط جـاؤوا

إلى أن يقول فيها :
ولقد بـاع نفسه برضى الله وقد طـاب بيعه والشراء
خضّب الوجه بالدماء فأبدى شفقاً منه للصباح انجلاء
وقضى ظامئاً وما نال ورداً لكن البيض من دماه رواء

وفي آخرها :
يا هداة الورى ويا سرّ خلق الله يا من بهـم يسود الـعلاء
كنـتم علّة الـوجـود ابـتداء واليكم يـوم الجـزا الانتهاء
راجياً عـبدكم محـمد فـوزاً بجـنان يـدوم فـيها البقاء
وعليـكم مـن السـلام سلام كلما سحّ في الرياض الحياء


ادب الطف ـ الجزء الخامس315


الشيخ محمد بن عبد الله بن فرج الخطي



نقلنا قصيدته الدالية عن مجموع لطف الله بن علي بن لطف الله بن يحيى بن راشد الجدحفصي المخطوط بقلمه سنة 1201 هـ وفي تحفة أهل الايمان ان المترجم له قد أعار كتاب (شرح التجريد للاصفهاني) للشيخ عبد علي بن محمد ابن حسين الماحوزي سنة 1184 هـ . ويفهم من هذا أن وفاة صاحب الترجمة بعد هذا التاريخ .
وهذا مطلع القصيدة المشار اليها :
يميناً بـنا يا سائـق العيس يا سـعد فلي بالحمـى حيّ بـه بعُدَ العـهد
وسر بي إلى تلك الربى علـني أرى بها نخفة يـوماً بها يـذهب الوجد
وطف بي على تلك الطلول عسى بها يزول غـرام في الفـؤاد لـه وقد
وسل ناشداً في الحي عن قلب مغرم ثوى عـندهم ما كان يـوماً له ردّ
وهل منهم من بعـد ذا الهجر والقلى وصال لمضنى شفه الشوق والوجد(1)


(1) عن مجموعة الشيخ لطف الله الجدحفصي .
ادب الطف ـ الجزء الخامس316


الشيخ ابراهيم الحاريصي
المتوفى 1185

ألا إننـي بـادي الـشجـون مـتيمُ ونار غرامـي حرهـا يتـضرمُ
ودمـعي وقـلـبي مطـلق ومقـيد وصبري ووجدي ظـاعن ومخيم
أبيت ومـالي فـي الغرام مساعـد سوى مقلة عبرى تفيض وتسجم
وأكـتم فرط الوجـد خيـفة عاذلي فتبدي دمـوعي ما أجـنّ وأكتم
ويا لائـمي كـفّ الـملام وخـلّني وشأني فإن الخطب أدهى وأعظم
فلو كنت تدري مـا الغـرام عذرتني وكـنت لأشجاني تـرقّ وترحم
إلى الله أشـكو ما لقـيت من الجوى فـربي بـما ألـقاه أدرى وأعلم
ويا جيرة شـطت بهم غـربة النوى وأقـفر ربع الأنس والقرب منهم
أجيروا فؤاد الصب من لاعج الأسى وجودوا علـيه باللـقا وتكرموا
وحقكم إنـي عـلى العـهد لـم أزل وما حلـت بالتفريق والبعد عنكم
وقربكـم أنسي وروحـي وراحـتي وأنتم مـنى قلبي وقصـدي أنتم
رعى الله عصراً قد قضيناه بالحمى بطيب التـداني والحـواسد نوّم
وحيـا الحيا تـلك المعاهـد والربى فقد كنت فيـها بالسـرور وكنتم
إلى ان قضى التفريق فـينا قضاءه وأشـمت فيـنا الحاسدون وفيكم
وشأن اللـيالي سلب مـا سمحت به ومن عـادة الأيـام تبنـي وتهدم
وما زال هـذا الدهر يخـدع أهـله ويقضي بجـور في الأنام ويحكم


ادب الطف ـ الجزء الخامس317


ويرفع مفضولاً ويخفض فاضلاً وينصـب في غدر الكرام ويجزم
أصاب بـسهم الغدر آل محـمدٍ وأمـكن أهل الجور والبغي منهم
وكانـوا ملاذالخلق في كل حادث نجـاة الـورى فيما يسوء ويؤلم
وأبحر جود لا تغـيض سـماحة وأطـواد حـلـم لا تكاد تـهدم
وأقمار فضل في سماء من التقى واعـلام إيمان بـها الحق يعلم
هم حـجج الرحمن من بين خلقه وعروته الوثقى التي ليس تفصم
وعندهتم التبيان لا عنـد غيرهم ومودع سرّ الله لا ريـب فـيهم
ومنهم إليـهم فيهم الـعلمُ عندهم وأحكام دين الله تؤخـذ عنـهم
ومن مثلهم والطـهر أحمد جدهم ووالـدهم أزكى الأنـام وأعظم
وصي رسـول الله وارث علمه وفارسه المقدام والحرب تضرم
وناصر ديـن الله والأسـد الذي هو البطل القرم الهمام الغشمشم
وقاتل أهل الشرك بالبيض والقنا ومـن كان أصنام الطغاة يحطم
وأول من صلى إلى القـبلة التي إليـها وجوه العارفـين تـيمم

ومنها في الامام أبي عبد الله الحسين عليه السلام :
فلما رأى ان لا محيص من الردى وطاف به الجـيش اللهام العرموم
سطا سطوة الليث الغضنفر مقدماً وفي كفه ماضـي الغرارين مخذم
وصال عليـهم صولـة عـلوية فولوا على الأعقاب خوفاً وأحجموا
إلى أن دنـا مـا لا مـردّ لحكمه وذاك عـلى كـل الأنـام محـتم
فلله يـوم السـبط يـا لك نكـبة لها في فؤاد الـدين والمـجد أسهم(1)


(1) أعيان الشيعة ج 8 ص 496 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس318


الشيخ ابراهيم بن عيسى العاملي الحاريصي



توفي يوم السبت 16 شعبان سنة 1185
عالم فاضل شاعر مجيد ، يعد في طليعة شعراء جبل عامل في ذلك العصر ، وعقبه في حاريص إلى اليوم ، وكان شاعر الشيخ ناصيف بن نصار شيخ مشايخ جبل عامل في ذلك العصر ، أي أمير أمرائه ، قال السيد الامين في الاعيان : ويظهر من شعره انه قرأ في مدرسة (جويا)(1) لقوله في ختام بعض قصائده في مدح الشيخ ناصيف :
إليك فريدة رقت وراقت بجيد الدهر قد أمست حليّا
هدية شاعـر داع مراع أجاد بك ابن نصار الرويّا
فتى حاريص مغناه ولكن تلقى العلم وفراً من (جويا)
وكان له بهـا شيخ جليل جميل حاز علـماً أحمديا
وفي تبنين ما يرجو وأنتم له ذاك الـرجا ما دام حيا
قال : وتدل قصائده على اطلاع واسع وعلم بالوقائع التاريخية القديمة ومعرفة برجال التاريخ ، وفي شعره شيء كثير من الحكم والأمثال .
أقول وذكر جملة من شعره في الفخر والحماسة والمناظرة وأغراض أخر .

(1) قرية من قرى جنوب لبنان .


السابق السابق الفهرس التالي التالي