أدب الطف ـ الجزء الرابع 243


لقـد حازت السبطيـن بدري محمد وبضعته الـزهراء نـوراً وآلهـا
فيا خيـر مـن أرخت أزمّة نـوقها اليه حـداة زاجـرات جـمالهـا
ويا خير من حجّت اليه من الـورى بنـو آمـل ألقـت اليه رحـالها
ويا خـير مأوى للنزيـل وملتجـى إذا أزمـة أبـدى الزمان عضالها
ألا أيهـا المـمتاز مـن آل هاشـم ومـن كان فيهم عـزّها واكتمالها
ألا يا أبا السبطين يـا خير مَن رقى لمنزلة حـاشا الـورى أن يـنالها
أزلـتَ ظلام الـشرك يا آية الهدى وأفنـيتَ أصنام العـدى ورجالها
وأطلعت شمس الحق والكفر قد دجى ولولاك يا فخر الـوجود أزالهـا
اتيـناك نسعى والـذنوب بضائـع وقـد حمـلت منّا الظهـور ثقالها
ولمّا تــنافسنا بـبـذل نـفائـس وانفـسنا أهـدت اليـك ابتـهالها
عفـا الله عني لم أجـد غير مهجة وادرى إذا مـا قد رضيت امتثالها
فو الله مهـما حـلّ حضـرتك التي تحـج بنـو الآمـال نال نـوالها
اغثني اغثني من هوى النفس علنّي أرى للتـقى بعـد الشـفاء مـآلها
اجرني اجرني مـن ذنوب تراكمت فما لي سوى الألطاف منك ومالها
أعـني أعني مـن عـناء وأزمـة أزلها أبا السبطين واصـرم حبالها
فـدهـم الليالي الـعاديـات مغيرة وقـد أوسعت أيّام عسـري مجالها
وضاق فسيح الأرض حـتى كأنني حملـت على ضعفي الفلا وجبالها
كأن الـدواهي حـرة قـدتزوجت بقلبي ولـم تبذل لغـيري وصالها
بذلت لها عـمري صـداقاً ولم تلد سوى حرقـة قد أرضعتها اشتعالها
وسـوف أراهـا طالـقاً بـثلاثـة على يـدهـم اني اعتقـدت زوالها
أبـا الحسنـين المرتضى وحسـينه وفاطـمة هبـني لمـدحي عيالـها
فمن مطلعي حتـى الختام بمـدحهم نعم بلـغت يا صاح نفـسي سؤالها


ادب الطف ـ الجزء الخامس244


تقاريض للقصيدة الحسينية :
قال السيد حسين المشهدي(1) مقرضاً قصيدة الحسن بن عبد الباقي الموصلي ـ ابن اخت عبد الباقي العمري ـ التي رثى فيها الحسين عليه السلام وأولها : قد فرشنا لوطئ تلك النياق ـ فقال :
أمنـتجع المـولى الشهيد لك البشرى فقد عـظم الله الكريـم لك الاجـرا
لقـد سـرت مـن دار السلام ميمماً إلى حرم زاكٍ فـسبحان من أسرى
وخضـت ظـلام الليل شـوقاً لقربه كذاك يغوص البحر مـن طلب الدرا
وشنـفت اسـماع الـورى بـلآلـئ لجيد مـديح السـبط نظّمـتها شعرا
ودبجـت مـن نسج الخيال مـطارفا ممسـكة الأذيال قـد عبقت نـشرا
يطـرزها مـدح الحسيـن بـن أحمد عماد الهدى عين العلى بضعة الزهرا
فـجاءت بالفاظ هـي الخـمر رقـةً وفـرط صفا لكن لـها نشأة اخـرى
تنوب عـن الشمس المنيرة في الضحى سناءاً وان جنّ الـدجى تخلف البدرا
وقفـنا عـلى تشبيـبها ورثـائـهـا فألـبابـنا سكـرى وأجفاننا عبـرى
فيالك مـن نظم رقـيق صغت له الـ ـقلوب فاذكـت مـن توقدها جمرا
ولا غرو إن بكت مـعاني نظامها الـ ـعيون بالفاظ قد ابــتسمت ثـغرا
هـي الـروضة الغـناءُ أينع زهرها فلا عدمت من فيـض أعشابه قطرا
فيا حسـن الأخـلاق والاسـم من له محاسن فاقت في السنا الانجم الزهرا
هنيـئاً لك الفـخر الذي قـد حـويته بشعر بمدح الآل قـد زاحم الشعـرى
فـقد شكر الـرحمن سعـيك فيـهم وعوضكم عـن كل بـيت بهم قصرا
فـمدحـهـم للمـرء خيـر تجـارة مدى الدهـر لا يخشى بها تاجر خسرا
وكـن واثقاً بـالله فـي دفـع شـدة شـكوت اليهـم مـن مقاماتها ضـُرا


(1) ترجمة السيد الأمين في الأعيان ج 27 ص 276 ونقل هذه الترجمة البحاثة علي الخاقاني في الجزء الثاني من شعراء الحلة ص 237 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس245


ولا تضجرن من حادث الدهر ان عرا فسوف يعيد الله عسركم يسـرا
وجـد لنظامـي بـالقبـول تفـضلاً وبالعذر ان الحرّ من عذر الحرا

وقال الحاج جواد بن الحاج عبد الرضا بن عواد البغدادي مقرضاً :
ألا يا ذوي الألباب والفـهم والفـطن ويا مالـكي رقّ الفـصاحـة واللسن
خـذوا للاديب المـوصلي قصـيدة بـدرّ المعاني قلـّدت جيد ذا الـزمن
تسير بهـا الركـبان شرقـاً ومغرباً فتـبلغها مـصراً وشـاماً إلى عـدن
غلت في مـديـح الآل قـدراً وقيمة فـأنى لمـستام يوفّـي لـها الثـمن
تفـنن في تشبيـهـها ورثـائـهـا تفـنن قـمـريّ ينـوح على فـنـن
فاعـظم بمـمدوح وأكـرم بـمادح صـفا قلبه للـمدح في السـر والعلن
فلـو رام أن يـأتي أديـب بمـثلها لأخطأ في المرمى وضاق بـه العطن
فكـيف وقـد أضحى يقـلـد جيدها بـدر رثاء السبـط ذي الهـم والمحن
سليل البـتول الطـهر سبط محـمد ونجل الامام المـرتضى وأخي الحسن
شهيد لـه الـسبع الطباق بـكت دماً ودكّت رواسي الأرض من شدّة الحزن
وشمس الضحى والشهب أمسين ثكلا ووحش الفلا والانس والجـن في شجن
على مثل ذا يستحسن النـوح والبكا وسـحّ الـمآقي لا على دارس الـدمن
فلله حـبرٌ حـاذق بـات نـاسـجا بديـع بـرود لـم تحك مثلها اليمـن
حسيـنـية أوصـافـهـا حسنـية بتـقريظـها غالـى ذوو الفهم والفطن
فلا غرو إن أربى على البدر حسنها فعنصرهـا يُـعزي إلى والـد حـسن
جزاء آله الـعرش عـن آل أحمـد أتمّ جـزاء فهـو ذو الفـضل والمنن


ادب الطف ـ الجزء الخامس246


الشيخ محي الدين الطريحي

الشيخ محي الدين بن محمود الطريحي المتوفى 1158 لمصاب الكـريم نجل الكرام
جاد ما جاد من دموعي السجام
قلّ صبري وزاد حزني ووجدي فدموعي كأسي ودمعي مدامي
إنما حـسرتي وهـمي وحزني ونحيبي وزفرتي واضطرامي
لسليل البتول سبـط رسول الله نـور الإلـه خـيـر الانـام(1)


ادب الطف ـ الجزء الخامس247


الشيخ محي الدين بن محمود بن أحمد بن طريح الطريحي المسلمي الرماحي من أبناء عم فخر الدين الطريحي صاحب مجمع البحرين ومعاصر له توفي في النجف الأشرف سنة 1158 . كذا ذكر السيد الامين ، والصحيح 1130 .
كان فاضلاً تقياً مصنفاً أديباً شاعراً له شعر كثير في الحسين (ع) وله ديوان شعر مجموع . وفي الطليعة : كان فاضلاً تقياً مصنفاً أديباً شاعراً ، له شعر كثير في الحسين (ع) وشعره في الطبقة الوسطى . وقال في نشوة السلافة : كان في العلم قدوة وصدرا وأجرى من ينبوعه بتحقيقه نهرا ، ان نثر فالدر نثاره أو نظم فاقت العقود أشعاره .
توفي في النجف الأشرف سنة 1130 ودفن في وادي السلام كما في (الطليعة) وفي كتاب (ماضي النجف) ساق نسبه هكذا : الشيخ محي الدين بن محمود ابن أحمد بن طريح ، وجد نسبه بهذه الصورة بخطه على ظهر الفخرية مؤرخ سنة 1116 وكتب ولده الشيخ أمين الدين والد الشيخ علاء الدين تملكه للنسخة قال الشيخ الطهراني في الذريعة ـ قسم الديوان : ديوانه موجود في النجف وقد كتب هو بخطه تمام نسبه على ظهر (الفخرية) تأليف الشيخ الطريحي سنة 1116 وترجم له في (نجوم السماء) ص 127 .
وللسيد نصر الله الحائري قصيدة مثبتة في ديوانه المطبوع ص 195 يراسل بها الشيخ محي الدين ـ مطلعها :
عتبتم لكن بلا جرمِ على مشوق ناحل الجسمِ

وله فيه أيضاً :
مولاي محي الدين مذ قد غبتَ عن عياني


ادب الطف ـ الجزء الخامس248


أقـلام هـدبي كتبت بحبر دمعي القاني
في طرس خدي كلما أخفيت من أشجاني

وذكره السيد الامين بقوله :
هو أحد رجال العلم وفرسان الأدب وذكر له شعراً في المدح والوصف فمن شعره قوله يمدح والي البصرة حسين باشا ابن افراسياب السلجوقي :
هي الشمـس أم نار عـلى علم تبدو أم البدر أم عـن وجهها أسفرت هند
وذلك بــرق لامـع أم مـباســم تبـدّت لنا أم لاح فـي نحرها العقد
وتلك رماح الخـط تـلوي متونـها يد الـريح أم تيـهاً يمـيس بها القد
وذا عطـرها قدفاح أم نـشر عنبر أم اهتاج من حزوى العرار أو الرند
هو الدهر لـم يبلغ به السؤل مـاجد وكـم نال مـنه فوق بغـيته الوغد
سيفري أديم الأرض في خطو شيظم هـو الماء إذ يمشي أو النار إذ يعدو
غلى حلّة فيـها حسين أخـو الـندى أبو المجد خدن الفـضل والعلم الفرد
نتـيجة اقـيـال سـرات أمـاجـد غيوث اذا استندوا لـيوث اذا استعدوا
وجارى السـحاب الجون كفيه فانثنى مقـراً بفـضل لا يطـاق لـه جحد
بمدحك عـاد الشـعر غـضاً كأنما غذته بمضغ الشـيح عـرفاء أو نهد

وله في وصف فانوس ـ المصباح ـ
كأنـما الفانـوس فـي حلّة حمراء مـن نسج رفيع رقيق
والشمعة البيضاء في وسطه ذات اعتدال مثل سهم رشيق
صعـدة بلـور لها حـربة من ذهب في خيمة من عقيق
أو كاعـب بيضاء عـريانة قائمـة في كلّة مـن شقيـق

وقال في أمل الآمل :
الشيخ الفقيه محي الدين بن محمودبن أحمد بن طريح النجفي
عالم فاضل محقق عابد صالح أديب شاعر ، له رسائل ومراثي للحسين

ادب الطف ـ الجزء الخامس249


عليه السلام ، وديوان شعر . وهو من المعاصرين .
والشيخ محي الدين بن كمال الدين هو سبط شيخنا المترجم له ولهذا السبط ترجمة وافية توفي سنة 1148 ورثاه الشيخ أحمد النحوي بقصيدة وعدد عشرة علماء من آل طريح في بيت واحد وأرخ عام وفاته ، ومطلعها :
لا غرو إن فاضـت عيون عيوني وعلت بسح دم شجون شجوني
وتصاعدت حرقي ودام على المدى قلقى وطـال لما اجـنّ حنيني

إلى ان قال :
أودى بعـضب للنوائـب قاطـع يفري مـن الأعـداء كل وتيـن
أودى بترب المجد حلف المفـخر السامى مميت الجهل (محي الدين)
العالـم القـدسي والحـبر الـذي لم يرض من نيل العلى بالـدون
محي رسوم فروض شرعة أحمد الهادي وشاهـر عضبها المسنون
الشامـخ العـرنين نجل الشامـخ العرنين نجـل الشـامخ العـرنين

إلى ان قال :
من نسل آل طريح القوم الاولى تتلى مـآثرهم ليـوم الدين
علـماء علامون بـان علاهُـم بالذات واستغنى عن التبيين

إلى ان قال مؤرخاً :
والدهر أعلن بالنداء مؤرخاً المجد مات لموت محي الدين


(1) أوردها السيد الامين في الاعيان وقال : هي للشيخ محي الدين . أقول وقد تقدم في ترجمة الشيخ محمد علي الطريحي انها من شعره .
ادب الطف ـ الجزء الخامس250


السيد نصر الله الحائري
المتوفى 1168

يا بقاع الطـفوف طاب ثراك وسقـى الـوابل المـلث حماك
وحماك الإلـه من كل خطب فلقـد أخـجـل النجوم حصاك
ووجوه الملـوك تحسـد فرشا تـحـت اقـدام زائـر وافـاك
حيث قد صرت مـرقداً لإمام واطـئ نعـلـه لفـرق السماك
الحسين الشهـيد روحي فـداه نجـل مخـدوم سائـر الافلاك
شنف عرش الإله مولى نـداه طـوق جيد الاقيـال والاملاك
افتك الناس يوم طعن وضرب وهـو مـع ذاك أنسـك النساك
ذو سمـاح كالبحر عمّ البرايا وحديث كـالـدرّ في الاسـلاك
كل ما شئت من مديح فقل فيه وجانـب مـزالـق الاشـراك
نجل خير النـساء بضـعة كه من سـمت ذاتها عـن الادراك
مـن عليـه فليندب الخلق طراً وعلـيه فلتبـك عيـن البواكي
ما كفاهـم قتل المطـهر حتى أوطؤا الصدر منه جُرد المذاكي
كان ضيـفا لـديهـم فـقروه ـ لا سقاهم حياً ـ بطعن دراك


ادب الطف ـ الجزء الخامس251


السيد أبو الفتح عز الدين نصر الله بن الحسين بن علي الحائري الموسوي الفائزي(1) المدرس في الروضة الشريفة الحسينية المعروف بالمدرس وفي كلام عبد الله السويدي البغدادي انه يعرف بابن بطة وكذا في نشوة السلافة .
استشهد بقسطنطينية على التشيع سنة 1168 عن عمر يقارب الخمسين ، عالم جليل محدث أديب شاعر خطيب كان من أفاضل أهل العلم بالحديث متبحراً في الأدب والتاريخ حسن المحاضرة جيد البيان طلق اللسان ماهراً في العربية له مؤلفات مذكورة مشهورة وديوان شعر جمعه السيد حسين رشيد ، ولما ذهّب نادر شاه قبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام سنة 1155 قال المترجم له قصيدة بهذه المناسبة ويؤرخ تذهيب القبة وقدخمّس هذه القصيدة تلميذه الشيخ أحمد النحوي وأولها :
إذا ضامك الدهر يوماً وجارا فلـذ بحمى أمنـع الخلق جارا
علي العـليّ وصـنو النـبي وغيث الورى ثم غيث الحيارى
هـزبر النزال وبحر النـوال وشمس الكمال التي لا تـوارى

كان شخصية لامعة في عصره ، له مجلس تدريس في الحضرة الحسينية المطهرة يحضره طائفة كبيرة من أفاضل أهل العلم العراقيين والمهاجرين ، سافر إلى إيران عدة مرات منها في عصر السلطان نادر شاه . وعندما هاجم هذا

(1) أقول وسلسلة نسبه هكذا : نصر الله بن الحسين بن علي بن يونس بن جميل بن علم الدين ابن طعمة بن شرف الدين بن نعمة الله بن أبي جعفر أحمد بن ضياء الدين يحيى بن أبي جعفر محمد بن شرف الدين أحمد المدفون في عين التمر ـ شفاثة ابن أبي الفائز بن محمد بن أب الحسن علي بن أبي جعفر محمد خير العمال ابن أبي فويرة علي المجدور بن أبي عاتقة أبي الطيب أحمد ابن محمد الحائري بن ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الامام موسى الكاظم (ع) .
ادب الطف ـ الجزء الخامس252


السلطان حدود العراق وحاصر بغداد حوالي ثمانية أشهر ، ولذلك حديث مشهور في تاريخ العراق مما اضطر الدولة العثمانية ان تعقد الصلح مع نادر على ان يكف عن غاراته هذه من جانب نادر ، وأما العثمانيين فعليهم ان يعترفوا بمذهب الشيعة رسمياً وان يكون لهم محراب خامس في مكة المكرمة ، وإمام للصلاة في الحرم وان يكون أمير الحاج للشيعة من قبله على الطريق البري العراقي .
ان السلطان بذل سياسة كبرى من أجل توحيد كلمة المسلمين واماتة الخصومات والعنعنات الطائفية وتوجه للنجف لزيارة الإمام امير المؤمنين عليه السلام وقام يتذهيب القبة العلوية والمأذنتين والايوان الشرقي ـ وهي أول قبّة كسيت بالذهب في العراق ، وكان من أعظم أهدافه ان يجمع علماء الاسلام على الوثام وهكذا كان فقد أحضر الشيخ علي أكبر الطالقاني ـ من علماء دار السلطنة ومفتيها وشيوخ الاسلام من إيران والافغان وأحضر الشيخ عبد الله الالوسي من بغداد ، فكتبوا الحكم والمحضر ووقعوه وأقاموا الجمعة جيمعاً بجامع الكوفة وكانوا في حدود خمسة آلاف وخطيبهم نصر الله الحائري وختم السلطان نادر بتوقيعه ، وكانت كتابتها بالفارسية ، وأشهد عليهم صاحب المرقد الشريف أمير المؤمنين وإمام المتقين .
كان رحمه الله كثير الاعتكاف في روضة سيدنا العباس بن أمير المؤمنين عليه السلام مشغولاً بالدراسة والتدريس ، وسافر إلى الاستانة بمهمة رسمية من قبل نادر شاه وهناك وشى مفتي صيدا عليه عند السلطان العثماني فأمر بقتله فاستشهد في (اسطنبول) 1168 هـ .
وكتب الشيخ محمد رضا الشبيبي في مجلة الاعتدال النجفية عنه فقال :
يُعد الاستاذ المحدث الأديب السيد نصر الله الحائري رحمه الله من أئمة الأدب في منتصف القرن الثاني عشر ، شدت اليه الرحال وكانت له في الحائر

ادب الطف ـ الجزء الخامس253


مدرسة مشهورة وخزانة من أنفس خزانات الكتب في عصره جلب اليها النسخ المختارة من الأقطار البعيدة فقد كان الاستاذ المشار اليه رحالة كثير الأسفار وقد زار القسطنطينية وعواصم البلاد الايرانية وسواها غير مرة . وقد روى عنه وقرأ عليه أشهر أدباء العصر الذي يلي عصره أو الطبقة التي تلي طبقته ومنهم بعض آل النحوي ومنهم على الغالب الاستاذ اللغوي الأديب السيد صادق الفحام النجفي وهذا من أشهر أدباء العصر المذكورين الذين تخرجوا على الحائري والسيد مير حسين الرضوي النجفي صاحب الديوان .
وللسيد نصر الله يتشوق إلى كربلاء المقدسة :
يا تـربة شـرفـت بالسيـد الـزاكي سـقاك دمع الحيا الهـامي وحياك
زرنـاك شوقاً ولـو أن النوى فرشت عرض الـفلاة لنا جمراً لـزرناك
وكيف لا ولقـد فقـتٍ السـماء عـلاً وفاق شهب الدراري الغر حصباك
وفـاق مـاؤك أمـتـواه الحياة وقـد أزرى بنشر الكبـا والـمسك رياك
رام الهـلال وان جـلـّت مـطالـعه أن يغتدي نعل من يسعى لمـغناك
وودت الكـعبة الغـراء لـو قـدرت على المـسير لكي تحـظى بمرآك
أقدام مـن زار مثواك الشـريف غدت تفـاخر الرأس منه ، طاب مثواك
ولا تـخاف العمى عيـن قـد اكتحلت أجـفانها بغبـار مـن صحـاراك
فـانـت جـنـّتـنا ديـنـا وآخـرة لـو كان خلّد فيـك المـغرم الباكي
وليس غير الـفرات العـذب فيـك لنا من كوثر طاب حتى الحشر مرعاك
وسورة المنتهى في الصحف منك زهت طـوبى لصب تملّى مـن محـياك
كم خـضت بحر سراب زادنـي ظمأ سفينه العـيس مـن شوقي للـقياك
كـم قد ركبت اليك السفن من شـغف فقلـت يا سفـن بسـم الله مجراك
لله أيـام انــس فيـك قـد سـلـفت حيث السعـادة من أدنى عطـاياك
فكـم سقـيت بها العاني كـؤوس منى ممـزوجة بالهـنا سقيـاً لسقـياك
وكـم قـطـفنا بـها زهـر المـسرّة وصال قـوم كرام الأصل نسّـاك


ادب الطف ـ الجزء الخامس254


كأنـهم أبحـر جـوداً ولفظـهم كأنـه درر مـن غير أسـلاك
فالآن تنهلّ سحب الدمع من كمد مـهما تبدت بـروق من ثناياك
حياك ربي وحـيّا سادة نـزلوا في القلب مني وان لاحوا بمغناك
ولا برحت ملاذاً للأنام ومصـ ـباح الظلام وبرء المدنف الشاكي(1)

وقال :
يا شموساً في الترب غارت وكانت تبهـر الخـلق بالسنا والـسناء
يـا جـبالاً شـواهـقاً للمعـالـي كـيف وارتـك تربـة الغبراء
يا بحـاراً في عرصة الطف جفت بعـدما أروت الـورى بالعطاء
يا غصـونـاً ذوت وكان جـناها دانـياً للعـفـاة فـي الـلأواء
آه لا يطـفئ الـبكـا غـليـلـي ولو أني اغـت رفت من داماء
كيف يطفى والسبـط نصب لعيني وهـو في كربـة وفـرط عناء
لسـت أنساه في الطفـوف فريدا بعـد قـتل الأصحاب والأقرباء
فـإذا كـرّ فـرّ جيش الأعـادي وهـم كـثرة كقـطر السـماء
فـرمـوه بـأسهـم الغدر بغـيا عن قسي الشـحناء والبغـضاء
ومن الجد قـد دنـا قاب قوسيـ ـن مـن الله ليـلـة الاسـراء
فـاتاه سهـم رماه عـن السـر ج صريـعاً مخضـباً بـالدماء
فبـكته السما دمـا وعـلـيه الـ ـجن ناحت في صبحها والمساء
يـا بنـي أحـمد سـلام عليكـم مـن حـزيـن مقلقل الاحـشاء
طينتي خـُمـّرت بـماء ولاكـم وأبـونـا مـا بني طيـن وماء
وانا العبـد ذو الجرائم نصر اللـ ـه نجل الـحسين حلـف البكاء
ارتـجي مـنكم شرابـا طهـورا يثلج الصدر يـوم فصل القضاء
فاسـمحوا لي به وكونـوا ملاذي من خطوب الـزمان ذي الاعتداء
وعـليكم مـن ربكـم صلـوات تـتهادى مـا فـاح نـشر الكباء


(1) ديوانه المطبوع بالنجف الأشرف سنة 1373 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس255


لطف الله بن محمد البحراني

حتـى مَ تسأل عـن هـواك الأرسما غيـاً وتسـتهدي الجماد الابكما(1)
وألام تسأل دمـنـة لـم تـلـف في أرجـائهـا إلا الأثـافي جثـّما
خلتِ الديار من الأنيـس فما القطين بها القطين ولا الحما ذاك الحما
سفـه وقـوفـك بين أطـلال خلت وعفت وغيّـرها البلاء وأعدما
ضـحك المشيب بعارضيك فنح أساً أسفاً على عمر مضى وتصرّما
فـالعـمر أنفس فايـت فـتلاف ما ضيّعت منه وخـذ لنفسك مغنما
وإذا أطـلّ علـيك شهـر مـحـرم فابك القتيل بكـربلاء على ظما
قـلبي يـذوب إذا ذكـرت مصابه ا لمرّ المذاق ومقلـتي تجري دما
والله لا أنـسـاه فـرداً يلـتـقـي بالرغم جيشاً للضـلال عرمرما
والسمر والبـيض الـرقاقـة تنوشه حتى أصيب بسـهم حتفٍ فارتما
فهوى صـريعاً في الرغـام مجدّلاً يـرنو الخـيام مودّعاً ومـسلّما
ومضى الجـواد الى الخيام محمحماً دامي النـواصي بالقـضيّة معلما
فخـرجـن نسوتـه الكرائـم حسّراً ينثـرن دمـعاً في الخدود منظّما
فبصرن بالشـمر الخبيث مسـارعاً بالسيف في النحر الشريف محكّما
فـدعتـه زيـنب والأسى فـي قلبها يـبدو المجنّ ويظهر المسـتكتما


(1) عن مجموعة قديمة يرجع تاريخها الى عصر الناظم ، ورأيتها في مجموعة خطية للشيخ محمد علي اليعقوبي وهي اليوم في مكتبة ولده الخطيب الشيخ موسى اليعقوبي .
ادب الطف ـ الجزء الخامس256


يـا شمـر دعـه لنا ثـمال أرامـلٍ ومـلاذ أيتامٍ لنا يحـمي الحما
حتى بـرا الرأس الشريف مـن القفا فغـدا على رأس السنان مقوّما
فارتجّت السـبع الطـباق وزلـزلت أركانها والأرض ناحت والسما
الله أكـبـر يـا لـه مـن حـادث أضحى له المجد الرفـيع مهدّما
الله أكـبـر يـا لـه مـن حـادث أمسى لـه الأفق المـنوّر مظلما
الله أكـبـر يـا لـه مـن حـادثٍ أبكا الـمشاعر والمقام وزمزما
يا راكـباً نحـو المـدينة قـف بها عنـد الرسول معـزّياً متظـلّما
وقل السـلام عليك يا أزكى الـورى نسبـاً وأكرمهم وأشـرف منتما
أوصـيت بـالثقلـين أمتـك التـي لـم تألها نصحاً لهـا وتكـرّما
ها قد أضاعـت يـا رسول الله مـا أتمَنَـت بذمـّتها وعهداً مبـرما
هـذا الحـسين بكـربلا عهـدي به شفتاه ناشفتان مـن حـرّ الظما
وتركـت نسوتـه الـكرائـم حسّراً من حولـه يمسـحن منحره دما
واقصر مـن الشـكوى ستسمع أنّةً مـن قبـره تـدع الفـؤاد مكلّما
وانحُ البـتول وقـل أيـا ستّ النسا أعلمت قاصمة الظـهور بنا وما
سـت النساء أمـا علمتِ بما جرى رزؤ أراه مـن الرزايا أعظـما
ست النساء ربيب حجرك في الثرى عاري اللباس مسربلاً حُلل الدما
ست النساءحبـيب قلبك قـد قضى ظامي الحشا والنهر في جنبيه ما
ست النساء رضيع ثـديك رضّضت خـيل العدى أضلاعه والأعظما
يعــزز عليّ بـأن أقـول معـزياً وأفوه عـما في الضمير مترجماً
الـرأس منـه على سنـان شاهـق والجسم من وقع السيوف مهسّما
وبناتك الخفرات فـي أيـدي العدى خـلّفتهـنّ مكشـّفات كـالأمـا
أبرزن مـن بعد الخـدور حـواسراً سلب العدى منها الردا والمعصما
أخذت سـباً حـرقت خباً شتمت أباً ما كان أهلا أنت سـبّ وتشـتما


السابق السابق الفهرس التالي التالي