أدب الطف ـ الجزء الرابع 227


المولى أبو طالب الفتوني

كان حيّاً سنة 1150

المولى أبو طالب ابن الشريف ابي الحسن الفتوني العاملي الغروي :
عـمـرٌ تصـرّم ضيعـة وضلالا ما نلت فيه مـن الرشاد منالا
يا نفس كفي عـن ضلالك واعلمي ان الإلـه يشاهـد الأحـوالا
وذري المساوي والـذنوب وراقبي رب العـباد وأحسني الأعمالا
فـإلى متى تبكـين رسمـاً دارساً وتخاطبـين بجـهلك الاطلالا
هلا بكـيت الـسبط سبط محـمد نجل البـتول السيد المفـضالا
بأبـي إماماً لـيس ينسـى رزؤه فيالناس ما بقي الزمان وطالا
أفديه فرداً في الطفوف وقد قضى عطشا ونال من العدى ما نالا
لهفـي لـه بين الطـغاة وقد غدا فـرداً يـنازل منهـم الأبطالا
لهـفي عليه مضـمخاً بـدمـائه تسفي عليه السـافيات رمـالا
فالأفق أظلم والكـواكب كـوّرت حزناً عليه وأبـدت الإعـوالا
يـا سادتـي يـا آل أحـمد حبكم ديـن الإله بـه اسـتتم كمالا
وعـلـيكم صلى المهـيمن كـلما جـرّ النسيم على الربى أذيالا


ادب الطف ـ الجزء الخامس228


المولى أبو طالب ابن الشيرف ابي الحسن الفتوني العاملي الغروي .



قال السيد في الأعيان ج 6 ص 447 :
المولى أبو طالب أبوه مذكور في حرف الشين ذكره بهذا العنوان السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري في ذيل إجازته الكبيرة الذي هو بمنزلة تتمة أمل الآمل وظاهره ان اسمه كنيته . فقال : كان فاضلاً محققاً متتبعاً في غاية الذكاء وحسن الادراك متقياً متعبداً متوسعاً في العقليات والشرعيات ، يروي عن أبيه وغيره من فضلاء العراق ، قدم الينا بعد وفاة والده وأقام أياماً وتباحثنا في كثير من المسائل وأفادني فوائد عظيمة ثم صعد إلى بلاد العجم وتوفي رحمه الله . وذكره في نشوة السلافة بالفاظ مسجعة على عادة أهل ذلك العصر فقال : الشيخ أبو طالب : ولد شيخنا العلامة ابي الحسن الشريف العاملي تشاغل في الادب فصار من أربابه فمن نظمه هذه القصيدة يرثي بها الحسين عليه السلام . أقول ولم يذكر السيد سنة وفاته ولا سنة ولادته ولكنه عندما ترجم والده المولى أبو الحسن الشريف بن محمد طاهر الفتوني أو الأفتوني العاملي النباطي في الجزء 36 . قال : انه توفي سنة 1139 هـ ، فاذا كان الأب في أواسط القرن الثاني عشر يكون الولد عادة في أواخر القرن الثاني عشر إذا لم يكن من المعمرين .
وفي شعراء الغري : الشيخ أبو طالب بن ابي الحسن الشريف الفتوني كان حياً سنة 1150 ، وهو من العلماء المشتهرين فاضلاً محققاً متتبعاً في غاية الذكاء وحسن الإدراك ، ترجمه السيد عبد الله الجزائري في اجازته الكبيرة وقال : يروي عن أبيه وغيره من فضلاء العراق ، قدم الينا بعد وفاة والده وأقام أياماً يباحثنا في كثير من المسائل وأفاد فائدة عظيمة ثم صعد إلى بلاد العجم

ادب الطف ـ الجزء الخامس229


وتوفى هناك واعقب ولداً واحداً وهو الشيخ علي . ومن شعره مقرضاً كتاب (نتائج الأفكار في محاسن الاشعار) لصاحب (النشوة) .
ومؤلف ألف الزمان رواؤه ألف النواظر كل روض مزهر
الفاظه حاطـت بكل فريدة فتكفّلت بحـفاظ كنز الجـوهر

وجاء في ماضي النجف :
الشيخ أبو طالب ابن الشيخ أبو الحسن الفتوني من العلماء الادباء اجتهد في العلم حتى اطاعه عاصيه وغرف من بحره فأخذ ما يكفيه القى عصاه يوم كان شاباً يافعاً من الشعراء فكان في عدادهم قال السيد عبد الله الجزائري في إجازته الكبيرة (كما مرّ) . وذكره في التكملة ووصفه بالعلم والفضل إلى أن قال : وهو أبو طائفة في النجف كان والده الشريف وقف أملاكا في النجف عليه وعلى اخته فاطمة إلى آخر ما قال ، أقول : برع في العلم ونشط في طلبه وصار من العلماء ، ضايقه الدهر وحاربه الزمان فترك مسقط رأسه النجف وسافر إلى ايران ومات هناك قال في نشوة السلافة بعد ذكر اسمه : تشاغل في الأدب فصار من أربابه وتعلق بغصن البلاغة فترك قشره وأخذ من لبابه فنظم فأبدع وأكثر واوزع فمن جيد نظمه هذه القصيدة يرثي بها أبا عبد الله الحسين «ع» : عمر تصرّم ضيعة وضلالا .
وآل الفتوني اسرة عريقة في العلم متقدمة في الفضل لمعت بالفضل في القرن التاسع الهجري واعتزّت بها النجف من (فتون) وهي إحدى قرى جبل عامل ، جنوب لبنان وذكر صاحب أمل الآمل نسب هذه الاسرة وانها تمتُ بأصلها إلى الصحابي الجليل ابي ذرّ الغفاري فكان بعض العلماء المتتبعين يخاطب رجالاً من هذه الاسرة وينعته بالفتوني العاملي الجندلي الغفاري .
ووالد المترجم له هو الشيخ أبو الحسن كان ـ كما يقول صاحب المستدرك

ادب الطف ـ الجزء الخامس230


على الوسائل ـ أفقه المحدثين وأكمل الربانيين الشريف العدل أفضل أهل عصره واطولهم باعاً ، وفي لؤلؤة البحرين : كان محققاً مدققاً ثقة عدلا صالحاً ، اجتمع به الوالد لما تشرف بزيارة النجف سنة 1115 ووقع بينهما بحث في مسائل جرت .
وله من الآثار العليمة (ضياء العالمين) في الامامة يقع في ثلاث مجلدات ضخام لم يكتب أوسع منه ، يوجد بخطه الشريف عند آل الجواهري في النجف الاشرف وله (الفوائد الغروية) مجلدان في أصول الدين واصول الفقه ، وغير ذلك . كانت وفاته سنة 1138 ، واعقب الشيخ أبا طالب وهو والد الاسرة الفتونية .

ادب الطف ـ الجزء الخامس231


السيد حسين رشيد الرضوي
المتوفى 1156

ألا هـذه حـزوى وتلك خـيامـها بعيـد على قـرب الـمزار مـرامها
ثـوت بـأعالي الرقمتـين فناؤهـا فشبّ وفي قـلب المـحبّ ضرامـها
الى الله كـم في كـل يـوم يريعني على غيـر قصـد ظعنـها ومقامها
كـأن فـؤادي دارهـا وجـوانحي مـواقـد نيـران ودمـعي غمامـها
تجلّت لنا في مـوقف البين وانثنت وقد قوّضت عن سفح حزوى خيامها
فـما نال منا لحـظـُها وقوامـها كما نـال منّـا نأيـها وانـصرامها
ألمياء مهلاً بعـض ذا الهجر والقلا فقد كـاد أن يغتـال نفـسي حمامها
خليلي هـل شاقـتكما مـن ديارها طلـول عـفت أعلامـها واكامـها
ألا تسعـدان اليـوم صباً متـيـماً على نـوب للـدهر جـدّ اصطدامها
وهـل تنـظران اليوم أيّ مـصيبة ألّـمت بـأبـناء الـنبي عـظامـها
لهـم كـل يـوم سيدٌ ذو حفـيظة كـريـم تـسقّيه الـمـنون لئامـها
فيا عـينُ جودي ثم يا عين فاسكبي دمـوعاً تباري الـغاديات سـجامها
أبعـد النبي المصطفى وابـن عمه وعـترته في الأرض يزهو خزامها
وما عجـبٌ للأرض قـرّت بأهلها وقـد ضـيم فيهـا خيـرها وإمامها


ادب الطف ـ الجزء الخامس232


سليل أمـير المـؤمنين اذا اغتدت يسـلّ عـليه للحقــود حسامـها
قتيلٌ بسيف البـغي يخضب شـيبه دم النحخر قد أدمـت حشاه سهامها
ذبيح يروّي الارض فـضل دمائه به قـد غدى يحكي العقيق رغامها
صريع له تبـكي مـلائـكة السما ومكـة يـبكي حلـها وحـرامهـا
شهيد بأرض الطـف يبكـيه أحمدٌ وطيـبة يـبكي ركـنها ومقامـها
وتـبكيه عين الشـمس بالدم قانيا اذا حـطّ منهـا للطـلوع لثـامـها
وتبكي عليه الوحش من كـل قفرة وتـندبـه أرامـهـا وحـمـامهـا
سليب عليه الجن ناحـت وأعولت بـمرثية يشجـي القلـوب نـظامها
فـما أنس لا أنسى عظـيم مصابه وقـد قصدتـه بالنفـاق طغـامـها
جنود ابن سعد النحس وابن زيادهم نحـته فـآوى بالـقـلوب هيامهـا
وقـد منعوه الـماء ظلـماً ونـاله هنالك من وقـد الحروب اضطرامها
فواجهـهم بالنـصح بـدء قـتالهم فلم يثنهم عـن نـهـج غيٍّ ملامها
يقـول لهـم يا قـوم ما لـقرابتي وسبقـيَ لا يـُرعي لـديكم ذمامها
هجـرتـم كتـاب الله فيـنا وخنتم مواثيق أهلـيه ونحــن قـوامـها
ورمتـم قـتالي ظـالمين وهـذه فرائض ديـن الله مـلقـى قيامهـا
لعـمري لقد بؤتـم بأعظـم فتـنةٍ سـيوردكم نـار الجـحيم أثـامهـا
ورحـتم بعار ليـس يبـلى جديده وخـطّة خسف لـيس ينـفد ذامـها
تلقتـكـم الـدنيا بعاجـل زهـرة فـراق لـديكم بالغـرور حـطامها
فما عذركـم يوم الحساب بموقف يـبـرّح فـيـه بالانـام أوامـهـا
خصـيمكـم فيـه الإلـه وجـدنا ونار جحـيم ليس يخـبوا ضـرامها
فلم يُجـدِ فيـهم نصـحه ومقالـه ومال الـى نصح الكفاح اعتـزامها


ادب الطف ـ الجزء الخامس233


فـجاهدهم بالآل والصحـب جـاهداً فـأفناهُـم سمـر القــنا واحتطامها
ولـما رأى السـبط المـؤمـل أهله وأصحابـه صرعى وقـد حزّ هامها
تـدرّع للهيـجاء يقـتـحم العـدى بنفس عـلا في الـحادثات مـقامـها
فجاهـدهم حتى أبـاد مـن الـعدى جموعـاً على الشحناء كان التـئامها
إلى أن هوى للأرض من فوق مهره فـدته البـرايا غـرّهـا وفـخامهـا
فـيا لك مـن شهـم أصيـب بفقده عماد المـعالى والـنـدى وشـمامها
فـجاء اليـه الشمر واحتـز رأسـه وسـاق نسـاء السـبـط وهو أمامها
ومـولاي زيـن العابـديـن مكـبّل أحـاطـت بـه للـنائبات عظامـها
وبنتُ عتليٍّ تـندب السـبط لوعـة يصـدّع قلـب الـراسيات كلامهـا
أخي يا أخي لولا مصابك لـم أبـحُ بـأسرار حـزن فـيك عزّاكتتامـها
أخـي يا أخي عـدنـا أسارى أميه بنا فوق متـن العيس يقصد شامـها
أخي ما لهذي القوم لـم أر عنـدهم ذرارى رسول الله يـرعى احترامها
أخـي بـين أحشائي اليـك تلـهّبٌ وعيـناي مـذ فارقـت غاب منامها
أخي ليس لي في العيش بعدك مطمعٌ عُرى الصبر مني اليوم بان انفصامها
أخـي فاطم الصغـرى تحنّ غريبة بـحزن الى لقـياك طـال هيـامها
الـى أن أتـوا أرض الشآم بأهـلـه فـلا كان يـوما فـي البلاد شأمـها
فعـاد يـزيـد ينكـث الثغـر لاهياً تدار علـيه فـي الكـؤوس مـدامها
فأظـلمت الآفاق مـن سـوء فعـله الـى شفـة للـوفد طـال ابتسامـها
وقـد طـالما كـان الـنبي محـمد يـروق لـديـه رشفـها والـتثامهـا
فيا لك مـن خطب تشيب لهـولـه ولائـد مـن أن حان منـها فـطامها
مصائب صوب الدمـع يهمي لعظمها فمبدؤهـا يـذكي الجـوى وخـتامها
إمـام الهـدى إني بحـبـك واثـقٌ وما شقيـت نفـسٌ وأنـت إمـامـها


ادب الطف ـ الجزء الخامس234


أغثـها أغثـها سيـدي بشـفاعة ولطف فقد أخنى عليها اجترامها
فقد لازمت قـدما مدايحـك التي مدى الدهر فيها فوزها واغتنامها
وكن مدركاً مولاي في كشف شدة أضرّ بجسـمي برحـها ولمامها
انا الـرضويّ العـبد مادح مجدكم رياض الثنا تزهو بمدحي كمامها(1)


(1) عن الديوان المخطوط ص 28 مكتبة الامام الحكيم العامة رقم 390 قسم المخطوطات بخط الشيخ محمد السماوي .
ادب الطف ـ الجزء الخامس235


كتب الشيخ محمد رضا الشبيبي في مجلة الاعتدال السنة 6 ص 84 فقال :
هو السيد مير حسين ابن السيد مير رشيد ابن السيد قاسم وقد دعاه الشيخ عبد الرحمن السويدي في «حديقة الزوراء» بالسيد مير حسين الرشيدي النجفي وقال : مدح الوزير حسن باشا بقصيدة ، ولم نرها في ديوانه الذي نقلنا أكثر ما في هذه الترجمة عنه ، قلت لازم صاحبنا الاستاذ السيد نصر الله الحائري وبه تخرج وتأدب وهو أكبر أساتذته بلا ريب ، وللسيد مير حسين شعر كثير وقد اشتهر برقة غزله وتشبيبه وأولع بالتسميط والتخميس وهو لا يبارى في هذا الفن ولكنه لم يسمط إلاالقطع الغزلية غالباً وتسميطه مشهور لا تخلو منه المجاميع الأدبية . مدح جماعة من وجوه النجف والحائر وبغداد وجرد جملة كبيرة من شعره في مدائح الرسول وأهل بيته سماها في صدر ديوانه «ذخائر المآل» وكان جمعه لديوانه سنة 1144 وأهداه إلى استاذه السيد الحائري وقد ظفرنا بنسخة الاصل من هذا الديوان في مجلدة صغيرة بخطه النفيس وهاك شذرة من أحواله نقلاً عن ظهر هذه النسخة .
جاء به أبوه الى النجف (كانت وفاة أبيه سنة 1124) فاشتغل بها ورحل الى كربلاء فتلمّذ عند السيد نصر الله الحائري مدة ثم عاد الى النجف وتلمّذ عند السيد صدر الدين شارح وافية التوفي ثم مرض مرضاً شديدا بقي يلازمه مدة وتوفي قبل الستين وبعد الألف والماية والست والخمسين قبل شهادة استاذه السيد نصر الله الحائري وكان يكتب خطاً جيداً للغاية وهو من أسرة السيد صدر الدين شارح الوافية وله في ديوانه قصيدة يمدحه بها» .
هذا نص ما وجد على ظهر هذه النسخة من الديوان ، وخلاصة القول كما

ادب الطف ـ الجزء الخامس236


يبدو لنا من تصفح الديوان ان السيد مير حسين من شعراء الطبقة الوسطى في عصره وهو يكثر من استخدام البديع والصناعات اللفظية وشأنه في ذلك شأن أكثر الشعراء في عصور الجمود والتقليد ولكن للسيد مير حسين حسناته في هذا الباب ، ومن شعره :
أما والهوى العذري لم أقترف ذنباً ولكن على رغمي أقول لك العتبى
أبيتُ على مـثل الرماح شوارعاً لما بي ولم أشهد طعاناً ولا ضرباً
وأرفل في ثـوب الهـوان وطالما لبست رداء الـعزّ أسحـبه سحبا
ولكنها الأيـام جـدّت صـروفها فشذّت «مقاماتي» شذوذ أبي يأبى

وكتب الى السيد نصر الله الحائري على ورقة هندية مذهّبة :
تأمـل يا أخا العلياء واحـكم فحكمك في بني الآداب ماض
أليس الخط مع نظمي وطرسي رياض في رياض في رياض

وله : قال ومعنى البيت التالي مما لم يسبق اليه :
ومدامة حمـراء رائقة أمست تفوق الشمس والبدرا
لا تستقر بكأسها طرباً فكأنها مـن نفسها سكـرى

وقال في منظرة من در النجف :
صفت ورقّت فجاءت حسناً بمعنى عجاب
روح من الماء حلّت في قالب من حباب

وله :
ما يمنعُ الانسان من جلسة من غير بسط الفرش فوق الصعيد
من بعد قول الله سبـحانه منـها خلـقـناكـم وفيـها نعـيد

وله في النهي عن العزلة :

ادب الطف ـ الجزء الخامس237


من قال بالعزلة قولا فقد اوجب اهل الشرع إغفاله
فكن بخـلق الله مستأنساً لا تـصلح العـزلة إلا له

وكتب الى بعض الأعيان صحبة كتاب (قطر الندى)
يا بحر العلم ويـا ندباً قد جل نداه عن الحصرِ
قابل بقبولك عذر فتى قد أهدى القطر الى البحر

وكتب عنه محمد حسن مصطفى في السلسلة الثالثة من كتابه (مدينة الحسين) كما جاءت ترجمته في مقدمة ديوان السيد نصر الله الحائري إذ هو الجامع للديوان وكاتبه بخطه الجيد وترجم له الشيخ الأميني في الغدير ونشرت مجلة (الاعتدال) النجفية في سنتها الثانية ص 457 ان جمعية الرابطة الأدبية بالنجف شرعت بطبع ديوان الشاعر المترجم له ولم نر أثراً لذلك .
وكتب عنه الاستاذ حميد مجيد هدّو في مجلة (البلاغ) الكاظمية في العدد الثالث من السنة الثانية .
وهذه رائعة من مدائحه النبوية أخذناها عن مجلة الغرى النجفية :
جيـرة الحي أيـن ذاك الـوفاءُ ليت شعري وكيف هذا الجفاء
لي فـؤاد أذابـَه لاعـج الشوق وجـفنٌ تفيـض مـنه الدماء
كلما لاح بـارق مـن حـماكم أو تغنّت في دوحها الـورقاء
فاض دمعي وحـنّ قلبي لعصر قد تـقضّى وعز عنه العزاء
يا عذولي دعني ووجدي وكربي إن لومي في حـبّهم إغـراء
هم رجائي إن واصلـوا او تناؤا ومـواليّ أحـسنوا أم أسـاؤا
هـم جلوا لي من الحمـيّة قدماً راحَ عشقٍ كؤوسها الأهـواء
خمرة في الكؤوس كانت ولا كر م ولا نـشوة ولا صـهبـاء


ادب الطف ـ الجزء الخامس238


ما تجـلّت فـي الكاس إلا ودانت سـجـّداً باحـتسائهـا النـدماء
ثم مـالوا قبـل المذاق سـكارى مـن شـذاهـا فنطـقهم إيـماء
كنـت جاراً لهم فأبعـدني الدهـ ـر فمن لي وهل يـردّ القضاء
أتـرونـي نأيـت عنكـم مـلالا لا ومـن شـرّفت بـه البطحاء
سـرّ خلق الأفـلاك آيـة مـجدٍ صـدرت مـن وجـوده الأشياء
رتـب دونها الـعقـول حيـارى حـيث أدنـى غاياتـها الاسراء
محـتد طـاهـر و(خلق عظـيم) ومـقـام دانـت لـه الاصفـياء
خـصّ بالـوحي والـكتاب ونـا هـيك كتاباً فيه الهـدى والضياء
يا أبـا القاسـم المـؤمل يا مـن خضـعت لاقـتـداره العـظماء
قاب قـوسين قـد رقـيت علاءً (كيـف تـرقى رقيّـك الانبـياء)
ولك الـبدر شـق نصفين جهـراً (يا سمـاء مـا طـاولتها سـماء)
ودعـوت الشمـس الم نيرة ردت لعـلـي تـمــدّهـا الأضـواء
أنـت نـور عـلا على كل نـور ذي شـروق بـهـديـه يستضاء
لم تـزل في بواطن الحجب تسري حــيــث لا آدم ولا حــواء
فـاصـطفاك الالـه خـير نبـي شأنـه النصح والتقـى والـوفاء
داعياً قـومه الى الشـرعة السمـ ـحاء يـا للإلـه ذاك الـدعـاء
وغـزا المعتديـن بالبيض والسمر فـردت بغـيـضهـا الاعــداء
ولــه الال خـيـر آل كــرام عـلـمـاء أئـمـة أتـقـيـاء
هم ريـاض النـدى ودوح فـخار وسـمـاح ثـمـارهـا العـلياء
يبـتغى الخيـر عنـدهـم والعطايا كل حيـن ويســتجاب الـدعاء
سادتـي انتـموا هـداتـي وأنـتم عـدتـي إن ألـمـّت الـبأسـاء
والـى مجـدكم رفـعـت نظـاماً كلئالٍ قـد نَـمّ مـنهـا الصـفاء
خاطـري بحـرها وغواصها الفكر ونـظّـام عـقــدهـنّ الـولاء
وعليكم صلى المهيمن ما لاح صبا ح وانـجـابـت الـظـلـمـاء
أو شـدا مغـرم بـلـحن أنـيـقٍ (جيرة الحـي أيـن ذاك الـوفاء)


ادب الطف ـ الجزء الخامس239


حسن عبد الباقي الموصلي

المتوفى 1157

جاء في ديوان الشاعر حسن بن عبد الباقي بن ابي بكر الموصلي أنه توجه لزيارة المشهدين الشريفين : العلوي والحسيني فعندما زار مرقد الإمام الحسين عليه السلام بكربلاء انشأ هذه المرثية وكتبها على جدار الباب الشريف :
قد فـرشنا لـوطئ تلك النـياق ساهـرات كلـيلـة الآمـاق
وزجـرنا الـحداة ليلا فجـدّت ثمّ ارخـت أزمّـة الأعـناق
حبـّذا السير يوم قـطع الفيافي ما أحيلا الـوداع عند الفراق
وأمامـي الإمـام نجـل عـليّ فـخر آل البتول يوم السباق
لـم تلـد بـعـد جـدّه وأبيـه امهـات بـسائــر الآفـاق
بسناء الحسـين يا حـبّذا الخلق ويا حسـن أحسـن الأخلاق
أي أم تكـون فاطـمة الزهراء أو والـد على الحوض ساقي
أي جدّ يكون أفضل خـلق الله والمجـتبى عـلى الاطـلاق
هـل علمـتم بما أهيـم جنونا ولمـاذا تأسـفي واحـتراقي
يوم قتل الحسين كيف استقرت هذه الأرض بل وسبع الطباق
أيها الأرض هل بقي لك عين ودمـاء الحـسين بـالاهراق
كيف لا تنسف الشوامـخ نسفاً ويحـين الوجـود للامـحاق


ادب الطف ـ الجزء الخامس240


أغـرق الله آل فـرعـون لـكـن لـم يكن عندهم كهـذا النفاق
يا سـماءاً قـد زيّـنت واستـنارت وبها الـبدر زائـد الاشـراق
هـكذا يـوم كربـلا كان يـزهـو فرقـد فـيك والنجوم البواقي
كيـف بـالله مـا غـدت كعـيون سابـحات بأنهـر الأحـداق
كيف لـم تجـعل النـجوم رجوماً ورميت العـداة بـالاحـراق
وآحيـاء الـزمـان مـن آل طـه وعتاب البـتول عنـد التلاقي
مـا تـذكـّرت يـا زمـان علـيّا كيف ترجو بأن ترى لك واقي
لـو تـرى جـيد ذلك الجـيد يوماً ودمـاء على المـحاسن راقي
كلّ عـرق بـه الهـدايـة تـزهو لعـن الله قـاطـع الاعـراق
انت تدرى بمـن غـدرت فأضحى بـدمـاء مـرمـلاً بالـعراق
هـكـذا كان لايقـاً مـثل شمـر يلتقى الآل بالسيـوف الـرقاق
حـرم المصـطفـى وآل عـلـيّ سائبـات عـلى متون العتـاق
بين ضـمّ الحسـين وهـو قتـيل واعتنـاق الـوداع أي اعتناق
يا ابن بنت الرسول قد ضاق أمري مـن تناءٍ وغـربة وافتـراق
ودجا الخطـب والمـصـائب ألقت رحلها فـوق ضيق هذا العناق
جئـت اسعى إلـى حـماك ومالي لك والله ما سـوى الأشـواق
وامـتـداح مـرصـّع بــرثـاءٍ فتقـبّل هــديـة العـشـاق
وعلـى جـدك الحـبيـب صـلاة مـا شدا طائـر على الأوراق


ادب الطف ـ الجزء الخامس241


حسن العمري الموصلي الفاروقي



حسن بن عبد الباقي بن ابي بكر الموصلي الملقب بعبد الجمال ، ولد في حدود 1100 هـ وتوفي ببغداد عام 1157 هـ ، وكان من أشهر شعراء الموصل في عصره وله ترجمة وافية في ديوانه المطبوع في الموصل سنة 1386 هـ بمطبعة الجمهورية وتحقيق محمد صديق الجليلي كما ترجمه الأدباء الذين كتبوا عن أدباء الموصل
قال السيد الأمين في الأعيان ج 21 ص 92 ، هو ابن أخ عبد الباقي العمري الموصلي الشاعر المشهور ، ونظم حسن قصيدة في رثاء الحسين عليه السلام أولها :
قد فرشنا لوطئ تلك النياق ..
ولم يتيسر لنا الاطلاع عليها . فقال السيد حسن ابن السيد باقر ابن السيد ابراهيم ابن السيد محمد الحسني البغدادي المعروف بالسيد حسن الاصم المعروف بالعطار المتوفى 1241 . مقرضاً لها بقصيدة أولها :
حبذا واخدات تلك النياق حيث وافت بكتبكم بالعراق

إلى أن يقول :
حيث زفت إلى إمام همام سبط خير الـورى على الاطلاق
وسليل البتول بضعة طه صاحب الحوض واللوى والبراق

اقول وفي ج 25 من الأعيان ص 223 نسب هذه القصيدة للسيد حسين البغدادي من أواسط أو أوائل المائة الثانية عشرة .

ادب الطف ـ الجزء الخامس242


واليكم قصيدة للمترجم له ، كما جاء في الديوان ما نصه :
ما أنشأه الأديب حسن بن عبد الباقي بن أبي بكر الموصلي يمتدح سيدنا ومولانا أمير المؤمنين ويعسوب الدين الامام عليا ابن ابي طالب كرم الله وجهه وذلك لما قادته السعادة الازلية من غلالة التوفيق لزيارة المشهدين الشريفين في سلخ جمادىالآخرة من سنة 1143 ، وكتبها على باب الحضرة المنورة :
نعم بلغت يـا صاحِ نفـسي سؤالها وليس علـيها كالنفـوس ولا لهـا
فزمـزم ودع ذكر الحطـيم وزمزم فقد جعـلت ذكـر المقـام مـقالها
مقام هـو الفـردوس نعـتاً ومشهداً وجـنة خلد قـد سقـيت زلالـها
فـيا قبـة الأفـلاك لسـت كـقبة المقام مـقاماً بـل ولست ظلالـها
فـكم هبطت للأرض مـنك كواكب لتلـثم حصباء بـها ورمـالـهـا
وكم ودّ بدر التم حـيـن حجبـتها رجـال حفـاة أن يكـون نـعالها
فتلك سـمـاء بـالمصـابيح زينت وان فـخرت كان الهلال هـلالها
وتأمن عين الشـمس كسفاً ولا ترى إذا اكتـحلت ذاك الـتراب زوالها
فهاتيك في وجـه الـوجود كوجنة وقبر ابن عمّ المصطفى كان خالها
وصيٌ وصهر وابـن عـمّ وناصرٌ وحامي الورى طراً وماحي ضلالها
عليّ أمير المؤمنين ومـن حـوى مـقاماً محا قـيل الظـنون وقالها
فمن يـوم اسمـعيل بعـد محـمدٍ إذا عـدّت الاحـساب كـان كمالها
وضرغامـها والمرتضى وأمـامها وحـيدرهـا والمرتضى وجلالهـا
واكـرمـها والـمرتجى ويمـينها وأعلـمهـا والملـتجى وشـمالـها
فكـيف تـرى مثلاً لأكـرم عصبة إذا كنت تـدرى بالوصيّ اتـصالها
فلا تسم الأعصاب مـن صلب آدم وان سُمت لا تسـوى جميعا عقالها
لها السؤدد الأعلى على كـل عصبة ولـم تـر بـين العالـمين مـثالها


السابق السابق الفهرس التالي التالي