أدب الطف ـ الجزء الرابع 195


ويقــيني بكـم يقـيني واني بولائـي لكـم يصـحّ يـقيني
ولكـم قد عـفرت لا لـسواكم وعلى الصدق أنتم تعـرفوني
وتمسكت في شذاكم كمااستمـ ـسكت في حبكـم بحبل متين
هاكموها مراثياً من فتى القريّ فـمـنك غـلـت بـدرّ ثمين
خلف من خلـيفـة علّ يسقيه غمامي ولـي بـكاس معـين
وزن ما قاله الخلـيعي فـيكم أضرمـت نـار قلبي المحزون

يشير إلى قصيدة للخليعي المترجم في الجزء الرابع من هذه الموسوعة وأول القصيدة :
أضرمت نار قلبي المحزونِ صادحات الحمام فوق الغصون

اما المكان الثاني ففي الجزء 38 ص 27 قال :
أبو الحسن الشيخ عبد الرضا بن أحمد بن خليفة المقري الكاظمي . توفي حدود سنة 1120 كان أديباً شاعراً كثير الشعر في الأئمة الاطهار ، رأيت له ديواناً مرتباً على الحروف كله في مدائح النبي وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم ، ومن عادته ان يذكر اسمه في آخر كل قصيدة . فمن محاسن قوله :
حتى متى لا تفكني الغصص ولي بحـبي للمـصطفى حـصص
شاع غرامي بآلـه وفـشـا فللورى في محبتي قصص ـ انتهى .

وللشيخ عبد الرضا المقري الكاظمي في رثاء أبي عبد الله الحسين (ع) :
لسـت أبكـي لـمـربع ومقـيل ما له من يد البلى من مقيـل
بل بكائي على الحسين سليل الـ ـطهر سبط النبي وابن البتول
بأبي وهو فـي الـطفـوف وقد طاف به من عـداه كـل قبيل


ادب الطف ـ الجزء الخامس196


وقال ، عن ديوانه المخطوط :
أفـي عاشور أطمع بالرقـاد ولـم أكحل جـفوني بالسهـاد
يمثل لي الـحسـين بكربلاء تقــلّبـه أميـة بـالجــياد
ومنه سنان ركّب فـي سنان كـريماً نوره كالشـمس بـاد
ونسوته على قتب الـمطـايا يـطـاف بهـن في كل البلاد
وقد سلبت سناها الشمس حتى تبدّى الصبح في ثـوب السواد
بروحي العابد الـسجـاد خير الورى من حاضـر فيها وباد
عليل الجسم مغلـول طـليق المدامـع قيـدوه بالصـفـاد
يرى راس الامام السـبط أنى توجه فـوق عاليـة الصـعاد
ونسوته على الاقتـاب اسرى بـوادي للاعادي فـي البوادي
كأني بالبتـول لـدى التنادي أمام العرش واقـفـة تـنادي


وقال : عن ديوانه المخطوط :
قلب به جمـرات الـوجـد تلـتهب ورسم جـسم محت آثـاره النوبُ
وأعينٌ كلـما هلّ المـحرم فـي الأ رض استهلت دما لم تحكها السحب
أفدي الـذي دون ان يأتـي ببـادرة بكربـلاء عـليـه دارت النـوب
قضى على الماء عطشاناً ومـن دمه تروى الصوارم والـخطية السلب
والهفـتـاه أمـثل الـسبط منـعفر ومجده لـم تصله السبعة الـشهب
نسـاوه بـين أبـناء اللـئام ومـا في رحله من بقايا الرسل منـتهب
يشهرن في المدن فوق البدن عارية كل من السير أدمى جسـمها القتب
مهتكات ولا ذنب جنـيـن سـوى لهن أحمـد جـدٌ والـوصـيُ أب

وقال في مطلع قصيدة :
دموع على سفح الخدود لها قطر تسح إذا ما شحّ في سفحه القطر


ادب الطف ـ الجزء الخامس197


وقال في اخرى :
فؤاد به للوجد متقد جمرُ وأدمع عيني من دمي أبداً حمر

وعن ديوانه أيضاً في الرثاء :
ما كـنت مـمن قـدبكى أطـلالا عفى الـبلا ظـلالـها وظِلالا
لكـن بكـيت عـلى الحسين وآله بين الأعادي نسـوة ورجـالا
بأبي قـتـيل بالـطـفوف لقتـله في القبر فاطم اعـولت إعوالا
وعليه أمسى المصطـفى في قبره متلهفاً يجري الدمـوع سـجالا
وبكت لـه السـبع الطباق وزلزل الارضـون حتى أهلـها زلزالا
أسفي لمرضوض الجـبين ونوره الوضاح في جـنح الدجى يتلالا
عار عليه فصّلـت مـن نسـجها أيدي الريـاح والبـست سربالا
تطأ السـنابك صـدره ، وكريمه من فـوق معتدل الأسـنة مالا
أيموت مثل السبـط من حرّ الظما وأبوه يسقي فـي غـد سلسالا
ولثغره يعلـو القـضـيب وطالما من ريقه رشـف الـنبي زلالا
وترضّ منه الـخيل صـدراً ضم علم الله جـل جـلالـه وتعالى
إن يرتدي حـمـر الملابس غدوة فسيرتدي خضـراً لـها آصالا
أو يمسي منـعفـراً فـإن له عُلا مجد يجرّ علـى السهـى أذيالا
قسماً بكـم آل الـنـبي وانه الـ ـقسم العظيم وما سـواه فلالا
ما هلّ شـهـر محـرم إلا ومن جفني أسلـت المـدمـع الهمّالا

وله في مطلع أخرى :
لا تنكروا دمعاً جرى وتسلسلا وحشاً بقيد الحادثات تسلسلا


ادب الطف ـ الجزء الخامس198


وله من قصيدة ، عن الديوان :
لم يشـجـني بـعد الـنضارة أربع درست معالـمـها الرياح الأربـع
لكن شجانـي مـن بعـاشورا غدا ظمآن من كـاس المنون يـجـرّع
أفديه وهـو مجـرد والـشـمر في صمصـامه الاوداج منه يقـطـّع
ويقـول ان الـمصطـفى جـدي وأمـي فاطـم وأبـي عليُ الانزع
يا للرجـال أمـا لأحمـد نـاصر في الله يرغب فـي الثواب ويطمع
أيحلّ قـتل مـوحـّد يـا ويلـكم عمداً بـلا ذنـب وجـرم يصـنع
لهفي على الجسم المغـادر بالعرى شلواً على الرمضـاء وهو مبضع
والخيل داست منـه فـي جريانها صدراً بـه سـر الـنبوة مـودع
وعلى ثنايا طـالـما لثـمت بفـي المختار أحمد فـي قضـيب تقرع

وقال يذكر اعتقاده بالله وبرسوله وأهل بيته . عن ديوانه :
أشهد الله اننــي أشـهـد ان لا إلــه إلا الله الأزلـــيُ
أول آخـر عــزيـز حـكـيم ظاهـر باطـن شديد قوي
كان من قبـل كـل شيء ويبقى حين لا حي غيره وهو حي
لم يكيـّف ولا يـجـدد بـأيـن قد تعالى عن ذاك فهو العلي
وهـو نـور ولا يـُرى ويـرى والكفر في القول إنه مرئي
وهـو الله في السماوات والأرض قـديـم بالمـلك ديـومـي
ونـبـيّ محمـد أنـزل الـذكر علـيه والمـعجـز العربي
والـمؤدي عـن ربـه ما به قد جاءه والـبلاغ منه الوحي
واعتـقـادي ان الأئـمة اثـنان وعشر والنـص فيهم جلي
واحـد بعـد واحد دون فصـل وعليهم بالأمر نص النـبي
فعلـيٌ ثـم ابنه الحسن المسموم ثـم الحسـين ثـم عـليّ


ادب الطف ـ الجزء الخامس199


وابـنه باقر العلوم كذا جعفر الصادق والكـاظم الامام النقي
والرضا والجـواد ثـم عليٌ بعـدُ والـعسكري والمـهدي
شـهـد الله اننـي أتـولاهم وانـي مـن مبغـضيهم بري
وبـأن الـقران غيـر قديـم بل كلام من خلقـه محـكـي
ومن الله ينزل الخير ، والشر عـن الله مـطـلقـاً مـنفـي
وبأنـي لا زلت ألعـن قوماً عصوا الله ، والكفور عـصي
فعليـهم لعـائن الله والاملاك والــناس دائـم سـرمـدي
والذي غير مـا اعتقدت يرى فهو غبن أو جـاحـد وغـوي
ان هذي عقيدتي لم أحل عنها وهذا هـو الـصراط الـسويُّ


ادب الطف ـ الجزء الخامس200


الشيخ سُليمان الماحوزي

المتوفى 1121

سل المنازل عن أربـابـها الأولِ ذوي الكمال وأهل العلم والعـملِ
وكيف بانوا وأنـى بعـدها نزلوا وما جرى بعد ذاك الحادث الجلل
سل المنازل عنهـم بعـد رحلتهم عنها يجيبك منـها دارس الطلـل
أين الأولى نشرت أعـلام فضلهم فما كليـب وأهل الأعصر الأول
على الديار عفـاء بـعد رحلـتهم عنها فلا نفـع بعد البين في الطلل
وإن نسيت فلا أنسـى الحسين بها فرداً تعرّى عن الاسباب والوصل
قد حلئوه زلال الـماء مـا رقبوا فيه البتول وقربـى سـيد الرسل
وكرّ فيهم كليث الغاب صال على سرب النعام فأدنـاه إلـى الأجل
ينصبّ كالسيل من عال ولا عجب بمن أبوه أمير الـمؤمـنين علي
حدّث عن البحر يا هذا بلا حـذر وما تشاء فقل في العارض الهطل

وفي آخرها :
بها سليمان يرجو من عواطفكم فوز المعاد وهذا منتهى أملي(1)


(1) عن مجموعة خطية في مكتبة الامام الصادق ـ حسينية آل الحيدري رقم 75 وعن مجموعة الشيخ لطف الله المخطوطة سنة 1201 في مكتبة اليعقوبي .
ادب الطف ـ الجزء الخامس201


الشيخ أبو الحسن شمس الدين سليمان بن العالم الشيخ عبد الله بن علي بن حسن ابن أحمد بن عمار السري أو السراوي الماحوزي البحراني المعروف بالمحقق البحراني .
والسري كما في أنوار البدرين أو السراوي كما في اللؤلؤة نسبة إلى (سرة) ناحية بالبحرين فيها عدة قرى . وقد أفاض العلماء فيترجمته وذكر السيد الامين في الاعيان والشيخ اغا بزرك الطهراني عدداً كبيراً من مصنفاته تبلغ 64 مؤلفاً ، وهذه مقتطفات من شعره :
قد كنت في روق الصبا ذا نعمة ما إن لموقعـها لديّ مكان
ذهبت غضارتها فهمتُ بذكرها (والماء يعرف قدره الظمآن)

وقوله :
اني وان لم يطب بين الورى عملي فلست انفك مهما عشت عن أملي
وكيف أقنط مـن عفـو الإله ولي وسيلة عنده حـبّ الامـام عـلي

وله ـ كما أورده الشيخ يوسف البحراني في كشكوله :
يا آسـري بالـناظـر الـقـناص وله هواي وخالص الاخـلاص
قد همت فيك فهل ترى لي مخلصاً أين الخلاص ولات حين مناص
قل لي أسحر فـي جفونك حلّ أم ضرب من الاعجاز والارهاص
راقب إلهك في دمـي يا ظالمـي واحذر غداة غد عظيم قـصاص

وجاء في الذريعة قسم الديوان : الشيخ سليمان الماحوزي بن عبد الله بن علي ابن الحسن بن أحمد بن يوسف بن عمار الماحوزي الستراوي البحراني المولود 1075 والمتوفى 17 رجب 1121 صاحب البلغة جمعه تلميذ الناظم بأمره وهو

ادب الطف ـ الجزء الخامس202


السيد علي بن ابراهيم بن علي بن ابراهيم الأول بن أبي شبانة البحراني . حكاه سيدنا في التكملة عن السيد ناصر البحراني المعاصر نزيل البصرة والمتوفى 1331 صاحب خصايص أمير المؤمنين المذكور في ج 7 ص 174 من الذريعة .
أقول ثم ذكر الشيخ الطهراني ان ديوان الشيخ سليمان الماحوزي المذكور جمعه الفقيه المحدث الشيخ يوسف البحراني ورتبه على حروف القوافي كما قاله في (اللؤلؤة) وله منظومة (درة البحرين في رثاء الحسين) أدرجه في (أزهار الرياض) وتوجد مراثيه في مجموعة الشيخ لطف الله الموجودة عند الشيخ محمد علي يعقوب وفي ج 21 من الذريعة ص 275 رسالة في معنى الشيعة للشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي المتوفى 1121 . أحال إليها في جوابات بعض مسائله ضمن مجموعة منها .
وفي لؤلؤة البحرين قال : أصله من قرية الخارجية ـ إحدى قرى سترة ، الماحوزي مولداً ومسكناً ـ نسبة إلى الماحوز المتقدم ذكرها ـ من قرى الدونج ، وهذا الشيخ قد انتهت إليه رئاسة البحرين في وقته ، قال تلميذه المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني في وصفه :
كان هذا الشيخ أعجوبة في الحفظ والدقة وسرعة الانتقال في الجواب والمناظرات وطلاقة اللسان ، وتوفي قدس سره ، وعمره يقرب من خمسين سنة ، في سابع عشر شهر رجب للسنة الحادية والعشرين بعد المائة والألف ـ ودفن في مقبرة الشيخ ميثم بن المعلّى ـ جد الشيخ ميثم العلامة المشهور بقرية (الدونج) بالنون والجيم من قرى الماحوز ـ بالحاء والزاي ـ ووجدت بخطه قدس سره نقلاً عن والده قال : كان مولدي في ليلة النصف من شهر رمضان من السنة الخامسة والسبعين بعد الألف ، بطالع عطارد ، وحفظت الكتاب الكريم ولي سبع سنين تقريباً وأشهر ، وشرعت في كسب العلوم ولي عشر سنين ، ولم أزل مشتغلاً بالتحصيل إلى هذا الآن وهو العام التاسع والتسعون والألف انتهى .



ادب الطف ـ الجزء الخامس203


وقال صاحب لؤلؤة البحرين :
وكان شيخنا المذكور شاعراً مجيداً ، وله شعر كثير متفرق في ظهور كتبه وفي المجاميع ، وكتابه (أزهار الرياض) ومراثي الحسين كلها جيدة ، ولقد هممت في صغر سني بجمع أشعاره وترتيبها على حروف المعجم في ديوان مستقل وكتبت كثيراً منها إلا انه حالت دون ذلك الأقدار(1) .
وترجم له في (أنوار البدرين) ترجمة مفصلة وذكر رسائله الكثيرة التي ألّفها مع قصر عمره وقد اجتمع مع المولى المجلسي وأعجب به وأجازه ، ومن جملة أشعاره المذكورة في أزهار الرياض قوله :
نفـسي بآل رسـول الله هائـمة وليس اذ هـمت فيهـم ذاك مـن سرف
كم هـام قـوم بهم قبلي جهـابذة قضية الدين لا مـيلا إلـى الـصلـف
لا غرو هم أنجم العليا بلا جـدل وهم عرانيـن بيـت المـجد والـشرف
فلست عن مدحهم دهري بمشتغل ولست عن حبهم عمــري بمنصـرف
وفيـهم لـي آمـال أومـلـهـا في الحشر إذ تنشر الأعمال في الصحف

وذكره الحجة السيد حسن الصدر فأثنى عليه وأتى بشهادات العلماء في حقه . أقول ورأيت في مكتبة المرحوم الشيخ الطهراني بالنجف الاشرف رسالة المترجم له في (علماء البحرين) بخط الشيخ الطهراني وهي رسالة جليلة على وجازتها وفي آخرها يذكر أسماء مصنفاته وأسماء تلاميذه .

(1) قال السيد محمد صادق بحر العلوم في تعليقته على (اللؤلؤة) ما نصه : قد جمع أشعاره كلها في ديوان مستقل تلميذه السيد علي آل أبي شبانة باشارته اليه كما ذكره ابنه السيد أحمد في تتمة أمل الآمل .
ادب الطف ـ الجزء الخامس204


محمد بن يوسف البلادي

المتوفى 1130

قف بالديـار الـتي كـانت معـاهدها على الهدى والـندى قامت قواعدها
ولم تـزل بـالتـقـى والعدل باسـمة تبدو إذا ابتسمت بشـراً نـواجـدها
وانظر مـهـابـط وحي الله كيف غدت تبكي بكاء الذي قـد غـاب واحدها
وانظر إلـى حجرات الوحي كيف خلت وغاب صـادرها عنهـا وواردهـا
والحـظ مـعـادن وحـي الله مقفـرة من بعدما أزعجـت عـنها أماجدها
واجزع لهـا بعـد ذاك البـشر عابسة إذ غاب عـابـدها عنهـا وعايدها
واخشع لـها بـعد ذاك الـعز خاشعـة يطير ظالمهـا بشـراً وحـاسـدها
واسكب على الطلل البالي الذي عصفت بربعه زعزع والـكـفر قـايـدها
واسـكب دمـوعك للـسادات من مضر وفتية قط لا تحصـى محــامدها
وخيرة فـي العـلى عـنها الوجود نشا شالت رؤوسـهم ظلـماً مصاعدها
ودوحـة نـال منـهــا مـن تفـيّأها فعلا شنيعاً يذيـب القـلب واحدها
يـا للـرجـال ويا لله مـن شـطـط أتاحه عصـبة ضلّـت مقاصـدها
لا أمطر الله سـحب المـزن ان هطلت وآل أحمـد قـد سُـدّت مـواردها
لا أمطر الله سحب الـمـزن إذ قـتلت صبراً وما بلّ منهـا الغـلّ باردها


ادب الطف ـ الجزء الخامس205


لا أضحك الله سن الدهر ان ضحكت وآل أحمد قد أعفت معاهـدها
تخالهـم كالأضاحي فـي مجازرها قد عمّ كل الورى نوراً مراقدها
معفـرين وجوهـاً طالما سجـدت لربـها ولكم نارت مساجـدها
يا حـجة الله يابن العسـكري ترى ما نحن فيه مرارات نكـابدها
خلّص مواليك يا بن المصطفى فلقد ضاق الخناق وخانتها مقاصدها
إلى متـى يا غياث المسـلمين ويا غوث الانام فأنت اليوم واحدها
سل ربـك الاذن في إنجاز موعده فأنت يا بن أباة الضيم واجدها
لا زال تـسليم من عمـّت مواهبه يغشاك ما خرّ للرحمن ساجدها
يا سادة الكون يا مـن حبهم عملي وليس لي غيره حسنى أشاهدها
انـا العـبيد الفـقير اليوسـفي لكم حرب لأعدائكم حرب معاندها(1)


(1) مجموعة الشيخ لطف الله .
ادب الطف ـ الجزء الخامس206


الشيخ محمد الضبيري بن يوسف بن سَنبار النعيمي



جاء في أنوار البدرين بأنه العالم الزاهد العابد التقي الشيخ محمد بن يوسف ابن علي بن كنبار الضبيري النعيمي أصلاً ، البلادي مسكناً ومولداً ومنشئاً . له ديوان شعر في مراثي الحسين عليه السلام ، وله مقتل الحسين وشعره نفيس . كان مشغولاً بالدرس لا يكل منه ، كثير العبادة ملازماً للدعاء لا يمل منه ولا يفارق (مصباح المتهجد) أبداً ، أدام الله سلامته وأقام كرامته . وقال في (اللؤلؤة) في وصفه :
وكان هذا الشيخ فقيهاً عابداً صالحاً ملازماً لمصباح الشيخ والعمل بما فيه ، وله ديوان حسن في مراثي أهل البيت عليهم السلام ، وله مقتل الحسين (ع) وشعر نفيس بليغ ، توفي في بلدة القطيف وانه بعد ان كان فيها مضى إلى البحرين وهي في أيدي الخوارج فكانت هناك فتن وحروب فجرح هذا الشيخ جروحاً مؤثرة ، رحل بعد ذلك إلى القطيف وبقي أياماً قليلة وتوفي رحمه الله ودفن في مقبرة الحباكة وذلك في شهر ذي القعدة الحرام سنة 1130 هـ انتهى كلامه . وقال الشيخ الطهراني في الذريعة :
ديوان الشيخ محمد بن يوسف بن علي بن كمبار الضبيري النعيمي البلادي ، الشهيد بيد الخوارج سنة 1131 كما في (الفيض القدسي) أو سنة 1130 كما في (اللؤلؤة) وهو من تلاميذ الشيخ محمد بن ماجد البحراني والسيد المحدث الجزائري ، ويروي عنه الشيخ عبد الله السماهيجي كما في إجازته . وديوانه هذا في المراثي كما ذكر في أنوار البدرين وغيره . انتهى عن الذريعة ـ قسم الديوان ص 28 تحت عنوان (ابن كمبار) ثم تحت عنوان : محمد . قال :
محمد بن يوسف بن علي بن كنبار البلادي البحراني تلميذ الشيخ سليمان بن

ادب الطف ـ الجزء الخامس207


عبد الله الماحوزي مرّ في ص 28 بعنوان : ابن كمبار . وأورد الشيخ لطف الله الجدحفصي بعض مراثيه في مجموعته التي كتبها لنفسه بخطه الجيد في سنة 1201 .
وقال السيد الامين في الاعيان : محمد بن يوسف الخطي البحراني . توفي سنة 1130 كان عالماً رياضياً وفقيهاً محدثاً ذكره صاحب اللؤلؤة وخاتمة المستدركات وتتمة أمل الآمل . قال في لؤلؤة البحرين : كان ماهراً في العلوم العقلية والفلكية والرياضية والهندسية والحساب . والعلماء تقرأ عليه ولكنه لم يؤلف .
وذكره صاحب أمل الآمل فقال : الشيخ محمد بن يوسف البحراني مسكناً الخطي مولداً فاضل ماهر في أكثر العلوم من الفقه والكلام والرياضة ، أديب شاعر ، له حواش كثيرة وتحقيقات لطيفة ، وله رسائل في النجوم ، من المعاصرين . وترجم له أيضا صاحب (أنوار البدرين) وقال : الشيخ محمد بن يوسف بن صالح المقابي البحراني ، وكان أصله من الخط ، وكان أعجوبة في السخاء وحسن المنطق واللهجة والصلابة في الدين والشجاعة على المعتدين ، وقد جمع بين درجتي العلم والعمل الذين بهما غاية الأمل .
وللشيخ محمد بن يوسف البلادي :
سـرى وفد شوقي والانام رقود يسحّ دموعاً مـا لهنّ جمـود
فعرّس مـذعور الجنان بكربلا فنازله كـرب هنـاك جـهيد
وقد شفّه وفـد مقيـم بأرضها ملابسهم بيـن الملائك سـود
ملائكـة تقديسـهم وثـناؤهـم وتسبيحهـم ندب عـليه مديد
وتمجيدهم ندب الحسين ورهطه غداة أصيبوا بالظما وأبيـدوا
مقيمون حول القبر يبكون رزءه وليس لهم نحو السماء صعود
فـيا غفلة عن نكبة عـمّ غمّها وحـادثة منها الجـبال تمـيد
أيرشفه المخـتار سناً ومبـسماً ويقرعه بـالخـيزران يـزيد
أيترك ملقى بالعرى سيد الورى ويكسوه من مور الرياح صعيد


ادب الطف ـ الجزء الخامس208


حنيني على تلك الجسوم بكربلا لقى بالعرا ما ضمهنّ لـحود
حنيني على تلك السبايا ولوعتي ووجدي جديـد ما عليه مزيد
حنيني عليها يـوم أمست أسيرة وأكتافها بـالاصبـحية سود
وهيج أحزاني وحـرّمني الكرى مقالة أخت السبط وهو يجود
ألا بأبي من لا بعـيد فـيرتجى فيمسي كمن قد غاب ثم يعود
ألا بأبي من لا جريح فـيؤتسى فـتذهـب آلامٌ به وتبـيـد
* * *
فيا آل ياسـين ويا راية الهدى مصابكم طول الزمان جـديد
ولم يبل إلا أن ينادى من السما بمـهديكـم إذ تقتـفيه جنود
فتصبح أعـلام النبي خـوافقاً وسابـقة والـمشرفي يـعود
هنالك تسلو أنـفس طال حزنها ويهني العُبَيدَ اليوسفي هجود
فدونكم منـه الـذي يستطـيعه قصائد ما خابت لهن قصود(1)


(1) عن مجموعة الشيخ لطف الله .
ادب الطف ـ الجزء الخامس209


الشيخ فرج الخطي

المتوفي 1135

نـظـرت عيني فلـم أدرِ ضباءا أو غصوناً مائـسات أم نساءا
حيـن جئـنا بربـى وادي النـقا بعدمـا جُبنا رُباها والفـضاءا
ورنت عيـني لـخـود وجهـها يخجل الـبدر إذا البدر أضاءا
وإذا مـا أقـبـلــت مـاشيـة تخجل الغصن انعطافاً وانثناءا
قـد كسى اللـيل ظـلاماً شعرها ومحياها كسى الصـبح ضياءا
والتفـات الـريـم مـن لفتـتها واقتنى من قدها الرمح استواءا
جمـعت مـا بين شمس ودجـاً ما سمعنا صحب الليل ذكـاءا
فـأتتني وهـي تــبدي غـنجا مَن يشـمها ظنها تبدي الحياءا
فـالتـقينا وتـعانـقـنا فـيـا صاح مـا أحسن ذيـاك اللقاءا
ثـم بتـنا في عـفـاف وتـقىً وعـناق قـد تـردّينا كـساءا
لـم أجـد لي مـن حبيب غيرها ما عـدا آل النبـي الاصفياءا
فـهــم الـحـجـة لله عـلى خلقه مـن حلّ أرضاً وسماءا
وهـم الرحـمة للخـلـق بهـم يدفـع الله عـن الخلق البلاءا
وبـهم يشفـع للـعاصيـن فـي يوم حشر النـاس إذ لاشفعاءا
حـرّ قلبي لـهـم قـد جـرّعوا غصـص الكرب بلاءً وعناءا
بعضهم ما ت خضيب الشيب من ضربة هـدّت من الدين البناءا
وقـضى بالسـم بعـضٌ منـهم وقضى بعضهم لـم يرو ماءا
ذاك مـَن جـاء بأهـلـيه إلـى أرض كرب وبها حطّ الخباءا
نـصرتـه فتـية قـد طـهرت وزكت أصلا وفـرعا ونماءا


ادب الطف ـ الجزء الخامس210


تـاجــروا الله بـأرواحـهـم وأبـوا إلا الـرضا منـه جزاءا
وكـفـاهـم مفـخـراً أنـهـم مـع خير الخلق ماتـوا شهداءا
وبقـى ابن المصطفى من بعدهم مفرداً والجـيش قد سدّ الفضاءا
قـام فيهـم خاطـباً يـرشدهم للهدى لـو تسمـع الصم الدعاءا
فـمـذ اـلسبـط رأى أنـهـم لم يجيبوا بسـوى السيف النداءا
زلـزل الأرض إلـى أن حسبوا أن يوم الوعـد بالـزلزال جاءا
موقـف قـد أظلـم الـكون به غير وجه السـبط يزداد ضياءا
صـوته رعـدٌ وبـرقٌ سيفـه والغـبار الغيم قـد غطّا السماءا
ودمـاء الأسـد غيـثٌ هاطـل مذ هـمى صـيّر بحراً كربلاءا
هـو والخـلاق لـو شاء محى ما حواه الكون لـكن لن يـشاءا
ومـذ الله دعـا السـبط هـوى سـاجـداً لله شـكـراً وثـنـاءا
فبكى الـروح وأمـلاك الـسما والجـمادات بكـت حـزناً دماءا
أيّ رزء أحـزن المختار والمر تـضـى والأنـبيا والأوصـياءا
ولــه فاطمة الـزهرا غـدت ثاكـلا تـبكيه صبـحا ومـساءا
ومضى الطـِرف حـزيناً باكياً صاهـلاً منـذعراً ينحو النـساءا
فـخرجـن الـفاطمـيات لـه ثـكلاً يـندبـن كهـفاً ورجـاءا
لهف نفسي خرجت من خدرها وهي ما قـد عرفـت إلا الخباءا
وســرى الأعـدا بها حاسـرة جعـلت للـوجه أيديـها غطـاءا
أيهـا الشـمس ألا لا تـبزغي فـنساء السبـط سُـلّبن الـرداءا
أيهـا السـحـب ألا لا تمطري فبـنات المصـطفى تشكوا لظماءا
يـا بني أحمـد قـد فاز الـذي فـي غــد كـنتم اليـه شفـعاءا
فـرج يـرجـو مـن الله بـكم فرجاً يُنجي إذا في الحـشر جاءا(1)


(1) عن كشكول الشيخ يوسف البحراني .


السابق السابق الفهرس التالي التالي