يا صاح ! هذا المشهد الأقدسُ |
|
قرّت بـه الأعيـن والأنفـسُ |
والنجف الأشـرف بانت لـنا |
|
أعلامـه والمـعهـد الانـفسُ |
والقـبة البيضاء قد أشـرقت |
|
ينجاب عـن لألائـها الحندس |
حضـرة قدسٍ لم ينل فضلها |
|
لا المسجد الأقصى ولا المقدس |
حلّـت بمن حلّ بـها رتـبة |
|
يقصـر عنها الـفلك الأطلس |
تود لو كـانت حصا أرضها |
|
شهـب الدجى والكنّس الخنس |
وتحـسد الأقـدام مـنّا على |
|
السعي إلـى أعتابـها الأرؤس |
فقف بها والثم ثـرى تـربها |
|
فهـي المقام الأطهـر الأقدس |
وقل : صـلاةٌ وسـلامٌ على |
|
من طاب منه الأصل والمغرس |
خليفـة الله العـظيـم الـذي |
|
من ضوئه نـور الهدى يقتبس |
نفس النبي المصطـفى أحمد |
|
وصـنـوه والـسـيد الأرؤس |
المعـلم العـيلم بـحر الـنّدا |
|
وبــرّه والـعالـم النـقـرس(1) |
فليـلنا مـن نـوره مقـمر |
|
ويـومنا مـن ضوءه مشـمس |
أقـسـم بـالله وآيـاتــه |
|
أليّـة تـنجـي ولا تـغـمس |
إن عـليّ بـن أبي طـالب |
|
مـنـار ديـن الله لا يطـمس |
ومـن حباه الله أبنـاء مـا |
|
فـي كتـبه فهـو لها فهرس |
أحاط بالعـلم الذي لم يحـط |
|
بمثلـه بـليـا ولا هـرمـس(2) |
لولاه لـم تخـلق سـماء ولا |
|
أرض ولا نعمى ولا ابـؤس |
ولا عـفى الرحمن عـن آدم |
|
ولا نجا مـن حوتـه يونس |
هذا أمـير المـؤمنين الـذي |
|
شـرايـع الله بـه تحـرس |
وحجـّة الله الـتي نـورهـا |
|
كالصـبح لا يخفى ولا يبلس |
تالله لا يـجـحدهـا جاحـد |
|
إلا امـرء في غيـّه مركس |
المعلن الحـق بـلا خـشـية |
|
حيث خطـيب القوم لا ينبس |
والمقحم الخيل وطيس الوغى |
|
وإذا تناهى البـطل الأحرس |
جلبابه يـوم الفـخار التـقى |
|
لا الطيلسان الخـزّ والبرنس |
يرفـل من تـقواه فـي حلّة |
|
يحسدهـا الديبـاج والسندس |
يا خيـرة الله الـذي خـيره |
|
يشـكره الناطـق والأخرس |
عبـدك قد أمـّك مستوحشاً |
|
مـن ذنبه للعفـو ويستأنس |
يطوي إليك البحر والبـر لا |
|
يـوحشه شيء ولا يـونس |
طـوراً على فلك به سابـح |
|
وتـارة تسـري به عرمس(1) |
فـي كل هيماء يـرى شوكها |
|
كأنه الريحـان والنـرجس |
حتـى أتى بـابك مستـبشراً |
|
ومـن أتى بابك لا ييـأس |
أدعوك يا مولى الورى موقناً |
|
انّ دعـائي عنك لا يحبس |
فنجـني من خطب دهرٍ غـدا |
|
للجسـم منّي أبـداً ينـهس |
هـذا ولـولا أملي فـيك لـم |
|
يقرّ بي مثوى ولا مجـلس |
صـلّى عليك الله مـن سيـد |
|
مولاه في الدارين لا يوكس |
ما غرّدت ورقاء في روضـة |
|
وما زهت أغصانها المـيّس |
يا عين هذا المصـطفى أحـمدُ |
|
خير الورى والسـيد الأمجدُ |
وهـذه القـبة قـد أشـرقـت |
|
دون عـلاها الشمس والفرقد |
وهـذه الـروضة قد أزهـرت |
|
فيها المنى والسئول والمقصد |
وهـذه طـيبة فـاحـت لـنا |
|
أرجـاؤها والسـفح والفرقد |
وعينها الـزرقاء راقـت فـلم |
|
يحلّـها الاثـمـد والـمرود |
فـما لاحـزانـي لا تنـجلـي |
|
ومـا لنـيرانـي لا تخـمد |
هذا المصـلّى والبقـيع الـذي |
|
طاب بـه المنـهل والمورد |
أرض زكـت فخراً وفاقت علىً |
|
فالأنجم الـزهر لـها حُـسّد |
أبـو طالب عـم النـبي محـمد |
|
بـه قام أزر الـدين واشـتد كاهـله |
كفـاه فخاراً في المـناقب انـه |
|
مــوازره دون الانـام وكـافـلـه |
لئـن جهلت قـوم عظيـم مقامه |
|
فما ضرّ ضوء الصبح من هو جاهله |
فلـولاه ماقامت لاحمـد دعـوة |
|
ولا انجاب ليل الغـيّ وانزاح باطـله |
أقـرّ بـدين الله سـراً لحـكمةٍ |
|
فقـال عـدوّ الحق مـا هـو قائـله |
وماذا عليه وهو في الدين هضبةٌ |
|
اذا عصـفت مـن ذي العناد أباطـله |
وكيـف يحلّ الـذم ساحة ماجد |
|
أواخــره مـحـمـودة وأوائـلـه |
عـليه سلام الله مـا ذرّ شـارق |
|
ومـا تليـت أحـسـابـه وفضائلـه |
اذا ما امـتطيت الفلك مقتحم الـبحر |
|
ووليت ظهري الهند منشرح الصدر |
فما لملـيك الهنـد إن ضاق صدره |
|
عليّ يـدٌ تقضـي بنهي ولا أمـر |
ألم يصغ للأعـداء سمعاً وقد غدت |
|
عقاربهـم نحـوي بكيـدهم تسري |
فأوتر قوس الظلم لي وهـو ساخط |
|
وسدّد لي سهم التغـطرس والكـبر |
وسدّ عليّ الطـرق مـن كل جانب |
|
وهـمّ بما ضاقت به ساحـة الصبر |
إلـى أن أراد الله إنــفـاذ أمـره |
|
على الرغم منه في مشيـئته أمـري |
فردّ عـليه سهـمـه نحـو نحـره |
|
وقلّد بالنـعماء مـن فضله نحـري |
واركبني فلك النـجاة فـاصـبحت |
|
على ثبـج الـدامآء سابحة تجـري |
فـامسيت مـن تلك المخاوف آمـناً |
|
وعادت امـوري بعد عسر إلى يسر |
وكم كاشـح قد راش لي سهم كـيده |
|
هناك فاضـحى لا يريش ولا يبري |
وما زال صنع الله مـا زال واثـقاً |
|
به عبـده ينجيه من حـيث لا يدري |
كأني بفـلكي حيـن مـدت جـناحها |
|
وطارت مـطار النسر حلّق عن وكر |
أسفت على المرسى بشـاطئ جـدّة |
|
فجـددت الافـراح لي طلعة الــبر |
وهـبّ نسيم الـقرب من نحـو مكّةٍ |
|
ولاح سـنا الـبيت المحرّم والحـجر |
وسارت ركابي لا تملّ مـن السرى |
|
غلى مـوطن التقـوى ومنـتجع البر |
إلى الكعبة البـيت الحـرام الذي علا |
|
على كل عالِ مـن بناء ومـن قصر |
فطـفت به سبـعاً وقبّـلت ركنـه |
|
واقبلت نحـو الحجر آوي إلـى حجر |
ولو ساغ لي من مـاء زمزم شـربة |
|
نقعت بها بـعد الصدى غلـة الصدر |
هـنالك الفيـت المسـرة والهــنا |
|
وفـزت بمـا أملت في سـالف الدهر |
وقمت بفرض الحج طوعاً لمن قضى |
|
علـى الناس حـج البيت مغـتنم الاجر |
وسـرت إلـى تلك المشاعر راجـياً |
|
مـن الله غفـران المآثم والـوزر |
وجئت منى والقلـب قد فـاز بالمنى |
|
وما راعني بالخيف خوف من النفر |
وبـاكـرتُ رمـياً للجـمار وإنـّما |
|
رميت بـها قلب التـباعد بالجـمر |
أقمـنا ثلاثاً ليـتها الـدهـر كـلـه |
|
إلى أن نفرنا مـن منى رابع العشر |
فأبـتُ إلى البـيت العتـيق مـودعاً |
|
له ناوياً عـودي الـيه مـدى العمر |
ووجهت وجـه ينحو طيبة قاصـداً |
|
إلى خـير مقصود مـن البر والبحر |
إلى السـيد البر الـذي فاض بـره |
|
فوافيت مـن بحر اسـير إلى بـر |
إلى خـيرة الله الذي شهـد الـورى |
|
له أنه الـمختار مـن عالـم الـذر |
فـقبلت مـن مثـواه أعتـابه التـي |
|
أنافـت على هـام السماك بل النسر |
وعفـّرتُ وجهي في ثـراه لوجـهه |
|
وطاب لـي التعفير اذ جئت عن عفر |
فقـلت لقلبـي قد برئت مـن الهوى |
|
وقلت لنفـسي قـد نجوت من العسر |
وقلت لعيـني شاهدي نـور حضرة |
|
اضائت بـها الأنوار في عالما الأمر |
اتدرين مـا هذا الـمقام الـذي سما |
|
على قمـم الافلاك أم أنت لـم تـدر |
مقام النبي المصطفى خـر من وفى |
|
محمد المـحمود في مـنزل الـذكـر |
رسول الهدى بحر الندى منبع الجدى |
|
مبيد العدى مروي الصدا كاشف الضر |
هو المجـتبى المختار مـن آل هاشم |
|
فـيالك مـن فـرع زكي ومن نـجر |
به حـازت العلـيا لوي بـن غالب |
|
وفاز بـه سهـما كـنانـة والنـضر |
قضى الله ان لا يجمـع الفضل غيره |
|
فكـان الـيه منتـهى الفـضل والفخر |
وأرسـه الرحـمن للخـلق رحـمة |
|
فانقـذهـم بالنـور من ظلمـة الكـفر |
وأودعـه الـعـلام أسـرار علـمه |
|
فـكـان علـيها نعـم مستودع الـسر |
واسـرى بـه في لـيلة لسـمائـه |
|
فعاد وجيـب الليل مـا انشق عن فجر |
وأوحى الـيه الذكر بـالحق ناطـقاً |
|
بما قد جرى فــي علمه وبما يـجري |
فانـزله في ليـلة الـقـدر جـملة |
|
بعـلم ومـا أدراك مـا ليلة الـقـدر |
ولقّــنه أيـاه بـعـدُ منجـّـمـاً |
|
نجوماً تضيء الأفق كـالانجم الـزهر |
مفـصّل آيـات حـوت كل حكمة |
|
ومحكم أحكـام تجـلّ عـن الحـصر |
وأنهــضه بالسيف للحـيف ماحياً |
|
وأيـده بـالفـتـح مـنه وبـالنـصر |
فضائت بـه شمس الهداية وانجلت |
|
عـن الدين والـدنيا دجى الغي في بدر |
له خلق لـو لامس الصخر لاغتدى |
|
أرق من الخـنساء تبكي علـى صخر |
وجودٌ لـو أن البحر اعطي مـعينه |
|
جـرى ماؤه عـذباً بـمد بـلا جـزر |
إذا عبس الـدهر الضـنين لبـائس |
|
تـلقاه مـنـه بالطـلاقـة والبــشر |
وان ضنّ بـالغيث السحاب تهلهلت |
|
سـحائـب عشر مـن أنامـله العـشر |
ففاضـت على العافين كـفّ نواله |
|
فكم كفّ من عـسر وكم فـك من اسر |
وكـم للـنبي الهاشـمي عـوارفٌ |
|
يضـيق نطاق الحـمد عنـهن بالشـكر |
اليك رسـول الله أصـبحت خائضاً |
|
بحـاراً يفيض الصبـر في لجـها الغمر |
على ما بـراني من ضناً صحّ برؤه |
|
وليس سـوى رحمـاك من رائـد بري |
فانعم سـريعاً بـالشفـاء لمـسقـم |
|
تقلـّبه الاسـقـام بطـنـاً إلـى ظـهر |
وخـذ بنـجاتي يـا فديتك عاجـلاً |
|
مـن الضر والبلوى ومـن خطر البـحر |
عليك صلاة الله ما اخـضرت الربا |
|
وماست غصون الروض في حلل خضر |
وآلك أربـاب الطــهارة والنقـى |
|
وصـحبك أصـحاب النـزاهة والطـهر |
بروحي مجبـولاً عـلى الحب طبعه |
|
وقلبي مـجـبول علـى حـبّه طـبـعا |
يراقبُ أيـام الـمحـرّم جـاهـداً |
|
فيطلع بـدراً والمـحب له لـه يرعـى |
كلُـفت بـه أيـام دهري منصـف |
|
ووجه الصبا طلق وروض الهوى مرعى |
جنينا ثمار الوصل من دوحة المنى |
|
ليـالـي لا واشٍ ولا كـاشح يسـعـى |
فـلـله أيام تـقضت ولـم تـعـد |
|
يحق لـعـيني ان تـسحّ لهـا دمـعا(1) |