أدب الطف ـ الجزء الرابع 163


الحر العاملي محمد بن الحسن



جاء في أعلام العرب ج 3 ص 121 :
محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين(1) . الحر العاملي ، من كبار المجتهدين ، والأعلام الخالدين ولد في قرية مشغرة من جبل عامل ليلة الجمعة 8 رجب سنة 1033 هـ وقرأ على أبيه الحسن وعمه محمد الحر وجده لأمه عبد السلام بن محمد الحر وخال أبيه علي بن محمود وغيرهم ، وأخذ في قرية جباع عن عمه أيضاً وعن علي زين الدين بن محمد بن الحسن صاحب المعالم وعلي بن حسين بن الحسن بن يونس بن ظهير الدين العاملي وغيرهم وأقام في بلاده أربعين سنة وحج فيها مرتين ، ثم سافر إلى العراق فزار مراقد الأئمة ثم رحل لزيارة الامام الرضا في خراسان وفي طريقه مرّ باصفهان واجتمع فيها بكثير من علمائها وكان أكثرهم انساً به وصحبة له الامام الكبير محمد باقر المجلسي مؤلف بحار الانوار المتوفى 1111 واجاز كل منهما صاحبه هناك ولما وصل إلى مشهد خراسان ومضى على مكوثه مدة اختير لمنصب قاضي القضاة وشيخ الاسلام في تلك الديار ثم حج أيضاً مرتين وزار الأئمة في العراق وكان قدومه المشهد الرضوي ـ كما قال ـ سنة 1073 .
قال المحبي : «قدم مكة في سنة 1087 و1088 وفي الثانية منهما قتلت الأتراك بمكة جماعة من العجم لما اتهموهم بتلويث البيت الشريف وكان صاحب الترجمة قد انذرهم قبل الواقعة بيومين وأمرهم بلزوم بيوتهم .. فلما حصلت المقتلة فيهم خاف على نفسه فألتجا الى السيد موسى بن سليمان أحد

(1) وفي لؤلؤة البحرين : محمد بن الحسن بن علي بن الحسين الحر العاملي .
ادب الطف ـ الجزء الخامس164


أشراف مكة الحسينين وسأله ان يخرجه من مكة إلى نواحي اليمن فأخرجه مع أحد رجاله اليها»(1) .
وتوفي الحر بالمشهد الرضوي بطوس سنة 1104 هـ ودفن في إحدى غرف صحن الإمام وعلى قبره ضريح يزار .
وللحر تصانيف في غاية الأهمية وقد رزق حظاً فيهما كما قال السيد الأمين ـ لم يرزقه غيره ؟ فكتابه «وسائل الشيعة» عليه معول الدارسين والباحثين من عصره إلى اليوم وذلك لالمامه وحسن ترتيبه وتبويبه قال عنه في السلافة : «علم لا تباريه الأعلام وهضبة فضل لا يفصح عن وصفها الكلام .. وتصانيفه في جبهات الايام غرر وكلماته في عقود السطور درر ..» .
وقال عنه في المستدرك : «عالم فاضل محقق مدقق ، متبحر جامع كامل صالح ، ورع ثقة فقيه محدث حافظ ، شاعر أديب ، جليل القدر عظيم الشأن أبو المكارم والفضائل شيخنا الحر العاملي صاحب الوسائل الذي منّ على جميع أهل العلم بتأليف هذا الكتاب الشريف» ، ومؤلفاته كثيرة ومنها ما هي موسوعات ضخمة مهمة :
1 ـ الجواهر السنية في الأحاديث القدسية ، وهو أول كتاب ألفه طبع مرتين في ايران ، ثم في النجف ـ مطبعة النعمان .
2 ـ تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة من أوسع كتب الحديث وأشهرها ، اشتمل على جميع احاديث الاحكام الشرعية الموجودة في الكتب الأربعة وسائر الكتب المعتمدة التي تزيد على سبعين كتاباً : طبع الكتاب في ثلاث مجلدات كبار على الحجر في طهران سنة 1288 هـ و1323 / 1324 ، وفي تبريز سنة 1313 هـ . ثم طبع على الحروف وعني بتحقيقه

(1) وللسيد الامين في الاعيان تعليق على هذا الحادث وامثاله ، وملخصه ان أهل مكة يقومون بالتلويث من أجل قتل الفرس حيث انهم اتباع مذهب أهل البيت .
ادب الطف ـ الجزء الخامس165


وتذييله الميرزا عبد الرحيم الرباني في طهران وقدر في تسع مجلدات كبار وقد طبع منه من 1 ـ 7 من سنة 1375 ـ 1384 هـ وفي الجزء الأول تصدير عن طبقات المحدثين و«جوامع الفقه» وعن أهمية كتاب الوسائل والتعليقات عليه ، كما وضع في أول كل مجلد من هذه المجلدات الفهرس العلمي الخاص بذلك المجلد ، والفهرس هذا هو كتاب للمؤلف اسماه «من لا يحضره الامام» وكان قد ألفه بمثابة دليل المواضيع ومضامين كتابه الوسائل وأبوابه ، كما طبع كتاب الوسائل أيضاً وبضمنه كتاب «مستدرك الوسائل للعلامة النوري» في القاهرة ـ مطبعة دار العهد الجديد للطباعة ابتداء من سنة 1377 / 1957 وظهر منه الأول الى الخامس الذي انتهى سنة 1381 هـ نشره السيد مرتضى الرضوي الكشميري .
وقد عُني العلماء بالشرح والتعليق والاستدراك على كتاب الوسائل ومنها : شرح السيد الحسن الصدر الكاظمي ومنه ثلاث مجلدات في شرح المجلد الأول . ومستدرك الوسائل للنوري محمد الحسين بن محمد تقي المتوفى 1320 هـ وقد طبع في ثلاث مجلدات في طهران سنة 1318 وطبع مع الوسائل في القاهرة كما تقدم وتحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة للمؤلف نفسه ـ ألفه في شرح الوسائل . وشرح الوسائل ليوسف بن محمد البحراني الحويزي في عدة مجلدات وغيرها .
3 ـ الصحيفة الثانية السجادية جمع فيه الادعية المأثورة عن الامام السجاد علي بن الحسين بن علي التي لم تذكر «في االصحيفة الكاملة» طبعت في الهند ومصر ـ مطبعة النيل 1322 / 1904 بأسم الطبعة الأولى .
4 ـ هداية الأمة إلى احكام الأئمة ، منتخب من الوسائل مع حذف الاسانيد ، منه نسخة مخطوطة عند مؤلف الذريعة وعليها شروح .
5 ـ فهرس وسائل الشيعة يشتمل على عناوين الابواب وعدد احاديث كل

ادب الطف ـ الجزء الخامس166


باب ومضامينها سماه «من لا يحضره الامام» طبع مجزءاً في اوائل مجلدات الوسائل من طبعة طهران الحديثة كما أشرنا .
6 ـ اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات : وهو يشتمل على أكثر من عشرين ألف حديث ، واسانيد تناهز سبعين ألف سند منقولة من كتب «الخاصة والعامة» من حسن الترتيب والتهذيب وفي أبواب وفصول نقل فيه عن (142) كتاباً من كتب الخاصة و24 كتاباً من كتب أهل السنة ، منه نسخ كثيرة ، ومنها نسخة العلامة النسابة السيد شهاب الدين المرعشي النجفي كتبت سنة 1096 هـ وهي من النفائس وبخط المؤلف ، ونسخة في اصفهان كتبت سنة 1115 هـ وغيرها ، وطبع كتاب الاثبات باعتناء السيد هاشم الرسولي المحلاتي بالمطبعة العلمية بقم ـ ايران ـ على الحروف في سبع مجلدات كبار سنة 1378 هـ وفي المجلد الأول مقدمة تضمنت ترجمة المؤلف وأسماء كتبه مع ملاحظات ونموذج مصور من خط المؤلف ، ومع الكتاب «تحت الأصل» ترجمة فارسية للنص العربي بقلم محمد نصر آ لهي .
7 ـ الفصول المهمة في أصول الائمة ، في أصول الدين وفروعه والطب واصول الفقه وغيرها ، طبع في ايران سنة 1304 والنجف المطبعة الحيدرية 1378 ص 544عدا المقدمة والفهارس .
8 ـ الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة : أورد فيه أكثر من 600 حديث و60 آية من القرآن وأدلة اخرى على اثبات الرجعة ، فرغ منه سنة 1079 وطبع بعناية السيد هاشم الرسولي المحلاتي بالمطبعة العلمية بقم ـ ايران ـ سنة 1381 من 430 عدا المقدمات والفهارس ومعه في الحاشية الترجمة الفارسية للنص العربي .
9 ـ بداية الهداية ، في الواجبات والمحرمات المنصوصة من أول الفقه إلى آخره ، أورد فيه من الواجبات 1535 ومن المحرمات 1448 طبع في ايران .

ادب الطف ـ الجزء الخامس176


10 ـ امل الآمل في علماء جبل عامل ابتدأ بتأليفه سنة 1096 وفرغ منه سنة 1097 والكتاب في قسمين اقتصر في الأول على علماء جبل عامل وفي الثاني على علماء بقية البلاد المتأخرين عن الشيخ الطوسي ابي جعفر ، منه نسخة مخطوطة كتبت سنة 1097 هـ والمضنون انها بخط المؤلف ، في مكتبة «آية الله الحكيم» في النجف وطبع امل الآمل في طهران غير مرة «مع كتاب منهج المقال في أحوال الرجال لمحمد بن علي الحسيني الاسترابادي المتوفى 1028هـ » سنة 1306 هـ ، ثم طبع في النجف ـ الآداب سنة 1385 / 1965 في جزئين .
11 ـ نزهة الاسماع في الاجماع ، قال السيد الأمين رأيت منها نسخة كتبت عن خط المؤلف في 8 رجب 1113 هـ .
12 ـ ديوان الامام زين العابدين علي بن الحسين ، جمع الاشعار المنسوبة اليه ، ورتبه على الحروف الهجائية ، طبع في بمبيء بأهتمام الميرزا محمد خان (ملك الكتاب) ونسخته عزيزة .
13 ـ مجموع فيه : ارجوزة في تواريخ النبي والائمة من آله ، الروضة في مدح الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب ، الهمزية في مدح ذي المزية ، القصيدة المحبوكة الاطراف ، وكلها له بخط الشيخ محمد السماوي سنة 1362 محفوظة في مكتبة الحكيم بالنجف .
14 ـ الرجال منه نسخة مخطوطة كتبت سنة 1082 فرغ عن كتابته في 24 ذي القعدة وعلى ظهر الورقة الأولى فوائد رجالية ، في مكتبة الحكيم .
15 ـ ديوان شعره ، رأيت منه نسخة مخطوطة نادرة في مكتبة الحكيم في النجف جلها بخط الناظم المؤلف ، وقد كتب على حواشي الديوان كثيراً من القصائد ، وفي الصفحة الأولى بخطه : «ديوان شعر الفقير إلى الله الغني

ادب الطف ـ الجزء الخامس168


محمد بن الحسن بن علي بن محمد الحر العاملي عامله الله بلطفه الخفي» وأكثر القصائد في مدح النبي وآله ومراثيهم والمواعظ ، وليس في النسخة تاريخ !
16 ـ تحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة / اشرنا اليه ـ نقل عنه الشيخ عبد النبي الكاظمي في «تكملة الرجال» الذي فرغ منه سنة 1240 هـ . قال مؤلف الذريعة 3 \ 393 : رأيت المجلد الأول ولم أدر حال بقية اجزائه ، وتوجد نسخة المجلد الأول في مكتبة محمد علي الخونساري في النجف تاريخ كتابتها سنة 1112 هـ ونسخة اخرى كانت عند الشيخ محمد علي الاوردبادي في النجف أوله : «الحمد لله على جزيل نواله ، والصلاة والسلام على محمد وآله .. لما ألفت كتاب تفصيل رسائل الشيعة التمس جماعة تأليف شرح لذلك الكتاب يشتمل على توضيح الاحاديث وبيان نكتها ووجوه الترجيح وتقرير دلالتها ، ويجمع سائر الادلة والأقوال ، وأكثر الفوائد المتفرقة في كتب الاستدلال ..»
وللحر ـ بعد هذا ـ مؤلفات أخرى كثيرة ، وأجازات علمية لمعاصريه مطولة ومختصرة .
ومن محاسن شعره من قصيدة في مدح أهل البيت عليهم السلام قوله :
أنا الحرّ لكن برهّم يسترقني وبالبر والاحسان يستعبد الحرُ

وقوله من قصيدة فيهم عليهم السلام :
أنا حرٌ عبدٌ لهـم فاذا ما شرفونـي بالعـتق عـدت رقيقا
أنا عبد لهم فلو اعتقوني ألف عتق ما صرت يـوماً عتيقا


ادب الطف ـ الجزء الخامس169


عبد الله الشويكي

ذكره الشيخ الاميني في شعراء القرن الثاني عشر فقال :
أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد الشويكي الخطي من تلمذة الشيخ ابراهيم ابن الشيخ علي البلادي والشيخ ناصر بن الحاج عبد الحسن البحراني له في فن الأدب وقرض الشعر والاكثار منه والتفنن فيه اشواط بعيدة وديوانه في مدائح النبي وآله يسمى بـ (جواهر النظام) وديوان مراثيهم الموسوم بـ (مسبل العبرات ورثاء السادات) يحتوي على خمسين قصيدة في أوزان وقواف مختلفة في مدائح أهل البيت ورثائهم ، ويرثي العباس بن أمير المؤمنين ـ نظمها في سنة 1148 والقاسم بن الامام الحسن وعبد الله ابنه ، وعلي بن الامام السبط الشهيد ، وولده عبد الله الرضيع ، كلا منهم بقصيدة(1) .
وجاء في شعراء القطيف للعلامة المعاصر الشيخ علي منصور المرهون : نحو هذا .
وقال الشيخ اغا بزرك الطهراني في الجزء الخامس من الذريعة :

(1) وهكذا جاء أيضاً في (الذريعة) للشيخ الطهراني ج 20 ص 398 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس170


جواهر النظام في مدح النبي وآله الائمة الاثنى عشر عليهم السلام ، ديوان كبير للشيخ ابي محمد عبد الله بن محمد الحسين الشويكي الخطي ، رأيت بخطه الشريف جملة من قصائده التي استخرجها من هذا الديوان واهداها إلى استاذه الذي وصفه بقوله : الشيخ العالم الفاضل الكامل الورع الصالح الفالح المحقق المدقق الامجد الأوحد الاقا محمد بن الاقا عبد الرحمن الشريف النجفي . المتوفى سنة 1249 والذي رثاه السيد صادق الفحام ، وقال السيد الامين في الأعيان : كان فاضلاً مشاركاً في العلوم مصنفاً أديباً شاعراً له حواهر النظام في مدح السادة الكرام عليهم السلام و(مسبل العبرات في رثاء السادة الهداة) ، فمن شعره قوله في مدحه صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد التزم تجانس كل قافيتين من القصيدة :
أقبلـت تقنص الأسـود الغزاله ذات نـور يفـوق نـور الغزالة
وانثـنت تسلب العـقول وثنّت غلة فـي الحـشا بلـبس الغلالة
واستحلت حـرام سفـك دمائي وهو في قلـبي الـرخيص غلاله
يا نسـيم الشـمـال مني بلّـغ نحو انس الحشا سلامي حـواله
وارع صـبا متـيما ابعـدتـه عن حماها ولم تجد من حمى له
حملتني في الحـب منها غراماً لم اطـق مـدة الـزمان احتماله
ولي العـهد في هـواها وثـيق قد أبى العقل في النقيض احتماله
لسـت أدري هل الصدود ملال أم طباع الحـبيب يـبدى دلالـه
أنـا في حبّها غريـقٌ بـدمعي وهو فيما ادعيـت أقوى دلالـه
لا رعـى الله عـاشقاً قد سلام في الهوى قاطعاً بسـيف الملاله
فاز من مات في الغـرام شهيداً والحسان الشـهود بيـن الملاله
مثلما فـاز مـن أطـاع يقـيناً خاتـم الانبـياء تـاج الـرسالة


ادب الطف ـ الجزء الخامس171


شامخ الفخر خير مولى الهي قدره مثل قدره قـدرسى له
رب واليـته بحسـن اعتقادٍ في نبيّ الهدى ووالـيت آله
فـولاء النـبي للعبـد درع عن نبال الردى وللنصر آله
وولائي مـن بعـده لـعلـي فهو من قبل موته أوصى له
وارتضاه الامامَ في يوم خم فهو للخصم قـاطع أوصاله


ادب الطف ـ الجزء الخامس172


الشيخ أحمد البلادي

ناد الأحـبة إن مـررت بـدورها واشهد مـطالع نيرات بدورها
كم قد بدت وبها انجلت ظلم الدجى ولطالما بزغت بوازغ نـورها ؟
أنست بها أرض الطفوف وأقفرت منها الديار وليس غير يسيرها
غربت بعرصة كربلا فانهض لها واقر السلام على جناب مزورها
وانثر بـتربتـها الدموع تـفجعاً لقتيلها فـوق الثـرى وعفيرها
أكرم بـها مـن تـربـة قـدسية قد بالـغ الجبار فـي تطهيرها
يا تربةً من حـولها الأمـلاك ما زالت تـشمّ لمسكها وعـبيرها ؟
يا تربة حـفّت بـها القوم الأولى فازوا بلثـمهم لترب قبورهـا ؟
قد ضمّنت جسد الحسين ومـَن به فتكت أمـية بعد أمـر أميرها
فأزالت الاسـلام عـن بـرحائها وأطاعت الشيطان في تدبيرها
وتسرّجت خـيل الضلال فأخرت غير الأخير وقدّمت لأخـيرها
ونست عـهوداً بالحمى سلفت ولن تعـبأ بنـص نبيّها ونذيـرها
يـا للـرجـال لأمـة مسعـورة لم يكـفها ما كان يوم غديرها
بئس العـصابة مـن بغت وتنكبت عن دينها وتسارعت لفجورها(1)


(1) مجموعة الشيخ لطف الله الجدحفصي التي دونها بخطه سنة 1201 هـ .
ادب الطف ـ الجزء الخامس173


الشيخ أحمد البلادي توفى أوائل القرن الثاني عشر



هو الشيخ أحمد بن حاجي البلادي عالم فاضل أديب من شعراء أهل البيت ومادحيهم له مراثي كثيرة قال الشيخ الاميني : وقد يقال ان له ألف قصيدة في رثاء الامام السبط الشهيد الحسين عليه السلام دوّنها في مجلدين ، قد ذكر الشيخ لطف الله الجدحفصي عدة قصائد من حسينياته في مجموعة له ، وقفنا علىنسخ منها بخطه وأخذنا منها ما ذكرناه ، وله في التاريخ يد غير قصيرة ، وكان من أجداد صاحب (أنوار البدرين) وتوجد في الأنوار ترجمته ويظهر منه انه توفي في أوائل القرن الثاني عشر(1) . ومن شعره :
دنياك فانـيـة والـحـي منتـقل إلى الـتراب ويبـقى الله والعـمل
فجـدّ جـدك في إتـيان صالحـة واعمل لأخراك ما يجديك يا رجل
دع المقـام بـدار لا قـرار بـها ولا بقاء وأنـت السائـر العـجل
فالمـوت آتيك لا مـندوحة أبـداً عنه ولكن إلى أن ينقـضي الأجل
ما أطيـب العيش في الدنيا وأعذبه لو لم يكـن للمـنايا فيـه مرتحل
ان كان دنـياك هـذا شأنها فعلى ماذا بتعميـرها يا صـاح تشتغل
فتب إلى الله إخـلاصاً وقـل ندماً أيـلام هذا وشيـب الرأس مشتعل
وزر مـشاهد أهـل البيت معترفاً فإنهـم سـبب الايـجاد والـعلل
والثم ضرائحهـم وانشق روائحهم تـترى الصلاة عليهم أيـنما نزلوا
واذكر مصائبهـم في كـل ناحية وانثر دموعك في أرض بها قتلوا
قد صرعوا وقضوا نحباً على ظمأ في كربلا وعلى روس القنا حُملوا
روحي فـداء حسين إذ أقـام بها فرداً وليس له عن كربها حُـملوا
شلواً ذبيحاً خضيب الشيب من دمه ظمآن لهـفان لم تـبرد لـه غلل


(1) عن كتاب (الغدير) ج 11 ص 341 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس174


عريان ذا جثة بالطف عارية لولا الصبا نسجت منها له حـلل
وحوله نسوة يندبن مصرعه ودمع آمـاقها في الخد ينهمـل
وثاوياً رأسه فوق السنان علا وجسمه في ثرى البوغاء منجدل(1)
وله قصيدة مطلعها :
لا الدار دار ولا ذاك الحمى وطن قد أصبحت خاليات ما بها سكن(2)
وأخرى أولها :
ما حال قومي غداة البين لا بانوا ولا عفى ربعهم واستوحش البان(3)
وثالثة جاء في أولها :
كفى حزناً ان الديار خوالي وآل علي آذنوا بزوال(4)
وهي تزيد على 60 بيتاً .
ورابعة أولها :
توارت بالحجاب شموس صبري وجرّعني المصاب كؤوس صبر(5)


(1) ديوان الدمستاني وشعراء أخر طبع النجف ص 369 .
(2) و(3) في ديوان الدمستاني وشعراء أخر المسمى بـ (نيل الاماني) .
(4) و(5) مجموعة الشيخ لطف الله الجدحفصي .
ادب الطف ـ الجزء الخامس175


الأمير الحسين الكوكباني

المتوفى 1112

الأمير السيد الحسين بن عبد القادر الكوكباني من أعلام اليمن توفي يوم السبت الثاني عشر من ريبع الآخر سنة اثنتي عشرة وماية وألف وشعره كثير مشهور ، وجمع ديوانه أخوه محمد بن عبد القادر بعد موته ، ومن شعره :
خفف على ذي لوعة وشجوني واحفظ فؤادك من عيون العين
إلى أن يقول :
ويلاه من لاقى الجواب وكربها يا كربلا أرضيتِ قتل حسين
أقول : وممن تخلص من الغزل إلى الرثاء قول من قال :
في خدك الشفق القاني بدى وعلى قتل الحسين دليل حمرة الشفق
وقال :
في خدك الشفق القاني وفيه على قتل الحسين كما قالوا علامات
سئل الإمام أبو الفرج بن الجوزي(1) ما الحكمة في ظهور الحمرة في

(1) هو عبد الرحمن بن علي البكري الحنبلي ينتهي نسبه الى القاسم بن محمد بن أبي بكر واعظ العراق ورأس الاذكياء ، له مؤلفات مشهورة لا تكاد تخلو المكتبات من بعضها . توفي سنة 597 هـ .
ادب الطف ـ الجزء الخامس176


آفاق السماء بعد قتل الحسين عليه السلام فقال :
ان أحدنا إذا غضب احمر وجهه ، والباري تعالى ينزّه عن الجسمية فأظهر الحمرة في سمائه علامة لغضبه على قتل ابن بنت نبيه(1) .
أقول وفي نسمة السحر تعليقاً على ما مرّ : رأيت القاضي الأديب يوسف ابن علي الكوكباني أورد في كتابه (طوق الصادح) تشكيكاً منه على من زعم ان الشفق إنما ظهر بعد مظلومية الإمام الحسين (ع) وان الشارع عليه السلام جعله علامة للعشا وتركه معضلا ، وقد رأيت أنا مثله سؤالاً قديماً لبعض الشافعية العلماء وقد أجيب عنه : ان الذي كان قبل شهادة الإمام وجعل علامة دخول العشاء هو الابيض من الشفق أو انه كان قليلاً ثم زاد بعد هذه الحادثة ، وما كنت أحب للقاضي الاديب إيراد مثل هذا فانه حقق ما كان يتهم به من الانحراف عن أهل البيت ، لا جرم انه جرى عليه ما جرى من الحبس والاهانة . انتهى
وقد تواتر ظهور هذه الحادثة بعد استشهاد الحسين (ع) أقول ومن المناسب هنا أن أذكر ما أنشدني العلامة الشيخ عبد الحسين الحويزي لنفسه :
كل شيء في عالم الكون أرخى عينه بالدموع يبكي حسينا
نـزّه الله عـن بـكاً ، وعـليٌ قـد بـكاه وكان لله عينا


(1) رواها سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص .
ادب الطف ـ الجزء الخامس177


السيد علي خان المدني

المتوفى 1120

أليلـة الحـشر لا بـل يـوم عـاشور ونفخة الصور لا بل نفث مصدور
يوم به اهتـزّ عـرشُ الله مـن حزن عـلى دم لـرسول الله مـهـدور
يوم بـه كُسـفت شمس العـلا أسفـاً وأصبح الدين فـيه كاسف الـنور
يـومٌ بـه ذهــبت أبـناءُ فـاطـمة للبين ما بـين مقـتولٍ ومـأسور
فـأي دمـع عـليه غـير منـهـمل وأي قلـب عليهم غـير مفـطور
ولـوعـة لا تـزال الـدهر مـسعرة بين الجـوانح نـاراً ذات تسعـير
لـرزء أبلـج في صـمّـاء ساحـته مـن نبعة المـجد والغرّ المشاهير
مـولىً قـضى الله تنـويهاً بإمرتـه فراح يقـضي عـليه كل مأمـور
لله ملقـى عـلى البوغاء مـطرحـاً كاسٍ مـن الحمد عارٍ غير مستور
قـضى على ظـمأ مـا بـلّ غلّـته إلا بـكـل أبـلّ الـحد مـأتـور
يا وقعـة الطف خلدت القلـوب أسى كأنـما كـل يـوم يـوم عاشـور
يا وقعـة الطف أبكـيت الجفون دماً ورعتِ كل فـؤاد غيـر مـذعور
يا وقعة الطف كم أضرمت نار جوى في كل قلب من الأحزان مسـجور


(1) عن ديوانه المخطوط في مكتبة المدرسة الشبرية بالنجف الاشرف نسخة فريدة .
ادب الطف ـ الجزء الخامس178


يا وقعة الطف كم أخفيتِ من قمر وكم غمرتِ أبيا غـير مغـمور
يا وقعة الطف هل تدرين أي فتى أوقعتهِ رهـن تعقـير وتعـفير
يا وقعة الطف هـل تدرين أيّ دمٍ أرقته بين خُـلف القول والزور
لا كان يـومك في الأيـام إن لـهُ في كل قلب لجرحاً غير مسبور
كم من فتىً فيك صبح المجد غرّته أضحى يُحكّـم فيه كـل مغرور
وكم رؤوس وأجسـام هنالك قـد أصبحن ما بين مرفوع ومجرور
لهفـي عليهم وقـد شالت نعامتهم وأوطنـوا ربع قفرٍ غير معمور
فقل لمن رام صـبراً عن رزيتهم اليك عني فـما صبري بمقـدور
أيذخرُ الحزن عن أبـناء فاطـمة يـوماً وهل منـهم أولى بمذخور
مهما نسيت فلا أنسى الحسين لقىً تحنو عليه ربى الآكـام والتـور
معفراً فـي موامـي البيد منجدلاً يزوره الوحش من سـيدٍ ويعفور
تبكي عليه السـماوات العلا حزناً والأرض تكسوه ثوباً غير مزرور
يا حسرةً لـغريب الدار مضطهد يلقى الـعدا بعديد مـنه مكثـور
يحمي الوطيس متى وافاه منتصراً عليهـم بخميس غـير منـصور
حتى إذا لم يكن مـن دونـه وزرٌ شفـى الضغائن مـنه كل مأزور
فأين عيـن رسـول الله تـرمقه لقىً عـلى جانب للبـين مهجور
وأيـن عين علي مـنـه تلحـظه مقـهور كـل شقي الجدّ مقـهور
وأين فـاطمة الـزهراء تنـظره وأهـله بين مـذبوح ومنـحـور
يا غيـرة الله والامـلاك قاطـبة بفادح من خطـوب الدهر منكور
تسـبى بناتُ رسـول الله حاسرة كـأنهـنّ سبايا قـوم سـابـور
مـن كل طاهرة الاذيال ظاهـرةٍ ترمي العدا بعيون نحـوها صور
مـن الفواطم في الاغلال خاشعة يُحدى بهن على الاقـتاب والكور
يَنـعين يا جد نال القـوم وترهم مـنا وأوقـع فـينا كل مـحذور


ادب الطف ـ الجزء الخامس179


يا جدّ صال الأعادي في بنيك وقد ثـوى الحسـين ثلاثاً غـير مقبور
وأودع الـراس منـه رأس عالية وأوطيء الجـسم مـنه كل محظير
هذا الحسين قتيلاً رهن مـصرعه يبكي لـه كـل تهـلـيل وتكـبير
هذا الحسين ثـوى بالطف منفرداً تسفي علـيه سوافي الترب والمور
هـذي بـناتك للأشـهـاد بارزة يشهرن بـين الاعادي أي تشـهير
آه لرزئكم في الـدهر من خـبر باق على صفحات الـدهر مسطور
تبت يدا ابن زياد من غوي هوىً ومارق في غمار الكفـر مغـمور
ارضى يـزيد بسخط الله مجترءاً وبـرّ مـنه زنيماً غـير مبـرور
فهل ترى حين أمّ الغيّ كان رأى دمَ الحسـين علـيه غير محضور
أتيـت يابن زيـاد كـل فـادحة بؤئت مـنها بسعي غـير مشكور
بنـي أمـية هـبـّوا لا أباً لـكم فطـالب الوتر منـك غير موتور
نسيـتموا أم تناسـيتم جـنايتـكم فتـلك والله ذنب غيـر مغـفور
خصمتموا الله فـي أبناء خيرتـه هـل يخصـم الله إذا كل مدحور
ورعتـم بالردى قلب ابن فاطمة وما رعيـتم ذمـاماً جدّ مخـفور
أبكيتـم جفن خيـر المرسلين دماً ورحتم بيـن مغـبوطٍ ومـسرور
إليكم بـا بنـي الزهراء مـرثية أصـاخَ سمـعاً إليها كل مـوقور
تجدد الحـزن بالبيت العـتيق بكم ويحـطم الوجد منها جانب الطور
عليـكم صلـوات الله ما هطـلت سحـب وشقّ وميض قلب ديجور


السابق السابق الفهرس التالي التالي