ادب الطف ـ الجزء الخامس67


ولكنه الطود الذي لو ازيل عن مراسيه مادت هذه الأرض بالخلق

قال الشيخ (ره) فسبقني الشريف العلامة بعمل بيتين اي المتقدمين وكتبا على حجر قبره بمقبرة الشيخ راشد بجبانة أبي عنبرة من اوال البحرين وهما البيتان المتقدمان قال : فقلت البيتين واتفق وفاة السيد الشريف أبي جعفر السيد عبد الجبار بن الحسين الحسيني أخ السيد المذكور بشيراز فدفن بمدفن السيد أحمد بن الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع) فكتبا على قبره هناك قال جامع الديوان ثم قربت العهود والتأييدات المقررة من قبل هرموز بتقليد القضاء ابنه أبا عبد الله السيد جعفر وولاية الأوقاف وفوض اليه الامور الحسبية وافرغت عليه الخلع من الديوان وذلك بالمشهد المعروف بذي المنارتين من اوال البحرين وذلك في ثالث عشر شهر صفر سنة السادسة بعد الألف انتهى .
قلت : وهذا الشريف الجليل الذي كان شيخ الاسلام بعد أبيه هو ممدوح الشيخ جعفر الخطي ومخدومه والذي يصحبه معه في أسفاره إلى شيراز ، رحمهم الله جميعاً .
وقال الشيخ الطهراني في (الذريعة) قسم الديوان :
ديوان عبد الرؤوف الجدحفصي وهو السيد أبو جعفر بن الحسين بن محمد ابن الحسن بن يحيى بن علي بن اسماعيل أخ الشريف المرتضى علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن ابراهيم بن الإمام موسى ابن جعفر الكاظم (ع) كذا سرد نسبه حفيده الآتي ذكره والمسمى باسمه الموسوي الحسيني البحراني الجدحفصي المتوفى (1006) وقد رثاه ابن اخته وصهره على بنته المسماة بملوك : السيد ماجد بن هاشم بن علي بن مرتضى الصادقي الجدحفصي الذي توفى هو 1028 كما أرخه السيد عليخان في (السلافة) وكتب السيد ماجد على قبر جدّه الاميّ السيد عبد الرؤوف أشعاراً ذكرها الشيخ يوسف البحراني في كشكوله وذكر فيه أيضاً جملة من أشعار ديوان

ادب الطف ـ الجزء الخامس68


السيد عبد الرؤوف هذا في مديح أصحاب الكساء المذكور .
حفيده وسميه :



وقال البحاثة الطهراني في قسم الديوان من (الذريعة) :
ديوان عبد الروؤف الجدحفصي السيد جلال الدين أبي المعالي عبد الرؤوف ابن الحسين بن أحمد بن السيد أبي جعفر عبد الرؤوف الموسوي الحسيني البحراني الجدحفصي المذكور بقية نسبه آنفاً وقد ترجمه الشيخ الحر في «الأمل» وذكر بعض ما كتبه اليه من شعره وأطراه إلى أن قال : (رأيته في البحرين فرأيت منه العجب لكنني عرفت حينئذ في البحرين بحر العلم وبحر الأدب ...) أقول قد جمع هذا الديوان الشيخ أحمد بن محمد بن مبارك الساري البحراني بعد وفاة الناظم بأمر ولده السيد أحمد بن عبدالرؤوف وذكر فيه ان الناظم توفى 1113 ورتبه على ثلاثة أبواب 1 ـ المديح 2 ـ الرثاء 3 ـ المتفرقات . وفرغ من جمعه في 1118 وقد رأيته عند السيد محمد علي «السبزواري بالكاظمية» وفيه فوائد أدبية وتاريخية ، وكانت نسخة من هذا الديوان عند السيد شبر بن محمد بن ثنوان الموسوي الحويزي نقل عنه في رسالة عملها في بيان نسب السيد عليخان بن خلف الحويزي وذكر انه في ثلاثة مواضع من هذا الديوان يصرح بسيادة السيد عليخان وصحة نسبه .
وفي تتمة أمل الآمل :
السيد عبد الرؤوف الموسوي هو الحفيد للسيد عبد الرؤوف السالف ذكره . جاء ذكره في أنوار البدرين في علماء البحرين بقوله : السيد النجيب الأديب الحسيب السيد عبد الرؤوف بن الحسين بن عبد الرؤوف بن أحمد بن حسين بن محمد بن حسن بن يحيى بن علي بن اسماعيل بن علي بن اسماعيل . أخ السيدين الشريفين المرتضى والرضي ابنا الحسين بن موسى بن ابراهيم بن الإمام الكاظم (ع) البحراني أحد الأكابر والأعيان المشار اليهم بالبنان ، جمع بين علو

ادب الطف ـ الجزء الخامس69


الهمة والأدب ، وشفع سمّو الأصل بسمو الحسب ، فهو غرة جبين الدهر ، وله شعر يحبب العقول بسحره ونثر يزري بنظم الدر ونثره ، جمع فيه بين الجزالة والرقة وأعطى كل ذي حق حقه ، كان مولده سنة 1013 هـ وتوفى سنة 1060 ، الله أعلم وله رحمه الله من العمر سبعة وأربعون سنة تغمده الله برحمته ورضوانه(1) .
وللسيد أحمد بن السيد عبد الرؤوف بن السيد حسين الجدحفصي طاب ثراه
عيون المنايا للامانـي حـواجـب ودون المنى سـهم المـنية صائب
وكـل امرء يبكي سيبكى وهكـذا صبابـة ماء نحن والـدهر شارب
فكم من لبيب غـرّ منه بمـوعـد فصـدّقه في قـولـه وهـو كاذب
هو الـدهر طوراً للنفائس واهـبٌ الـيك وطـوراً للنفـيسة نـاهـب
فلا تأمنن الـدهر في حال سلـمه فكـم علقـت بالآمنـين المخـالب
فكـم راعني من صرفـه بروائع تهـدّ لهـا مـني القـوى والمناكب
ولكننـي مهـما ذكرت بـكربـلا مصاباً إذا مـا قصّ تنسى المصائب
نسيت الـذي قد نالني من خطوبه ولم تصف لي مهما حييت المشارب
وقدغارفي أرض الطفوف من الندا بحور وغارت فـي ثراها كواكـب
وأضحى حسين مفرداً بعـد جمعه يذود عـن الأهل العـدا ويحـارب(2)


(1) عن تتمة أمل الآمل .
(2) عن مجموعة الشيخ لطف الله الجدحفصي .
ادب الطف ـ الجزء الخامس70


عُمر بن عبد الوهاب العرضي الشافعي

المتوفي 1024

قال المحبي في خلاصة الاثر في أعيان القرن الحادي عشر ص 218 من الجزء الثالث وللعرضي شعر قليل أنشد له بعض الأدباء قوله . وهو معنى حسن
لم اكتحل في صباح يوم اريق فيـه دم الحسيـن
إلا لأنـي لفـرط حزني سوّدتُ فيه بياض عيني

قال وأصله قول بعضهم
وقائل : لم كحلت عيناً يوم استباحوا دم الحسين
فقلت كفوا أحـق شيء يلبس فيه السواد عيـني

قال ومثله لأبي بكر العمري الدمشقي :
في يوم عاشوراء لم أكتحل ولم أزيّن ناظري بالسواد
لكن على من فيه حينا قضى ألبستُ عينيّ ثياب الحداد

أقول : سبق وان ذكر هذا الشعر لأحمد بن عيسى الهاشمي من رجال القرن السادس الهجري . ذكرناه في الجزء الثالث من «أدب الطف» ص 245 مع ترجمته ، ولعله توارد خاطر .

ادب الطف ـ الجزء الخامس71


عمر بن عبد الوهاب بن ابراهيم بن محمود بن علي بن محمد بن محمد بن محمد ابن الحسين العرضي الحلبي الشافعي القادري المحدث الفقيه الكبير مفتي حلب وواعظ تلك الدائرة ، كان أوحد وقته في فنون الحديث والفقه والأدب وشهرته تغني عن الاطراء في وصفه ، اشتغل بالطلب على والده ثم لزم الشيخ الإمام محمود بن محمد بن محمد بن حسن البابي الحلبي المعروف بابن البيلوني وكان عمره إذ ذاك أربع عشرة سنة فقرأ عليه الجزرية ومقدمة للتصريف وتجويد القرآن .
أقول واستمر يذكر مراحل الدراسة التي قضاها المترجم له إلى ان قال : والف تآليف كثيرة منها شرح شرح الجامي وكان شديد الاعتناء بالجامي حريصاً على مطالعته وإقرائه وفيه يقول :
لله درّ إمـام طالما سطـعت أنوار افـضاله مـن علمه السامي
ألفاظه أسكرت أسماعنا طربا كأنها الخمر تسقى من صفا الجامي
اقول وذكر المحبي باقي مؤلفاته ورسائله وتحقيقاته وأورد جملة من ذلك وقال المحبي وكانت ولادته بحلب بقاعة العشائرية الملاصقة لزاويتهم دار القرآن شمالي جامع حلب في صبيحة يوم الجمعة منتصف جمادى الآخرة سنة خمسين وتسعمائة ، وجاء تاريخ مولده (شيخ حلب) . ومات يوم الثلاثاء خامس عشر أو سادس عشر شعبان سنة أربع وعشرين والف وقال الصلاح الكوراني مؤرخاً وفاته :
إمام العلـوم وزيـن العلا سراج الهدى عمر ذو الوفا
تولّى فارخ سراج بها الـ ـعلوم هـدى فرقا فانطفى
انتهى عن الجزء الثالث من خلاصة الاثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي ص 215 .

ادب الطف ـ الجزء الخامس72


الشيخ جعفر الخطي

المتوفى 1028

قال يرثي سيد الشهداء الحسين بن علي عليه السلام :
معاهـدهم بالابرقـين هـوامـدُ رزقن عهاد المـزن تلك المعـاهد
ولولا احمرار الدمع لانبعـثت بها سحـائب دمـع بـالحنين رواعـد
وقفت بها والوحش حـولي كأنني بهـنّ مليك حـوله الجند حـاشـد
أسرّح في اكنافها الطرف لا أرى سوى أشعث شجـته أمـس الولائد
وإلا ثـلاثاً كـالحـمايـم جـثماً ونـؤباً عفـته الذامـيات الـعوائد
وأسألها عن أهلها وهي لـم تحر جواباً وهـل يستنطق العـجم ناشد
لك الخير لا تذهـب بحلمك دمنة محاهـا البلى واستـوطنتها الأوابد(1)
فما هـي ان خاطبـتها بمجـيبة وان جاوبت لم يشف ما أنت واجد
ولكن هـلم الخطب في رزء سيدٍ قضى ظـمأ والماء جـار وراكد
كـأني بـه فـي ثلّة من رجاله كما حفّ بـالليث الأسـود اللوابد
يخـوض بهم بحر الوغى وكأنه لواردهـم عـذب المـجاجة بارد
اذا اعتقلوا سمر الرماح وجرّدوا سيوفاً أعارتها البـطـون الاساود
فليس لـها إلا الصدور مـراكزاً وليس لـها إلا الـرؤس مـغامـد


(1) الاوابد : الطير المقيمة بأرض شتاء وصيفاً ، أو الوحش .
ادب الطف ـ الجزء الخامس73


يـلاقون شــدّات الكـمـاة بـأنفس إذا غضبت هانت عليها الشـدائـد
إلى أن ثووا في الأرض صرعى كأنهم نخـيل أمالـتهن أيـدٍ عـواضـد
أولئك أربـاب الحـفاظ سـمت بهـم الى الغاية القصوى النفوس المواجد
ولم يـبق إلا واحـد الـناس واحـداً يكابد مـن أعـدائـه ما يـكابـد
يكـرّ فيـنـثالـون عـنـه كأنـهـم مهىً خلفهنّ الضاريـات شـوارد
يحـامي وراء الـطاهـرات مـجاهداً بأهلي وبي ذاك المـحامي المجاهد
فما الليث ذو الاشبال هيـج على طوى بأشجـع منه حين قـلّ الـمساعد
ولا سمـعت أذنـي ولا أذن سـامـع بـأثبت منه في اللـقا وهـو واحد
إلى أن أسال الطعن والضرب نـفسه فخرّ كما أهوى إلى الأرض سـاجد
فلهفي لـه والخـيل منـهن صـادرٌ خضيب الحوامي من دمـاه ووارد
فأيّ فـتـى ظـلـّت خيـول أمـية تعـادى عـلى جـثمانه وتـطارد
وأعظـم شيء أنّ شمـراً لـه عـلى جنـاجن صـدر ابـن النبي مقاعد
فشلّت يداه حـين يـفـري بسـيفـه مقلّـد مـن تلقـى إلـيه المـقالـد
وان قـتيلا أحرز الشـمـر شـلـوه لأكــرم مفـقـود يبـكّيه فاقـد
لقى بمحـاني الطـف شلواً ورأسـه ينوء بـه لـدن مـن الخـطّ وارد
ولهـفـي عـلى أنـصاره وحـماتِه وهـم لسـراحيـن الفـلاة مـوائد
مضـمـخة أجـسادهـم فـكأنـمـا عليهنّ من حمـر الـدماء مجاسـد
تضـيء بـه أكناف عـرضة كربلا وتـظـلم مـنه أربـع ومشاهــد
فيا كـربـلا طلـتِ الـسماء وربـما تناول عفـواً حظ ذي السعـي قاعد
لأنـت وإن كنت الـوضيعة نلتٍ من جـواره ما لـم تـنلـه الفـراقـد
سررتِ بهـم إذ آنسـوك وسـاءنـي محاريب منهم أوحـشت ومساجـد
بـذا قـضت الأيـام ما بـين أهلـها مصائب قـوم عـند قـوم فـوائد
ليهـنك أن أمسـى ثــراك بطيـبه تعـطر منـه في الجنان الخرائـد(1)


(1) الخرائد جمع خريدة : البكر التي لم تمس قط .
ادب الطف ـ الجزء الخامس74


وان أنس لا أنسى النساء كأنها قطاً ريع عن أوكـاره وهو هاجد
سوافر بعد الصون ما لوجوهها بــراقـع إلا أذرع وسـواعـد
إذا هنهّ سلّبن الـقلائد جـددت مـن الضـرب في أعناقهن قلائد
وتلوى على أعضادهن معاضدٌ من الضرب إذ تبتزّ منها المعاضد
نـوادب لو أن الجبال سمعنها تداعـت أعالـيهن فـهي سواجد
إذا هـنّ أبصرن الجسوم كأنها نجوم على ظهر الفـلاة رواكـد
وشمن رؤوساً كالبـدور تقلّبها رماح كأشطـان الركي مـوائد(1)
تداعين يلطمن الخـدود بعولةٍ تصـدع منـها القاسيات الجلامد
ويخمشن بالأيدي الوجوه كأنها دنانير أبلاهـنّ بـالـحك ناقـد
وظلن يـرددن المناح كـأنما تعلم منـهن الـحمام الفـواقـد
فما الورق بزتها البزاة فراخها وحلأهـا عن حومة الوكر صائد
ولا رزحٌ هـيمٌ تـكاد قلوبها تطير إذا عنـّت لهـن المـوارد(2)
تهـمّ بـورد الماء ثـم يردها أخيرق مرهـوب الـبسالة ذائد
يدافعها عن ورده وهي لا تني تدافعـه وهـو الألد المـعانـد
فيرجعها حـرى القلوب كأنما يؤجج في أحشـائـها النار واقد
بأكثر منـها تلك نوحـاً وهذه حنيـناً وأنـى والعـيون جوامد
فيا وقعة ما أحدث الدهر مثلها يبيد الليالي ذكـرهـا وهو خالد
لألبست هـذا الدين أثواب ذلة تـرث لها الأيـام وهي جـدائد
لحى الله قيساً قيس عيلان إنني عليهم لمسجـور الحشاشة حاقد
لأمهم الويـلات ما ذنب هاشم عليهم أما كفواً إذا لـم يساعدوا


(1) الركي بفتح الراء مفردها ركية . والاشطان جمع شطن : الحبل . وصف الرماح لميدانها بحبال الابار .
(2) رزح جمع رازح : الجمل الذي لم يستطع النهوض هزالاً وتعباً .
ادب الطف ـ الجزء الخامس75


أغـرتم فحـللتم أواصـر بيـنكم لها مضرٌ في سالف الدهر عاقد
وأبكيتـم جـفـن الـنبي محـمد لـيضحك كلب مـن أمية عاقد
أمية هبّـي من كراك فـما جنى كفعلك جان وهـو مثلك راقـد
لأغرقـتم في رمـي هاشم بعدما أحلوكم حيث السهى والفراقـد
على غـير شيء غـير أنكم معاً إذا حصل الانساب كفّ وساعد
خـلا أنـه أولى بكم من نفوسكم بنصّ من التنزيل والله شاهـد
أنـالـهم مـا لـم ينلـكم إلههم فكلـكم بادي الـعداوة حاسـد
أما وأبي لـولا تـأخر مـدتـي وأن الذي لـم يقضه الله كـايد
لا لفـيتموني فـي رجـال كأنهم ليوث بـمستنّ الـنزال حوارد
بـأيماننا بـيض كـأن متـونها إذا اطـردت أمـواههن مبارد
وخـطية ملـس البـطون كأنما أسنتها مـما شـحذن مناصـد
نطاعنكم عنـهم بهذي فأن نبـت عـواملـها مـلنا بتلك نجـالد
لعمر أبي الخطي ان عز نصركم عليـه فلم تعـزز علـيه القائد
من اللائي يدنين الخلي من الأسى ويتركن مثلوج الحشا وهو واجد
فـدونكـم آل النـبي فـرائـداً تـذلّ لها في سلكهـن الـفرائد
يـزيركمـوها من فـروع ربيعة فتى عرقت فيه الرجال الأماجد(1)
يمـدّ بضبـعيه إلى أمـد الـعلا إذا مـا انتمى جدّ كـريم ووالد
إذا شئت جاراني بمضمار مدحكم جوادان لا يشآهما الدهر طارد(2)
إذا ركضا كـان الـمصلي منهما الفتى حسن والسابق الفحل ماجد
هما أرضـعاني درة الرشد يافعاً فها أنـا ذا والحـمد لله راشـد(3)


(1) يزيركموها أي يهيئكم لها .
(2) يشآهما : يسابقهما .
(3) عن ديوانه المطبوع في طهران سنة 1373 هـ . تحقيق الخطيب السيد علي الهاشمي .
ادب الطف ـ الجزء الخامس76


الشيخ جعفر الخطي



هو العالم الفاضل أبو البحر شرف الدين الشيخ جعفر بن محمد بن حسن بن علي بن ناصر بن عبد الإمام العبدي من عبد القيس الخطي ، أحد المشاهير علامة فاضل من الصلحاء الأبرار وكان مع وفور تقواه أديب رقيق وشاعر مطبوع جزل اللفظ منسجم الأسلوب قوي العارضة من شعراء أوائل القرن الحادي عشر وأحد المعاصرين لمفخرة الشيعة الشيخ بهاء الدين العاملي ورد عليه في أصفهان خلال زيارته لثامن الأئمة علي بن موسى الرضا عليه السلام ومدحه بقصيدة عصماء وجاراه في رائيته في مدح صاحب الزمان سلام الله عليه حيث اقترح عليه ذلك فقال على البديهة وفي مجلس البهائي :
هي الدار تستسقيك مدمعها الجاري فسقياً فأجدى الدمع ما كان للدار
ولا تسـتضع دمعاً تـريق مصونه لعزته مـا بين نـؤي واحـجار
فأنت امرء بالأمس قد كنت جارها وللجار حق قد علمت على الجار

إلى آخرها وهي مماثلة لقصيدة البهائي التي مطلعها :
سرى البرق من نجد فجدد تذكاري عهود بحزوى والعذيب وذي قار

له من الآثار المنشورة بين الناس ديوان شعره المشهور .
قال يعتذر إلى الشريف أبي عبد الله بن عبد الرؤوف الحسيني العلوي حين أنكر منه ما كان يألفه من أنسه وعنايته وتوسم فيه المكافاة على ما يجن فقال يعتذر عن هذا الوهم وبعث بها اليه سنة 1019 :
يا سيداً عظمت موا قع فضـله عندي وجلّت
هذي مواهبك التي سقت الورى نهلا وعلت


ادب الطف ـ الجزء الخامس77


ما بالـها كـثـرت على غيـري وعـني اليوم قلت
لـم أدر أي خـطـيئـة عثرت بها قـدمي وزلـت
خطب لعمر أبي ، تضيـ ـق به السماء ومـا أظلت
والأرض تعجز عن تحمـ ـلها جـفـاك وما أقـلت
وسيوف عتـبك يا أعـز العـالميـن عـلـيّ سـُلت
أحـسيـن إنـي والـذي عنـت الـوجوه لـه وذلت
لعـلى الـوفاء كما علمـ ـتَ وان جفت نفس ومـلت
تربت يـد عـلقت بغيـ ـرك أو بفـضل سواك بُلت
هـذا وأن مـدت يـدي لســواك تـسألـه فـشُلت(1)

وقال عندما عبر البحر من قرية كتكان توبلي قاصداً قرية بوبهان(2) وذلك حالة الجزر ولما توسط معظم الماء وثب بعض السمك واسمه (السبيطي) نافراً في وجهه فشق وجنته اليمنى فنظم هذه القصيدة الغراء سنة 1019 هـ :
بـرغم العـوالي والمـهندة البتـر دمـاء أراقتـها سبـيطية البـحـر
ألا قد جنى بـحر البلاد وتـوبلى عليّ بمـا ضاقت بـه ساحـة البر
فويل بني شنّ ابن أقصى وما الذي رمته به أيدي الحـوادث مـن وتر
دم لم يرق من عهد نوح ولا جرى على حـدّ نـاب للعـدو ولا ظـفر
تحـامته اطـراف القنا وتعرضت له الحوت يا بؤس الحـوادث والدهر
لعـمر أبي الأيام ان بـاء صرفها بثار امـرئ من كل صـالحة مثري
فـلا غرو فالأيام بيـن صروفها وبين ذوي الأخطار حرب إلى الحشر
ألا أبلـغ الحيـين بـكراً وتغـلباً فـما الغوث إلا عند تـغلب أو بـكر


(1) عن أعيان الشيعة : ج 16 ص 202 .
(2) كتكان وبوبهان من قرى البحرين .
ادب الطف ـ الجزء الخامس78


أيـرضيكما أن امرءاً مـن بنـيكما وأي امـرئ للخـير يـدعى وللـشر
يـراق على غير الضـبا دم وجهه ويجـري على غير المـثقفة الـسمر
وتنـبو نيوب اللـيث عنه وينـثني أخـو الحوت عنـه دامي الفم والـثغر
ليقضي امرؤ من قصتي عجباً فمن يرد شرح هذا الحال ينـظر الى شعري
أنا الـرجل المشهور مـا من محلة مـن الأرض إلا قـد تخللـها ذكـري
فان أمسي في قطرمن الأرض إن لي بريد اشـتهار فـي مـناكبها يسـري
تولع بي صـرف القضاء ولـم تكن لتجـري صروف الدهر إلا على الحر
توجهت من (مري) ضـحى فكأنما توجـهت مـن مـري إلى العلقم المر
تلجلجت خـور القـريتين مشـمراً وشبـلي معي والـماء في أول الجزر
فما هـو إلا أن فـئـت بطـافـر من الحوت في وجهي ولا ضربة الفهر
لقد شق يمـنى وجـنتي بـنطـحة وقعت بها دامـي المحيا عـلى قطري
فخـيّل لـي أن السمـوات أطبـقت عليّ وأبصـرت الـكواكب في الظهر
وقمت كهـدي ندّ مـن يـد ذابـح وقـد بلـغت سـكّينة ثغـرة الـنحر
يطـوحني نـزف الـدماء كـأنني نـزيف طـلى مالت بـه نشوة الخمر
فمن لا مرئ لا يلبس الوشي قد غدا وراح مـوشّى الجيـب بالنقـط الحمر
ووافيت بـيتي ما رآني امـرؤ ولم يقل أوَ هـذا جـاء مـن ملتقى الـكر
فها هو قـد ألقى بـوجهي عـلامة كما اعترضت بـالطرس إعرابة الكسر
فان يمـح شيئاً مـن محـياي إثرها بمـقدار أخـذ المحو من صفحة البدر
فلا غرو فالبيض الـرقـاق أدلـها على العتـق ما لاحـت به سمة الاثر
وقل بعـد هـذا للسبيطية افخـري على سائر الشـجعان بالفتـكة الـبكر
وقل للضبا فيـئي اليك عـن الطِلا وللسمر لا تهـززن يوماً إلى الـصدر
فلـو همّ غير الـحوت بي لتـواثبت رجال يخوضـون الحمام إلى نصري
فـاما إذا مـا عـنّ ذاك ولم أكـن لأدرك ثاري منـه ما مـدّ في عمري


ادب الطف ـ الجزء الخامس79


فلست بمـولى الشعران لـم أزجّه بكل شـرود الذكر أعدى مـن العرّ
أضرعلى الأجفان من حادث العمى وأبلى على الآذان من عارض الوقر
يخاف على من يركب البحر شرها ولـيس بمأمـون على سـالك البر
تجـوس خلال البحر تطـفح تارة وترسو رسو الغيـص في طلب الدر
تـناول مـنه ما تعالى بســبحه وتـدرك دون القـعر مبـتدر القعر
لعمر أبي الخـطي ان بات ثـاره لذي غـير كفوٍ وهـو نادرة العصر
فثـار علي بات عـند ابـن ملجم وأعقـبه ثار الحسـين لـدى شمـر(1)

وترجم له المحبي في (خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر) ج 1 ص 483 وقال : ولما نظم القصيدة المعارضة لقصيدة الشيخ البهائي واطلع عليها البهائي قرضها تقريضاً حسناً ، ذكره في السلافة وذكر له بعض أشعاره أوردتُ منها قطعة في (النفخة) التي ذيلت بها على الريحانة ومطلعها (عاطنيها قبل ابتسام الصباح) . وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين وألف رحمه الله .

(1) عن ديوان الخطي .
ادب الطف ـ الجزء الخامس80


السيد ماجد بن هاشم البحراني
المتوفى 1028
بكى ولـيس على صـبر بمـعذورِ من قـد أطلّ عليه يـوم عاشـور
وان يـوماً رسـول الله سـاء بـه فابعـد الله عـنه قلـب مسـرور
أليّـة بالهـجان الـقـود حـامـلة شعثاً تهادى على الاقتاب والكـور
يـؤمّ مـكة يبغـي ربـح متـجره مـواصلاً بيـن تـرويح وتبكـير
ما طاف بي طـرب بعد الانيس ولا لاحت سماة سروري في أساريري
مـا للسرور وللـقنّ الـذي ذهـبت ساداتـه بيـن مسـموم ومنـحور
يا غيرة الله والـسادات مـن مضرٍ أولي البسـالة والاسـد المـغاوير
أسيـدٌ هاشـميّ بـعــد سيدكـم أحـق منـه بـإبـراز المذاخـير
أمسى بحـيث يحـل الضيم ساحته ويـبلغ العقد مـنه كـل مـوتور
يا حسرة قد أطالت في الحشا شغفي وقصّـرت في العزا عنه مقاديري
وا حسرتا لصـريع الموت محتضر قـد قلّبته يـد الـجرد المحـاضير
يا عـقر الله تـلك الصافنات بـما جنت فـما كـان أولاها تبـعـقير
كـأنه ماقـراها فـي الطـعان ولا أرخى الأعنـة عنها في المضامير
ولا سـماهـا بباع غـير منقـبض يوم الـوغى وجنان غـير مذعور


السابق السابق الفهرس التالي التالي