ادب الطف ـ الجزء الخامس81


من مبـلغنّ قـريشاً ان سـيدهـا ثـوى ثلاث ليال غـير مقبـور
من مـبلغنّ قـريشاً ان سيـدهـا تنحوه في القـفر زوار اليـعافير
قـومي الى ميّتٍ ما لفّ في كـفن يوماً ولا نـال مـن سدرٍ وكافور
تلك الدماء الزواكي السائلات على سمر اليعاسـيب والبيض المباتير
تلك الرؤوس أبـت إلا العلا فسمت على رفيع من الخرصان مشهور
كأنـه حيـن يسـوّد الـدجى علم سام تشـب لـه أنـوار مقـرور
تلك الطواهر لم يـضرب لها كلل ولا تمـد لهـا أطناب تـخـدير
كم فيهم من بني المختار من غرر مجـلـوّة ووجـوه كالدنـانـير
إذا تباكـين لم يفصحن عـن كمد إلا تـحدّر دمـع غيـر مـنزور
وان تـشاكين لـم يسمن داعيـة إلا تصـعّد أنـفـاس وتـزفـير
يا فجـعة أوسعت في قلب فاطمة الزهراء جرح مصاب غير مسبور
وان ذات خـمـار مـن عقـائلها تهـدى الى مستـفز العقل مخمور
بني أمـية قـد ضـلّت حلومـكم ضلال منغـمس في الغـيّ مغمور
أدوحـة قـد تفـيأتـم أظـلـّتها نلتم بـواسـق أعـلاهـا بـتكسير
بنـي أميـة لا نـامـت عيـونكم فثـمّ طـالب وتـر غيـر مـوتور
سمـعاً بني الحسب الوضاح مرثية يعـنو لها كـل منطيق ونـحـرير


ادب الطف ـ الجزء الخامس82


السيد ماجد ابن السيد هاشم العريضي الصادقي البحراني ، تلمذ عليه الفيض الكاشاني صاحب الوافي وآخرون من علماء البحرين الاعلام . من مؤلفاته الرسالة اليوسفية ، ورسالة في مقدمة الواجب وحواشي على المعالم ، وخلاصة الرجال ، والشرائع ، واثنى عشرية البهائي وغيرها .
توفي في 1028 هـ بشيراز ودفن بمشهد شاه جراغ . ترجم له في لؤلؤة البحرين وسلافة العصر وجاء في أنوار البدرين ص 85 في ترجمته ما يلي :
هو السيد العلامة الفهامة محرز قصب السبق في جميع الفضائل والمالات الكسبية والوهبية من بين فحول الأواخر والأوائل السيد ابو علي السيد ماجد ابن السيد العالم السيد هاشم ابن العريض الصادقي البحراني كان أوحد زمانه في العلوم أحفظ أهل عصره ، نادرة في الذكاء والفطنة وهو أول من نشر علم الحديث في دار العلم شيراز المحروسة وله مع علمائها مجالس عديدة ومقامات مشهورة أخبرني شيخنا الفقيه ببعضها وأقبل أهلها عليه إقبالاً شديداً وتلمذ عليه العلماء الأعيان مثل مولانا العلامة محمد محسن الكاشاني صاحب (الوافي) والشيخ الفقيه ذو المرتبة الرفيعة في الفضل والكمال الشيخ محمد بن حسن بن رجب البحراني والشيخ الفاضل المتبحر الشيخ محمد علي البحراني والشيخ زين الدين الشيخ علي بن سليمان البحراني والشيخ العلامة الأديب الخطيب الشيخ احمد بن عبد السلام البحراني والسيد العلامة السيد عبد الرضا البحراني والشيخ الفاضل الشيخ أحمد بن جعفر البحراني وغيرهم وخطب على منبر شيراز خطبتي الجمعة بديهة لما نسي تلميذه السيد الفاضل السيد عبد الرضا الخطبتين اللتين أنشأهما والقصة مذكورة في كتاب (سلافة العصر في محاسن الدهر) للسيد الفاضل السيد علي بن الميرزا أحمد وختمها بأبيات في غاية من البلاغة

ادب الطف ـ الجزء الخامس83


والجزالة وكان شيخنا العلامة معجباً كثيراً بقصيدته الرائية في مرثية الحسين (ع) سيد الشهداء التي مطلعها :
بكى وليس على صبر بمعذور من قد أطلّ عليه يوم عاشور

واجتمع في سنة بالعلامة الشيخ البهائي في دار السلطنة اصفهان المحروسة فأعجب به شيخنا البهائي حكى بعض مشائخنا انه سأل السيد عن مسألة بمحضر الشيخ فأوجز السيد الجواب تأدباً مع الشيخ فأنشد الشيخ (قدس الله سره) :
حمامة جرعا حومة الجند اسجعي فأنت بمرأى من سعاد ومسمع

فأطال السيد الكلام فاستحسنه الشيخ واستجاز منه الشيخ فكتب له اجاة طويلة تشتمل على تأدب عظيم في حقه وثناء جميل وتقريظ عظيم وقد وجدت الاجازة في خزانة بعض كتب الاعيان سنة 1103 ولولا ضيق المقام لنقلتها .
وللسيد (قدس سره) (الرسالة اليوسفية) جيدة جداً وعليها له حواشي مفيدة ورأيتها بخط تلميذه الفاضل الشيخ أحمد بن جعفر البحراني وقد قرأها عليه (قدس الله سره) في دار العلم شيراز وعليها الأنهاء والأجازة بخطه وله رسالة في مقدمة الواجب مليحة كثيرة الفوائد ورأيتها مرة واحدة في يد بعض الفضلاء في مجلس شيخنا سنة 1109 ولم يعطها صاحبها للاستنساخ ثم أنه مات فطلبتها من ورثته ففتشوا عنها ولم يروها ، وله حواشي على المعالم وحواشي متفرقة على خلاصة الرجال ورأيتها بخطه عند بعض الأصحاب وله حواشي على الشرائع وعلى اثني عشرية شيخنا البهائي وحواشي على كتابي الحديث وفي نسخة التهذيب التي عندي جملة منها وله فتاوى متفرقة جمعها بعض تلامذته وهي عندي وله رسالة سماها (سلاسل الحديد في تقييد أهل التقليد) ومنه أخذ العلامة السيد هاشم البحراني هذا الاسم فانتخب من شرح

ادب الطف ـ الجزء الخامس84


عز الدين ابن أبي الحديد كتاباً سماه (سلاسل الحديد في التقييد لأهل التقليد من كلام ابن أبي الحديد) ورأيت له (صورة وقف) تتضمن وقف الخان وموقوفاتها في غايةالبلاغة ونهاية البراعة رأيتها في يد السيد الأديب النجيب صاحبنا السيد عبد الرؤوف ابن السيد حسين الجدحفصي البحراني . توفي (قدس سره) بالليلة الحادية والعشرين من شهر رمضان بدار العلم شيراز سنة 1028 هـ انتهى كلام شيخنا العلامة الشيخ سليمان البحراني .
وهذه أبياته التي ارتجلها بعد خطبتي الجمعة :
نـاشـدتك الله إلا مـا نـظرت إلى صنيع ما ابتدأ الباري ومـا ابتدعا
تجـد صفـيح سـماء من زمـردة خضراً وفيها فريد الدر قد رصعا
ترى الـدراري يدانين الجـنوح فما يجدن غبّ السـرى عيّاً ولا ضلعا
والأرض طاشت ولـم تسكن فوقّرها بالراسيات التي من فوقـها وضعا
فقـرّ ساحتها مـن بعـدما إمتـنعا وانحط شامخـها من بعدما ارتفعا
وأرسل العـاديات المعـصرات لها فقهقهت ملء فيـها واكتست خلعا
هـذا ونفسك لـو أمّ الخبـير لـها لارتد عنها كليل الطرف وإرتدعا
وليس فـي الـعالم العلوي مـن أثر يحيـّر اللـب إلا فيك قـد جمعا

انتهى ، قال السيد في السلافة : وهذه الأبيات لو كانت عن رويّة لأفحمت مصاقع الرجال فكيف وهي عن بداهة وإرتجال ومن شعره في الموعظة :
طلعـت عليك المـنذرات البيضُ وأبيض منها الفاحم الممحوض
صرّحن عنـدك بالنذارة عنـدما لم يُغنـها الايماء والتعـريض
ست مضين وأربعون نصحن لي ولمثّلهن على التقى تحضـيض
وافى المشـيب مـطالباً بحـقوقه وعليّ من قبل الشباب قروض


ادب الطف ـ الجزء الخامس85


أيقـوم أقـوام بمسـنون الـصبا متوافراً ويـفوتني المـفـروض
لأحق هـذا قـد نهـضت به ولا أنا بالذي يبغي المـشيب نهوض
ان الشباب هـو المطار الى الصبا فإذا رماه الشيب فـهو مهـيض
بادرته خِلـس الصبا إذ لاح لـي بمفارق الفوديـن مـنه ومـيض
فمشى وحاز السبق إذ أنـا قارح جذع بمسـتن الـعذار ركـوض
واسودّ في نظر الكواعب منظري إذ سـوّدتـه الـنائبات البيـض
والليل محـبوب لـكل ضجـيعة تهـوى عناقَك والصباح بغـيض
عريت رواحل صبوتي من بعدما أعـيى المناخ بـهن والتـقويض
قد كنت أجمح في العنان فساسني وال يـذلل مصـعبي ويـروض
عبث الربـيع بلملتيّ وعـاث في تلك المـحاسن كلـهـن مقـيض
مـا دام طـرفك لا يصح فـإنما قلبي على الحدق المراض مريض

ومن شعره رحمه الله يحن الى الفه ووطنه حنين النحيب الى عطنه يقول :

ياساكني جـد حفص لا تخطـفكم ريب المـنون ولا نالتكم المـحن
ولا عدت زهرات الخصب واديكم ولا أغب ثـراه الـعارض الهتن
ما الدار عندي وان الفيـتها سكنا يرضاه قلبي لـولا الالف والسكن
مـالي بـكل بـلاد جئتها سـكن ولـي بكـل بلاد جـئتها وطـن
الدهـر شاطر مـا بيني وبيـنكم ظلما فكـان لكم روح ولـي بدن
مالي ومالك يـاورقاء لا انعطفت بك الغصون ولا استعلى بك الفنن
مثير شجوك اطراب صدحت بها ومصدر النوح مني الهم والحزن
وجيرتي لا اراهـم تحت مقدرتي يوما والفك تحت الكشح محتضن
هذا وكم لك مـن اشياء فزت بها عنـي وان لزنا في عولـه قرن

وقال وقد سمع مليحاً يقرأ على القبور ويتلو القرآن بنغم الزبور :
وتالٍ لآي الذكر قد وقفت بنا تلاوته بين الضلالة والرشد


ادب الطف ـ الجزء الخامس86


يلفظ يسوق الزاهدين الى الخنا ومعنى يسوق الفاسقين الى الزهد

وللسيد ماجد ابن السيد هاشم يرثي الحسين :
أمربع الطف طـوّفت المصـائب بي وصرت مني مكان النـار للحطب
يهواني الرزء حتى قلت مـن عجب بيني وبين الرزايا أقـرب الـنسب
لا كان جـيد مصابي عـاطلاً ولـه من الدمـوع عقود اللؤلؤ الرطـب
لا زال فيك ربوع الطف منـسحبـاً ذيل النسـيـم وبلّته يـد الـسحب
يا كربـلا أين أقـوام شرفـتِ بـهم وكنت فيهم مـكان الأفـق للشهب
أكربلا أيـن بدر قـد ذهــبتِ بـه حتى تحجّب تحت الأرض بالحجب
صدّقت فيك كلام الفيلـسوف بـأن البـدر يخسف مـن حيلولة الترب
كان الغمام علوما جمّـة وسـخـى روّويت مـن مائة المغدودق العذب
لله وقـعـتك الـسوداء كم سَتـرت بغيمها قـمراً مـن قـبل لـم يغب
أعجبت مـن حالك البرق اللموع فما تريـنه ضاحكاً إلا مـن العـجـب
لا غـرو إن خربت أفـلاكهـا فلقد فقـدن قطباً فهل تسري بـلا قطب
كـم شمس دجن لفـقد البدر كاسفة وكان منه سنـاها غيـر محـتجب
فكيف قـيل بأن الـبدر مكــتسب بالشمس نوراً وهـذا غـير مكتسب
* * *
لله من نائحـات بالطفوف فذي تدعو أخي ولديها من تقول أبي
كنت الزلال بـروداً للظماة فلم أشعلت قلبي بجمر منك ملتهب
لعلّ ذلك مـن لطف الخليقة إذ جمعتَ يا بدر بين الماء واللهب
بحرٌ تروّي العطاشا من جداوله حتى الصوارم يرويها من السغب(1)


(1) عن مجموعة الشيخ لطف الله بن علي التي كتبها بخطة سنة 1201 هـ .
ادب الطف ـ الجزء الخامس87


محمد بن الحسن بن زيد الدين الشهيد الثاني

المتوفى 1030
كيف ترقى دمـوع أهل الـولاء والحسين الشهيد في كربلاء
جـده المصطفى الأمـين عـلى الوحي من الله خاتم الأنبياء
وأبـوه أخــو النـبي عــلي آيـة الله سيـد الأوصيـاء
أمـه البضعـة البـتول أخـوه صفوة الأولياء والأصفـياء
ليت شعري ما عـذر عبد محب جامد الدمع ساكن الأحـشاء
وابن بنت النبي أضحى ذبـيحاً مستهـاماً مـرملاً بـالدماء
وحريـم الوصي في أسـر ذلّ فاقـدات الآبـاء والأبـناء
وعلـيٌ خـير الـعبـاد أسـير في قيود العدى حليف العناء
مثل هـذا جـزاء نصـح نبـيٍّ كـلّ عن نـعته لسان الثناء
أسس السـابقون بـيعة غـدر وبَـنى اللاحقون شـرّ بناء
واستـبدّوا بـإمـرة نصبوهـا شـركاً للأئـمة الــنجباء
منعـوا فاطـم البـتول تـراثاً مـن أبـيها بفاسـد الآراء
يا بني الوحي لا يخفـف وجداً نالـنا من شمـاتة الأعداء
غــير ذي الأمر نور وحي آله حـجة الله كاشف الغمـاء
لهف نفسي على زمان أرى فيه مـزيلاً لـدولة الأشقـياء
أتـرى يسمح الـزمان بـهـذا ويحوز الراجون خير رجاء(1)


(1) عن آمل الامل : للحر العاملي .
ادب الطف ـ الجزء الخامس88


الشيخ محمد بن الحسن بن زين الدين ـ الشهيد الثاني .



قال الحر العاملي في (أمل الآمل) .
الشيخ محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني علي بن احمد العاملي .
كان عالماً فاضلاً محققاً مدققاً متبحراً جامعاً كاملاً صالحاً ورعاً ثقة فقيهاً محدثاً متكلماً حافظاً شاعراً أديباً منشئاً جليل القدر عظيم الشأن حسن التقرير ، قرأ على أبيه وعلى السيد محمد بن علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي وعلى ميرزا احمد بن علي الاسترابادي وغيرهم من علماء عصره ، له كتب كثيرة منها : شرح تهذيب الأحكام ، وشرح الإستبصار ثلاث مجلدات في الطهارة والصلاة ، وحاشية على شرح اللمعة مجلدان الى كتاب الصلح ، وحاشية المعالم ، وحاشية أصول الكافي ، وحاشية أصول الفقيه ، وحاشية المختلف وشرح الإثنى عشرية لأبيه ، وحاشية المدارك ، وحاشية المطول وكتاب روضة الخواطر ونزهة النواظر ثلاث مجلدات ، ورسالة في تزكية الراوي ، ورسالة التسليم في الصلاة ، ورسالة للتسبيح والفاتحة فيما عدا الأوليين وترجيح التسبيح ، وكتاب مشتمل على مسائل وأحاديث ، وكتاب مشتمل على مسائل جمعها من كتب شتى ، وحاشية كتاب الرجال لميرزا محمد ، وديوان شعره ، ورسالة سماها تحفة الدهر في مناظرة الغنى والفقر ، وغير ذلك . وله شعر حسن .
ثم قال : أروي عن عمي الشيخ علي بن محمد بن علي الحر وعن خال والدي الشيخ علي بن محمد العاملي وعن ولده الشيخ زين الدين وغيرهم عنه .
وقد ذكره ولده الشيخ علي في كتاب الدر المنثور في الجزء الثاني فقال : كان عالماً عاملاً وفاضلاً كاملاً وورعاً عادلاً وطاهراً زكياً وعابداً تقياً وزاهداً مرضيّاً ، يفرّ من الدنيا وأهلها ويتجنب الشبهات ، جيد الحفظ والذكاء

ادب الطف ـ الجزء الخامس89


والفكر والتدقيق ، كانت أفعاله منوطة بقصد القربة . صرف عمره في التصنيف والعبادة والتدريس والاافدة والاستفادة ... وأطال في مدحته وذكر من قرأ عليهم ، وانتقاله الى كربلاء والى مكة ، وغير ذلك من أحواله ، وقد ذكر مؤلفاته السابقة وجملة من شعره ، ومنه قصيدة في مرثية السيد محمد بن أبي الحسن العاملي وقصيدة في مدحه ، ومنها قوله :
يا خليليّ باللـطيف الخبير وبودّ أضحى لم في الضمير
خصصا بالثنا إماماً جليلاً وخليلاً أضحى عديم النضير

وقوله من قصيدة :
ما لفؤادي مـدى بقائي قد صار وقفاً على العناء
وما لجسمي حليف سقم بدابه اليأس مـن شفائي

وأورد له قصائد طويلة بتمامها منها هاتان القصيدتان والسابقتان .
وقال الشيخ القمي في الكنى عندما ذكر ترجمة والده الشهيد الثاني ما نصه : وخلفه في كل مزيّة له فاضلة ابنه الشيخ محمد بن الحسن العالم الفاضل المحقق المدقق المتبحّر الثقة الجليل القدر الذي بلغ أقصى درجة الورع والفضل والفهم صاحب المصنفات الكثيرة .
اقول وعدد مصنفاته كما ذكرنا ، وترجم له الشيخ الأميني في (شهداء الفضيلة) عندما ذكر جده الشهيد الثاني فقال : ولد رحمه الله يوم الاثنين العاشر من شعبان سنة 980 وتوفى سنة 1030 بمكة المعظمة وهو ابن خمسين سنة وثالثة أشهر ودفن بها .
اقول كما ترجم له السيد الأمين في الأعيان ولكنه مرّ عليه مرّ الكرام فاكتفى بخمسة اسطر فقط . وترجم له الخوانساري في روضات الجنات ترجمة مفصلة ، وجاء ذكره في خاتمة المستدرك على الوسائل في موارد عديدة ، وترجم له سيدنا الحجة السيد حسن الصدر في تكملة امل الآمل .

ادب الطف ـ الجزء الخامس90


الشيخ محمود الطريحي
يرثي الحسين (ع)

ذكرها ابن أخيه الشيخ فخر الدين في (المنتخب) :
هجـوعي وتلـذاذي علـيّ محـرمُ اذا هـلّ في دور الشهور محرّمُ
أجـدد حـزنـاً لا يـزال مجـدداً ولي مـدمع هـام همـول مسجّم
وأبكي علـى الأطهار من آل هاشم وما ظفرت أيدي أولي البغي منهم
هم العروة الوثقى هـم معدن التقى هم الشرف السامي ونور الهدى هم
هم العترة الداعي الـى الرشد حبهم ينـبئنا فـيه الـكتـاب المـعظم
بهم نطقت مـدحاً مـن الله هل أتى وطـه ويـس وعــمّ ومـريـم
يعزّ على المـختار والطـهر حيدر وفاطـمة الزهـراء رزءٌ معـظم
وأقبـلت الأعـداء من كل جـانب على الظلم واشتـاقت اليهـم جهنم
رأت زينب صدر الحسين مرضضا فصاحت ونار الحزن بالقلب تضرم
أخـي هذه النسـوان بعـدك ضيّعٌ أخـي هـذه الأطـفال بعـدك يُتّم

وفي آخرها يقول :
فيا عترة الهادي خذوها بمدحكم خـدلّجةً كالدر حين يُنظّم
تـزفّ اليكم كل شهر مـحرّم يتوق اليها الشاعر المترنم
مديحاً لمحمود الطريحي عبدكم مـودته في حبكم لا تكتّم

وهي 65 بيتاً .

ادب الطف ـ الجزء الخامس91


الشيخ محمود الطريحي

كان حياً سنة 1030
هو الشيخ محمود بن احمد بن علي بن احمد بن طريح بن خفاجي بن فياض ابن حيمة بن خميس بن جمعة المسلمي الشهير بالطريحي ، ومن أعلام هذه الاسرة التي رسخت قواعدها في هذا البلد منذ قرون عديدة .
وكما يظهر من نظم المترجم له أنه غير عالم كما لم نقف على ذكر له بين طبقات العلماء وفي كتب الرجال ، غير أن الشيخ فخر الدين ذكر له في المنتخب عدة قصائد وهي من النوع الذي لم يرتفع سبكه ، وإنما يصور لنا أن المترجم له قويّ العقيدة ذائب في حب آل البيت (ع) وقد وقفت على شعر له في بعض المجاميع وهو مما لم يذكر في المنتخب . ذكره الاستاذ عبد المولى الطريحي في كتابه (أعلام الأسرة) وسجّل له بعض الشعر الذي حصّل عليه من مختلف المجاميع ومنه قوله مخمساً ، والأصل للشاعر محمد بن المتريض البغدادي في مدح الامام علي (ع) قوله :
رعى الله ليلة بـتنا سهارى خلعنا بحب العـذارى العذارا
فلما رسى البدر والنجم غارا أماطت ذوات الخمار الخمارا
فـصيرت الليل منها نهـارا
وكـنّ بجنح دجـى أدعـج فبعض الى بعضـنا ملتجـي
فقـامت بسـاقٍ لهـا مدمج وجـاءت تشمـر عن أبلـج
كمـا طلع البدر حين استنـارا
تبـدت بـنـور لهـا لائح بوجـه لبدر الـدجى فاضـح
وخـدٍ بمـاء الحيـا ناضح وتبسـم عـن أشلب واضـح
كـزهر الاقاح اذا ما استنـارا


ادب الطف ـ الجزء الخامس92


وبي غـادة رنـحتـه قدّهـا حميـا الصبـا ونفت صدهـا
وقـد صبغت مـقلتي خدهـا فلـم أنـس مجلسنا عنـدهـا
جلسنا صحاوى وقمنا سكارى
نعمنـا على الروض دون الانام بتلك الربـوع وتـلك الخيـام
ولـم ترنـا إذ هجـرنا المـنام تميل بـنـا عذبـات المـدام
فنحن نميس كـلانـا حيارى
ولله مـجـلسـنـا بـاللـوى لكل المنى والهوى قد حـوى
اذا انتبهت من رسيس الجـوى وقامت وقد عـاث فينا الهوى
تستّـر بـالعَنَـم الجـُلنـارا
ومنها :
امام لـه اختـص رب السما وفي يده الحوض يوم الظما
ومأوى الطريد وحامي الحما أبى أن يبـاح حمـاه كـما
أبى إذ يلاقي الحروب الفرارا
إمـام تحـنّ المـطايا الـيه وتشكو الذنوب البرايـا اليه
أرجّي غـداً شربة من يديـه ولسـت أعـوّلُ إلا عـليه
ولا غيره في البَلا يستجارا
وما خـاب من يشتكي حالـه لمنه في الوصيـة أوصى لـه
إله السـمـا وارتـضاها لـه وان الـذي نـاط أثـقـالـه
به قلّهـا ووقاها العثـارا(1)

اقول وفي (تاريخ الاسرة الطريحية) مخطوط البحاثة المعاصر الشيخ عبد المولى الطريحي ، قال : هو العالم الفقيه والشاعر المعروف في عصره الشيخ

(1) عن شعراء الغري ج 11 ص 181 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس93


محمود بن الشيخ احمد عالم من علماء القرن الحادي شعر وفقيه معروف اشتهر بعلمه وفضله وتقواه وهو والد الشيخ محي الدين الذي ذكره صاحب السلاقة كما ذكره قبله صاحب امل الآمل ، ورياض العلماء لميرزا عبد الله افندي . أما ولادته ووفاته فلم نتوفق لضبطهما سوى أنه كان من رجال القرن الحادي عشر .
وله من قصيدة يرثي بها الامام الحسين (ع) قوله :
صبّ يفصل من عناه المجملا إذ لم يجد مما عناه تحملا
حرق المصاب فؤاده فتبادرت عبراته فهو الكئيب المبتلى(1)

وترجم له صاحب (ماضي النجف) في الجزء الثاني فقال : كان يتعاطى حرفة الصاغة كما يظهر من شعره ، وهو محمود بن احمد الطريحي اخو محمد علي والد الشيخ فخر الدين ووالد الشيخ محي الدين المترجم في نشوة السلافة .
شعره يدل على رسوخ عقيدة وحسن سريرة فهو من المخلصين والموالين لأهل البيت له شعر كثير في مجموع الشيخ الجليل الشيخ راضي آل ياسين .

(1) القصيدة بكاملها وهي 65 بيتاً في مخطوطة الشيخ حسان الربعي المتوفى سنة 1198 هـ .
ادب الطف ـ الجزء الخامس94


الشيخ البهائي

المتوفى 1031

قال يرثي الحسين عليه السلام :
مصابك يا مولاي أورث حرقة وأمطر من أجفاننا هـاطل المزنِ
فلو لم يكن رب السماء مـنزّها عن الحزن قلنا انه لك في الحزن


عن منن الرحمن في شرح وسيلة الفوز والامان في مدح صاحب العصر والزمان للشيخ جعفر النقدي ج 1 ص 30 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس95


بهاء الدين العاملي



هو شيخ الفقهاء وأستاذ الحكماء ورئيس الأدباء محمد بن الحسين المعروف ببهاء الدين العاملي ، ساح ثلاثين سنة وأتاه ربه كل حسنة .
قال صاحب أعلام العرب ما نصه : بهاء الدين محمد بن عز الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي صاحب التصانيف والتحقيقات وأحد جهابذة العلم وعباقرته ونوابغ العلم وأفذاذه في العلوم والفنون .
ولد ببعلبك سنة 953 هـ وانتقل به أبوه الى فارس وأخذ عن والده وغيره من علماء كثيرين حتى أذعن له كل مناظر ومنابذ فلما اشتد كاهله وصفت من العلم مناهله ولي بها مشيخة الاسلام ثم رغب في السياحة ومحالفة الأسفار فحج وزار قبر النبي (ص) وقضى نحو ثلاثين سنة في الأسفار : واجتمع في أثناء ذلك بكثير من أهل الفضل والعلم ، ومن البلاد التي جابها مصر وألّف بها كتاب الكشكول المشهور ، وكان مدة إقامته بمصر يجتمع بالعلامة محمد بن أبي الحسن البكري وكان البكري يبالغ في تعظيم البهائي فقال له البهائي مرة : يا مولانا أنا درويش فقير كيف تعظمنا هذا التعظيم ؟» فأجابه البكري : شممت منك رائحة الفضل .. ثم قدم القدس فكان فيها مبخلاً مقدراً ودرس هناك ثم سار الى دمشق ونزل هناك واجتمع به الحافظ الحسيني الكربلائي القزويني نزيل دمشق صاحب الروضات والحسن البوريني العلامة الكبير وقد طار البوريني إعجاباً به وإكباراً له بعد أن عرفه وكان يسمع به وذهب الى حلب وهناك توارد عليه أهل جبل عامل أفواجا أفواجا وذلك في زمن السلطان مراد بن سليم وهو في كل ذلك متكتم متنكّر يحاول إخفاء أمره ثم خرج من حلب مسرعاً واستقرّ أخيراً في اصفهان في حاشية الشاه عباس

ادب الطف ـ الجزء الخامس96


وغالت الدولة في قيمته في عهد الشاه فكان لا يفارق السلطان سفراً وحضراً وقصدته علماء الامصار وكانت له دار مشيّدة البناء رحبة الفِناء يلجأ إليها الأيتام والفقراء فيقوم بالانفاق عليهم مع تمسّك من التقى بالعروة الوثقى وهو في كل ذلك يرجو أن يعود الى سياحته فلم تسمح له الايام حتى توفي سنة 1031 في 12 شوال بأصفهان ونقل الى طوس فدفن بها في داره قريباً من الحضرة الرضوية .
قال المحبي في الخلاصة : «... وهو أحق من كل حقيق بذكر أخباره ونشر مزاياه واتحاف العالم بفضائله وبدائعه وكان أمة مستقلة في الأخذ بأطراف العلوم والتضلّع بدقائق الفنون وما أظن الزمان سمح بمثله ولا جاد بندّه .» وقد ألّف مؤلفات جليلة في التفسير والحديث والفقه وأصول الدين والفلك والحساب واللغة وغيرها ومؤلفات بالعشرات في سائر أنواع العلوم والفنون ، ومن هذه المؤلفات .
1 ـ الكشكول : وهو كتاب مشهور طبع في مصر وايران مراراً ويعدّ من الكتب المهمة فيما احتواه من نبذ في علوم مختلفة حتى الهندسة والجبر والنجوم والطب والاحصاء وفيه شذرات من التاريخ والشعر والأمثال والعلوم الاسلامية والابحاث الفلسفية والتصوف وعلم الكلام وما وراء الطبيعة وغير ذلك وقد طبع أخيراً في مصر ـ دار احياء الكتب العربية للحلبي بتحقيق طاهر أحمد الزاوي سنة 1380 / 1961 في مجلدين الاول في 464 ص والثاني في 502 ص عدا الفهارس . ثم في بيروت بمطابع الوطن ـ دون تاريخ ـ في خمسة أجزاء بمجلد واحد محذوفة منه الاشعار والعبارات الفارسية !!
2 ـ شرح (او تعليقات) على كتاب (من لا يحضره الفقيه) أحد الاصول الاربعة التي عليها معتمد الامامية : قال البهائي في مقدمة هذا الشرح : «.. هذا ما لم يعق عنه عوائق الزمان ولم تصد عن تحريره علائق

السابق السابق الفهرس التالي التالي