ادب الطف ـ الجزء الخامس52


سـر الـينا فـلا إمـام نـراه يهتدي مجمع الورى بـهداه
غيرك اليوم يا بن مَن فرض الله علـى سائـر الانـام ولاه
كـن الـينا مـسارعـا فعلـينا حين تأتي جميع مـا تهواه
فـأتى مسـرعـاً اليهـم فـلما عايـنوه وعـنـده اقـرباه
أعرضوا عن وداده ، ثـم أبدى منهـم الحـقد مَن له اخفاه
فتحامـت اليه اخـوان صـدق رغبة في قتال من عـاداه
بـذلوا دونـه النفـوس اختياراً للمنايا وجاهـدوا في رضاه
ما ونوا ساعة الـى أن أبـيدوا للمـنايا ولم يـعـد إلا هو
تارة بـالطعـان يحمي وطوراً بالحسام الصقيل يحمي حماه
إذ رمـاه الاشقى خـوّلى بسهم وهو عن ذاك غافل لا يراه
وعـلاه اللعـين اعـنى سـنانا طعنة بالسنان شـلّت يـداه
فبكـت من فعالـه الأنس والجن ومـن حـلّ في رفيع سماه
وبكى البـيت والمـقام ونـادى مذهـب الحـق آه واويـلا
وغـدا الدين بعـد هـذا حزينا وعليـه الـزمان شق رداه
وتـولى الجـواد يبـكي عليـه اسفا وهـو بالبكـا ينـعاه
ورأت زينب اخاها على الارض صـريعـا معـفراً بـدماه
ثـاويـاً بالـعرا قـتيلا سليـبا عاريا مـن قمـيصه ورداه
لهـف نفسي علـى بنات حسين حـاسـرات يصحن وآجداه
* * *
يا بني المصطفى السلام عليكم ما أضا الصبح واستنار ضياه
انتم صفوة العـليّ مـن الخلق جمــيعاً وأنـتـم أُمـنـاه
انـتم المنـهج القـويم وانـتم يا بنـي احـمد مـنار هداه
انتـم حبله المتـين فـطوبـى لمـحبّ تـمـسكتـه يـداه


ادب الطف ـ الجزء الخامس53


واذا ما ابـو الحسين ارتـجاكم حـاش لله أن يخـيب رجـاه
ابن ابي سعد مخلص الود فيكم في غـد يـرتجيـكم شفعـاه
ويرجّى الخلود في جـنّة الخلد وان تصفـحوا له عـن جناه
وعليكم مـن ربكـم صلـوات ليس يحصى عظيـمها إلا هو
ما دعى الله مخلص حين صلّى فـي منام ومـا استجيب دعاه(1)

الشيخ عبد المنعم بن الحاج محمد الجد حفصي البحراني :
جيا مرابـع سعـدى واكف الديم وجـادهـا كـل هطـال ومنسجـم
بحيث تلقى ومن وشي الربيع لها بـرد تـدلى عـلى الكثبان والاكـم
مرابـع طالما جررت مطرف لذا تـي بهـا رافـلا في اجزل النعـم
لا غرو إن صروف الدهر مولعة دابا بحرب اولي الإفـضال والـكرم
ألا تـرى انـها دارت دوائـرها على بني المصطفى المبعوث في الامم
فكم لهم من مصاب جـلّ موقعه ولا كـرزء الـحسين السـيد العـلم
تعودت بيضهم ان ليس تـغمد في غـمد سوى معـقد الهـامات والقمم
اكرم بهم من اناس عـز مشبههم فاقوا الورى في السجـايا الغر والشيم
يسطو بابيـض ما زالت مضاربه والموت فـي رقن في كـل مصطدم
إليـّة بيمين مـنه مـا بـرحـت حتف العـدى وسحاب الـجود والنعم
ما خـلت مـن قـبله فرداً تكنّفه عرمـرم وهـو يـبدي سنّ مـبتسم
يـا راكباً يقـطع البيـداء مجتهداً فـي السير لـم يلو من عيّ ولا سأم
عرج على يثرب واقر السلام على محـمد خـير خـلـق الله كـلهـم
وقل له هل علمت اليوم مـا فعلت امـية بـالحسيـن الـطاهر الشيـم
والسيد الطـهر زين العابدين لـقد امسـى اسـيراً يعاني شـدة السقم(2)


(1) معدن البكاء في مصيبة خامس آل العباء تأليف محمد صالح البرغاني مخطوط .
(2) أعيان الشيعة ج 39 ص 167 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس54


للسيد عبد الحميد رحمه الله تعالى رواها الشيخ فخر الدين الطريحي المتوفى سنة 1085 في (المنتخب) ويظهر في آخر القصيدة انه ابن عبد الحميد :
عـزّ صبري وعـزّ يوم التلاق آه واحــسرتـا مـما أُلاقـي
ارقتني مـذ فـارقتـني أحبابي بـرغمي غـداة يـوم الفـراق
وفؤادي أضـحى غـريم غرام واصـطباري نأى ووجدي باق
نار حزني تشبّ بين ضلوعـي ودمـوعي تفـيض مـن آماقي
وازيـد الحـزن الشـديد لرزء السبط سبط الراقي لظهر البراق
قتلوه ظلـما ولـم يرقبـوا فيه لعـمـري وصـيـة الخـلاق
لست أنسـاه يـوم ظـلّ ينادي القـوم يا عصبة الخنا والشقاق
هل علمتم بـأن جدي رسول الله خـيــر الأنـام بـالاطـلاق
وعلي أبـي الـذي كسر الأصـ ـنام قـسراً وفي القيامة ساقي
والبـتول الزهـراء فـاطم امي ثم عمي الطيار في الخـلد راق
هـل مغـيث يغـيـثنا وعـلينا الاجر يوم المحيا ويـوم التلاق
فأجـابـوه قد علمـنا الذي قلتَ وما انـت بعـد ذا اليوم بـاق
فغـدا للـقتال لا يختشي الموت لعـمري والمـوت مـرّ المذاق
يورد السمر والضبا في الاعادي فـيرويـهــما دم الأعـنـاق
فاحـاطـوا بـه فـأردوه لـما عـزّ انصاره وقـتـل الـباقي
ثـم علـّوا كـريمه فـوق رمح وهو يبدو كـالبدر فـي الاشراق
وغـدت زينب تنـادي بشـجو يـا اخـي يـا قتيل اهـل النفاق
وعلـي السـجاد يرفل في القيد عليلاً مضـنى شـديـد الـوثاق
* * *
يا بن بنت الرسول يا غاية المأمول يا عدتي غداً للتلاق
ابن عبد الحمـيد عبدك ما زال محباً لكـم بـغير نفاق


ادب الطف ـ الجزء الخامس55


ان تفت نصرتي لكم واقتحامي دونك الموت عند ضيق الخناق
لم تفت لوعتي وطـول حنيني واكـتئابي وحرقتـي واشتياقي
ومقامي على الكـئابة والأحـ ـزان بـاكٍ بمـدمع مهـراق

وللشيخ علي بن عبد الحميد رحمه الله تعالى رواها الشيخ فخر الدين الطريحي في (المنتخب) :
أيحـسن مـن بعـد الفـراق سـرورُ وكيف وعيـشي بعد ذاك مريرُ
تنـكّرت الأيـام مـن بـعد بُـعدهـم فعيني عـبري والفـؤاد كسير
يقول عـذولـي أيـن صـبرك إنـنا عهدناك لا تخشى وأنت صبور
تـروح علـيك الـنائـبات وتغـتدي وما أنت مـما يعتريك ضجور
اذا ما عرى الخطب المهول وأصبحت لـه نوبٌ أمـواجـهنّ تـمور
لبست لـه الصـبر الجمـيل ذريـعة فقلبك مـرتاح وأنـت قـرير
فـأيُّ مــصاب هـدركنـك وقعـه فقلـبك فـيه حـرقة وزفيـر
لحـا الله عـذالـي أمـا علـموا الذي عرانـي ومـم الدمع ظلّ يفور
أأنسى مصاب السبـط نفـسي له الفدا مصاب له قتل النفوس حقـير
أبـى الذلّ لـمـا حاولوا مـنه بيـعة وان حسـيناً بالآبـاء جـدير
وراح الـى الـبيت الـحرام يـؤمـّه بعزم شديد ليـس فيه قصـور
فـجاءته كتـب الغـادريـن بعـهده ان أقـدم الينا فالنصير كثـيرُ
وفي آخرها :
أيا آل طـه والحواميم والنسا ومَن بهم يرجـو النـجاة أسير
عليٌ فتى عبد الحميد بمدحكم طروب بكم يوم الحساب قرير
بحبكم يعـلو على قـمم العلا وأنتم لـه يـوم القـيامة نور
منحتكم مدحي رجـاء شفاعة لدى الحشر والراجي لذاك كثير


ادب الطف ـ الجزء الخامس56


خذوها قصيداً يخجل الشمس نورها ويعـجز عنها جرول وجـرير
إذا عبـقت بـين الملا بمـديحكم تضـوّع منـها منـدل وعبـير
عليكم سـلام الله مـا لاح بـارق وما غرّدت فوق الغصون طيور

وقال السيد علي بن جعفر يرثي الحسين (ع) :
ألا مَـن لقلب لا يطاوعـه صبرُ كثيب من الأحزان خالطه الـفكر
وجـفن قريح لا يملّ مـن البـكا تجدد حـزني كلما أقبـل العشر
على فقد سبط المصطفى ومصابه فدمعي له سكـب وقـلبي به حرّ
فلـهفي لـه لـما سرى بنـسائه وحادي الفنا يدعـو القصر العمر
وزينب من فرط الأسى تكثر البكا تقول أخي مَن لي إذا نابني الدهر
فيانكـبة هـدّت قـوى دين أحمد وعظم مصاب في القلوب به سعر(1)

وقال السيد علي بن جعفر عليه الرحمة يرثي الحسين رواها الشيخ عبد الوهاب الطريحي في منتخبه المخطوط بخطه سنة 1076 :
فؤاد لفرط الحزن قد عَدم الصبرا تجرّع في البلوى بكاس الردى صبرا
وقلب كثـيب لا لتـذكار جيـرة تناؤا وقـد أضـحت منازلـهم قفرا
ولـكن لتذكـار القتيل اذا اغتدى طـريحاً من الاعداء يستنجد النصرا

للشيخ صالح بن عبد الوهاب رواها الشيخ فخر الدين الطريحي في (المنتخب) :
نوحوا أيا شيعة المولى أبي حسن على الحسين غريب الدار والوطن
وابكوا عليه طريحاً بالطفوف على الرمضاء مختضب الاوداج والذقن
وابكوا بنات رسـول الله بين بني اللئام يشهرن فـي الامصار والمدنِ


(1) عن المنتخب للشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ محمد علي الطريحي النجفي المسلمي كتبه سنة 1076 .
ادب الطف ـ الجزء الخامس57


والطهر فاطمة الـصغرى تنوح على الحسين نوح كئيب القلب ذي شجن
يا ليت عيني قبـل الآن قـد عميت وليتني قبل هـذا اليوم لـم أكـن
وام كـلثوم تـدعـو وهـي باكـية بمدمع هـامـل كالعـارض الهتن
أيا ابـن امي قـد اورثـتني كـمداً أرهـى فـؤادي وأبـلاني وأنحلني
أخـي أخـي يابن أمي يا حسين لقد تجددت لـي أحـزان علـى حزن
يا ليـت عيـن رسـول الله ناظـرة إلـيّ والفـاجر الملـعون يـسلبني

للشيخ حسن النحي رواها الشيخ عبد الوهاب الطريحي في منتخبه المخطوط بخطه سنة 1076 . أما الشيخ فخر الدين الطريحي فقد ذكرها في (المنتخب) وقال : الشيخ حسن النجفي رحمه الله .
لمصاب الكـريـم زاد شـجوني فاعذلوني أو شئتم فـاعذروني
كـيف لا أنـدب الـكريم بجفن مقـرح بالبكا وقـلب حـزين
يا لهـا من محـاجـر هـاميات بخلّت وابـل الغـمام الهتـون
وجفـون إن أصبح الماء غـوراً من بكاهـا جاءت بـماء معين
لقتيل بكت لـه الـجـن والإنس وسكـان سهـلـها والـحزون
لهـف قلبـي عليه وهـو جديل فوق وجه الصعيد دامي الجبين
لهـف قلبي لزينب وهـي تبكي وتنـادي مـن قلبها المحزون
يا أخي يـا مؤمـلي يا رجـائي يا منائي يـا مسعدي يا معيني
كنــت أمناً للـخائفيـن ويُمناً للبرايا فـي كـل وقت وحين
يا هـلالاً لـما اسـتتم ضيـاء غيبته بالـطف أيـدي المنون
* * *
آل طه يا من بهـم يغفر الله ذنوبي ومـا جنته يميني
لا أبـالي وإن تعـاظم ذنبي يوم بعثي لكن يقيني يقيني
كل عزي بين الأنام وفخري يوم حشري بانكم تقبلوني


ادب الطف ـ الجزء الخامس58


بعتكم مهـجتي ببـيع صحيح عن تراضي ولست بالمغبون
أنتـم لا ســواكـُم وإليـكم لا الى غيركم تسـاق ظعوني
لا أبـالي إذا حضـيت لديكم قربوني الأنـام أو أبعـدوني
سـوف اصفيكم الوداد بـقلب ولـسان كالصـارم المسنون
وإليكم من عندكم حسن النحي قصـيداً تزهـو كدرّ ثمـين
بكـر نظم لها القـبول صداق فاقبلوها يا سادتي وارحموني
وعليكم مـن الإلـه صـلاة كلمـا ناح طائر في الغصون


ادب الطف ـ الجزء الخامس59


القرن الحادي عشر
الوفاة
السيد عبد الرؤف الجد حفصي 1006
عمر بن عبد الوهاب العرضي الشافعي 1024
الشيخ جعفر الخطي 1028
السيد ماجد ابن السيد هاشم البحراني 1028
الشيخ محمد بن الحسن بن زين الدين ـ الشهيد الثاني 1030
الشيخ محمود الطريحي 1030
الشيخ البهائي 1031
الشيخ محمد علي الطريحي 1036
الشيخ زين الدين بن محمد ـ حفيد الشهيد الثاني 1064
ابن جمال 1072
الشيخ فخر الدين الطريحي 1085
الشيخ عبد الوهاب الطريحي القرن الحادي عشر
السيد معتوق الموسوي 1087
السيد علي خان المشعشعي 1088
الحاج مؤمن الجزائري الشيرازي القرن الحادي عشر
السيد نعمان الأعرجي القرن الحادي عشر
الشيخ أحمد بن خاتون العاملي العيثاني القرن الحادي عشر
الشيخ محمد بن السمين الحلي القرن الحادي عشر
محمد بن نفيع الحلي القرن الحادي عشر


ادب الطف ـ الجزء الخامس60




ادب الطف ـ الجزء الخامس61


السيد عبد الرؤف الجدحفصي

المتوفى 1006
إلى كـم تطيل النوح حـول المرابع وتـذري على الـدارات درّ المدامع
وتنـدب رسماً قـد محته يـد البلى وتشجيك آثـار الطـلول البــلاقع
وتقضي غـراما عند تذكار رامـة لأرام أنـسٍ فـي القـلوب رواتـع
وتحيى إذا هبـّت مـن الحي نسمة وتهفوا لتغريـد الحـمام الـسواجع
أما آن أن تصـحو وقد حال حالك وبـدّلته قسـراً بأبـيـض نـاصع
ومـالك شغل عـن تـذكّر بـارق ببـارق شيـب مـن قـذالك لامع
فهب أنّ سلمى بعد قطـعك راجعت أيجديك نفعاً والصبا غـير راجـع
وخـذ قبل أن تحـتاج زاداً مبلـّغاً الى سـفـر جمّ المهـالك شاسـع
ولا تأمن الـدهر الخـؤن فشـهده مشابٌ بـسمّ نافـذ السـهم نـاقع
فكم غرّغراً بالمـبادي ومـا درت مطالعـه مـاذا تـرى في المقاطع
ولا تكـترث بالحادثات ووقعـها فما فـي ضمان الله ليـس بضائع
وفوّض لـرب العرش أمـرك كله ووجه لـما يوليـكه نفـس قـانع
ووال خـتـام المـرسـلين وآلـه لتسعى بنـور عـن يمـينك ساطع
فإن حـدتَ عنهم او علقت بغيرهم هلكت ، وهـل يشأى الظليع بظالع
هم أمنـاء الله في هـل أتـى أتى مـديحهم بالـنص غيـر مـدافع
براهين فضل قد خلت من معارض وآيات فصل قد علت عن مضارع


ادب الطف ـ الجزء الخامس62


لـربهم عـافوا الـرقاد فـأصبحت جنوبهم تـأبى وصـال المضاجـع
بهـم أشرق الـدين الحنيفي غبّ ما دجى وتجـلّت مبهـمات الشرائـع
لقد جـاهـدوا في الله حـق جهاده وردوا حسيراً طــرف كل منازع
فلما قضى المخـتار عـاثت بشملهم على رغم أنـف الدين أيدي الفجائع
وسـددت الأعـداء نـحـو قبـيله سهـام ذحـول عـن قسيّ خـدائع
ونالت رءوس الكفر منهم فلم تـدع لهـم في فجاج الأرض مقلة هاجع
فهم بين مـن بيتزّ بالقهـر إرثهـا ومـن بـين متـبوع يـقاد لـتابع
ومن بين مخـذول رأى رأي عـينه خلاف الموالي وانـحراف الـمبايع
ومما شـجى قلبي وأغرى بي الأسى وأفنى اصطباري ذكر كبرى الوقائع
هـي الوقعة الكبرى التي كل سامع لها ودّ لو سـدّت خـروق المسامع
غـداة دعـت سبـط النبي عصابة بـأن سر وعـجّل بالقدوم وسارع
وجـاءت إليه كتبـهم وقـد انطوت على إحنٍ طـيّ الحشـى والأضالع
بنفـسي الحسين الطهر يسعى اليهم بأهلـيه لا يـثني عـزيـمة راجع
وتصحبه من صحبـه الـغر سادة لهم في قـران الفـوز أسعـد طالع
فديتهم لـما أتـوا أرض كـربـلا وضاق بهم من سبلها كـل واسـع
فـديتهم لمـا أتى القـوم نحوهـم وسدوا عليهـم كـل نهـج وشارع
فـديتهم لـما أحاطـوا بـرحلـهم وردّوهـم عـن وردماء الشرائـع
لعمري لقد فازوا وحـازوا مـراتباً تقهقر عـن ادراكـها كـل طامع
وما بـرحوا فـي نـصره ولأمره بـأسرهم مـا بيـن ساع وسـامع

ويقول في آخرها :
فشمس العلى غارت وانجم سعدها توارت وأمسى غارباً كل طالع
بنفسي قتـيلاً مفـرداً بين خاذل وباغ ومرتدّ وطـاغ وخـادع
بنفسي رضـيعاً ألقـم القوم ثغره ثديّ سهـام لا ثـديّ مراضع


ادب الطف ـ الجزء الخامس63


بنفسي رؤساً قد نأت عن جسومها بعامل جزم فوق عامل رافـع
فديتـهم والرأس كالبـدر بيـنهم وهم حوله مثل النجوم الطوالع
* * *
إليـكم سـلاطين المـعاد قصيـدة أجـادت معانيـها قريـحة بـارع
فما الدر منظوماً سوى عقد نظمها وما الروض إلا ما حـوت من بدائع
إذا شان شعـرُ الناس طولٌ فشأنها لـه الطول مهما أنشدت في المجامع
فإن سحـبت ذيل القـبول لـديكم رضيت على حظي وصالحت طالعي
بكم قدعلا قدري وشاعت مفاخري وسدتُ كهول الـناس في سنّ يـافع
إذا ضاع مدح المـادحين سواكـم فاجـر مـديحي فيـكمُ غيـر ضائع
فـيا علل الايجاد والسـادة الاولى هـم عـند رب العـالمين ذرائـعي
بنوركم نهدى الى طـرق الهـدى كما يرشـد الساري ضيـاء المشامع
وما لي سوى حبي لكم من بضاعة وتلـك لعـمر الله أسنـى البضائـع
فنجلـكم عبد الـرؤف وعبـدكم بكم يلتجي من هول وقـع الـمقامع
سليل الحـسيني الحسين بن أحمد لِبـاب التماس الـعفو أحـوج قارع
خـذوا بيدي والوالدين وأسـرتي وصحبي وتـالٍ للقـريض وسامـع(1)


(1) عن مجموعة الشيخ لطف الله الجد حفصي .
ادب الطف ـ الجزء الخامس64


السيد عبد الرؤوف البحراني ابن الحسين الحسيني الموسوي قاضي قضاة البحرين .


توفي سنة 1006
ذكر السيد الأمين من شعره قوله مضمناً :
أصبحت أشكو علّة ضعفت لها مني عن الحركات والبطش القوى
جاءالطبيب فجسّ نبظي سائلاً ما تشتكي قلت الصداع من الهوى
فتنفس الصعداء وهو يقول لي داء العـليل ومَـن يعالجه سـوا
وأشار ان الصبر ينفع قلت مَن (تصف الدواء وأنت أحوج للدوا)

وقوله أيضاً :
لله أشكو مـن زمـان سـائني وعليّ غارات المصائب شنّها
وسرت إلى قلبي سموم غمومه وسيوفه لقتال صـبري سنها
فطفقت أنشد والخطوب تنوشني (صبّت عليّ مصائب لو أنها)

وقوله مضمناً أيضا :
لله وجـه لو ملكن ضياءه سـود الليالي لا نـقلبن لئاليا
وذوائب من فوقه لو أنها صبّت على الأيام عدن لياليا

وقوله :
لا يـخدعنك عـابـد فـي ليـلة يبكي وكن من شـرّه متـحذّرا
لم يسهر الليل البعوض ولم يصح في جنحه إلا لشرب دم الورى

وقال صاحب أنوار البدرين : قلت وهذا السيد من أجلاء السادة ورؤسائهم في زمانه في البحرين من أهل جد حفص ـ القرية المشهورة ـ ودفن في مقبرة الشيخ راشد من بلاد القديم . والظاهر أنه خال السيد العلامة السيد

ادب الطف ـ الجزء الخامس65


ماجد الصادقي الجد حفصي وزوج ابنته ، وكان ـ أعني صاحب الترجمة ـ شيخ الاسلام أي قاضي قضاة البحرين ، قال جامع ديوان الشيخ جعفر الخطي : وللشيخ الخطي مرثية يرثي الشريف قاضي القضاة أبا جعفر عبد الرؤوف ابن الحسين العلوي الموسوي سنة 1016(1) :
كـفّ الحمام وتـرتِ أي جـواد ورجعتِ ظافرة بـأي مرادِ
وطـردتِ ليث الغاب عن أشباله ورجعتِ سالمة من الاسـاد
اخمدتِ ضوء الكوكب الوقاد من آفاقه وأملتِ طـود الـنادي
وكففت مـن غلواء مهـر طالما بذّ الجيـاد بكل يـوم طراد
للسبع بعـد العشر من صفر مُني منك الـورى بمفتت الاكباد
رزء أتـاح لـكل قـلب حرقة تفتر عن جمر الغضا الوقاد

ومنها :
هيهات أن يلد الزمان له اخا أنى وقد عقمت عن الميلاد

وفي آخرها :
فلئن مضـى عبد الـرؤوف لشأنه والموت للأحياء بالمرصاد
فلـقد أقـام لنـا إمـامـاً هـادياً يقفوه في الاصدار والايراد
يـزهو بـه دسـت القـضاء كأنه بدر تعرّى عنه جنح الهادي
لا زال دست الحكم يبصر منه عن عين الـزمان وواحد الآحاد

أنشدت هذه القصيدة بسابع موت هذا الشريف في جمع كثير وجم غفير ولا غرو فلقد كان له من العظمة والجلالة ما ليس لملك في رعيته .
وأنشد في ذلك المقام للشريف الامام العلامة أبي علي السيد ماجد بن هاشم العلوي مرثيته الهمزية المهموزة العزيزة الوجود التي أولها :

(1) يظهر ان الرثاء لحفيده المسمى باسمه .
ادب الطف ـ الجزء الخامس66


حلت علـيك معـاقـد الانـداء ونحت ثراك قوافل الانواء
وسرت على أكناف قبرك نسمة بلّـت حواشيها يـد الانداء
ما بالي استـسقيت انـداء الحيا وأرحت أجفاني من الاسقاء
مـا ذاك إلا أن بيـض مدامعي غاضت مبدّلة بحمـر دماء
هتفت أياديك الـجسام بـاعيني فسمحن بالبيضاء والحمراء
أنى يجازي شكر نـعمتك التي جللتنـيها قطـرة مـن ماء
يا درة سمـحت بـهاالدنياعلى يأس من الاحسان والاعطاء
واسترجعتها بعدما سـمحت بها وكذاك كانت شيـمة البخلاء

ومنها :
فلئن قصرت من الاقامة عندنا حتى كأنك لمحة الايماء
فلقد أقمت بنا غريباً في العلا وكذا تكون اقامة الغرباء

انتهى ما في ديوان أبي البحر الشيخ جعفر الخطي .
قلت : وهذه القصيدة المهموزة من جيد الشعر وأبلغه وأحلاه وأعذبه وللسيد العلامة المذكور هذان البيتان أيضاً ليكتبا على قبر المرثي السيد عبد الرؤوف المزبور ولقد اجاد :
هذا مقرّ العلم والفضل ومخيم التوحيد والعدل
شبران جزئيان ما خلقا إلا لحفظ العالم الـكلي

قال جامع ديوان الشيخ جعفر الخطي والتمسوا منه أي الشيخ جعفر الخطي شيئاً بكتب على قبر الشريف أبي جعفر عبد الرؤوف المرثي سابقاً فقال :
لعمرك ما واروه في الأرض انه تقاعس عن نيل العلاء إلى الأفق


السابق السابق الفهرس التالي التالي