أدب الطف ـ الجزء الثالث 121


ولا يؤمننا في الحشـر مـن وجـل إلا ولاء أميـرالـمـؤمنـين علي
شرعت طرفي الـى حوض النبي به ولم أعرج على طـرق ولا وشـل
ومال ودي الى القربى التـي ظهرت أعراقـهـا لا الى ود ولا هـبـل
آل النـبي الألى آوي الــى سـبب منهم وحـبل بحـبل الله متــصل
وما قـصدت وقـد صيرتهـم درجاً الى نجـاتـي إلا اقرب الـسـبـل
بـانت طـريـقهـم المثلى لسـالكها فلست عنهـا بذي زيـغ ولا ميـل
ما كنت أبغي اعتصاماً بالنزول الـى خفض الوهاد عن الانجـاد والـقلل
بـالله لو لم تحد عن نهـج مسـلكهم عمى القلـوب بقوم لا عـمى المقل
مـا كان يشكل عن ذي اللب فضلهم في واضح الصبح مايغني عن الطفل
مـن كالامام الذي ، الزهراء ثاويـة في بيته وأخـوه خاتـم الـرسـل
الباذل النفس مـن دون النبي وقــد فر الجـبانـان من عجز ومن فشل
في يوم خيـبر والاجنــاد شاهـدة بنص ذلـك مـنذ الاعصـر الأول
ومطعـم السـائل البادي بـخاتمـه عند الركـوع أو آن الفرض والنفل
والخاشع المـتجري في تواضعــه كأنـه لـم يصل يوماً ولـم يصل
وقابـض الكف عـمـا لا يـحل له كانها لم تطل يـومـاً ولـم تطـل
ومــن يرد عن الدنيـا بنــان يد كانهـا لـم تنل يـومـاً ولم تـنل
سائل به (ليلة الاحزاب) اذ دلفــت خيل العدى وهي ملء السهل والجبل
وجاء أعداء ديــن الله فـي رهج تزلزل الارض من علوم ومن سفل
وسـاء ظن الاولـى صارت قلوبهم الى الحناجر من خـوف ومن وجل
وجاء عمرو بن ود فـي أوائـلهـم من شدة التيه لا يلـوي عـلى بطل
حتى توغل صـف المسلميـن على نهـد اذا زالـت الاجبال لم يـزل
هل كان غيـر امير المـؤمنـين له قرناً فـرواه من مهل ومـن وهل
ويوم بدر وقـد مار القـليب دمـا يغص واراده في الـعل والـنهـل
وكم وليـد سـواه فـي حروبهـم قد ظل يسبق منه الشيـب بـالاجل


أدب الطف ـ الجزء الثالث 122


وكـل مـن لعبـت أيـدي الضلال به هناك يأوي الى الاكـتاف والـطلل
ويوم احـد غداة البـأس حيـن ثـوى أهل اللواء بسـيف الـفارس البطل
ما كان في السهل من بعض النعام وفي الاوعاد لما التقى الجمعان كالـوعل
وفـي (حنيـن) وللبـيض الـرقاق به حنيـن بيض تنـادت فـيه بالثكل
من قـال قد بطل اليوم الـذي عقـدوا فينـا من السحر إن الدهر ذو دول
وبعد مثـوى رسـول الله اذ نصبـوا له الـعداوة مــن أنثى ومن رجل
ما سـد رأي التـي كـانت صـلاتهم برأيها خـوف ذاك العارض الجلل
وبالعـراق أراق البـغي مـن دم من أحانها مثل صوب العارض الهطل
بنـي أميـة انـي لـسـت ذاكركـم اذ لـي بذكـر سواكم اكبر الشغل
كفى الـذي دخـل الاسـلام اذ فتكت أيمانكم ببني الزهـراء مـن خلل
منعتم مـن لذيـذ الـماء شـاربهـم ظلما ، وكم فيكـم مـن شارب ثمل
أبكيهـم بـدمـوع لـو بـها شربوا في كربـلاء كفتـهم سـورة الغلل
أنا (ابـن رزيك) يزري ما أقول وان طال الزمـان بـما قد قال كل ولي
ما ارتعـت مذ كنت للأواء إن طرقت رجلي ولا ارتحت للسراء والجـذل
القلب ينجـدني ، والعـزم يصـحبني دون المصاحب في حل ومرتحـل
والصبر ينشـدني ، والخطـب محتفل لا تلق دهرك الا غـير محـتـفل


أدب الطف ـ الجزء الثالث 123


وقال هذه القصيدة عندما أمر في وزارته أن يستعمل في طراز خاص كسوة المشهدين الشريفين العلوي والحسيني من الستور الديبقي لأبواب الحرمين وعرضها هناك وقد أرصد من أمواله مبالغ طائلة لهذا الغرض وتحري فيها أن تكون الستور في غاية الحياكة والابداع مع تطريز آيات قرآنية حولها ، فلما تم عملها أرسلها مع نفر من خدمه وعبيده ، وجعل فيها قصيدة ذكر فيها عمله الذي تفرد بشرفه وفخره وفاز دون ملوك الاسلام بجزيل ذخره وجميل ذكره:
هـل الوجـد إلا زفـــرة وأنيـن أم الشـوق إلا صبـوة وحنـين
وجيش دمـوع كلمـا شـن غـارة أقام لـه بـيـن الـضلوع كمين
إذا ما النظـى شــوق معين بثاره تحـدر ماء العين عـين مـعين
وما خلت أن القلـب يصـبـح للبكا قليبـاً ولا أن العـيـون عـيون
وأن عقـود الــدر مـن بعد ألفها نحور الغـواني في الخدود تكون
خليلي مــا الـدمـع الـذي تريانه على السـر إن حان الفراق أمين
بـلام إذا خــان الأنـام جمـيعهم وليس يـلام الـدمع حين يخون
وبي لوعـة لا يستـقر نـزاعـهـا لها كلمـا جن الـظلام ، جـنون
إذا عـن لـي تـذكار سكان كربلا فما لـفؤادي في الضلوع سكون
فان أنام لـم أحزن علـى إثر ذاهب فاني على آل الرسـول حـزين
ألـم تـرهم خلوا حمـاهم كما خلا بحقان من أسد العـرين عريـن
وساروا وقــد غروا بأيمان معشر وما علمـوا أن اليميـن يـمين
ورب أمـاني مـعـشـر وأمـانهم بغدرهم قـد عـاد وهـو منون


أدب الطف ـ الجزء الثالث 124


وما أخلفتهم في الإلـه ظـنونـهم اذا أخلفتهـم فــي الرجال ظنون
فان يخل في الـدنيـا مكانهم أمـا مكانـهـم يـوم المعـاد مـكـين
هوت ، وزوت منـهم عشـية قتلوا أصول زكـت أعـراقها وغصون
وأظلـم مبـيض الـنهار عليهـم وحقـهـم مـثـل النهـار مبـين
تصرف حكم البيض ، والسمر فيهم فمنهـم صريـع بالظبـى وطـعين
ولو أن صـم الصخر تقرب منهم لا بصـرت صم الصخر كيف تلين
* * *
قبـورهـم قـبلي وأمـوات نكـبة بطـون سباع مـرة وسـجـون
جرت مـن بني حرب شئون عليهم جـرت بعدهـا منا الغداة شـئون
وريضت عليهم خيـلهم وركابهـم فرضت ظـهور منـهم وبـطون
ألا كـل رزء بـعـد يـوم بكربلا وبعد مصـاب ابن النـبي يـهون
ثــوى حوله من آلـه خير عصبة يـطالـب فيهم للـطـغاة ديـون
يذادون عن مـاء الـفرات وغيرهم يبـيت بصرف الخمر وهو بطين
اسادتنا لو كنت حاضــر يومكـم لشـابت بسيفي للـطغـاة قـرون
أسادتنا ان لـم يعنكم لـدى الوغى سناني فانـي بالـلسـان أعــين
أسادتنا أهديـت جهــدي إلـيكم لتـطهر نفسي فـالظــنين ظنين
سـطور بأبيات من الذكر طرزت تبرهن عـن أوصـافكـم وتـبين
أوقي بها مـثواكـم حـاد ربـعه حيا المزن عن لحظ العدى وأصون
وأرجو بها ستراً مـن النار عندما يـقيني غدا كـيد الشـكوك يـقين
فجـودوا عليهـا بالتقبل منــكم فـودي وإخلاصي بـذاك ضـمين
وجدكـم سـن الهدايـا وإننــي لمـا سـن قـدماً في بـنيه أديـن(1)


(1) عن الديوان ص 159.
أدب الطف ـ الجزء الثالث 125


وفي الديوان المطبوع قصائد كثيرة تخص أهل البيت علهيم السلام وإليك مطلع كل قصيدة منها:
1 ـ من الأحـبـاب قربنـي ولائـي ومن اعـداي بــرأنـي بـرائي
2 ـ لذاذة سمـعي في قراع الكتـائب ألذ وأشهى مـن عتـاب الحبـايب
3 ـ ايها الـمغرور لــو فــكـرت لـــم يــخــف الـصـواب
4 ـ يا للرجـال لـمـدنـف مـجهود لم يؤت من هجر وطـول صدود
5 ـ اسفي على ايام دهـري قد مضى منع الجفون بذي الغضا ان يغمضا
6 ـ ما حاد عن حـب البطين الا نزع متجـنـبــاً لولائه إلا دعــى
7 ـ يـا نفس دنيـاك هـذه خــدع والعيـش ان دام فـهـو منقطـع
8 ـ يا صاحبي بـجر عاء الغوير قفا نجد لمن بـان بالدمع الـذي وكفا
9 ـ اذا كـنت في الحـب لا اقــبل فــقل للعــذول لمن تـعـذل
10 ـ يـا نفـس كم تخدعين بالأمـل وكـم تحبيـن فسـحـة الاجـل
11 ـ مـا كان اول تـائـه بجمـاله بـدر منـال البدر دون منالــه
12 ـ لا تبك للجيرة السارين في الظعن ولا تعرج على الاطلال والدمـن
13 ـ هـل منصف باللطف يسلينـي عــن روضتـي ورد ونسرين
14 ـ القلـب موقوف على الخفقـان والدمع لا ينفـك مـن هـمـلان


أدب الطف ـ الجزء الثالث 126


ابن العودي النيلي

متى يشتفى من لاعج الشوق مغرم وقد لـج بالهجران من ليس يرحم
اذا هـم أن يسلو أبى عـن سـلوه فـؤاد بنيـران الأسى يـتضـرم
ويثنـيه عـن سلـوانه لـخريـدة عهود التصابـي والـهوى المتقدم
رمته بلحظ لا يكـاد سـليـمــه مـن الخبل والوجد المـبرح يسلم
اذا مـا تلظت في الحشا منه لوعة طفتها دموع من أمـاقـيه سجـم
مقيم على أسـر الـهوى وفـؤاده تغـور به ايدي الهــموم وتتـهم
يـجن الهوى عـن عاذلـيه تجلدا فيـبدي جواه مـا يـجــن ويكتم
يعلـل نفسا بالأمانـي سـقيــمة وحسبك مـن داء يصـح ويـسقم
رعى الله ذياك الزمان وأعصـراً لهونــا بهـا والرأس أسود أسحم
وقد غفلت عنا اللـيالي وأصبحت عيـون العدى عن وصلنا وهي نوم
فكم من ثدي قد ضـمت غصونها الـي وأفـواه لـهـا كـنت ألثـم
أجيل ذراعي لاهيـا فـوق منكب وخـضر غـدا مـن ثقلـه يتظلـم
وامتاح راحـا من شنيـب كأنـه من الدر والياقوت في السلك ينظـم
فلمـا علاني الشيب وابيض مفرقي وبان الصبا واعـوج منـي المقـدم
وأضحى مشيبي للـغذار ملــثماً بـه ولـرأسي بالـبـياض يـعمـم
وأمسيـت من وصل الغواني مخيبا كـأنـي من شيـبي لديهـن مجـرم
بكيت على ما فـات مـني ندامـة كأني خنسـاء بــه أو مــتـمـم

ابن العودي النيلي

أدب الطف ـ الجزء الثالث 127


وأصـفيـت مدحـي للنبـي وصنوه وللنـفر البـيـض الذيـن هم هم
هم الـتيـن والـزيتون آل محــمد هم شـجر الطـوبى لمن يتـفهـم
هم جنة المـأوى هم الحوض في غد هم اللوح والسقف الـرفيع المعظم
هم آل عـمـران هـم الحـج والنسا هـم سـبـأ والذاريات ومـريـم
هم آل ياسين وطـاهـا وهل أتــى هم النحل والانفال لـو كنـت تعلم
هم الآية الكـبرى هـم الركن والصفا هم الحج والبيـت العـتيق وزمزم
هم في غد سفـن النجـاة لـمن وعى هم العروة الوثقـى التي ليس تفصم
هم الجنب جنب الله والـيد في الورى هم العين لو قـد كنت تدري وتفهم
هم السـر فينـا والمعانـي هم الأولى تيمم في منهـاجـهم حيـث يمموا
هم الغاية القصوى هـم منـتهى المنى سل النص في القرآن ينبئـك عنهم
هم فـي غــد للـقادميـن سقاتهـم اذا وردوا والحـوض بـالماء مفعم
هم شـفعاء الـناس في يوم عرضهم الى الله فيمـا أسـرفـوا وتجرموا
هم منقذونا مـن لظـى النار في غد اذا ما غدت فـي وقـدها تتـضرم
ولـولاهـم لـم يخـلـق الله خلقـه ولا هبــطا للـنـسل حـوا وآدم
هم باهلـوا نجـران مـن داخل العبا فعـاد المنـاوي عنهـم وهو مفحم
وأقـبـل جـبـريل يـقول مفاخـراً لميكال مـن مثلي وقد صرت منهم
فمن مثلهـم فـي الـعالمين وقد غدا لهم سيد الأمـلاك جبـريل يخـدم
ومن ذا يسامـيهـم بـفخر فضـيلـة من الناس والقـرآن يؤخـذ عنهـم
ابوهم اميـر الـمؤمنـيـن وجـدهم أبو القاسم الهــادي الـنبي المكرم
فهذا اذا عد المنـاسـب فـي الـورى هو الصهر والطهـر النبـي له حم
هم شرعوا الدين الحنـيفـي والتـقى وقاموا بحكم الله مـن حـيث يحكم
وخـالـهـم المـشهـور والأم فـاطم وعمهم الطيار فــي الخـلد ينـعم
وأيـن كزوج الطهر فاطمة ابي الشهـ ـيدين أبناء الـرسـول وهـم هـم
الـى الله أبرأ مـن رجـال تبــايعوا على قتلهم أهل الـتقى كيف اقدمـوا
حمـوهم لذيـذ المـاء والمـاء مفـعم وأسقوهـم كأس الـردى وهـو علقم


أدب الطف ـ الجزء الثالث 128


وعاثوا بـآل المصطفى بعد موته بما قتـل المختـار بالأمس منهم
وثـاروا عليه ثـورة جـاهلـية على أنه ما كـان في القوم مسلـم
وألقوهم فـي الغـاضرية حسراً كأنهم قف علـى الأرض جثــم
تحاماهم وحـش الفـلا وتنوشهم بأجنحة طير الـفلا وهـي حـوم
بأسـيافهـم أردوهم وبـدينـهم أريق بأطـراف القـنا منـهم الدم
وما أقدمـت يوم الطفـوف أمية على السبـط إلا بـالذين تقـدموا
وأنى لهم ان يبرءوا مـن دمائهم وقد أسرجوها للـخصـام وألجموا
وقد علـموا ان الـولاء لحـيدر ولكـنه مـا زال يـؤذى ويظلـم
فنازعه فـي الأمر من ليس مثله وآخـر وهـو اللوذعـي المـقدم
وأفضوا الى الشورى بها بين ستة وكان ابن عـوف فيـهم المتوسـم
متى قيس ليث الغاب يوماً بغيره وأين من الشمـس المـنيرة أنجـم
ولكن امور قــدرت مـن مقدر ولله صنـع فـي الارادة محكــم
وكم فئة فـي آل أحـمد أهلكت كما أهلكت مـن قـبل عاد وجرهم
فما عذرهم للمصطفى في معادهم إذا قال لم خنتـم بـآلي وجـرتـم
وما عذرهم إن قال ماذا صنـعتم بـآلـي من بـعدي ومـاذا فعـلتم
نبذتم كتاب الله خـلف ظهوركم وخـالفتموه بئـس مـا قد صنعـتم
وخلفت فيكم عترتـي لهـداكـم فلم قمـتـم فـي ظلـمهم وقعدتـم
قلبتم لهم ظهر المجـن وجـرتم عليهم وإحسـاني الـيكـم أضعـتم
وما زلتم بالقتل تطـغون فيـهم إلى أن بـلغـتم فيـهـم مـا أردتم
كأنهم كانوا مـن الـروم فالتقت سـرايـاكـم راياتـهم فـظفرتـم
ولكن أخذتم مـن بنـي بـثأركم فحسبكم جرماً على مـا اجتـرأتـم
منعتـم تراثي إبنـتي وسلـيلتي فلم أنـتـم آبـاءكم قـد ورثــتم
وقلتـم نــبي لا تـراث لولده أللأجنبي الإرث فـيـما زعـمتـم
وهـذا سـليـمان لـداود وارث ويحـيى أباه ، كـيف أنـتم منعـتم
وقلـتم حـرام متعة الحج والنسا اعن ربكـم أم انـتم قد شـرعـتم


أدب الطف ـ الجزء الثالث 129


ألم يأت « ما استمتعـتم مـن حليـلـة فآتوا لهـا من أجرهـا مـا فـرضتم
فهل نسـخ القرآن مـا كـان قـد أتى بتحليـلـه أم انـتم قـد نـسختــم
وكـل نبـي جاء قــبلـي وصيــه مطاع وانتـم للـوصـي عـصيـتم
ففعلكم في الديـن أضحـى منـافيــا لفعلى وأمـري غـير مـا قـد أمرتم
وقلتــم مـضى عنــا بغير وصـية ألـم أوص لـو طـاوعتـم وعقـلتم
وقد قلـت من لم يوص مـن قبل موته يمر جاهلاً بل أنتم قــد جــهلـتم
نصبـت لكـم بعدي إمـامـاً يـدلكـم علـى الله فـاستـكـبرتم وظلمـتم
وقـد قـلـت فـي تـقديـمه وولائه عليـكم بـما شـاهـدتـم وسـمعتم
علي غدا مـني مـحـلاً وقـربــة كهـرون من موسى فلــم عنه حلتم
شقـيتم به شقــوى ثمـود بـصالح وكـل امرىء يـبـقـى لـه ما يقدم
وملتم الى الـدنـيـا فتأهت عقـولكم الا كـل مغرور بـدنـياه يـنــدم
لـحـا الله قومــاً جلـبوا وتعاونوا على حيدر ماذا أساؤا وآجـرمــوا
وقـد نصـها يوم الغـديـر محمـد وقال لهم يا أيها الـناس فـاعلمـوا
عــلي وصيي فـاتبـعوه فـانــه إمامكـم بعدي اذا غـبت عـنكــم
فقالوا رضيناه إمـامـا وحـاكمــا علينا ومولى وهو فينا المـحـكــم
رأوا رشدهـم فـي ذلك اليـوم وحده ولكنهم عن رشدهم في غد عمــلوا
ونازعـه فيهــا رجـال ولم يـكن لــهــم قدم فيـهـــا ولا متقدم
يقـيـم حـدود الله فـي غيـر حقها وبــفتـي اذا استفتي بمـا ليس يعلم
ويـبطـل هـذا رأي هـذا بـقـوله ويـنقـض هـذا مـا له ذاك يـبرم
وقالوا اختلاف الناس في الدين رحمة فلـــم يـك مـن هذا يحل ويحرم
أقـد كان هذا الدين قبـل اختلافـهم على النقص من دون الـكمال فتمموا
أمـا قال أني : اليـوم أكمـلت دينكم وتمـمت بـالنعمـاء مـني عليكـم
وقال اطيعـوا الله ثـم رســولـه تفوزوا ولا تعصوا أولي الأمر منكـم
وما مـات حتى أكمــل الله دينـه ولــم يـبـق أمـر بـعد ذلك مبهم
يقرب مـفـضول ويبـعد فاضـل ويسكـت مـنطيـق وينطـق أبـكـم


أدب الطف ـ الجزء الثالث 130


وهل عظمت فـي الدهر قط مصيبة علـى الناس الا وهي في الدين أعظم
ولـو انه كـان المولـى علـيهـم اذا لـهـداهـم وهـو بالامـر أقـوم
هو العالم الحبر الـذي ليـس مثلـه هـو البطل القرم الهـزبـر الغشمشم
ومـا زال في بدر واحـد وخيبـر يفـل جـيوش المشركيـن ويـحطم
يكـر ويعلوهم بقـائـم سـيفــه الـى أن اطاعـوا مكرهين وأسـلموا
وقـالوا دماء المسلـميـن أراقـها وقـد كان في القتلـى بريء ومجرم
فقلت لهم مهلا عدمتـم صــوابكم وصـي النبي المـصطفى كيف يظلم
أمـا قال أقضـاكم علي ـ مـحمد كــذا قد رواه الـناقـل المـتـقدم
فان جار ظلما في القضاء بـزعمكم عـلي فمـن زكاه لا شــك اظـلم
فـمن كعــلي عند كـل مـلـمة اذا مــا التقى الجـمعان والنقع مقتم
ومن ذا يجـاريــه بمجد ولم يزل يـقـول سـلـوني ما يحل ويـحرم
سلوني ففي جنـبي عـلـم ورثـته عـن المصطفى ما فـاه مني به الفم
سلوني عن طرق السماوات اننــي بها من سلوك الطرق في الأرض أعلم
ولو كشف الله الغـطا لم أزد بــه يقـيـنا على ما كنت أدري وأفهــم
وكـائـن لـه مـن آية وفـضيـلة ومــن مكرمات ما تـغم وتـكتــم
فـمن ختـمت اعـماله عـند موته بخـيـر فـأعمالي بحـبـيه تخــتم
فـيـا رب بـالأشباح آل محـمـد نــجوم الهـدى للنـاس والشرق مظلم
وبالقائـم المهـدي مــن آل احمد وآبـائــه الهاديـن والـحق معـصم
تـفضل علـى العودي منك برحمة فأنت اذا استرحـمت تعـفو وتــرحم
تـجاوز بحسن العفـو عن سيـئاته اذا مـا تلظـت فـي المـعاد جـهنـم
ومن عليه مـن لدنـك يرأفـــة فـانك أنـت المنـعـم الـمـتكــرم
فان كان لـي ذنب عـظـيم جنيته فعفوك والغــفران لـي مــنه أعظم


أدب الطف ـ الجزء الثالث 131


ابن العودي النيلي المتولد سنة 478 والمتوفي عام 558 قال السيد في الجزء 17 ص 325 من الاعيان عثرنا على هذه القصيدة بتمامها في بعض المجاميع القديمة من خبايا الزوايا منسوبة الى العودي وقد رسم العودي ، وفوق العين ضمة ولسنا نعلم الى أي شيء هذه النسبة. وفي الرياض أورد اجازة الشهيد الاول للشيخ علي بن الحسن بن محمد الخازن بالحائر الحسيني عن خط الامير محمد امين الشريف عن خط المولى محمود بن محمد بن علي الجيلاني عن خط الشيخ بهاء الدين محمد بن علي الشهير بابن بهاء الدين العودي عن خط ناصر بن ابراهيم البويهي عن خط الشهيد ، انتهى. فلعله صاحب القصيدة فاوردناها هنا مع ما مر منها في الجزء 13 لئلا تكون متقطعة في الكتاب . ويقـرأها القارىء على نسق واحد ومع ذلك فقد تركنا جملة منها(1).
اقول وقد كرر السيد نشر القصيدة سهواً في جزء 53 ص 24 من الاعيان وقال: ابن العودي النيلي لم نعرف اسمه.
اما الشيخ الاميني رحمه الله فقد عده من شعراء القرن السادس وان ميلاده سنة 478 ووفاته في حدود 558.
وقال: ابو المعالي سالم بن علي بن سلمان بن علي المعروف بابن العودي التغلبي النيلي نسبة الى بلدة النيل على نهر النيل المستمد من الفرات الممتد نحوالشرق الجنوبي.

(1) اقول سبق ان روى السيد في الجزء 13 ص 205 أكثرها ، جمعها من كتاب المناقب لابن شهراشوب.
أدب الطف ـ الجزء الثالث 132


وجاء في مجلة (الغرى) النجفية عدد 23 ، 22 من السنة السابعة بقلم الدكتور مصطفى جواد قال: كان ابو المعالي من الشعراء الذين اشتهر شعرهم وقلت اخبار سيرهم فهو كوكب من كواكب الادب. واورد نماذج من شعره والوانا من أدبه.
قال الاميني: ولم اقف على سنة وفاة ابن العودي الا ان سنة ولادته ، اعني سنة 478 ورواية عماد الدين الاصفهاني له سنة 554 بالهمامية قرب واسط لا تتركان للظن ان يغالى في بقائه طويلا بعد سنة454 المذكورة بل لااراه قد جاوز سنة 558 فانها تجعل عمره ثمانين سنة وذلك من نوادر الاعمار في هذه الديار انتهى.

أدب الطف ـ الجزء الثالث 133


القاضي الجليس

دعـاه لوشـك البينس داع فاسـمعا وأودع جسمي سـقمه حـين ودعا
ولم يبق في قلبـي لصبري موضعاً وقد سار طوع النأي والبعد موضعا
أجن إذا مـا الـليل جـن كـآبـة وأبدي إذا ما الصبح أزمـع أدمـعا
وما انقدت طـوعاً للهوى قبل هذه وقد كنت ألوي عنـه ليناً وأخدعـا

إلى أن يقول:
تصاممـت عن داعي الصبابة والصبى ولبيت داعـي آل احـمد إذ دعا
عشوت بأفكـاري الى ضـوء علـمهم فصادفت منه منهج الحـق مهيعا
علقت بهم فليـلح فـي ذاك مـن لحى توليتهم فليـنع ذلـك مـن نـعا
تسـرعت في مـدحي لـهم متـبرعاً وأقلعت عن تركي لـه مـتورعاً
هم الـصـائمون القـائمـون لـربهم هم الخايفوه خـشـية وتخـشعـاً
هم القـاطعـوا الـليل البـهيم تهجداً هم العامروه سـجداً فـيه ركعـاً
هم الطيبوا الأخيار والخير في الورى يروقون مرئى أو يشوقون مسمعا
بهم تقـبل الأعمال مـن كل عـامل بهم ترفع الطاعـات ممن تطوعا
بأسمائهم يسقى الأنام ويهـطل الغمـ ـمام وكم كرب بـهم قـد تقشعا
هم القائـلون الـفاعلون تـبرعــاً هم العالمون الـعاملون تـورعـاً
ابوهم وصي المصطفى حاز علـمه وأودعه من قبـل ما كان اودعـا


أدب الطف ـ الجزء الثالث 134


أقام عمود الشرع بعـد اعـوجـاجه وساند ركـن الـدين أن يتصدعـا
وواساه بـالنفـس النفيـسة دونهـم ولم يخش أن يـلقى عـداه فيجزعا
وسماه مـولاهـم وقـد قـام معلناً ليـتلوه فـي كـل فـضل ويشفعا
فمن كشف الغماء عـن وجـه أحمد وقد كـربـت أقرانه ان يـقطعـاً؟!
ومن هز باب الحصن في يوم خيبر فزلزل ارض المشـركين وزعزعا؟!
وفي يوم بـدر من أحـن قـليـبها جسوماً بها تدمـي وهـاماً مقـطعاً؟!
وكم حاسد أغـراه بـالحـقد فضله وذلـك فـضـل مـثله ليس يـدعا
لوى غـدره يـوم « الغدير » بحقـه واعـقبـه يـوم « البعير » واتـبعـا
وحاربه القـرآن عنـه فما ارعوى وعاتبه الإســلام فيه فـما وعـى
إذا رام ان يخفي منـاقبـه جـلت وإن رام ان يطـفي سـناه تشعشعا
متى هم ان يطوي شذى المسك كاتم أبى عرفه المـعروف إلا تـضوعا
ومنها:
أيا امـة لـم ترع للدين حرمة ولم تبق في قوس الضلالة منزعا
بأي كتـاب ام بـأية حـجـة نقضـتم بـه ما سـنة الله اجمعا؟!
غضبتم ولي الحق مهجة نفسه وكان لكـم غصـب الإمامة مقنعا
وألجمـتم آل النـبي سيوفـكم تفري من السادات سـوفاً واذرعا
وحللتم في كربـلاء دمـاءهم فأضحت بها هيـم الأسـنة شرعاً
وحرمتم ماء الفـرات عليـهم فأصبح محـظوراً لـديهـم ممنعاً


أدب الطف ـ الجزء الثالث 135


وقال:
ان خانهـا الدمع الغـزير فـمـن الدمـاء لها نصير
دعهـا تسـح ولا تشـح فـرزءهـا رزء كـبيـر
ما غـصب فاطمة تراث (مـحـمد) خطب يسيـر
كلا ولا ظلم الـوصي و حـقـه الـحق الـشهـير
نطق النبي بفـضله وهو الـمـبـشر والنـذيــر
جحدوه عقـد ولايـة قد غـر جـاحـده الغـرور
غدروا به حسداً له وبـ ـنصـه شهـد « الغـدير »
حظروا علـيه مـا حباه بفخـره وهـم حـضـور
يا أمة رعـت الـسـها وإمامـها القـمر الـمنـير
إن ضل بالعـجل اليـ ـهود فقد أضلـكم البعـير
لهفي لقتـلى الـطف إذ خذل المصـاحـب والعشير
وافـاهـم فـي كـربلا يـوم عـبوس قمـطريـر
دلفت لهـم عـصب الـ ـضلال كـانما دعي النفير
عجـباً لـهـم لـم يلقهم مـن دونـهم قـدر مـبير
أيما فـوق الأرض فيـ ـض دم الحسين ولا تمور؟!
أتـرى الجـبال درت ولم تقذفهم منها صخور؟!
أم كيف إذ مـنعـوه ور د الماء لم تغر البحور؟!
حرم الزلال عليه لـما حلـلت لهـم الخـمور


أدب الطف ـ الجزء الثالث 136


أبو المعالي عبد العزيز بن الحسين بن الحباب الأعلي السعدي الصقلي المعروف بالقاضي الجليس ، قال الشيخ الاميني في (الغدير) هو من مقدمي شعراء مصر وكتابهم ومن ندماء الملك الصالح طلايع بن رزيك ترجمه ابن شاكر في (فوات الوفيات) ج1 ص 278 فقال: تولى ديوان الانشاء للفائز مع الموفق ابن الخلال ومن شعره:
ومن عجبي ان الصوارم والقنا تحيض بأيدي القوم وهي ذكور
وأعجبت من ذا انها في اكفهم تأجج نـاراً والأكـف بحـور

كان القاضي الجليس كبير الانف. قال الشيخ وهو ممن اغرق نزعا في موالاة العترة الطاهرة وقال: ذكر سيدنا العلامة السيد احمد العطار البغدادي في الجزء الاول من كتابه (الرائق) جملة من شعر شاعرنا الجليس منها قصيدة يرثي بها آل البيت ويمدح الملك الصالح بن رزيك ويذكر مواقفه المشكورة في خدمة آل الله أولها:
لولا مجانبة الملوك الشاني ما تم شاني في الغرام بشاني

وقصيدة في رثاء العترة الطاهرة تناهز 66 بيتاً مطلعها:
ارأيت جرأة طيف هذا الزائر ما هاب عادية الغيور الزاير

وقصيدة 62 بيتاً في إمامة امير المؤمنين عليه السلام ويرثي السبط الحسين عليه السلام ، أولها:
الأهل لدمعي في الغمام رسول وهل لي الى برد الغليل سبيل


أدب الطف ـ الجزء الثالث 137


وفي خريدة القصر:
القاضي الجليس:
أبو المعالي عبد العزيز بن الحسين ابن الحباب الأغلي : السعدي التميمي

جليس صاحب مصر ، فضله مشهور ، وشعره مأثور ، وقد كان أوحد عصره في مصره نظما ونثراً ، وترسلا وشعراً ، ومات بها في سنة إحدى وستين وخمسمائة ، وقد أناف على السبعين. ومن شعره:
لا تعجبي من صده ونـفاره لولا المشيب لكنت من زواره
لم تترك الستون إذ نزلت به من عهد صبوته سوى تذكاره

وله:
حيي بـتفاحـة مخضبـة من شفني حـبه وتيمني
فقلت ما إن رأيت مشبهها فاحمر من خجلة فكذبني

ومن شعره:
وسما يكف الحافظ المنصور عنا المـحـل كفـا
آواهـم كـرمــاً وصـا ن حريمهم فعنا وعفا

وأنشدني له الشريف ادريس الادريسي قصيدة سيرها إلى الصالح بن رزيك قبل وزارنه يحرضه على ادراك ثأر الظافر وكان عباس وزيرهم قتله وقتل أخويه يوسف وجبريل يقول فيها:
فأين بنو رزيـك عنها ونصرهم وما لهم من منـعة وذيـاد
فلو عاينت عيناك بالقصر يومهم ومصرعهم لم تكتحل برقاد


أدب الطف ـ الجزء الثالث 138


تدارك من الايمان قبل دثوره حشاشة نفس آنت بنـفاد
فمزق جموع المارقين فإنها بقايا زروع آذنت بحصاد

وله فيه من أخرى في هذه الحادثة:
ولـما تـرامي الـبربري بجهـله إلى فـتكـة مـا رامها قط رائم
ركبت إليه مـتن عـزمتك الـتي بأمثالها تلـقى الخـطوب العظائم
وقدت لـه الجرد الخـفـاف كأنما قوائمـهـا عـند الطـرد قـوادم
تجـافـت عن الماء القراح فريها دماء العدا فهي الصوادي الصوادم
وقمت بحـق الطـالبيـن طـالبا وغيرك يغـضى دونـه ويسـالم
أعدت اليهـم ملكهم بعـدمـا لوى به غاصـب حق الامانـة ظالـم
فمـا غالب إلا بنصـرك غـالب وما هاشم إلا بـسيـفك هـاشـم
فأدرك بثأر الدين مـنه ولـم تزل عن الحق بالبيض الرقاق تخاصم

وانشدني الأمير العضد مرهف للجليس يخاطب الرشيد بن الزبير في معنى نكبة خاله الموفق:
تسمع مقالي با ابن الرشيد فأنت حقيـق بأن تسمعه
بلينا بذي نشـب سـائـل قليل الجدا في أوان الدعه
إذا ناله الخـير لـم نرجه وإن صفعوه صفعنا معه

وأنشدني بعض فضلاء مصر لأبن الحباب:
سيوفك لا يفل لها غرار(1) فنوم المارقين بها غرار(2)


(1) الغرار: حد السيف
(2) الغرار ، النوم القليل.

السابق السابق الفهرس التالي التالي