عبقرية مبكرة لأطفالنا 181



الباب الثاني

الفصل الخامس


عبقرية مبكرة لأطفالنا 182



عبقرية مبكرة لأطفالنا 183

الطريقة المثلى للتفكير

إن سيرة حياة الإنسان متوقفة على طريقة تفكيره، وطريقة التفكير تختلف بحسب الأشخاص، ومنشأ ذلك هو كيفية استخدام المعلومات التي يحصل عليها الإنسان. ولكي يكون ولدك في ركاب المفكرين والعباقرة يلزمه أن يتعامل مع المعطيات التي يحصل عليها بطريقة تثير دفائن العقول وتحثها على الحركة نحو المجهول. أما ما هي هذه الطريقة؟

فنقول:

أولاً: يجب أن لا يكون همه حفظ المعلومات من غير وعي وإدراك لما يحفظ، وعليه لابد أن يحفظ الشيء الذي يؤمن به حتى يستطيع أن يتعامل مع محفوظاته بالصورة المناسبة. ولا يجب أن يفهم حقائق الأمور بل لابد أن يفهم شيئاً منها على الأقل؛ فإن من المؤسف أن البرامج التعلمية عندنا تعتمد على حشو المعلومات والتعامل معها بطريقة جامدة!
ثانياً: تشجيعه على التفكير بإلقاء الأسئلة المتكررة والمناسبة التي تحثه على تفسير الظواهر التي يراها ويعيشها، ومساعدته عند حيرته على معرفة الجواب المناسب، كأن تسأله مثلاً لماذا تأكل الطعام؟ وعند جوابه لنشبع مثلاً، نسأله سؤالاً آخر ولماذا نشبع؟ يأتي الجواب حتى نكبر، وتسأله مرة ثالثة. ولماذا نكبر؟ يأتي الجواب حتى نعيش وهكذا . . . وأنت بهذه الطريقة تحثه على التفكير في الأمور التي يعايشها.
ثالثاً: تعليمه كيفية تحليل الأمور ولو بشكل بسيط فإذا استطاع ذلك تعلم كيف يربط الأمور بعضها مع بعض، ويتجنب كثيراً من القضايا التي ستواجهه في المستقبل ؛ فمثلاً:

عبقرية مبكرة لأطفالنا 184

عندما تكون أمه غضبى عليه نأتي ونقول له: لأنك رميت القاذورات في الصالون، ولم ترم بها في سلة المهملات، وهذا من شأنه أن يجعل البيت غير نظيف، وهذا يتعب (الماما) في تنظيف البيت لذلك (الماما) غضبى عليك ، وهكذا.
رابعاً: تعليمه قاعدة (أنه لكل معلول علة) والترابط الذي بينهما، وهذه القاعدة لو أتقنها حق إتقان سيتفتق فكره ويكون حاد الذكاء؛ إذ من خلال تعلمه أنه لكل شيء سبب سيحاول أن يفهم الأمور كما تجب، ولا يأخذه بشكل ساذج ومجرد. ويمكن تعليمه هذه القاعدة بالأمثلة التي تضرب له في الميدان العملي لا النظري، كأن يقال له: إن النار تحرق وتقدم يده إلى النار ويحس بحرارتها سيعرف الترابط بين النار والإحراق، وهكذا مع أمثلة مختلفة حتى يفهم وجه الترابط بينها. وليس من المهم أن يفهم القاعدة كما يفهمها الكبار مع حفظ المصطلحات، بل إن الانتقال الذهني الذي يحدث له من جراء الأمور هو المطلوب في مرحلته الأولى. وشيئاً فشيئاً تترقى مداركه حتى يعي الأمر كما يجب.
خامساً: تعليمه تجزئة المعلومة إلى معلومات صغيرة وأوليات، ويفيده في معرفة كيف تركب الأمور بأي شكل إذا جمعت مع بعضها تعطي شيئاً آخر. ومن خلال هذا ينمو عنده الحس الإبداعي، كأن تجزىء له العشرة إلى واحد وواحد، وهكذا حتى يصبح العدد عشرة أو تجزىء له السيارة الصغيرة التي يلعب بها وأنها مكونة من عجلات ومقود وحديد . . . الخ وعند اجتماعها تظهر بصورة مغايرة عما هي عليه.
سادساً : تجنب إلقاء النتائج من غير توضيح المقدمات والأسباب التي تؤدي إلى النتيجة المطلوبة، وذلك حتى يتعلم كيف يستدل ويربط بين المقدمات والنتيجة. وأنت بهذا الطريقة تأخذ بيده نحو الطريق الصحيح

عبقرية مبكرة لأطفالنا 185

للاستدلال والتفكير المطلوب، كأن تقول له: ولد الجيران رجله مجروحة (هذه النتيجة) .
أما أسبابها؛ لأنه خرج إلى الشارع حافي القدمين، ولأنه لعب في أماكن قذرة فأصابت رجله زجاجة فجرحتها وهكذا.

(تنبيه)


ومع استخدام هذه الأساليب بشكل متكرر ودائم حتى يألف الطفل هذه الأساليب تكون عنده سجية وملكة راسخة، مع ملاحظة أن هذا الأمر يحتاج من الوالدين والمربين وقتاً طويلاً مع المثابرة.

عبقرية مبكرة لأطفالنا 186



عبقرية مبكرة لأطفالنا 187



الباب الثاني

الفصل السادس


عبقرية مبكرة لأطفالنا 188



عبقرية مبكرة لأطفالنا 189

تحديد الهدف للطفل

الهدف هو النقطة التي ينظر إليها الإنسان، ويسعى في حركته للوصول إليها، مع سعي ومثابرة وصبر لرفع كل العوائق التي تقف في وجهه. وهذا يحتاج إلى إيمان بالهدف ومعرفته بشكل واضح لا ابهام فيه حتى تتشوق نفس الإنسان إلى طلبه، ولا يختلف هذا بين الصغير والكبير، ولكن في الصغير يحتاج إلى بذل جهد أكبر؛ إذ السؤال الذي يطرح نفسه من الذي يحدد الهدف للصغير؟ وعلى أي أساس؟
إن الذي يحدد الهدف للصغير، هو لا غير. أما دور المربين والوالدين هو في توجيه الهدف وتقييمه . أما على أي أساس يختار الطفل الصغير هدفاً معيناً؟ فهو على عدة أمور منها: نظره إلى شخصية كبيرة يحبها ويقدرها فيحاول أن يقلدها أو يحتذي حذوها، لميول خاصة كرسم أو غيرها. هنا يأتي دور الأب والأم فتنمية هذه الرغبة عنده وخلقها بصورة جيدة أمام ناظريه، مع تهيئة السبل له في هذا الهدف، كأن يشجعونه على اختياره وينادونه بها دائماً ويذكرونه، كأن يحب الطب ينادونه دكتور أو يا مهندس أو يا ضابط . . . الخ.
ويربطون هداياهم ومشترياتهم له بالهدف الذي اختار لنفسه كأن يشتروا له اللباس الخاص بالأطباء مع الأدوات التي تحكي أدوات الأطباء وهكذا. نعم، يلزم كما ذكر علماء التربية أن يجزأ الهدف إلى مراحل حتى يقطعها شيئاً فشيئاً ويحس بقرب وصوله إلى الهدف، كأن يقال له: ذاكر جيداً حتى

عبقرية مبكرة لأطفالنا 190

تنجح وتكون طبيباً ويذكرونه بأن كل مرحلة يقطعها يقترب نحو الهدف وهكذا.

عبقرية مبكرة لأطفالنا 191



الباب الثاني

الفصل السابع


عبقرية مبكرة لأطفالنا 192



عبقرية مبكرة لأطفالنا 193


وقاية مبكرة من الشذوذ الجنسي

من أهم النقاط التي تصب في تربية الأطفال تربية سليمة وتنشؤهم نشأة حسنة هي حمايتهم من كل شيء يحرف فطرتهم وتكوين شخصيتهم، والمتتبع لكثير من الأمراض السلوكية يجد أن من أهمها الشذوذ الجنسي سواء كانت بين الرجال والتي تسمى بعملية اللواط، أو بين النساء والتي تسمى بعملية المساحقة والعياذ بالله.
وقد يظهر في هذه الحالة من الشذوذ الجنسي المماثل على شكل صورتين فاعل ومنفعل أي في كل صورة يكون فيها شذوذ لابد من فاعل يمثل دور الرجل ومنفعل يمثل دور المرأة، وقد تكون عند شخص واحد الصورتان معاً أي يتبادل الأدوار وهذا الأمر قد لا يبدو ظاهراً في الواقع الخارجي إلا أنه في طيات الشخص موجود، وقد يعاني من الضغوطات الاجتماعية مما يحدوه إلى الزواج، ويكون عند الناس أنه إنسان عادي ولكنه حقيقة مريض مبتلى بشذوذ.
وبغض النظر عن التوجهات في منشأ هذه الظاهرة هل هو إفرازات، أو خلل فيها فإن كثيراً من المحللين يرجعون الظاهرة إلى أسس التربية في الصغر.
وأكثر الأطباء النفسانيين عندما يلاحظ هذه الظاهرة (الشذوذ الجنسي) يحاولون أن يتناولوها ويلاحظوا تطورها؛ فمثلاً قبل أن تصل النوبة إلى قبول الشخص بفكرة الشذوذ الجنسي قد يبدأ لديه في صغره مرض ممهد له، وهو الانحراف في الملبـس (transvestism) وهو عبارة عن شذوذ جنسي يتوق

عبقرية مبكرة لأطفالنا 194

فيه المصاب لارتداء ملابس الجنس الآخر، والتظاهر بمظهره، ومنشأ هذا المرض هو خلل في الانتماء إلى جنسه والإحساس بالانتماء إلى الجنس الآخر.
أما كيفية معالجة هذا الشذوذ فبإزالة الرواسب الذهنية، وتثقيفه من جديد بما يوافق جنسه وشخصيته عبر جلسات الإيحاء الذاتي عن طريق التنويم، أو بعض الادوية المساعدة لزيادة الهرمونات الذكورية، أو الأنثوية حسب الحاجة وحسب الشخص، وهذه مرتبة متأخرة.
وهناك مرتبة متقدمة وهي العملية الوقائية قبل حدوثها وتتلخص في عدة نقاط:
النقطة الأولى: أن يفرق بين الأطفال في المضاجع وذلك عند بلوغهم ست سنوات، أو عشر سنوات بين الذكور والأناث، وذلك حتى لا يحدث عنده ميل إلى النزو على المحارم والعياذ بالله. لذلك جاء عن جعفر بن محمد عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الصبي والصبي والصبي والصبية والصبية والصبية يفرق بينهم في المضاجع لعشر سنين». وفي رواية أخرى قال: «وروي أنه يفرق بين الصبيان في المضاجع لست سنين» (1).
وهذا الذي نادى به الأطباء النفسانيون حيث قالوا بوجوب توخي إنشاء العلاقة الجنسية. يقول الدكتور منير شحود في كتابه تحت عنوان (الوقاية النفسية للاضطرابات الجنسية) : «والأهم من ذلك هو منع العلاقات الجنسية بين الأطفال والمراهقين من جهة والكبار من جهة أخرى، وعمل كل شيء للحيلولة دون ذلك. وبهذا الخصوص ينصح بعدم النوم في فراش واحد للكبار والصغار من الجنس نفسه. وينبغي تحذير الفتيات من الصديقات اللواتي يظهرن نحوهن مزيداً من اللطف والحنان» (2).

(1) الوسائل: ج 20 ، ص 231.
(2) الجنس عند المرأة: 233.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 195

لذلك نجد التشديد في الشريعة الإسلامية لرد مثل هذه المسائل ومقدمتها، حتى إنها أوجبت الجلد على الشخصين الذين يوجدان تحت لحاف واحد مجردين مائة جلدة حد الزنا وذلك لأن فعلهما هو في حقيقة إرادة الزنا، وإلا فالعقوبة الحقيقة للواط والمساحقة القتل.
عن ابي جعفر عليه السلام قال: «كان علي عليه السلام إذا وجد رجلين في لحاف واحد مجردين جلدهما حد الزاني مائة جلدة كل واحد منهما» (1).
وفي رواية أخرى عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «لا ينام الرجلان في لحاف واحد إلا أن يضطرا فينام كل واحد منهما في إزاره ويكن اللحاف بعده واحداً والمرأتان جميعاً، وكذلك ولا تنام ابنة الرجل معه في لحافه ولا أمه».
كل ذلك توخياً من حدوث شذوذ جنسي أو اعتداء على المحارم.
أما التساهل في هذا الأمر والقول بأن الأطفال لا يفهمون شيئاً، أو دعوا عنكم هذا التعقيد والتشدد، فجواب هؤلاء: أن بداية النار الكبيرة هي الشرار الصغير، وبداية الحرب الكلام، وإذا كنت تعتقد بأن طفلك ساذج لم يصل إلى حد الإدراك الواعي لهذه المسائل لا تضمن الطفل الآخر، أو الشخص الآخر. وعلى كل حال إن الشيطان لم يمت بعد والشر لم ينته.
النقطة الثانية: إعطاء كل فرد شخصيته وهويته المستقلة عن الجنس الآخر بحيث تبرز فيه معالم الرجولة عند الذكر، ومعالم الأنوثة عند البنت ومن أهم الأمور في هذه النقطة هو الالتزام بالشكل الخارجي، وعدم السماح للبنت بلبس الألبسة الرجالية وبالعكس، أو تقليد قصة الشعر والذي انتشر في أيامنا هذه ـ وللاسف ـ جهلاً بحقائق الأمور، بحيث أصبح الرجل يطيل

(1) الوسائل: ج 20 ، ص 341.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 196

شعره ويلبس (التنورة) ويضع على رقبته قلادة وكأنه أنثى لا تميزه إلا إذا اقتربت منه. وأصبحت المرأة تقلد الرجل في كل شيء. ومن الشيء المضحك أني رأيت في بريطانيا عند زيارة لها أكثر من امرأة قد صلعت وأصبح رأسها خالياً من الشعر بحيث فاق الربع الخالي في بلدنا!
لذلك استحق هؤلاء وأمثالهم اللعن! فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء ولعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء» (1).
وهذا التشبه يجب أن يلاحظ منذ الصغر وأن يزال قبل أن يستفحل ويكون وبالاً عضالاً لا يمكن استئصاله إلا بالأمر الشديد، بحيث إن هذه أصبحت دعوى من تربى في الإباحية المطلقة فهذا (فاسيلكتشنكو 1983) عندما يتحدث عن التربية الجنسية السليمة، فيقول: «يجب أن يعرف الأطفال بالفروق الجنسية، وبالمناسبة عادة ما تجري الألعاب الأساسية قبل سن المدرسة (رجال الفضاء والأدوات الميكانيكية وادوات النساء وغيرها) بدون اعتبار لجنس الطفل، بينما يفضلون في سن المدرسة للصبيان الألعاب المذكرة وللبنات الألعاب المؤنثة، وإن أية تجليات للأنوثة عند الصبيان تقمع بشدة».
النقطة الثالثة: عدم إيقاظ الحس الجنسي المبكر عند الاطفال وذلك بمنعهم من المشاهد التي لا يصح الاطلاع عليها سواء كان ذلك عبر التلفاز، أو أن يشاهد والديه بحالة خاصة، أو أن يستمع إلى القصص الجنسية إذا حضر في مجلس عام، أو غير ذلك، فإن الطفل يدرك كل شيء ويحفظ كل ما يسمع وإن تظاهر بعدم المعرفة بما يقال أو ما يقصد.

(1) الوسائل: ج 2 ، ص 346.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 197

«سأل أحمد بن النعمان ابا عبدالله عليه السلام عن جارية ليس بيني وبينها محرم تغشاني فأحملها وأقبلها؟ فقال: إذا أتى عليها ست سنين فلا تضعها على حجـرك» (1).
وفي رواية أخرى قال أبوعبدالله عليه السلام : «إذا بلغت الجارية ست سنين فلا يقبلها الغلام والغلام لا يقبل المرأة إذا جاز سبع سنين» (2).
ولا بأس بأن نذكر ما أوردته مؤسسة أمريكية مهتمة بحماية الاطفال والمراهقين عن الأعراض التي تلاحظ على الطفل عند تعرضه للاغتصاب أو غيره وهي:
1 ـ معرفة الولد بالأمور الجنسية الغريبة والحديث عن الامور الجنسية حديث العارف الضليع بها.
أقول : وهذا الأمر قد لا يكون جلياً في مناطقنا التي ما زلت سلطة الأب واحترام الكبير، والأعراف موجودة فيكون شأنها أن يخبىء العارف بها عن الآخرين لا سيما مع وجود الطبقات، وقد يكون منشأ معرفة الولد أو المراهق هذه الأمور بسبب مشاهدته للأفلام الجنسية أو القراءة عنها.
2 ـ التقيؤ بدون سبب مرضي واضح.
3 ـ حب العزلة والابتعاد عن معاشرة الأصدقاء والناس.
4 ـ الخجل أمام الآخرين بشكل واضح.
5 ـ الشعور بألم في الرأس والمعدة.

(1) الوسائل: ج 20 ، ص 229.
(2) الطفل حتى ثلاث سنوات: ص 170.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 198

6 ـ إظهار الميل إلى الانتحار.
7 ـ فقدان الشهية.
8 ـ وجود بقع من الدم أو مواد غريبة على ثيابه الداخلية.
9 ـ حصول كوابيس متكررة له.
10 ـ ظهور التهابات على فمه أو لثته.
11 ـ حصوله على هدايا لا مبرر لها.
12 ـ توفر نقود كثيرة لديه.
13 ـ مطالعة المجلات الجنسية الخليعة.
وتنصح المؤسسة بمراقبة الأولاد عن كثب ومن غير توجيه إحراج إلى الطفل بعده أمور:
1 ـ معرفة أصدقاء الولد.
2 ـ عدم ترك الطفل بدون مراقبة.
3 ـ الاشتراك في نشاطات الولد.
4 ـ الاستماع إلى ما يقوله الولد عما يرغب في أن يكون عليه في المستقبل.
5 ـ الانتباه وأخذ الحذر عندما يظهر شخص غريب اهتماماً خاصاً بالولد أو البنت.
6 ـ الانتباه إلى أي تغير يحصل في سلوك أو تفكير الولد.
7 ـ إخبار المدرسة التي يرتادها الولد بأن تخبر الأهل عندما يغيب الولد عن المدرسة وذلك في نفس يوم غيابه.

عبقرية مبكرة لأطفالنا 199



الباب الثاني

الفصل الثامن


عبقرية مبكرة لأطفالنا 200



عبقرية مبكرة لأطفالنا 201

مقاومة الاحباط لدى الطفل

إن مسيرة الحياة مليئة بالمتضادات والمصالح المتناقضة بين أفراد البشرية، ومن شأن ذلك إيجاد فئة من الناس تحاول أن تهبط عزائم الآخرين وتولد لديها حالة العجز واليأس والفشل حتى لا تتقدم عليها في حياتها؛ فأي إنسان لا توجد لديه القدرة الذاتية للثبات والوقوف ضد التيار المعادي أو المخالف، فإنه يسقط صريعاً أو ينزوي بعيداً عن التيار مما يؤدي إلى فشله في الحياة.
أما كيفية إيجاد هذه القدرة الذاتية لدى الطفل فبعدة نقاط يلزم إيجادها في برنامج التربية للطفل وهي كالتالي:
النقطة الأولى: خلق منافسة بين الأطفال مع بعضهم البعض.
إن إيجاد منافسة أو مسابقة بين الأطفال على أمر معين أو الحصول على شيء ما يولد في الطفل رغبة التفوق على أقرانه ومن في سنه، وهذه الحالة تنمي فيه أن هناك أناساً يريدون الحصول على ما يريده هو، فلابد أن يجد من أجل ذلك، وهذه المثابرة هي المطلوبة في هذه المرحلة فيتعلم أنه لا يمكن أن يحصل على شيء من غير سعي ومثابرة وجهد بكل الوسائل.
النقطة الثانية: دعه يتغلب عليك في بعض الأمور.
لكي يثق الطفل بقدرته وأنه قادر على تحقيق الأمور التي لا يقدر عليها كل من هو في سنه يجب على الوالدين في أثناء اللعب مع طفلهم التظاهر بالغلبة أو الانهزام أمامه حتى يشعر الطفل بالسعادة والقوة. فهذا الشيء العظيم الذي يراه (الوالدين) وقوتهما الجبارة قد انتصر وحقق فوزاً عظيماً عليهما. وأثر ذلك أن الطفل إذا أراد أن يفعل شيئاً كبيراً بالنسبة لمستوى سنه

عبقرية مبكرة لأطفالنا 202

وجاء أصدقاؤه وثبطوا عزيمته عن المضي لأن هذا الشيء كبير لا يمكن له أن يحققه لا يعبأ بهم؛ لأنه في الميدان قد أتى بإنجازات من هذا القبيل فيبقى مواصلاً طريقه نحو هدفه.
النقطة الثالثة: اذكر له قصصاً تقوي عزيمته.
إن من أروع الامور التي تشكل ذهن الطفل هي القصص التي تسلب لبه وتأخذ عقله، وتؤثر في تفكيره فيجب على الوالدين أن يكثرا من ذكر القصص التي فيها تحد ومقاومة والفوز في النهاية، وليركزا في أثناء ذكر القصص على الامور التي يجب أن تبقى في ذهنه وأن يحذر من سماع كلام الضعفاء حتى لو كانوا أصدقاء ـ أي أصدقائه ـ وأن ينبه على تأثيرهم عليه وتضعيف عزمه بقولهم إنك لا تستطيع أن تفعل هذا وهذا الشيء أقوى منك وأنت ضعيف، بل عليه أن يتحداهم ويقول لهم: إني أستطيع أن أفعله.
فهذا الأمر خليق أن يعزز روحية المقاومة والإصرار على الاستمرار فيه. وكذا يلزم ذكر قصص الابطال فيها انهزموا مرة أو مرتين أو أكثر قبل التوصل إلى أهدافهم ورغباتهم. ومن شأن ذلك أن يربي في نفسه أن الهزيمة الأولى أو الثانية لا تعني الفشل والهزيمة باستمرار.
النقطة الرابعة: لا تعطيه شيئاً فوق طاقته.
من الضروري عندما نحس بتفوق الطفل أو إصراره على المضي في أمر ما أن نعطيه أشياء فوق طاقته ونقول له: إن كنت بطلاً ـ كما تقول ـ افعل هذا؛ فإنه من آثار ذلك تضعيف ثقته بنفسه وإحساسه بالإحباط. نعم، يلزم أن يعلم الطفل أنه لا يستطيع أن يفعل كل شيء، وذلك لا لأنه لا يستطيع بل لأنه صغير مثلاً أو أن ذلك الشيء غير ممكن أصلاً وهكذا؛ فعند ذلك يعرف أن العجز ليس في ذاته.

عبقرية مبكرة لأطفالنا 203


النقطة الخامسة: علمه أن هناك أموراً يجب أن لا يتأثر بها.
يلزم على الوالدين أن يخبرا ولدهما أن هنالك أشخاصاً لا يحبون أن يروا الغير متفوقاً عليهم، أو أنه أفضل منهم وهؤلاء الناس قد يكونون من أصحابنا وزملائنا، وهم يحاولون أن يهبطوا عزائمنا وقراراتنا يجب أن لا نسمع لهم ونمضي في طريقنا، ونحو ذلك من الأمور التي يجب أن يطلع عليها حتى لا يصدم وتكون لديه حالة عكسية أو انزواء.

عبقرية مبكرة لأطفالنا 204



عبقرية مبكرة لأطفالنا 205



الباب الثاني

الفصل التاسع


عبقرية مبكرة لأطفالنا 206



عبقرية مبكرة لأطفالنا 207


المؤثرات على شخصية الطفل


الأسلوب الأول: القصة ودورها التربوي

لاشك أن القصة من الفنون القديمة التي استخدمت على مر العصور لأغراض كثيرة وكان لها وقعها الكبير على المستمع بحيث صارت تشكل جزءاً مهماً من الثقافة لكل مجتمع وكل أمة، بل إن دراسة التاريخ والراغبين في تحقيق معرفة دقيقة عن حقبة من الزمن فإنهم يدرسون القصص التي قيلت وألفت في ذلك الزمان، وذلك لأنها تحكي عن واقع أو عن طريقة تفكير حتى في مسألة الخيال والتخيل فإنها تعكس نوعاً من الثقافة التي يعيشها أي مجتمع. وإذا كان هذا حال القصة فإنها تكون وسيلة كبيرة في تثقيف أي مجتمع أو أي شخص بالأفكار. بل لا نعدوا الصواب لو قلنا إنها من الوسائل الأول التي تستخدم في عملية التعليم سواء كان المراد تعليم الإنسان الكبير أم الطفل الصغير. وهذا واضح بالوجدان لكل إنسان منا.
ويمكننا أن نتناول أهمية القصة في دورها التربوي من عدة زوايا:
الزاوية الأولى: القصص ودورها التعليمي.
لا يختلف اثنان في أن الطفل الصغير الذي لم يتعود أسلوب المعرفة العلمي أو تلقي العلوم بالطريقة العلمية البحتة من إثباتها بالبراهين والاستدلالات أنه ينفر من هذه الأساليب أشد النفور، بل لا يمكن فرضها عليه بأي وجه من الوجوه؛ لأنها لا تنفعه بأي صورة كانت. وهذا الجانب يقابله جانب آخر في التعليم له أثر كبير عليه ووقع عظيم على نفسيته وعلى

عبقرية مبكرة لأطفالنا 208

شعوره في مرحلة الوعي، ولا وعي حيث يكون تخزين المعلومات من غير الالتفات إليها، هذا الجانب هو القصص، حيث يجد الطفل شغفه وراحته في الاستماع إلى هذه القصص التي تحكيها له جدته أو أمه أو أي قريب ومحيط له؛ فما أن يشعر الطفل الصغير بأن أحد أقاربه يريد أن يحكي قصة أو أحدوثة إلا وترك لعبه وأطرق صامتاً محيطاً بمن يقص عليه مسلماً له كل شعوره وإحساسه ووجدانه، ينتظر منه أن يتلفظ بأول كلمة ليسبح معها في أحداث القصة وما يجري فيها على الأبطال، وتجده متفاعلاً تفاعلاً كبيراً مع القصة وأحداثها. هذه الحالة هي جانب من جوانب التعليم للطفل لذا يجب أن يستفاد منها بالشكل المطلوب.
ذكر الدكتور نجيب الكيلاني في كتابة (أدب الأطفال في ضوء الإسلام) ما هذا نصه: أدب الأطفال مهم جداً في هذا المجال لأنه يؤثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة في عقل الطفل ووجدانه» ص 21.
واذا كان أسلوب القصة له أثر كبير على طريقة تفكير عقل الطفل كان لازماً على المربين الاهتمام بهذا الجانب لا سيما أنه أول مدرسة يتعلم فيها الطفل.
الزاوية الثانية: القصة ودورها في بناء المستقبل.
قبل أن نتكلم في كيفية بناء القصة للمستقبل يجب علينا أن نطرح سؤلاً: ما هو المستقبل ؟ وكيف يقرأ؟
المستقبل هو ذلك الزمان الذي سيقع بعد وما يتخلله من أحداث واقعة فيه وفي حيزه، والنظرة المستقبلية أو القراءة للمستقبل تكون من خلال التأملات لما يحدث فيما بعد وذلك بقراءة الحاضر. وقراءته تكون بملاحظة التكوين العقلي للأمة وللأفراد. وهذا التكوين هو عبارة عن

عبقرية مبكرة لأطفالنا 209

مجموعة التحليلات التي يحللها الفرد للمواقف التي تجري له بواسطة المدركات التي يختزنها في عقله سواء كانت تحت نطاق الشعور أو اللاشعور.
فإذا تقرر ذلك نقول:
حيث إن القصة لها أهداف محددة تقصدها وأفكار معينة تريدها وهي تخاطب اللاشعور في الإنسان وتحاكي وجدانه من حيث شعر بذلك أم لم يشعر فإنها تخزن في عقله الأفكار. والطفل الصغير الذي لم يميز بعد كيف يميز بين الحق والباطل أو بين الصواب والخطأ لا يوجد عنده من الفكر إلا ما يلقى إليه، وقد تأثر ذهنه بالقصص التي يسمعها أو يحفظها والتي أثرت فيه تكون هي راسمة له في المستقبل لحياته. ولا تستغرب من هذا حيث إن عظماء في التاريخ غيروا مجرى التاريخ بسبب قصة سمعوها في صغرهم، ومن هؤلاء عمر بن عبدالعزيز حيث إنه هو الذي رفع سب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، والذي دام أكثر من سبعين سنة بسبب قصة وقعت له في صغره. وذلك أنه كان طفلاً صغيراً يلعب وهو في طريقه إلى المسجد لكي يتعلم، وكعادة ذلك الزمان أخذ يشتم علياً فمر عليه أستاذه وسمعه. فلما جاء عمر بن عبدالعزيز لكي يدرس رأى أستاذه متشاغلاً عنه وعن تدريسه وفي اليوم الثاني استعلم من أستاذه عن السر الذي جعله لا يعطيه درساً بالأمس. فأجابه الأستاذ أنه هل يجوز سب أهل بدر؟
فأجاب: لا يجوز. فقال له وكيف إذاً شتمت عليا؟ فقال عمر بن عبد العزيز: أو علي من أهل بدر؟
فأجابه الأستاذ: بنعم. وأخذ يقص له دور علي في معركة بدر.
بعد هذه القصة قرر عمر بن العزيز أنه إذا تولى الحكم أن يرفع سب علي من على المنابر، وقد فعل. وكان ذلك وهو لا يتجاوز العاشرة من عمره. هذه قصة .

عبقرية مبكرة لأطفالنا 210

وقصة أخرى للفيلسوف والفقيه والشهيد السيد محمد باقر الصدر حيث سأله أحد: كيف صرت هكذا (عالماً كبيراً .. ألخ)؟
فقال: كنت صغيراً في الكاظمية في بغداد وكان هناك خطيب دائماً يتكلم عن قصص المسلمين الأوائل وبطولاتهم وأمجادهم، فقررت أن أعيد ذلك المجد وأن نكون مثلهم.
فصار ذلك الولد الصغير عالماً كبيراً. كل ذلك بسبب قصة أو حادثة وقعت له في صغره فشكل مرتكزاً فكرياً في عالم اللاشعور فصار يتحرك نحو هذا النداء الذي يقوده إلى التقدم والرقي. وهناك قصص بالعكس يذكرها التاريخ.
ومما يثبت صحة ما ذكرناه أن علماء النفس والتربية يحذروننا من مشاهدة الأفلام المرعبة للأطفال لأنها تأثر على شخصيتهم وكذلك الأفلام الإجرامية أو الجنسية أو كل فلم ومشهد له تاثير سلبي على ذهن الطفل، بل قد يتعدى الحال إلى أن تتحول حياة الطفل إلى حالة مرضية من خلال الكوابيس والأحلام المرعبة التي يراها من جراء سماعه قصص الجن أو قصص مخيفة وما كان له أثر لولا أنها تتفاعل مع اللاشعور لهذا الطفل الصغير، فتشكل له نظرة مستقبلية.
الزاوية الثالثة: القصة ودورها التربوي العقائدي والثقافي.
لا يخفى أثر القصة على نفسية المستمع سواء كان صغيراً أو كبيراً كما قلنا سابقاً، ولذلك اعتمد المربون في استخدامها كوسيلة في بث الفكر العقائدي والمبدئي؛ وذلك لأن الهدف التربوي ـ كما عليه علماء الاجتماع ـ يقوم على أساسين:

عبقرية مبكرة لأطفالنا 211


الأول: البناء وهو ما يراد منه تزويد المستمع بالفكر الحي الذي يجب أن يتخذه منوالاً في حياته، كما ينمي فيه الفطرة السليمة.
الثاني: الحماية لهذه الفطرة من الانحراف وذلك من خلال تصوير مشاهد مخيفة للمستمع أو عواقب للأمر ونهايته المحزنة، بحيث يتعظ منه ويبتعد عن فعله.
وهذا الأسلوب قد اتخذه الله سبحانه وتعالى في كثير من الآيات الشريفة من أجل تعليم الإنسان بعض الأفكار والرؤى الصحيحة؛ فمثلاً نشاهده يصور لنا حواراً بين أب وابنه، والأب يأخذ دور الموجه والمربي وهذا المشهد يعطي انطباعاً في عملية التربية بأن يجلس الأب ويجاذب ابنه الحديث ويصور له المشاهد، ويحكي له الوقائع حتى يتعلم منها؛ فقال تعالى في كتابه الشريف: « وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم * ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من اناب إلي ثم إلي مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون * يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير * يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الامور * ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور * واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير» (1).

(1) لقمان : 13 ـ 19.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 212

وهذا الحوار التربوي الذي جاء بين لقمان وابنه يعطي صورة واضحة كيف ان القصة تمثل دوراً كبيراً في تعليم المبادىء والقيم الأخلاقية، وكيف أنها تحدد الضوابط للمستمع لهذا الحوار الرائع.
فمن خلال هذا المشهد يمكننا أن نستخرج عدة نقاط منها:
1 ـ أن توحيد الله هو المراد في هذه الدنيا وأن الشرك به ظلم عظيم.
2 ـ دور الأم في تربية الطفل والحفاظ عليه وأنه لأجل ذلك يجب أن تشكر الله الذي سخر لك والدين يحبانك، ويسعيان إلى خدمتك أيها الإنسان.
3 ـ يحدد حدود الإطاعة للوالدين وذلك ما دام طاعتهم في طاعة الله. وأما خلاف ذلك فلا يجب إطاعتهم.
4 ـ التعامل مع الآباء المشركين بالمصاحبة بالمعروف.
5 ـ إعطاء صورة واضحة أن هذا العالم لا يوجد فيه شيء سدى، ومن غير هدف وأن كل فعل يفعله الإنسان سيحاسب عليه يوم القيامة إن الله عليم بهذه الأمور.
6 ـ الحث على إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والصبر على ما يصيب الإنسان جراء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن الثبات من الصفات الحسنة والأمور المحمودة.
7 ـ عدم تصعير الخد للناس وجعل الإنسان نفسه مهاناً بأي وجه ولأي سبب. ولا يعني ذلك التكبر والتعالي على الناس بل لابد أن تتحلى بالتواضع.
8 ـ كيفية السير متواضعاً وطريقة التعامل مع الناس في السلوكيات من المشي وغض البصر وخفض الصوت وغير ذلك.
وهناك أمور كثيرة يمكن أن يستفيد منها الإنسان من خلال هذا الحوار القصير الذي فيه معان كثيرة ومطالب عظيمة يعجز توضيحها للطفل الصغير

عبقرية مبكرة لأطفالنا 213

ومن إدراكها . بل تستأنس نفسه عندما يسمع هذه المطالب بشكل قصة وحوار لا سيما أن هذا الأسلوب محبب لديه قريب من نفسه فيؤتي ثماره. وهذا الآيات السابقة هي من القسم الأول في التربية وهي تعليم الطفل المبادئ.
أما القسم الثاني وهو تحذير الطفل من الانحراف والانجراف خلف التيار يمكن أن يكون فيما تضمنته قصة نبي الله يوسف عليه السلام، وكيف أن هذه السورة الطويلة جاءت بتفاصيل وحكاية لطفل صغير منذ نعومة أظافره إلى أن تولى الحكومة، وخلال هذه الأحداث يصور الله لنا المواقف التي مرت على نبي الله يوسف فتارة مع إخوته وأخرى كيف ألقي في الجب وطريقة العثور عليه. من ثم ينقل لنا كيف يجب أن يكون الفتى المسلم عفيفاً لا ينجرف وراء الشهوات والزلات وإن تعرض إلى السجن والمضايقات، وما هي عاقبة من يصبر ويطيع الله في النهاية.
بل إن الله سبحانه وتعالى استخدم أسلوب القصة بشكل واضح في كثير من مواضع القرآن الشريف؛ فقد قال الله تعالى: « فاقصص القصص لعلهم يتفكرون». وفي آية أخرى قال تعالى: « لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب» صدق الله العلي العظيم.
فإن القصص في حكم الله وعلم الله أنها للعبرة وللعضة والتفكير، وكل هذه الأمور هي التي تبني شخصية الإنسان والكبير، فإذا كانت القصص تؤثر على الكبير فتأثيرها على الطفل الصغير أشد وأسرع. ومن هنا وجب الاستفادة من هذا الفن في تثقيف الطفل بما يجب عليه أن يتعلمه من خلال القصة لكونه أقرب لنفسه وأحب لفؤاده.
الزاوية الرابعة: القصة تنمي الإحساس الإبداعي عند الطفل.

عبقرية مبكرة لأطفالنا 214

عندما تتلى أي قصة على أي طفل فان ذهنه يحلق بعيداً في عالم القصة ويقوم عقله برسم صور للأبطال وللأشخاص الموجودين في القصة، وإلى الأماكن التي ذكرت والملابسات التي تحيطهم، فكلما سمع شيئاً رسم له صورة في ذهنه. وهذه الطريقة تنمي عند الطفل حس الإبداع والخيال وتطوير ملكة الحس الإبداعي من خلال تركيب الصورة والمشاهد، ولذلك يلاحظ على الطفل عندما يسمع القصة أنه يسأل عن أشياء وعن تفاصيل لم يلتفت إليها القاص وهذا يثبت ما ذهبنا إليه، بل إن الحس الإبداعي عند الطفل قد ينشأ من نفس تركيبته فإن الطفل الصغير تراه ينشىء حوارات مع ألعابه، وتراه يصور لنفسه قصة ويصدقها ويعيش مع أحداثها. ومن هنا قد يلاحظ بعض المربين أن الطفل الصغير يكذب أحياناً عندما يفعل خطأ؛ فقد يقول: أن العصفورة هي التي كسرت الكأس مثلاً، وهذا ليس كذباً منه بل هو تخيل أن العصفورة جاءت وكسرت الكأس ثم ذهبت وصدق هو ذلك فيقول حسب تصوراته. نعم، عندما يدرس الأسلوب القصصي يلاحظ أن الطفل الصغير يحب القصص الخيالية،والطفل الذي تجاوز عمره العاشرة يحب القصص المغامراتيه، والمراهق يحب القصص العاطفية، والكبير يحب القصص الواقعية والتاريخية وهكذا. وهذا يدل أيضاً على تركيبة العقل عند الطفل وكيف هي في بدايتها انها تعتمد على الحس الإبداعي والخيالي الذي يرسم صورة للعالم الخارجي وللمستقبل.
فقد جاء في كتاب (الطفل وعالمه النفسي) عن ماهية أدب الطفل ما هذا نصه: «الأدب هو تجسيد فني تخيلي للحياة وللفكر وللوجدان. وإذا كان الأدب يستعين بالكلمة للتعبير، فإن الفنون الأخرى تعتمد وسائل إضافية كالحركات والخطوط والألوان والمؤثرات والتشديد على الكلام.

السابق السابق الفهرس التالي التالي