عبقرية مبكرة لأطفالنا 51



الباب الأول

الفصل الثاني


عبقرية مبكرة لأطفالنا 52



عبقرية مبكرة لأطفالنا 53

المرحلة الثالثة

لا شك أن اللقاء الجنسي من حيث هو حدث مادي لابد أن يضمن الزمان الذي يقع فيه الحدث، والمكان الذي وقع فيه، والكيفية التي وقع بها. وكل هذه الأمور لها مدخلية على الزوجين وعلى الولد الذي يراد أن يؤتى به. ومن المسلم أن الحالة النفسية لها الأثر الأكبر في عملية الجماع؛ إذ من خلالها يتوقف على نجاح العملية بمقدار يفوق النصف من تقسيم اللقاء الجنسي، وتبقى الوظيفة المادية التي تكمل الدور المطلوب لإتمام الجماع على الصورة المطلوبة. والجماع يراد منه أمران:
الأمر الأول: طلب النسل.
الأمر الثاني: طلب الشهوة واللذة.
ومن المعلوم أنه ليس كل لقاء يراد منه الإنجاب، أما الذي يراد من خلاله الإنجاب فيجب أن يكون الزوجان في أقرب حال ترضي الله سبحانه وتعالى. فكلما كان الزوجان في صورة الإنسانية لا البهيمية جاءتهما الإشراقات الإلهية، وكان الولد في وضع يتلقى تلك الإشراقات بقدر قابليته الذاتية التي حصل عليها من والديه.
قال تعالى: « أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها» (1).
بخلاف الذي تتكون نطفته بنحو الظلمانية والجهل؛ فإن مثل هذا لا يحصل على السعادة بل يكون شقياً في بطن أمه.

(1) الرعد : 17.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 54

ونحن سنذكر كل الأمور التي تكون مقربة لله سبحانه وتعالى والأمور التي زجر عنها، ونهى عنها نهياً شديداً بإذن الله.
وقبل الخوض في صلب هذا الموضوع قد يطرق مخيلتك سؤال عندما تتعمق في هذا البحث والذي سيروي على مسامعك أن بعض الهيئات، أو الكيفيات تؤثر على نفس الجنين. وهو كيف نفسر ظاهرة كون أطفال أوربا وغيرها في غاية الصحة والجمال في حين أنهم لم يلتفتوا إلى هذه المستحبات ويتجنبوا عن المنهيات؟
في الجواب يقال:
أولاً: إن الإرشادات التي جاءت بها الساحة المقدسة أمور إرشادية بمعنى تنبيهية وتعليمية سواء كانت تحذيرية أو غيرها.
ثانياً: إن هذه الإرشادات جاءت توخياً من حدوث أمثال هذه الأمور، أي وقاية. والوقاية خير من العلاج، فقد يكون عند الأب أو الأم قابلية لحدوث أمر معين في وضع معين فتنشأ مثل هذه الحالة أو تلك.
ولتوضيح ذلك أكثر نقول: قد يأمرك الطبيب بأن لا تمش تحت أشعة الشمس مدة طويلة، أولا تقف خارج البيت عند حدة الشمس فتصيبك ضربة الشمس؛ فإن كثيراً من الناس يخالفون هذه الأموار ولا يتعرضون للنتيجة بسرعة، ولكن قد يتعرض لذلك بعضهم من أبسط الأشياء. وحتى لا يقع ما لا يحمد عقباه ولا يحسن حدوثه، فيجب أن نتوخى ذلك.
ثالثاً: لو اطلعت على حالات الولادة في الدول الأوربية لوجدت كثيراً من التشوهات الخلقية، أو الخلقية وذلك لعدم الالتزام ببعض الآداب .
رابعاً: إن هذه الأوامر لها آثار روحية ومعنوية تؤثر في نفسية الطفل، والله ورسوله وأهل بيته أعلم من غيرهم بما يؤثر وما لا يؤثر.

عبقرية مبكرة لأطفالنا 55

وقت الجماع

إن للوقت مدخلية كبرى في تأثيرها إيجابياً أو سلبياً على الأعمال. لذا تجد أن هناك أوقاتاً حسنة لعمل ما. ونفس هذا العمل في زمن آخر يقابل بعدم القبول والرضى؛ فملاحظة الأوقات التي يقع فيها حدث اللقاء الجنسي أيضاً له هذه الصفة. والشارع الإسلامي اعتنى بهذه المسألة اعتناء كبيراً فأخذ يحث على أوقات معينة وينهى عن أخرى.
عن ضريس بن عبد الملك قال: «بلغ أبا جعفر عليه السلام أن رجلاً تزوج في ساعة حارة عند نصف النهار، فقال أبو جعفر عليه السلام : ما أراهما يتفقان، فافترقا».
وعن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «أنه أراد أن يتزوج امرأة فكره ذلك أبوه، قال: فمضيت فتزوجتها حتى إذا كان بعد ذلك زرتها فنظرت فلم أر ما يعجبني، فقمت أنصرف فبادرتني القيمة الباب لتغلقه علي.
فقلت : لا تغلقيه ، لك الذي تريدين.
فلما رجعت إلى أبي أخبرته بالأمر كيف كان . فقال: يا بني إنه ليس عليك إلا نصف المهر، وقال: أنت تزوجتها في ساعة حارة
» (1).
فمن خلال هاتين الروايتين يظهر لنا أثر الزمان على الاستمرار في الحياة الزوجية وعدمه، وإن كانت الروايتان تشيران إلى أن إيقاع العقد في ساعة حارة موجباً للكراهية، فإنهما قد تدلان أيضاً بالدلالة الالتزامية على أن الرجل إذا واقع زوجته في ساعة حارة، وكان أول اللقاء بينهما يوجب عدم ركون النفس ونفورها

(1) الوسائل: ج 20 ، ص 92.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 56

من المقابل بسبب شوبه بالمنفرات الخارجية (الحر وما يسببه من ضيق وألم نفسي وتعب) ، مما يؤدي إلى عدم الراحة والسعادة فيؤثر سلباً على الزوج بالنسبة لزوجته؛ فتكون مظهر تشاؤم بالنسبة له فتزهد نفسه فيها، فيقع الطلاق والعياذ بالله.
والالتزام بأوامر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته له من الأثر ما لا يخفى.

الأوقات المنهي عنها:


وهي كالتالي: (هي من وصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعلي):
أولاً: «يا علي لا تجامع امرأتك في أول الشهر ووسطه وآخره؛ فإن الجنون والجذام والخبل يسرع إليها وإلى ولدها».
وفي رواية أخرى عن الصادق عليه السلام قال: «فليسلم لسقط الولد».
ثانياً: «يا علي لا تجامع امرأتك بعد الظهر؛ فإنه إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول».
ثالثاً: «لا تجامع امرأتك في ليلة الفطر؛ فإنه إن قضي بينكما ولد يكون له ستة أصابع أو أربعة».
رابعاً: «لا تجامع امرأتك بين الأذان والإقامة؛ فإنه إن قضى بينكما ولد يكون حريصاً إلى إهراق الدماء».
خامساً: «لا تجامع امرأتك في ليلة النصف من شعبان؛ فإن قضى بينكما يكون مشؤوماً ذا شامة في وجهه».
سادساً: «لا تجامع أهلك في آخر درجة منه إذا بقي منه يومان؛ فإنه إن قضي بينكما ولد يكون عشاراً أو عوناً للظالم فيكون هلاك قيام من الناس على يديه».


عبقرية مبكرة لأطفالنا 57


سابعاً: «إذا خرجت في سفر فلا تجامع أهلك تلك الليلة؛ فإنه قضي بينكما ولد ينفق ماله في غير حق».
ثامناً: «لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن؛ فإنه إن قضي بينكما ولد يكون عوناً لكم ظالم».
تاسعاً: «لا تجامع أهلك في أول ساعة من الليل؛ فإنه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون ساحراً مؤثراً لدنياه على آخرته».
عاشراً: «لا تجامع ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس».
الحادي عشر: «وكل آية سماوية من زلازل وكسوف وخسوف ورياح شديدة . . . الخ».

والعلة في ذلك أنه في وقت الاضطراب الشديد تكون حالة الزوجين النفسية غير سوية، فيؤثر على حالتهما الجنسية مما تؤثر أيضاً على النطفة فتؤثر على الولد بالنتيجة.
الثاني عشر: «لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك؛ فإني أخشى إن قضي بينكما ولد أن يكون (مخنثاً مخبلاً)».

الأوقات المستحبة للجماع:


أولاً: عليك بالجماع ليلة الاثنين، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون حافظاً لكتاب الله راضياً بما قسم الله عزوجل له.
ثانياً: إن جامعت أهلك ليلة الثلاثاء فقضي بينكما ولد؛ فإنه يرزق الشهادة بعد شهادة: أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولا يعذبه الله مع المشركين، ويكون طيب النكهة من الفم رحيم القلب سخي اليد طاهر اللسان من الغيبة والكذب والبهتان.

عبقرية مبكرة لأطفالنا 58


ثالثاً: إن جامعت أهلك ليلة الخميس فقضي بينكما ولد يكون حاكماً من الحكام أو عالماً من العلماء.
رابعاً: وإن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عن كبد السماء فقضي بينكما ولد، فإن الشيطان لا يقربه حتى يشيب ويكون فهماً ويرزقه الله السلامة في الدين والدنيا.
خامساً: وإن جامعتها ليلة الجمعة وكان بينكما ولد؛ فإنه يكون خطيباً مفوهاً.
سادساً: وإن جامعتها في ليلة الجمعة بعد العشاء الآخر، فإنه يرتجى أن يكون من الابدال إن شاء الله.
سابعاً: وإن جامعتها يوم الجمعة بعد العصر فقضي بينكما ولد يكون معروفاً مشهوراً عالماً.
ثامناً: أول ليلة من شهر رمضان لقوله تعالى: « أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسآئكم» .
تاسعاً: إتيان الزوجة عند ميلها (الرواية طويلة في حادثة بين الرسول والحولاء).
عاشراً: إتيان الزوجة لمن نظر إلى أجنبية فأعجبته. عن علي عليه السلام قال: «إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله؛ فإن عند أهله مثل ما رأى فلا يجعلن للشيطان عليه سبيلاً يصرف بصره عنها. فإذا لم يكن له زوجة فليصل ركعتين ويحمد الله كثيراً وليصل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم يسأل الله من فضله فإنه له من رأفته ما يغنيه» (1).

(1)الوسائل : ج20 ، ص 106 .
عبقرية مبكرة لأطفالنا 59

الكيفية الممنوع عنها في الجماع

أولاً: «لا تتكلم عند الجماع؛ فإنه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس».
ثانياً: «لا ينظرن أحد في فرج امرأته وليغض بصره عند الجماع؛ فإن النظر إلى الفرج يورث العمى في الولد».
ثالثاً: «من كان جنباً في الفراش مع امرأته فلا يقرأ القرآن؛ فإني أخشى عليهما أن تنزل نار من السماء فتحرقهما».
رابعاً: «لا تجامع امرأتك إلا ومعك خرقة ومع أهلك خرقة. ولا تمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة؛ فإن ذلك يعقب العداوة بينكما مما يؤدي بكما إلى الفرقة والطلاق».
خامساً: «لا تجامع امرأتك من قيام فإن ذلك من فعل الحمير، وإن قضي بينكما ولد كان بوالاً في الفراش كالحمير البوالة في كل مكان».
سادساً: «لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة فإنه إن قضي بينكما ولد يكون جلاداً، وقتالاً ، أو عريفاً».
سابعاً: «لا تجامع امرأتك في وجه الشمس وتلألؤها إلا أن يرخى ستر فيستركما؛ فإن قضى بينكما ولد لا يزال في بؤس وفقر حتى يموت».
ثامناً: «إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب، بخيل اليد».
تاسعاً: «لا تجامع أهلك على سقوف البنيان؛ فإنه إن قضي بينكما ولد يكون منافقاً، مرائياً، مبتدعاً».


عبقرية مبكرة لأطفالنا 60

عاشراً: «لا تجامع في السفينة ولا مستقبل القبلة ولا مستدبرها».
الحادي عشر: عدم الجماع في مكان لا يوجد فيه الماء للغسل إلا لضرورة (1).
الثاني عشر: عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال لرجل من أوليائه: «لا تجامع أهلك وأنت مختضب فإنك إن رزقت ولداً يكون مخنثاً» (2).
وفي رواية أخرى عللها الإمام بقوله لأنه محتضر. (والمختضب الذي تلون بالحناء).
الثالث عشر: لا تجامع المرأة وفي البيت صبي، أو صبية أو خادم يرون أو يسمعون.
عن ابن راشد عن أسيد قال سمعت أبا عبدالله يقول: « لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبي؛ فإن ذلك مما يورث الزنا» (3).
الرابع عشر: لا تجامع المرأة وقد احتلمت؛ فإن ذلك يورث الجنون.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «يكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى؛ فإن فعل فخرج الولد مجنوناً فلا يلومن إلا نفسه» (4).
الخامس عشر: لا تجامع امرأتك ومعك خاتم فيه ذكر الله أو شيء من القرآن .
السادس عشر: لا تجامع امرأتك وفي المحضر امرأة أخرى ترى ذلك.

(1) س : 109.
(2) س 125.
(3) س 132.
(4) س 139.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 61

الكيفية المسموح بها في الجماع

أولاً: استحباب التسمية والاستعاذة وطلب الولد الصالح السوي عند الرغبة في الجماع.
فعن عبدالرحمن بن كثير قال: « كنت عند أبي عبدالله عليه السلام جالساً فذكر شرك الشيطان فعظمه حتى أفزعني قلت: جعلت فداك فما المخرج من ذلك؟ فقال: إذا أردت الجماع فقل: بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو بديع السموات والأرض، اللهم إن قضيت عني في هذه الليلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً ولا حظاً واجعله مؤمناً مخلصاً من الشيطان ورجزه جل ثناؤك » (1).
ثانياً: استحباب إكثار المداعبات بين الزوجين قبل الجماع.
عن أبي عبدالله عن أسيد قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة من الجفاء: أن يصحب الرجل الرجل فلا يسأله عن اسمه وكنيته، وأن يدعى الرجل إلى طعام فلا يجيب، وأن يجيب فلا يأكل، ومواقعة الرجل أهله قبل المداعبة» (2).
ثالثاً: استحباب المكث واللبث وترك التعجيل عند الجماع، بل يتريث حتى ينتهي الطرف المقابل.
فعن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قال: «إذا أراد أحدكم أن يأتي زوجته فلا يعجلها فإن للنساء حوائج».

(1) س : 136.
(2) س : 119.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 62

رابعاً: أرض الطرف المقابل بكل وجه ممكن ما لم يتعدى حدود الجسد.
عن عبيد عن زرارة قال: «كان لنا جار شيخ له جارية فارهة قد أعطي بها ثلاثين ألف درهم، وكان لا يبلغ فيها ما يريد وكانت تقول: اجعل يدك كذا بين شفري؛ فإني أجد لذلك لذة وكان يكره أن يفعل ذلك فقال لزرارة؛ سل أباعبد الله عليه السلام عن هذا؛ فسأله، فقال: لا بأس أن يستعين بكل شيء من جسده عليها، ولكن لا يستعين بغير جسده عليها» (1).
وذلك ـ والله العالم ـ حتى لا يكون عند المرأة أو الرجل حالة من الشذوذ والزهد في الطرف المقابل، لذا نبه الإمام صلوات الله عليه بقوله : «من جسده عليها ولكن لا يستعين بغير جسده».

(1) س:111 .
عبقرية مبكرة لأطفالنا 63

المرحلة الرابعة

وإذا انعقدت النطفة أذن بخلق مخلوق جديد. وهنا تجب أمور كثيرة على الأم بالخصوص؛ لأنها صارت مستودعاً لهذا المخلوق، ولأن الآثار التي ستظهر عليها ستنعكس سلباً أو إيجاباً على الطفل مما يلزم على الأم ما يلي:
أولاً: أن تضع نصب عينيها أن هذا المولود سيكتب له السعادة أو الشقاء في هذه الفترة؛ فعليها أن تبتعد عن المحرمات بـل والمكروهـات فالله سبحانه وتعالـى يقـول: « وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا» (1).
فالله عزوجل يقول للوالدين حتى لا تخافا على ذريتكما يجب أن تقيما حدود الله سبحانه وتعالى، وأن تقولا قولاً سديداً؛ فعملكما له انعكاسات على ذريتكما وتظهر هذه الانعكاسات منذ بداية النطفة؛ لأنه كان لها حظ من الموجود المرتبط بالوالدين. وهنا يوجد تعليق للسيد الطباطبائي في معرض تعليقه على هذه الآية الشريفة يقول: «من هذه الآيات أن هذا الانعكاس إنما هو من عمل الإنسان إلى نفسه، إلا أن هناك آيات دالة على أن الأمر أوسع من ذلك وأن عمل الإنسان خيراً أو شراً ربما عاد إليه في ذريته وأعقابه.
قال الله تعالى: « وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك» (2).

(1) النساء: 9.
(2)الكهف: 82.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 64

فظاهر الآية أن لصلاح أبيهما دخلاً فيمـا أراده الله ورحمـة بهمـا، وقـال تعالى: « وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً»، وعلى هذا فأمر انعكاس العمل أوسع وأعم، والنعمة أو المصيبة ربما تحلان بالإنسان بما كسبت يدا شخصه أو أيدي آبائه» (1).
فكما أن تناول دواء من غير استشارة الطبيب قد يؤدي إلى تشوه الطفل ويكون عندها مشوهاً ـ لا سمح الله ـ فكذلك الإقدام على الأفعال القبيحة والمحرمة ـ والعياذ بالله ـ يؤثر على نفسية الطفل وتشوه روحه فيجعلها غير قابلة للكمالات والاستعدادات الروحية؛ لأن الأفعال لها تجسمات فإن أكل مال اليتيم هو حقيقة عن أكل النار لقوله تعالى: « إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم نارا» (2).
والغيبة حقيقة عن أكل لحم أخيه ميتاً؛ فإن هذا الطعام الذي يتغذى عليه الطفل مشوه وله آثار جانبية حتماً ستنعكس هذه الآثار على الطفل.
ففي الرواية عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : « لقد خلقنا الإنسان في كبد» يعني منتصباً في بطن أمه مقاديمه إلى مقاديم أمه ومواخيره إلى مواخير أمه، غذاؤه مما تأكل أمه ويشرب مما تشرب تتنسمه تنسيماً .. الخ» (3).
نقل العلامة المظاهري في كتابه (تربيت فرزند در نظر إسلام) هذه القصة التي حصلت لولد العلامة المجلسي وهو ابن سبع سنوات.

(1) تفسير الميزان : ج 4 ، ص 202.
(2) النساء : 9 .
(3) البحار: ج 60 ، ص 343.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 65

«ذات ليلة وهو في صحن المسجد أخذ يلعب هنا وهناك، فوقع نظره على قربة ممتلئة في فناء المسجد، أخذ إبرة في يده ووضعها في القربة، فصب الماء على الأرض . . . شيئاً فشيئاً وصلت الحادثة إلى مسامع العلامة فأغضبته كيف أن ولده تصرف هذا التصرف ذهب إلى بيته وأخذ يحاسب نفسه، وزوجته عن هذا الفعل فيقول: ما هو الشيء الذي لم أراعيه جيداً؟
الأمور التي قبل انعقاد النطفة عملتها . . والامور التي أثناء انعقاد نطفته عملتها . . من حيث الغذاء كنت مواظباً . وأخذ يحاسب نفسه ويتذكر ممن مورد التقصير ليرجع إليه سر فعل الطفل. فلم يجد حينئذ جواباً. وجه حديثه إلى زوجته وقال لابد أن يكون التقصير تقصيرك . . . فكري جيداً فيما فعلت؟ زوجته قالت : تذكرت . . نعم، إنه تقصيري وقتما كنت حاملاً ذهبت إلى بيت جارتنا لأمر عندي وعندما رجعت كان في مزرعتهم توجد شجرة رمان ولما رأيتها جاء في مخيلي أن الرمان حامض، ولأني كنت حاملاً لدي ميلان إلى الأشياء الحامضة، أخذت رمانة واحدة وفتحتها فوجدتها حلوة غير حامضة ولم أخبر صاحبة المنزل. هذا الذي فعلته».
فانظر يا عزيزي القارىء كيف أن لقمة واحدة وتذوقها ظهر أثرها بعد سبع سنوات!
ولو لا أن العلامة المجلسي كان حريصاً على ذلك لربما زاد الأثر. فما عقوق الوالدين وضربهما والتجني على حقوقهما وحقوق الآخرين إلا نتيجية لمثل هذه الامور.
لذا عليك أيتها الأم العزيزة أن تراعي هذه الجوانب، وتعطيها من الأهمية ما يلزم، أن تكوني في حالة حذر وحرص من الأمور المحرمة والأكل المحرم. أما الأكل المشتبه به يجب أن يسمي عليه الله سبحانه وتعالى، وأن

عبقرية مبكرة لأطفالنا 66

يدعو أن يرفع عنه آثاره السلبية مع دفع الصدقة في ذلك حتى ترفع الآثار إن شاء الله.
الأمر الثاني: يجب أن تأخذ المرأة على عاتقها مضاعفة الأمور المستحبة، وعدم ترك الواجب لأي عذر من الأعذار، ولتقوي علاقتها بالله سبحانه وتعالى؛ فلتكن على طهارة دائماً لأن الله سبحانه وتعالى يحب المتطهرين. قال تعالى: « يحب التوابين ويحب المتطهرين» (1) فإن البقاء على الطهارة ليس بالأمر الصعب ولا بشاق بل هو أمر سهل يسير. فإذا أحبك الله فإنه سيكافئك برحمته ونظره إليك؛ فإن نظر الله إليك ظهرت عليك الإشراقات الربانية مما تنعكس هذه الأنوار على الجنين فيكون سعيداً في بطن أمه.
ومن الأمور التي لها أثر واضح هو قراءة القرآن، ويكفيك أن تعلم أن السيد محمد حسين الطباطبائي علم الهدى هذا الطفل المعجزة ما خرج بهذه الصورة إلا ببركة أن والديه يومياً يقرءان جزءاً من القرآن؛ فكانت هكذا حالتهما منذ بداية زواجهما حتى الآن فكافأهما الله بهذا الولد الذي يعد معجزة في قرننا هذا، زاده الله توفيقاً إلى توفيقاته.
فكما أن القرآن دافع إلى المزيد من التوفيقات والإفاضات كذلك رافع للأمور السيئة والآثار القبيحة في نفس الطفل ولوالديه. قال الله تعالى: « إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما» (2).
حدثني أحد المشايخ اللبنانيين (حفظه الله) أن زوجته كانت حاملاً فذهب بصحبتها إلى طبيبة للكشف على وضع الجنين . . فلما كشف عليها

(1) البقرة: 222.
(2) الفرقان: 70.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 67

قالت لهما الطبيبة: إن الجنين سيولد مشوهاً؛ لأنه توجد على الجنين جرثومة من شأنها أن تخلف تشوهاً فيه.
فتلقيا الخبر بحالة يرثى لها . . فما كان من أمه إلا أن أخذت بقراءة القرآن وبالخصوص سورة يوسف؛ ليخرج جميلاً معافى وسورة مريم؛ ليكون عفيفا مع توسلاتها بأهل البيت رضوان الله عليهم. وبحمد الله بدل الله خوفها أمنا. فخرج الولد جميلاً معافى من كل سوء، ومن كل تشوه؛ فقد رأيته بأم عيني كذلك.
ومن لطيف ما يذكر أني تشرفت بزيارة الإمام الرضا عليه السلام فرأيت مولاي الشيخ بهجت (روحي فداه) هناك وكنت بصحبته لما خرج من الحرم المطهر، فالتفت إلي وقال: أامر أهلك بأن تكثر من قراءة القرآن؛ فإنه يؤثر في روحية الطفل وأمرها أيضاً أن تشرب ماء زمزم مع قليل من التربة الحسينية.
فسألته: هل قراءة سورة يوسف تؤثر في جمال الطفل وسورة مريم في عفافه؟
فأجاب بقوله: خذ من القرآن ما شئت لما شئت؛ فقراءة القرآن للعفاف والتقوى وللجمال وما أشبه ذلك.
والخلاصة : فكل أمر من شأنه أن يقرب إلى الله يجب أن يعمل ويكون في نيته طلب التوفيق للجنين.
الأمر الثالث: كثرة الدعاء للولد وفي هذه الفترة يستحب أن يدعو الزوجان ـ وبالخصوص الزوج ـ أن يرزقه الله الولد الصالح، وأن يطلب من الله نوع الولد ذكراً كان أو أنثى ، وليكن ذلك ما قبل الشهر الرابع من الحمل وفي أثنائه بالخصوص؛ فإنه يحدد كونه ذكراً أو أنثى في الشهر الرابع على بعض الروايات من قبل الله.

عبقرية مبكرة لأطفالنا 68

فعن أبي عبدالله عليه السلام قال: «إذا كان بامرأة أحدكم حمل وأتى عليها أربعة أشهر فليستقبل بها القبلة وليقرأ (آية الكرسي) وليضرب على جنبها وليقل (اللهم إني قد سميته محمداً) ، فإن الله عزوجل يجعله غلاماً. فإن وفي بالاسم بارك الله له فيه، وإن رجع عن الاسم كان لله فيه الخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه».
وهناك روايات أخرى تحث على الدعاء في أي وقت، ومن غير تحديد للشهور الأربعة الأولى بل حتى مع خروج الجنين من الرحم يستحب الدعاء أثناء ذلك.
عن محمد عمرو بن سعيد عن أبيه قال: «كنت عند أبي عبدالله عليه السلام حيث دخل عليه داود الرقي، فقال: جعلت فداك إن الناس يقولون إذا مضى للحمل ستة أشهر فقد فرغ الله من خلقته. فقال أبو الحسن عليه السلام: يا داود أدع ولو بشق الصفاء.
فقلت : وأي شيء الصفاء؟
قال: ما يخرج مع الولد فإن الله عزوجل يفعل ما يشاء».


عبقرية مبكرة لأطفالنا 69

الأمر الرابع :
اختيار الغذاء الذي تتغذى به المرأة الحامل؛ لأن الطعام يتحول بعد عملية الهظم إلى ذرات صغيرة تجري في الرحم بحيث يكون قوامه الغذاء، والغذاء بجميع أنواعه من البروتينات أو الدهنيات أو النشويات يصب كله في خدمة الإنسان من حيث السلامة والضعف، فالجنين يتأثر بغذاء الأم باعتباره عضواً منها، له ما لها وعليه ما عليها، وذلك لأن الجنين يتغذى من مجرى الدم عبر جذور أو حبيبات مغذية تنمو في بطانة الرحم حتى تعرف هذه الجذور بالمشيمة التي من خلالها ينساب دم الجنين ومن هناك إلى دم الأم يمتص المواد من دم أمه.
وهكذا يكون تأثير الغذاء واضحاً على الجنين سواء كان إيجابياً أو سلبياً؛ فهناك بعض الأطعمة إذا تناولتها المرأة الحامل كان أثرها واضحاً على جنينها، فكل ثمرة لها أثر خاص ينعكس على شكل الطفل. وقبل أن نستعرض هذه الأغذية يجب أن يفهم القارىء العزيز أن تناولها يلزم أن يكون بشكل مستمر، لا مرة واحدة فقط بل تلزم المداومة عليها ما دامت المرأة حاملاً، وهي كالتالي:
1 ـ إن أكل السفرجل يؤثر إيجابياً في إظهار الطفل بمظهر الجمال وأن يصفي لونه ويطيب رائحته ويحسن.
عن مسلم أنه قال في المرأة الحامل: «تأكل السفرجل فإن الولد يكون أطيب ريحاً وأصفى لوناً».
وفي رواية أخرى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أطعموا حبالاكم السفرجل فإنه يحسن أخلاق أولادكم».

عبقرية مبكرة لأطفالنا 70

قد ذكر علماء التغذية أن السفرجل يتركب منه الأملاح الكلسية وحامض التفاح والبسين أي الهضمين فهو يتألف من 62,2% من ماء و 7,9% سكر و 9% بروتين و 2% مواد دهنية و 8,12% أليافاً و 14,9% رماد. وأما مواده المعدنية فهي 6% كبريت و19% فوسفور و 14% كلس و 2% كلور و 2% صودا و 12% بوتاس كما أنه غني بالفيتامين (آ) و (ب) .
2 ـ إن أكل اللبان يجعل الطفل أشد ذكاء ويفيض عليه الشجاعة إن كان ولداً، وإن كان أنثى يحسن شكلها ويحسن أخلاقها.
عن الحسن بن علي عليه السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أطعموا حبالاكم اللبان فإن الصبي إذا غذي في بطن أمه باللبان اشتد عقله فإن يكن ذكراً كان شجاعاً، وإن ولدت أنثى عظمت عجيزتها فتحضى عند زوجها بمكانة».
(اللبان) : عبارة عن مواد صمغية يستخرج من الأشجار وهي في بادىء خروجها بيضاء اللون تميل إلى الاصفرار، من فوائدها أنها تنفع لكثير النسيان فالطب القديم يقول: إن أنقع منه مثقال في ماء وشرب كل يوم نفع المبلغمين وزاد في الحفظ، وجدا في الذهن وذهب بكثرة النسيان.
وكذا قال أيضاً ابن سينا في القانون (الكندر) : «إن اللبان مقوي للروح الذي في القلب والذي في الدماغ فهو لذلك نافع من البلادة والنسيان». انتهى كلامه.
كما يوجد في اللبان كثير من الفيتامينات.
3 ـ أكل الهندباء يزيد في جمال الولد ويساعد أن يكون الولد ذكراً.
عن السياري يرفعه قال: «عليك بالهندباء فإنه يزيد في الماء ويحسن الولد وهو حار لين يزيد في الولد الذكورة».
وأما بالنسبة للهندباء فقد ذكر علماء التغذية أنها غنية بالحديد والكلس والصوديوم والبوتاس، ولها خاصية منشطة للهضم وذات أثر في التشنجات

عبقرية مبكرة لأطفالنا 71

الكبدية. ويقول الدكتور صبري القباني: «وقد اكتشف الطب الحديث ان فوائد الهندباء لا تقتصر على كل تلك الفوائد، بل تمتد إلى الجسم عامة فتقويه بسبب وجود الحديد فيها».
4 ـ أكل التمر، وخاصة التمر البراني يزيد في كون الولد حليماً. وقد ورد استحبابه أيضاً بشكل مؤكد أن تأكله النفساء عند الولادة.
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أطعموا المرأة في شهرها الذي تلد فيه التمر؛ فإن ولدها يكون حليماً نقياً» (1).
وفي رواية أخرى عن أميرالمؤمنين علي عليه السلام يقول: «ما تأكل الحامل من شيء ولا تتداوى به أفضل من الرطب». قال الله عزوجل لمريـم عليهـا السـلام: « وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا».
5 ـ إن أكل البطيخ يؤثر في إفاضة الجمال على الوجه ويحسن الخلق.
قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : «ما من امرأة حاملة أكلت البطيخ لا يكون مولودها إلا حسن الوجه والخلق» (2).
أما بالنسبة للبطيخ فهو غني بالفيتامين (ث) وفيه نسبة ضئيلة جداً من حمض النيكوتنيك ويحتوي أيضاً على الكبريت والفسفور والكلور والسودا والبوتاس ويقول الدكتور (ينسلي) أن عصير البطيخ يقي من التيفوئيد كما يفيد المصابين بالرماتيزم.
6 ـ شرب السويق يوجب أن يكون الولد قوياً.

(1) مكارم الأخلاق: ص 265.
(2) مستدرك الوسائل: ج 2 ، ص 632.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 72

عن بكير بن محمد قال: «كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له رجل: يا بن رسول الله يولد لي الولد فيكون فيه البله والضعف. فقال ما يمنعكم السويق اشربه وأمر أهلك به، فإنه ينبت اللحم ويشد العظم ولا يولد لكم إلا القوي».
7 ـ الرمان ثلاثة أنوع: حلو وحامض ومعتدل وتختلف ميزاته وخصائصه باختلاف نوعه ولاختلاف نسبة المواد السكرية الموجودة فيه، ويحتوي الرمان على فيتامين (ث) أيضاً ويحتوي الرمان على نسبة كبيرة من عنصر الحديد مما يساعد على تكوين الكريات الحمراء.
وقد ذكرت الروايات أن الرمان يساعد الأطفال على النطق بصورة أسرع ويؤدي إلى الشباب.
ومن إملاء الشيخ أبي جعفر الطوسي عليه الرحمة: أطعموا صبيانكم الرمان فإنه أسرع لألسنتهم (1).

(1) مكارم الأخلاق: 271.
عبقرية مبكرة لأطفالنا 73

الأمر الخامس
يلزم على الأم أن تراعي حالة الهدوء، وبرودة الأعصاب؛ لأن حالتها تنعكس على وضع الجنين. فمن المطلوب أن لا تفكر في الأمور التي تجلب لها القلق، وتثير عندها الخوف، والاضطراب، فمثل هذا الظرف يؤثر على ضربات قلب الأم ومنه إلى جريان الدورة الدموية عندها؛ فيكون هذا إخلالاً بالمعدل الطبيعي للجنين من حيث الزيادة والنقيصة مما يسبب وضعاً خاطىء له فيؤثر عليه سلباً.
فالإسلام عندما يراعي الجنبة الروحية للوالدين حتى يخرج ولداً متكاملاً، ومن هنا نلاحظ التحذير من الجماع أثناء حدوث الآيات السماوية من زلازل وخسوف وكسوف والريح الشديدة؛ لأنها لا تجعل الزوجين في حالة من الاستقرار، فتخرج النطفة في وضع الاضطراب والقلق، فيخرج ولد معقد، أو يخاف من كل شيء بسبب عدم استقرار نفسه التي منشؤها استقرار نفس الأم.
وهنا أذكر غلاماً صغيراً في العراق كان جميل المنظر لكنه متخلف عقلياً وفيه نوع التشوه . . . وحينما سألت عائلته عن منشأ هذا التخلف والتشوه هل هو مرض وراثي أو ماذا؟
أجاب أحدهم: أن أمه كانت حاملاً به أثناء حرب الخليج حينما كانت الطائرات تقصف مدنهم، وما أدراك ما هي الأحداث آن ذاك من الخوف والهلع والاضطراب وعدم الاستقرار، مما أثر سلباً على نفسية الطفل ووضعه! فهكذا خرج الغلام مشوهاً ومتخلفاً ضحية الاضطراب النفسي للأم. وقد ثبت علمياً أنه إذا حدث للمرأة في أيام الحمل حادث مخيف، فإنه يتغير لونها ويقشعر بدنها لكن تظهر على جسم الجنين آثار افتتاح اللون تسمى بالخسوف.

عبقرية مبكرة لأطفالنا 74

لذا يجب على الأم أن لا تفكر إلا في نفسها، وفي طفلها. وكل الخلافات العائلية والزوجية يجب أن لا تحمل حيزاً من تفكيرها، وكذلك يجب على الزوج أيضاً أن يهيء جواً مناسباً لزوجته، وأن يتغاضى عن تقصيراتها وأخطائها من أجل طفلها إذا لم يكن من أجلها.

عبقرية مبكرة لأطفالنا 75

الأمر السادس
عند الولادة وعند ساعة الطلق والتي تطلق فيها المرأة أذاناً بقرب الولادة تكون المرأة في حالة من الخوف بسبب تصورها لشدة ألم الطلق والولادة، والذي قد يساعد في هذه التصورات بعض النساء المحيطات بالمرأة الحامل حيث تأخذ كل امرأة ـ وللأسف ـ بإعطاء صورة مبالغة فيها، أو تصور لها واقعاً صعباً بحيث يؤثر سلباً على حالتها. يجب على الزوج أن يكون عامل مهدىء لزوجته ويبين لها أنها مجرد ساعة وينتهي فيها كل شيء، ويأتي المولود الذي دام انتظاره تسعة أشهر، ويحاول أن يخفف عنها الألم بإيحائه لها أن كثيراً من نساء العالم في كل لحظة يولد فيها مولود جديد، ولو كان كما يصور لما شهدنا الإقدام على الإنجاب، وهكذا وليقدم لها الأمثال والصور الحية القريبة منها حتى تسكن نفسها ويطمئن قلبها؛ فتقبل على الولادة بروح عالية ومتفائلة لتسهل عليها الولادة.
كما ورد عن أهل بيت النبوة بعض الأدعية والأذكار التي تسهل على المرأة عند الولادة ومنها:
أولاً: صالح بن ابراهيم، عن ابن فضال، عن محمد بن الجهم، عن المنخل، عن جابر بن يزيد الجعفي، أن رجلاً أتى أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام فقال: يا ابن رسول الله أغثن. فقال : وما ذاك؟ قال: امرأتي قد أشرفت على الموت من شدة الطلق. قال: اذهب واقرأ عليها « فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا* فناداها من تحتها الا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا* وهزي إليك بجذع

عبقرية مبكرة لأطفالنا 76

النخلة تساقط عليك رطباً جنياً» (1)، ثم ارفع صوتك بهذه الآية: « والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون» «كذلك أخرج أيها الطلق اخرج باذن الله» فإنها تبرء من ساعتها بعون الله تعالى (2).
ثانياً: عبدالوهاب بن مهدي، عن محمد بن عيسى، عن ابن همام ، عن محمد بن سعيد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام ، أنه قال : إذا عسر على المرأة ولادتها تكتب لها هذه الآيات في إناء نظيف بمسك وزعفران ثم يغسل بماء البئر، ويسقى منه المرأة وينضح بطنها وفرجها فإنها تلد من ساعتها، يكتب «كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها، كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون، لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون».
ثالثاً: من كتاب المشيخة لابن محبوب، عن صالح بن رزين، عن شهاب، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: إذا عسر على المرأة ولدها فاكتب لها في رق (بسم الله الرحمن الرحيم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا غشية أو ضحاها، إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً» ثم اربطه بخيط وشده على فخذها الأيمن فإذا وضعت فانزعه (4).

(1) مريم: 23 ، 24 ، 25.
(2) البحار: ج 104 ، ص 117 ، ح 45.
(3) البحار: ج 104 ، ص 118 ، ح 46.
(4) البحار: ج 104 ، ص 120 ، ح 49.

السابق السابق الفهرس التالي التالي