الأسرة ومتطلبات الأطفال 455


الفصل الاول



الحاجة الى معرفة الذات

المقدمة


من هو الانسان؟ ظاهرة مليئة بالاسرار، اعجوبة من خلق الله، وموجود نصفه مادي ونصفه الآخر معنوي، ويتسم بالدقة واللطافة في الخلق، في ابعاده الوجودية، ويتجلي بعجائب صنع الله تعالى. ويمتلك القدرة على السير من نقطة معينة الى ما لا نهاية، ولو أنه اتجه نحو المعنى ليقفون على الملائكة أيضاً، ولو انحدر نحو الحيونة لسقط الى دون مستواها.
يولد الانسان في هذه الدنيا وهو ضعيف جداً ويجهل اسرار خلقته. لا يملك القدرة في الدفاع عن نفسه، بل ويجهل كيفية استخدام اعضاء بدنه. وهو أتفه من أن يحيط بشيء عن نفسه، وهو أضعف من ان يعبر عن نفسه بشيء.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 456

في البحث عن معرفة الذات:


منذ الاسابيع الاولى للولادة، وعندما يفتح الطفل عينيه على هذا العالم يتعرف على ظواهر هذا العالم عن طريق الاعضاء والحواس، ويتجه نحو اكتشاف ذاته والتعرف على الظواهر المحيطة، وينظر الى العالم بدهشة بالغة، انه يريد ان يعرف كنه هذا الوجود وما يمثل هو كعضو من اعضاء هذا العالم وجزء من هيكل الوجود.
هذه المعرفة ضرورية بالنسبة له لأن امكانية العيش بدون ذلك لن تتسنى له ولغرض نجاحه في هذا المسعى تجده يطلب العون من اعضائه ويلجأ الى الحركة وبذل الجهد من خلال أرضية التفحص الكامنة لديه.
ان محاولات الطفل للتعرف على الظواهر سرعان ما تثمر بحيث انه في السنين الثلاثة الاولى من العمر يتعرف الى حد كبير على محيط.
أما فيما يتعلق بنفسه لا شك في أنه يحصل على المعرفة السطحية بنفسه وبحدود التعرف واكتشاف ذاته فقط. واما بخصوص حصوله على معلومات اعمق في هذا المجال، فلا بد ان ينتظر سنين مديدة ولا يعلم أيضاً من انه سيحقق نجاحاً معيناً في هذا المجال أم لا.
الحاجة الى معرفة الذات:


ان الطفل بحاجة الى معرفة نفسه ولاسباب متعددة وان يلم بظروفه وامكانياته من جهات مختلفة، إذ يجب ان يعرف نفسه ويقف على محدودية حياته لكي يصبح بامكانه ان يمتلك رؤية حسنة عن نفسه أو يكون قادراً على ان يخطط ويقرر لمواصلة حياته. وطالما لم يتوصل الى معرفة نفسه كيف سيصبح بوسعه ان يتخذ موقفاً تجاه حقائق وواقعيات الحياة.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 457


انه يجب ان يعرف نفسه لكي يقف على اهمية وقيمة ذاته، وان ينظر لنفسه باحترام معين. ويكتشف أي شخص هو وما هي حالته ومكانته تجاه الآخرين. انه بحاجة لان يكتشف هويته لكي يتمكن الالمام باحتياجاته ويبذل جهوده ومساعيه لتأمينها واشباعها، ويهتم بتطوير الآراء الصحيحة المتعلقة به، ويبذل ما بوسعه على طريق بناء نفسعه ورقيها وسموها.
مظاهر هذه الحاجة:


تظهر على الطفل وبحدود الشهر السادس من العمر بعض الامارات التي تدل على حصوله على بعض المفاهيم الصحيحة نوعاً ما حول نفسه وبعد ان ينمو ويكبر تدريجياً يهتدي الى اكتشاف نفسه كفرد مستقل ويكتشف الفرق الموجود بين الأنا وأنت. وفي هذه المرحلة ايضاً يبدي اهتمامه التدريجي بالاخلاق والسلوك.
كما أنه بحدود الشهر السادس بعد الولادة يبدأ بوضع اصبعه في فمه، وينظر لنفسه في المرآة، ويدس اصبعه في أنفه، ويستمتع بالنظر الى نفسه في المرآة ويهتز لذلك، ولو تعرض موضع ما في جسمه للألم فانه يداري ذلك الموضع وكل ذلك يدل على معرفته بنفسه.
والكثير من الاطفال يحصلون على معلومات عميقة وقيمة نوعاً ما عن انفسهم في السنوات 3 ـ 4 من العمر ويصبح علمه بنفسه كفرد مستقل أمر قطعي في السنة الرابعة من العمر. ولكي يتيقن الطفل احياناً من هويته ومكانته يحاول ان يزج نفسه في ادوار مختلفة أو يبرز قدرة معينة من نفسه تجاه والديه أو أصدقائه، ويقوم بالتالي بتقييم ردود الفعل الناجمة عن ذلك وهذا مظهر آخر عن معرفته بنفسه أيضاً.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 458


ضرورته وأهميته:


معرفة النفس والهوية من ضروريات حياة الانسان ومن عوامل سلامة الروح. وتزول على اثر ذلك النزاعات النفسية وتحصل له حالة الاعتماد والثقة بالنفس وحالة التوازن والاتزان كذلك، إذ على الانسان ان يعرف من هو لكي يشعر بهويته فيما بعد ويواصل حياته بكل هدوء وراحة.
معرفة النفس امر مهم من زاوية اخرى اذ يتمكن الانسان نتيجة لذلك من تقبل جوانبه الايجابية السلبية. ويخرج من طبيعته المنقسمة على نفسها ويكتشف هويته، وهذه مقدمة جيدة جداً لكي يعطي وجهة نظر صحيحة بشأن نفسه.
معرفة النفس مهمة لان الانسان يتمكن من خلالها ان يحافظ على وحدته طول الدهر ويميز أخلاقه عن الآخرين بل وحتى يكتشف نواقص شخصيته. وهذه المسألة من شروط سلامة وصحة النفس والروح لكي يتمكن الانسان ان ينال المعرفة بشأن نفسه وفيما بعد بقدرته على اتخاذ الواقف تجاه ظواهر الوجود.
وأخيراً فان معرفة النفس وقيمتها الوجودية تصبح السبب في ان يكتشف الطفل بأنه كائن عزيز كريم، ويمتلك القيمة والاستقلال والمكانة، وتتضح دوافعه، ويعرف لأي الاعمال يمكن أن يصلح، وما الموقف الذي ينبغي اتخاذه في الحياة بل وماذا تمثل له الحياة من حسن و...

اضرار عدم المعرفة:


ان الذي لا يعرف نفسه ويعجز عن ادراك هويته، لن تتعدى حياته حدود الحياة البهيمية. ولن تتحقق سلامته الروحية ولن يكون قادراً على اظهار

الأسرة ومتطلبات الأطفال 459

موقف سليم تجاه القضايا المختلفة. وما اكثر الصدمات الناجمة عن الاصدام مع الذات والذي يحصل بسبب عدم المعرفة بالنفس.
ويمثل الانسان في عامل اليوم المزدحم والمكتض عضواً صغيراً ولا يعد وكونه ذرة صغيرة جداً بين الظواهر الاخرى. والمحافظ على النفس وسط هذه المعركة المحتدمة تتطلب المعرفة الكافية بالنفس والامكانيات الذاتية وبدون تحقق ذلك لن نحصل على شيء سوى الحيرة والتخبط.
والذين لم يفلحوا باكتشاف ومعرفة انفسهم خلال حياتهم لن يقدروا على اكتشاف قابلياتهم وامكانياتهم مطلقاً ولن يأخذوا نصيبهم منها وبالنتيجة سيكون مثلهم كمثل المخازن المليئة بالجواهر الثمينة واودعت التراب دون ان يلمسها أحد. كما ان هؤلاء الافراد لن يتمكنوا من الوقوف على قيمة انفسهم اطلاقاً ولن ينظروا باحترام الى انفسهم. فيقعون عرضةً للاستغلال وحياتهم عبارة عن الضياع وفقدان المحتوى.
فوائد للطفل:


في الوقت الذي لا يعد الطفل عن كونه فرداً صغيراً فانه يستفيد من هذا الامر كثيراً، فالتوصل الى مفهوم الذات يبعث اولاً على ان يشعر الطفل بالزهو والثقة بالنفس. وان يمد رجله على قدر بساطه ويندفع الى الامام على قدر امكانيته وقابليته.
وعلى اثر المعرفة بالنفس يقف الطفل على حقيقة مكانته وحالته ومدى قدرته واستطاعته. وبناء على ذلك سيمهد الارضية امام تحركه واندفاعه الى الامام قدما في خضم الحياة الاجتماعية. ويتمكن المحافظة على نفسه بشكل أفضل واكثر في خضم الاحداث والوقائع وان ينعم بالحياة بشكل أفضل.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 460


ويتمكن الطفل في ظل معرفة الذات ان يجد مستلزمات التطابق والانسجام مع محيطه. وان ينأى بنفسه بعيداً عن التخيلات، وعدم الانسجام، وكثرة التعويل، والجهود العابثة، والاتلاف والاسراف ويحذر منها ولن يستولي عليه الاضطراب خلال مواجهة المسائل التي أوجدها بنفسه. أنه يعتمد على قدراته الذاتية ومؤمن بقدراته وقابلياته.

العوامل المؤثرة على معرفة الذات:


عادة ما تكون المعلومات التي يتوصل لها الافراد حول انفسهم ناجمة عن عوامل كثيرة، ومن بين العوامل التي تحظى بأهمية أكثر في هذا المجال العوامل المشار إليها ادناه:
1 ـ حكم الآخرين عليه، أي ما يقوله الافراد المحيطين به من الاهل والاقرباء وغيرهم وكيف يقيمونه وما هي تصوراتهم عنه. هل يرونه قوياً أم ضعيفاً؟ نشيط أم خامل؟ جبان أم شجاع؟ و... هذه المواقف الودية والحريصة عندما تصل الى أسماع الطفل فانه سيستنبط منها رؤية معينة حول نفسه.
2 ـ التصور الذي يعتقده لنفسه لدى الآخرين يعد من العوامل المهمة أيضاً، إذن الطفل ووفقاً لمقدار الحب او البغض اللذان يلمسهما من لدن أبويه سيقدر مثلاً كم هو عزيز عندهم وبأي منظار ينظرون اليه. وهذا الفهم الذي يحمله الطفل عن نفسه لدى الآخرين يمثل أحد ابعاد معرفته بنفسه.
3 ـ التجارب اليومية والاحتكاك ومواجهة المسائل والمشكلات تمثل بحد ذاته مسألة اخرى تساعد على العثور على رؤية ونظرة جديدة حول نفسه على اثر التجارب بحكم ضميره ويكتشف الى اي حد هو لائق

الأسرة ومتطلبات الأطفال 461

وجدير أم لا. وعلى اساس هذه التصورات يتمكن ان يميز نفسه على الآخرين.

المعرفة واثبات الهوية:


في سياق انعتاق الانسان من القيود وامتلاك مسيرة تكاملية لا يوجد شيء أفضل وأهم من المعرفة بالذات والشعور بهويته. ذلك ان الانسان انما يتمكن بواسطة هذا الطريق فقط من الوقوف على خصوصياته الايجابية والسلبية الالمام بمحدودياته ونواقصه وينهض بالتالي لتحقيق كما له.
ان المعرفة بالذات والهوية تعد أرضية مناسبة لاي شكل من اشكال التفكير والعمل واثبات الوجود والشخصية ومواصلة الطريق الذي اختاره لتحقيق سعادته. وكل ابداع او ابتكار يصدر عن الانسان انما هو مرهون بهذا الامر. والطفل الذي عرف نفسه أو شعر بهويته سيحاول ان يعبر عن عين ذاته ويتحرك بناء على مستوى تفكيره وادراكه وليس على اساس ما يحكم به الآخرون عليه.
وعلى اثر العرفة سيتعين ويشخص تفكيره بشأن موقفه تجاه نفسه، والعالم، والبشرية والظواهر الموجودة في هذا الكون. إذ سيعرف إنه انسان، ومسلم، وتلميذ، فقير أم ثري، وقادر أم ضعيف و... ويعرف ايضاً كيف يعمل ويتصرف وفقاً لذلك.
معرفة الذات، بناء النفس ، تحمل المسؤولية:


هناك ارتباط بين معرفة الذات وبناء النفس وتحمل المسؤولية، إذ بأمكاننا ان نبني انفسنا وفقاً لخطة ونظرة معينة عندما نعرف ذاتنا، ونقف على

الأسرة ومتطلبات الأطفال 462

نقاط قوتنا وضعفنا، ونعرف من وماذا نحن؟ وما هي قدراتنا وامكانياتنا؟ وما هو الفرق بيننا وبين الآخرين.
هذه المعرفة تمهد الارضية اللازمة امامنا لكي نحدد نمط تعاملنا مع الظواهر والاشياء. وليصبح معلوما لدينا هل بامكاننا مواجهة المسألة الفلانية أم لا؟ وفي هذه الحالة تكتسب مسألة تحملنا للمسؤولية معناها الحقيقي وسيصبح بمقدورنا ان نأخذ على عاتقنا عملاً معيناً في ميدان الحياة الاجتماعية وان نفي بالتزاماتنا في هذا المجال.
وفي ظل قضية معرفة الذات سنقف على حقيقة قدراتنا وامكانياتنا، ونعرف حدود مسؤولياتنا ومقدار الاهتمام الذي ينبغي ان نوليه في هذا المجال وحتى يصبح بمقدورنا انتخاب الطريق والاسلوب الذي يجب ان نسلكه للوصول الى الاهداف التي نبغي الوصول اليها ويصدق هذا الامر بشأن الطفل أيضاً.
دورها في الوقاية ومعالجة المفساد:


ما اكثر الحوادث التي تعترضنا ونعاني منها بسبب ضعفنا وعجزنا عن معرفة انفسنا ليس الا. فالاحلام الكثيرة، والآمال الطويلة والعريضة، وحب التسلط والجاه، فقدان الامن وحالات اليأس والاحباط في الحياة اغلبها ناجمة عن عدم معرفتنا بانفسنا، إذ بسبب عدم معرفة الفرد بنفسه وقدراته يعد برنامجاً معيناً لنفسه ويتعهد بالايفاء به ومن ثم يفشل فيه عملياً. وما اكثر السلوكيات التي تتم عن الرياء والنفاق التي تعترضنا في طريقنا وتستخوذ على الانسان وتجعله اسيراً لها. فالطفل (والكبير ايضاً) لا يجد حاجة الى انتهاج سلوك ينم عن النفاق أو المسايرة في ظل المعرفة بالذات أو

الأسرة ومتطلبات الأطفال 463

ان يشعر بالغلو أو الدنو تجاه الآخرين، إذ ان شخصيته ستكون متزنة واخلاقه وسلوكه الوقوف عليهما.
ويرى لكيانه قيمة وقدراً ومشاعره تجاه نفسه تنم عن الاحترام. ومن هذا المنطق لن يبيع نفسه بثمن بخس ولن يستسلم للرذائل والفضائح. والكثير من الافراد سقطوا في احضان الفساد والسبب يعود الى عدم معرفتهم بعزتهم وكرامتهم عن جهة وعدم الاطلاعهم على خواء وتفاهة الفساد والرذائل. فمن ينظر الى نفسه وكيانه بعين الاهمية والاعتزاز لن يسقط مأسوراً في احضان الفساد ولن يجعل نفسه في موقع الذلة والضعة.
ولا نجد ضيرا هنا ان نشير الى هناك بعض الاطفال الذين لا يتمتعون بالوقار والهيبة اللازمة. ويجعلون انفسهم عرضة للاهستهزاء دائماً، ويحاولون ان يكونوا مادة للاستهزاء، ودرعاً لآلام الآخرين، فيضحكون ويضحكون الآخرين لكي يلفتوا انظار الآخرين إليهم وكل ذلك ناجم عن عدم الوقوف على هويته وقيمته بالضبط .
التمهيد لذلك:


على الآباء والمربين ان يبذلوا ما بوسعهم لخلق الارضية والعوامل المساعدة على نجاح الطفل ووصوله الى معرفته بذاته ونفسه ولو على نحو الاجمال، وان يلم بشخصيته وقيمته، ويقف على آماله وطموحاته ليعلم أيضاً مدى أهمية واعتبار وقيمة ما يحلم به ويطمح اليه.
وبامكان المدرسة ايضاً ان تضع بين يدي الطفل امكانيات لا بأس بها في هذا المجال وتتسبب في نجاح الطفل في هذا الامر. وبوسع هاتين المؤسستين وعن طريق توجيه الطفل، ووضعه في مسار التجارب الاختبارات، والقاء

الأسرة ومتطلبات الأطفال 464

المسؤوليات الصغيرة والكبيرة على عاتقه ان تحمل الطفل وتدفعه الى التأمل ليعرف من هو وما هي امكانياته وقدراته.
ان توحيد عمل المربين، بما في ذلك البيت والمدرسة، والتنسيق فيما بينهم في تنفيذ البرامج والخطط تعد من أهم عوامل تطبيق هذه الاصول وتبعث على ان يكتشف الطفل نفسه ويزيد من نسبة فائدته من خلال التخطيط ووضع البرامج المناسبة .

آفاق معرفة الذات:


ما اكثر الآفاق والمخاطر التي تعترض الطفل في طريقه ولا تدعه الوقوف على حقيقته ومعرفة ذاته كما ينبغي أو ان كان يمتلك معرفة معينة بذاته فتدفعه تلك الآفات الى ان يودعها في بوتقة النسيان والاجمال ولا يخطو خطوة الى الامام.
وسنشير فيما يلي لبعض منها لغرض تنبيه الآباء والمربين لهذه الآفات:
1 ـ المغالات بشأن الطفل بحيث ان الآباء والامهات يقومون بمدحه والثناء عليه في كل مجلس ومحفل ويقدمونه للمجتمع بشكل اكبر مما هو عليه أو ان يقولوا له لا يوجد طفل ذكي ومتابع لدروسه مثلك و...، إذ يتسبب هذا الأمر في ان ينظر الطفل لنفسه بخلاف حقيقته وان يرى بأنه أفضل وأسمى مما هو عليه في واقع الحال وعندها يختلط عليه الامر.
2 ـ تحقير وتوبيخ الآباء المفرط للطفل يعد من آفات معرفة الذات، إذ ان توبيخ الطفل يضطره الى التأمل والتشكيك بنفسه متسائلا عما اذا كان فعلاً احمقاً وأبلهاً كما يصفه والده؟ أو لئلا يكون تافها ولا يعرف هو بذلك ايضاً.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 465


3 ـ الوقوف في شباك تقليد النماذج الخاصة من الممكن او توقع الطفل في اللبس والعموض بشأن معرفته بذاته وقيمته وكذلك قدراته وامكانياته وتعرض قابليته على الانسجام مع المجتمع الى الخطر.
4 ـ التشبث والميل الى الذهنية النظرية والابتعاد عن العمل يبعث على خلق الهوة بين الذات العينية والذات الذهنية وان يكون الطفل جاهلاً بحاله ووضعه. إذ ان تفكيره يدور حول ان يقوم بكذا وكذا من الاعمال ولكن من الناحية العملية يعجز عن ذلك.
5 ـ كثرة الهموم أو الفرح المفرط من العوامل التي تبعد الفرد عن حقيقته وواقعه ويجعل مسألة المعرفة بذاته أمراً مشكلاً، إذ ان الفرد الذي يعيش دائماً حالة القلق والاضطراب أو الفرح والسرور يبقى غافلاً عن نفسه.
6 ـ اليأس والاحباط من العوامل السيئة والملحقة للضرر، إذ ان الطفل الذي يرى نفسه دائماً في حالة من الضعف والخوار عند مواجهة الامور وكلما دخل ميداناً بقصد النجاح والفلاح يواجهه الفشل والانكسار لن يكون بوسعه معرفة نفسه دون اشكال معين.
7 ـ الاضطرابات النفسية الحاجة تهيىء الارضية اللازمة لهذا الاشكال في معرفة الذات كالاضطرابات العصبية والمعاناة الناجمة عنها، حصول الخلل في الذاكرة، تغلب الاضطراب والقلق على الافراد.
ضرورة تقوية معرفة الذات:


لغرض تقوية وتحكيم معرفة الذات يمكن الاستعانة بطرق متعددة للولوج في هذا الامر منها حمل الطفل على الممارسة والاختيار، تداول ولمس الاشياء، وضع النفس في مسار الواقعيات وفي مواجهة المشاكل

الأسرة ومتطلبات الأطفال 466

والمعضلات أو خلق مسألة ما في طريقه وحمله على التعامل معها.
هذا التمرين يخرج الطفل من حالة التشدد وعدم المرونة والتعاطي ويجعله بعيداً عن اقامة العلاقات الغير سليمة والرضا او عدم الرضا المفرطين. وفي هذه الحالة يصبح قادراً على التعاطي مع المشاكل بنظرة واقعية، وان لا ينهزم امام مواجهة المعرقلات، ويدرك دوره ومكانته جيداً ويندفع للامام بناء على هذا الاساس.

* * *



الأسرة ومتطلبات الأطفال 467


الفصل الثاني



الحاجة الى العلم


المقدمة :


يقول الخواجه نصير الدين الطوسي بشأن الانسان مستهلماً ذلك من الرؤية الكونية للاسلام: الانسان جاهل بلحاظ أصل الخلقة.
وهذا كلام صحيح: لانه لو غضضنا الطرف عن كلا المعلومات الفطرية والغريزية التي ترافق الانسان بصورة الهام في بداية ولادته اذن يجب ان نذعن وبكل صراحة الى أنه لا يعلم شيئاً على الاطلاق.
ويفلح الانسان فيما بعد وفي ظل الاستفادة من البصر والاذن وبقية الحواس الاخرى في اكتشاف عالمه ويصبح عالماً ومحيطاً به، وينتقل من مرحلة الجهل الى مرحلة العلم ولكن العلم القليل والمحدود، حتى ولو أعنق عشرات السنين من عمره على التعلم وكسب العلوم. وكلما اضيف شيء جديد الى معلوماتنا سنتعرف اكثر فاكثر بجهلنا وسنكشف اكثر من ذي قبل بأننا لا نعلم شيئاً. ان ما نجهله بالقياس الى ما نعلمه كالجبل الى الكرة دائماً اذ ان هذا المقياس قد لا يكون مصيباً أيضاً.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 468


حاجة الطفل الى العلم:


وعلى أي حال فان هذا المولود الجاهل بحاجة الى ان يصبح عالماً وليس عالماً مجرداً فحسب بل يمتلك القدرة على الاستدلال والمنطق المتفوق والقاطع لكي ينقل علومه الى الآخرين ويدافع عن قيمتها ومكانتها. ان الطقل بحاجة للحصول على المعلومات التي يحتاجها في حياته الفردية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وان يعرف محيطه واطرافه، ويفهم كنه الظواهر كما هي ويتعرف على حقيقة العالم بالصورة التي هو عليها.
انه بحاجة الى المنطق والاستدلال ايضاً في هذا المجال. ومرادنا بالاستدلال الجهد الذي يبذله الذهن لينقل نفسه من الموقع الذي يجهله الى الموقع الذي يعلمه كما انه يفلح في ظل المنطق والاستدلال في حل المشاكل والمعضلات التي لا يتيسر حلها بدون استخدمها.
يأتي الطفل الى هذا الوجود وهو جاهل ولكن لو درسنا وضعه وحالته وسلوكه بشكل جيد سنكتشف انه عدو الجهل ويبدي غضبه وانزعاجه ازاء الجهل، ويحتقن غضباً وحقداً عليه ويريد تمزيق أستار الجهل ويزيحه من امام ناظريه ويرمي به بعيداً. ان محاولات ومساعي الطفل وتفحصاته المستمرة تمثل دليلاً على اثبات هذه الدعوى.
مساحة العلم:


ولغرض الوقوف على مدى سعة حدود هذه الحاجة ومقدار حاجة الطفل الى المعلومات ومستواها لابد من القول بأن هذا الامر يرتبط بالمسألة التالية، وهي ان الطفل كيف يريد ان يعيش في هذه الدنيا وبأي هدف. ولو أردنا بسط المسألة بشكل أوضح لابد لنا من القول:

الأسرة ومتطلبات الأطفال 469

  • انه بحاجة الى معرفة ذاته، ومعرفة مكامن قوته وضعفه، والوقوف على امكانياته، ومعرفة قيمته واعتباره، وبواجبه والتعهد الذي اخذه على نفسه لحياته ومماته في هذا العالم.
  • انه بحاجة الى معرفة عالم الطبيعية وظواهره وكيفية الاستفادة من هذه الظواهر.
  • بحاجة الى معرفة القوانين والضوابط الحاكمة على هذا العالم أو معرفة سنة الله تعالى وكيفية وضع نفسه في مسار هذه السنن.
  • بحاجة الى معرفة المحيطين به، من الوالدين والاقرباء وافراد المجتمع والمسؤولين وجميع الذين يرتبط به بنحو أو آخر.
  • بحاجى الى معرفة كيفية اقامة الروابط والعلاقات الاجتماعية والاخلاقية مع الافراد والمحيطين به او الذين عليه ان يقيم معهم علاقات معينة بشكل أو آخر.
  • بحاجة الى معرفة الوقائع والاحداث ومجريات الامور البناءة أو المخربة الموجودة في المجتمع والظروف الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية، والثقافية للمجتمع.
  • بحاجة الى استيعاب الزمان، والمكان وتأثيراتها على الانسان وكل ما له علاقة بالانسان في هذا المجال.
  • بحاجة الى الالمام بفلسفة واضحة عن الحياة، والعلاقات الحقة في حياته اليومية.
  • بحاجة الى معرفة طرق الحصول على لقمة العيش والامكانيات والظروف الضرورية للحياة.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 470

  • بحاجة الى معرفة الامكانيات للاستفادة منها في أوقات الفراغ، وللمحافظة على سلامته وصحته والمجتمع كذلك.
  • بحاجة الى معرفة القراءة والكتابة والتدبير لقضاء امور حياته.
  • بحاجة الى معرفة الصديق من العدو، والواجبات والالتزامات المتبادلة في هذا المجال وحل وازالة المشاكل.
  • واخيراً فانه بحاجة الى الالمام ومعرفة كافة الامور والمسائل والوقائع التي لها دخل في الحياة بنحو أو آخر.
    ضرورة وأهمية العلم:


    ان حصول الطفل على الوعي أمر مهم وخاصة في سني الحياة الاولى التي تمثل مرحلة التكوين والتأسيس كما ان الطفل في نفس الوقت الذي سيمتلك فيه ذهنية وقادة وذاكرة حية فانه سيحظى ايضاً بهدوء البال والامكانيات والفرص الملائمة. وبامكانه استغلال الوقت واستثمار الفرص للحصول على المعلومات اللازمة.
    ان مستوى وعي الفرد له تأثير بالغ في نوع المواقف التي يتخذها قبال الامور والمسائل وسيتوصل الطفل في ظل الوعي كيف يمكنه مواجهة المشاكل والمعضلات كما ينبغي وبأي الوسائل يبادر الى حلها. كما ينبغي له الاطلاع على الظواهر الكونية ومعرفتها لكي يتسنى له اتخاذ الموقف المناسب ازائها واكتساب هذه المعرفة يستلزم اكتساب الوعي.
    كما ان اهمية المنطق والاستدلال لا تقل عن أهمية الوعي أيضاً، وخاصة وان هناك الكثير من الافراد الذين يمتلكون معلومات معينة إلا أنهم لا

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 471

    يملكون القابلية على استخدام تلك المعلومات والاستفادة منها. وعندما يواجهون مشكلة معينة لن يكون بمقدورهم عملياً اتخاذ الموقف السليم تجاهها لان أذهانهم لها القابلية على فهم ابعاد ذلك وجوانبه.

    مخاطر الجهل:


    ان قيمة وأهمية الوعي تتضح اكثر عندما يقوم الفرد باجراء مقارنة ولو بشكل مجمل بين فردين احدهما جاهل والآخر عالم. وفي هذه الحالة سيرى ان امكانيات الجاهل في تحقيق حياة انسانية طيبة ممزوجة بالمزيد من الصعوبات والمشقة. وما اكثر الاحباطات والايام الحالكة السواد التي تعترض الانسان وهي ناجمة عن جهله بالامور وما اكثر الانحرافات والشذوذ والفشل والجرائم التي تستحوذ على الانسان بسبب الجهل.
    وبصراحة يمكن القول انه من كان جاهلاً لن يكون قادراً على اتخاذ الموقف السليم تجاه الامور، والاشياء والحوادث، ولن يكون قادراً على حل مشاكله أو ان يقدم على عمل فيه المصلحة والخير له وللمجتمع. وهؤلاء الافراد سينجرون مستقبلاً الى الطريق الذي تكون عاقبته الضياع والتعاسة.
    وحتى ان نقص الوعي حول المسائل التي يحتاجها الفرد تؤدي الى عدم تحقيق نجاح الانسان كما ينبغي في أمر من الامور. او ان نقص المعلومات في احدى المجالات يؤدي الى عدم تقدير الانسان لمشاكله بشكل جيد. وهؤلاء الجهال يبتلون بالخوف والتعصب، ويصدرون احكامهم بدون مسوغ، ويعمدون الى التعميم. ويحكمون دون اكتراث أو تفحص ويعولون على بعض المسائل الخاصة دون مبرر.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 472


    العلم، المنطق، ادراك المفاهيم:


    هناك علاقة قائمة بين العلم والاستدلال، والعلم والمنطق والعلم وادراك المفاهيم، إذ يتحقق الاستدلال عندما يواجه الانسان بعض المشاكل ويقوم بدراسة ابعاد وجوانب تلك المشاكل استناداً الى ما بين يديه من المعلوما ويتوصل الى كشف النقاب عن الروابط الموجودة بينها. ويتجلى منطق الفرد عندما يمتلك الانسان القدرة على الاستنباط استناداً الى معلومات بشأن الاشياء المحيطة ويحصل على بعض المعلومات من خلال هذا الطريق.
    وهناك علاقة بين العلم ونضوج المعاني والمفاهيم ايضاً والاساس في ذلك ان يدرك الانسان ما يعرف من الامور، ويدرك مغزى الكلام، ويفهم ما يقول وما يضع. وان يكون هناك تطابق ما بين الذهنيات والوقعيات. وعلى هذا الاساس سيكون قادراً على ان يعطي مفهوماً ومعنى لجميع ابعاد الحياة. وان يفهم المسائل المتعلة برأي ووجهة نظر الآخرين وان لا يكون مفهوم كلامه سطحياً وظاهرياً. ومرد نجاح الطفل بتكوين وبلورة العقيدة وحصوله على الادراك والرأي انما يحصل في ظل ادراك المفاهيم وهذا الامر بحد ذاته له تأثير بالغ في تحقيق نجاحاته اللاحقة في حقل التجارب.
    بداية اكتساب العلم لدى الطفل:


    يحاول الطفل ومنذ الاسابع الاولى من الولادة ان يرى العالم المحيط به بنظرة أعمق وأوضح وان يتلمس فيما بعد الاشياء والظواهر، ويدخل بعض الاشياء الى فمه ويتذوقها، ويصغي الى بعض الاصوات لكي يهتدي الى الكشف والمعرفة.
    وعندما يقوى الطفل على السير فيما بعد يحاول الوصول الى كل مكان

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 473

    يتمكن الوصول إليه لكي يكتشف الاشياء التي تبدو له بعيدة المنال وعندما يقوى على النطق والكلام يشرع بالسؤال ومن خلال ذلك يفلح في اصطياد المعلومات الواسعة نسبياً.
    وبحدود السنة الثانية الى الرابعة من العمر يؤكد الطفل ومن خلال سلوكه انه قادر على القيام بالتعميم البسيط بشأن الاشخاص والاشياء المتعلقة به ويضيف شيئاً جديداً على معلوماته من خلال ذلك وهذا الامر يعد بحد ذاته نقطة ايجابية لحياة الطفل وسيمكنه من خلال ذلك توسيع دائرة معلوماته.
    وعندما يكبر الطفل تدريجياً سيصبح قادراً على اكتساب المزيد من المعلومات وسيفلح في ظل هذا الوضع بحل المزيد من المشاكل والمعضلات وفي السنوات من 6 ـ 7 من العمر ستتجلى لدى الطفل القدرة على الاستدلال بشكل متزامن مع التفكير المنقطي ايضاً والذي يمثل ذاته عاملاً مهماً جداً لتوسيع دائرة المعلومات والالمام بكافة جوانبها وابعادها.
    فوائد توسيع ذلك لدى الطفل:


    كلما أفلح الطفل باكتساب المزيد من المعلومات واتسعت دائرة معلوماته بشكل اكبر سيهتدي الى حل المشاكل والمعضلات وازالتها بشكل أفضل واكثر نجاحاً وسيوفق في حياته بشكل اكبر، إذ يمنح العلم خطوة أوثق للانسان واكثر رسوخاً بحيث يصبح بامكانه الاندفاع للامام بشكل أفضل وأوثق وان يتحلى بالمزيد من الثقة بالنفس في هذا الاندفاع.
    ان الوعي العالي يبعث على ان يتواجد الفرد قبل وقوع الحوادث

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 474

    دائماً لا ان يسير ورائها. ومن هذا المنطق قبل ان توقعه الحوادث ومجريات الامور تحت تأثيرها سيتمكن ان ينجو بنفسه من مخاطرها ومضارها. وان يزيل المعضلات بالعقل والتدبير ويسخر الامور لمصلحة ومنفعته.
    الوعي الكافي والمتناسب مع حاجة الفرد يصبح السبب في ان يرى العالم من زاوية اكثر وضوحاً وانفتاحاً وان يحظى بالمزيد من الفكر السليم. ولو اقترن هذا الامر بالاستدلال والمنطق أيضاً لكان أوفر حظاً في امكانية تحقيق النجاح والفلاح وان ينعم باخلاق وروحية أسمى في حالة ترشيد الوعي وتوجيهه لديه.
    ضرورة تنمية الاستدلال:


    بعد ان يتم الحصول على بعض المقدمات الاولية عن المعلومات تدريجياً من الضروري آنذاك العمل على تنمية القدرة على الاستدلال لدى الافراد وتوجيهها نحو ادراك وفهم الروابط بين العلة والمعلول، إذ لا بد من معرفة العلاقة العلمية بين الاشياء ولابد من تعليم الطفل كيفية هذا الاكتشاف وهذه المعرفة وحمله على دراسة هذه المسألة ويأتي بالاستدلالات بشأن كيفية هذه الرابطة.
    ومسألة تنمية الاستدلال تستلزم ثلاثة شروط أساسية لابد من العمل على ايجادها لدى الطفل، والاهتمام بتنميتها.
    1 ـ المحافظة على المعلومة بعد تعلمها في الذهن وتبرز الحاجة لهذا الامر بعد التعلم في الحقيقية.
    2 ـ تذكر ما تم تعلمه من المعلومات ويرتبط هذا الامر بقدرة الافراد

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 475

    على الحفظ.
    3 ـ القدرة على تركيب المسائل والمعلومات وما تم اكتسابه والذي يمثل في الحقيقية عملية مونتاج للمعلومات.
    والمهم ايضاً في مسألة تنمية الاستدلال تنمية مسألة التداعي لأن الفرد في هذه الحالة يصبح قادراً على استذكار المسائل في ذهنه ويقوم كذلك بتركيب المسائل وبلورتها. وتبنى هذه التنمية استناداً على مسألة التدريج والقدرة على تعميم المسائل والذي يجب ان تتبلور لدى الفرد تدريجياً.

    ضرورة التجربة والعمل:


    ولغرض توسيع دائرة المعرفة وتنمية المنطق والاستدلال من الضروري كذلك حمل الطفل على التجربة والعمل. إذ من الخطأ قيام بعض الآباء والامهات اتخاذ موقف سلبي ازاء قيام الطفل بلمس الاشياء وتداولها ومنعه عن هذه الامور. وتبقى مسألة مراقبة الطفل لئلا يتعرض الى خطر ما امر ضروري ومن حقوق الطفل على والديه. ولكن يجب ان لا يصبح هذا الامر سبباً يحول دون قدرة الطفل على اللمس والتداول وقدرته على إدراك كنه الاشياء وكيفيتها.
    ان حجم المعرفة، وتنميتها وكذلك مقدار الاستدلال وقوة المنطق لدى الطفل يرتبط بجم التجارب التي حصل عليها الطفل خلال مسار حياته وكذلك بتعدد وتواتر التجارب. ويتبلور منطق الطفل في ظل التجارب والمعرفة ويصبح الطفل قادراً على اثبات معتقداته بل وحتى منهمكاً في الدفاع عن نفسه وبشكل متطرف لئلا في ما صدر عنه من اعمال.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 476

    العمل على اكتساب المعرفة:


    لابد من اكتساب المعارف والآباء مكلفون بايجاد الاجواء اللازمة لاكتسابها ووضعها بين يدي الطفل. ومنها:
  • توفير الكتب، والصور، والمجلات، والمؤلفات التي اما ان يكون الطفل قادراً على فهمها واستيعابها أو نقوم نحن بتوضيحها له.
  • ذكر القصص والمسائل التي تضع بين يدي الطفل مسائل معينة بشكل أو آخر.
  • حمل الطفل على اكتساب التجارب والمعرفة عن طريق الاختبار، والتداول، ولمس الاشياء.
  • اشراك الطفل في المناقشات الحرة والذهاب الى الاجتماعات والمحافل التي تقدم بعض المعارف والمعلومات في المجالات الدينية، الاخلاقية أو الاجتماعية أو السياسية...
  • التوجيه نحو الاستفادة من برامج الاذاعة والتلفزيون،والسفرات العلمية، وزيارة المؤسسات، والمعامل و...
  • حمله على التساؤلات المدروسة والمدربة والتي تعمل الاجابة عليها على حل احدى عقد المشاكل التي يعاني منها.
  • يجب العمل على مضاعفة تجاربه خارج المنزل وتوجيهها والاخذ بيده ليندفع في مسيرته نحو الامام. كالذهاب الى الجبال، والبساتين، والمزارع، والمكتبات، والى الشارع، والمعمل، و...
  • واخيراً حمل الطفل على سير أغوار المسائل والتعمق فيها والسعي الى اكتشاف علتها وكيفياتها.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 477


    طرق عرض المسائل:


    من الاساليب التي تساعد الابوين على اضافة المزيد من المعارف الى معلومات الطفل وبشكل أفضل وأوسع هو طريقة عرض الحقائق والواقعات. وتوضيح ذلك انه ولغرض اكتساب المعارف ومضاعفتها وتوسيعها ينبغي ان يتعلم الطفل مسائل الحياة المختلفة عن طريق نمط حياة الابوين وبقية افراد المجتمع. وان يتمكن على سبيل المثال ان يستخرج بعض الاصول والقواعد في مجال المعاشرة من خلال انماط التعامل، وعن طريق زيارة المنطقة، والتعرف على اجوائها المناخية، وملبسها، ومأكلها، و... ويصبح بامكانه ان يبدي وجهة نظره تجاه أمر ما.
    ومن الممكن احياناً ان نوصل الى الطفل مفهوم كتاب معين او قضية معينة في اطار قصة أو شعر، أو تمثيلية معينة ويمكن تعليم الطفل ايضاً حقائق واسعة عن جهاز معين من جسم الانسان من خلال عرض فيلم معين بحيث لو أريد ايصال هذه المعلومة الى الطفل من خلال الكتب والدروس للزمنا لذلك وقت طويل وامكانيات واسعة.
    لاشك في ان الامور والوقائع التي تعرض على الطفل او نحيط الطفل علماً بها تعد من المسائل التي نأخذ فيها بنظر الاعتبار استعداد الطفل الفكري، والروحي، ايضاً. ويجب ان لا تتسم بالاطالة والارهاق بحيث يسأمها الطفل، وغير معقدة مبهمة بحيث يعجز الطفل عن ادراكها، وان تكون على اي حال قابلة للتفسير والتحليل حسب قدرة الطفل وقابليته على ذلك.
    التوصيات اللازمة في هذا المجال:


    وفي ختام هذا البحث نرى من الضروري ان نتطرق الى ذكر بعض الملاحظات التي ينبغي للآباء والمربين مراعاتها والانتباه لها:

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 478


    1 ـ ذهن الطفل عبارة عن مخزن ثمين، فاودعوا فيه الاشياء الثمينة.
    2 ـ تجنبوا نقل المعلومات والمفاهيم التي تحتاج الى ازالتها وغسلها من ذهن الطفل.
    3 ـ خذوا بعين الاعتبار مسألة الاهم والمهم في أعطاء المعارف اذ ان الأعمار أقصر من أن نتعلم فيها اموراً غير مفيدة.
    4 ـ أقرنوا المعرفة بالمنطق بالدليل وليس بافتعال الادلة اذ ان ذلك يشكل صدمة للطفل.
    5 ـ يقوم الافراد بحل مشاكلهم عندما يتقدم بهم العمر بنفس الاسلوب الذي تعلموه في مرحلة الطفولة. اذن يجب تتعلموا كل ما هو متين وسليم.
    6 ـ التعليم والعلم انما يتسمان بالفائدة والتأثير عندما يكونان مقرونين بالعمل اذ لا فائده بالعلم بدون العمل.
    7 ـ يجب ان يكون الدافع الى تحصيل العلم والمعرفة حل المشاكل والمعضلات وليس التباهي والغرور والتكبر، فاعملوا على خلق هذا المفهوم لدى الفل منذ البداية.
    8 ـ فهموا الطفل قيمة واعتبار ما تعلموه إياه ايضاً ليدرك أنه يحمل شيئاً ثميناً.
    9 ـ أقرنوا العلوم بالدليل والقدرة الدفاعية وضعوا لبنات ذلك منذ مرحلة الطفولة.
    10 ـ واخيراً ركزوا على ان نجعل الطفل يملك افضل واسمى مصدر ثقافي.

  • السابق السابق الفهرس التالي التالي