الأسرة ومتطلبات الأطفال 343


الفصل السابع



الحاجة الى التفحص

المقدمة


من الخصائص المميزة لشخصية الانسان هي خاصية التفحص، إذ ان جزء من نشاط الانسان يبذل في سبيل اشباع هذه الخاصية.
الانسان موجود متفحص، ويريد ان يطلع على اسرار وجوده واسرار الكائنات الاخرى، ويكشف النقاب عما موجود خلف الاستار، ويبذل جهوداً عظيمة وواسعة لكي يعي خفايا الامور يطلع على ماهية الاشياء.
وهذا الأمر موجود في الحيوانات أيضاً ولكن مع الفارق التالي إذا ان تفحص الحيوانات يحمل صورة غريزية تماماً، وعلى اساس طبيعة الظواهر، في حين ان هذا الأمر في الانسان يحمل في الغالب صورة ارادية. صحيح اننا نسعى احياناً ودون ان نعي ذلك بأن نطلع على كنه الامور، وعلى المحاورة التي تتم فيما بين شخصين، إلا ان هذه الحالة الاستثنائية، تتم غالباً على اساس العادة. وهناك بعض الموارد الاخرى وهي تشكل الجزء الاعظم من جهودنا في الاطلاع على كنه الامور، وتنقلنا من مرحلة الدهل إلى مرحلة العلم، ومن مرحلة الستر الى الكشف.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 344


التفحص عند الاطفال:


ان الطفل عندما يلد في هذه الدنيا يكون كل شيء بالنسبة له مبهما وغير معلوماً، حتى انه لا يميز بين الاشكال والالوان، ولا يتمكن من معرفة والدته أو أن يميز بين والده وغيره. وبعد مضي مدة من الزمن وفي ظل التفحص والمتابعات يجد طريقه في الحصول على بعض المعلومات ولو بشكل مختصر وبسيط ويتعرف على الاشياء والظواهر.
وقد ظهرت بعض التحقيقات والتجارب التي قام بها علماء النفس انه لو أرينا طفلاً بعمر 6 أسابيع وجهنا، ومن ثم اخفينا وجهنا عنه سيبدأ بعد ذلك بتفحص ذلك الوجه لمدة خمس ثواني تقريباً حتى يمكنه التعرف عليه ثانية، إو إذا عرض امامه وجه غريب سيحملق فيه قليلاً وكأنه بصدد الكشف عنه.
وعندما يبدأ الاطفال بالنمو تدريجياً يهتمون اكثر بالتفحص. ويمثلون في هذا الصدد مكتشفون كباراً، ويستطلعون كل زاوية ومكان. ويدخلون اصابعهم في كل حجر، ويعقبون كل شيء متحرك بأبصارهم ، ويتسلقون كل جدار وحائط لكي يكتشفوا ماهيته وما يضم من اسرار، ويتطاولون باعناقهم امام كل مسألة أو مشكلة تعرض لهم لكي يجدوا لها مخرجاً ويسألون عن كل موضوع مجهول لكي يفهموه ويعرفوه و... الخ.
مظاهر التفحص المهمة لدى الاطفال:


ان ما ذكرناه واشرنا اليه آنفاً يعبر عن تفحص الطفل وعن مظاهره المهمة، ونلاحظ مظاهر اكثر أهمية في هذا الامر عند الاطفال، تتجسد احداها في اسئلة واستفسارات الاطفال.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 345


والذين لهم اطفال حديثي العهد بالنطق أو بعمر 3 ـ 4 سنوات يعلمون كيف ان الطفل يمثل مستودعاً كبيراً من الاسئلة والاستفسارات وكم ان اسئلته تتسم بالتنوع والسعة.
ولعل المرء يصاب بالحيرة لكثرة عدد اسئلة الطفل، ويتعجب كيف انه يستوعب كل هذه الالغاز والمسائل بداخله وكيف تمكن لحد الآن ان ينسجم معها. انه يسأل والدته أو والده أو من كل شخص يصادفه، بحيث انه يتعب الطرف المقابل ويزعجه. وتدور اسئلته حول العلاقة بين العلة والمعلول، وعن اسماء الاشياء، وكيفية عملها، وعن دلائل حركتها، وعن اسرارها وخفاياها.
وغالباً ما تكون هذه الاسئلة مقرونة بالتعطش الى المعرفة. ويريد ان يعرف لماذا أو كيف ومتى عن كل الامور والظواهر وكيفية عملها، وطبيعة العلاقة بينها وبين الظواهر الاخرى. واحياناً يلجأ الى الاطلاع على الظواهر بدلاًُ من السؤال عنها، والى التذوق والشم بدلاً عن لمس الاشياء وتداولها، حتى يتمكن اخيراً ان يطلع على ماهية الامور.
منشأ وعوامل اثارة التفحص:


وفيما يتعلق بجذور ومشأ التفحص في الاطفال وبشكل عام في الانسان لابد من القول بأن منشأوه يتمثل بالفطرة وان الله تعالى قد أودع ذلك في الانسان وحمله بهذا الاسلوب على ان يقوم باكتشاف نفسه والطبيعة المحيطة به لكي يطلع على الاسرار، ويضع نفسه على مسار الرشد والكمال.
والدليل على كونه امر فطري انه موجود في جميع الافراد على

الأسرة ومتطلبات الأطفال 346

اختلاف أجناسهم، وكان موجوداً في جميع العصور التاريخية، وان جذوره واساسه غير قابلين للزوال في الانسان بالرغم عن اتجاهه نحو الافول احياناً، وبتعرضه للتضعيف، وهذا الأمر ناجم طبعاً عن سوء التربية أو انحرافات الانسان.
ان كل شيء في هذا الوجود يعد من عوامل اثارة التفحص حتى حالات ارتداء الملابس، والوجوه، الأطوال والهياكل، واعضاء الانسان، والنباتات، والحيوانات، والجمادات و...
فعالم الطفل هو عالم العجائب، التفحص يحمل الطفل على معرفة العجائب ويوفر الارضية اللازمة لنموه.

أهمية التفحص:


ان ايداع دافع التفحص في باطن الانسان وحمله بالتالي على كشف الاسرار يعد من اعظم النعم الالهية على الانسان، إذ ان ايداع كلمة لماذا وذهنية التساؤل في ذهن الانسان يعتبر من اهم الالطاف الالهية، لانه في ظل هذا الواقع تتهيىء الارضية امام الكشف وتحديد المسار اكثر.
وفي ظل التفحص يتلهف الانسان في الحقيقة لمعرفة الوجود وكشف اسراره، ويعزم جازماً على الاطلاع وكشف جميع الاسرار، ويخلق في نفسه موجبات الاستفادة السليمة من الطبيعة ويخطو في طريق رقية وتقدمه.
والتفحص وسيلة تمكن الطفل من معرفة الاشياء المتعلقة بنفسه ليتخذ موقفاً معيناً تجاهها.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 347


ويقدم الانسان على اثر ذلك بالتجسس حول المسائل، ويحرك فكره لكي يتوصل في كل يوم وفي كل ساعة الى اكتشاف جديد. ويتعرف على الطبيعة وظواهرها، ويتجه صوب الإبداع والاكتشافات ويصوغ حياته بشكل أفضل وأكثر ترفيها.
وهناك ارتباط وثيق بين التفحص والبحث عن الحقيقة. ويتوجهون نحو معرفة واستطلاع الامور بشكل واقعي ويدركوا بشكل جيد أي موقف ينبغي عليهم اتخاذه في هذا المجال، واي اسلوب عليهم اختياره.
اضرار عدم التفحص:


التفحص من ضرورات حياة الانسان وجزء لا يتجزأ من شخصيتنا وانسانيتنا فلو كنا نعرف شيئا ما، ونعرف كيف نتعامل مع الامور والاحداث، فان الفضل في ذلك انما يعود الى استخدامنا لاسلوب الرغبة في المعرفة والتفحص في هذا المجال.
ولو لم يكن التفحص موجوداً فينا لما كنا قادرين على فهم خواص الاشياء وموارد استعمالها. ولو لم يكن التفحص موجوداً لما ظهر علم من العلوم ولما تبلورت العلوم والفلسفات، ولم يتحقق اي ابداع أو اختراع ولم يحصل الانسان على اي رشد أو نضوج. ان ما نملكه اليوم من الرفاه واعطاء الحياة معنى ومفهوماً انما يستمد جذوره من التفحص والتأمل.
ان الطفل الذي لا يتسم بالتفحص يعتبر في الحقيقة طفلاً راكداً

الأسرة ومتطلبات الأطفال 348

أبكماً. وليس قادراً على ادارة حياته الشخصية، ولا يستطيع تنظيم أوضاعه. ولا يمتلك القدرة على الدفاع، ولا يميز بين الصديق والعدو، ولا يعرف المفيد من المضر. واساس حياته مبني على الضياق وتشتت الافكار.
سني ومراحل التفحص:


قلنا ان علماء النفس قاموا وبالاستناد على تفحص الطفل باجراء بعض التجارب على الاطفال بعمر 6 اسابيع، ويقول هؤلاء بأن الاطفال في تلك السن يحاولون ان يطلعوا على حقائق الاشياء. وكلما ازداد عمر الطفل بمقدار معين يزداد تفحصه بذلك المقدار أيضاً.
كما ان احتياجاته تزداد اكثر بازدياد سنه ونموه طردياً ومن الطبيعي ان تشتد دوافعه للتجسس في خواص الاشياء والظواهر تبعاً لذلك ويبدي ميله الى هذا الأمر أكثر.
ان السنوات من 3 ـ 5 سنوات تمثل سني التفحص ويزداد هذا الأمر شدة لدى الاطفال. إذ يصر الطفل في هذه المرحلة ان يفهم ما هي طبيعة القضية؟ لماذا الشيء الفلاني بالحالة والصورة الفلانية؟ ومن هذا المنطق فهو دائماً في صدد السؤال ولمس الاشياء وتداولها ومن هذه الزاوية يسمون هذا السن بسن الخطر.انه يندهش ويتعجب تجاه جميع الاشياء الشاخصة امامه، فهو يلمسها بل وحتى يتذوقها ويشمها.
وبعد هذه السن حيث يمتلك الطفل تقريباً معرفة وعياً اجمالياً عن الاشياء والظواهر، فقد يبدو لنا ان تفحصه قد فتر بينما ان القضية ليست كذلك،

الأسرة ومتطلبات الأطفال 349


اذ ان تفحصه اتجه نحو وجهة اخرى، وبصدد كشف الغاز اخرى، وفي الحقيقة فان ذهنه قد تخلى عن ظواهر الاشياء تدريجياً واتجه أكثر نحو الاسرار والرموز الداخلية.
التفحص والعلم والاعجاب:


ان ارسطو وهو من الفلاسفة القدماء يرى ان وجود حس التفحص هو السبب في ظهور العلم، إذ يقول بان هذا الامر يتسم بطابع فطري في الاطفال. لأن التفحص يدفعه الى ان يهتم بدراسة الاشياء وتمييزها ويسعى الى كشف جوانبها وابعادها. وبالرغم من ان هذا الأمر يحصل بصورة تدريجية إلا انه في نهاية المطاف سيؤول الى الحصول على نتيجة قيمة.
والمعارف كذلك عبارة عن مخزن من الماء يتجمع قطرة قطرة فتشكل مخزنا من الماء. ولا ترد المعلومات عن العالم الخارجي الى ذهن الطفل دفعة واحدة، إذ انه في كل يوم يتوصل الى بعد آخر عن حقائق الاشياء، وشيئاً فشيئاً يصل الى مرحلة يجب ان نسميه معها عالماً، وان ننظر اليه على انه يمتلك فلسفة ونظرة كونية خاصة.
ان اساس العلم يبدأ من كلمة لماذا والبحث عن الاسباب. والعلماء بصدد ان يعرفوا ويدركوا لماذا الأمر كذلك؟ وما السبب في ان يعمل الشيء الفلاني بالطريقة الفلانية؟ وبعض الافراد يكتفون بهذه المراحل الابتدائية والبعض الآخر يسعون الى متابعة وتعقيب الامور لكي يصلوا الى نتيجة معينة. وعادةً ما يكون التفحص مقرونا بالاعجاب، وهذا الاعجاب يمنحهم طاقة جديدة لكي يكتسبوا قوة وقدرة على مواصلة طريقهم.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 350


التفحص والخطر:


قلنا ان التفحص يحمل للطفل احياناً بعض المخاطر، ومن الممكن ان يكون هذا الخطر جسمياً، او نفسياً، أو اخلاقياً و... ويحصل ذلك عادة في الحالات التي لا يتناسب فيها التفحص مع عمر الطفل ومستوى ادراكه وفهمه وامكانياته الطبيعي أو عندما يكون بعيداً عن ضوابط الاخلاق والادب.
ومن الممكن احياناً ان يتسبب التفحص بالحاق الاذى والضرر الجسمي كالتفحص في الكهرباء، وماكنة الخياطة، وبقية الوسائل الخطرة التي يجهل الطفل مخاطرها وطريقة استعمالها، ولعلكم تعرفون الكثير من الاطفال الذين فقدوا حياتهم على اثر بعض الحوادث بسبب غفلة الابوين عن مراقبتهم.
واحياناً من الممكن ان يؤدي التفحص الى ايجاد حادثة معينة، ويتسبب في حصول التخريب واندلاع الحرائق ولغرض ان يطلع الطفل على أمر ما يقضي على كل ما تملكه العائلة فقد لوحظ مثلاً ان طفلاً وخلال سعيه في كشف واقع معين يدور في خلده، يتسبب في احراق بيت وتدميره كاملاً.
ويدور التفحص احياناً حول جسمه واعضائه إذ ان هذا الامر ان يكون احياناً سبباً ومنشأً للانحرافات الغريزية كحالة ارضاء النفس، أو ان التفحص في مجال العلاقات بين الابوين يصبح سبباً في خلق موجبات الكثير من حالات الوعي السابق لأوانه لدى الطفل وهذه ملاحظة مهمة ينبغي للآباء ان يكونوا حذرين تجاهها.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 351


التفحص ومعرفة الطفل:


التفحص وسيلة جيدة لمعرفة الطفل ومن خلال مقدار ودرجة تفحص الطفل بامكانكم الوقوف على درجة ذكائه ومستواه. وهل انه طفل متخلف أم ذكي؟ كما ان نوعية التفحص والاسئلة التي تصدر عن الاطفال تحكي عن عمق أو سطحية تفكير الطفل.
ومن خلال تفحص وتأملات الاطفال يمكن الوقوف حتى على نوع العلائق ورغبات الطفل، وتفهم الحالة والوضع اللذان يمكن ان يكون عليهما الطفل في المستقبل. وفي أي مجال يمكنه ان يتطور ويندفع، وفي أي اتجاه يجب ان يوجهه الابوين والمربين وهذه المسألة بحد ذاتها تعد نقطة ايجابية بشأن ارشاد الأولياء لغرض التخطيط للاطفال.
كما يمكن عن طريق المطالعة في انواع التفحص لدى الاطفال الوقوف على الخصائص السلوكية للاطفال والاطلاع على جوانب الخير والشر لديهم، وبأي اتجاه يتحرك، وهل ان عبثه وتخريبه أكثر أم بناؤه واعماره؟ وهل يسلك اسلوب التعاون أم الايذاء؟ واخيراً هل ان تعلقه بالخطيئة والسوء اكثر أم بالشرف والكرامة ولماذا؟

مسؤولية الوالدين في هذا المجال:


يتحمل الآباء مسؤولية عظيمة في مجال تفحص ودقة الاطفال، سنشير فيما يلي الى بعض الموارد من هذا الأمر:

1 ـ التمهيد للتفحص :


ليس من الواجب على الآباء ان يعملوا على اخماد شعلة التفحص لدى الاطفال فقط، بل يجب عليهم ان يخلقوا الواجبات التي تدفعهم الى

الأسرة ومتطلبات الأطفال 352

الاهتمام بالتفحص اكثر فأكثر ويشعرون باللذة في هذا الطريق. ويجب عليهم ان ينظروا الى مسألة استقلال الاطفال في مجال تفحصهم وحريتهم بعين الاحترام طالما لم يتسبب ذلك بالحاق الاذى بهم أو تشكيل خطر عليهم. وعليهم ان يحملوه على معرفة العوالم المحيطة به من خلال جهوده ومساعيه وان يدرك لطائف هذه العوالم واسرارها ويتخذ موقفاً سليماً امام الوقائع والاحداث والظواهر.
2 ـ توجيه التفحص:


وهذه أيضاً مسألة مهمة بأن يسعى الآباء احياناً الى العمل على توجيه تفحص الطفل وارشاده. ويتجنبوا مسألة التعويل المؤقت بشأن التفحص على بعض الامور التي لا تعود بالنفع على الطفل ولا أثر لها لصالحه، وان يسوقوا اسلوب عمل الطفل بالاتجاه الذين تكون حصيلته الوصول الى نتائج قيمة وصحيحة. وما اكثر حالات التفحص التي فضلاً عن كونها لا تعود بأي نفع أو فائدة على الطفل في تلك المرحلة من العمر فحسب بل انها تتسبب في خلق موجبات الاذى والضرر له أيضاً وممهداً لظهور الشذوذ والانحرافات واحياناً المخاطر والعواقب الوخيمة للطفل، إذ سبق وان اشرنا في هذا الفصل الى موارد من هذا الأمر.
وتجدر الاشارة هنا الى هذه النقطة، وهي ان التفحص يجب ان يصب في جانب نمو وبناء الطفل، لكي يتسنى له مواصلة طريقة بشكل سليم في هذا المجال
3 ـ في الاجابة على اسئلة الطفل:


ان الابوين، وخاصة الامهات يتعرضن الى اسئلة متعددة من قبل الطفل

الأسرة ومتطلبات الأطفال 353

إذ انه عندما يعثر على فرد متفرغ وحميم سيسأل عن كل ما يخطر ببالكم وعن كل مسألة ملحة في ذهنه. فهو يسأل عن دورة الكائنات وعن كيفية ولادته، وعن اسرار وخفايا الزواج، وعن طريقة عمل الظواهر و... ومن الضروري هنا للآباء وخاصة الامهات ان:
  • يعملوا على توعية وتثقيف انفسهم بالمعلومات اللازمة في هذا المجال لكي يتسنى لهم اعطاء الطفل جواباً مناسباً ومقنعاً.
  • يجيبوا على اسئلة الطفل بطريقة تساعد على اقناعه أولاً ولا تحتاج فيما بعد للجوء الى غسل ذهنه ثانياً.
  • يأخذوا بعين الاعتبار ظروف السن ومقتضيات ادراك وفهم الطفل ويعلموا بانهم يتعاملون مع الاطفال وليس مع طالب جامعي.
  • يمتنعوا عن صياغة الجواب على اسئلة الطفل بشكل غير صحيح وان يقولوا بانا لا نعرف جواب هذا السؤال عندما لا يعرفون جواب ذلك السؤال فعلاً، وسوف ابين لك الجواب لاحقاً وعندما لا يرون المصلحة في اعطاء الجواب والافصاح عنه عليهم ان يقولو لو كبرت قليلاً سوف اوضح لك الجواب بشكل أفضل أو إذا لوحظ وجود الانحراف في السؤال عليهم ان يعطو للطفل جواباً مناسباً آخراً.
    4 ـ اشباع تفحص الطفل:


    بمعنى ان تعطى الاجوبة بالشكل الذي يعمل على اشباع ذهن الطفل المتفحص، ويضيف على معلوماته، ويضع بين يدي الطفل المعلومات التي يحتاجها ويذيق الطفل طعم التجسس والتفحص.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 354


    وفي سبيل اقناع الطفل بامكان الابوين ان يوفروا للطفل احياناً الوسائل والادوات اللازمة ويسمحوا له ان يشرع باستخدامها بشكل يشعر معه بالحرية والاستقلال. وان يستصحبوه معهم احياناً الى المعارض أو الملاعب أو التفسح في الحدائق والمزارع. ويزجوه في المسابقات، ويأخذوه لمشاهدة المناظر والوقائع المتنوعة. ويمكن لسينما والتلفزيون والراديو، والمجلات والصحف ان تقدم خدمات قيمة للطفل في هذا المجال.
    كما ان حمل الطفل على مطالعة الكتب المصورة الخاصة، واستصحابه في الاسفار وزيارة الاماكن المختلفة يمكن ان يكون مفيداً جداً ومؤثراً في هذا المجال. كما يمكن ان ينطوي ذكر القصص الهادفة والالعاب الخاصة على فوائد جمة في هذا المجال.
    اخماد التفحص:


    من الممكن ان يتعرض التجسس لدى الاطفال الى الاخماد احياناً اذ لابد من القول عندها بانها تعد خسارة كبرى على تربية الطفل. بل يجب علينا ان لا نقبل بأي ثمن للتقليل من مقدار ودرجة تجسس الطفل وفي حالة بروز هذه المسألة أمامه يجب ان نهتم بالبحث عن علل ذلك ودوافعه وعن طريقة المعالجة وايجاد الحل اللازم.
    ومظهر خمود التجسس يتجلى بصورة عدم الرغبة في التجسس، وعدم مسائلة الابوين أو تقليل المسائلة اذ تكون حصيلة هذا الامر ايجاد التوقف والركود في كسب الوعي واطلاع الاطفال واستمرار ذلك يتسبب بايجاد الخسائر في حياة الطفل.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 255


    ومن الممكن ان ينجم هذا الخمود بسبب الشعور بالفشل في الحصول على نتيجة من السؤال، والاسلوب السيء والفض للابوين عند الاجابة على الاسئلة، بروز الحالات الفكرية والعملية المزعجة للطفل، والمعاناة وفقدان الأناة والتحمل، الانزعاج والقلق من وضع البيت ومحيط الحياة الاضطرار في تأييد القوالب الانضباطية المتشددة، تغلب اليأس على الطفل، عدم اشباع حاجته للمحبة واللطف، شعره بالتمييز في محيط البيت وعدم اهتمام الابوين به و... إذ يجب ان نكون في صدد النهوض الى ازالتها واصلاحها.

    تربية التفحص:


    واخيراً لابد من الالتفات الى هذه الملاحظة إذ يجب العمل على تربية وتنمية التفحص لدى الطفل وفي سبيل تربيته من الضروري ان يلتفت الآباء والمربون الى الملاحظات التالية:
  • ايجاد الدافع والهدف للطفل على التفحص وتقوية ذلك وتحريكه بشكل يشعر معه انه بحاجة الى التفحص.
  • تعلم اساليب التفحص ومساعدة الطفل على النجاح في ذلك.
  • تعليم اسلوب المشاهدة وتقويته لدى الطفل بشكل يؤدي الى ان يكون في أمن من مخاطره.
  • ابعاد الطفل عن حالات التجسس الغير مثمرة والتي لا مبرر لها لكي لا يشكل صدمة قوية طيلة العمر أو لئلا يؤدي به الى مخالفة الاخلاق.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 356

  • ايجاد الارضية اللازمة لتعجب الطفل واندهاشه إذ ان الاعجاب بحد ذاته يعد من عوامل تأجيل التجسس.
  • تشجيعه على الاستفسار والسؤال من الابوين والتقليل من مسائله الآخرين واعطائه الاجوبة المناسبة.
  • التحفظ والامتناع عن اعطاء الاجوبة التافهة أو ارجاعه الى من لا يعلم امتلاكه حرص الابوين في اعطاء الاجوبة.

    * * *



    الأسرة ومتطلبات الأطفال 357


    الفصل الثامن



    الحاجة الى سلامة النفس

    المقدمة


    الانسان موجود ذو بعدين، بعد يتعلق بالجسم والبدن، وبعد آخر متعلق بالنفس والعواطف. وهذين البعدين يؤثران ويتأثران ببعضهما البعض وتشكل شخصية الانسان من مجموع وتركيب هذين البعدين، فالسلوكيات والأقوال، المواقف ونوعية علاقات وروابط الانسان مرهونة بتأثير وتأثر هذين البعدين.
    والموضوع الذي يجدر طرحه وذكره هنا، هو ان على الانسان ان يراعي السلامة في هاتين العلاقتين، احدهما فيما يرتبط بالجسم والبدن، والاخرى فيما يتعلق بالنفس.
    وكما ان مراعاة الأمر الأول ضروري، فان مراعاة الامر الثاني ضروري أيضاً، وكذلك كما ان عدم مراعاة سلامة البدن يؤدي الى موته، فان عدم مراعاة سلامة الروح يؤدي الى ايجاد

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 358

    موجبات موت الروح أو ايجاد الوقفة والركود في النشاط الروحي.
    ان سلامة الجسم والروح يلزم بعضها بعضاً ولا يمكن فصل الاثنين عن بعضهما. ان هذه الرابطة متصلة فيما بينها بحيث ان التقصير أو النقص في أي منهما، يؤدي الى الحاق الضرر بالآخر.
    ولا نملك من الناحية العامة نموذجاً خاصاً لحياة سعيدة، ولكن يمكننا القول ان احدى هذه النماذج أو الاساليب هو المحافظة على سلامة الروح والسعي لتأمين هذه السلامة.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 359


    اساس السلامة الروحية:


    اساس السلامة الروحية هي أن يأمن الانسان من الابتلاء بالاضطراب والعوامل التي تتسبب في الحاق الاذى والضرر بروحه ونفسه ويقوى على التفكير السليم واتخاذ الواقف الحسنة ويبقى بعيداً عن كل المخاطر والاختلافات الروحية وفي مأمن منها.
    ويتم التركيز في السلامة الروحية على ان لا يصاب الانسان بالقلق في مواجهة المسائل والمشكلات وان يندفع بكل جرأة واقدام على حل المعضلات والصعوبات باسلوب صحيح. ويتجلى بطابع الانسجام السليم والايجابي في المجتمع ويندفع في علاقاته على اساس القواعد والضوابط المدروسة. واخيراً فان اساس السلامة الروحية هي ان يتمكن الانسان الواعي والراجح العقل، وبمقدار قدرته وقابليته وكفاءته وحاجته ان يفكر لخير وسعادة نفسه والآخرين، ويتخذ مواقف سليمة ومدروسة في المعضلات والشدائد، ولا يستحوذ عليه الاضطراب، ولا يخسر نفسه، ولا يخضع للاهواء والاغراض الشخصية والتشويش والقلق.
    ضرورتها واهميتها:


    وفيما يتعلق بضرورة السلامة الروحية وأهميتها، لابد من القول بأنها اكثر أهمية من السلامة البدنية في بعض جوانبها. إذ من الممكن ان يعاني الفرد من النقص في بدنه ويواصل حياته بشكل سليم. بينما لو كان يعاني نقصاً في روحه فان امكانية مواصلة الحياة السليمة وتأمين الحياة الشريفة والمنسجمة لنفسه لا يمكن تحقيقها.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 360


    ان قيمة الانسان وقيمة اعماله وسلوكياته، وكذلك قيمة الثواب والعقاب الذي يناله الفرد انما يكون قيما وعقلائيا عندما يتمتع الفرد حين ارتكابه ذلك العمل بالسلامة الكافية وان يصدر عمله بشكل حر ومدروس ويكون الفرد في منأى عن أي نوع من الاضطرابات النفسية أو السلوكية.
    ولا بد من تأمين الفرد من جانب السلامة الروحية وابقائه بعيداً عن المخاطر واسبابها ليتسنى له النمو بشكل جيد ومرضي ويصبح فرداً نافعا دؤوباً ويكون مديراً متمكناً من ادارة شؤونه. ويجب ان يحظى هذا الامر بالمزيد من الرعاية في مرحلة الطفولة ذلك ان هذه المرحلة هي فترة تكون شخصية الفرد وتبلورها والتمهيد للحياة المدروسة والمنسجمه اللاحقة. كما أن أهمية هذا الأمر تأتي أيضاً من كون سعادة الطفل وحيويته وحياته السليمة الفردية والاجتماعية كلها مرهونة بهذا الامر.
    المخاطر الناجمة عن فقدانها:


    ولكي يطلع الفرد على أهمية وفوائد السلامة الروحية بشكل أفضل وأوسع من الافضل ان يدرك المخاطر الناجمة عن فقدانها. إذ ان الطفل الذي لا يتمتع بالسلامة الروحية من الممكن ان يتعرض الى مخاطر عديدة من قبيل:
    الكآبة والحزن، الانزواء، حالة العناد والتمرد والعصيان، عدم الرغبة بالعمل وبذل الجهد، حالة شبية بالدوار، البكم والانبهات، البرود في العلاقات، عدم الحيوية والطراوة، الانكفاء والاستغراق في التفكير، الأرق والاضطراب، التشويش والقلق، عدم المقدرة على الاستيعاب، عدم الاستقرار والهلع، الهروب من البيت، حالة اللامبالاة تجاه الامور، عدم القدرة على العزم، الاتكال على الغير، الانزلاق نحو الشذوذ والانحراف، سوء الظن

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 361

    بالآخرين، عدم الاعتماد على النفس والابوين، حالات الخوف الغير مبررة، عدم التفكير بعواقب الامور، التهور بدل الشجاعة، الابتلاء بالاضرار والمخاطر النفسية، فقدان الصبر، واحياناً كثرة التوقع أيضاً، الحساسية والشفافية، عدم المبالات بمصيره و...
    العوامل المؤثرة في السلامة الروحية:


    هناك الكثير من العوامل التي لها دخل في سلامة روح الافراد بما فيهم الاطفال، إذ سنشير ضمن هذا البحث وفي هذا الفصل الى موارد منها. وما يمكن التطرق الى ذكره هنا عبارة عن:
  • معرفة الفرد بنفسه وشخصيته.
  • معرفته بسلوكه بلحاظ الحسن والقبح، الجيد والسيء.
  • تطابقه أو عدم تطابقه مع المتطلبات الاجتماعية.
  • امتلاك تصور صحيح عن فلسفة الوجود والحياة الانسانية.
  • إلفات اهتمام الآخرين الى امكانياته، وقابلياته وميوله واحتياجاته.
  • امتلاك العادات الصحية.
  • تطور المهارات اللازمة في هذا المجال.
  • امتلاك المشاعر المتوازنة بحيث لا يفقد توازنه في الملمات.
  • التحلي بالخصال المناسبة لسلامة الجسم.
  • الابتعاد عن الهم والغم والألم والمعاناة والاختلال.
  • امتلاك الفرح والسرور الناجم عن التعلق العائلي والتمتع الكافي بمحبة وحنان الأبوين.
  • التنعم بحماية وقبول الابوين.
  • التمتع بالأمن، والاحترام والتقدير والثناء والاهتمام.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 362

  • الحظوة بالمعاشرة والرفاه واللعب.
  • التمتع بالحرية والاستقلال والسعادة والطراوة والمواساة والمرافقة.
    بعض الضوابط في سلامة النفس:


    هناك بعض الضوابط والاصول في تأمين سلامة الطفل الروحية من الضروري للآباء والمربين مراعاتها وهي تمثل في الحقيقة القوانين والوصايا لابد من مراعاتها بشأن الطفل وهي كما يلي:

    1 ـ في الجانب البدني:


    الاصول والضوابط التي يجب مراعاتها في هذا المجال كثيرة ومنها:
  • المحافظة على البدن ووقايته من الامراض ومضاعفاتها ومن الآلام والمعاناة البدنية.
  • منحه القدرة اللازمة للدفاع عن البدن عن طريق المواجهات ومراعاة الشروط الصحية.
  • منح الطفل الذي يعاني من النقص البدني القدرة والروحية اللازمة لكي لا يشعر بانه فرد تعيس وذو حظ سيء.
  • تأمين الاحتياجات الاساسية والبدنية للطفل من المشرب والمأكل والملبس والمسكن، والنوم والاستراحة.
    2 ـ في الجانب النفسي:


    الامور التي يجدر ذكرها في هذا المجال من هذا القبيل:
  • تقبل الطفل واستيعابه وحمله على قبوله بنفسه بما هو عليه من جوانب الكمال والنقص والعيوب، وجعله موضع التقدير والاحترام.
  • توفير الأمن للطفل والمحافظة عليه بعيداً عن عوامل الفزع

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 363

    والاضطراب، والقلق.
  • مراعاة حرية الطفل واستقلاله بقدر جدارته في الاستخدام المشروع لهما إذ انه يساعد على بناء شخصيته.
  • امتلاك الاعتماد على النفس وعزة النفس والشعور بأنه أهل للثقة.
  • النمو العاطفي والتمهيد للقدرة على المحبة والمحبوبية من قبل الآخرين وابعاده عن العوامل المثيرة والحساسيات وسرعة التضجر.
  • تأمين الهدوء الفكري والنفسي للطفل ومنح الطفل القدرة على المقاومة والصمود لكي لا يشعر بالخوار والحيرة امام حالات الفشل والحرمان.
  • ابعاد الطفل عن العوامل المخربة للمشاعر العاطفية كالحسد، والحقد والانتقام.
  • اصلاح العيوب والتخلفات الذهنية، والفكرية، ذلك انها تمثل ركنا اساسياً في الانسجام الاجتماعي.
    3 ـ في الجانب الثقافي:


    وفي هذا المجال لابد من الاهتمام بالموارد التالية:
  • منح التوعية اللازمة للتنعم بحياة سليمة، والتعامل السلمي مع الاشخاص والاشياء والقدرة على فهمها.
  • اعطاء فلسفة واضحة بمستوى ادراك الطفل وفهمه بشأن الحياة والمواقف اللازم تجاهها، وامتلاك اهداف ومقاصد مدروسة للحياة.
  • اطلاعه على الآداب والتقاليد والمراسيم في الحياة الاجتماعية ومعرفة نمط الحياة الفردية.
  • رفع المستوى العلمي والدراسي للطفل، لكي لا يشعر بين أقرانه

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 364

    بالصغر وسوء الحظ بل وحتى وضع برنامج اسثنائي بهذا الخصوص له.
  • رفع المستوى الفكري للطفل، وبالشكل الذي لا يشغل نفسه بالمسائل التافهة والقليلة الأهمية.
    4 ـ في الجانب الاجتماعي:


    الموارد التي تجدر الاشارة لها في هذا المجال عبارة عن:
  • الاعتياد على الحياة الاجتماعية والعيش مع الجماعة والمعاشرة السليمة والبناءة.
  • امتلاك المؤهلات للمقبولية الاجتماعية بشكل يقبل معه في هذا الجمع.
  • الشعور بامتلاكه الشخصية والحرمة لدى الابوين والمعارف واحترامه لنفسه وللآخرين.
  • المساهمة الفعالة في الحياة الاجتماعية وامتلاك الواجب والمسؤولية القابلة للتنفيذ في المجتمع.
  • امتلاك العضوية في مجموعة مقبولة وخاصة الشعور بالتعلق بالعائلة والابوين.
  • التمتع بجو اجتماعي وخاصة العائلة التي لا وجود للنزاع والاختلاف والعلاقات الغير سليمة فيها.
    5 ـ في الجانب الاقتصادي:


    اهم المسائل التي يمكن ذكرها في هذا المجال عبارة عن:
  • الانشغال بالاعمال والنشاطات التي تملأ وقت فراغه وتكون مفيد له قدر الامكان.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 365

  • اسناد الاعمال والواجبات للطفل بحيث تنسجم مع ميوله وتحفز لديه الرغبة وبما يتناسب مع قدرته وقابلياته.
  • اعطائه مبلغا بعنوان مصرف جيب بحيث يشعر بالاستقلال والحرية في صرفه لذلك المال بشكل مشروع.
  • تأمين احتياجاته المادية والاساسية في البيت، إذ ان اهمها للطفل هو الغذاء وليس الاشياء الاخرى.
  • خلق الاجواء اللازمة لامتلاكه روحية فعالة ونشطة في سبيل اداء واجباته.
  • تقوية الجوانب الخلاقة لديه، وكذلك تقوية الجانب الابداعي والابتكاري لديه بشكل يشعر معه بالجدارة في الحياة.
  • امتلاك عزة النفس وعدم الافصاح عن الفقر والعوز في حضور الطفل وعدم جرح مشاعره.
    6 ـ في الجانب الانضباطي والسياسي:


    الاوصل التي تجدر الاشارة لها في هذا المجال كثيرة منها:
  • الوعي بطرق وانماط الانضباط والقواعد، ومعرفة الضوابط التي يجب ان تراعى بشأن الحياة الفردية والاجتماعية.
  • امتلاك الثبات في السلوك والقواعد الانضباطية بشكل لا يواجه معه في كل يوم نمطا واسلوباً آخر.
  • التمتع بالعفو في مواقع الزلل والانحراف بشكل تحل فيه رحمة واحسان الابوين محل غضبهم.
  • فتح باب التوبة امام الطفل بشكل لو ارتكب خطأ معيناً يجد الطريق الى الاصلاح امامه مفتوحاً.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 366

  • فسح المجال امام الطفل واعطائه الفرصة لكي يقول كلمته دون خوف أو وجل ولا يشعر بالجرح في هذا المجال.
  • ابعاد الطفل عن الخوف من العقوبة فيما بعد، وتصفية حسابه في لحظة الحدث.
    7 ـ في الجانب المعنوي:


    الضوابط التي يمكن الاشارة لها في هذا المجال عبارة عن:
  • امتلاك نقطة اتكاء قوية جداً بحيث يتمكن ان يلوذ بها في الملمات (مثل قدرة الأب).
  • تقوية تعلقه وارتباطه بالله القادر الباقي في سنين الصبا والشباب لكي يطمئن قلبه الى قدرته ولطفه تعالى.
  • الشعور بالتمتع بحماية الأبوين المعنوية، وقبولهم له وتوفير أمنه في كل الاحوال.
  • ايمانه بالشخص الذي يعتمد عليه، والتصديق بنواياه الحسنة ومساعدته اياه.
  • ابعاده عن حالات التضاد، والازدواجيه في الكلام والشخصية، والاطمئنان الى مردود العمل والفعل ورد الفعل.
  • اطمئنانه الى أن اعماله ان كانت حسنة وصالحة لن يحرم من نصيبه من الاجر والثواب ولن يستوى المحسن والمسيء ابداً.
    8 ـ في حل المسائل والمعضلات:


    واخيراً يجب الالتفات الى الاصول والقواعد المذكورة بهذا الصدد ادناه:
  • ازالة الاختلافات وصعوبات الحياة وحل المشاكل المتعلقة بالحياة الشخصية والعائلية.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 367

  • القدرة على مواجهة المشاكل وازالتها قدر المستطاع وبما يتناسب مع شرط السن وادراكه وفهمه.
  • اصلاح محيط البيت من النزاعات، والمشاكل والختلافات المتعددة.
  • حمله على الصبر والتحمل والتأني في الامور وعدم التسرع في تصرفاته وسلوكه.
  • السعي في الاقدام على الامور التي لا تخلق له المشاكل، والتأمل بعواقب الامور في كل الاحوال.
  • سعي الابوين في ازالة المشاكل والموانع التي تلصق به تهمة عدم الكفاءة.
  • واخيراً حل التناقضات والتضاد بين البيت والمدرسة، والبيت والمجتمع، والمدرسة والمجتمع.
    مسؤولية الأبوين:


    وبناء على ما تمت الاشارة إليه، فان مسؤولية الابوين امام الاطفال وفيما يتعلق بتأمين سلامة الطفل النفسية ثقيلة جداً. ومن الجدير بهم ان يظهروا حساسية مناسبة في هذا المجال ويحملوا مسألة سلامة الطفل النفسية على محمل الجد. وللاطفال حقوق معينة بذمة الابوين وان تأمينها يعد من اهم الواجبات. ذلك ان مستقبل الطفل من حيث السلامة أو الابتلاء رهن بهذه المراقبة.
    ومن الضروري للىباء والامهات المنهمكين في اداء واجباتهم ومسؤولياتهم ان يحصلوا على الوعي اللازم في هذا المجال. ويجعلوا من

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 368

    اسلوبهم ونمط تعاملهم ينمان عن الوعي والاطلاع في هذا الخصوص. وما اكثر الآباء الذي وقفوا جل عمرهم واوقاتهم لتحقيق سعادة الطفل ولكن بسبب عدم معرفتهم واطلاعهم الكافيين على اسلوب وكيفية تحقيق ذلك لم ينالوا نجاحاً يذكر في هذا المجال.
    ان الآباء الواعون والمسؤولون يعلمون بأن الوقاية في كل الاحوال أسهل واكثر ضرورة من العلاج بل هي خير من العلاج. ومن خلال المحافظة ومراعاة اصول وضوابط السلامة النفسية يمكننا الحؤول دون ابتلاء الطفل بالاضطرابات النفسية، دون ان تواجهنا في هذا السبيل المشاكل والصعوبات الاستثنائية ولكن في حالة الغفلة لا يمكننا سد هذه الثلمة اطلاقاً.
    عوامل تخريب السلامة النفسية:


    ما اكثر العوامل والظروف التي تعرض سلامة الطفل النفسية الى الخطر وتجعله يعاني من المشاكل الغير قابلة للحل. وقد ذكرنا ضمن المواضيع التي تطرقنا لها في هذا المجال بعض الموارد المتعلقة بهذا الشأن وقد أدركتم جيداً الحال التي يجب ان تكونوا عليها. لذا من الطبيعي ان يصبح اختيار اسلوب ونمط آخر خلاف ما ذكرناه بحد ذاته من العوامل المخربة لسلامة الطفل النفسية.
    وهناك عوامل اخرى جديرة بالذكر في هذا الخصوص وهي:
  • التوقعات المفرطة للابوين من الابناء، وخاصة عندما يرى الطفل بانه غير قادر على تنفيذ مطاليبهم.
  • عدم تحمل الابوين وصبرهم وتأنيهم في اصلاح وبناء الاطفال، إذ يريدون ان يطووا مسيرة عدة سنين في ليلة واحدة.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 369

  • حالات التشدد والتزمت وممارسة الضغوط التي لا مبرر لها، إذ تؤدي الى ان ينفض الطفل يديه من والديه.
  • عدم اشباع الاحتياجات الاساسية للطفل في قوة قدرتهم على ذلك، على أمل أن يتطبع الطفل على الآلام والمعاناة.
  • عدم هداية وتوجيه الطفل في اداء أعماله وفي مراعاة الاصول والضوابط.
  • جعل الطفل ضعيفاً ومدللاً بشكل لا يقوى معه على ازالة مشاكله ومعاناته.
  • عدم مراعاة حقوق الطفل وشخصيته.
  • وجود المنازعات والاختلافات في محيط العائلة بحيث ان الطف يرى ان أمنه مهدد بالخطر.
  • وجود حالة الشكوى من الحياة، بحيث ان الطفل يرى مستقبله ومكانته مهددان بالخطر.
    علائم سلامة النفس:


    وفي ختام هذا البحث لا ضير في ان نذكر مجموعة من العلائم والامارات لطفل يتمتع بسلامة النفس بالرغم من أن الوصف الكامل لمن هو سالم أو سقيم أمر في غاية الصعوبة وابعاده مبهمة:
  • السعادة والحيوية وامتلاك الروحية الفعالة والبشوشة.
  • الحركة والنشاط الدائمين، والتحلى ببذل الجهد واللعب والمثابرة.
  • الابتعاد عن التعجل، الهع ، الاضطراب ، العناد ، العنف ، وبذاءة اللسان.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 370

  • القدرة على حب واحترام نفسه والآخرين.
  • عدم الخوف من مواجهة المسائل، واللجوء الى استخدام السعي وبذل الجهد في حلها وازالتها.
  • التعامل الحسن وبما يتناسب مع الآدب تجاه الابوين، والمربين، والاصدقاء والأحبة.
  • الاعتراف بالفشل والتحرك مجدداً لغرض الوصول الى الهدف والمكانة الجديدة.
  • امتلاك الاعتماد على النفس، وعلى الابوين، وامتلاك عزة النفس والشعور بالفخر والاعتزاز.
  • التحلي بالعفو والصفح وتحمل النقد والتجاوز عمن اراد الاساءة الى الطفل.
  • الانسجام الايجابي والمدروس والهادف مع الجمع والجماعة.
  • واخيراً التحلي بالتوازن ووحدة الشخصية بحيث ان أحد ابعاده لا يبطل بعده الآخر.

    * * *




  • السابق السابق الفهرس التالي التالي