الأسرة ومتطلبات الأطفال 237


الفصل السابع


الحاجة الى البكاء

المقدمة


من المعلوم لدينا ان الطفل يلد الى هذه الدنيا بالدموع والبكاء والآه والدليل الاول على ولادة الطفل هو بكاؤه. بعض الدراسات اشارت الى أن بعض الاطفال يبكون في الفترة ما قبل الولادة وفي المرحلة الجنينية داخل رحم الام، وذلك عندما يصاب كيس الماء بالتمزق وينفذ الهواء الى داخل حضرة الرحم.
البكاء امر ملازم لنا في جميع مراحل العمر، ولكن يختلف بين الشدة والضعف والقلة والكثرة. اساس البكاء دليل على الحاجة أو الألم، ولكن لدينا بعض الموارد التي يتشبع فيها الانسان بالألم ولم يعد بحاجة الى البكاء. وبعد أن تنتابه فترة من الهدوء والسكينة يستأنف البكاء تارةً اخرى وبهذا الاسلوب ينال شيئاً من الهدوء والراحة. وكلما تقدم عمر الانسان يزداد شعوره بالرياء والغرور تدريجياً فيعرض عن البكاء أو يقلل من نسبته وعدد دفعاته.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 238


انواع البكاء:


ان انواع البكاء لا تدل في كل الاوقات على مبتغى وهدف واحد، بل ان لها اهدافاً ومقاصد مختلفة، وهي عبارة عن بكاء الفراق، وبكاء الخوف، وبكاء الشوق والفرح، وبكاء الألم والجوع.
كما يتفاوت الافراد فيما بينهم من حيث مقدار وحدود البكاء. وعلى سبيل المثال فان بكاء الاطفال المتخلفون قليل أو انهم يتأخرون في البكاء امام المسائل المؤلة. في حين ان بعض الاطفال يتسمون بكثرة البكاء.
من الممكن أحياناً ان يعبر البكاء عن الألم أو الحاجة وأحياناً اخرى عن الاختيار إذ غالباً ما يلاحظ ذلك بالنسبة للاطفال في عمر 6 ـ 12 شهراً وقبل لحظات من نومهم إذ يريدون مثلاً ان يختبروا امهاتهم وهل انها تبقى الى جانبه أم لا.
ومن الممكن أيضاً ان يكون البكاء هادئاً بل وحتى خفياً، بحيث يعتصر القلب ألماً وتسيل معه الدموع وأحيانا اخرى يمكن ان يكون علنياً جداً وشديداً، والذي يدل على قلة فعالية غدة التيروئيد الوراثية، إذ ينقطع هذا النوع من البكاء في حالة معالجته أيضاً.
وعلى أي حال سيصل اليوم الذي ينقطع فيه البكاء لدى الافراد تقريباً، ويفصح الانسان عن ألمه وحاجته باسلوب آخر في المستقبل.

اسباب وعوامل البكاء:


ان البكاء يرسم دائماً علامة استفهام في ذهن المشاهد والسامع، فيسألون انفسهم لماذا يبكي الطفل؟ هل هو جائع؟ أم مريض؟ أم لغرض لفت

الأسرة ومتطلبات الأطفال 239

الانظار إليه والدلال؟ أم يشعر بألم ما؟ هل يشعر بالتعب والانزعاج؟ أم لماذا؟ و... الخ.
ومن المسلم به أن البكاء يدل دائماً على التحول والتغير، إذ ان اساس ذلك ومنشأه لا يكون معروفاً في بعض الأحيان حتى للشخص نفسه. وبمرور الوقت وفي ظل المعايشة والمراقبة يمكن التعرف على طبيعة بكاء الطفل والوقوف على اساسه ومنشأه.
ولو تفحصنا الأمر بدقة سنكتشف ان البكاء أحياناً يدل على الاضطراب، واخرى علامة على الغضب، وفي بعض الموارد علامة على الألم، أو الافصاح عن الجوع، والعطش و... الخ. ولغرض توضيح القضية نحاول فيما يلي ان نصنف اسباب ذلك وعوامله:
الف ـ الاسباب الحياتية ـ البدنية:


وهنا يمكننا التطرق الى ذكر مجموعة من الاسباب والعوامل وأهمها ما يلي:
1 ـ التنفس الحر:


البكاء حين الولادة دليل على أول استخدام لعملية التنفس، وقبل أن يحظى بأهمية نفسية، يمتلك اهمية فسيولوجية ودليل على التنفس الحر للطفل.
2 ـ الافصاح عن الجوع:


أحياناً يلجأ الطفل الى البكاء لكونه جائع، أو بسبب طول الفترة الفاصلة بين وجبتي إطعامه ولا يطيق الانتظار والهدوء. ولو أطعم في هذه الحالة فانه

الأسرة ومتطلبات الأطفال 240

يهدأ وهذا بحد ذاته يعد انذاراً.
3 ـ الافصاح عن الألم:


وأحياناً يبكي الطفل من الألم، كأن يعاني من المغص المعوي، سواء بسبب الاصابة بالبرد أو بسبب التخمة أو عدم هضم الغذاء.
ان الامهات الواعيات يمتلكن القدرة على سرعة الحدس، ومعرفة السبب الذي يبكي الطفل، وكيف ينبغي علاجه.
4 ـ الانزعاج:



أحياناً ينجم بكاء الطفل بسبب الانزعاج من طبيعة الملابس، مثلا قد يبلل ثيابه أو يشعر بعدم الارتياح لتعكر مزاجه. ثم ما يلبث ان يهدأ ويسكن بعد تغيير ملابسه. كما يمكن ان تكون ملابسه قليلة أو كثيرة، إذ إنه ينزعج ويتألم في الحرارة والبرودة الشديدتين.
5 ـ مقدمة للمرض:


من الممكن أحياناً ان يكون البكاء مقدمة لظهور المرض. كأن يكون بكاؤه بسبب تألمه الناجم عن ظهور بثور أو حبيبات الجدري أو لاصابته بحمى شديدة أو أنه في حالة معاناة من الألم.
6 ـ الشعور بالتعب:


وهذا العامل يعتبر أيضا من اكثر الاسباب والدلائل شيوعاً على البكاء، إذ ان الطفل لا يميل الى النوم بسبب ممارسته اللعب قليلاً، واستحواذ التعب عليه. ان الأرق وعدم النوم يعد بحد ذاته عاملاً متعباً جداً، ويتحول فيه وضع الطفل من سيء الى أسوأ.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 241


7 ـ تغيير الحالة:


ان تغيير الوضع أو الحالة يمثل احدى اسباب بكاء الطفل. كتغيير محل نوم الطفل ، أو طبيعة نومه كالحركة من اليمين الى اليسار وبالعكس، أو تغيير ملابسه لغرض الاستحمام، أو إلباسه ملابس ضيقة.
8 ـ عدم الشبع:


أحيانا يرضع الطفل ثدي امه أو يرضع الحليب من العلبة، وبسبب قلة حليب الام أو ضيق مجاري الثدي، يقوم الطفل بمص الثدي لفترة من الوقت ثم يتعب، دون ان يشبع. وهذا الأمر يؤلمه جداً، ويجري دموعه ويمثل بالنسبة للطفل نوع من الحرمان.
وهناك موارد اخرى في هذا المجال تستحق الاشارة لها واهمها عبارة عن: الطعم الغير لذيذ، الرائحة الكريهة،التقيء، الصوت المرتفع، الانعكاس المباشر لضوء المصباح أو الشمس،تنظيف الاذن أو الانف، عدم انسجام الجهاز العصبي مع الجهاز الدموي.
ب ـ الاسباب النفسية:


المجموعة الثانية من الاسباب التي يمكن ذكرها حول بكاء الطفل هي الاسباب النفسية، ويمكننا بهذا الصدد ان نذكر مسائل واسباب عديدة نشير فيما يلي الى بعضها:

1 ـ الشعور بفقدان الامن:


أحياناً يلجأ الطفل الى البكاء لانه يرى ان أمنه معرض للخطر، ان ظروف نموه وحياته تستوجب ان يعيش دائماً في محيط بعيد عن الضوضاء

الأسرة ومتطلبات الأطفال 242

والخطر. فعندما يعلو الصراخ أو يصل الى الاسماع صوت الانفجار فانه يشعر ان وضعه غير آمن فيبكي.
2 ـ عدم الرضا عن الاوضاع:


انه يشعر بحاجة ما ولديه طلب معين ويريد أن ينفذ طلبه بالشكل الفلاني. فعندما يرى المسألة بخلاف ما يريد يشرع بالتأوه والعويل. انه لم يرغب مثلاً بأن يمنع عن عمل معين أو ان يتسبب له بمشكله معينة.
3 ـ العقدة النفسية:


أحياناً يصدر البكاء للتعبير عن نوع من تفريغ العقد وحلها. كأن يتذكر الطفل ان امه ضربته قبل ساعة أو أهملته ولم تعتن به والآن يشعر بعدم الارتياح من تلك الاوضاع فتنهمر دموعه ويخفف عن نفسه بهذا الاسلوب.
4 ـ عدم الرضا عن نفسه:


ويلاحظ أحياناً انا لطفل يتجه الى انجاز عمل معين ولكن لا يفلح في ذلك. كأن يحاول ان يدخل علبتين في بعضهما ولكن لا يتيسر له ذلك. ولهذا السبب لا يرضى عن نفسه فتجري دموعه بل وحتى من الممكن في السنوات اللاحقة ان يتذكر هذا الامر ويبكي.
ج ـ الاسباب العاطفية:


في الكثير من الموارد توجد بواعث عاطفية للبكاء، وفي هذا الصدد يمكننا ان نذكر بعض الجوانب المتعلقة بذلك، واهمها عبارة عن:

الأسرة ومتطلبات الأطفال 243


1 ـ الشعور بالوحدة وفقدان الملاذ:


انه يبكي لانه لا يرى والدته الى جواره. ولانه يأنس بوالدته فلا يطيق فراقها. ففي مثل هذه الحالة لو حضرت والدته عنده فانه يهدأ ويسكن ولو لاعبه شخص آخر فانه يسكت.
2 ـ الحاجة الى الملاطفة والحنان:


انه يبكي لانه يفتقر الى الحنان والعواطف، ويريد من الآخرين ان يلاطفوه ويلاعبوه، ويستميلوا قلبه. وفي هذه الحالات من الممكن أحياناً ان يعمد الطفل الى الدلال ويدلل نفسه إلا انه لا معنى لهذا الأمر بخصوص الاطفال تحت عمر ثلاثة أشهر.
3 ـ علائم الغضب:


أحياناً ينم البكاء على الغضب والعصبية. سواء أكان بسبب كونه عصبي المزاج أو بسبب كونه منزعج. ففي الحالة الاولى يصدر البكاء بعد الاستيقاظ من النوم ويستغرق فترات طويلة، إذ يتسبب في خلق اجواء غير مريحة بحيث يفقد معها الانسان صبره.
4 ـ الخيبة واليأس:


من الممكن ان يكون بكاء الطفل بسبب شعوره بالخيبة واليأس. كأن يتمنى تأمين شيء ما ولم يفلح في ذلك. كالرغبة في ان تؤدي له والدته مسألة معينة ولم يوفق في ذلك.
5 ـ تفريغ ثروته:


أحياناً يلجأ الطفل الى البكاء ليفرغ شحناته وثورته وعادة ما تحدث

الأسرة ومتطلبات الأطفال 244


هذه الحالات من البكاء عند وقت الغروب، وقد يكون للارهاق اليومي دور استثنائي في هذا البكاء.
وقد ذكروا لذلك دوافع اخرى منها الهيجانات الدورية للجهاز العصبي، حملات الآلام المعوية و... ومن الممكن أحياناً ان يستمر هذا البكاء لفترة ساعة أو ساعتين.
6 ـ الخوف:


ومن الممكن أحيانا ان يصدر البكاء عن الخوف. سواء الخوف من شخص غريب، أو رؤية الاحلام المرعبة إذ تتجلى هذه الحالة عادة في حالة الامراض الشديدة والحمى المرتفعة.
د ـ الاسباب الاجتماعية:


تتصف حالات البكاء أحياناً بان لها منشأً وجذوراً اجتماعية، وفي هذا الصدد بوسعنا ان نشير الى جوانب متعددة أهمها ما يلي:

1 ـ التقليد:


من الممكن أحياناً ان يصدر بكاء الاطفال عن حالة التأسي. وعلى سبيل المثال قد يبكي الطفل لسماعه صوت بكاء طفل آخر أو يبكي عندما يرى ان والدته أو والده أو غيرهما يبكون.
2 ـ التمرن على الصوت:


نه يعمل خلال بكائه على اصلاح مجرى الصوت، ويقلد اداء الآخرين عند البكاء وبين هذا المزاح وتلك الحقيقة يبكي هو الآخر تدريجياً ويسكب

الأسرة ومتطلبات الأطفال 245

دموعه.
3 ـ الاخبار عن اضطرابه:


أحياناً ينجم بكائه للاخبار عن حضور شخص غريب لم يألفه فهو لم يألف هيئة الشخص الغريب، وليس له علاقة صميمة به، وبكاؤه في هذه الحالة يمثل نوعاً من الافصاح عن عدم الارتياح لهذه الاوضاع. تجدر الاشارة الى ان هذا النوع من البكاء يعود لمرحلة ما بعد الثلاثة اشهر من العمر.

تبرير البكاء:


وبناء على اساس التبرير المتقدم فان البكاء يعبر عادة على علامة معينة أو امارة معينة للاطفال الصغار ويمثل رسالة لأولئك الذين لا يتملكون القدرة على بيان آلامهم الداخلية وما يشعرون به. أجل علامة ورسالة للتعبير عن الحاجة، والافصاح عن عدم الارتياح، وجرس للتنبيه وعلامة على فقدان التحمل، وبلوغ الألم ذروته و...
وعلى هذا الاساس يمكن ان يصبح البكاء عاملاً للارتباط ولكن ليس كذلك دائماً. لاننا نلاحظ ان الاطفال الصغار يبكون اكثر أحياناً في فترة العادة الشهرية للام. انه يعرب عن ميله الى النوم، وزيادة الطعام، وتحمله للألم عن هذا الطريق.
وفي كل الاحوال فالبكاء يعبر عن ضعف الطفل. ولوكان بوسع الطفل ان يعلن عن حاجته بأسلوب آخر للجأ إليه. ولكن لا يستبعد ان يستغل ذلك الاسلوب أحياناً لغرض تقوية مكانته. ونقول انه يجب على الوالدين ان

الأسرة ومتطلبات الأطفال 246

يتخذوا موقفاً سليماً في هذا المجال.

فوائد وأهمية البكاء:


البكاء امر مفيد ومهم بالنسبة للاطفال، ذلك انه يبعث على سلامة البدن من الناحية الجسمية ونمو الجهاز التنفسي والاوتار الصوتية، ويؤثر كذلك على سلامة العينين.
يقول الامام الصادق عليه السلام في توحيد المفضل: ان في دماغ الطفل رطوبة يؤدي بقاؤها في الجسم الى نشؤء آلام عظيمة يجليها البكاء.
ومن الناحية العاطفية والنفسية يعتبر البكاء عاملاً لتفريغ الشحنات، وحل المشكلات أو كما يعبر عنه بالمصطلح العامي، بانه سبب في تخفيف العظام، إذ أنه عامل مؤثر على سلامة الطفل النفسية. كما انه ضروري لادامة الحياة، حيث انه يبكي ليعلن عن حاجته. ذلك انه لا يملك قدرة البيان والنطق للافصاح عن آلامه واحتياجاته.
ولهذا السبب فقد اوصى الأئمة عليهم السلام بان لا نمنع الطفل عن البكاء، ولكن يجب عدم السماح بإطالة البكاء، أو جعله وسيلة لبلوغ اهدافه، وكذلك يجب عدم السماح له بان يرفع من حدة بكائه لدرجةٍ يفقد معها قدرته وقوته.
موقف الآباء تجاه البكاء:


يظهر الآباء عادة حساسية معينة تجاه بكاء الاظفال، خاصة الامهات ،

الأسرة ومتطلبات الأطفال 247

وبالاخص عندما لا يملكون سواه أو يكون وليدهم الأول. ان بكاء الطفل يقلق قلب الام بشدة، لئلا يكون قد ألم بالطفل خطر ما أو يتسبب طول البكاء بأيذائه.
ولهذا السبب فانهم سرعان ما يقومون بتهدئته واسكاته بشتى السبل، بل وحتى من الممكن ان يأخذوه الى مخدعهم أو يعودوه على عادات سيئة ويلقنوه بعض التصرفات التي يصعب فيما بعد صرفه عنها.
ضرورة المواساة بسبب البكاء:


الاساس في التعامل يستند الى ضرورة مواساة الطفل وتطييب خاطره وتهدئته، إلا انه لا ينبغي ان يحصل هذا الأمر لكل مسألة صغيرة أو لكل حالة من البكاء.أحياناً يتطلب الأمر ان لا نعير أهمية لبكائه وندعه يبكي قليلاً ويخفف عن نفسه. ولكن في الموارد المذكورة ادناه تعتبر مواساته ضرورية:
1 ـ عندما يتجرع الطفل الألم نتيجة لاصابته بمرض مجهول أو معروف.
2 ـ عندما يبكي بشدة نتيدة الخوف ويبحث عن ملاذ آمن.
3 ـ عندما يرى أحلاماً مرعبة، ويبكي بشدة اثناء النوم ويصرح ويستنجد.
4 ـ لغرض حالات البكاء الشديدة والحادة والتي تصدر عادة بسبب الآلام المعوية الحادة (كوليك) أو الانتفاخ الشديد.
5 ـ عندما يستغرق البكاء وقتا طويلا ولا يهدأ الطفل.
6 ـ لحالات البكاء الفورية والمفاجأة ، كأن يكون الطفل هادئاً ثم يبكي فجأةً.
7 ـ وأخيراً في حالة وجود خطر من التطبع بعادة سيئة في هذا

الأسرة ومتطلبات الأطفال 248

المجال.
مخاطر عدم الاهتمام بالبكاء:


بالرغم من اهتمامنا الفائق بالطفل ومراقبتنا له لئلا يسيء الفهم ويستغل مسألة البكاء، لابد لنا من الاهتمام ببكائه أيضاً، وان لا نكون غير مبالين ببكائه في كل الاوقات. طبعاً يجب ان ينصب اهتمامنا حول مسألة عدم السماح للطفل بأن يتخذ البكاء وسيلة لتحقيق اهدافه الغير مشروعة، ولا يجعله حالة طبيعية، ولا يصبح سبباً لدلاله وتملقه، ولا يتخذ البكاء طريقة منتظمة، ولا يصدر بصورة أمر أو الحاح، وان لا يتحول الطفل الى فرد متطبع على الحمل والاحتضان وكلما نضعه على الارض يشرع بالبكاء. وحتى لو بكى أحياناً لمدة 15 ـ 30 دقيقة فليس ذلك مهماً بالنسبة لنا، ولكن لابد من الالتفات والحذر لئلا يتبادر له هذا التصور، وهو ان الام والأب لا يبالون به ولا يعيرونه أهمية تذكر، إذ ان الخطر في ذلك يكمن هنا:
سيشعر الطفل بفقدان الملاذ، ويفقد الأمل بالحياة تدريجياً، ثم يتحول فيما بعد الى فرد حاد المزاج ، تابع لغيره ، يسيء الظن بالآخرين، وأحياناً يعيش منزوياً أيضاً، وذو سلوك غير اعتيادي، مضطرب ، عصبي و... الخ.
وفي بعض الموارد قد يتسبب عدم القيام بالحؤول دون البكاء أو عدم الاهتمام به الى خلق المخاطر للطفل. فمثلاً من الممكن ان يكون زنبور قد دخل بين ثيابه أو ان يكون في حالة الاختناق وانقطاع النفس. ناهيك عن ان الاطفال احياناً وبسبب البكاء وبلع الهواء يتقيؤون بشدة ويمكننا قبل ذلك ان

الأسرة ومتطلبات الأطفال 249

نكتشف اتساع معدتهم.
تهدئة الطفل من البكاء:


من خلال الاهتمام بالموضوع اعلاه من الضروري ان نعمل على تهدئة الطفل من البكاء. وتختلف اساليب التهدئة حسب الحالات الموجودة:

  • أحياناً يمكن تهدئة الطفل بواسطة احتضانه.
  • وأحياناً يمكن مرافقته وابعاده عن ذلك المحيط وملاطفته بصوت هاديء.
  • وأحياناً يسلتزم الامر أن نظهر للطفل مقدار مواساتنا له.
  • بعض الامهات يلجأن في هذه الحالة الى وضع الثدي في فمه أو اعطائه الملهية (الحلمة البلاستيكية).
  • وأحياناً يهدؤون الطفل من خلال الترنيمات وهز الطفل وتحريكه.
  • ولكن يهدأ الطفل العصبي فان بعض الامهات يقمن بوضعه على بطنه أو ضغطه بشكل محكم في الحضن...
    التحذيرات :


    الموارد التي مر ذكرها صحيحة، وكل منها ضروري في محله، ولكن م الضروري أيضاً الالتفات الى الملاحظات ادناه:

    1 ـ ان لا يكون اسلوبنا المستخدم بالشكل الذي يصبح معه الطفل

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 250

    غوغائياً، ويتخذ بكائه طابع العادة.
    2 ـ منذ ان يبدأ الطفل بالقدرة على الكلام والنطق، يجب ان نحاول معه على تبيان ما يريد بالكلام لا بالبكاء.
    3 ـ لا تضربوه بسبب بكائه: لأن ذلك لا يؤدي الى حل المسألة، وحاولوا ان تثنوه عن البكاء بالدلال أو الاهمال.
    4 ـ لا يحبذ استخدام الأدوية المانعة للبكاء دون ترخيص الطبيب.
    5 ـ من الضروري مراجعة الطبيب في حالات البكاء الشديد، والبكاء المصحوب بالعصيبة والفوران.

    * * *



    الأسرة ومتطلبات الأطفال 251


    الفصل الثامن



    الحاجة الى السعادة والنشاط

    المقدمة


    الاندفاع نحو السعادة والنشاط، السرور والفرح جزء لا ينفك عن طبيعة الانسان، ومن أجل تأمين هذه الحاجة، يمهد السبيل امام ثبات السلوك، فالطفل يريد ان يكون مسروراً وان يحصل على العوامل التي تساعد على خلق هذه الحالة. ولكن للاسف فان الكثير من الآباء والمربين يركزون جل اهتمامهم على تأمين الاحتياجات البدنية للطفل، ولا يهتمون باحتياجاته النفسية، والتي من ضمنها الطراوة والحيوية، وهذا الأمر يمكن أن يؤدي الى الحاق المزيد من الخسائر.
    لا ضير في ان نقول بأن مرادنا من السرور والنشاط لا يعني ان يضحك الطفل دائماً أو أن يكون في منأى عن الهم والغم مطلقاً. بل مرادنا هو ان يمتلك طراوةً روحية وينظر الى الحياة والوجوه من زاوية الفرح والأمل، ويحظى بالهدوء الفكري والنفسي، ويتصف بالثقة بالنفس والرضا والمحبة والغنى

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 252


    الروحي، ونعلم بأن هذه الحالة تختلف عن حالة الضحك المفرط والحياة الممزودة بطلب المتعة والمعاشرة التي تبعث على الاستهزاء.

    أهمية السعادة والنشاط:


    السعادة والنشاط هما أساس سلامة الجسم والروح. ويرى علماء النفس بأنها رأس مال الحياة بالنسبة الى الطفل، ويقولون بأن الحياة بدونهما لا طعم لها للانسان ولا تتمتع بأي جاذبية لكي يبذل الانسان جهده لها.
    بعض الافراد في المجتمعات البشرية يتصفون بحالة معينة يمكن ان نقول عنهم بانهم غارقون في انفسهم، ومنكسون رؤوسهم ويعيشون في وضع روحي سيء. ومتشائمون في نظرتهم الى الحياة وما فيها، ويرون كل شيء بمنظار أسود حالك. ولو تسائلنا عن السبب الداعي لظهور هذه الحالة، لابد أن نقول انه فقدان حالة الطراوة والسرور والنشاط. ان هؤلاء الافراد في الواقع من الذين فقدوا حالة الفرح والطراوة الداخلية ولم يعودوا يشعروا بها.
    فوائد ذلك للطفل:


    السعادة هي سبب النمو والنجاح، وتبعث على ان يندفع الطفل بحرارة وفرح. وان ينجز أعماله بهدوء واطمئنان، وينام بشكل مريح ويفكر بشكل مريح ويستقر ويهدأ على اكمل وجه.
    السعادة عامل محرك للعمل والنشاط الاكثر، وسبب لمضاعفة القدرة والنشاط السليم، وتصبح السبب في ان ينظر الانسان الى الحياة بنظرة ايجابية ويتجه نحو حل المعضلات الحياتية بأحسن وجه.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 253


    ان الرغبة في اتخاذ القرار بالنسبة لهؤلاء الاطفال يصبح أمراً اكثر سهولة ويسر، وبامكان أمثال هؤلاء الافراد ان يفكروا بنحو أفضل.
    ولعلكم تلاحظون وجوه الاطفال الفرحين وكيف انها تتلألأ من الفرح والسرور، انهم لا يعانون من الاضطراب والتشويش في امورهم الحياتية، وان واجهته مسألة ما لا يهرب منها ولا ينظر لها نظرة سلبية، وخلال احتكاكه وتعامله سواء مع الوالدين أو مع الآخرين يتسم بالمزيد من الرضا والهدوء عما لو كان حزيناً. وفي البيت يتعاون مع والديه ويواصل حياته في المجتمع بتفاؤل وسرور.
    مخاطر الحرمان من ذلك:


    الاطفال المحرومون من السعادة والنشاط لهم وجوه مخطوفة لانضارة فيها، وحركاتهم ثقيلة، ويبدو عليهم التعب والارهاق دائماً، ويفتقدون الى المقدرة والنشاط المتميز، ويظهر عليهم البرود واللامبالاة في تعاملهم مع الآخرين، وغير ملتزمون ازاء المسؤوليات الملقاة على عاتقهم ولا يتقيدون بها، ومن اجل الهروب من الامور المكدرة، فانهم يلجأنون أحياناً الى شتى الاساليب والطرق.
    ويشعر هؤلاء الاطفال بأنهم في فقر وحرمان شديدين، ويظنون بان آباءهم ومربيهم لم يؤدوا لهم حقوقهم بالشكل المطلوب أوانهم يعمدون الى سلب شيء من نصيبهم. ان طبيعة حركتهم ومواقفهم تصدر بشكل يمكن القول عنها بأنهم يختلقون الاعذار لأصرارهم ولجاجتهم وكسلهم ولا يستبعد منهم ان يستسلموا للامور المنحرفة ثانيةً.
    ان الحرمان من السعادة والنشاط يولد الارهاق العصبي للافراد، وكلنا

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 254


    يعلم بأن هذه الحالة مضرة وقد تؤدي أحياناً الى ان يفقد الفرد حياته أو على الأقل الى عدم الاهتمام بأساسيات الحياة. ان الذين تسرب الحرمان الى اعماقهم يعيشون في وضع سيء للغاية وكأنهم في واقع الامر أموات يمشون على وجه الارض لا يملكون حولاً ولا قوة. وهناك عدو كبير بالاضافة الى كل هذه المخاطر يكمن في هذه المسألة يصرف الفرد عن اداء تكاليفه الحياتية ويسلبه القدرة على الحركة، كما ان هناك خطراً آخر يواجه بعض الافراد إذ أنهم ينتقلون الى انفسهم على اثر الحرمان من هذا الامر ويتوجهون نحو الشذوذ الجنسي لارضاء انفسهم.
    المحاولات المبذولة للحصول على ذلك:


    ان الطفل يلجأ الى استخدام شتى الاساليب والطرق من اجل الحصول على حالة السعادة والنشاط. وابتداءً من الشهر الثالث تقريباً يحاول من خلال ابتسامته ان يعبر عن شيء من الفرح والحيوية ويأخذ هذا الأمر طابعاً اكثر جدية ابتداءً من الشهر الرابع من العمر. وبعد هذه المرحلة من العمر يخصص الاطفال جزء مهما من محاولاتهم ومساعيهم حول هذا الموضوع كي ينالوا سعادتهم وما يصبون إليه من الفرح والسرور حتى وان فشلوا في تحقيق هذا الأمر. كما ان أغلب حالات الركض، والحركات، والترنيمات يمكن تفسيرها من هذه الزاوية.
    أحياناً يلجأ الطفل الى التنويع كي يفرح نفسه، وكأنه ينزعج من الرقابة والتكرار والذي يعد اساس الملل والارهاق العصبي. وأحياناً يعمد الى التشاجر والنزاع مع من هو أضعف منه لكي يحصل على بعض النجاح من خلال ذلك، ويدخل السرور على نفسه. وتفسر هذا الرغبة بأنها ناجمة عن

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 255

    الاحساس بالضعف والانزعاج، إذ يريد أن يتغلب على هذه الحالة أو أن يودعها في طي النسيان. ويعتقد بأن هذه الرغبة فطرية وبالنتيجة ستبقى ملازمة له مدى الحياة.
    امكانية إسعاد الاطفال:


    لغرض اسعاد الطفل ليس من الضروري ان يمتلك الآباء ثروة طائلة أو امكانيات متميزة، إذ يمكن أحياناً إسعاد الطفل في عين المعاناة من الفقر والشحة وجعله يشعر بالفرح والسرور. ولو أقدمنا في هذا المجال على شيء ولو محدود فسوف يتحقق هذا الأمر بشكل تلقائي، ذلك ان حالة الرضا والاطمئنان الموجودة في اعماق الفرد ستمهد الارضية اللازمة للشعور بالسعادة والفرح.
    وبشكل عام هناك اشياء كثيرة في الحياة يمكن للانسان ان يتمتع بها ويحصل على السعادة بواسطتها. ويصدق ذلك اكثر على الاطفال، إذ يمكن أحياناً ان ندخل السرور على قلب الطفل من خلال وضع قطعة من القماش أو الورق على رأس الطفل أو يمكن إسعاده من خلال الدفيء في المحبة والملاطفة، أو التمهيد لحصوله على قليل من النجاح.
    ان المشاركة والمساهمة في امور الاسرة والمجتمع والتحريك في المحيط الطبيعي، والذهاب للتنزه والى الاماكن العامة المشاهدة التجمعات، والتحركات، والمسابقات، والخضرة والماء الجاري و... الخ، كلها من عوامل السعادة والحيوية.
    كما تجدر الاشارة الى هذه الملاحظة، وهي ان السعادة مسألة قابلة للتعلم، وبوسع الانسان ان يتعلم كيف ينعم بالحيوية والنشاط.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 256


    ضرورة منح ذلك:


    لابد من منح السعادة والحيوية الى الطفل بعنوان هدية كما يجب ان نلاحظ أيضاً عدم بروز أي تخريب أو تدمير في نفس الطفل على اثر هذا الحرمان وان لا يؤدي الى تخريب رياض قلبه. وهذا الأمر في الواقع يعد حاجة من حاجيات الطفل، والآباء مكلفون بتأمين هذه الحاجة بحدودها المشروعة.
    ان سلامة الطفل الروحية وحتى البدنية مرهونتان والى حد بعيد بهذا الأمر وتمثل قدرة الآباء على منح هذا الأمر سبباً لتأمين هذه السلامة. ولابد من انزال الهدوء والسكينة على قلوب المؤمنين والصالحين وهذا عمل رباني. ومن الضروري في هذا المجال ان نعمل دائماً على إبعاد الافكار السيئة والمزعجة عن ذهن الاطفال، والسماح لهم بمواصلة اعمالهم على اساس التفاؤل. كما يلزم في هذا الصدد ان نبدل كدرهم صفواً وصلحاً، ونمهد موجبات شعورهم بالسعادة من خلال قبول توبتهم، وكل ذلك يختلف عن تأمين الكماليات والامور التي تخص المظهر، إذ لا تحتاج الى ميزانية ومصاريف معينة.
    حدود ومقدار ذلك:


    ان الحد المتعارف والمعتدل مطلوب في كل الامور، وحالات الافراط والتفريط تفسح المجال امام الكثير من المخاطر والاضرار. ان الطفل خلال حياته بحاجة الى ان يكون معتدلاً، وان يحافظ أيضاً على اعتداله في الامور، وهذا قانون قرآني ومسيطر على كافة الاصول الاخرى.
    طبعاً لا يمكن الوصول الى حالة السعادة الدائمة والمطلقة في الحياة،

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 257

    ولكن لا ينبغي ان تكون الحياة مليئة بالهم والغم والشقاء أيضاً. وكلما سعينا نحو المتعة اكثر ازداد شعورنا بعدم الرضا والسعادة في الحياة. وكلما عشنا اكثر في الهم والغم ازدادت تعاستنا وشقاؤنا في الحياة. ولا بد اذن ان نتخب طريقا وسطاً بين هذين الأمرين يعود بالنفع على الطفل وبالخير وفي صالح المجتمع.
    اننا نعتقد أحياناً بانه من الضروري ان يعاني الطفل شيئا من الألم والعذاب كي لا يتبادر الى ذهنه ان الحياة كلها عبارة عن سعادة وسرور، وان يعلم بوجود الهم والغم والألم أحياناً ولابد من التأقلم مع هذه الحالة، وان يتخذ ازاء ذلك موقفاً بناءً يعمل فيه على ازالة ذلك. ولابد له أحياناً ان يتذوق طعم الغم والحزن لكي يفهم ذلك ويعرف ما يقاسيه ابناء المجتمع.

    عوامل اسعاد الطفل:


    قلنا ان الطفل يريد ان يكون سعيداً ومسروراً، واما عن طبيعة العوامل التي يمكن ان تلعب دوراً مؤثراً في سعادته، بوسعنا ان نتطرق الى ذكر بعضها وهي كما يلي:
    أ ـ من حيث الايجاب والاعطاء:


    وفي هذا المجال هناك عوامل كثيرة يمكن الاشارة لها وكما يلي:
  • الحياة الاجتماعية والعيش وسط الأهل والاحبة وملاعبتهم ومحاورتهم.
  • ملأ اوقات الفراغ بالفعاليات التربوية المتنوعة.
  • الحصول على الجواب المناسب لاسئلته مقرونةً بالابتسامة طبعاً.
  • سلوك الآباء الودي والصادق مع الطفل ومعاملته بسعة الصدر.
  • عرض وتقديم السبل الجديدة للحصول على المتعة والسرور.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 258


  • التجوال والتنزه والتفرج واطلاق النظر الى آفاق الحياة الجميلة.
  • التحلي بالسلامة الكاملة، والتمتع بالعمل، والحب وطهارة الوجدان.
  • السعي لتأمين متطلبات الاطفال باسلوب معتدل ومتعارف عليه، والاهتمام بجوانبه النفسية والروحية.
  • خلق الامن الروحي للطفل، وقبوله وحمايته بحيث يتلمس ذلك ويشعر به.
  • اطمئنانه الى ان أبويه يبذلون قصارى جهدهم وملاحظتهم للطفل.
  • ملاعبة الطفل بما يتلائم مع رغباته وطلباته، وان يكون موفقاً في ذلك النوع من اللعب.
  • دفىء المحيط والوسط العائلي والذي يبعث بحد ذاته على إسعاد الطفل، إذ يفرح الطفل كثيراً عندما يرى العلاقات الودية بين أبويه.
  • الصفح عن الطفل عندما يرتكب هفوةً أو خطأ ما.
    ب ـ من حيث النفي والسلب:


    ولا بد في هذا المجال ان تنفذ بعض حالات المراقبة أيضاً ومنها:
  • الابتعاد عن التوقعات الزائدة خاصة فيما يعجز الطفل عن القيام به.
  • الابتعاد عن الاضطراب والتشويش والتهديد والتي تتسبب في مشاعر الألم والشقاء.
  • الابعاد البيت عن أسباب النزاع والاضطراب والقيل والقال والمشاجرات.
  • المحافظة على خلو قلبه من الأحقاد، والرغبة في الانتقام، وعوامل الزجر والانقياد والحسد و...

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 259

  • تجنب الشك والترديد والوسوسة وكل أمر يعرض عزمه وارادته الى الخطر.
  • الابتعاد على الافراط في اللوم والتوبيخ والتجريح بالكلام.
  • الابتعاد عن الوحدة والانزواء والعوامل التي تتسبب في ان لا يرى الطفل نفسه وسط المجتمع.
  • ابعاد الطفل عن الفقر والحرمان أو المحافظة عليه بحيث لا يشعر بهذه الامور.
    العوامل التي تقضي على السعادة:


    هناك بعض العوامل التي تعمل على القضاء على سعادة الطفل وحيويته وتزيل سرورة الباطني. وهذه العوامل كثيرة نشير إلى بعض منها:
  • حالات الخوف، والتحذيرات ، والتوبيخ ، والاضطراب ، والغم والحزن.
  • مسألة الطلاق ، والافتراق، والاختلافات العائلية وحالات النزاع ومشاجرات الوالدين.
  • الارهاق المفرط، والأرق، وعدم النوم، والقلق ، والمرض، وتحمل الألم المزمن.
  • الشعور بالضغط والاجبار في الحياة، وبخاصة الجبر والاكراه الذي يعرض أمنه إلى الخطر ويفتت استقراره النفسي.
  • الرتابة وعدم التنوع في الحياة والذي يزيد من حالة الملل فضلاً عن القضاء على السعادة والفرح.
  • الفشل المستمر بحيث انه كلما يقدم على مسألة معينة يخرج منها

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 260

    محروماً.
  • مواجهة الفقر والحرمان الغير قابلان للعلاج وبالشكل الذي يتلمس معه معنى ومفهوم الفقر.
  • الشعور بفقدان الملاذ الآمن اثناء الألم والمرض وعندما يحتاج إلى الحماية والرعاية.
    أساليب خلق السعادة:


    هناك عدة حلول للكيفية التي يتمكن بواسطتها الآباء والمربون من خلق حالة السعادة والنشاط للطفل، أهمها ما يلي:
  • تأمين الغذاء الكافي والمناسب للطفل بحيث يتذوق كل نوع من اللذة والطعم في ذلك.
  • تأمين النوم والاستراحة الكافيين للطفل بحيث ينعم بنوم هادىء ومريح.
  • ايجاد الفضاء المناسب للطفل لممارسة النشاطات والأعمال المختلفة التي تساعد على تحركه بدنياً.
  • منحه الفرصة لممارسة اللعب والترفيه والمعاشرة، والحركة، وتوفير الدمى واللعب المناسبة.
  • خلق امكانية النجاح في الامور الملقاة على عاتقه، واثبات جدارته، والثناء على اعماله الصحيحة.
  • فسح المجال أمامه لاثبات نفسه واشباع غروره واعتداده بنفسه.
  • معاملة الطفل معاملة طيبة متزامنة مع المزاح والابتسامة والوجه البشوش والفرح.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 261

  • قراءة القصص المناسبة للاطفال، وكذلك القصص المتضمنة لأخبار نجاح الابطال، والاساطير الفكاهية.
  • ملاعبته أحياناً بالكلمات، والاستماع الى كلامه وحديثه وسرده للقصص وعرض شكواه.
  • دغدغة الطفل لاضحاكه في حالة انزعاجه واضفاء السرور عليه.
  • توفير الملابس التي تحرك ذوقه، وتؤدي الى ادخال السرور على قلبه.
  • ارضاعه من الثدي، وملاطفته، وضمه بحرارة إلى الصدر عند معاناته من أي الم.
  • دفعه الى المشاركة في الاعمال المنزلية واحترام رأيه ووجهة نظره.
    ايجاد مواطن للسعادة والحيوية:


    لا شك في ان الاطفال يتلمسون الوان المتعة من السعادة والحيوية في مرحلة الطفولة، وذلك في اطار الغذاء والملاطفة والرعاية. وهذا الامر موجود في الحقيقة ويجب ان يؤخذ بعين الاعتبار، ولكن يجب أيضاً توجيه الطفل تدريجياً وبما يتناسب مع نموه وعمره ومستواه العقلي للتقليل من شأن هذا اللذات، وان يتجه نحو اللذات الأسمى والأرفع منها.
    ومن مظاهر هذا المقترح يمكننا الاشارة الى السعادة الحاصلة من اداء عمل ما في طريق خدمة الناس، أو الحيوية الناجحة عن حلالة من الايثار والتضحية، إذ يجب ان يبلغ الطفل مرحلة معينة من النمو يرى معها خدمة المجتمع بمثابة هدف ومقصد له ويبذل قصارى جهده في هذا المسعى.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 262


    كما يجب ان يشعر الطفل بالسعادة الحقيقية عندما لا يخدع نفسه وهو يواجه أقسى الظروف واشهدها بل يبادر الى حلها بقلب طافح بالسرور والفرح. ولو أوكلت له مسؤولية أو مهمة معينة يجب ان لا يشعر بثقل وطأتها فيبدو عليه التثاقل بل على العكس من ذلك يجب ان يبدي التزامه تجاه ذلك.
    علامات السعادة:


    ان الجواب على طبيعة الامارات التي يمتلكها الاطفال السعداء واضح الى حد بعيد. ومنها انه يلاحظ على هؤلاء الافراد الفرح والضحك، وذوي وجوه نضرة وبراقة، ونظرات ثاقبة، وحركات رشيقة، وشهية مناسبة، ونشاط وفاعلية، متفائلون ولهم آمال، طبعهم المزاح في السنين التالية، كرماء، طيبون وغيرها.
    وبامكان هؤلاء الافراد من الانسجام مع الآخرين، ويتمنون الخير لغيرهم، ويستمتعون بالعمل والحياة، وذوي ضمائر طاهرة ووجدان طاهر، وتتأجج فيهم اللهفة والشوق، ويشعرون بالموفقية والسرور بعد عدة ساعات من العمل الشاق.
    ولا تقتصر لذاتهم على البطن فقط، بل انهم يشعرون بلذة اخلاقية راسخة، ولا يلاحظ في سلوكهم العبث، والتشاؤم، والتملق.وينظرون الى الامور بنظرة متفائلة، ومن هذه الزاوية ينظرون الى الحياة نظرة ايجابية. لا يقرأون آية اليأس. ويرون في كل اعمالهم هذه القاعدة منك الحركة وعلى الله البركة حتى وان لم يذكروها بألسنتهم.

    * * *



    الأسرة ومتطلبات الأطفال 263

    الباب الرابع

    الاحتياجات النفسية



    الأسرة ومتطلبات الأطفال 264



    الأسرة ومتطلبات الأطفال 265



    سنستعرض هذا الجزء في 8 فصول كما مبين ادناه، وسنشير لكل منها في عدة مسائل معينة وبشكل مختصر:
  • الحاجة الى الحماية وضرورة ذلك، وما يتعلق بالحماية، ومخاطر الافراط في ذلك، وضرورة مراعاة الحذر في هذا الامر...
  • الحاجة الى الأمن الذي يمثل مسألة ضرورية في استمرار الحياة السلمية، وضرورة ذلك وفوائده للطفل، وكيفية عمل الوالدين في هذا المجال...
  • الحاجة الى الموفقية ومحاولات الطفل بهذا الصدد، مخاطر الفشل والحرمان للطفل، مساهمة الوالدين في نجاح الطفل...
  • الحاجة الى التظاهر وتجلي ذلك لدى الطفل، جذور واسباب ذلك، وفوائد ومضار ذلك، شكل الانحراف في التظاهر وضرورة تعديل ذلك...
  • الحاجة الى عزة النفس والمخاطر الناجمة عن فقدان ذلك، التمرن على عزة النفس، العوامل الضارة بعزة النفس ودور الاسوة الابوية...
  • الحاجة الى الثقة بالنفس، أهمية ذلك لحياة الطفل، طرق

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 266

    ايجاد ذلك ومسؤولية الآباء في هذا المجال...
  • الحاجة الى التفحص، مظاهر ذلك في الطفل ومنشأه وجذوره، التفحص في السنين المختلفة، العوامل المحركة لذلك ومسؤولية الوالدين في هذا المجال.
  • الحاجة الى الصحة النفسية، ضرورة ذلك وأهميته للطفل الاصول المتبعة في الصحة النفسية، العوامل الضارة بالسلامة الروحية...
  • وكما هو ملاحظ فان دراسة جوانب وابعاد كل من المواضيع اعلاه يحتاج بمفرده الى كتاب منفصل، وقد تمت الاشاره في هذا الكتاب الى مجموعة من الملاحظات الاساسية والمهمة فقط، ونتوقع من المتابعين ان يجدوا ضالتهم في مصادر اكمل واكثر شمولية من هذا الكتاب.


  • السابق السابق الفهرس التالي التالي