الأسرة ومتطلبات الأطفال 215


الفصل الخامس


الحاجة الى المواساة والملاطفة

المقدمة


ان الاساس في الحياة الاسلامية يعتمد على الالفة والانسجام والمحبة والمواساة. ويجب ان يكون الافراد خلال حياتهم في وضع وحالة يحبون معها الخير بعضهم للبعض الآخر، ويبادرون الى ابداء المساعدة ومواساة بعضهم البعض في حالات المعاناة والألم، وهذا الأمر هو نفس الموضوع المطروح تحت عنوان الحاجة الى المواساة بالنسبة للافراد.
ويشاهد هذا الامر بشكل أكبر بالنسبة للاطفال ، والسبب في ذلك يعود الى ان ارتباط الاطفال بالوالدين اكبر، وحاجتهم اكثر لآبائهم وامهاتهم. إذ أنه يبدي حساسية اكبر ازاء ما نسميه بالمعاناة، وما يسبب له الاذى ويشعر بسوء حظه اكثر من بقية المجاميع السنية الاخرى. ولو تعرض لمشكلة أو معاناة معينة فانه يتوقع المواساة والمداراة اكثر من غيره. وعندما يشعرون بالأسى لقلة أهميتهم واعتبارهم فانهم يسعون الى الاختلاط مع الذين يراودهم نفس هذا الشعور.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 216


أساس المواساة:


يسود الاعتقاد بان لهذه الحاجة اساس غريزي وفطري ويقولون بان الدليل على ذلك عندما يضرب أحد الافراد امام الطفل، فانه أي الطفل يكون في صدد الدفاع عن ذلك الفرد، وعندما يجد نفسه غير قادر على الدفاع والمواجهة يبكي أو يتخندق بشكل أو آخر. ويفسرون هذا الأمر على انه يصدر عن المحبة والتعلق والثقة الذي يترعرع عليه الطفل في احضان الام. ويقولون أيضا ان حب العدالة والمساواة يدفعان الفرد أحيانا الى المواساة.
ويقول علماء النفس ان سبب الرغبة في المواساة هو الحصول على المحبة، ويعتقدون بوجوب اشباع هذا التمني بصورة صحيحة لكي لا يقول الى اتخاذ الساليب وطرق غير صحيحة. والأمر المهم للطفل هو الجو العاطفي السليم والمواساة الصادقة في ظل الحوار مع الذين يفهمون مشاعره ويواسونه.
مظهر هذه الحاجة لدى الطفل:


الحاجة الى المواساة لها مظاهر متعددة منها:
  • ان الافراد الكبار يبدون تحرقا وشفقة معينة لدى سماعهم أمرا أو حادثة معينة، مثل واقعة كربلاء، ويتفاقم احساسهم بالمواساة وهذا الامر يعد بحد ذاته مظهرا من مظاهر هذه المسألة.
  • عندما يرى الطفل ان أحد أقرانه يتعرض للضرب أو يشعر بالمعاناة يشرع بالبكاء، وحتى انه يطلب من الآخرين او يوقفوا الضرب وهذا دليل على المواساة.
  • عندما يرى الطفل بانه كأقرانه وزملائه، ويكتشف مواساتهم اياه عند تعرضه للاذى، يجد نفسه في حالة من السكينة والهدوء، ويعتبر هذه المواساة

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 217

    سببا من أسباب نموه ونضوجه.
  • وعندما يرى الطفل ان الآخرين يعاملونه بلطف ومحبة يبدي مقابل ذلك رد الفعل المناسب، مثلا يشعر أن آلامهم كالآمه أو يسعى الى أن يجعل نفسه بالشكل الذي يستحق معه ان يعاملوه بلطف اكبر ويكسب رضا الآخرين وودهم.
    وتجدر الاشارة الى ان هذه الحالة تحدث عندما يتمكن الفرد أولا ان يعرف ما يجري على غيره، وثانيا يعامله بلطف ومحبة.
    احساس الطفل ازاء المواساة:


    ان الطفل الذي يتلمس مواساة الآخرين له، ويشاهد محبتهم الفائقة تجاهه، يشعر بانه يمتلك شخصية معينة وانه يستحق الاهتمام والتقدير. انه يشعر في هذه الحالة بأنكم معه، وتقفون الى جانبه وتساندوه، وهذا الشعور يضفي عليه سعادة كبيرة وفرحة عارمة.
    كما انكم عندما تقفون امام مضجعه وتشعرون بعدم الارتياح لمعاناته والآمه يتولد لديه احساس يقوله له، ان والديه يفكران به ويهتمان بمصيره وحالته. وهذا الاحساس يصبح سببا لمواصلته الحياة بثقة واعتماد اكبر، وان يتصف بمواقف متزنة امام المشكلات والامور التي تعترض حياته، وستكون نتيجة هذا الأمر تحقق النجاح والموفقية في سلامته ونجاته وان يفتح أمامه سبيل النمو والنضوج.

    ضرورة ذلك وأهميته:


    وبناء على هذا الاساس، يمكن القول ان المواساة يعد امرا ضرورياً

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 218

    للطفل ويلعب دورا مهم في سلامته ونجاته أيضاً. وفيما يتعلق بأهميته وضرورته يمكن القول:

    لو قلنا بأن المحبة تعد صفةً ضرورية وعماد الاخلاق، سنضطر الى الاقرار بالمواساة، التي تمثل مظهرا من مظاهر المحبة، وأساس السلوك الصحيح، وتوجب الدفيء في محيط العائلة والعيش سويةً، إذ ان العنصر الاساسي للوحدة والاتحاد يتجلى في اطار المواساة باسم المحبة، ولابد من وجود المواساة في الحياة الاجتماعية، وإلا فان تحمل المشاكل سيكون أمراً صعباً للغاية، وسوف لن تجد شخصا مستعدا للسهر على راحة المريض الى الصباح مطلقاً. ويمكن أيضا من خلال ذلك تحريك الدوافع النفعية للآخرين وجعل الاطفال بصفة الانسان الناضج من خلال المحبة. وتصبح مسائل التضحية والايثار، والمعاضدة والمساندة ممكنة في ظل هذا الوضع.
    ان اغلب الآم الاطفال غير قابلة للافصاح، واساسها غير واضح كما ان الاطفال لا يملكون القدرة على الادلاء بذلك وغير قادرين على صرف الانظار والمواساة نحوهم. ومن هذا المنطلق تصبح مواساة الوالدين للطفل اكثر ضرورة ووجوباً من غيرهم.

    سعي الطفل الى استدرار المواساة:


    يلجأ الاطفال الى استخدام اساليب متنوعة لغرض توجيه مواساة الكبار نحوهم، ومن ضمن تلك الاساليب التمارض، إذ انهم يتظاهرون أحياناً بالمرض ليتمكنوا من تحريك عواطف الوالدين وتوجيه محبتهم وعطفهم نحوهم، حتى انه لوحظ في هذا الصدد انهم يلجأون أحياناً الى رمي انفسهم من مكان مرتفع، أو يحدثون جرحاً في اجسامهم ليسيل الدم منهم، ليؤدي ذلك

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 219

    بالتالي الى تهييج قلوب اوليائهم ويدفعهم الى الاهتمام بالطفل.
    ان جزءً من فعاليات ونشاطات الاطفال، واحداث الضوضاء، والدلال والتملق يعود السبب فيه الى فقدان الأمن، وعدم الشعور بالمواساة. انه يريد بهذا الاسلوب تقوية وتدعيم نقطة ارتكازه ويحصل على الامن والاطمئنان. وحتى انه يريد ان يقوم الوالدين بتقديم محبتهم في طبق الاخلاص ويقدمونه له.

    فوائد ذلك للطفل:


    وفيما يتعلق بفوائد ذلك للطفل يمكن الاشارة الى نفس موضوع أهميته وضرورته وكذلك الالتفات الى هذه الملاحظة هي ان المواساة بالنسبة للطفل المتألم يعد سببا لتخيفي معاناته وآلامه. انه يستلهم بسبب ذلك القوة والثبات ويطيب خاطره ويتمكن ان يشعر بالفرح والسرور بروحية أقوى ويبدى تحملا اكبر للألم.
    ان المواساة هي السبب في إغناء العلاقات الانسانية وسلامة المجتمع، والتوازن والمعاضدة في مسألة الاصلاح والبر اكثر فأكثر. ويمكن أن تؤدي بالطفل في السنوات التالية الى يتصف بصفات جيدة كالجرأة والشجاعة، وتدفعه للاعتماد على نفسه، ويندفع الى الامام بحيوية واشتياق.
    ويعتقد علماء الاجتماع ان المواساة تعتبر من العوامل المحركة الهامة للتحرك والاتحاد. ويقولون بانها تنجم عن العاطفة السامية وعن مستوى ادراك الشخص بذاته. وعندما يتلمس الطفل المحبة والملاطفة يتنور قلبه، وتتبلور مفاهيمه ويصبح لها معنى، ويتسببن في ان يتحمل الألم بشكل اكبر ويشعر بهدوء اكبر.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 220


    اضرار فقدانها:


    من اجل ان تتوضح جوانب القضية، من الافضل ان نتطرق الى دراسة اضرار فقدان المواساة.
    ان الدراسات العلمية تؤكد انه في حالة فقدان المواساة في محيط الاسرة فان العلاقات تصاب بالتمزق، ويصبح باطن الطفل مظلما حالكا، وتبدو عليه القساوة والعنف.
    وقد اثبتت دراسات علماء الجريمة ان الانسان الذي يكبر في محيط يفتقد الى عامل المواساة، فانه سيتحول على المدى القريب الى فرد خشن ومرعب ويكون عاجزا حقاً عن ابراز حبه تجاه الآخرين. وتصل مشاعر المحبة والانسجام لديه الى ادنى مستوياتها وتبدو عليه حالة الانزواء في الحياة الاجتماعية.
    كما تظهر الدراسات والملاحظات اليومية ان فقدان المواساة في محيط العائلة يبعث على ضعف النشاط والفعالية لدى الطفل، وايجاد الألم والحزن والحرمان وزوال سمو الاخلاق والشهامة لدى الفرد، ويتعاظم الشعور بالضعف واليأس لدى هؤلاء الافراد، وتتسم الرغبة الى الاستسلام وعدم التطور فيهم بالعلانية والوضوح وتتفاقم لديهم حالة فقدان الروحية والانهزامية. انهم لا يعرفون طعم النجاح، ومحرومون من لذة المشاعر العاطفية.
    تصور خاطيء تجاه المواساة:


    ان بعض الوالدين والمربين يظنون ان مواساة الطفل ستصبح السبب في تحوله الى فرد قلق وكثير التوقع، مما يؤدي هذا الامر الى الحاق الضرر والاذى به فيما بعد. ويجب ان نقول للاولياء والمربين لا يمكن اطلاقاً ان يتعرض الطفل

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 221

    الى هذا الضرر والاذى وان المواساة لن تبعث على جعله فردا سريع الضجر والتألم وحساسا اكثر مما ينبغي أو انه يسيء الفهم من ذلك فيما بعد.
    نعم لو أردتم تطييب خاطره في كل صغيرة وكبيرة، فقد أقدمتم على عمل خطير، ولكن في نفس الوقت فان الضرر الناجم عن فقدان المواساة اكبر من الضرر الناجم عن الافراط في المحبة والمواساة تجاه الطفل لان نمو الطفل وشخصيته مرتبطان بهذا الأمر.

    كيفية المواساة:


    وهذه المسألة مهمة أيضا إذ على الوالدين والمربين ان يعرفوا كيف تجب مواساة الطفل، لاننا أحيانا وبسبب عدم خبرتنا في هذا المجال نقع في بعض الاخطاء. ويلزم هنا ان نقول انه من الضروري أحياناً ان نذهب حتى الى التجسس والبحث عن معاناة والآم الاطفال، ونرى طبيعة الأمر الذي يشكو منه. وان نعطيه للافصاح عما يعانيه ويتألم منه، ويبين ذلك لنا ثم نشرع بمواساته ومشاطرته آلامه في هذه الحالة.
    ان رعاية الطفل المريض يعد بحد ذاته نوعاً من المواساة القيمة، والمكوث الى جنبه وملاطفته سيساعد كثيرا على تسليته وتسكينه، وقد يستلزم الأمر أحياناً إلى المبيت الى جنب المريض أو نجعل له مكانةً خاصة.
    والأمر الذي تجدر الاشارة إليه في هذه الحالة، هو انكم مضطرون الى اظهار مواساتكم ومشاطرتكم اياه ومدى علاقتكم به من خلال هذا الاسلوب حفاظا على مصالح الطفل، ومراعاةً لحاله وما يعانيه. والواقع ان الطفل يشعر في ظل مواساتكم اياه بتخفيف آلامه وتحقق هدوئه وسكينته.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 222


    حالات مضاعفة المواساة:


    بالرغم من رعايتنا الفائقة للطفل من الضروري في بعض الحالات ان نضاعف من مستوى مواساتنا تجاهه. ومنها الحالات التي يعاني فيها الطفل خوفاً شديداً ويشعر بالحاجة الى احتضانه وتطييب خاطره.
  • وكذلك في الحالات التي يكون فيها الطفل مريضاً وخاصة عندما يتألم بشدة من مرض معين.
  • عندما يجد نفسه في مكان ما ويشعر بعدم وجود الملاذ أو ان شخصا آخر في صدد ضربه ولا حول له سوى التحمل.
  • في حالة كون الطفل ناقص العضو كاليد أو الرجل ويتخلف عن الآخرين في تناول الطعام والمسير وارتداء الملابس.
  • الطفل الذي يعيش أزمة نفسية ويعاني من عدم الارتياح الشديد بسبب الانكسار والفشل أو اللوم والتحقير.
  • عندما يشعر بانه مظلوم ويفكر مع نفسه بانه لو كانت لديه القدرة والقوة لما استضعف هكذا.
  • وعندما يؤدي عملاً ما ويتحمل مشقةً معينة إلا ان الآخرين لا يقدرون ثمن أتعابه، ويثيرون له الاشكالات فيشتكي بشدة من هذا النكران وعدم التقدير.
    ضرورة تقوية ذلك:


    من الناحية التربوية من الضروري ان نعمل على تقوية حالات المواساة لدى الطفل، لأنه اساس النمو والتكامل. وعلى الوالدين والمربين ان يعملوا على خلق موجبات هذا الأمر لدى الطفل ويعلموه درسا كهذا من خلال

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 223

    مواساتهم اياه.
    ان الطفل الذي يذوق طعم المواساة في محيط الاسرة أو المجتمع، سيكون قادراً فيما بعد على ان يكون لطيفاً تجاه الآخرين وحريصاً عليهم ومشاطراً لهم عند الحاجة. وينبغي ان يفهم معنى ذلك ويجرب صورتها العملية في محيط البيت.
    وفي هذا المجال لو كان الطفل يعاني من معضلة معينة فمن الضروري ان يصار الى حلها أو تخفيفها الى اقل حد ممكن، إذ ان حل هذه المعضلات يساعد كثيراً على امكانية صدور اللطف من قبل الاطفال وجعلهم اطفالاً طيبين. ويجب على الوالدين ان لا يتصرفوا بالشكل الذي يشعر معه الطفل بالحزن في البيت ولا يجد من يواسيه. اننا بحاجة الى ان يصل الطفل الى ابداء المواساة المتقابلة فيما بعد، وهذا الأمر يحتاج الى التمرين.
    مراعاة حدود ذلك:


    وكما ذكرنا سابقاً يجب ان تكون حالات المواساة على أساس ضوابط معينة وبعيداً عن حد الافراط والتفريط. ومن الممكن ان يتسبب الافراط في ذلك أحيانا الى حصول الدلال والملق وكثرة التوقع. ويحصل ذلك عندما يسرع الوالدين الى الحضور بين يدي الطفل في كل صغيرة وكبيرة ويشرعون بالويل والثبور. وهذا الأمر سيصبح السبب في ان يعتمد الطفل اعتمادا كليا على الوالدين أولاً وثانياً ان يستغل هذه الحالة استغلالاً سيئاً أحياناً.
    نعم، ان المواساة ضرورية ولازمة ولكن بحدود تخفيف الآم الطفل وان يعلمه درسا طيباً في العاطفة والمحبة. ولو شعرنا أحيانا بان المواساة تسبب في انتقال حالته من السيء الى الاسوأ لابد من غض الطرف عن ذلك أو تخفيفه الى أقل حدٍ ممكن، ومن جانب آخر من الضروري على أي حال وجود المحبة

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 224

    والمواساة لكي يصبح الطفل فردا محباً واجتماعيا وذو مواصفات انسانية.
    ان الاولياء الذين لا يظهرون مواساتهم ومحبتهم تجاه اطفالهم، كيف بوسعهم ان يطالبوه بالمحبة أو يطالبوه بمحبة الناس؟

    انكم مضطرون الى محبة ابنائكم ليصبح بالامكان التأثير على قلوبهم بمحبتكم اياهم.
    عدم استغلال المواساة:


    ان هذه التوصية والتحذير مهمة وضرورية للاولياء بأن يعاملوا الطفل بطريقة معينة لا تسمح له باستغلال هذا الأمر. ان استغلال الطفل للمواساة يصبح السبب في ان يستخدم الطفل قدراته بنحو سيء ويخرب بالتالي البناء الاخلاقي للطفل ونظام الحياة داخل الاسرة.
    ان المواساة أمر ضروري بشرط ان يصب في خدمة مسيرة بناء الطفل وارشاده وليس في تخريبه. ولابد من وجود الاستمالة بحدودها المتعارفة لكي لا تتسبب في ملق الطفل ولا تصبح أيضاً السبب في الاتكال والتبعية الشديدة. وعندما يحاول الطفل ان يجعل من المواساة محملاً للاستغلال والاساءة الاخلاقية ويحصل بالتالي على مكانة معينة لنفسه، يجب ان لا نفتح الطريق أمامه، إذ لابد من ان يتلمس المواساة، ولكن يجب ان لا يستخدم ذلك كوسيلة لتحقيق مآربه الباطلة.

    * * *



    الأسرة ومتطلبات الأطفال 225



    الفصل السادس


    الحاجة الى السيطرة والرقابة


    المقدمة:


    من متطلبات الاطفال وفي نفس الوقت حقوقهم أيضاً، هو حق السيطرة في كلامه واعماله وسلوكه. ذلك ان الاساس في مبدأ الامانة الالهية يكمن في المحافظة على الطفل، وابعاده عن الشرور والمخاطر. وتعتبر السيطرة عاملاً ينجي الطفل من الشر وتعلمه النمط الطبيعي والصحيح في الحياة.
    ان مسألة ولادة الطفل تمثل في رأي علماء البيئة والتكامل ظاهرة سلبية. ذلك ان الطفل يفتقد القابلية على التوافق الغريزي مع الطبيعة ويحتاج الى المراقبة والحماية لكي يصبح بامكانه ان ينمو، واننا كأولياء للطفل مسؤولون عن سعادته وشقائه، ويجب علينا كذلك ان نجيب بين يدي الله تعالى عن صالحه وسيئه بقول الامام السجاد عليه السلام إذ قال: وانك مسؤول عما وليته و...

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 226


    ضرورة الضوابط للاسرة:


    هناك اصول وضوابط معينة في الاسرة الجيدة بحيث ان جميع اعضائها تابعون لتلك الاصول والضوابط. ومما لا شك فيه ان هذه الضابطة هي بالشكل الذي يأخذ بها الطفل أيضاً وحسب درجة نموه. ومفاد هذه الضرورة ناجم عن ان بعض الفلاسفة واغلب علماء النفس يقولون ان ذات البشر وطبيعته هي بالشكل الذي تدفعه الى الميل اكثر نحو الشهوة والعنف وان لم يخضع للمراقبة يتسبب في ايذاء نفسه الآخرين.
    كما ان الطفل ذو طبيعة حرة وبعيدة عن اي نوع من تحمل المسؤولية. نحن مضطرون الى اخضاعه لمراقبتنا الدائمة لكي تصبح حريته خاضعة لضابطة معينة وذات شروط معينة وان يرى نفسه مسؤولا امام سلوك الآخرين تجاهه ويبدي تحمله لمسؤولية معينة في المجتمع.
    واخيراً تجدر الاشارة الى هذه الملاحظة أيضاً وهي: ان الطفل وبسبب ملاطفة الوالدين الدائمة له وحمايتهم واعالتهم المستمرة له، ينقلب تدريجياً الى فرد متكبر، وكثير الطلب، ويرى نفسه بأنه الدائن على طول الخط. لذا من الطبيعي ان يقوده ذلك أحياناً الى طرق ملتوية بسبب هذا الغرور والتباهي وهذا الامر لا يصب في مصلحة حياته الفردية والاجتماعية.
    ان سيطرة الوالدين تبعده عن هذا المسير الخطر وتخضعه لضابطة معينة.

    فوائد السيطرة والمراقبة:


    السيطرة على الاطفال لها فوائد وآثار كبيرة يمكن فيما يلي الاشارة الى بعض منها:


    الأسرة ومتطلبات الأطفال 227


    1 ـ المحافظة على سلامة الطفل:


    ان مراقبة الطفل تمثل سببا للمحافظة على سلامة الطفل جسمياً ونفسياً. ويبقى الطفل في ظلها بعيداً عن الاخطار والاضرار كالحريق، والغرق، والتكهرب، والتسمم ، والسقوط و... الخ. وما اكثر الامراض التي تعرض حياة الطفل للخطر، وتصبح مراقبة الوالدين وحذرهم سبباً في تخلص الطفل من هذه المخاطر وتأمين سلامته الفكرية والسلوكية.
    2 ـ الحؤول دون بروز المفاسد:


    ان مراقبة الطفل تمنع من وقوعه في ورطة المفاسد ولا تسمح بنفاء الطفل فيها إذان سذاجة الطفل وسرعة تصديقه، وعدم تجربته، وجهله وغفلته تصبح أحياناً السبب في انقياد الطفل الى ورطة المفاسد ويصبح مرتعاً للاستغلال. ان مراقبة الوالدين اياه في ذهابه وايابه، ومتابعة حالاته وتصرفاته تبعد الطفل عن شراك هذه المفاسد.
    3 ـ ضمان أمنه:


    ومن أجل ان ينمو الطفل فهو بحاجة الى الأمن، ويجب ان يعيش في محيط آمن. وفي ظل حياة آمنة كهذه يصبح بامكانه بناء حياته وتوجيهها بالاستفادة من مواهبه وامكانياته. ان اعمال السيطرة والمراقبة اسلوب جيد للوقاية من الاضرار ويتمكن الطفل في ظلها ان يطوي مراحل نموه بكل سهولة ويندفع نحو تحقيق اهدافه.
    4 ـ تقليل الاصابة بالاضرار:


    واخيراً سيطرة الوالدين ومراقبتهم احدى الاسباب المؤدية الى ابعاد الطفل عن الاضرار الفردية والاجتماعية، وبالنتيجة تؤدي الى التمتع بحياة

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 228

    سليمة. اننا بحاجة الى ان نمتلك الآن وفي المستقبل اطفالاً اقوياء بدنياً وأصحاء من حيث العقل والارادة والحالة النفسية. إذ توجد بعض المخاطر أمامهم تعيق الاطفال من بلوغ هذا الهدف، وهنا يأتي دور السيطرة إذ تقدم له هذه النعمة على طبق من ذهب.

    أبعاد السيطرة:


    ابعاد السيطرة واسعة وتشمل جميع المسائل والامور التي تواجه الانسان خلال حياته. مثلاً:
  • السيطرة على ذهابه وايابه ضروري، لكي نعلم الى اين نذهب الطفل ومن اين يأتي، وما هي الاماكن التي يتردد عليها.
  • السيطرة في المعاشرة، حتى يصبح معلوماً لدينا الافراد الذين يعاشرهم وما هي درجة سلامتهم الاخلاقية.
  • السيطرة في الحديث والكلام، لكي تكون كلماته مدروسة وصادرة وفق ضوابط معينة.
  • السيطرة في علاقته بنفسه وما يتعلق بشؤونه بحيث لا يؤدي ذلك الى فسح المجال امام انحرافه وشذوذه.
  • السيطرة في الادرار والمدفوع، بأن لا يقوم الطفل بحبس ذلك أو لئلا يتعرف الى حادثة معينة في الدفع والتخلية، وان يراعي الجوانب الاخلاقية خلال ذلك.
  • مراقبة حالات التفحص والتدقيق خاصة في الحياة العائلية، إذ من الممكن ان تؤدي أحيانا الى انحراف الطفل وفساده.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 229

  • السيطرة في اللعب والاشياء والادوات، إذ من الممكن ان تسبب له أحياناً مخاطر على حياته.
  • السيطرة اثناء ممارسة الالعاب، والتزلق، والانكفاء والسقوط.
  • السيطرة على محيط خلوته، وغرفة النوم، وكيفية نومه و...
  • السيطرة في السلوك ونمط التعامل مختلف الافراد، والاستئناس والاختلاء و...
  • السيطرة اثناء غلبة العواطف والمشاعر، والغضب، والمحبة، والخوف ، والانسجام.
    حدود السيطرة:


    ان السيطرة مطلوبة وضرورية ولكن لابد من وجود حدود معينة، لذلك لا يجد الطفل نفسه معها انه في عذاب شديد أو لا يصار فيها الى تحطيم وتهميش رغباته وطلباته ، أو ان لا يجد الطفل نفسه حبيساً بين اربعة جدران ولا تلغى حرياته المشروعة.
    ولابد للآباء من مراعاة هذه المسألة، وهي اننا لا نطمح الى تحطيم حرياته أو أن نختم على طلباته في ظل عملية التحكم والسيطرة على الطفل. بل ان الاساس في ذلك هو ان نحد من جموحه وحرصه الشديدين، وتمكنه من التحكم بقواه الذاتيه، ونجعله مديراً لشؤونه.
    ويجب ان لا يشعر الطفل بانه مجبور في حياته وان كان هذا الاجبار ضروري له. ينبغي توضيح ذلك له بحدود معينة، وجعل عملية السيطرة معقولة بالنسبة للطفل، كما يجب ان لا يتبادر الى ذهنه التصور الذي ينم عن ان والديه

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 230

    يريدان ان يرغموه ويجبروه أو يتجاوزان على حقوقه.

    أضرار السيطرة الشديدة:


    بالرغم من المنافع الجمة التي تؤمنها السيطرة للطفل فانها تؤدي الى ظهور الضرر التالي، وهي ان الطفل يفقد على اثر ذلك الشعور بالاستقلال، وأحياناً يستحوذ عليه شعور دائم بالذنب والذي يشكل خطراً جسيماً على وجدانه لانه يشعر دائماً بانه خجل من نفسه.
    ان الذي يخضع دائماً تحت الرقابة والسيطرة يشعر بأنه متخلف في بعض الجوانب عن الآخرين، وهذا بحد ذاته يشكل احساساً خطيراً يستحوذ عليه. كما ان اعمال الرقابة الشديدة والمعقدة تظهر أحياناً لا تطاق وتساعد على خلق الاجواء الملائمة لابداء المقاومة تجاهها والهروب منها.
    بعض الاطفال الذين ترعرعوا وكبروا تحت اجواء الانضباط الشديد تحولوا فيما بعد الى افراد انهزاميون ومستسلمون، وبحاجة الى قيادة الآخرين لهم، كما لوحظ أيضا ان البعض الآخر منهم على العكس من ذلك تماماً إذ أنهم يقفون حتى بوجه كلمة الحق ويعارضون ويعاندون.
    ان الشعور بالكمال يتعرض عند بعض الافراد الى التضعيف الشديد ويجعلون الاساس في حياتهم المستقبلية مبنيا على حل المعضلات.
    السيطرة على الطفل والتهديد:


    ينبغي ان لا ننسى ان الهدف من السيطرة هي الحفاظ على أمن الطفل وسلامته دون أن يكون سبباً لالحاق المزيد من الاذى به. ومن هذا المنطلق ينبغي ان لا نلجأ الى ارعاب الطفل وتخويفه من أجل ان يأخذ بأوامرنا

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 231

    وتوجيهاتنا أو ان نفرض عليه رأينا حتى وان كان خاطئاً بهذا الاسلوب اطلاقاً.
    ان فكرة ضرورة الانضباط المتزامن مع الخوف ناجمة عن الفكرة القائلة بان الطفل مجبول على الشغب ذاتاً أو فطرياً، وهذه الفكرة غير موضوعية في الفكر الاسلامي. أو ان اكثر الآباء يسعون الى التضييق على اطفالهم من اجل اثبات جرأتهم وشهامتهم أو يقومون بفرض الرقابة الصارمة عليهم.
    ان استخدام القوة واصدار الاوامر الصارمة لو أخذت طابعاً متزامناً وبلغت مرحلة الاجبار من الممكن عندها ان يلجأ الطفل الى العصيان أو أن يفكر بالهروب، ولكن مع ذلك فان العودة الى الوضع السابق ممكنة متى الغيت فكرة استخدام القوة في التعامل مع الطفل.
    السيطرة عن طريق التدخل والتوبيخ:


    ان امتلاك الآباء لحق التدخل في امور الطفل امر مفروغ منه. إلا ان المسألة تتعلق بتعيين حدود التدخل. يا ترى هل يمتلك الآباء الحق في ابداء وجهة نظرهم حول كل مسألة؟ قطعاً كلا: إذ ان بعض المسائل طفولية ينبغي للطفل ان يبادر الى حلها بنفسه، ذلك ان تدخل الآباء في هذا الامر يتسبب في ان يتعلق الاطفال بهم بشدة أو ان يستخدموا نفس هذا الاسلوب في المستقبل.
    ان التدخل المفرط يعد بحد ذاته خطأ، خاصة عندما يتعرض الطفل الى اللوم والتوبيخ أيضاً بسبب عدم موافقته على اسلوب الآباء. وهذا الامر يتسبب في ايذاء الطفل وازعاده واتصافه بالخجل والحقد، ويؤثر سلبياً في بناء شخصية الطفل ونموه.
    ونعتقد بوجوب الابتعاد حتى عن مؤاخذه وتوبيخ الطفل الصغير وان كان

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 232

    مقصراً فعلاً، أو عدم الاستهزاء والضحك عليه إذا عجز عن القيام بعمل معين. ويجب الابتعاد عن توبيخه لغرض جعله طفلاً ماهراً لأنه امر مضر ولا طائل منه وعاقبة ذلك سيئة بالنسبة للطفل.

    السيطرة والانضباط:


    الامر الذي نلفت الانظار إليه من الناحية التربوية هو السيطرة على الطفل من خلال الانضباط. ففي البيت يجب ان تكون الضوابط والمقررات الجماعية هي الحاكمة ويخضع لها جميع الافراد. ومما لا شك فيه ان الآباء يمثلون الوجه المسيطر في العائلة وليس الفرد المستبد.
    انهم مسؤولون عن تنضيد القانون وليسوا دكتاتوريين، إذ يستخدمون اسلوباً معيناً كي ينعم الطفل بالأمن ويصبح بمقدوره ان ينمو بشكل سليم.
    ان الاطفال الذين يترعرعون في جو دكتاتوري وارهابي يضفون على انفسهم جالة الطاعة في ظاهر الحال إلا انهم سيعانون فيما بعد من حالات الغضب والعداوة. وتظهر بعض المشاكل اثناء محاولة حل معضلاتهم والتي لا يمكن حلها بسهولة. وفي ظل هذه الاجواء يفقد الطفل شعوره بالامن ويصار الى قتل جرأته وشجاعته.
    يجب ان يسيطر على البيت جو الانضباط وليس الاستبداد وايجاد الرعب والفزع. كما يجب ان يتسم هذا الانضباط بمقررات وضوابط محددة وليس متعددة ومختلفة لئلا تتسبب في حيرة الطفل واضطرابه. ويجب ان تكون المقررات ثابتة وليس متزلزلة وتختلف بين يوم لآخر كي يتبلور ويترسخ سلوك الطفل بناء على ذلك. والافضل ان يحظى ذلك بموافقة الطفل أيضاً اي بمعنى ان لا تتحكم به ضابطة غير مرغوبة.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 233


    جعل السيطرة ذاتية:


    ان سيطرة الآباء على اطفالهم سيطرة خارجية ذلك ان الضوابط تفرض على الطفل من الخارج. وهذا النوع من السيطرة امر جيد ويتقبلها الطفل ولكن من باب الاضطرار. إلا ان السيطرة الافضل هي تلك التي يختارها الفرد لنفسه بنفسه، ويمتلك حرية الاختيار في ذلك، ولكن من المعلوم لدين ان حق الاختيار هذا من السابق لأوانه للطفل.
    ويمكن اللجوء الى استخدام اساليب معينة للوصول الى هذا النوع من السيطرة منها ما يلي:

    1 ـ اعطاء الدروس اللازمة فيما يتعلق بالضوابط وتعليم الطفل على القاعدة والقانون.
    2 ـ طلب التأييد والموافقة من قبل الطفل بحيث يشعر بموجبه الطفل بانه ملزم بتطبيق الضابطة الفلانية.
    3 ـ المطالبة بتطبيق الضوابط بحيث يصار الى استخراج ضابطة معينة من فم الطفل ويطلب بنفسه تحقيق العمل الكذائي.
    4 ـ افهامه تدريجياً بأن تطبيق الضوابط المطلوبة انما هي لغرض تحقيق خيره ومصلحته وان منعوه عن شيء ما فلغرض مراعاة وضعه ومصلحته.
    5 ـ حملة للتمرن على منع حالة الكبت وتجرع الغصص والغضب والمجادلة والضغينة.
    6 ـ ابراز مظاهر الحياة الطبيعية عن طريق الاشارة الى النماذج واطلاعه وتعريفه على الحقائق والمعلومات.
    7 ـ مطالبته الدائمة بامتلاك سلوك متعقل، ويتصف بالرزانة والوقار.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 234


    8 ـ عدم اللجوء الى شرح وبيان القواعد والضوابط التي لا يفهمها الطفل أو لا يدرك معناها.
    وأخيراً فاننا نحمل الطفل على التحكم والسيطرة على اعماله شخصياً وجعلها تسير وفق ضوابط معينة عن طريق تعويد الطفل على مراعاة الضوابط. ويلزمنا في هذا السبيل ان نفهم طبيعة الطفل، ومستوى ذكائه أيضاً وان نصوغ اسلوب توجيهه وهدايته وفقاً لهذه الاصول.

    السيطرة والعقاب:


    ان قولنا بان الطفل يجب ان لا يعاقب مطلعاً يعد كلاماً لا يحظى بجانب تطبيقي وعملي في الاجواء العائلية المختلفة، ولكن من الخطأ أيضاً ان ننهال بالضرب على الطفل لمجرد ارتكابه خطأ بسيطاً وحتى كبيراً. فالعقاب يجب ان يكون على عدة مراحل اشرنا لها في كتابنا آفاق التربية الى بعض من هذه المراحل. ونضيف هنا انه على الآباء ان يراعوا الموارد التالية قبل ان يلجأوا الى ضرب الطفل:
    1 ـ التسامح والتساهل بمعنى عدم الاصرار الى الحد الذي تنهالوا على الطفل بالضرب بمجرد ان يرتكب الطفل خطأ معيناً. خذوا الامور ببساطة، ولا تعيروا أهميةً لبعضها، وحاولوا ان تغضوا الطرف عن الانحراف والخطأ.
    2 ـ انذار الطفل وتحذيره بحيث يعتبر ذلك ناقوس خطر له ليبتعد بالتالي عن موارد الانحراف والخطأ. وليعلم انكم لن تسامحوه في الموارد التالية.
    3 ـ ان النظر شزراً وبشكل ينم على اللوم والتوبيخ يعد بحد ذاته درساً جيداً للطفل ويوقفه على خطأه ويحول دون تكرار الخطأ. كما يلزم للآباء خاصةً ان يمتلكوا المهابة في قلب الطفل بحيث ينبهوا الطفل ويعيدوه الى رشده

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 235

    بنظرة واحدة.
    4 ـ أمر الطفل ونهيه بشكل رسمي وعلني كي يفهم بانه ينبغي عليه ان لا يقدم على هذا السلوك وان يعرض عنه حتماً.
    5 ـ انذاره وتهديده كي يدرك اولاً ان استمراره على هذا السلوك سيجلب عليه عواقب وخيمة، وان يشعر ثانياً ان المربي يرمي وبشكل جدي إلى معاقبته . طبعاً يجب عدم الالحاح أو الاسراف في هذا المجال لانه يفقد هذا العمل قيمته .
    6 ـ المعاقبة في حالة تكرار الخطأ، إذ لابد من القول ان ذلك لا يعني الحاق الاذى بالطفل ، وتعذيبه وازعاجه وان لا يحصل بالشكل الذي يؤدي الى تفاقم حالة الاستسلام والعنف فيما بعد لدى الطفل وظهور الحالات والروحيات السيئة فيه.
    بعض الاصول في تطبيق السيطرة:


    لابد من مراعاة بعض الاصول من قبل الآباء عند تطبيق الضوابط والعمل على ايجاد المهابة، والسيطرة على الطفل واهمها كما يلي:
    1 ـ مراعاة الهدوء والكياسة بحيث تسيطرون فيه على انفسكم وتتحكمون بتصرفاتكم ولا تفلتون زمام الامور من ايديكم اثناء العمل على تطبيق الضوابط.
    2 ـ مراعاة الجدية بحيث ان اطفالكم يجدون فيكم افراداً جديين في العمل بالضوابط ويحسبون لقولكم وفعلكم الف حساب. كونوا آباءً وليس دمية الحقل (خراعة) يكتشف الطفل حقيقتها.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 236


    3 ـ مراعاة الاصول المتفق عليها والعقلائية في الحياة، وليس المزاجات والاهواء الشخصية. ولا تتصرفوا في كل يوم بنحو معين يختلف عن سابقنه كي لا يقع الطفل في حيرة من أمره ويعرف ما ينبغي له القيام به.
    4 ـ لا تغفلوا عن مسألة المحبة للطفل، إذ ان تطبيق الضوابط ليس لها اي تباين مع مسألة محبة الطفل والمفروض ان يكتشف الطفل ان السبب في استخدامكم لهذا السلوك هو محبة الطفل وليس شيئاً آخر.
    5 ـ لا تعاقبوا الطفل ما استطعتم وان اضطررتم الى معاقبته يجب ان يفهم الطفل سبب ذلك ويشعر بمراعاة العدالة في هذا الامر.
    6 ـ بعد أن يرتكب الطفل خطأً معيناً امنحوه الفرصة أحياناً لاصلاح خطأه وتداركه.
    7 ـ حاولوا في بعض الموارد ان توفروا للطفل امكانية الوقوف على أثر خطأه فيما لو ارتكب خطأ ما ويعمد بنفسه الى منع حصول ذلك.
    8 ـ هيأوا اسباب التقليل في معاقبة الطفل وتحذيره بما يتناسب مع نموه وسنه وان يقوم بادارة شؤونه بنفسه.
    9 ـ اجتنبوا الفضاضة وسوء الخلق في تطبيق الضوابط ولا تجعلوا الطفل ييأس منكم.
    10 ـ في كل الاحوال لا تنسوا المرحلية والتدرج في التطبيق ولا تتوقعوا اصلاح الطفل في ليلة وضحاها.

    * * *




  • السابق السابق الفهرس التالي التالي