الأسرة ومتطلبات الأطفال 191


الفصل الثالث


الحاجة الى الاحترام والتقدير

المقدمة


ان الانسان موجود عزيز وذو مكانة سامية وفيق الرؤية الاسلامية وذوكرامة ذاتية بقول القرآن الكريم، ومن هذا المنطلق نجد ان الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا باحترام ابنائنا. والمعلوم لدينا ان بعض الكبار يعتقدون بان صغار السن لا يستحقون الاحترام بسبب صغر سنهم في حين يرى الاسلام بان الطفل يستحق الاحترام والتقدير منذ صغر سنه.
ان الطفل بحاجة الى ان يحترم ويقدر ويعد هذا الامر من الاسباب الرئيسية للنمو وعاملا مهما لبناء الشخصية.
ان الطفل بحاجة الى التأكد بانه محبوب ومحل احترام وتقدير الآخرين واهتمامهم وانهم يقبلونه كما هو.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 192


أهمية ذلك للطفل:


ان احترام الطفل وتقديره يحمل أهمية كبرى ويعتبر عاملا مهما وبناء. ويرى علما النفس انه بمنزلة الغذاء الروحي للطفل، وان النقص في هذا الامر يصبح سببا في النقص الحاصل في النمو.
ومن اجل الحصول على اهتمام واحترام الآخرين يقوم الطفل بتصرفات وسلوكيات خاصة، ومن الممكن احيانا ان يزل وينحرف. ولغرض صرف الانظار اليه من الممكن احيانا ان يلجأ الى العصبية والضوضاء، أو يتملق، أو يركض عندما يكلمه الآخرون، وأحيانا يتمارض ويرمي بنفسه من الاماكن المرتفعة والسلالم وهكذا.
ولهذه الحاجة حالة لا شعورية عند الافراد وهذه المسألة يصدقها الكثير من علماء النفس. ويقولون ان حب الذات أو مشاعر التعلق لدى الافراد تدفعهم الى التفكير والعمل على صرف الانظار اليهم ومطالبتهم بالاحترام. والبعض الآخر من العلماء يقولون بانه ناشيء من الشعور بالعزة بالنفس لدى الطفل وان هذا الامر ذو طابع فطري.
ونعلم انه في حالة عدم نجاح الطفل في صرف الانظار اليه والحصول على احترام الآخرين فانه يتخذ مواقف مختلفة، احدى مظاهرها هي حالة الكبت وكظم الغيظ، واحيانا البكاء لاتفه الاسباب، واحيانا يعير لنفسه احتراما فائقا ويمنح نفسه بعدا ملكوتيا وعلويا، ويمكن احياناً ان يكره نفسه ويحتقرها.

اساليب الاحترام:


كيف يمكن للوالدين والمربين احترام الاطفال؟ وما هو الاسلوب المطلوب في ذلك؟ انه سؤال له اجوبه متعددة. والواقع يكمن في ان مواقف

الأسرة ومتطلبات الأطفال 193

الافراد تتفاوت ازاء الاطفال وتختلف ايضا باختلاف السنين. وما تلاحظونه أدناه عبارة عن اساليب مختلفة لهذا الاحترام:

1 ـ التغذية من الثدي:


لو ارادت الام ان تولي طفلها العناية والاهتمام ليس امامها طريق افضل من ارضاعه منذ نعومة اظفاره من حليبها وتتقرب منه بهذا الاسلوب.
ان ارضاع الطفل بحليب الام يشعره بلذة رائعة لدرجة انها تروي كيانه بأسره. ولا تقتصر حاجة الطفل الى حليب الام فحسب، بل انه بحاجة الى الامر التالي وهو ان تنظر له الام اثناء الرضاعة أو تضمه وتضغطه في حجرها وتبتسم في وجهه.
2 ـ القبول والمحبة:


لابد من قبول الطفل والاعتزاز بمقدمه الى محيط الاسرة بكل صدق. ومن مظاهر القبول هو ان نمنحه محبتنا ونبين له تعلقنا به وحبنا له وصفاء نوايانا تجاهه. ان الطفل الذي يشعر بانه محبوب في محيط اسرته يتولد لديه شعور بالاقتناع وهذا الشعور مؤثر للغاية في نموه ونضوجه.
3 ـ تبجيله وتعظيمه:


يجب ان ننظر الى شخصية الطفل كنظرتنا الى الفرد الكبير، وهذا هو اسمى مظاهر الاحترام له، وعندما ننظر له بهذا المستوى من التعظيم لابد ان نسعى الى معاملته بلطف وحنان وصدق، وان نصغي الى كلماته وطلباته ايضا. وعندما يشرع بسرد قصة ما، يجب أن نصغي له، وان قرأ شيئا من الشعر، يجب ان نصغي له بآذاننا ومشاعرنا لكي يشعر في ظل هذه المعاملة بالغرور والزهو.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 194


4 ـ مراعاة حريته واستقلاله:


يرسم الطفل في احدى زايا الغرفة عالما خاصا به، وينشغل في البناء واللعب. لذا من الخطأ ان نتدخل في اعماله وحياته، وان نمنعه عن الاقدام على أمر ما لا يحتمل خطأه أو خطورته. ان عدم مراعاة حريته من الاستصغار وعدم اخذه بعين الاعتبار. هو امر غير مستساغ من الناحية التربوية.
5 ـ اداء السلام على الطفل:


لقد كان من اخلاق الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم ان يسلم على الاطفال عندما يصادفهم في الطريق. وان تصور بعض الآباء والامهات من ان الطفل سيشعر بالرضا عن نفسه ويصبح مدللا لو سلمنا عليه، ما هو إلا تصور باطل. بل ان القضية على العكس من ذلك تماما، إذ انه سيشعر في ظل السلام بالغرور والزهو، ويفتح لنا ولنفسه بابا جديرا بالاهتمام والملاحظة يمتاز بفائدة كبيرة في بعض الموارد.
6 ـ مصافحة الطفل:


وعن مظاهر الاحترام ان نمد يدنا نحو الطفل ونصافحه بين لاجمع لكي لا يراوده الظن بأنه ليس من عداد البشرية ولا ينظرون له كانسان. ويقوم بعض الافراد بمصافحة الجميع عندما يدخل الى مجلس ما، وعندما يصل الى الطفل يتجاوزه ولا يصافحه ويصبح ذلك باعثا على اعتقاد الطفل بانه حقير ووضيع.
7 ـ ملاعبة الطفل:


وهذا أيضا مما أمرنا به الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال: من كان له طفل عليه ان يسايره بملاعبته. ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكل شأنه وعظمته لم يلعب مع احفاده الحسن والحسين فحسب، بل كان

الأسرة ومتطلبات الأطفال 195

يلعب مع الاطفال في الازقة والطرقات أيضا، والطريف ان الاطفال كانوا يستحسنون ذلك منه ويلتفون حوله دائما.
8 ـ الصفح عن خطأه:


لغرض المحافظة على احترام الاطفال من الضروري أيضا الصفح عنهم عندما يرتكبون خطأ معينا بكل حلم ونظرة عميقة، إذ لابد من الصفح عنهم بعد تحذيرهم وتذكيرهم بخطئهم.
ان اسلوب التجريح والتنكيل بالطفل بين الملأ عمل غير صحيح ومخالف لاسلوب الاحترام، بل لا ينبغي الاستهزاء به حتى لو كان لوحده.
وهناك موارد اخرى في هذا المجال كاستئمانه على الاسرار، وعدم كشف اسراره، والاعلان عن محبتنا اياه بشكل علني وواضح ، وقد احجمنا عن ذكرها ومناقشتها هنا مراعاة للاختصار.

فوائد احترام الطفل:


ما هي الفوائد المتوخاة من احترام الطفل، بالرغم من كونه صغير السن ولا يفهم شيئا؟ الجواب هو أننا نعتقد بوجود فوائد معينة وراء احترامنا للطفل أهمها ما يلي:

1 ـ الطفل الذي يحظى بالاحترام والتقدير يشعر بالأمن، ويدرك انه ذو قيمة واعتبار لدى والده ووالدته. هذا التفكير والشعور يصبح سببا لاستقامته في الامور واندفاعه نحو الامام.
2 ـ في ظل الشعور بالاحترام والتقدير يتعلم الطفل وجوب احترامه للآخرين وتقديره لهم، ويعد ذلك درسا مناسبا لتحقيق النمو الاجتماعي في

الأسرة ومتطلبات الأطفال 196

الطفل والانسجام الواعي مع المحيط.
3 ـ احترام الطفل هو أساس الشعور بالقيمة والاعتبار، ومثل هذا الاحساس سيكون السبب في عدم الميل الى الدناءة في حياته سواء الآن أم في المستقبل. والمعروف ان الكثير من الافراج يميلون الى الدناءة بسبب اعتقادهم بضعف شخصيتهم واضمحلالها.
4 ـ احترام الاطفال ينقذ المبتتلين بمشاعر الحقارة والضعة من الانكسار النفسي ويصبح سببا في ان يشعروا بأن لهم قيمة وكرامة، ويواصلون حياتهم بشكل اعتيادي. وبناءا على هذا الاساس فان احترام الطفل يعتبر عاملا لمواصلة التربية الذاتية، وللآخرين عاملا لتحسين التربية.
5 ـ احترام الطفل يصبح سببا لايجاد الملاحظات وفتح باب الثقة فيما بين الطفل ووالديه ومحملا يمكن ان نفتح في ظله باب الارتباط والمشاعر والاستحواذ على قلب الطفل بحيث لو نبهناه فانه يتقبل ذلك منا. وهذا الامر مؤثر في تكامل سلوكه.
6 ـ احترام الطفل سبب لبساطه وسهولة العيش وتوفر الثقة والنشاط والثبات فيها. ويساعد في انسجامه الفردي والاجتماعي، ويقضي على الخلافات، ويجعل الطفل شاكرا لوالديه ومحترما اياهم.

اضرار عدم الاحترام:


اظهرت الدراسات أيضا ان عدم مراعاة احترام الاطفال وعدم الاهتمام بهم يتسبب في ايجاد اضرار كثيرة لا تتيسر الفرصة المناسبة لدراستها من جميع الجوانب في هذا المختصر، ولغرض ان نشير مجرد اشارة الى هذا الموضوع نستعرض الموارد التالية:

الأسرة ومتطلبات الأطفال 197


1 ـ السعي الغير مناسب لالفات الانظار:


ان الطفل الذي يتعرض لعدم الاهتمام والاحترام سيسعى جاهدا لتوجيه انظار والديه اليه بنحو أو آخر، وبما انه لا يمتلك الخبرة والمهارة الكافية في هذا المجال يضطر للجوء الى اساليب المبتدئين. والتصرفات التي تصدر عنه كاللجاجة والصراخ والتحلق والدلال وسط الجماعة، بل وحتى ايجاد الفوضى والعبث في بعض الاحيان انما هي لغرض الوصول لهذا الهدف.
2 ـ عدم احترام الوالدين:


ان الطفل الذي يعامل بعدم الاحترام والتقدير يقع احيانا في ورطة من أمره يشعر معها بفقدان احترامه وثقته بوالديه، بل ويشعر بالغربة تجاههم ايضا، وهذا الامر يعد بحد ذاته خطوة غير مطلوبة تنقل على طريق انفصال الابن عن والديه.
3 ـ العبث والفوضى:


احيانا يلجأ هؤلاء الاطفال ولغرض تفريغ عقدهم والانتقام من والديهم أو أي شخص آخر يتسبب في ايجاد هذه الحالة، يلجأون الى العبث والتخريب والفوضى، ويتسببون في افساد محيط البيت والمدرسة. لانه وحسب قول الامام علي عليه السلام: (من هانت عليه نفسه لا يستأمن من شره).
4 ـ الشذوذ والانحراف:


ان احد أسباب الشذوذ والاقدام على سحق القيم والفساد هو حرمان الافراد من النصيب الكافي من الاحترام والتقدير، وكذلك المحبة والمودة اللازمين. إذ تعترضهم الشهوة على قارعة الطريق وتدعوهم الى نفسها باللسان المعسول والتملق، وتسعى لصرف انظارهم اليها، وتسوقهم نحو الفساد

الأسرة ومتطلبات الأطفال 198

والتلوث. ان اغلب المجرمين والمنحرفين يخرجون من بين هذه العوائل.
5 ـ هبوط المستوى العلمي:


من الممكن احيانا ان يستحوذ التفكير بمسألة عدم الاحترام والتقدير على ذهن الطفل لدرجة يعرض معها عن الدراسة والبحث والمدرسة أن ان يفقد استعداده الذهني لتعلم الدروس. انه حاضر فعلاً في الصف وبين يدي المعلم إلا انه من الناحية العملية يعيش في عالم آخر ومشغول بتخيلاته.
6 ـ المشاكل النفسية:


ان عدم احترام الاطفال الاذكياء والذين يمتازون في الوقت ذاته بانهم حساسون ولا يطيقون الاذى، من الممكن ان يتسبب في ايجاد مشاكل نفسية، لدرجة يفقدون معها توازنهم ويتعرضون الى الخلل النفسي والسلوكي، كاللجوء الى الانزواء، والتهرب عن الحضور بين الجمع. ونعلم ان هذا الامر ناجم عن الاحساس بعدم توفر الامن أو فقدانه.
7 ـ عدم احترام الآخرين:


وأخيرا فالطفل الذي لا يتلمس الاحترام، ليس بوسعه أيضا ان يبدي احترامه تجاه الآخرين، وحتى لو كان ذلك بوسعه فانه يحجم عن ذلك. لان الحياة عندهم عبارة عن خذ وهات. انهم مستعدون لتقديم شيء للآخرين اكثر أو على الاقل مساو لما اخذوه من الآخرين.
8 ـ التخلي عن الانسانية:


وذلك نادر طبعا إلا انه لوحظ احيانا ان عدم الاحترام والتقدير أصبح سببا لان يسقط بعض الافراد انفسهم تماما عن الانسانية، ويواجهون مرحلة عصيبة يتخذون فيه كل شيء حتى الانسانية والاخلاق هزواً ولعباً. وتجدر

الأسرة ومتطلبات الأطفال 199

الاشارة الى ان اغلب المجرمين المحترفين هم من هذا النوع من الافراد.
وهناك موارد اخرى أيضا تعبر عن مثل هذه الحالات كالاضطرابات، وحالات عدم الثقة، والتشاؤم، والرغبة في الانزواء، والتي غالبا ما تنسب لهؤلاء الافراد.

كيفية الاحترام:


كيفية الاحترام تجاه الطفل يجب ان تكون بالشكل الذي يراها في حدود فهمه وادراكه ويكون بامكانه استيعابها أو ان يتلمس احترام والديه واهتمامهم به بشكل واضح. وعلينا ان نجتنب اظهار احترامنا المتصنع تجاهه لان الطفل لو اكتشف ذلك فان الالفة والمحبة والاحترام فيما بيننا ستتعرض الى صعوبات جمة.
كما يجب ان يتناسب الاحترام مع استيعابة الروحي، بحيث يصبح بامكانه تحمل ذلك وأن ينعم به بشكل لائق. ويعود السبب في الاشارة الى هذا الامر الى ان الافراط في الاحترام أحيانا يخلط الامر على الطفل وينجر الى الغرور والانانية والاعتداد بالنفس.
وينبغي ان يتم الاحترام والاهتمام بالطفل بدون قيد أو شرط على أساس اداء الواجب تجاهه فقط. ومن الطبيعي ان يتنعم بعض الاطفال باحترام اكبر بسبب استحقاقهم لذلك. وكذلك يجب ان نطالب الطفل أن يستفيد من الاحترام لاظهار قابلية ومسؤوليته المتعاظمة، ويسعى الى مضاعفة جاذبيته ومحبوبيته.
وتجدر الاشارة أيضا إلى ان الطفل وبناء على قضية الاحترام المتبادل يجب ان يندفع نحو الامام، وان يأخذ بنظر الاعتبار مسألة

الأسرة ومتطلبات الأطفال 200

(الهات وخذ) ويقرها، وقبل ان يطالب الآخرين بالاحترام عليه ان يبادر بالاحترامهم.
الامتناع عن الافراط في الاحترام:


قلنا ان مقدار الاحترام ينبغي ان يكون بمقدار الاستيعاب الروحي للطفل بحيث لا يدع مجالا لظهور الكبر والغرور لديه، ولا يدعو الى اختلاط الامور عليه، ولا يفسح المجال امام ظهور الاخلاق الغير مقبولة، والسلوك الذي ينم على التكبر لديه، ولا يصوغ لنفسه أيضا شخصية وهمية.
ان الاحترام الزائد لا يرفع من شخصية الطفل شيئا، بل انه يخرجه عن حد الاعتدال والوسط، ويفقده الاتزان في حركاته وفعالياته، كما يتسبب هذا النمط من الاحترام الى سقوط شخصيتك كفرد مرب، والقضاء على استقلالك التربوي.
الطفل الذي يحظى بالمزيد من الاحترام يتقلب فيما بعد الى موجود متفرعن ومتكبر، ويبتلي ببعض الحالات من قبيل الاعتراض، اليأس، والانكار. كما ان درجة الانانية والاعتداد بالنفس لدى الطفل تصل الى درجة يريد معها احيانا ان يضحي بالآخرين في سبيله ولا يتألم لتعرض الآخرين الى الألم والمعاناة.
وقد أظهرت الدراسات الاخرى، ان الطفل الذي يحظى بدرجة عالية من الاحترام والتقدير يمل هذه الحالة تدريجيا، ويعاني منها ويسعى للتخلص من هذه المحبة المفرطة والاهتمام الزائد بأي شكل من الاشكال، وان يحيا حياةً اكثر انفتاحا وحرية.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 201


حمله على عدم التوقع:


ان مسألة معاملة الطفل باحترام وتقدير امر واجب ولا يحتاج الى المداولة والبحث إلا ان ذلك لا يعني ان يطالب الطفل بتوقعاته من الاحترام والتقدير. وعليه ان يتصرف بالشكل الذي يستحق معه الاحترام، ومن المؤكد ان الوالدين سينبهونه الى الالتزام بالضوابط التي يجب مراعاتها في هذا المجال.
وعلى الطفل ان يصل الى هذه الحقيقة تدريجياً وهي ان الوالدين ليس بوسعهم الاهتمام به دائماً وفي جميع الظروف. ولابد له من الوقوف على قدميه يوما ما ويستغني عن هذا الأمر تماماً، ويجب ان يتزايد احترامه لوالديه دائماً، وكلما يكبر الطفل يجب ان يعترف بجميل والديه عليه وينمي محبتهم في قلبه.

* * *



الأسرة ومتطلبات الأطفال 202



الأسرة ومتطلبات الأطفال 203



الفصل الرابع


الحاجة الى التقدير والثناء

المقدمة


احدى الاحتياجات المهمة والاساسية للانسان وخاصة الاطفال هي الحاجة الى التقدير والاستحسان. وجميع الافراد يعيشون هذا الأمل بأن يكونوا في وضع أو موقف بنالون بموجبه استحسان الاخرين وتقديرهم وليحققوا من خلال ذلك امنيتهم ويشبعوا غرورهم، وبالمقابل يكتشفوا سبيل حياتهم المستقبلية.
يقوم الطفل بانجاز عمل ما في البيت وهو لا يعلم مدى حسنة أو قبحه. ويريد أن يعرف هل ان ما أنجزه مقبول أم لا؟ ان استحسان والديه لما يؤديه من عمل يؤكد له وجوب الاستمرار ومواصلة هذا الطريق، وان العمل الذي انجزه مقبول ومناسب، كما انه يلجأ أحيانا الى اداء اعمال شاقة ومجهدة يعجز أقرانه عن القيام بها. فلو تم تقدير عمله هذا، فان الشعور بالتعب والارهقا يزول عنه تماما

الأسرة ومتطلبات الأطفال 204

ويشجع على مواصلة ذلك.
ان الاستحسان والتقدير حاجة نفسية داخلية، ويرغب الطفل في الحصول عليها من قبل الوالدين والمربين. ويعتقد بعض علماء النفس ان لهذه الحاجة أساس نفسي، ودليلهم على ذلك الجهود والمساعي التي يبذلها الطفل من اجل الحصول على ذلك.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 205


تمني ذلك في الافراد:


قلنا ان العلماء يرون بأن هذه الحاجة ذات طابع فطري داخلي، ولهذا السبب فانها تلاحظ لدى الطفل منذ مرحلة طفولته، ويتم تبرير الكثير من اعمال الاطفال بناء على هذا الاساس.
ان الطفل يريد من الآخرين ان يدركوا قيمة عمله، وان واجهه أمر ما يحول دون تحقق ذلك سينزعج بشدة.
ان الاطفال يشعرون بالارتياح جراء الاستحسان والتمجيد والتقدير أيضاً، ومن هذا المنطلق يبذلون ما بوسعهم لتهيئة موجبات ذلك لانفسهم. ان جزءً مهما من النشاطات ، والفعاليات والقيام باداء الاعمال الشاقة، وقراءة الشعر والاناشيد من قبل الاطفال انما يكون لغرض صرف الانظار اليهم انه وبسبب قلة خبرته من الممكن أحيانا ان يقدم على اعمال مضحكة.
ضرورة ذلك واهميته:


من الضروري ان يحظى هذا الأمر بأهتمام ورعاية الوالدين والمربين سواء من الناحية التربوية أو من زاوية تسيير الامور وتبسيط السلوك. إذ يجب ان لا ننظر إلى المحسن والمسيء، بالمساواة (ولا يكون المحسن والمسيءعندك منزلة سواء).
وما اكثر الخصال التي تظهر لدى الافراد في ظل هذه السلوك وتترسخ لديهم وما اكثر مشاعر الارتياح والمحبة والدفىء في العلاقات التي تتجلى في الاطفال في ظل هذا السلوك أيضاً. كما يعتبر هذا الامر ضروري للطفل لانه ينبغي ان يقف الطفل على نتيجة اعماله أو ان يتولد لديه الشوق لكي يكرر الاقدام على انجاز اعماله برغبته ورضاه الباطنيين.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 206


ان عملية الاستحسان تؤدي بالطفل الى عدم الحيرة والوقوف على مفترق الطرق، واظهار ردود الفعل تجاه أمر معين ويبذلون ما بوسعهم نحو التطور والرقي. ونعلم ان احساس الطفل يشكل جزء مهما من عالمه ويعد التقدير والاستحسان عاملين مناسبين لتقوية أحاسيسه ونشاطه.
ومن اجل هذه المسألة المهمة يوصي الاسلام الوالدين والمربين ومسؤولي المجتمع أيضا بتقدير المرؤوسين ومن هم في رعيتنا وتثمين الجهود التي يبذلونها لكي نهيىء الارضية اللازمة لايجاد الرغبة الذاتية لدى الآخرين أيضا فضلا عن مشاعر الاعتزاز والفخر لدى العامل بهذا الاسلوب.
اضرار فقدانه:


لقد اظهرت الدراسات التي قام بها علماء النفس التربويون انه في حاله عدم اشباع هذه الحاجة عند الاطفال بشكل لائق فان ذلك سيؤدي الى خلق الاجواء المناسبة للقيام بأعمال وتصرفات غير مناسبة وخاطئة لا يمكن ان تحظى بموافقتنا مما يؤدي بالتالي الى ان يقدم الطفل على سلوك معين يلفت به انظار الآخرين وينال اعجابهم، ويمهد الارضية لكسب استحسانهم له.
كما اظهرت الدراسات الاخرى ان عدم مراعاة هذا الامر يعتبر من العوامل التي تبطل تأثير هذا العمل وتعيق الطفل عن مواصلة وتكرار ذلك مثل هذه الاعمال. وللأسف فان تكبر وتفرعن بعض الاولياء والمربين يصبح سببا لحرمان الاطفال من هذه النعمة، واتصافهم بسلوك راكد وجامد. وحتى لو أقروا بان الطفل يستحق الاستحسان والتقدير فانهم يتهربون من القيام بذلك لكي لا يصبح اطفالهم متملقون حسب زعمهم وان لا يقلل ذلك من كبرياء الأب أو الأم

الأسرة ومتطلبات الأطفال 207

وقداستهم في نظر الطفل!!

وتتفاقم هذه الخسارة عندما يرى الطفل عدم تقدير واستحسان اعماله المقبولة ولكي بمجرد ان يصدر عنه خطأ ما يتعرض للمؤاخذة واللوم. ان بعض الآباء والامهات يتصفون بقابلية كبيرة على اللوم والطعن ويرتفع صوتهم لاتفه الاسباب ويبدون انزعاجهم ولهذا السبب فان حياة الطفل في مثل هذه الاجواء تشبه حياة الاسر.
ويشعر الطفل تجاه هذه المعاملة السيئة بأنه غير محترم ومحتقر ومهان. وهؤلاء الاطفال يتهمون والديهم أحيانا بالاجحاف ويفقدون ثقتهم بهم، وفي هذه الحالة يتضح لنا ان الطفل سيكون بعيدا عن تربيتهم له.

فوائد الثناء والتقدير:


ان الجواب واضح بشأن التساؤل عن فائدة الاستحسان والتقدير تجاه الطفل وآثار ذلك عليه. ويمكن التعرف على بعض تلك الفوائد من خلال دراسة ضرورة هذا العمل واهميته والبعض الآخر سنستعرضه باختصار فيما يلي:
1 ـ السبب في مواصلة العمل:


ان تقدير الطفل وتشجيعه يصبح سببا لمواصلة العمل المراد انجازه وباعثا على شعور الطفل بان عمله مهم، وذا قيمة، وينبغي ان يؤديه باستمرار.
2 ـ الشعور بالأهمية:


ان هذا الامر يصبح سببا لشعور الطفل بالاهمية ويرى لنفسه قيمة. وفي هذه الحالة يرى نفسه بسيطا وغير ذا أهمية ولا يلجأ الى الاساليب السيئة والملتوية ليشعر بأنه مهم وذو قيمة.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 208


3 ـ خلق الثقة بالنفس والاعتماد عليها:


مثل هذا الطفل يثق بنفسه ويشعر بشيء من الاطمئنان تجاه عمله. وهذا الأمر يصبح السبب في ان يبدي حزما اكثر جدية في اتخاذ القرار وتنفيذه.
4 ـ الاتزان في نمو الشخصية:


ان التقدير يصبح السبب في نمو الشعور بالاستقلال لدى الطفل وان يدرك انه بامكانه الاعتماد على نفسه في الجانب النفسي والعقلي، وان تحصل لديه حالة التوازن في جميع ابعاده وكيانه.
5 ـ الشعور بالزهو والانبساط:


ان مسألة تأمين الاحتياجات الفطرية للانسان تعد بحد ذاتها سبباً للشعور بالزهور والانبساط وطيب الخاطر. إذ يتم احياء شخصيته من خلال ذلك وينجو من الشعور باليأس والتشاؤم.
6 ـ اصلاح الطباع:


ما اكثر الطباع والاخلاقيات التي تحتاج الى الاصلاح واعادة النظر فيها، ان انبساط الطفل من الاعمال التي أداها، ومعاملته بالتقدير والثناء على ذلك يصبح باعثاً لكي يقوم باصلاح سلبياته نواقصه أيضاً.
7 ـ تطور القدرة على التعلم:


واخيرا فان الانبساط الناجم عن التقدير والثناء سيصبح سببا لكي تتطور مسألة القدرة على التعلم لدى الطفل، وتتحفز قدرته على الابتكار في هذا المجال. ان سماع كلمات الاستحسان والثناء من المعلم يعد بحد ذاته حافزا للاندفاع نحو الامام.

الأسرة ومتطلبات الأطفال 209


ومن الفوائد الاخرى أيضا انه يصبح سببا للتخلص من المطبات النفسية، وتأمين الحالة النفسية، وسببا للسعي الى الوصول الى حالة ووضع مناسب، واداء الاعمال بطاقة اكبر، ومحركا للعمل والتطور، وسببا للتكامل والنمو. ويتسبب هذا الامر أحيانا في ايجاد تغييرات عجيبة واستثنائية في حياة الانسان بل وتغيير سيرة حياته أيضاً.
انواع الثناء والتقدير:


يمكن ان يحصل الثناء والتقدير بصورة متعددة:
  • فاحيانا يكون لفظيا إذ يقوم الوالدان والمربون في ذلك بذكر العبارات المعمول بها في المجتمعات المختلفة، والتي تقسم على الثناء وتقدير اعماله.
  • وأحياناً اخرى يكون عملياً. وبهذه الطريقة يقوم الوالدان بضم الطفل واحتضانه ومداعبته أو يأخذون الطفل الى الاماكن التي يحبها.
  • وأحياناً يمكن ان يتحقق الثناء والتقدير من خلال اعطاء الجائزة والهدية، إذ تبرز هنا اهمية اثر الجائزة وليس ثمنها. وسنسعى في هذا المجال ان نأخذ بنظر الاعتبار المراحل السنية والجنسية.
    ان الاطفال الصغار يستأثرون بالنصيب الأوفر من اللذات قياساً مع الاشياء الاخرى، في حين من الممكن ان تتمثل جوائز الافراد الحديثي البلوغ بتوفير الادوات والوسائل وحتى الملابس وادوات القرطاسية.
    مخاطر الافراط في ذلك:


    لابد من مراعاة الحدود المنطقية في ابراز الثناء والتقدير بحيث نبقي اولاً مجالاً للتقدير والثناء في حالة اداء عمل أفضل واكثر، وثانياً لا يؤدي هذا الامر

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 210

    الى ايجاح حالة الغرور والابتعاد عن الذات. وتجدر الاشارة الى ان معرفة حدود ذلك ومقداره يعد بحد ذاته خطوة مهمة في هذا المجال.
    يقول الامام اميرالمؤمنين عليه السلام: (الثناء المفرط نوع من التملق والتقصير عن الاستحقاق غي أو حسد ـ نهج البلاغة).
    أن الثناء والتقدير اكثر عن اللازم يولد الخسران لدى الطفل، ويجعل عمل المربي صعب للغاية. ويقضي على اعتبار الثناء واهميته، ويتسبب في ايجاد عادات سلبية لدى الافراد. وعندما يرد هؤلاء الافراد الى المجتمع لن يكون بوسعهم الانسجام مع ضوابطه. ان تولد مشاعر التشاؤم وخلق اجواء العداء والحقد والخصومة من قبل الطفل ينجم أحياناً بسبب الثناء عليه في موقف معين وعدم استعباره في مكان آخر.
    طريقة اجراء ذلك:


    ان الاساس في الثناء على الطفل وتقديره هو ان نعمل بالشكل الذي نقوده الى معرفة واجبة وتكليفه وتحمله المسؤولية. وان نقضي بنحو أو آخر على عوامل اهتزازه الداخلي وندفعه الى اداء وبذل جهوده اكثر فاكثر. وان نبرز جهوده ومساعيه بالشكل الذي يشعر معه بالفرح والسرور لنجاحه وان يستمر كذلك على مواصلة ذلك الطريق.
    والذين يتصفون بشيء من النشاط والفعالية ينبغي ان نعمل على اكتشاف النقاط الايجابية فيهم وتحديدها وتسليط الاضواء عليها تضخيمها ثم اسماعها اياه كما يمكن ان نستخدم الاسلوب التالي، بان نضع تحت تصرفه بعض الاعمال الاعتيادية ومن ثم نحرضه على اداء تلك الاعمال. ومن الطبيعي ان نقوم بالثناء عليه بعد نجاحه في ذلك.

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 211


    ان هذا السلوك والتعامل يعتبر مقدمةً وباعثا على أن يشرع الطفل باداء الاعمال بنشاط اكبر وحيوية اكثر أو أن يكون تابعا لرأيكم ووجهة نظركم املاً في حصوله عل ثنائكم.
    بعض الاصول في تنفيذ ذلك:


    هناك بعض الاصول والشروط التي ينبغي على الوالدين والمربين مراعاتها في هذا المجال، وسنشير الى نماذج من تلك الاصول في بحثنا هذا:
    1 ـ مراعاة الموازنة:


    يجب ان يتناسب الثناء والتقدير مع نوع العمل وحالة الطفل، وأيضا مع متوى نجاحه في أداء الاعمال. ونريد أن نقول بانه يجب ان تتصفوا بالحذر حتى في العبارات المستخدمة للثناء والتقدير. وفكروا دائما بهذا الأمر من ان الطفل لو قام باداء عمل أهم وأفضل وكان بحاجة الى التكريم والتشجيع ماذا يجب ان نفعل؟ كما انه لو نال الجائزة الكذائية على نجاحه الكذائي ماذا يجب ان نفعل لنجاحه التالي؟ ان مراعاة هذه التوصيات ضرورية للمربين.

    2 ـ الصدق والاخلاص:


    لو أثنينا على الطفل يجب ان نكون صادقين في هذا الامر. وان نتلفظ بكلمات بتلمس الطفل طعمها الواقعي والحقيقي. وينبغي ان نجتنب مظاهر التصنع ما أمكننا ذلك لان الاطفال لو أدركوا هذا الامر فأن مكانة المربي ستتعرض للخطر المؤكد. أفهموه بأنك تستحق الثناء على العمل الفلاني.
    3 ـ مدح نفس العمل:


    والمراد بذلك ان نمدح نفس العمل ونثني عليه للطفل لكي يفهم ان العمل الفلاني له أهمية. وإن كان يحظى باحترام معين فلأنه قام بارتكاب هذا العمل،

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 212


    وعلى هذا الاساس لو كان حريصاً على نيل هذه العزة والكرامة فيما بعد فلا مناص من تكرار نفس النموذج السابق لهذا العمل وان يدفع نفسه الى محيط اداء ذلك العمل.
    4 ـ الوقف المناسب:


    لو كان مقررا نثني على طفل معين فيجب ان يتم ذلك في حينه طالما لم تخمد حرارة الامر بعد ولم يتلاشى توقعه في الثناء. ولا تدعوا الأمر يبرد وتخمد حرارة شوقه ورغبته لذلك. ولا تقولوا مطلقاً ان طفلي يطلبني ثناءً وسأثني عليه غداً. لا تؤجلوا عمل اليوم الى الغد ولا تستبدلوا النقد بالنسية.
    5 ـ عدم الارتشاء:


    يجب ان لا يتسم الثناء والتقدير بطابع الرشوة. وان لا يكون الامر بالشكل الذي يؤدي معه الطفل عملا معيناً لتوقعه الثناء عليه. فالاساس في ذلك ان يرتكب الطفل عملاً معيناً من باب ادائه الواجب ويبذل جهده في هذا السبيل، ومن الطبيعي ان يحظى هذا الامر بالثناء والتقدير. ان اتخاذ الثناء والتقدير طابع الارتشاء يقلل من قيمة وأهميته ويجر الطفل الى سوء العاقبة.
    6 ـ لغرض الاعمال الهامة:


    يجب ان يكون الثناء والتقدير للاعمال المهمة وليس لأي عمل وكيفما اتفق ينبغي ان يكون ثنائكم على عمل يصعب على من هم في سنة اداؤه أو القيام به. إذ لا يجب مدحه والثناء عليه لكل عمل بسيط يقوم به وإن شعرتم بوجود حاجة لذلك يمكن تأمينها بكلمات من قبيل بارك الله فيك وحسنا فعلت وغيرها.
    7 ـ في محضر الجماعة:


    يشعر الاطفال بمزيد من الزهو والفخر عندما يحظى عملهم بثناء ومدح

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 213


    الآخرين وفي حضور الاقرباء وخاصة أصدقائه وأقرانه. ومن هذا المنطلق من المناسب ان تبادروا أحيانا الى مدحه وتقديره بين الجمع وفي حضور الآخرين إلا أنه ينبغي ان نراعي المسألة التالية وهي ان لا يجر هذا الامر الطفل الى الرياء ولا يصل الى مرحلة التباهي والتظاهر.
    المحاذير في هذا الطريق:


    لقد سعينا من خلال دراستنا حول هذه المسألة، وكلما كان ذلك ضرورياً ان نذكر بعض الامور التي لها دور تحذيري ومجنب للوالدين والمربين، وطلبنا منهم الابتعاد عن اتخاذ الاساليب الضارة والمضرة في هذا المجال. ولكن ما تزال هناك بعض المسائل المتعلقة بهذا الموضوع، من الضروري تذكير الوالدين والمربين بها.
    1 ـ لابد من مراعاة جانب العدالة في تقدير ومدح الاطفال، خاصة أولئك الذين يعيشون مع بعضهم البعض في محيط البيت أو المدرسة. وان لا يكون الامر بالشكل الذي يحظى معه طفل معين بالثناء والتقدير على عملٍ ما في حين يبقى الآخر بعيدا عن هذا الثناء والتقدير.
    ان الاطفال واعتماداً على تركيبهم الفطري يتصفون بانهم طلاب عدالة وينفرون من التمييز.
    2 ـ اتبعوا ضوابط واضحة بحيث يفهم جميع الاطفال بانهم يحصلون على نتيجة واحدة وثناء معين بخصوص اداء العمل أو المسألة الكذائية. إذ ان الازدواجية في العمل هو السبب في التشويش والشعور بالتمييز والتفرقة وسلب ثقة الاطفال الذين يتعرضون لهذه المعاملة من مربيهم.
    3 ـ ان تقديركم وثنائكم على أحد الاطفال ينبغي ان لا يكون له بعداً

    الأسرة ومتطلبات الأطفال 214

    عقابيا وتحقيرياً للآخرين. ونعلم ان جميع الافراد ليسوا في مستوى واحد أو درجة واحدة ولا يمكن ان نتوقع من الجميع شيئا واحداً. لذا عليكم ان تأخذوا بنظر الاعتبار مسألة المستويات والفوارق فيما بين الافراد.
    4 ـ ومن الضروري أيضاً ان نتعامل مع الطفل بطريقة معينة لا يرى معه نفسه بانه فرد استثنائي ومهم جداً والوحيد القادر على القيام بهذا العمل. يجب ان يعلم بأن الآخرين أيضا يمتلكون في مراحل معينة قدرات اكبر مما يملكه هو. انه ليس طفلاً استثنائياً ولا يملك الحق بالتباهي.
    5 ـ يجب ان نمزج الثناء والتقدير مع الاخلاق الاسلامية وذلك بأن يستحوذ عليه الحياء والخجل فيما لو نال التمجيد والثناء في حضور الجماعة وان لا يتطاول بعنقه ليقول للناس بانه هذا التمجيد والثناء حقه الطبيعي بل وانه أقل من المستوى المطلوب.
    التأييد الداخلي أو الذاتي:


    وفي نفس الوقت لو أفلحنا في رفع المستوى التربوي للطفل الى الدرجة التي يشعر معها بأن اداء العمل بحد ذاته يعتبر مكافأة له، نكون قد حققنا نجاحا باهراً. وبعبارة اخرى يجب ان يصل بناء الطفل واصلاحه الى المرحلة التي ينال معها التأييد الذاتي في نفسه، ويشعر في باطنه بالرضا والسرور عن اداء العمل.
    ان التأييد الباطني أثمن نصيب في هذا الامر، وإلا مهما حاول الانسان ان يكرم احد الاطفال ويشملهم بدعمه وتشجيعه ، فلا بد من بقاء بعض الموارد التي قد نقصر فيها. كما ان استمرار بقاء قوة محركة خارج كيان الطفل بعد مسألة صعبة وغير مستحسنة. ولابد من جعل الطاقة المحركة داخلية.

    * * *




  • السابق السابق الفهرس التالي التالي