العباس بن علي- جهاد وتضحية 1


العباس بن علي
جهاد وتضحية



العباس بن علي- جهاد وتضحية 2




العباس بن علي- جهاد وتضحية 3

العباس بن علي

جهاد وتضحية


تأليف
سعيد رشيد زميزم
مؤسسة البلاغ


العباس بن علي- جهاد وتضحية 4


الطبعة الأولى
1423هـ-2002م


العباس بن علي- جهاد وتضحية 5

الإهداء

الى سيدي أبي الفضل العباس (عليه السلام)
ليس دفاعاً ولكنها الحقيقة

(المؤلف)



العباس بن علي- جهاد وتضحية 6




العباس بن علي- جهاد وتضحية 7

المقدمة

لما كان العباس (عليه السلام) قائد قوات الحسين (عليه السلام) وحامل لوائة الأمر الذي جعل الباحثين ينغمسون في البحث عن حياة هذه الشخصية الفذّة ولما كنتُ من عشاق التأريخ ورجالاته العظماء فقد رغبت بأن أقوم بوضع كتاب يبحث عن شخصية العباس (عليه السلام) وسيرته المتلألئة ومواقفه البطولية وشجاعته وجوده وأخلاقه العالية.
إن الشيء الذي دعاني الى ذلك هو خصاله السامية وسجاياه الحميدة التي جعلت منه ان يكون أحد أولياء الله الصالحين لقد أكبر الناس فيه قداسة روحه فأصبحت ذكراه خالدة في أعين الناس وما كراماته التي يتحدث عنها الملايين من الناس إلا دليلٌ حيّ على خلوده في ذاكرتهم وفي كتابنا هذا لا نتمكن ان نتحدث عن عظمة أبي الفضل (عليه السلام) وحياته الزاخرة بالعلم والحلم والشجاعة والوفاء ولكننا نحاول ان نتحدث عن جزء يسير من شخصيته الرائعة بالاستناد إلى أوثق المصادر التأريخية التي تحدثت عن سيرته وصفاته وخصاله والله ولي التوفيق.

المؤلف



العباس بن علي- جهاد وتضحية 8




العباس بن علي- جهاد وتضحية 9

تقديم

بقلم
حجة الاسلام الشيخ باقر شريف القرشي


في سيرة أبي الفضل العباس (عليه السلام) ملتقى أصيل للقيم العليا والمبادئ الرفيعة التي تبناها الاسلام قاله بإيمانه العميق بالله من ذاتياته ومكوناته أليس هو القائل حينما قطعت يده:
والله إن قطعتم يمينـــي إني أحامي أبداً عن ديني

بوركت تلك اليد التي كانت تفيض بالعطاء على المحرومين والبائسين وبورك ذلك الإيمان الذي غذاه أبوه سيد الموحدين وإمام المتقين الإمام امير المؤمنين (عليه السلام)، الذي قال: لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا.
في مدرسة التوحيد تربى أبو الفضل، وفي معاهد الشرف والكرامة تغذى هذا العملاق العظيم، الذي بهر العقول بمثله وكماله.
تصفحوا في تاريخ عظماء الدنيا فهل تجدون مثل أبي الفضل (عليه السلام) فقد قطعت يداه وأخذه نزيف الدم وهو يحمل القربة بأسنانه ليوصل الماء إلى عطاشى أهل البيت (عليهم السلام).
أي نبل مثل هذا النبل ؟
أي شرفِ يضارع هذا الشرف؟

العباس بن علي- جهاد وتضحية 10

أي كرامة تماثل هذه الكرامة؟
سبحانك اللهم أنت الذي وهبت الإيمان والتقوى لأهل بيت النبوة والإمامة (عليهم السلام).
ومن الخير أن تنطلق المواهب للبحث عن سيرة أبي الفضل (عليه السلام) ليتخذه المسلمون مثالاً يقتدون به، ومن الدراسات الواعية لأبي الفضل (عليه السلام) هذه الدراسة للأستاذ الفاضل سعيد رشيد مجيد زميزم وأني أبارك له هذا الجهد الخلاق متمنياً له أن يتحف المكتبة الاسلامية بنتاجه القيم. ومن الله التوفيق


باقر شريف القرشي
> النجف الأشرف
4/ذي الحجة/1412هـ



العباس بن علي- جهاد وتضحية 11

والده (عليه السلام)

هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخليفته، وأول المسلمين وأشجع العرب، سطر أروع الملاحم في المعارك التي خاضها المسلمون ضد المشركين.
كان ملازماً للرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) منذ بدء الدعوة الإسلامية وظل الى جنبه حتى وفاته(صلى الله عليه وآله).
انقض على معاقل المشركين واجتث رؤوسهم وشتت شملهم ومزق صفوفهم، وقضى على زعمائهم حيث لم تعد لقريش أية قائمة فيما بعد، حيث كان ينتابهم الهلع عندما يعلموا بأن الإمام علي (عليه السلام) يتقدم صفوف المسلمين، استعداداً لملاقاتهم.
وإن المواقف الشجاعة والصولات الجهادية والمآثر الكبيرة التي قام بها الإمام علي (عليه السلام) جعلت منه رجلاً من طراز خاص، وإنه (عليه السلام) لم ينفرد ببعض الخصال بل جمع كل الخصال والصفات المميزة والطيبة، من شجاعة وعلم وبلاغة وإيمان أصيل.
أشاد العديد من الصحابة الأفاضل بجهوده المضنية وكفاحه العتيد من أجل ترسيخ مبادئ وأركان الدين الإسلامي.
ورد عن الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) أحاديث كثيرة بحق هذا الرجل العظيم، وهي أحاديث لا تعد ولا تحصى والتي تؤكد منزلة الإمام

العباس بن علي- جهاد وتضحية 12

الرفيعة عند الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم (صلى الله عليه وآله) .
ومن أحاديث الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) التي تؤكد منزلة الإمام علي (عليه السلام)، العظيمة هذا الحديث الذي قاله لابنته السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ونصه ((إني زوجتك أقدم أمتي سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً (1).
كما قال الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) في حديث آخر: «من أراد أن ينظر الى آدم في عمله، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب(عليه السلام)» (2).
ظل الإمام علي(عليه السلام) راية خفاقة يستظل تحتها المسلمون إلى أن نال الشهادة وهو يصلي في بيت الله على يد أشقى الناس وهو عبد الرحمان بن ملجم المرادي حيث ضربه هذا المجرم والإمام ساجد لله تعالى وأصابه إصابة بليغة أدت الى استشهاده (عليه السلام)، فذهب إلى ربه راضياً مرضياً بعد أن بذل الغالي والنفيس من أجل تثبيت دعائم الدين الإسلامي الحنيف.
هكذا لقى ربه مخضباً بدمائه الزكية ودفاعاً عن المبادئ السامية والمثل العليا التي طالما كان ينادي لها والتي استشهد من أجلها.
فياله من رجل عظيم خالد قضى حياته كلها في خدمة الإسلام وإعلاء كلمته وإحقاق الحق فنال بذلك الجزاء الأوفى والخلود الأبدي.
إن أسرة كريمة تنتمي إلى هذا الرجل العظيم كيف تكون صفاتها

(1) [مسند أحمد50/ص662، الرياض النضرة194/30، ذخائر العقبى/ص78].
(2)[في الرياض النظرة218/20،الغدير491/30، كفاية الطالب/ص45، نهج البلاغة 236/20].
العباس بن علي- جهاد وتضحية 13

وأخلاقها طبعا سيكون أبناء هذه الأسرة الطيبة من افضل الأبناء وهكذا ما كان حيث أن أبناء الإمام علي(عليه السلام) كانوا مثال الأدب والمروءة والتضحية، ومن هؤلاء الأبناء البررة كان سيدنا العباس(عليه السلام) الذي قدم نفسه العزيزة فداءً لأخيه الإمام الحسين (عليه السلام) ومبادئ الإسلام، ونفذ وصية والده (عليه السلام) حيث أوصاه في معركة صفين عندما قال له بعد أن قبّله عند عوته من مبارزة أبي الشعثاء وأولاده وقد قتلهم سيّدنا العباس (عليه السلام) وكان هؤلاء من أشهر فرسان معاوية بن أبي سفيان. فقال له الإمام علي (عليه السلام) :((ولدي أوصيك بنصرة أخيك الحسين(عليه السلام) ))، فكان جواب العباس (عليه السلام) والدمع يهمل من عينيه ((سأكون السبّاق في الدفاع عن آل محمد (صلى الله عليه وآله)) فنعم الوقفة التي وقفها هذا الفارس المهيب في ذلك اليوم الرهيب الذي مرَّ على الحسين وآل بيته (عليهم السلام) فقد بذل كل ما يملك، وقدم كل ما يستطيع في سبيل الدفاع عن الإسلام ومبادئه الى أن نال الشهادة فحاز رضى الله تعالى ونبيه الكريم (صلى الله عليه وآله) والمسلمين جميعاً وذهب مرتاح الضمير بعد أن أدى الأمانة التي وضعها والده الكريم (عليه السلام) في عنقه ألا وهي نصرة الحسين (عليه السلام) فكان بحق ناصراً حقيقياً ومدافعاً مستميتاً ومناضلاً عنيداً.

العباس بن علي- جهاد وتضحية 14




العباس بن علي- جهاد وتضحية 15

والدته (عليه السلام)

روي عن الإمام علي أنه قال لأخيه -عقيل- وكان هذا نساباً عالماً بأخبار العرب وأنسابهم: ابغني امرأةً والدتها الفحول من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاماً فارساً.
فقال له عقيل: أي أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس.
هذا وقد أجعمت كتب التأريخ المعتمدة أنها تنتسب الى قبيلة (بني كلاب) وهذه القبيلة من أشهر قبائل العرب في الشجاعة والكرم والجود وبهذا تكون السيدة فاطمة الكلابية قد جمعت النسب الرفيع واقترنت بأشرف رجل بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنجبت منه أولئك الرجل الشجعان الذي سطروا أروع الملاحم في معركة الطف الخالدة دفاعاً عن العقيدة الاسلامية السمحاء ودفاعاً عن مبادئ الأخوة الأصيلة.
وبعد الوصف الوافي الذي قدمه عقيل للإمام علي (عليهما السلام) أرسل الإمام إلى أسرة السيدة فاطمة يطلب يدها فوافقت أسرتها على الفور فتزوجها الإمام (عليه السلام) فولدت له العباس وعبد الله وجعفر وعثمان (عليهم السلام).
وهنا يجب أن نتحدث بإيجاز عن مواقف هؤلاء الأبطال في معركة كربلاء الخالدة التي نالوا فيها الشهادة دفاعاً عن أخيهم الحسين ومبادئ ثورته.

العباس بن علي- جهاد وتضحية 16

ففي صبيحة يوم العاشر من شهر محرّم الحرام استدعى العباس (عليه السلام) إخوته وطلب منهم النزول إلى ساحة المعركة للدفاع عن أخيهم الحسين (عليه السلام) فما كان منهم إلاّ التوجه نحو خيمة الإمام الحسين (عليه السلام) وطلبوا منه السماح لهم بالتوجه إلى ساحة المعركة وكان أول من توجه إلى ساحة الحرب عبد الله بن علي: توجه هذا المقاتل الباسل إلى ساحة المعركة بعد أن استأذن أخيه الحسين (عليه السلام) وهو يرتجز ويقول:
أنا ابن ذي النجدة والأفضال ذاك علي الخير والفعال
سيف رسول الله ذو النكال في كل يوم ظاهر الأحوال

فاشتبك مع الأعداء وقتل منهم جماعة، وفي أثناء القتال توجه إليه هاني بن ثبيت الحضرمي فتمكن من قتله، ثم توجه بعده جعفر بن علي: ذهب جعفر إلى خيمة الإمام الحسين (عليه السلام) واستأذن منه بعدها إلى ساحة الميدان وهو يرتجز ويقول:
إنــي أنــا جــعــفر ذو المــعالي ابــن عــلي الخــير ذو الــنوال
ذاك الوصــي ذو السنــا والــولــي حـسيــن يـعـمر جعـفـر والخـال
أحمي حسيناً ذا الندى المفضال

فتمكن من قتل بضعة رجال واستمر يقاتل خصومه إلى أن تمكن منه زيد بن رقاد الجهني وقتله. ثم توجه بعده
عثمان بن علي: بعدما رأى عثمان استشهاد أخويه ذهب إلى الإمام الحسين (عليه السلام) وطلب منه الإذن وما أن حصل عليه حتى توجه إلى ساحة الميدان وكله عزيمةً وهو يرتجز ويقول:
إن أنا عثمان ذو المفاخر شيخي علي ذو الفعال الطاهر


العباس بن علي- جهاد وتضحية 17

هذا حسين سيد الأخاير وسيد الصغار والأكابر

فشد على الأعداء وتمكن من قتل المزيد منهم وظل مشتبك معهم الى أن رماه خولي بن يزيد بسهم فقتله.
وهكذا نال أشقاء العباس (عليه السلام) الشهادة بعد أن طلب منهم أن يتقدموا إلى ساحة الحرب دفاعاً عن أخيهم الإمام الحسين (عليه السلام) فكانوا من السباقين لنيل شرف الشهادة وكانو بحق المثل الأعلى في التضحية والفداء من أجل العقيدة والحق.
فهنيئاً لسيدتنا أم البنين (عليها السلام) على هذه المواساة التي واست بها الإمام الحسين (عليه السلام) وبهذا تكون السيدة أم البنين مثال مالرأة الصالحة الوفية للقيم العريقة والمرأة الصابرة المضحية في سبيل الإسلام ومبادئه.
هذا وقد جاء في كتب التاريخ بان السيدة أم البنين (عليها السلام) قد قالت هذه الأبيات بعد أن جاءها خبر استشهاد أولادها الأربعة:
لاتدعوني ويك أم البنين تذكريني بليوث العرين
كانت بنون لي ادعى بــهم واليوم أصبحت ولا من بنين
أربعة مثل نسور الربى قد واصلوا الموت بقطع الوتين
تنازع الخرصان أشلاءهم فكلهم أمسى صريعاً طعين
يا ليت شعري كما أخبروا بأن عباساً قطيع اليمين (1)


(1)أم البنين. سيرة العرب/ مهدي السويج، أم البنين. رمز التضحية والفداء/ عبد الأمير الأنصاري، مقاتل الطالبين/ لأبي الفرج الأصفهاني.ص82، تأريخ الطبري،ج6/ص257، أم البنين. سلمان هادي طعمة، رجال حول الحسين (عليه السلام) ، ص120 . 121، الكافي في التأريخ،ج3/ص294، تنقيح المقال،ج2/ص215، القياس/ للقرشي، ص28، زينب الكبرى،ص88، أنصار الحسين، لمحمد مهدي شمس الدين، الإرشاد، ص269، نور العين في أنصار الحسين، ص120، مقتل أبي مخنف، ص50.48، هذا الحسين، ص116.112 ، حياة الإمام الحسين/ للقرشي، ج3/ص262.
العباس بن علي- جهاد وتضحية 18




العباس بن علي- جهاد وتضحية 19

ولادة العباس (عليه السلام)

ولد العباس (عليه السلام) في الرابع من شعبان سنة واحد وعشرين للهجرة واستشهد يوم العاشر من محرم الحرام سنة 61 للهجرة وبذلك يكون عمره عندما نال شرف الشهادة تسعة وثلاثين سنة.
لما أبلغ الإمام علي (عليه السلام) بولادة العباس (عليه السلام) سُرَّ كثيراً وأشرف على تربيته ورعايته الى أن قويّ عودهُ.
عندما اكتملت رجولته أبلغه الإمام علي (عليه السلام) ما كان قد سمعه من الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) بأن ولده الحسين (عليه السلام) سَيُقتَل في أرض كربلاء وأنّه أي الإمام علي (عليه السلام) يريده أن يكونََ عوناً لأخيه الحسين فما كان من العباس (عليه السلام) إلا أن يهمَّ بتقبيل يد أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) ويقول له بصوت هادئ (سأكون نعم الأخ المواسي لأخيه يا أبتاه) وفعلاً كانت المواساة وأية مواساة فقد كان العباس (عليه السلام) يهرول لنيل الشهادة دفاعاً عن أخيه الحسين (عليه السلام) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام) مستشراً لأنه لا يهاب الموت بل يريد أن يذود عن أخيه الحسين (عليه السلام) وعياله متبعا وصية ابيه امير المؤمنين ( عليه السلام ) بالدفاع عن سيد الشهداء ونيل الشهادة حتى بلوغ الدرجة العليا عند الباري عز وجل وبهذا ذهب العباس (عليه السلام) مضرجاً بدمائه الزكية دفاعاً عن المثل العليا ودفاعاً عن مبادئ الثورة الحسينية الخالدة تلك

العباس بن علي- جهاد وتضحية 20

الثورة التي أرسلت أُسس النضال والكفاح لمن يريد ان يثور على الظلم وعلى الحكام الظالمين الذي سلبوا حقوق الإنسان وأساؤوا إلى المحرومين في الأرض. فألف تحية إلى ذلك المجاهد الكبير الذي نمت مَعه روح الأصالة وروح التضحية من أجل نصرة الحق ودحض الباطل منذُ أن رضع ذلك الحليب الصافي النقي المطعّم بروح الإيمان والممزوج بالأخلاق الفاضلة لتلك الأسرة الكريمة أسرة آل البيت التي أعزها الله وأكرمها. (1)

(1) عمدة الطالب، ص356،تأريخ مرقد الحسين والعباس، ص241، أنيس الشيعة،ص29، الأنوار النعمانية، ص124، العباس/ للقرشي،ص33.
العباس بن علي- جهاد وتضحية 21

شخصية العباس (عليه السلام)

كانَ العباس بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) أكبر إخوته وعندما شبَ (عليه السلام) وأصبح يافعاً كان ملازماً لأبيه يحضر مجالسه، يسمع خطبه الرائعة وينفذ توجيهاته السديدة، فأخذ منه العلم الوفير والشجاعة الفائقة والكرم والجود الذي اتصف به والده العظيم.
وظل العباس بن علي (عليهما السلام) ملازماً لأبيه فأخذ منه كل الصفات والخصال الحميدة التي أنعم بها الباري عز وجل على هذا الرجل الفذ الذي وصفه الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) بالقرآن الناطق فكان أهل لذلك وهكذا اجتمعت في هذا الشاب الثائر وهذا البطل الشجاع مزايا الكمال والوفاء والتضحية من أجل المبادئ السامية ومن أجل ترجمة المبادئ الحقيقية لديننا الإسلامي الذي جاء من أجل إسعاد البشرية جمعاء.
وبهذا يكون العباس بن علي (عليهما السلام) قد اتصف بكل الصفات الفاضلة من مروءة وعطف وحنان ونبلِ وحميَّة وظلت هذه الصفات تنمو معه وتتسع حتى عُدَّ أحد أصحاب البلاغة والعلم في تلك الفترة أما قوته البدنية فإنها كانت خارقة جسداً حيثُ يروي العديد من المؤرخين بأن العباس (عليه السلام) كان طويل القامة شديد الساعدين جميل الشكل لا يهاب الأعداء صاحب المهمات الصعبة ومواقفه البطولية التي سنتحدث عنها تثبت ذلك وقد وصفه أبو الفرج الأصفهاني في كتابه (مقاتل الطالبين) قائلاً:

العباس بن علي- جهاد وتضحية 22

(كان العباس رجلاً وسيماً جميلاً يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان الأرض، وكان يقال له قمر بني هاشم، وكان لواء الإمام الحسين معه يوم قتل).
هكذا كان العباس (عليه السلام) يتمتع بمزايا نادرة قلما تتوفر في الرجال وهنا يمكننا القول بأن هذه المواصفات التي اتصف بها العباس (عليه السلام) لم تكن غريبةَ عن أسرته الكريمة الفاضلة فلو تصفحنا المزايا التي كان يتصف بها جدّه أبو طالب حامي حمى الإسلام لأصبحت لدينا قناعة تامة بأن الابن على سرّ أبيه كما يقول المثل فأبو طالب معروف بدهائه وشخصيته الرائعة التي تهابها وتحترمها كل قبائل الجزيرة العربية.
أما والده الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فهو غنيّ عن التعريف فإنه أعظم شخصية في الإسلام بعد الرسول محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) دون نقاش باعتراف أصحاب الرسول رضوان الله عليهم جميعاً.
أما الحديث عن شخصية شقيقيه الإمامين السبطين الحسن والحسين (عليهما السلام) فما قاله فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكفي ولا يحتاج إلى إيضاح.
فرجل ابن هذه الأسرة الفالة كيف يكون إذن الجواب واضح ومعلوم ولا يحتاج الى شرح وتفصيل ومجمل هذا الجواب هو أن هذا الرجل سيكون انساناً فاضلاً، بليغاً، شجاعاً، تقياً، ورعاً ، زاهداً، حاملاً كلّ معاني الرجولة، وبهذا تكون شخصية العباس بن أمير المؤمنين شخصية نادرة يشار اليها بالبنان وموضع احترام وتقدير. (1)

(1) المجالس السنّية، مجلد1، ص112، مقاتل الطالبيين، ص17 مرقد الحسين والعباس، ص242، عظماء الإسلام/ ص20 ، بطل العلقمي، ج2، ص90.
العباس بن علي- جهاد وتضحية 23

إخوة العباس (عليه السلام)

تذكر كتب التاريخ التي تناولت سيرة العباس بن علي (عليه السلام) أن له أخوة وأخوات كثيرون نذكرهم هنا:
1- الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
2- الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
3- زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وهي زينب الكبرى وزوجها عبد الله بن جعفر الطيار.
4- أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وهي أم كلثوم الكبرى وزوجها عمر بن الخطاب.
5- المحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وهو الجنين الذي أسقطته الزهراء(ع) هؤلاء هم أبناء السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام).
6- محمد بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الملقب بـ-(ابن الحنفية) وأمه خولة بنت جعفر.
7- عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو عمر الأكبر.
8- رقية بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهي رقية الكبرى زوجها مسلم بن عقيل (عليه السلام). وأمهما الصهباء أم حبيب بنت ربيعة وهي من بني تغلب وعمر ورقية توأم.
9- العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

العباس بن علي- جهاد وتضحية 24

10- عثمان بن علي بن أبي طالب (عليه السلام).
11- عبد الله بن علي بن أبي طالب (عليه السلام).
12 - جعفر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام).
13- يحيى بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأمه أسماء بنت عميس.
14- محمد بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو محمد الأصغر وأمه أم ولد.
15- أم الحسين بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وزوجها جعدة بن هبيرة المخزومي.
16- رملة بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهي رملة الكبرى وأمها أم سعيد بنت عروة الثقفي.
17- زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهي زينب الصغرى وزوجها محمد بن عقيل بن أبي طالب (عليه السلام) .
18- أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهي أم كلثوم الصغرى.
19- رقية بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهي رقية الصغرى.
20- أم هاني بنت علي بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وزوجها عبد الله الأكبر ابن عقيل بن أبي طالب (عليه السلام).
21- أم الكرام بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام).
22- أم جعفر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وتسمى أم جمانة.
23- أم سلمة بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام).

العباس بن علي- جهاد وتضحية 25

24- ميمونة بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام).
25- خديجة بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وزوجها عبد الرحمان بن عقيل.
26- فاطمة بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وزوجها سعيد بن الأسود الحرثي.
27- إمامة بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وزوجها الصلت بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب.
28- أبو بكر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أمه ليلى بنت مسعود.
29- عون بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أمه أسماء بنت عميس.
30- محمد بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو محمد الأوسط وأمه بنت أبي العاص.
31- رملة بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهي رملة الصغرى.
32- نفيسة بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام).
هؤلاء هم إخوة وأخوات العباس (عليه السلام) وقد ولدوا من نساء عديدات هنَّ نساء الإمام علي (عليه السلام) فمنهم من يقول إن عددهن كان خمسة نساء ومنهم من يقول إن عددهن ستة وآخر يقول إن عددهن سبعة، وقيل ثمانية فالروايات متعددة ومختلفة. (1)

مروج الذهب، ج3/ ص 63، الكامل في التاريخ، ج3 / ص199 .200، بطلة كربلاء/ ص32، لمحات من سيرة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)/ ص17، تاريخ مرقد الحسين (عليه السلام) والعباس (عليه السلام) / ص251.253، المجالس السنية، ج /ص ، نور الأبصار/ ص128 .

الفهرس التالي التالي