أدب الطف ـ الجزء الثاني 150


ودبّ ودرج من وكرها ، ورضع أفاويق درّها وورثها عن آبائه وهو أول من لقب بالصاحب من الوزراء لأنه كان يصحب أبا الفضل ابن العميد ، فقيل له : صاحب ابن العميد ، ثم اطلق عليه هذا اللقب لما تولى الوزارة ، وبقي علماً عليه .
ومن شعره في رقة الخمر :
رقّ الزجاج وراقت الخمر‌‏‎ فتشابها وتشاكل الأمر
فكـأنما خمـرٌ ولا قـدح وكأنما قـدح ولا خمر

وله يرثي كثير بن أحمد الوزير ، وكنيته ابو علي :
يقولون لي أودى كثير بن أحمد‌‏‎ وذلك رزء في الأنام جليل
فقلت دعوني والعُـلا نبكه معاً فمثل كثير في الرجال قليل

وقوله :
وقائلة لِـم عرتك الهموم‌‏‎ وأمرك ممتثل في الأمم
فقلت دعيني على حيرتي فإن الهـموم بقدر الهمم

والصاحب مجيد في شعره كما هو بارع في نثره ، وقلّما يكون الكاتب جيد الشعر ولكن الصاحب جمع بينهما . ومن قوله في منجم
خوّفني منـجم أخـو خـبل‌‏‎ تراجع المريخ في برج الحمل
‍‍‌‏‎فقلت دعني من أباطيل الحيل فالمشتري عندي سواء وزحل
ودفع عني كل آفات الـدول بخالقي ورازقي عـز وجـل

وذكر صاحب البغية أنه كان في الصغر إذا أراد المضي الى المسجد ليقرأ تعطيه والدته دينارا في كل يوم ودرهما وتقول له : تصدّق بهذا على أول فقير تلقاه ، فكان هذا دأبه في شبابه الى أن كبر وصار يقول للفرّاش كل ليلة :

أدب الطف ـ الجزء الثاني 151


اطرح تحت المطرح ديناراً ودرهماً ، لئلا ينساه ، فبقي على هذا مدة . ثم أن الفرّاش نسي ليلة من الليالي ان يطرح له الدرهم والدينار . فانتبه وصلى وقلب المطرح ليأخذ الدرهم والدينار ففقدهما فتطيّر من ذلك ، فقال للفراشين : خذوا كل ما هنا من الفراش وأعطوه لأول فقير تلقونه ، فخرجوا وإذا بهاشمي أعمى تقوده زوجته ، فقالوا هلمّ لتأخذ مطرح ديباج ومخاد ديباج ، فأغمي عليه . فأعلموا الصاحب بأمره ، فأحضره ورشّ عليه الماء ، فلما أفاق سأله عن أمره ، فقال : سلوا هذه المرأة إن لم تصدقوني ، فقالوا له : اشرح فقال : انا رجل شريف لي ابنة من هذه المرأة خطبها رجل فزوجناه ، ولي سنتين آخذ ما يفضل عن قوتنا واشتري جهازا لها فقالت أمها : اشتهيت لها مطرح ديباج ، فقلت لها : من أين لي ذلك . وجرى بيني وبينها نزاع حتى خرجت على وجهي . فلما قال لي هؤلاء هذا الكلام حقّ لي أن يغمى عليّ . فقال الصاحب لا يكون الديباج إلا مع ما يليق به ، ثم اشترى له جهازا ثمينا واحضر الزوج ودفع له بضاعة سنية ليعمل ويربح .

أدب الطف ـ الجزء الثاني 152


محمد بن هاشم الخالدي


‍‍‌‏‎أظلـم في كـربلاء يـومـهم ثم تجلـى وهـم ذبـائحه
‍‍‌‏‎لا بـرح الغـيث كـل شارقة تخمي غواديـه أو روائحه
‍‍‌‏‎على ثرى حلّه غريب رسـول الله مـجروحة جـوارحـه
‍‍‌‏‎ذلّ حمــاه وقــلّ ناصـره ونال أقصى مناه كاشـحه
‍‍‌‏‎يا شـيع الغي والضـلال ومَن كلّهم جـمـة فضـائـحه
‍‍‌‏‎عفرتـم بـالثـرى جبين فـتى جبريل بعد الرسول ماسحه
‍‍‌‏‎يُطّل مـا بيـنكم دم ابن رسول الله وابن السفـاح سافـحه
سـيـان عـند الإله كـلـّكـم خاذلـه منكـم وذابـحه(1)


(1) رواها السيد الامين في الاعيان عن يتيمة الدهر للثعالبي ص 170 أقول وقد تقدمت هذه الأبيات في ترجمة كشاجم من جملة قصيدة ، والشاعران في عصر واحد . وربما نظم أحدهما قطعة وجاراه الآخر فنظم على القافية فكانتا قصيدة واحدة .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 153


أبو بكر محمد بن هاشم بن وعلة الخالدي الكبير أحد الخالديين والآخر اخوه ابو عثمان سعيد .



توفي حدود 386 في حلب .
والخالدي نسبة الى الخالدية من قرى الموصل ، له ديوان المراثي وشارك أخاه الخالدي الصغير أبا عثمان سعيد في ديوانه وقيل انه شاركه في كتاب الحماسة .
ومدح الخالديان الشريف أبا الحسن محمد بن عمر العلوي الزبيدي فابطأت عنهما جائزته فأرسلا اليه قصيدة ـ وكان قد أراد السفر :
‍‍‌‏‎قـل للشريف المستجار به اذا عــدم الـمـطـر
‍‍‌‏‎وابن الأئمة مـن قـريش والـميامـيـن الغـرر
‍‍‌‏‎أقسمـت بـالرحمـن و النعم الـمضاعف والوتر
‍‍‌‏‎لئن الشريف مضى ولـم ينعـم لعبديـه الـنظـر
‍‍‌‏‎لنشاركـن بـني أمـيـة في الضلال المشتهــر
‍‍‌‏‎ونقول لـم يـغصب أبو بكـر ولـم يظلم عـمر
‍‍‌‏‎ونـرى معـاويـة إماما مَـن يـخالـفـه كفـر
‍‍‌‏‎ونقـول إن يـزيـد مـا قـتل الحسيـن ولا أمر
‍‍‌‏‎ونعـد طلـحة والزبـير مـن الميامـين الـغرر
ويكون في عنق الشريف دخـول عـبديه سقـر


أدب الطف ـ الجزء الثاني 154


فضحك الشريف لهما وأنجز جائزتهما .
ومن شعره ما رواه النويري في نهاية الأرب :
ان خانك الدهر فكن عائذاً‌‏‎ بالبيد والظلماء والعيس
ولا تكن عبد المنى فالمُنى رؤس أموال المفالـيس

وقال أيضا :
وأخٍ رخصتُ عليه حتى ملّني والشيء مملول اذا ما يرخصُ
ما في زمانك ما يعزّ وجـوده إن رمـته إلا صديق مخلص


أدب الطف ـ الجزء الثاني 155


الحسين بن الحجّاج


‍‍‌‏‎أبا حوا دم المقتول بالطف بعدما سقوه كؤس الموت بالبيض والاسل
‍‍‌‏‎وتالله ما أنسـاه بالـطف صائلا كما الليث في سرب النعاج اذا حمل
‍‍‌‏‎يُنهنه عـنه القوم يُمنـاً ويسرة ويصبر للحرب الشـنيع اذا اشـتعل
‍‍‌‏‎فلهفي لـمن كـان النبي قلوصه فيا خير محمول ويا خير مَن حـمل
‍‍‌‏‎يقبّل فـاه مـرةً بـعـد مـرّة وينكتـه أهـل الـبدائـع والـزلل

والقصيدة تربو على الستين بيتا . جاء في أولها :
‍‍‌‏‎دع المرهـفات البيض والطعن بالاسل وسل عن دمي في مذهب الحب لِم يحِل
‍‍‌‏‎فمـا للصفـاح المشرفيـات والـقنـا فعـال كفـعل الاعين النـجل والمـقل
‍‍‌‏‎فـما البيض إلا البيض يلمعن كالـدُما ويشـرقن كالاقمـار فـي حـلل الحلل
فخلّ حديث الطعن والضرب في الوغا فـمـا لك فيـها نـاقـة لا ولا جمل(1)


(1) عن المجموع الرائق المخطوط للسيد احمد العطار ص 207 .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 156


الحسين بن الحجاج المتوفي سنة 391 :



ابو عبد الله الحسين بن احمد بن الحجاج النيلي البغدادي الامامي الكاتب الفاضل من شعراء أهل البيت ، كان فرد زمانه في وقته . يقال انه في الشعر في درجة امرئ القيس وانه لم يكن بينهما مثلهما . كان معاصرا للسيدين وله ديوان شعر كبير عدة مجلدات ، وجمع الشريف الرضي رحمه الله المختار من شعره سماه (الحسن من شعر الحسين) وكان ذلك في حياة ابن الحجاج ، وفي أمل الآمل للحر العاملي قال : كان إمامي المذهب ويظهر من شعره أنه من اولاد الحجاج بن يوسف الثقفي وعدّه ابن خلكان وابو الفداء من كبّار الشيعة ، والحموي في معجم الأدباء يقول : من كبار شعراء الشيعة ، وآخر من فحول الكتّاب ، فالشعر كان أحد فنونه كما أن الكتابة إحدى محاسنه الجمّة وعدّه صاحب رياض العلماء من كبراء العلماء وكان ذا منصب خطير وهو توليه الحسبة ببغداد ـ والحسبة هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الناس كافّة ولا تكون إلا لوجيه البلد ولا يكون غير الحر العدل والمعروف بالرأي والصراحة الخشونة بذات الله ومعروفا بالديانة موصوفا بالصيانة بعيدا عن التهم ، وشاعرنا ابن الحجاج قد تولاها مرة بعد أخرى ، قالوا إنه تولى الحسبة مرتين ببغداد ، مرة على عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله ، واخرى أقامه عليها عز الدولة في وزارة ابن بقيّة الذي استوزره عز الدولة سنة 362 وتوفي سنة 367 والغالب على شعره الهزل والمجون ، وكان ذا استرسل فيهما فلا يجعجع به حضور ملك أو هيبة أمير ، كما أن جلّ شعره يعرب عن ولائه الخالص لأهل البيت والوقيعة في مناوئيهم .

ومن شعره قصيدته الغراء التي أنشدها في حرم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وأولها :
يا صاحب القـبّة البيضا على النجف‌‏‎ مَن زار قبرك واستشفي لديك شُفي
زوروا أبا الحـسن الـهادي لـعلكم تحظون بالأجر والأقبال والزلـف


أدب الطف ـ الجزء الثاني 157


‍‍‌‏‎زوروا لمن تسمع النجـوى لديه فمن يزره بـالقبر ملـهوفا لديـه كُفي
‍‍‌‏‎إذا وصـلت فـأحـرم قبـل تدخله ملبيـا واسع سعيا حـوله وطـُف
‍‍‌‏‎حتى إذا طــفت سبعا حول قـبته تـأمـّل الباب تِلقا وجـهه فقـف
‍‍‌‏‎وقل : سلام مـن الله السـلام على أهل السلام وأهـل العلم والـشرف
‍‍‌‏‎إني أتيـتك يا مــولاي مـن بلدي مستمسكا مـن حبال الحق بالطرف
‍‍‌‏‎راج بأنك يـا مـولاي تــشفع لي وتسقني مـن رحيـق شافي اللهف
‍‍‌‏‎لأنك الـعروة الــوثقى فمن علقت بهـا يـداه فلن يشقـى ولـم يخَف
‍‍‌‏‎وإن أسماءك الـحسنى إذا تـليـت على مريض شفي من سقـمه الدنف
‍‍‌‏‎لأن شـأنك شـأن غــير منتقص وإن نورك نـور غـيـر منكسـف
‍‍‌‏‎وإنك الآيـة الكبـرى التي ظهرت للعارفين بـأنـواع مـن الـطرف
‍‍‌‏‎هذي ملائكـة الـرحمـن دائمــة يهبطـن نحـوك بالألطاف والتحف
‍‍‌‏‎كالسطل والجـام والمنديـل جاء به جبريـل لا أحـد فـيه بـمختلـف
‍‍‌‏‎كان النبي إذا استـكفاك معــضلة من الامور وقـد أعيـت لـديه كُفي
‍‍‌‏‎وقصّة الطائر المشـويّ عـن أنسٍ تخبر بما نصّه المختار مـن شرف
‍‍‌‏‎والحب والقضب والزيتون حين أتوا تكرّماً من إله الـعرش ذي اللـطف
‍‍‌‏‎والخيل راكعـة في الــنقع ساجدة والمشرفيات قد ضجّت على الحجف
‍‍‌‏‎بعثـت أغـصان بانٍ في جمـوعهم فـأصبحوا كـرمادٍ غـير منـتسف
‍‍‌‏‎لو شئت مسخـهم في دورهم مسخوا أو شئت قلت لهم : يا أرض انخسفي
‍‍‌‏‎والموت طـوعك والأرواح تـملكها وقـد حكمت فلـم تظلم ولم تـجـف
‍‍‌‏‎لا قـدّس الله قومــا قـال قائلهم : بخ بخ لك مـن فضـل ومن شـرف
‍‍‌‏‎وبايـعـوك «بـخمٍّ» ثـم أكـّدهـا «محمد» بمقال مـنه غـير خـفـي
عاقوك واطـرّحوا قـول النبي ولم يمنعهم قـوله : هـذا أخـي خلَـفي
هذا وليكم بـعدي فمـن عـلقــت بـه يداه فلن يـخشى ولـم يخــف

قال الشيخ الأميني سلمه الله ان السلطان عضد الدولة بن بويه لما بنى سور المشهد الشريف ودخل الحضرة الشريفة وقبّل اعتابها واحسن الأدب فوقف

أدب الطف ـ الجزء الثاني 158


ابو عبد الله الحسين بن الحجاج بين يديه وأنشد هذه القصيدة فلما وصل منها الى الهجاء أغلظ له الشريف سيدنا المرتضى ونهاه أن ينشد ذلك في باب حضرة الإمام عليه السلام فقطع عليه فانقطع فلمّا جنّ عليه الليل رأى إبن الحجّاج الإمام عليّا عليه السلام في المنام وهو يقول : لا ينكسر خاطرك فقد بعثتا المرتضى علم الهدى يعتذر إليك فلا تخرج إليه حتى يأتيك ، ثم رأى الشريف المرتضى في تلك الليلة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة صلوات الله عليهم حوله جلوس فوقف بين أيديهم وسلم عليهم فحس منهم عدم إقبالهم عليه فعظم ذلك عنده وكبر لديه فقال : يا مواليّ أنا عبدكم وولدكم ومواليكم فبمَ استحققت هذا منكم ؟ فقالوا : بما كسرت خاطر شاعرنا أبي عبد الله إبن الحجاج فعليك أن تمضي إليه وتدخل عليه وتعتذر إليه وتأخذه وتمضي به إلى مسعود بن بابويه وتعرّفه عنايتنا فيه وشفقتنا عليه ، فقام السيد من ساعته ومضى إلى أبي عبد الله فقرع عليه الباب فقال إبن الحجاج : سيدي الذي بعثك إليّ أمرني أن لا أخرج إليك ؛ وقال : إنه سيأتيك ، فقال : نعم سمعاً وطاعة لهم . ودخل عليه واعتذر إليه ومضى به الى السلطان وقصا القصّة عليه كما رأياه فأكرمه وأنعم عليه وخصّه بالرتب الجليلة وأمر بأنشاد قصيدته .
وله من قصيدة ردّ بها على قصيدة ابن سكرة محمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي البغدادي من ولد علي بن المهدي العباسي وقد تحامل بها على آل رسول الله (ص) فقال ابن الحجاج في الرد عليه .
لا أكذب الله إن الصدق ينجيني يد الامير بحمد الله تحييني

الى ان قال :
فما وجدت شفاءً تستفيد بـه‌‏‎ إلا ابتغاءك تهجو آل ياسيـن
‍‍‌‏‎كافاك ربك إذ أجرتك قدرته بسبّ أهل العلا الغر الميامين
فقر وكفر هميع أنت بينهما حتى الممات بلا دنيا ولا دين


أدب الطف ـ الجزء الثاني 159


‍‍‌‏‎فكان قـولك فـي الـزهراء فاطمه قول امرئ لهج بالنـصب مـفتون
‍‍‌‏‎عيّرتهـا بالـرحا والـزاد تطحـنه لا زال زادك حبّـاً غـير مطحون
‍‍‌‏‎وقـلت : إن رسـول الله زوّجـها مسكيـنة بنـت مسكيـن لمسكين
‍‍‌‏‎كذبت يابن التي باب إستها سلس الأ غـلاق بالليل مفكـوك الزرافيـن
‍‍‌‏‎ستّ النساء غداً في الحشر يخـدمها أهـل الجنان بحور الخـرّد العين
‍‍‌‏‎فقلت : إن أميـر الـمؤمنين بـغى علـى معاويـة فـي يـوم صفين
‍‍‌‏‎وإن قـتل الحسين السـبط قـام به في الله عـزمٌ إمام غير مـوهـون
‍‍‌‏‎فلا ابـن مرجانـة فـيه بمحتقـب إثـمَ المسـيء ولا شمرٌ بـملعون
‍‍‌‏‎وإن أجر ابن سعـدٍ فيـه استباحته آل النبـوة أجـر غـير ممنـون
‍‍‌‏‎هـذا وعـدت الـى عثمان تندبـه بكـل شعر ضـعيف اللفظ ملحون
‍‍‌‏‎فصرت بالطعن من هذا الطريق الى مـا ليس يخفى على البُله لمجانين
‍‍‌‏‎وقلت : أفضل من يوم «الغدير» إذا صـحّـت روايـته يـوم الشعانين
‍‍‌‏‎ويـوم عيدك عـاشورا تعـدّ لـه ما يستـعد النــصارى للـقرابين
‍‍‌‏‎تأتي بـيوتكم فيـه الـعجوز وهل ذكر العجـوزو سوى وحي الشياطين
‍‍‌‏‎عـانـدت ربـك مغـتراً بنـقمته وبـأس ربـك بـأسٌ غير مأمـون
‍‍‌‏‎فقال : كن أنت قرداً فـي استه ذنب وأمـر ربــك بين الكـاف والنون
‍‍‌‏‎وقال : كـن لي فتى تعـلو مراتبه عنـد الـملـوك وفي دور السلاطين
‍‍‌‏‎والله قـد مسخ الأدوار قبلـك فـي زمـان مـوسى وفـي أيـام هارون
بـدون ذنبك فالحق عندهـم بـهم ودع لحاقك بـي إن كـنـت تنويني

قلنا سابقا ان السيد الشريف الرضي قد جمع شعر ابن الحجاج ورتبه على الحروف فقال ابن الحجاج يشكر السيد ـ كما في الجزء الاخير من ديوانه ـ قوله :
أتعرف شعري الى مَن ضوي‏‎ فأضحـى علـى ملكه يحتوي
إلي الـبدر حسناً إلى سيـدي الشريف أبي الحسن الموسوي


أدب الطف ـ الجزء الثاني 160


‍‍‌‏‎الـى مــن أعــوذّه كـلّمـا تلقيـته بـالعـزيز الـقوي
‍‍‌‏‎فتىً كنتُ مسخاً بشعري السخيف وقـد ردّني فيه خلـقاً سوي
‍‍‌‏‎تـأملته وهـو طـوراً يـصحّ وطـوراً بصحّـته يـلتوي
‍‍‌‏‎فـميـّز مـعـوجـه والـردي فيـه مـن الجـيّد المستوي
‍‍‌‏‎وصحّـح أوزانه بـالـعروض وقرّر فيه حـروف الـروي
‍‍‌‏‎وأرشــده لطـريـق السـداد فأصلح شيطان شعري الغوي
‍‍‌‏‎وبيـّن مـوقع كـفّ الـصناع فـي نسج ديباجه الخسروي
‍‍‌‏‎فـأقـسم بـالله والشيـخ فـي اليمين على الحنث لا ينطوي
‍‍‌‏‎لـو أن زرادشـت أصغى لـه لأزرى على المنطق الفهلوي
‍‍‌‏‎وصـادف زرع كـلامي البليغ فيـه شديد الظمـا قـد ذوي
‍‍‌‏‎فما زال يسقـيه مـاء الطـرا ومـاء الـبشاشة حتى روي
‍‍‌‏‎فلا زال يحيـى وقـلب الحسود بالغيظ من سـيدي مكـتوي
لـه كبدٌ فـوق جـمر الـغضا على النـار مطروحه تشتوي

لم يختلف اثنان في تاريخ وفاته وانها في جمادي الآخرة سنة 391 بالنيل وهي بلدة على الفرات بين بغداد والكوفة وحمل الى مشهد الامام موسى الكاظم عليه السلام ودفن فيه ، وكان أوصى أن يدفن هناك بحذاء رجلي الامام (ع) ويُكتب على قبره (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) ورثاه الشريف الرضي بقصيدة توجد في ديوانه ومنها :
‍‍‌‏‎نعَوه عـلى حُسن ظـني به فلله مـاذا نعـى النـاعيان
‍‍‌‏‎رضـيع ولاءٍ لـه شـعبة من القلب مثل رضيع اللبان
‍‍‌‏‎وما كنتُ احسب أن الزمان يفلّ بـضارب ذاك اللـسان
ليـبكِ الزمان طويلا عليك فقد كـنتَ خفَة روح الزمان

وبرهن الشيخ الاميني أن الرجل عمّر عمراً طويلا تجاوز المائة سنة رحمه الله وأجزل ثوابه .

أدب الطف ـ الجزء الثاني 161


علي بن حماد العبدي

‍‍‌‏‎لله مـا صنــعت فـينا يـد البـينِ كم من حشاً أقرحت منا ومن عينِ
‍‍‌‏‎مـالـي وللبين ؟ لا أهـلاً بطلعـته كـم فرّق البين قـدمـاً بين إلفينِ ؟!
‍‍‌‏‎كانا كغصـنين فـي أصلٍ غـذاؤهما مـاء النعـيم وفـي التشبيه شكلين
‍‍‌‏‎كـأنّ روحيهمـا مـن حسن إلفهـما روح وقد قسّمـت مـا بين جسمين
‍‍‌‏‎لا عـذل بينهما في حفظ عـهدهمـا ولا يـزيلهـما لـوم الـعـذولـين
‍‍‌‏‎لا يطمع الدهر فـي تغيـير ودّهـما ولا يـميـلان مـن عهـدٍ إلى مَينِ
‍‍‌‏‎حـتى إذا أبصرت عيـن النوى بهما خِلّين فـي العـيش مـن هـم خليّين
‍‍‌‏‎رمـاهـما حـسدا مـنه بـداهـيـةٍ فأصبحـا بعد جـمع الـشمل ضدّين
‍‍‌‏‎في الشرق هذا وذا في الغـرب منتئياً مـشرّديـن عـلى بـُعـد شـجّيين
‍‍‌‏‎والـدهر أحسـد شـيء للقـريبـين يـرمـي وصـالهما بالـبعد والبين
‍‍‌‏‎لا تأمـن الدهـر إن الدهر ذو غـيرٍ وذو لسـانيـن فـي الدنيا ووجهين
‍‍‌‏‎أخنى على عتـرة الهادي فشـتّتـهم فمـا تـرى جامعا منهـم بشخصـين
‍‍‌‏‎كـأنّمـا الـدهر آلا أن يـبـدّدهـم كعـاتب ذي عـناد أو كـذي ديـن
‍‍‌‏‎بعض بطيبـة مـدفـون وبعضـهم بكـربـلاء وبـعـض بـالغريـّين
‍‍‌‏‎وأرض طـوس وسامرّا وقد ضمنت بـغـداد بـدرين حلا وسط قبـرين
يـا سادتي ألمـن أبكي أسىً ؟! ولمن أبـكي بحفنين مـن عيني قريـحين ؟!


أدب الطف ـ الجزء الثاني 162


‍‍‌‏‎أبكي على الحسن المسموم مضطهدا ؟! أم الحـسيـن لقى بيـن الخميسـين ؟
‍‍‌‏‎أبكي عليـه خضيب الشـيب من دمه معفّـر الـخـد محـزوز الـوريدين
‍‍‌‏‎وزينب فـي بنـات الــطهر لاطمة والدمـع فـي خدّها قـد خـدّ خدّين
‍‍‌‏‎تدعوه : يا واحــدا قـد كـنت أمله حتى استـبدّت بـه دونـي يد البـين
‍‍‌‏‎لاعشت بعدك مـا إن عشـت لانعمت روحي ولا طعمت طعم الكرا ، عيني
‍‍‌‏‎أنظر إليّ أخـي قبــل الفراق لـقد أذكـا فراقـك في قـلبي حـريقـين
‍‍‌‏‎أنظر الى فاطـم الصغرى أخي تَرها للـيُتم والسبي قـد خـصّت بـذلّـين
‍‍‌‏‎اذا دنت منك ظل الـرجس يـضربها فتـلتقي الـضرب منها بالذراعــين
‍‍‌‏‎وتستغيث وتـدعـو : عمّـتا تلـفت روحي لرزئين في قلـبي عظـيميـن
‍‍‌‏‎ضرب على الجسد البالي وفـي كبدي للثـكل ضرب فما اقـوى لضربـين
‍‍‌‏‎أنظر عـتليا أسيرا لا نـصيـر لـه قــد قيـّدوه علـى رغم بـقيـدين
‍‍‌‏‎وارحمتا يا أخي مـن بـعد فقدك بل وارحـمتا للأسـيرين الـيتــيـمين
‍‍‌‏‎والسبط في غمرات المـوت مُشتغل ببسط كفـّين أو تـقبـيض رجـليـن
‍‍‌‏‎لا زلـت أبكي دماً ينـهلّ مـنسجماً للـسيــّدين الـقتيلـين الشهيـديـن
‍‍‌‏‎ألسيّديـن الشــريفين اللذين هـما خير الورى مـن أب مـجد وجـدّين
‍‍‌‏‎ألضـارعـين الـى الله المـنيبيـن ألمـسرعيـن الـى الحـق الـشفيعين
‍‍‌‏‎ألعالمـيـن بذي العرش الحكيمـين ألــعادليـن ألحلـيمين الرشيـديـن
‍‍‌‏‎ألصابرين علـى الـبلوى الشكورين ألمـعرضين عـن الـدنـيا المـنيبين
‍‍‌‏‎ألشـاهدين على الخـلق الإمـامين ألصادقـين عـن الله الـوفـيـّيــن
‍‍‌‏‎ألعابديـن التـقيــّين الـزكيـّين ألمؤمنين الشـجاعيــن الـجريّــين
‍‍‌‏‎ألحجّتين عـلى الخلق الأميـريـن ألطيّبين الـطهـوريـن الـزكيـــّين
‍‍‌‏‎نورين كانا قديما فـي الظلال كما قــال النبـي لـعرش الله قـرطيـن
‍‍‌‏‎تفّاحتي احمد الهادي وقـد جـعل لفـاطـم وعلـيّ الـطهـر نسـليـن
‍‍‌‏‎صلى الإله على روحـيهما وسـقا قبريـهـما ابـداً نـوء الـسمـاكـين


أدب الطف ـ الجزء الثاني 163


الى ان يقول فيها :
ما لابن حمّادٍ العبديّ من عمل‌‏‎ إلا تمـسّكه بالمــيم والـعين
فـالمـيم غاية آمالي محمّدها والعين أعني عـليّا قـرة العين
صلى الإله عليهم كلما طلعت شمس وما غربت عند العشائين(1)

ولأبن حماد :
‍‍‌‏‎حـيّ قـبرا بـكربلا مُستنيـرا ضمّ كنز التقى وعلـما خطيرا
‍‍‌‏‎وأقـم مـأتـم الشـهيد وأذرف منك دمعا في الوجنتين غزيرا
‍‍‌‏‎والتثـم تـربة الحسين بـشجوٍ وأطـل بعـد لثمك التـعفيرا
‍‍‌‏‎ثم قل : يا ضريح مولاي سُقيّـ ـت من الغيث هاميا جمهريرا
‍‍‌‏‎تـِه على ساير القبور فقد أصـ ـبحت بـالتيه والفخار جديرا
‍‍‌‏‎فـيك ريـحانة النبي ومـن حل مـن المصطفى محـلا أثـيرا
‍‍‌‏‎فـيك يـا قبر كل حلـم وعلـم وحـقيق بـأن تكون فخـورا
‍‍‌‏‎فيـك مَن هدّ قتله عمـد الـدين وقـد كـان بالهـدى معـمورا
‍‍‌‏‎فيك مـن كان جبـرئيل يُناغـيه ومـيكال بالـحباء صغــيرا
‍‍‌‏‎فيك مَـن لاذ فطـرس فتـرقّى بجناحي رضى وكان حـسيرا
‍‍‌‏‎يوم سارت له جـيوش ابـن هند لذحول أمست تحـل الصدورا
‍‍‌‏‎آه واحـسرتي لـه وهو بالسيف نحـير أفـديت ذاك النحـيرا
‍‍‌‏‎آه إذ ظل طرفه يرمـق الفسطاط خـوفا علـى النساء غيـورا
‍‍‌‏‎آه إذ أقبل الجواد عـلى النسوان ينعاه بـالصهــيل عـفيـرا
‍‍‌‏‎فتـبادرون بـالعويل وهتـّكـن الأقراط بـارزات الـشـعورا
‍‍‌‏‎وتبـادرن مسرعـات من الحذر ومن قـبلُ مُسبلات السـتورا
ولطمن الخدود مـن ألـم الثـكل وغـادرن بـالنياح الخـدورا


(1) عن شعراء الغدير ج 4 ص 162 .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 164


‍‍‌‏‎وبـدا صوتهـنّ بيـن عـداهـنّ وعـفـن الحـجاب والـتـخفيرا
‍‍‌‏‎بارزات الوجوه مـن بعدما غودرن صــون الـوجـوه والتــخفيرا
‍‍‌‏‎ثـم لـمّـا رأيـن رأس حسـيـن فـوق رمح حكى الهـلال الـمنيرا
‍‍‌‏‎صحن بالـذل أيها الناس لـِم نُسبى ولـم نـأت فـي الأنـام نكــيرا ؟!
‍‍‌‏‎مـالنا لا نـرى لآل رســول الله فـيكـم يـا هــؤلاء نـصيـرا ؟!
‍‍‌‏‎فعلى ظـالـميـهـم سخــط الله ولعن يـبقى ويـفنـى الــدهورا
‍‍‌‏‎قـل لمـن لام فـي ودادي بــني أحمد : لا زلت في لظى مـدحورا
‍‍‌‏‎أعلى حب معـشـر أنت قـد كنتَ عـذولاً ولا تــكون عـذيــرا
وأبـوهم أقـامـه الله فـي «خُـم» إمــامــاً وهـاديـاً وأميــرا
‍‍‌‏‎حين قـد بـايـعـوه أمـراً عـن الله فـسائل دوحاتـه والـغـديرا
‍‍‌‏‎وأبـوهـم أفـضـى النبي إلــيه علـم ما كـان أولاً وأخـيــرا
‍‍‌‏‎وأبوهـم عـلا على الـعرش لمـّا قـد رقى كاهـل النبي ظــهيرا
‍‍‌‏‎وأماط الأصنام كـلاً عـن الكـعبة لـمـّا هــوى بـهـا تكسيـرا
‍‍‌‏‎قال : لو شئت ألمس النجم بـالكف إذن كنـت عنـد ذاك قــديـرا
‍‍‌‏‎وأبـوهـم ردّت له الشمس بـيضاً وهـي كادت لوقتهـا أن تـغورا
‍‍‌‏‎وقـضى فـرضـه أداءً وعــادت لـغروب وكـوّرت تـكــويرا
‍‍‌‏‎وأبوهم يروي على الحـوض مَن وا لاهـم ويردّ عـنـه الكــفورا
‍‍‌‏‎وأبـوهـم يقاسم الـنار والـجنـة فـي الحشر عـادلا لـن يجورا
‍‍‌‏‎فـإذا اشتاقـت الـملائـك زارتـه فنـاهـيـك زايـرا ومــزورا
‍‍‌‏‎وأبوهـم قـال النبـي لــه قـولاً بـليغـاً مـكـرّرا تـكـريـرا
‍‍‌‏‎أنت خـدنـي وصاحبي ووزيـري بعد موتي أكـرم بـذاك وزيـرا
‍‍‌‏‎أنـت مني كمثل هرون مـن موسى لــم اكـن ابتغي سواه ظهـيرا
‍‍‌‏‎وأبـوهـم أودى بعـمـرو بـن ودّ حين لاقـاه فـي العجاج أسـيرا
‍‍‌‏‎وأبـوهـم لـبابِ خيـبر أضـحى قـالعـا ليس عـاجزا بل جسورا
‍‍‌‏‎حـامـل الراية التي ردّهـا بالأمس مَن لــم يـزل جبـانا فـرورا


أدب الطف ـ الجزء الثاني 165


‍‍‌‏‎خصـّه ذو العلا بفاطمـة عـرساً وأعـطـاه شبـرا وشـبيـرا
‍‍‌‏‎وهـم باب ذي الجلال علـى آدم فارتــد ذنـبه مـغفـــورا
‍‍‌‏‎وبهـم قـامـت السماء ولـولاهم لكـادت بأهـلهـا أن تـمورا
‍‍‌‏‎وبهـم باهـل النبي فـقـل لـي ألهم فـي الورى عرفت نظيرا ؟!
‍‍‌‏‎فـيهـم أنـزل المهيمن قـرآنـا عظـيمـا وذاك جـمّا خطيرا
‍‍‌‏‎في الطواسين والحواميم والرحمن آيـا مـا كان في الذكر زورا
‍‍‌‏‎وخــلقـناه نطـفـة نبـتلـيه فـجعلـناه سامعـا وبـصيرا
‍‍‌‏‎لبـيان إذا تــأمـلـه العـارف يبدي له المقــام الـكبيـرا
‍‍‌‏‎ثم تفسير هل أتـى فيـه يا صاح قل له إن كنت تفهم التفسيرا
‍‍‌‏‎إن الأبـرار يشـربـون بـكأس كان عنـدي مزاجهـا كافورا
‍‍‌‏‎فلـهم أنــشأ المـهيـمن عينـاً فجـّروها لديـهم تفـجيـرا
‍‍‌‏‎وهداهم وقـال : يـوفون بالـنذر فمن مثلهم يـوفـي الـنذورا ؟!
‍‍‌‏‎ويـخافـون بـعد ذلـك يــوماً شرّه كان في الورى مستطيرا
‍‍‌‏‎فـوقـاهـم إلهــهم ذلـك اليوم ويلقـون نضـرة وسـرورا
‍‍‌‏‎وجزاهم بأنهم صبروا فـي الـسر والجـهر جـنةً وحـريـرا
‍‍‌‏‎فاتـكـوا مـن علـى الأرائك لا يلقون فيها شمسا ولا زمهريرا
‍‍‌‏‎وأوانٍ وقــد أطيــفت عليـهم سلسبيل مقـدّر تـقـديـرا
‍‍‌‏‎وبأكـواب فـضـّة وقـواريـر قدّروهـا علـيهم تـقديـرا
‍‍‌‏‎وبـكأس قـد مـازجـت زنجبيلا لذّة الشاربين تشفي الصدورا
‍‍‌‏‎وإذا مـا رأيـت ثــم نـعيـماً دائماً عندهـم وملـكاً كبيرا
‍‍‌‏‎وعليهم فيها ثيـاب مـن السندس خضر في الحشر تلمع نورا
‍‍‌‏‎ويحلّـون بالأسـاور فـيهـــا وسقاهم ربـي شراباً طهورا
‍‍‌‏‎وروى لي عبد العزيـز الجلودي وقــد كان صـادقاً مبرورا
‍‍‌‏‎عن ثقاة الحديث أعـنى الـعلائي هـو أكـرم بذا وذا مذكورا
يسنـدوه عـن ابن عباس يـوماً قال : كنا عند النبيّ حضورا


أدب الطف ـ الجزء الثاني 166


‍‍‌‏‎إذ أتـته البتـول فـاطـم تـبكي وتـوالـي شهيـقهـا والـزفيـرا
‍‍‌‏‎قـال : مالي أراك تبكين يا فاطم ؟! قـالـت وأخـفت التعـبـيــرا
‍‍‌‏‎إجتمعـن النسـاء نحـوي واقبلن يطلن الـتـقريـع والـتـعيـيرا
‍‍‌‏‎قلـن : إن النـبي زوّجـك اليوم عـليّـا بعلاً عـديمـاً فـقـيـرا
‍‍‌‏‎قال : يا فاطم اسمعي واشكري الله فقـد نـلتِ مـنه فـضلاً كـبيرا
‍‍‌‏‎لـم ازوّجـك دون إذنٍ مـن الله ومــا زال يـحسـن الـتدبـيرا
‍‍‌‏‎أمـر الله جـبرئـيـل فنـادى رافعاً فـي السماء صـوتـاً جهيرا
‍‍‌‏‎وأتاه الأمـلاك حـتى إذا مــا وردوا بـيت ربّنـا الـمعـمـورا
‍‍‌‏‎قــام جبريل قائما يكثر التحميد لله جــلّ والـتـكـبــيــرا
‍‍‌‏‎ثـم نادى : زوّجت فاطم يا رب عليّ الطـهر الفـتى الـمذكـورا
‍‍‌‏‎قال رب العلا : جعلت لها المهر لها خالـصـاً يـفوق الـمهـورا
‍‍‌‏‎خـمس أرضـي لها ونهري وأو جبت على الخلق ودّها المحصورا
‍‍‌‏‎ورويـنا عـن الــنبي حديـثاً في البرايـا مُـصحّــحاُ مأثورا
‍‍‌‏‎انه قال : بينما الناس في الـجنّة إذ عـــاينـوا ضـياءً ونـورا
‍‍‌‏‎كـاد أن يخطف العيون فنـادوا : أي شـيء هـذا ؟ وأبـدوا نكورا
‍‍‌‏‎أوَ ليس الإله قـال لــنا : لا شمـس فيها ترى ولا زمـهريـرا
‍‍‌‏‎وإذا بـالنداء : يا ساكـن الجنة مـهـلاً أمـنـتم الـتغـيـيـرا
‍‍‌‏‎ذا عليّ الولـيّ قد داعـب الزّ هراء مولاتـكم فأبـدت سـرورا
‍‍‌‏‎فبدا إذ تبسّـمت ذلـك الـنور فزيدوا إكرامـه والـحبـــورا
‍‍‌‏‎يا بني أحـمد علـيكم عـمادي واتـكالـي إذا أردت النــشورا
‍‍‌‏‎وبكم يسعد المـوالي ويشــقى من يعاديكـم ويصـلي سعـيرا
‍‍‌‏‎أنتم لي غداً وللـشيعة الأبـرار ذخـر أكــرم بـه مـذخـورا
صاغ أبياتـها علـيّ بـن حمّاد فـزانـت وحُـبّرت تـحبـيرا


أدب الطف ـ الجزء الثاني 167


ابن حماد العبدي

ابو الحسن علي بن حماد بن عبيد الله بن حماد العدوي العبدي البصري يستظهر الشيخ الأميني انه ولد في أوائل القرن الرابع وتوفي في أواخره .
كان حماد والد المترجم له أحد شعراء أهل البيت عليهم السلام كما ذكره ولده بقوله :
وإن العـبد عبدكـم عليا‍‍‌‏‎ كذا حمّاد عبدكم الأديـب
رثاكم والدي بالشعر قبلي وأوصاني به أن لا أغيب

والمترجم له علم من أعلام الشيعة وفذّ من علمائها وشعرائها ومن حفظة الحديث المعاصرين للشيخ الصدوق ونظرائه ، وقد أدركه النجاشي وقال في رجاله : قد رأيته .
قال الشيخ الأميني : جمع العلامة السماوي شعره في أهل البيت فكان يربو على 2200 بيتاً . ولم نقف على تاريخ ولادة ابن حماد ووفاته غير أن النجاشي الذي أدركه ورآه ولم يروِ عنه ولد في صفر سنة 372 وشيخه الذي يروي عنه وهو الجلودي البصري توفي 17 ذي الحجة سنة 332 فيستدعي التاريخان أن المترجم ولد في أوائل القرن الرابع وتوفي في أواخره ثم قال :
وقفنا لابن حماد على قصيدة في مجموعة عتيقة مخطوطة في العصور المتقادمة

السابق السابق الفهرس التالي التالي