أدب الطف ـ الجزء الثاني 1




أدب الطف
او
شعراء الحسين(ع)



أدب الطف ـ الجزء الثاني 2




ادب الطف ـ الجزء الثاني 3


جواد شبر


ادب الطف

او

شـعراء الحسيـــن( عليه السلام)

من القرن الاول الهجري حتى القرن الرابع عشر


وما فاتني نصركم باللسان

اذا فاتني نصركم باليـد

الجزء الثاني



مؤسـسة التـاريخ

بيروت ـ لبنان



أدب الطف ـ الجزء الثاني 4


1422 هـ ـ2001 م

الطبعة الاولى


أدب الطف ـ الجزء الثاني 5


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله القائل والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا والصلاة على سيدنا الصادق بالحق والصدق والقائل :
إن من الشعر لحكمة ، وإن من البيان لسحرا .
وعلى آله واصحابه المنتجبين .
وبعد فهذا هو الجزء الثاني من (أدب الطف) يقتصر على القرن الرابع الهجري والخامس من شعراء الحسين عليه السلام ، وارجو ان يكون مقبولا ومشمولا بعناية الله انه سميع مجيب .

المؤلف



أدب الطف ـ الجزء الثاني 6




أدب الطف ـ الجزء الثاني 7


شعراء القرن الرابع الهجري

منصور بن سلمة الهروي
ابو بكر محمد بن الحسن بن دريد
احمد بن محمد بن الحسن الصنوبري
علي بن اصدق الحائري
ابو الحسن السري بن احمد الرفاء الموصلي
محمود بن الحسين بن السندي كشاجم
طلحة بن عبيد الله العوني المصري
علي بن اسحاق الزاهي الشاعر
الامير ابو فراس الحمداني
محمد بن هاني الاندلسي
الناشي الصغير ابو الحسن علي بن عبد الله بن الوصيف
الامير محمد بن عبد الله السوسي
سعيد بن هاشم الخالدي
الامير تميم بن الخليفة
علي بن احمد الجرجاني الجوهري
الصاحب اسماعيل بن عباد
محمد بن هاشم الخالدي
الحسين بن الحجاج
علي بن حماد العبدي
احمد بن الحسين بديع الزمان الهمداني
الشريف الرضي

أدب الطف ـ الجزء الثاني 8




أدب الطف ـ الجزء الثاني 9


منصور بن سلمة الهروي

روي الشيخ نجم الدين محمد بن جعفر بن ابي البقا هبة الله المعروف بابن نما الحلي المتوفى سنة 645 هـ . في كتابه (مثير الأحزان) .
قال : قال الهروي الكاتب سمعت منصور بن سلمة الهروي ينشد ببغداد في شهر رمضان سنة احدى عشر وثلثمائة شعرا من جملته .
تصان بنت الدعــي فـي كـلل‏‎ الملك ، وبنت الرسول تبتذلُ
يرجى رضى المـصطفى فواعجبا تقتـل اولاده ويـحـتــمل


أدب الطف ـ الجزء الثاني 10


أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد

قال السيد احمد العطار في المجموع الرائق : هذه قصيدة لابي بكر بن دريد الأزدي في أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وهي من أغرب ما جاء في معناها لأن أبا بكر بصري المنشأ والمولد ، وعامة أهل البصرة يدينون بغير هذا المعتقد ، وقد اشتملت من الغرائب ما تتهذب بحفظه السنة المتعلمين والشادين وتتنبه بمثله قرائح المبتدين والمستفيدين وأورد ابن شهر اشوب ثمانية أبيات منها وهي التي تقع بين قوسين . أقول والنسخة المنقولة عنها هذه القصيدة من الخطوط القديمة ولعلها ترجع إلى أول القرن الثامن الهجري :
سـدكـت به عـنتا تُـفنّده‏‎ وتظل بالاقتـار تـوعـده
‍‍‌‏‎طورا تهــازله لترضـيه وتـجد احيـانا فتصــمده
‍‍‌‏‎وتقـــول أبق فانـه نشب قد شـف طارفه ومـتلـده
‍‍‌‏‎فيئ وماخـوّلتِ فاحتجـبـي المــال ايسـره مـبـدده
‍‍‌‏‎ان الـذي تـدرين عـرتـه لا تستـطيف بـه مقــرّده
‍‍‌‏‎ما المـال إلا ما نعـشت به ذا عثـرة لهفـان أرفــده
‍‍‌‏‎أو مائـلا يحـوى برغبـته مستـشكدا للعرف اشــكده
‍‍‌‏‎مستصـفدا ضاقت مـذاهبه فعلي يحب أن أصــفــده
‍‍‌‏‎وغنـاء مـال المرء عنه اذا ارضى الصفيح عـليه ملحده
‍‍‌‏‎تالـله افتأ ســائـلا طـللا بالجزع دعـدعـه تأبــده
‍‍‌‏‎مقو وما اقـوى فؤادي مـن ذكرى تهــيجه وتـكمـده
‍‍‌‏‎ذكرى تزال لها على كبـدي لذع يُضــرّمـه ويوقــده


أدب الطف ـ الجزء الثاني 11


‍‍‌‏‎كـم إثر ذكراهـم لـه نـفس يدمي مســالكه تصعّـده
‍‍‌‏‎إنّ اللواتي يــوم ذي شجُـبٍ اضنين جسمك هـنّ عوّده
‍‍‌‏‎فسلا فلا سُـعدى تـساعــده مـالا ولا هـند تـهـنّده
‍‍‌‏‎وتنـكّرت ريـا وجـارتــها وتهددت بالهـجر مهـدده
‍‍‌‏‎ربما يـرقـن اذا سـمعـن به دمعا يــمار عليه أثمـده
‍‍‌‏‎والمرء خـدن الغـانـيات اذا غصن الشباب اهـتز أملده
والشــيب عيب عندهـن اذا ما لاح في فـوديه يُكسـده
‍‍‌‏‎عاود عـزاك ولا تكـن رجلا بـيد المنى والـعجز مروده
‍‍‌‏‎وأرى الأسى خـلقت معارضه لغلـيـل حزن المرء تُبرده
‍‍‌‏‎وفتى كنصل الـسيف منصلتا يعلو الخـطوب فلا تُـكأده
‍‍‌‏‎صـافحـته لا فاحشا حرجـا والحُــلق ألأمُـه مُرّنـده
‍‍‌‏‎ولقد مُنـيت من الرجال بمـن غمر القـبائل مـنه سودده
‍‍‌‏‎فــملاين لا يـستلن شطـطا ومخاشــن لا بد أضهـده
‍‍‌‏‎يا صاح ما ابصرت من عجب بالحق زاغت عــنه عّنّده
‍‍‌‏‎أألى الضلال تـحيد عـن نهج يـهدى الى الجنات مرشـده
‍‍‌‏‎(إن البـرية خــيرها نسـبا إن عـد أكـرمه وأمجـده)
‍‍‌‏‎(نســب محـمده مـعـظمه وكفـاك تعظـيما مُحـمّده)
‍‍‌‏‎(نـسب إذا كبـت الزنـاد فما تكـبو إذا مانـضّ أزنـده)
‍‍‌‏‎(واخو الـنبي فريـد محـتـده لم يُكـبه في الـقدح مُصلده)
‍‍‌‏‎(حل العـلاء به علـى شرف يـتكأد الراقيـن مَـصعـده)
‍‍‌‏‎أو ليس خامس من تضمــنّه عن أمر روح القـدس بُرجده
‍‍‌‏‎إذ قال أحــمدها ولاؤهــم أهلي وأهـل الــمرء وددّه
يا رب فاضـممهم الى كـنف لا يسـتطيع الكـيد كيّــده
‍‍‌‏‎(أو لم يَبت لـيلا أبو حــسن والمشركون هناك رُصّـده)
‍‍‌‏‎(مـــتلففا ليـرد كـيدهــم ومهاد خير الـناس مَمهـده)


أدب الطف ـ الجزء الثاني 12


‍‍‌‏‎(فوقى النـبي ببـذل مهـجته وبأعـين الكـفار منــجده)
‍‍‌‏‎وهـو الذي أتبع الـهدى يفعا لم يستملـه عـن الـتقـى دده
‍‍‌‏‎كهـل الـتاله وهـو مقتـبل في الشرخ غض الغصن أغيده
‍‍‌‏‎والشرك يُعــبـد عـزياه به جهـلا دعـائــمه وجلمـده
‍‍‌‏‎ومـنازل الاقران قـد عـلموا والــنقع مُطـرّق تـــلبّده
‍‍‌‏‎خواض غـمرة كل معتـرك سيـــان أليـسه ورعــدده
‍‍‌‏‎فسقى الولـيد بكاس منصـله كأسـا توهلـه وتـــصخده
‍‍‌‏‎فهوى يمـج نجيـع حشـرته والمـوت يلفتـه ويـقــصده
‍‍‌‏‎وسـما بأحد والقــنا قصـد كاللـيث أمكـنــه تصــيّده
‍‍‌‏‎فأباد أصـحاب اللــواء فلم يتـرك لــه كـفّا تُــسـنّده
‍‍‌‏‎ثـم ابن عـبد يــوم أورده شربـا يذوق الـمــوت وُرّده
‍‍‌‏‎جــزع الـمداد فذاده بـطل لله مــرضـاه ومـعــتـده
‍‍‌‏‎وحصون خيبـر إذ أطاف بها لم يثـــنه عــن ذاك صُدّده
‍‍‌‏‎ونجم قد عــقـد الـولاء له عقدا يُقَلـــقَل مـنه حُــسّده
‍‍‌‏‎ما نال فـي يوم مدى شـرف إلا أبــر فـــزاده غـــده
‍‍‌‏‎من ذا يسـاجل أو يُـناجب في نسـب رســول الله محتــده
‍‍‌‏‎أبــناء فاطــمة الذيـن اذا مجد اشــار بـه مــــُعدّده
‍‍‌‏‎فـذراهم مرعـى هــوامـله ولديـه منـــشأه ومــولـده
‍‍‌‏‎والمـجـد يعلـم أن أيديــهم عنــها اذا قــادته مـــقوده
‍‍‌‏‎لولاهـم كـان الورى همـجا كالبــهم فــرّقــه مــشرّده
‍‍‌‏‎لولاهـم حـار السبــيل بنا عما نـحاولــه ونقــصــده
‍‍‌‏‎لولاهم استولى الضــلال على منهاجـــنا واشــتد موصـده
‍‍‌‏‎هم حـجـة الله التـي كـندت والله يـنــعـم ثـم تـكــنده
‍‍‌‏‎هـم ظـل ديــن الله مـدّده أمنا على الــدنـــيا ممــدده
وهــم قـوام لا يزيــغ اذا ما مال ركن الــدين يعـــمده


أدب الطف ـ الجزء الثاني 13


‌‏‎
‍‍‌‏‎وهم الغيوث الهـامـيات اذا ضن الغمام وجف مورده
‍‍‌‏‎وهم الحبال المانعــات اذا ما الياس اطـلقه مصفده
‍‍‌‏‎كم من يد لهم ينــوء بـها فتهد حاملـــها وتُلهده
‍‍‌‏‎كم منة لـهــم مــورثة آثار طول لـيس تفـقده
‍‍‌‏‎وإخــال ان الوقت شاملنا فمسيمه منـا وموعـده
‍‍‌‏‎اذ سار جنـد الكـفر يقدمه متسربلاً غدراً يُـجنـده
‍‍‌‏‎في جحفل يُسجى الفضاء به كرهاء بحر فاض مزبده
‍‍‌‏‎طلاب ثار الـشرك آونـة تحتثه طـورا وتـحشده
‍‍‌‏‎لو أن صنديد الهضاب بـه يرمى لزلزل منه صندده
‍‍‌‏‎حتى اطافوا بالحسين وقـد عطف البلاء وقل منجده
‍‍‌‏‎صفا كما رص البنا وعلى ميدانه بالسـيد(1) مُرهده
‍‍‌‏‎قرنين مضـطغن ومكتسب ومكاتم للوغــم يـحقده
‍‍‌‏‎فرموه عن غرض وليس له من ملــجأ الا مهــنده
‍‍‌‏‎وصميم اســرته وخُلصته ونأى فلم يشهــده أحمده
‍‍‌‏‎لو أن حمزتــه وجعـفره وعـليّه اذ ذاك يَــشهده
‍‍‌‏‎ما رامت الطلقاء حــوزته بل عمّهـا بالذعر مـنهده
‍‍‌‏‎منعوه ورد الـمـاء ويلـهم وحمـاه لم يمــنع تورّده
‍‍‌‏‎خمسا أديم عليه ســـرمده وأشـد وقع الشـر سرمده
‍‍‌‏‎حتى إذا حــامت مناجـزة في صدر يوم غاب أسـعده
‍‍‌‏‎ثاروا إليه فـــثار لا وكلا ‍‍‌‏‎وأمــامه عزم يـــؤيّده
‍‍‌‏‎كالقـوم ردد فـي لغــادده هدرا يــردده ويرعــده
‍‍‌‏‎والخيل ترهـقه فيــرهقها ضربا يفـض البيض اهوده
‍‍‌‏‎حتى إذا القــتل استحر بهم في مأزق ضـنك مقـصّده


(1) السِيد هو الاسد .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 14


‍‍‌‏‎وتـخرمت أنصاره وخـلا كالـليث لم ينـكل تجـلّده
‍‍‌‏‎ثبت الجـناب على بصيرته والـعزم لم ينقـص تأكده
‍‍‌‏‎وتعاورتـه ضبى سيوفهم فتـقيمه طورا وتقــعده
‍‍‌‏‎حتى هوى فهـوى بناء علا واجتث منتزعا موطــده
‍‍‌‏‎طمسوا بمقتله الهدى طُمست عنـهم مناهجه وأنــجده
‍‍‌‏‎وتروا النبي به وقد وتـروا الروح الامين غداة يشهده
‍‍‌‏‎فبكاء قبر المصطفى جزعا وبكاء منـبره ومســجده
‍‍‌‏‎وتسربلت أفق السمــاء له قـتما يخالـطـه تـورده
‍‍‌‏‎وتبجست صم الصخور دما لـما عـلاه دم يجســّده
‍‍‌‏‎وأتيح للـماء الــغؤر به والغور ينضبه ويثــمده
‍‍‌‏‎ومن الفجـيعة أن هـامته للرمح تــأطــره تأوده
‍‍‌‏‎تهدى الى ابن العلج محملها وافى طلوع الجـبت اجعده
‍‍‌‏‎عبد يُجاء براس سيــده لما أذيل وضــاع سيـده
‍‍‌‏‎يجرى براس ابن النبي لقد لعن المــراد بـه وروّده
‍‍‌‏‎لعن الإله بني امـية مـا غنّى علــى فـنن مغرده
فيهم يحكّم لا ينهنه فــي الاسلام عابــثه ومـفسده


أدب الطف ـ الجزء الثاني 15


ابن دريد هو ابو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدري القحطاني البصري الشيعي الإمامي عالم فاضل أديب حفوظ ، شاعر نحوي لغوي ، أخذ عن الرياشي وأبي حاتم السجستاني وغيرهما ، وكان واسع الرواية لم ير أحفظ منه ، يحكى أنه كان إذا قرئ عليه ديوان شعر مرة واحدة حفظه من أوله الى آخره . قال المسعودي ، وكان ابن دريد ببغداد ممن برع في زماننا هذا في الشعر وانتهى في اللغة وقام مقام الخليل بن أحمد فيها ، وأورد أشياء في اللغة لم توجد في كتب المتقدمين وكان يذهب في الشعر كل مذهب ، فطورا يجزل وطورا يرق وشعره أكثر من أن نحصيه أو يأتي عليه كتابنا هذا ، فمن شعره قصيدته المقصورة أو لها :
يا ظبية أشبه شيء بالمـها‏‎ ترعى الخزامـى بين أشجار النقى
‍‍‌‏‎أما ترى رأسي حاكى لونه طرّة صبح تحت أذيـال الدجـى
واشتعل المبيض في مسوّده مثل اشتعال النار في جزل الغضا
(انتهى)

له مصنفات منها كتاب الجمهرة وهو من الكتب المعتبرة في اللغة ، حكي أنه أملاها من حفظه سنة 297 فما استعان عليها بالنظر في شيء من الكتب إلا في الهمزة واللفيف ، واشتهرت مقصورته غاية الاشتهار وقد اعتنى بشرحها خلق كثير وعارضه فيها جماعة من الشعراء منهم ابو القاسم علي التنوخي الانطاكي وعد ابن شهر اشوب ابن دريد من شعراء أهل البيت (ع) ومن شعره :

أدب الطف ـ الجزء الثاني 16


أهوى النـبي مـحمدا ووصــيه‏‎ وابنيه وابنته الـبتول الطاهــرة
‍‍‌‏‎أهل العــبـاء فإنني بولائــهم أرجو السلامـة والنجا في الآخرة
‍‍‌‏‎وأرى محـبة من يقول بفضلهـم سببا يجير مـن الســبيل الجائرة
أرجو بذلك رضى المهيمن وحـده يوم الوقوف على ظـهور الساهرة

توفي ببغداد 18 شعبان سنة 321 يوم وفاة ابي هاشم الجبائي قال الناس مات علم اللغة وعلم الكلام بموت ابن دريد وابي هاشم ودفنا بالخيزرانية .
قال الامين في أعيان الشيعة مولده بالبصرة في سكة صالح سنة 223 وتوفي يوم الاربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقين من شعبان أو من رمضان سنة 321 فيكون عمره ثماني وتسعين سنة وقال ابن خلكان يقال انه عاش ثلاثا وتسعين سنة لا غير .
وذكره صاحب رياض العلماء فقال : كان وزيرا لبني ميكال امراء الشيعة في فارس فعهدوا اليه نظارة ديوانهم حتى كانت الأوامر تصدر عنه ويوقع عليها بتوقيعه وبلغ أعلى المراتب ولما خلع بنو ميكال وذهبوا الى ارض خراسان جاء ابن دريد الى بغداد سنة 308 واتصل بالوزير الشيعي علي بن الفرات فقربه الى المقتدر فأمر له بخمسين دينارا كل شهر حتى مات .

أدب الطف ـ الجزء الثاني 17


من مقصورة ابن دريد في الحكم والأخلاق الكريمة


مَن لم يعظـه الدهـر لم ينفعه ما‍‍‌‏‎ راح به الواعظ يوما أو غــدا
‍‍‌‏‎مَن لم تــُفده عبــرا أيــامه كان العمـى أولى به من الهدى
‍‍‌‏‎مَن قاس مـا لم يــره بما يرى أراه مايـدنو الــيه ما نـأى
‍‍‌‏‎مَن عارض الأطماع باليأس رنت اليه عين العز من حيــث رنا
‍‍‌‏‎مَن لم يقف عند انتـهاء قــدره تقاصرت عـنه فسيحات الخطا
‍‍‌‏‎مَن ناط بــالعجب عرا أخلاقـه نيطت عُرا المقت الى تلك العرا
‍‍‌‏‎مَن طال فوق منتهــى بسـطته أعجزه نيل الدنــابله(1) القصا
‍‍‌‏‎وللـفتى من مالــه ما قــدّمت يداه قـبل مــوته لا ما اقتنى
وإنــما الــمرء حديـث بعده فكن حديثا حــسنا لمن وعـى

اقول وشطر هذه المقصورة السيد محمد بن مال الله بن معصوم القطيفي النجفي المتوفى سنة 1271 وجعل التشطير في رثاء الحسين وستأتي الترجمة في شعراء القرن الثالث عشر ان شاء الله .
ومن شعره قوله :
غرّاء لو جلـت الخـدود شعـاعها‍‍‌‏‎ للشمس عند طلوعها لم تشرق
غصن على دعـص تــأوّد فوقه قمر تألق تحت لــيل مطبق


(1) بله اسم فعل معناه دع واترك يعني ان من طلب فوق ما في سعته لم يدرك قريبا ولا بعيدا .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 18


لو قيل للحسن احتكم لم يعدها‍‍‌‏‎ أو قيل خاطب غيرها لم ينطق
‍‍‌‏‎وكأننا من فرعها في مغرب وكأننا من وجـهها في مشرق
تبدو فيهتف للعيون ضياؤها الويل حل بمقـــلة لم تطبق

أورد السيد الأمين له في الاعيان ترجمة ضافية ذكر فيها اقوال العلماء فيه ومشائخه وتلامذته وشعره وأخباره مفصلة .

أدب الطف ـ الجزء الثاني 19


أحمد بن محمد بن الحسن الصنوبري

‍‍‌‏‎يا خير مــن لبس النبوة مــن جـمــيع الانبياء
‍‍‌‏‎وجدي على سبطيك وجـ ـد ليس يؤذن بانقضــاء
‍‍‌‏‎هـذا قـتيل الاشــقيـا ء وذا قتــيل الادعيــاء
‍‍‌‏‎يوم الحسين هرقت دمــ ـع الارض بل دمع السماء
‍‍‌‏‎يوم الحســين تركـت با ب الـعز مهجـور الفنـاء
‍‍‌‏‎يا كربلاء خلـقت مــن كرب علــيّ ومـن بلاء
‍‍‌‏‎كم فيك مـن وجه تشــ رّب مـاؤه مــاء الـبهاء
‍‍‌‏‎نفسـي فداء المصطـلي نار الوغــى أي اصطلاء
‍‍‌‏‎حيث الاسـنة في الجـوا شـن كالكواكب في السـماء
‍‍‌‏‎فاختار درع الصبر حيـ ـث الصبر من لبس السناء
‍‍‌‏‎وابى إبـاء الأســـد إ نّ الأسـد صادقــة الإباء
‍‍‌‏‎وقـضى كريما إذ قضى ظمـآن في نفر ظــمـاء
‍‍‌‏‎منعوه طـعم الــماء لا وجدوا لمـاء طعـــم ماء
‍‍‌‏‎مَن ذا لمــعقور الجـوا د ممـال أعــواد الخـباء
‍‍‌‏‎مَن للطريـح الشلـو عر يـانا مُخـــلّى بالعـراء
مَن للمحـــنط بالـترا ب وللمـغسـل بـالدمـاء


أدب الطف ـ الجزء الثاني 20


من لابن فاطمة المغـ ـيّب عن عيون الاولياء(1)

وللصنوبري ذكرها صاحب الدر النظيم في الأئمة اللهاميم :
‍‍‌‏‎ذكر يوم الحسين بألـطف أودى بصماخي فلم يدع لي صماخا
‍‍‌‏‎متبعــات نسأوه الـنوح نوحا رافعات إثر الصراخ صراخا
مـنعـوه ماء الـفرات وظـلّوا يتعاطـونه زلالا نـقاخــا
‍‍‌‏‎بـأبـي عـترة النبـي و أمـي سد عنهـم مـعاند أصـماخا
‍‍‌‏‎خيـر ذا الـخلق صـبية وشبابا وكـهولا وخيــرهم أشياخا
‍‍‌‏‎أخـذوا صدر مفـخر العز مذكا نوا وخلــّوا للعالمين المخاخا
‍‍‌‏‎النـقيّون حيــث كانوا جـيوبا حيث لا يأمن الجيوب اتساخا
‍‍‌‏‎خـلقوا أسخـياء لا متساخيـن وليس السـخـى من يتساخى
‍‍‌‏‎أهل فضل تناسخوا الفضل شيبا وشبابا اكرم بذاك انتــساخا
‍‍‌‏‎يا ابن بنت النبي اكرم بــه ابنا وبأســناخ جـدّه اسنـاخـا
‍‍‌‏‎وابـن مـن وازر النبـي ووالا ه وصافاه في الغـدير وواخا
‍‍‌‏‎وابن من كـان للكريهـة ركـنا باً وفي وجه هولـها رساخـا
‍‍‌‏‎للطلى تحت قسطل الحرب ضرّا يا وللهام في الــوغى شداخا(2)
مـا عليـكم أناخ كلكــله الـد هر ولكن على الانــام اناخا

وقال :
ما فــي المنازل حاجة نقضيها‍‍‌‏‎ إلا السلام وادمع نذريـــها
‍‍‌‏‎وتفجــع للعين فيها حيــث لا عيش أوازيه بعيـشي فيـها
أبكي المنازل وهي لا تدري الذي بعث البكاء لكنت أســتبكيها

(1) رواها بن شهر اشوب في المناقب .
الاعيان ج 9 ص 356 والغدير .
(2) الطلى بالكسر طلية وهو العنق ومن كلامهم : اللحية حلية ما لم تطل عن الطلية .
أدب الطف ـ الجزء الثاني 21


‍‍‌‏‎بالله يا دمــع الـسـحـائب سـقّها ولئن بخلت فأدمعي تســقيها
‍‍‌‏‎يا مغريا نفـسي بـوصف غـريرة أغريت عاصية عـلى مغريها
‍‍‌‏‎لا خير فـي وصف الـنساء فاعفني عما تكلفنــيه من وصفيـها
‍‍‌‏‎يـا رب قافــية حـلى امضـاؤها لم يـحل ممضاها الى ممضيها
‍‍‌‏‎لا تـطمعـن النـفس في إعـطائها شيـئا فتطلب فـوق ما تعطيها
‍‍‌‏‎حــب النبـي محـمد ووصــيه مع حـب فاطـمة وحب بنيها
‍‍‌‏‎أهل الكساء الخــمسة الـغرر التي يبـني العلا بعـلاهم بانيـهـا
‍‍‌‏‎كـم نعـمة أولـيت يـا مـولاهـم في حبـهم فالــحمد للموليـها
‍‍‌‏‎إن السفــاه بتــرك مدحـي فيهم فيحق لي أن لا أكون سفيهــا
‍‍‌‏‎هـم صفـوة الكـرم الذي أصـفيهم ودي وأصـفيت الذي يصـفيها
‍‍‌‏‎أرجـو شفـاعتهـم وتـلك شـفاعة يلتذ برد رجائــها راجــيها
‍‍‌‏‎صـلّوا عـلى بـنـت الـنبي محمد بعد الصلاة عـلى النـبي أبيها
‍‍‌‏‎وابكوا دمــاءلو تشـاهد سفـكـها في كربلاء لـما ونـت تبكـيها
‍‍‌‏‎يا هولـها بـين العـمائم والــلهى تجري وأسياف العـدى تجريها
‍‍‌‏‎تلك الدمـاء لـو انها تــوقـى إذا كانت دمـاء العالـمين تقــيها
‍‍‌‏‎لو أن مـنهـا قــطـرة تفـدى إذا كنـابـنا وبـغيرنا نـفـديهـا
‍‍‌‏‎إن الـذيـن بـغوا إراقتـهـا بغوا ميشومة الـعقبــى على باغيها
‍‍‌‏‎قتل ابن مـن أوصى الـيه خير من أوصى الـوصايا قط أو يوصيها
‍‍‌‏‎رفـع النبـي يمـينه بيــــمينه ليرى ارتـفـاع يمينــه رائيها
‍‍‌‏‎في مـوضـع أضحى عـليه منبها فيه وفــيـه يـبدئ التشـبيها
‍‍‌‏‎آخـاه في ضــم ونـوّه باســمه لم يـأل فـي خــير به تنويها
‍‍‌‏‎هو قال (اقــضاكم) علــي إنـه أمضى قـضيته الــتي يمضيها
‍‍‌‏‎هو لي كهـارون لـموسى حــبذا تشبيه هـرون به تشــــبيها
يـوماه يوم للعــدى يـرويـهـم جــودا ويـوم للقنا يـرويهـا
يسع الأنـام مثــوبة وعقــوبة كلتاهمــا تمـضي لما يمضيها


أدب الطف ـ الجزء الثاني 22


‍‍‌‏‎بيد لتشـيـيد المـعالـي شطـرها ولـهدم أعمار العــدى باقيهـا
‍‍‌‏‎ومضــاء صـبر ما رأى راء له فيما رآه مـن الصدور شــبيها
‍‍‌‏‎لو تـاه فيـه قـوم موســى مرة أخرى لأنسـى قوم موسى التيها
‍‍‌‏‎عوجا بدار الـطـف بالـدار التي ورث الهدى أهلوه عن اهلـيهـا
‍‍‌‏‎نبكي قبورا إن بكيــنا غـيـرها بعض البكاء فانــمـا نعنـيها
‍‍‌‏‎نفدت حـياتي في شجـى وكآبـة لله مكــتئب الحـياء شـجيها
‍‍‌‏‎بأبي عفــت منـكم معـالم أوجه أضحى بها وجه الفخار وجـيها
‍‍‌‏‎مالي علمـت سوى الـصلاة عليكم آل النـبـي هديـة أهــديهـا
‍‍‌‏‎وأسا علــي فإن أفـأت بمـقلتي يحدي سوابق دمعــها حاديهـا
‍‍‌‏‎سقـيا لهــا فئة وددت بأنــني معها فسقاني الردى ساقيــها
‍‍‌‏‎تلك الـتي لا أرض تحمل مـثلها لا مثل حاضرهـا ولا باديــها
‍‍‌‏‎قلبي يـتيه على القــلوب بحبها وكذا لسانـي ليس يـملك تيهـا
‍‍‌‏‎وأنا المـدلّه بالمــرائـي كـلما زادت أريد بـقولـها تـدليـهـا
‍‍‌‏‎يرئي نفــوسا لو تطــيق إبانة لرئت له من طــول ما يرئيـها


أدب الطف ـ الجزء الثاني 23


أبو بكر احمد بن محمد بن الحسن بن مراد الضبي الحلبي الانطاكي المعروف بالصنوبري توفي سنة 334 .
ذكره الامين في اعيان الشيعة فقال : كان شاعرا مجيدا مطبوعا مكثرا وكان عالي النفس ضنينا بماء وجهه عن ان يبذله في طلب جوائز ممدوح صائنا لشأنه عن الهجاء يقول الشعر تأدبا لا تكسبا ، مقتصرا في اكثر شعره على وصف الرياض والأزدهار . وكان يسكن حلب ودمشق قال الشيخ عباس القمي في (الكنى والألقاب) : ذكره ابن شهر اشوب في شعراء أهل البيت (ع) وله أشعار في مدائح أهل البيت ومرائيهم أقول : ان السيد الامين اسماه احمد بن محمد وكناه بأبي بكر ولكن الشيخ القمي في الكني والالقاب اسماه ابو بكر بن أحمد بن محمد وقول الشيخ الأميني موافق لما رواه السيد في الأعيان .
قال الثعالبي : تشبيهات ابن المعتز ، وأوصاف كشاجم ، وروضيات الصنوبري متى اجتمعت اجتمع الظرف والطرف وسمع السامع من الاحسان العجب .
وله في وصف حلب ومنتزهاتها قصيدة تنتهي الى مائة واربعة أبيات توجد في معجم البلدان للحموي ج 3 ص 317 وقال البستاني في (دائرة المعارف) ج 7 ص 137 هي اجود ما وصف به حلب ، مستهلها .
احبسا العيس احبساها وسلا الدار سلاها

قال الشيخ الاميني : واما تشيعه فهو الذي يطفح به شعره الرائق ونص بذلك اليماني في نسمة السحر وعده ابن شهر اشوب من مادحي أهل البيت عليهم السلام وأما دعوى صاحب النسمة انه كان زيديا واستظهاره ذلك من شعره فاحسب أنها فتوى مجردة فانه لم يدعمها بدليل ، وشعره الذي ذكره هو وغيره خال من اي ظهور ادعاه واليك نبذا مما وقفنا عليه في المذهب . قال في القصيدة يمدح بها عليا أمير المؤمنين عليه السلام .

أدب الطف ـ الجزء الثاني 24


‍‍‌‏‎اخي حبيبي حبيـب الله لا كذب وابناه للمصطفى المستــخلص ابنان
صلى الى القبلتين المـقتدى بهما والنـاس عن ذاك في صـم وعمـيان
‍‍‌‏‎ما مثل زوجته اخرى يقـاس بها ولا يقاس علـى سبطـــيه سـبطان
‍‍‌‏‎فمضمر الحب في نور يخص به ومضمر البغض مخصـوص بنيـران
‍‍‌‏‎هذا غدا مـالك في الـنار يملكه وذاك رضــوان يلـقـاه برضـوان
‍‍‌‏‎رُدّت له الشمس في أفلاكها فقضى صـلاتـه غـــير ما سـاه ولا وان
‍‍‌‏‎أليس من حـل منه فــي أخوّته محل هارون من موسى بـن عمران ؟!
‍‍‌‏‎وشافع الملــك الراجي شـفاعته إذ جــاءه مـلك فـي خلق ثـعـبان
‍‍‌‏‎قال النبي له : أشقــى البريّة يا علي إذ ذُكـــر الأشقى شــقــيّان
‍‍‌‏‎هذا عصى صالـحا في عقر ناقته وذاك فــيك سيلـقـاني بـعصــيان
ليخـضبن هذه من ذا أبا حســن في حين يخــضبـها مـن أحـمر قان

ومن شعر الصنوبري ما رواه النويري في نهاية الارب :
محن الفتى يخبرن عن فضل الفتى كالنار مخبرة بفضل العنبر

وقال :
رب حال كأنها مُـذهَب الـ‍‍‌‏‎ ـديباج صارت من رقـة كاللاذ(1)
‍‍‌‏‎وزمان مثل ابنة الكرم حُسنا عاد عــند العـيون مثل الداذي(2)
أو ما من فساد رأى اللـيالي ان شعري هذا وحـالي هــذي


(1) اللاذة : ثوب حرير احمر صيني والجمع لاذ .
(2) الداذي : شراب للفساق .

الفهرس التالي التالي