معجم  أنصار الحسين  (الهاشميون)(الجزء الثاني)

اسم الکتاب : معجم أنصار الحسين (الهاشميون)(الجزء الثاني)

المؤلف : (محمد صادق محمد (الكرباسي
المطبعة : المركز الحسيني للدراسات لندن – المملكة المتحدة

 

 

 

 

     ولكن كتاب وقعة صفين لابن مزاحم الذي أشار إليه خالٍ من هذا بل ولم يذكر حتى حضوره، وقد سبق وذكرنا أنه حضر كربلاء وقتل مع ابن خاله الحسين «عليه السلام».

     2- إن كتب التاريخ والمقاتل والمعاجم لم تذكر بأن لعقيل بن أبي طالب ولداً باسم عبد الرحمن الأوسط، غاية ما في الأمر أن له عبد الرحمن الأكبر قتل بالطف وعبد الرحمن الأصغر.

     3- إنه لم يذكره حين ذكر أبناء عقيل المستشهدين في كربلاء.

     4- سبق وذكرنا أن نفيسة بنت أمير المؤمنين «عليه السلام» تزوجت من عبد الله الأوسط ابن عقيل وأنجبت له أم عقيل(1).

     5- إنه لم يوثق كلامه، لنتمكن من تحري المصدر ومعرفة الحقيقة.

     وإن كان كلامه يوهم بأن عبد الرحمان الأوسط حضر كربلاء حيث يستبعد حضور الزوجة دون حضور زوجها، وما حدث لعبد الله بن جعفر والسيدة زينب «عليه السلام» فهناك فارق كبير لأن عبد الله كان ضريراً وعوض من مجيئه بابنين له وزوجته، وقد ذكر التاريخ له هذا، وأما عبد الرحمن فلم يذكر له التاريخ هذا، بل لم يذكره مطلقاً، ولكن المازندراني(2) لم يصرح بأنه حضر كربلاء لا عنه ولا عن ابنته أم عقيل كما فعل مع الآخرين مما لا يمكن القول بحضوره كربلاء، وربما كان المانع هو وفاته قبل معركة الطف، والله العالم.

     والحاصل: لا يمكن عده من شهداء كربلاء، ولا ممن حضر كربلاء بل ولا أصل لوجوده رغم أن المازندراني حسب معرفتنا به مباشرة كان كثير الاطلاع وطويل الباع مع إعمال الدقة والتحقيق، إلا أن الجواد قد يكبو، ولكن كبوته ليست من قلة المعرفة أو عدم التحقيق بل للتصحيف دور فاعل وللسهور مجال واسع، والله الموفق والمسدد.

_____________
(1) راجع ترجمة أم شعيب المخزومية في المقدمة التمهيدية من هذا المعجم.

(2) المازندراني: هو محمد مهدي بن عبد الهادي الحائري (1295- 1385هـ) ولد في كربلاء وتوفي فيها كان من الخطباء البارزين، والمؤلفين البارعين، من آثاره: الكوكب الدري، نور الأبصار، وشجرة طوبى.

(159)

     وأخيراً فإنه ورد في جدول من دفنوا من آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «حميدة ورقية تزوجتا مسلم وعبد الرحمن بن عقيل»(1) أما رقية فهي إما الصغرى أو الكبرى بنت علي «عليه السلام» وهي زوجة مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وأما حميدة زوجة عبد الرحمن بن عقيل فنظن والله العالم أنها زوجة عبد الرحمن الأًصغر الذي لم نتحدث عنه هنا، وأما من هي حميدة فهي ليست ابنة علي «عليه السلام»، والحديث عنها خارج عن موضوعنا.

_______________

(1) معالم مكة والمدينة بين الماضي والحاضر: 450.

(160)

 

36

عبد الرحمن بن مسلم الهاشمي

نحو 42- 61 هـ = نحو 662- 680م

     هو: عبد الرحمن بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي(1).

     أمه: أم ولد، لم يحدد اسمها، ولم تبين خصوصياتها.

     تصنف المصادر في حقه إلى ثلاث أصناف: بين من أهمل ذكره، وبين من ذكره مردداً في شخصيته واسمه، وبين من ذكره مستقلاً.

     إن مجمل أولاد مسلم بن عقيل الذين ورد لهم ذكر في كتب الأنساب والتاريخ والرجال والسير هم كالتالي، ونذكرهم حسب الحروف الهجائية:

     1- إبراهيم: هو الذي قبض عليه بعد معركة الطف وقتل هو وشقيقه محمد الأصغر على شاطىء نهر الفرات وذلك في 26/2/62هـ على المختار ولهما مرقد معروف على أطراف المسيب في العراق يقال له: مرقد أولاد مسلم، وكانت ولادته عام 54هـ وأمه حسب المختار أم كلثوم الصغرى بنت علي بن أبي طالب «عليه السلام»(2).

     2- أحمد: ورد ذكره في أسرار الشهادة وأنه قتل في معركة الطف مبارزة وذكر له رجزاً، وقد احتملنا وقوع التصحيف بينه وبين محمد؛ فعليه هو متحد مع محمد الأكبر ابن مسلم(3).

_______________

(1) شذرات الذهب: 1/67؛ نور العين في مشهد الحسين: 28.

(2) راجع بشأنه ترجمته في هذا المعجم.

(3) راجع بشأنه ترجمته في هذا المعجم.

(161)

     3- جعفر: ذكره الدربندي وذكر بأنه برز إلى المعركة وارتجز وقاتل حتى قتل، كما ذكره الطريحي وكانت ولادته في حدود عام 35هـ على ما احتملناه(1).

     4- الطاهر: سبق وقلنا إنه لقب إبراهيم بن عقيل المقتول في الكوفة(2).

     5- عبد الرحمن: ذكره صاحب شرح القصيدة(3)، وابن المعاد الحنبلي(4).

     6- عبد العزيز: ذكره ابن قتيبة(5) والظاهر أن أمه أم ولد، ولم يذكر بأنه قتل في كربلاء، بل جاء في مكان آخر من كتابه بأنه مات سنة 164هـ(6).

     7- عبد الله: ورد ذكره في معظم المصادر، وأمه رقية بنت علي «عليه السلام»، قتل في كربلاء(7).

     8- عبيد الله: كذا ذكره الدربندي في أسرار الشهادة في الطبعة القديمة(8) وذكر له رجزاً وقاتل حتى قتل.

_____________
(1) راجع نشأته وترجمته في هذا المعجم وراجع أسرار الشهادة: 2/223، سفير الحسين: 15 عن المنتخب للطريحي.

(2) راجع بشأته ترجمة إبراهيم من هذا المعجم.

(3) سفير الحسين: 15.

(4) شذرات الذهب: 1/67.

(5) المعارف: 204.

(6) المعارف لابن قتيبة: 503، وهو قول لا يمت إلى الحقيقة بصلة،والظاهر أن المراد به عبد العزيز بن مسلم العُقيلي الذي ذكره الطبري في تاريخه: 4/560 في أحداث عام 161هـ.

(7) راجع مقاتل الطالبيين: 98، راجع بشأته ترجمته في هذا المعجم، راجع أيضاً أسرار الشهادة: 2/279 وقد قاتل حتى قتل وله رجز.

(8) أسرار الشهادة (الطبعة القديمة): 299، عن أمالي الصدوق، وفي الطبعة الحديثة: 2/280 وأمالي الصدوق: 137 وكذلك في طبعة أخرى: 162، عبد الله بن مسلم ابن عقيل، ولكن جاء في وسيلة الدارين: 231 نقلاً عن تنقيح المقال: 2/218، راجع ترجمته في هذا المعجم.

(162)

     9- علي: ذكره ابن قتيبة ، وذكر بأن أمه رقية بنت علي «عليه السلام»(1)، فيكون شقيقاً لعبد الله، ولم نجد من ذكر بأنه قتل في كربلاء.

     10- عون: ذكره الدربندي بأنه برز في معركة الطف، وقاتل حتى قتل، ولم يذكر أمه(2).

     11- محمد الأصغر: هو شقيق إبراهيم والمستشهد معه في الكوفة عام 62هـ وقد ولد عام 53هـ(3).

     12- محمد الأكبر: أمه أم ولد استشهد في كربلاء حسب ما ورد في مقاتل الطالبيين(4).

     13- مطهر: سبق وقلنا إنه لقب محمد الأصغر وهو المستشهد بالكوفة(5).

     14- مسلم: ذكره ابن عقيل ولم يذكر أمه ولا مقتله(6).

     15- حميدة: أمها أم كلثوم الصغرى والصحيح رقية الصغرى، وقد تزوجت عبد الله بن محمد بن عقيل، وحضرت كربلاء(7).

     16- عاتكة: أمها رقية الصغرى على ما قيل، وإنها ولدت عام 53هـ، بينما ولدت أختها عام 49هـ(8).

     هذا كل ما ورد في أولاد مسلم بن عقيل، وقد انقرض مسلم بن عقيل(9) رغم كثرة أبنائه، ومنهم عبد الرحمن الذي نحن بصدد تحديد

___________

(1) المعارف: 204.

(2) أسرار الشهادة: 2/224.

(3) ذكره الصدوق وغيره راجع ترجمته في هذا المعجم.

(4) مقاتل الطالبيين: 97، راجع ترجمته في هذا المعجم، راجع أيضاً أسرار الشهادة: 2/280.

(5) راجع ترجمة محمد الأصغر وإبراهيم من هذا المعجم.

(6) راجع المعارف: 204.

(7) راجع سفير الحسين: 20- 21، وسنأتي على ترجمتها.

(8) سفير الحسين: 21 حيث أشار إلى ذلك ، ولكن للتفصيل راجع ترجمتها في معجم الأنصار قسم النساء.

(9) عمدة الطالب: 32.

(163)

شخصيته، حيث لم يرد له ذكر في أمات المصادر، نعم قد ذكر المظفر ما يلي:

     «نستفد من مجموع الأخبار أن له أربعة بنين وبنتاً واحدة، وإن اختلفوا في الأسماء، فقد اتفقوا في العدد، فسمى بعضهم من أولاده جعفراً، وهو قول فخر الدين الطريحي في المنتخب، وسمى بعضهم من أولاده: علي، ومسلم، وعبد العزيز، وعبد الله، وهذا قول ابن قتيبة في المعارف، والمشهور أن أولاده هم: عبد الله ومحمد خلاف في أسم الأخير، هل كان اسمه جعفراً كما يقول صاحب المنتخب، أم عبد الرحمن كما هو قول صاحب شرح القصيدة، أم محمداً كما هو قول الأصفهاني والمحققين من العلماء، وإبراهيم ومحمد الأًصغر على خلاف في اسم الثاني: أهو محمد أم جعفر، وهؤلاء رزقهم الله الشهادة وألحقهم بأبيهم»(1).

     ويرى: بأن عبد الله استشهد في كربلاء وهو غلام مراهق وشاب لم يبلغ الحلم، بأنه كان أشجع أبناء مسلم، وأمه رقية بنت أمير الؤمنين «عليه السلام»(2).

     يعود فيقول: «أما محمد بن مسلم وسماه الطريحي جعفراً أو شارح القصيدة عبد الرحمن فاستشهد أيضاً مع الحسين «عليه السلام» بطف كربلاء واشترك في قتله أبو مريم الأزدي ولقيط بن ياسر الجهني، وأم محمد – هذا- أم ولد، قال أبو الفرج – الأصفهاني- في المقاتل، وسبط ابن الجوزي في التذكرة(3) وفي شرح القصيدة أنه قتل سبعة عشر فارساً»(4).

     ثم يضيف قائلاً: «وأما الشهيدان بالعتيكات من ارض المسيب فأمرهما مشهور ويختلف فيهما من ناحيتين: الأولى: هل هما من ولد عبد الله بن جعفر الطيار كما هو رأي الطبري المؤرخ، أم هما من ولد مسلم بن

_____________
(1) سفير الحسين: 15.

(2) سفير الحسين: 16.

(3) تذكرة الخواص: 255.

(4) سفير الحسين: 19 عن شرح الشافية (شرح قصيدة أبي فراس) للسيد علي بن الحسين الهاشمي.

(164)

عقيل كما هو قول الصدوق، وهو الأقوى والأشهر، الثانية: في اسم القتيلين، وأحدهما إبراهيم اتفاقاً، والثاني هل هوعبد الرحمن أم محمد أم جعفر، ففي ذلك أقوال، وهذان الغلامان ذبحا على شط الفرات على الراجح من الأقوال».

     ثم يقول: «فهؤلاء الأربعة من الذكور من أولاد مسلم بن عقيل على الخلاف في ضبط أسمائهم، أما البنت فهي حميدة بنت مسلم وقد تزوجها ابن عمها عبد الله بن محمد بن عقيل. والسادسة أما أن تكون لا أصل لها، أو تكون لمسلم بنت أخرى تسمى حميدة أيضاً»(1).

     وأما بحر العلوم(2) (الإبن) فقد ذكر ما يلي:

     «تزوج مسلم أولاً برقية الكبرى بنت عمه أمير المؤمنين «عليه السلام» شقيقة عمر الأطرف، وتزوج ثانياً بعد مفارقة الأولى برقية الصغرى أخت رقية الكبرى من أبيها وأمها أم ولد وهي أم عبد الله بن مسلم، ولمسلم من الأولاد خمسة أو ستة على الظاهر: بنت وهي حميدة – كما قيل- وبنون أربعة أو خمسة وكلهم استشهدوا في سبيل المبدأ والعقيدة، فعبد الله ومحمد الأكبر المختلف في اسمه أنه جعفر أو عبد الرحمن من شهداء الطف، كما عن مقاتل الطالبيين(3) والمحبر للنسابة وغيرهما، وذكر البلاذري في أنسابه(4)، من شهداء الطف مسلم بن مسلم وعلي بن مسلم ولعله اشتباه، وأما ولداه الآخران: إبراهيم ومحمد الأصغر- على ما أسماهما الصدوق – فكانا مع الحسين «عليه السلام» وأهل بيته يوم الطف وعمر أحدهما سبع سنين وعمر الآخر ثمان فبعد مقتل الحسين «عليه السلام» فرا على وجهيهما في البيداء فأخذا

___________
(1) سفير الحسين: 21.

(2) بحر العلوم: هو حسين بن محمد تقي بن حسن الطباطبائي (1347- 1422هـ) كان من علماء النجف، حيث ولد وتوفي فيها، له من المؤلفات: زورق الخيال.

(3) ليس في مقاتل الطالبيين: إن اسم محمد الأكبر جعفر أو عبد الرحمن، ولعله في المحبر، ومن المؤسف فإنه ليس في متناول اليد، وما في مقاتل الطالبيين: 97- 98 أن محمداً وعبد الله استشهدا في الطف فقط.

(4) الذكر هو ابن قتيبة في المعارف وليس البلاذري في أنساب الأشراف، وما في أنساب الأشراف: 3/300 و224 أن عبد الله بن مسلم استشهد في كربلاء.

(165)

أسيرين إلى ابن زياد وأمر بسجنهما، وفتح السجان لهما باب السجن وخرجا من السجن فقبض عليهما الحارس بن عروة ثم قتلهما»(1).

     انتهى كلامهما: ومحصل كلامهما أن محمداً الأكبر وجعفراً وعبد الرحمن متحدون، ولا نعلم من أين لهم هذا الكلام حيث لم يفصحا عن ذلك، أما بحر العلوم فلم يسنده إلى مصدر، إلا أن ظاهر عبارته يوحي إلى أن مصدره مقاتل الطالبيين والمحبر، أما الأول فليس فيه غير أن محمداً وعبد الله ابنا مسلم استشهدا في الطف، وأما المحبر فليس في حوزتنا، وأما بالنسبة إلى المظفر فما يفهم من ظاهر كلامه: أنه يرتئي بأن ما ذكره الطريحي باسم جعفر هو محمد بن مسلم، وأن ما أورده شارح القصيدة ليس بحوزتنا، والحاصل ليس لديهما دليل مقنع لحد الآن على ما أورداه.

     والقول باتحاد المفردات الثلاثة «محمد، عبد الرحمن، جعفر». غريب حيث إن جميعها تستخدم أعلاماً، ولا مجال للقول بأن أحدها علم والآخر لقب والثالث كنية، كما لا مجال للتصحيف، إلا إذا قيل بتكلفٍ أن كنية عبد الرحمن هو أبو محمد فسقطت كلمة «أبو» ليكون جعفراً لقباً فهو بعيد جداً.

     إذاً فالقول بعدم الاتحاد هو المتعين إن ثبت وجود الأسماء الثلاثة جميعها.

     وعلى أي حال فإن كان له وجود استقلالي فقد استشهد في كربلاء، وظاهر كلامهم والخلط الذي حصل في حقه: أنه كان كبيراً قادراً على المبارزة والمقاتلة فلا شك أنه في واقعة الطف كان في نهايات العقد الثاني إن لم يكن أكبر من ذلك.

_________
(1) هامش مقتل الحسين لبحر العلوم: 214- 215.

(166)

 

37

عبد الله بن أبي سفيان الهاشمي

نحو 9ق.هـ - 61هـ = 614- 680م

     هو: عبد الله بن أبي سفيان (المغيرة)(1) ابن الحارث بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي.

     ضبط المفردة: «عبد الله» فالأول مضى الحديث عنه، وأما اسم الجلالة، وهو علم للذات المقدسة الجامعة لجميع الصفات العليا والأسماء الحسنى، وهو بمعنى المعبود، ولكنه اختص بالله وحده دون غيره، حيث أن أصله إلاه على زنة فعال بمعنى مفعول، اشتق من ألِهَ بمعنى عبد، ولأنه سبحانه تعالى مألوه أي معبود، فلما أدخلت الألف واللام حذفت الهمزة تخفيفاً. فهو معبود قبل أن يعبد أي قبل أن يخلق الخلق، ففي الحديث(2): «يا هشام، الله مشتق من إله، والإله يقتضي مألوهاً، كان إلهاً إذ لا مألوه»(3) أي قبل أن تحصل العبادة، ومن خلال هذا الحديث يمكن القول بأن المفردة أرفع درجة من معنى المعبود، وربما كان لها وضع خاص.

     ومما يدل على كونه علماً أنه يوصف بجميع الأسماء وسائر أفعاله المأخوذة من تلك الأسماء من غير عكس، فيقال: الله الرحمن الرحيم، ويقال: رحم الله وعلم الله ورزق الله، بينما لا يقع لفظ الجلالة «الله» صفة لشيء منها ولا يؤخذ منه ما يوصف به شيء منها(4).

________________

(1) راجع الطبقات الكبرى: 4/49.

(2) الحديث عن الإمام الصادق «عليه السلام»، راجع أيضاً الكافي: 1/87.

(3) معجم البحرين: 6/340.

(4) راجع الميزان: 1/18.

(167)

     وأطلق هذا الأسم على ذاته وعرفه على خلقه حتى قبل الإسلام حيث كان يخاطبهم به ومما يدل على ذلك: (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله)(1)، وقوله تعالى حكاية عن المشركين: (فقالوا هذا الله بزعمهم وهذا لشركائنا)(2) فإنهم في الجاهلية كانوا يعرفون هذه التسمية وأنها خاصة به تعالى.

     وبما أنها من الأسماء الخاصة بالله فإن الفقهاء حرموا التسمية بها لغيره، ولذلك يستخدم في الأسماء بإضافة كلمة العبد أو غيره إليه فيقال: «عبد الله» و«روح الله»، وربما يلاحظ البعض استخدامه علماً عند غير العرب إلا أنه أيضاً يأتي مضافاً كما في قول المتكلمين بالأردو مثلاً: «الله بخش» أي عتيق الله، حيث إن قاعدة الإضافة عندهم ان المضاف إليه يقدم على المضاف فيقال «الله عتيق».

     وقد استخدم هذا الاسم المركب «عبد الله» منذ أيام الجاهلية ومن ذلك على سبيل المثال والد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) سمي عبد الله (81- 53ق.هـ)، وهو من الأسماء التي لا تخص المسلمين فلربما سموا به كما في عبد الله بن زخريا بن موسى الصائغ، المسيحي المعتقد (1091- 1161هـ) ولقد شاع عند المسلمين، وفي الحديث النبوي: «خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن»(3).

     والقاعدة أن ترسم هذكا اللاه، ولكن الرسم القرآني ثبت على أن تكتب دون ألف (الله)، ومن الأفضل اتباعه لأنه خاص به تعالى خلافاً لسائر الكلمات.

     ولنرجع بالحديث عن عبد الله بن أبي سفيان الهاشمي.

     اسم أبيه: المغيرة، وكنيته أبو سفيان، وإنما ذكرناه بالكنية لأنه المشهور الذي لا يعرف إلا به، وكل من ترجمه أو تحدث عنه ذكره بالكنية، وإنما أفصح عن اسمه ابن سعد في طبقاته(4)، وقد توفي في

___________
(1) سورة الزخرف، الآية: 87.

(2) سور الأنعام، الآية: 136.

(3) بحار الأنوار: 101/127، وفي  حديث آخر قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «نعم الأسماء عبد الله وعبد الرحمن الأسماء المعبدة» - بحار الأنوار: 101/130.

(4) الطبقات الكبرى: 4/49.

(168)

المدينة عام 16هـ أو 20هـ ودفن في البقيع(1).

     أمه: نسمة بنت همام بن الأرقم(2) بن أبي عمرو بن ظويلم بن جعيل ابن دهمان الأسدية(3)، وقيل: إن أمه جمانة بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية(4) إلا أنه لم يثبت.

     وأم أبي سفيان هي: غزية بنت قيس بن طريف بن عبد العزى بن عامرة الغمرية(5).

     يكنى عبد الله بأبي الهّياج(6)، وكان أبوه أبو سفيان أخا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الرضاعة(7).

     قال إن عبد البر القرطبي: رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان معه مسلم بعد الفتح(8).

     ومن هنا يمكن استظهار عمره ولو بالنحو التقريبي حيث إنه في عام الفتح (8هـ) كان ممن يعد في الرجال، فإذا كان أخوه جعفر(9) قدم مع أبيه أبي سفيان إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأسلما(10) فهذا يعني أنه كان على أقل التقادير أصغر من أخيه جعفر والذي كان من الكبار، فلا أٌقل أنه كان في

______________
(1) مشاهد العترة الطاهرة: 225.

(2) الإصابة: 2/320، وجاء في الطبقات أن أسمها: فغمة بنت همام بن الأفقم، وفي تاريخ مدينة دمشق: 29/72 «قمعة بنت همام».

(3) الطبقات الكبرى: 4/49.

(4) سلسلة آباء النبي: 326.

(5) الطبقات الكبرى: 4/49.

(6) تاريخ مدينة دمشق: 29/72.

(7) الطبقات الكبرى: 4/9: حيث أرضعته حليمة السعدية مرضعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

(8) الاستيعات: 2/326 (بهامش الإصابة)، الدرجات الرفيعة: 188.

(9) راجع تاريخ مدينة دمشق: 29/73.

(10) لابن سفيان المغيرة من الأولاد ما يلي: 1- جعفر وأمه جمانة بنت أبي طالب، 2- عبد الله، 3- جمانة، 4- حفصة، 5- حميدة، وأمهم نسمة بنت همام، 6- عاتكة وأمها أم عمرو بنت المقوم بن عبد المطلب، 7- أمية وأمها أم ولد، 8- أم كلثوم وأمها أم ولد، وقد انقرض نسله.

(169)

أواخر العقد الثاني من عمره، وما يقال بانه ليس له رؤية للرسو ل(صلى الله عليه وآله وسلم)(1)، لا يصح أولاً، حيث صرح جماعة بأنه له رؤية وأنه أسلم وروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإن صح فهذا لا يعني أنه لم يكن مولوداً آنذاك ثانياً.

     ومن قولهم «وكان معه مسلم بعد الفتح» يفهم أنه لازم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم إنه التحق بركب علي «عليه السلام» وأبدى ولاءه وإخلاصه لآل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد وفاته ويدلنا مشاركته في حروب علي «عليه السلام» مع الناكثين والقاسطين والمارقين، وبعض أشعاره التي أنشأها في الدفاع عن علي أمير المؤمنين «عليه السلام» ومن ذلك أن عثمان بن عفان لما قتل عام 26هـ قام الإمام علي «عليه السلام» بإعادة الأموال التي استحوذها عثمان لنفسه من أموال الصدقة والمسلمين، وكان منها نجائب كانت عنده إلى جانب السيوف والسلاح ، فقال(2) الوليد بن عقبة بن أبي معيط – أخو عثمان لأمه – في ذلك من الطويل:

بني هاشم ردوا سلاح ابن اختكم          ولا تنهبوه لا تحل مناهـــــــــــــــــــبه

بني هاشم كيف الهوادة بينــــــنا         وعند علي درعه ونجائبـــــــــــــــــــه

بني هاشم كيف التودد مــــــنكم          وبز ابن أروى فيكم وحرائبـــــــــــه(3)

بني هاشم إلا تردوا فإنـــــــــنا           سواء علـــــــينا قاتلاه وسالبــــــــــــة

بني عاشم إنا وما كان منـــــكم           كصدع الصفا لا يشعب الصدع شاعبه

قتلتم أخي كيما تكونوا مكـــانه           كما ذدرت يوماً بكسرى مرازبــــــه(4)

 

     فرد عليه عبد الله بن أبي سفيان بقصيدة على وزنها وقافيتها وقال فيها:

_________
(1) راجع أسد الغابة: 3/263.

(2) وكان ذلك في الليلة الثانية من مقتل عثمان.

(3) البز: متاع البيت من الثياب.

ابن أروى: كنية عثمان.

الحرائب: جمع حريبة، وهو مال الرجل الذي يقوم به أمره، وجاء في نسخة: «وسيف ابن أورى عندكم...».

(4) في شرح النهج لابن أبي الحديد: 1/271 والدرجات الرفيعة: 189 كان المنصور العباسي إذا أنشد هذه الأبيات يقول: لعن الله الوليد هو الذي فرق بين بني عبد مناف، راجع الغدير: 8/288. وجاء في نسخة: «غدرتم به كيما تكونوا مكانه».

(170)

فلا تسألونا سيفكم إن سيــــــــــــفكم           أضيع وألقاه لدى الروع صاحبه

سلوا أهل مصر عن سلاح ابن أختنا           فهم سلبوه سيفه وحـــــــــــرائبه

وشبهته كسرى وقد كان مــــــــــثله           شبيهاً بكسرى هديه وضرائبه(1)

ومنا علي الخير صاحب خيـــــــبر            وصاحب بدرٍ يوم سالت كتائبـه

وكان ولي الأمر الله أظهر ديــــــنه            وأنت مع الأشقين فيما تحاربــه

وصي النبي المصطفى وابن عـمـه            وأول من صلى ومن لان جانبه

وصنو رسول الله حقاً وجــــــــاره             فمن ذا يدانيه ومن ذا يقــاربه(3)

وأنت امرؤ من أهل صفواء نـازح             فمالك فينا من حميم تعــــــــاتبه

وقد أنزل الرحمان أنك فاســـــــق              فمالك في الإسلام سهم تطالبه(4)

     قال المدني(5): قال شيخنا المفيد في هذا الشعر دليل على اعتقاد هذا الرجل في أمير المؤمنين «عليه السلام» أنه كان الخليفة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بلا فصل(6).

     ونقل المدني: إن علياً أمير المؤمنين «عليه السلام» لما خرج إلى حرب صفين ووصل المدائن في طريقه إليها لحق عبد الله بن أبي سفيان به(7).

________________
(1) أي كان كافراً كما كان كسرى كافراً- راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1/271.

(2) وقد أورد هذا البيت والبيت الذي قبله كل من أعيان الشيعة: 8/46 وبحار الأنوار: 38/20. كما أورد المجلسي البيت الأول من أبيات الوليد في البحار: 32/118.

(3) جاء في مجالس المؤمنين: 1/201 «وصي رسول الله» و«وما ذم جانبه» وذلك نقلاً عن الشافي للسيد المرتضى.

(4) بعض هذه الأبيات أوردها المسعودي في مروج الذهب: 2/347، وقد نسبها إلى الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب.

(5) المدني: هو علي خان بن أحمد بن محمد معصوم الحسيني (1052- 1130هـ) ولد في المدينة وتوفي في شيراز، من أعلام الإمامية، سكن الهند، وكان أديباً شاعراً، من آثاره: الحدائق الندية، سلافة العصر، والمخلاة.

(6) الدرجات الرفيعة: 189.

(7) الدرجات الرفيعة: 188، وفي تاريخ مدينة دمشق: 29/72 أنه ورد المدائن، واستغرب من عدم ذكر الخطيب البغدادي له في تاريخ بغداد، وجاء في الإصابة: 2/320 أنه ورد المدائن مع علي.

(171)

     وقد أورد ابن عساكر(1) بعض أخباره مع معاوية وعمرو بن العاص فقال: بلغ عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب أن عمرو بن العاص يعيب بني هاشم، ويقع فيهم وينتقصهم، فغضب لذلك، وزور(2) كلاماً يلقى به عمراً، ثم قدم على معاوية ليس أكثر سفره إلا ليشتم عمرو ابن العاص، فدخل على معاوية مراراً، لم يتفق له ما يريد، ثم دخل عليه يوماً وعنده عمرو، فجاء الإذن، فقال: هذا عبد الله بن جعفر قد قدم وهو بالباب قال معاوية: ائذن له.

     فقال عمرو: يا أمير المؤمنين لقد أذنت لرجل كثير الخلوات للتمني، والطربات للتغني، صدوف(3) عن السنان، محب للقيان، كثير مزاحه، شديد طماحه، ظاهر الطيش، لين العيش، أخاذ للسلف، صفاق(4) للشرف.

     فقال عبد الله بن أبي سفيان: كذبت يا عمرو، وأنت أهله ليس هو كما وصفت، ولكنه لله ذكور، ولبلائه شكور، وعن الخنا زجور، سيد كريم؛ ماجد حميم، جواد حليم، إن ابتدأ أصاب، وإن سئل أجاب، غير حصر ولا هياب، ولا فاحش غياب، كذلك قضى الله في الكتاب، فهو كالليث الضرغام، الجريء المقدام، في الحسب القمقام، ليس بدعي ولا دني، كمن اختصم فيه من قريش شرارها، فعلت عليه حرارها، فأصبح ينوء بالذليل، ويأوي فيها إلى القليل، مذبذب بين حيين، كالساقط بين المهدين، لا المعتري إليهم قلبوه، ولا الظاعن عنهم فقدوه، فليت شعري بأي حسب بنازل للنصال؟ أن بأي قديم يعرض للرجال، أبنفسك فأنت الجبان الوغد الزنيم، أم بمن تنتمي إليه، فأهل السفه والطيش، والدناءة في

_______________
(1) ابن عساكر: هو علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي الشافعي (499- 571هـ) ولد في دمشق وتوفي فيها، كان من أعلام الشافعية سافر إلى بغداد وإلى بلاد فارس، بلغت مؤلفاته: 105 مصنفاً، منها: إتحاف الزائر، الزهادة، ومعجم النسوان.

(2) زور الكلام: حسنه وهيأه.

(3) الصدوف: الكثير الإعراض.

(4) الصفاق: كثير الصفق.

(172)

قريش لا يشرف في الجاهلية شهر، ولا تقديم في الإسلام ذكر، غير أنك تنطق بغير لسانك، وتنهض بغير أركانك، وأيم الله إن كان لا سهل للوعث(1)، وألم للشعث، أن يكعمك(2) معاوية عن ولوغك بأعراض قريش كعام الضبع في وجارها، فإنك لست لها بكفي، ولا لأعراضها بوفي.

     فتهيأ عمرو للجواب فقال له معاوية، نشدتك الله أبا عبد الله أما كففت. فقال عمرو: يا أمير المؤمنين دعني أنتصر، فإنه لم يدع شيئاً.

     فقال معاوية: أما في مجلسك هذا فدع الانتصار وعليك بالاصطبار(3).

     ومن شعره في مدح علي أمير المؤمنين «عليه السلام» من الطويل:

وصلى علي مخلصاً بصلاته       لخمس وعشر من سنيه كوامل

وخلى أناساً بعده يتبعـــــونه       له عمل أضل به صنع عامل(4)

     ونقل جميع من الأعلام بأنه حضر كربلاء مع الإمام الحسين «عليه السلام» واستشهد(5).

     قال ابن حجر العسقلاني(6): «وذكر الواقدي في مقتل الحسين أن أبا الهياج قتل معه وكان شاعراً»(7).

     وروى ابن عساكر بإسناده إلى محمد بن عمر الواقدي عن ابن أبي ذئب عن عبد الله بن عمير مولى أم الفضل، وحدثنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه وحدثنا يحيى بن سعيد بن دينار السعدي عن أبيه،

___________
(1) الوعث: الهزال.

(2) كعم البعير: شد فاهه كيلا يعض.

(3) تاريخ مدينة دمشق: 29/73- 75.

(4) الدرجات الرفيعة: 189.

(5) مجالس المؤمنين: 1/200، الدرجات الرفيعة: 189.

(6) ابن حجر العسقلاني: هو أحمد بن علي بن محمد الكناني (773- 852هـ) أصله من عسقلان في فلسطين، ولكنه ولد وتوفي في القاهرة، من أعلام التأليف والرجال، من آثاره: لسان الميزان، الأحكام، وديوان شعر.

(7) الإصابة: 2/320.

(173)

وحدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبي وجزة السعدي، عن علي بن الحسين، وغير هؤلاء –جميعاً- وذكر الواقدي الحديث في مقتل الحسين وتسميته من قتل معه، فقال: ورجل من آل أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقال له أبو الهياج، وكان شاعراً، وكان قتله يوم عاشوراء سنة إحدى وستين(1)، ويظهر أن الجميع يروونه عن الواقدي، والظاهر أنه لا مجال للرفض القاطع.

     ومما يذكر أن أبا الهياج تزوج أمامة بنت أبي العاص بعد أن توفي الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام»(2).

     وقد روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يقدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها من قويها الحق»(3).

     وروى عن علي «عليه السلام» ايضاً في قصة جرت بينه وبين قنبر مولى علي «عليه السلام»(4).

     وروى عنه سماك بن حرب البكري، وأبو موسى، وقرة العين بنت خوات الضبية(5).

     ولا يخفى أنه ولد في مكة، وهاجر إلى المدينة بعد الفتح وسكن الكوفة أيام علي «عليه السلام» ثم انتقل إلى المدينة، وصحب الحسين إلى كربلاء وفيها استشهد ودفن.

     أما متى استشهد: فالظاهر أنه استشهد في الحملة التي قتل فيها مجموعة من آل هاشم، والله العالم بحقائق الأمور.

     وكان عبد الله بن أبي سفيان ثقة محدثاً، وشاعراً بليغاً ومن الصحابة الأخيار ترجم له ابن أبي حاتم(6)، وعده

______________
(1) تاريخ مدينة دمشق: 29/75.

(2) تاريخ مدينة دمشق: 29/75، الإصابة: 2/320.

(3) الإصابة: 2/320، تاريخ مدينة دمشق: 29.

(4) تاريخ مدينة دمشق: 29/00، والإصابة/ 2/320.

(5) راجع الإصابة وتاريخ مدينة دمشق.

(6) أبو حاتم: هو محمد بن حبان بن أحمد بن حبان التميمي الشافعي (270- 354هـ) =

(174)

البغوي(1) من الصحابة(2) ولا يعتنى بما ذهب إليه ابن مندة(3) أن لا يصح له صحبة ولا رؤية بعدما ذكره غير واحد أنه صحب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وروى عنه، ومنهم(4) الجعابي(5).

     وأخيراً فإن في وسيلة الدارين ورد: بأن أمامة العبشمية حضرت كربلاء(6)، وهذا يعني أنها حضرت مع زوجها عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث، ولكنه ذكر أيضاً بأن جمانة بنت أبي طالب عمة الحسين «عليه السلام» حضرت كربلاء وهي أم عبيد الله بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب تزوجها أبو سفيان بن الحارث فولدت له عبد الله- وهي أي جمانة أم هاني بنت أبي طالب- وعبد الله كان مع خاله علي بن أبي طالب بصفين في حرب معاوية وقاتل حتى قتل بين يديه كما ذكره نصر بن مزاحم المنقري الكوفي في كتابه(7).

     ويرد على نقله هذا عدة أمور:

     أولاً: أنه قال: «أم عبيد الله» والصحيح «أم عبد الله» لأنه يأتي ليذكره بقوله: «فولدت له عبد الله» ثم يقول: «عبد الله كان..» مما يدل

__________
= محدث حافظ، وفقيه مؤرخ، ولد وتوفي في بست من بلاد سجستان، من آثاره: المسند الصحيح، روضة العقلاء، والطبقات الأصبهانية.

(1) البغوي: هو عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان، (214- 317هـ) ولد في بغداد وتوفي فيها، محدث حافظ، ومن تأليفاته: المسند، وحكايات أبي بسطام، ومعجم الصحابة.

(2) راجع تاريخ مدينة دمشق والإصابة.

(3) ابن مندة: هو إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة إبراهيم بن الوليد العبدي الأصبهاني (310- 395هـ) محدث، له عدد من المصنفات، منها: كتاب الصفات، كتاب التاريخ الكبير، وكتاب معرفة الصحابة.

(4) الجعابي: هو محمد بن عمر بن محمد التميمي البغدادي (283- 355هـ) فقيه محدث، وقاض مؤلف، من آثاره: كتاب الموالي، ومسند عمر بن علي بن أبي طالب، وأخبار آل أبي طالب.

(5) الإصابة: 2/320.

(6) وسيلة الدارين: 423.

(7) وسيلة الدارين: 424.

(175)

على إرادة عبد الله وليس عبيد الله.

     ثانياً: إن أم عبد الله هي نسمة بنت همام الأسدية كما عرفت، اللهم إلا أم يقال بأن أبا سفيان كان له من الأبناء عبد الله وعبيد الله وكل واحد منهما من أم تختلف عن الأخرى، نعم ورد في بعض كتب المتأخرين أن أم عبد الله جمانة(1).

     ثالثاً: إنه قال بأن عبد الله بن أبي سفيان قتل مع خاله في صفين، ولكن لم يذكر أحد بأنه قتل في صفين، بل ورد مقتله مع الحسين «عليه السلام» في كربلاء.

     رابعاً: إنه وثق كلامه بما في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنقري، والحال أن لا وجود له في كتاب صفين، اللهم إلا أن يقال أراد بكتاب المنفري كتاباً آخر غير كتاب صفين والذي لا نعلمه.

     وممن ذكر مقتله في كربلاء: إبن سعد في الطبقات في عداد من قتل مع الحسين «عليه السلام» حيث قال: «ورجل من آل أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقال له: أبو الهياج وكان شاعراً»(2).

______________

(1) راجع سلسلة آباء النبي: 326.

(2) ترجمة الإمام الحسين من كتاب الطبقات: 186 «طبعة مجلة تراثنا القمية».

(176)

 

38

عبد الله الأصغر ابن الحسن الهاشمي

49-61هـ = 669-680م

 

     هو: عبد الله الأصغر ابن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي.

     ضبط الكلمة: أصغر وأكبر على زنة أفضل بفتح أوله وثالثه وتسكين ما بينهما صيغة أفعل التفضيل تأتي للدلالة النسبية على حالة ما تكون أشد عما في الآخر وهو بتقدير حرف الجر من، تقول مثلاً: هذا المكان أوسع من ذلك، وهذا الرجل أطول من ذلك، وهكذا، وهنا استخدمت الكلمتان للدلالة على أن هذا الأسم مستخدم بنوة أبيه لشخصيتين أحدهما أكبر سناً من الآخر فلو استخدم لثلاث قيل للمتوسط بينهما أوسط كما سيأتي في علي من أبناء الحسين «علي الأكبر» و«علي الأوسط» و«علي الأصغر».

     أمه: زينب أبنة سبيع (السليل) ابن عبد الله بن جابر (السليل) ابن مالك بن نضربن ثعلبة البجلية(1) وقيل: أمه أم ولد(2) ولعلها هي حبيبة الحبشية(3) على فرض كونها أم ولد.

     عمها جرير بن عبد الله البجلي أسلم في رمضان عام 10هـ وتوفي عام 51هـ سكن الكوفة وكان عثمانياً(4).

__________
(1) مقاتل الطالبيين: 93، تهذيب التهذيب: 1/368، راجع تذكرة الخواص: 215 وفيه جاء تحديد اسمها.

(2) مقاتل الطالبيين: 93.

(3) لباب الأنساب: 1/342.

(4) تهذيب التهذيب: 1/368.

(177)

     وما جاء في رجال الطوسي لدى عده أصحاب الإمام الحسين «عليه السلام»: «عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب «عليه السلام» قتل معه «عليه السلام»، أمه الرباب بنت امرىء القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم من بني كلب ابن وبرة»(1) فمن المسلم أن الحسن تصحيف للحسين، وأما قوله: «قتل معه» فالمضمير يعود إلى الإمام الحسين «عليه السلام» لأنه في مجال عد أصحاب الحسين «عليه السلام»، وهكذا فعل مع غيره حيث ذكر بعده على سبيل المثال: «عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قتل معه «عليه السلام»».

     ومن جهة أخرةى فالظاهر أن المراد بعبد الله هو الأكبر على فرض أنه ابن الحسن «عليه السلام»، إذ من المستبعد أن يذكر الصغار في عداد الأصحاب، والله العالم.

     وأما عن ولادته فبما أن أرباب المقاتل ذكروا بأن عبد الله الأصغر ابن الحسن «عليه السلام» قتل في كربلاء وله من العمر 11 سنة(2) فمعنى ذلك أنه ولد عام 49 من الهجرة أي قبل وفاة والده بسنة وهذا يعني أن ولادته كانت في المدينة المنورة.

     وحسب المصادر ذاتها أنه كان آخر من قتل من أهل بيت الحسين «عليه السلام» وهو لا زال على قيد الحياة، والظاهر أنه هو الذي أشار إليه الطبري(3): «وأقبل إلى الحسين غلام من أهله فأخذته أخته زينب ابنة علي لتحبسه، فقال لها الحسين إحبسيه فأبى الغلام، وجاء يشتد إلى الحسين، فقام إلى جنبه، وقد أهوى بحر(4) بن كعب بن عبيد الله من بني تيم إلى الحسين بالسيف فقال الغلام: يابن الخبيثة، أتقتل عمي، فضربه بالسيف، فاتقاه الغلام بيده فأطنها إلا الجلدة، فإذا يده معلقة، فنادى الغلام يا أماه، فأخذ الحسين فضمه إلى صدره، وقال: يابن أخي، إصبر على ما نزل بك،

_____________
(1) رجال الطوسي: 76.

(2) مقتل الحسين للمقرم: 281.

(3) الطبري: هو محمد بن جرير بن يزيد (224- 310هـ) ولد في آمل (طبرستان) في إيران، وتوفي في بغداد، تخصص بالتاريخ والتفسير والفقه فكون لنفسه مذهباً، له: تهذيب الآثار، اختلاف الفقهاء، آداب القضاة والمحاضر والسجلات.

(4) في الإرشاد: «أبجر» وسنأتي على ضبطه في معجم من قاتل الحسين.

(178)

واحتسب في ذلك الخير، فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين، برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي بن أبي طالب، وحمزة، وجعفر، والحسن بن علي، صلى الله عليهم أجمعين(1) وعبرعنه بعضهم بأنه: «غلام لم يراهق»(2).

     وهناك تفاصيل أخرى ذكرها المفيد في الإرشاد(3)، وقال ابن طاوس(4): فرماه حرملة بن كاهل لعنه الله بسهم فذبحه وهو في حجر عمه(5).

     ومسألة قتله في كربلاء وعمره لا خلاف فيه، كما يظهر من مجمل كتب المقاتل والتواريخ، والظاهر أن عبد الله إذا استخدم لوحده أريد به الأصغر في قبال الأكبر الذي عرف بأبي بكر وقد سبق الحديث عنه، فلا تكرر.

     ويبدو أن عبد الله الأصغر بن الحسن «عليه السلام» نشأ عند عمه الحسين «عليه السلام» بعد وفاة أبيه، ولصغر سنه فلم يسجل التاريخ شيئاً يذكر عن حياته، وأما عن أمه فقد سكت المؤرخون عن ذلك ولربما حضرت كربلاء إذ من المستبعد أن تترك ابنها إلا إذا قيل بأنها تزوجت بعد الإمام الحسن «عليه السلام» وهذا ما لم يذكر، بل يدل نداؤه لها «يا أماه» عندما ضربه بحر ابن كعب على أنها كانت حاضرة.

     وأخيراً فبعد اختيار أن للإمام الحسن «عليه السلام» عبادلة ثلاثة إلى جانب أبي بكر فالظاهر أنه لا خلاف في أن أم عبد الله الأصغر هي ابنة السليل البجلية والتي اسمها زينب، كما أن اسم والده السليل هو سبيع، وقيل: إن

___________
(1) تاريخ الطبري: 3/333.

(2) مقتل الحسين لبحر العلوم: 447 عن الإرشاد للمفيد: 2/110، مثير الأحزان: 73.

(3) الإرشاد: 2/110.

(4) ابن طاوُس: هو علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن طاوُس (589- 664هـ) ولد في الحلة، وتوفي في بغداد وكان من أعلام الإمامية، من آثاره: الأنوار الباصرة، أسرار الصلاة، وفلاح السائل.

(5) الملهوف: 173.

(179)

اسمها رملة أو نفيلة(1) إلا أنه بعيد أو أن أباها هو الشليل بالشين المعجمة، فبالنسبة إلى ضبط لقب الأب فهو بالسين المهملة كما أن أحد أجداده أيضاً موصوف بذلك وهذا مما لا خلاف فيه وإنما هو من التصحيف، وأما أم اسم ابنته رملة أو نفيلة فلا مجال فيه بعد تصريح سبط ابن الجوزي بذلك(2)، وإنما أم القاسم هي رملة، وأم عبد الله الأكبر هي نفيلة، وكلتاهما كانتا أم ولد.

     ومن جهة أخرى فإن بعض المصادر ذكرت من أبناء الإمام الحسن «عليه السلام» عبيد الله كما في نص الكنجي(3) وقد سبق وقلنا: بأنه متحد مع عبد الله الأصغر، ومن هنا لم يكن شائعاً عبد الله الأوسط لأنهم إذا ذكروا الأصغر عبيد الله فجاز لهم التعبير بالتالي:

     «عبد الله، وعبيد الله، وعبد الله الأصغر»، وأما الذين ذهبوا إلى أن عبد الله الأكبر هو اسم لأبي بكر وهذه كنية له فجاز لهم التعبير التالي: «أبو بكر وعبد الله وعبيد الله».

____________
(1) راجع ياران بايدار إمام حسين: 18.

(2) راجع تذكرة الخواص: 215.

(3) كفاية الطالب: 446.

(180)