ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 1

ثمرات الأعواد


يحتوي على عدة مجالس مرتبة من أحسن المصادر كتب التاريخ
والمقاتل ما يحتاجه الذاكر من ليلة الحادية عشر
من المحرم حتى نهاية شهر صفر


لمؤلفه
علي بن الحسين الهاشمي النجفي الخطيب

ولقد بكيت على الحسين بناظر ادمت مآقي جفنه عبراته
حتى سقيت بأدمعي شجر الأسى فنما وطال وهذه ثمراته
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 2



ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 3



المطلب الاول

في مسير السبايا والرؤوس إلى الكوفة
أي يـوم أدمـى الـمدامع فـيه حادث رائـع وخطب جليل
يوم عاشور الذي لا أعان الصّـ ــحب فيه ولا أجار القبيل
يا ابن بنت النبي ضيعت العهـ ــد رجال والحافظون قـليل
ما أطـاعوا النـبي فيك وقد ما لت بأرواحهم إلـيك الذحول
يا جواداً أدمى الجواد من الطعـ ــن وولى ونـحره مبلول
يا حـساماً فـلت مضاربه الها م وقـد فـله الحسام الصقيل
أتـرانـي ألـذ مـاء ولـمـا يرو من مهجة الامام الغـليل
أتـراني أعـير وجهـي صوناً وعلى وجهه تجول الخيـول
قبّلـته الرماح واتّصلت فيــ ــه المنايا وعانقته النصول
غـسّــلتـه دمـاؤه قـلـّبته أرجل الخيل كفــنته الرمول
والسـبايا عـلى النـجائب تستا ق وقد نالت الـجيوب الذيول
وتـشاكـيـن والشـكاة بـكـاء وتنـاديـن والـنـداء عـويل (1)
(1) من قصيدة عامرة للشريف الرضي رحمه الله استهلها بقوله :
راحل أنت والليالي نزول ومضر بك البقاء الطويل
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 4


إن أعظم الرزية وأجل المصيبة حلّت بآل الرسول وبنات الزهراء البتول بعد قتل الحسين عليه السلام وذويه وأنصاره ونهب رحله وحرق مضاربه هي تسيير عيالاته اسارى من كربلاء الى الكوفة ومنها الى الشام كما ذكر المرحوم السيد حيدر بقصيدته النونية (1)
وأجـل يـوم بعد يـومك حل في الاسلام منه يشيب كل جنين
يوم سرى الأسرى كما شاء العدى فيـه الفـواطم من بني يس

إتفق أرباب المقاتل على أن أهل الكوفة ساروا ببنات الرسالة وصبية الحسين عليه السلام من كربلاء يوم الحادي عشر من المحرم بعد الزوال , كما ذكر ذلك السيد بن طاووس في اللهوف (2) وغيره , أقام عمر ابن سعد بقية يومه ـ أي يوم عاشوراء ـ واليوم الثاني الى زوال الشمس , ثم رحل بمن تخلف من عيال الحسين وحمل نساءه على أحلاس (3) أقتاب الجمال بغير غطاء ولا وطاء , ولما حملوا النساء اسارى مرّوا بهن على الحسين عليه السلام وأصحابه وهم صرعى فصحن النسوة وصاحت الحوراء زينب : يا محمداه صلى عليك مليك السماء , هذا الحسين مزمل بالدماء , مقطع الأعضاء , وبناتك سبايا , وذريتك مقتلة تسفى عليها الصبا (4) .
قال الراوي : فأبكت كل عدو وصديق (5) .
(1) المثبتة في ديوانه المطبوع وإليك مطلعها :
إن ضاع وترك يابن حامي الدين لا قال سـيفك للـمنايا كـون
(2) انظر الملهوف على قتلى الطفوف : 189 .
(3) الأحلاس مفردها حلس بكسر الحاء والحلس كل ما يوضع على ظهر الدابة تحت السرج أو الرحل .
(4) مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 39 .
(5) تأريخ الطبري : 4 / 348 .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 5


وقيل : أرادت أن ترمي بنفسها من على ظهر الناقة ناداها السجاد : عمه ارحمي حالي , ارحمي ضعف بدني , عمه إذا رميت بنفسك من يركبك وأنا مقيّد ؟ قالت : يابن أخي أريد أن اودع أخي الحسين عليه السلام . فقال لها : عمه ودعي أخاك وأنت على ظهر الناقة , فجعلت تنادي : أخي أودعتك الله السميع العليم , يابن أم والله لو خيروني بين المقام عندك أو الرحيل عنك لاخترت المقام عندك ولو أن السباع تأكل لحمي , قال المرحوم السيد رضا :
همت لتقضي من توديعه وطراً وقد أبى سوط شمر أن تودعه
ففـارقتـه ولكن رأسـه معها وغاب عنـها ولكن قلبها معه

هذا وقد أمر ابن سعد بأن تحمل الرؤوس على رؤوس الرماح وتسير السبايا , فأقبلوا يجدون السير حتى وافوا القائم (1) فوضعوا هناك رأس الحسين عليه السلام وهو أول منزل انزل به الرأس الشريف , فباتوا ليلتهم حتى الصباح , وأدخلوا على ابن زياد , ولما أدخلوا السبايا الى الكوفة , كان ابن زياد قد أمر في ذلك اليوم أن لا يخرج أحد من أهل الكوفة بسلاحه , هذا وقد عين عشرة ألاف فارس وأمرهم أن يأخذوا السكك والطرقات خوفاً من السواد من أن تحركهم الحمية والغيرة على أهل البيت , إذا رأوهم بهذه الصفة اسارى ؛ وأمر أن تجعل الرؤوس في أوساط المحامل فوضعت , فلما نظرت أم كلثوم الى رأس أخيها الحسين بكت وأنشأت تقول :
(1) القائم هو اليوم مسجد الحنانة انزل فيه رأس الحسين عليه السلام وفيه يزار الحسين , وكان قبل هذا يقال له القائم ويسمى بالعلم , وكان أمير المؤمنين عليه السلام يأتي الى هذا الموضع في الليالي المظلمة ويصلي فيه , حتى روي عن المفضل ابن عمر , انه قال : جاز الصادق عليه السلام بالقائم المائل في طريق الغري فصلى ركعتين , فقيل له : ما هذه الصلاة ؟ قال : هذا موضع رأس جدي الحسين عليه السلام وضعوه هنا , وذلك لما توجهوا به من كربلا .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 6

ماذا تـقولون إذ قـال الـنبي لكم ماذا فعلـتم وأنـتم آخر الامـم
بعترتي أهـل بيـتي بعد مفتقدي منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحم

قال : وأنشأت زينب بنت أمير المؤمنين عليهما السلام أيضاً في ذلك اليوم مخاطبة أهل الكوفة :
قتلـتم أخـي صبـراً فويل لامكم سـتجزون نـاراً حرها يتوقد
سفكتـم دمـاء حـرم الله سفـكها وحرمـهـا الـقران ثم محمد
ألا فـابشـروا بالـنار إنـكم غداً لفـي سـقر حقاً جميعاً تخلدوا
وإني لأبكي في حياتي علـى أخي على خير من بعد النبي سيولد
بدمـع غـزير مسـتهل مـكفكف على الخد مني دائماً ليس يحمد

وكذلك أنشأ السجاد في ذلك اليوم , وهو في حالة السقم مخاطباً أهل الكوفة :
يا امة السوء لا سقياً لربعكم يا امة لم تـراع جدنا فينا
لو إنـنا ورسول الله يجمعنا يوم القيامة ما كنتم تقولونا
تسيرونا على الأقتاب عارية كأننا لم نـشيد فـيكم دينا

نعم , سيروهم على أقتاب الإبل بغير غطاء ولا وطاء كما قال الشاعر :
اسارى بلا فاد ولا من ماجد يعنفها حاد ويشجى مركب (1)
(1) (فائدة) قال أرباب المقاتل : ولما قتل الحسين عليه السلام أرسل عمر ابن سعد رأسه من يومه أي يوم عاشوراء ـ إلى ابن زياد مع خولي بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأزدي , وأمر ابن سعد برؤوس أصحاب الحسين عليه السلام وأهل بيته فقطعت وكانت أثنين وسبعين رأساً , وسرح بها مع شمر ابن ذي الجوشن وقيس من الأشعث , وعمرو بن الحجاج , وعروة بن قيس , ليقدموا بها على ابن زياد فحملوها على أطراف الرماح .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 7



المطلب الثاني

يتضمن خطبة العقيلة زينب واختها ام كلثوم عليهما السلام في الكوفة (1)

لما أدخلوا السبايا والرؤوس إلى الكوفة وخرج أهلها للنظر والتفرج عندئذ خطبت عقيلة بني هاشم ابنة علي عليه السلام تلك الخطبة البليغة فأعجبتهم ببلاغتها وحيّرتهم بفصاحة منطقها , وذكرتهم أيام أبيها سيد البلغاء حتى قال بشير بن خزيم الأسدي : نظرت الى زينب ابنة علي عليه السلام يومئذ ولم أر خفرة (2) والله أنطق منها كأنما تنطق وتفرغ من لسان علي بن أبي طالب عليه السلام , وقد أومأت الى الناس أن اسكتوا , فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس , ثم قالت :
« أبدأ بحمد الله والصلاة والسلام على نبيه محمد , أما بعد يا أهل الكوفة , يا أهل الختر (3) ألا فلا رقأة العبرة , ولا هدأة الرنة ؛ إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً , تتخذون إيمانكم دخلاً بينكم , ألا وهل فيكم إلا
(1) ذهب العلامة الكبير الشيخ المجلسي المتوفي سنة 1111 هـ مثبتا في كتابه « بحار الأنوار » في مجلد العاشر منه أنها لزينب الكبير وأيده جميع مؤلفوا المقاتل , غير إن أبا الفضل أحمد ابن أبي طاهر المتوفي سنة 204 ذكر في كتابه « بلاغات النساء » أنها لأختها ام كلثوم عليهما السلام .
(2) الخفر بفتحتين شدة الحياء , جارية خفرة , بكسر الخاء مختار الصحاح .
(3) الختر بفتح الخاء وسكون التاء وسكون الراء الغدر , يقال : خترة فهو ختار .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 8

الصلف (1) والشنف (2) وملق الإماء , وغمزة الأعداء , وهل أنتم إلا كمرعى على دمنة , أو كقصة * على ملحوده , ألا ساء ما قدمت أنفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون , أتبكون : اي والله فابكوا وإنكم والله أحرياء بالبكاء , فابكوا كثيراً , واضحكوا قليلاً , فلقد بؤتم بعارها وشنارها , ولن ترحضوها (3) بغسل بعدها أبداً , وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة , ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة , ومنار محجتكم , ومدرة حجتكم , ومفزع نازلتكم , فتعساً ونكساً , لقد خاب السعي , وخسرت الصفقة , وبؤتم (4) بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة « لقد جئتم شيئاً إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا » (5) أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم ؟ وأي كريمة له أبرزتم ؟ وأي دم له سفكتم ؟ لقد جئتم بها شوهاء , وخرقاء , شوهاء كطلاع الأرض والسماء , أفعجبتم أن قطرت السماء دما «ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينظرون » (6) فلا يستخفنكم المهل فإنه لا تحفزه المبادرة , ولا يخاف عليه فوت الثار , كلا إن ربك لنا ولهم بالمرصاد » , ثم ولت عنهم الناس حيارى وقد ردوا أيديهم إلى افواههم , ورأيت شيخاً كبيراً من بني جعف وقد أخضلت لحيته من دموع عينيه وهو يقول :
(1) زعم الخليل أن الصلف مجاوزة قدر الظرف والإدعاء فوق ذلك تكبراً فهو رجل صلف وبابه فرح .
(2) شنف له كفر ابغضه وتنكره , ومنه الشانف المعرض .
(*) القصة ؟ بالفتح الجص لغة حجازية .
(3) رحض يده وثوبه غسله وبابه قطع .
(4) بؤتم أي رجعتم .
(5) سورة مريم 89 : 90 .
(6) سورة فصلت من الآية 16 .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 9

كهو لكم خير الكهول ونسلهم إذا عد نسل لا يبور ولا يخزى

قال السيد ابن طاووس (1) : وخطبت أم كلثوم بنت علي عليهما السلام في ذلك اليوم من وارء كلتها رافعة صوتها بالبكاء , فقالت :
« يا أهل الكوفة سوئه لكم , مالكم خذلتم حسيناً وقتلتموه , وانتهبتم أمواله وورثتموه , وسبيتم نساءه ونكبتموه , فتباً لكم وسحقا , ويلكم أتدرون أي دواه دهتكم ؟ وأي وزر على ظهوركم حملتم , وأي دماء سفكتموها , وأي كريمة أصبتموها , وأي سبية سلبتموها , وأي أموال انتهبتموها , قتلتم خير الرجالات بعد النبي , ونزعت الرحمة من قلوبكم «ألا إن حزب الله هم الغالبون وحزب الشيطان هم الخاسرون » (2)»
أقول : نعم نزعت الرحمة من قلوبهم فلم يراعوا طفلة لبكائها , ولم يرقوا على طفل لحنينه , بل كانوا يوجعونهم ضربا , كما قالت سكينة : وإذا دمعت من أحدنا عين قرحوا رأسها بالرمح .
فإن يبكي اليتيم أباه شجوناً مسحن سياطهم رأس اليتيم (3)

وقال آخر :
وإذا حن بالسبايا يتيم جاوبته أرامل ويتامى
(1) في ص 198 من كتابه الملهوف على قتلى الطفوف .
(2) سورة المجادلة / 19 .
(3) من قصيدة للمغفور له السيد مهدي الأعرجي رحمه الله مطلعها :
سقت ربعاً بسلع فالغميم غوادي الدمع للغيث العميم
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 10



المطلب الثالث

في خطبة فاطمة بنت الحسين عليهما السلام بالكوفة

في البحار يروي عن زيد بن موسى , قال : حدثني أبي عن جدّي عليه السلام قال : خطبت فاطمة الصغرى بعد أن وردت من كربلاء فقالت :
« الحمد لله عدد الرمل والحصى , وزنة العرش الى الثرى , أحمده وأؤمن به وأتوكل عليه , وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له , وإن محمدا عبده رسوله وأن أولاده ذبحوا بشط الفرات , بغير ذحل ولا تراث , اللهم إني أعوذ بك أن أفتري عليك الكذب , أو أن أقول خلاف ما أنزلت عليه , من أخذ العهود لوصية علي بن أبي طالب عليه السلام المسلوب حقه , المقتول من غير ذنب , كما قتل ولده بالأمس , في بيت من بيوت الله , فيه معشر مسلمة بألسنتهم , تعساً لرؤوسهم , ما دفعت عنه ضيما في حياته , ولا عند مماته , حتى قبضته إليك محمود النقيبة , طيب العريكة , معروف المناقب , مشهور المذاهب , لم تأخذه فيك اللهم لومة لائم , ولا عذل عاذل , هديته اللهم للإسلام صغيراً , وحمدته مناقبه كبيرا , ولم يزل ناصحا لك ولرسولك , حتى قبضته إليك زاهداً في الدنيا , غير حريص عليها , راغباً في الآخرة , مجاهداً في سبيلك , رضيته فاخترته، وهديته الى صراط المستقيم .
أما بعد : يا أهل الكوفة , يا أهل المكر والغدر والخيلاء , إنا أهل البيت ابتلانا
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 11

الله بكم , وابتلاكم بنا , فجعل بلاءنا حسنا , وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا , فنحن عيبة علمه , ووعاء فهمه , وحكمته وحجته على الأرض في بلاده لعباده , أكرمنا الله بكرامته , وفضّلنا بنبيه محمد صلى الله عليه واله , على كثير ممن خلق تفضيلا بينا , فكذبتمونا وكفرتمونا , رأيتم قتالنا حلالا , وأموالنا نهبا , كأننا أولاد ترك وكابل , كما قتلتم جدنا بالأمس , وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت , لحقد متقدم قرت لذلك عيونكم , وفرحت قلوبكم , افتراء على الله ومكراً مكرتم والله خير الماكرين , فلا تدعونكم أنفسكم الى الجذل (1) بما أصبتم من دمائنا , ونالت ايديكم من أموالنا , فإن ما أصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة , في كتاب قبل أن نبرءها «إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور » (2) تبا لكم فانتظروا اللعنة والعذاب , فكأن قد حل بكم وتواترت من السماء نقمات فيسحتكم (3) بعذاب , ويذيق بعضكم بئس بعض , ثم تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة , بما ظلمتمونا ألا لعنة الله على الظالمين , ويلكم أتدرون أيّة يد طاعتنا منكم ؟ وأية نفس نزعت إلى قتالنا ؟ أم بأية رجل مشيتم إلينا ؟ تبغون محاربتنا , والله لقد قسمت قلوبكم وغلظت أكبادكم , وطبع على افئدتكم , وختم على سمعكم وبصركم , وسول لكم الشيطان , وأملى لكم , وجعل على بصركم غشاوة , فأنتم لا تهتدون , فتباً لكم يا أهل الكوفة , أي ترات لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم قبلكم , وذحول له لديكم , بما عندتم بأخيه علي بن أبي طالب عليه السلام جدي وبنيه وعترته الطيبين الأخيار , فافتخر بذلك مفتخركم قائلا :
(1) الجذل الفرح .
(2) سورة الحديد 22 : 23 .
(3) يسحتكم أي يهلككم ويستأصلكم .
ثمرات الاعواد ـ الجزء الثاني 12

نحن قتلنا علياً وبني علي بسيوف هندية ورماح
وسـبينا نساءه سبي ترك ونطـحناهم فأي نطاح

بفيك أيها القائل الكثكث والأثلب (1) افتخرت بقتل قوم زكاهم الله وطهرهم , وأذهب عنهم الرجس , فاكظم واقع كما أقعى (2) أبوك فإنما لكل امرء ما اكتسب وما قدمت يداه , احسدتمونا ويلكم على ما فضلنا الله به .
فما ذنبنا إن جاش دهراً بحورنا وبحرك ساج ما يواري الدعامصا

ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم , ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور »
قال : فارتفعت الأصوات بالبكاء والنحيب , وقالوا : حسبك يا ابنة الطيبين , فقد احرقت قلوبنا , وأنضجت نحورنا , وأضرمت أجوافنا , فسكتت ويحق للقائل أن يقول :
بنات آكلة الأكباد في في كلل والفاطميات تصلى في الهواجير

وللسيد حيدر الحلي رحمه الله :
من كل باكـية تجاوب مثلها نوحاً بـقلب الدين منه اوار
شهدت قفار البيد إن دموعها منها القفار غدون وهي بحار
(1) والكثكث والأثلب بالضم والكسر فيهما فتات الحجارة والتراب .
(2) الإقعاء جلوس الكلب على إسته .
(3) دعامص جمع دعموص وهي دويبة تغوص في الماء والبيت للاعشى .

الفهرس التالي التالي